مركز الإمام الجنيد للدراسات والبحوث الصوفية المتخصصةأعلام

أبو يَعْزَى يَلَّنُّور (ت572هـ)

الشيخ أبو يعزى واسمه يَلَّنُور، عمَّر طويلا، زائداً على المائَة سنين كثيرةً، فيما ذُكِر، شُهرتهُ بالمغرب بالانقطاع عن الخلق، وإجابة الدّعوة، والفراسة الصّادقة الجادّة، أغنتنا عن التّعريف بجميع أوصافه التي شُهرت عنه وشوهدت منه…، وكان لا يأكل شيئا ممّا يأكله النّاس، وسُكناه بِأرُجّان، في جبل مع أهله وأولاده، لا يُجاوره بموضعه أحد من النّاس.[1]

أخذ رحمه الله عن جمع كثير من الأولياء، نحو الأربعين، منهم الشيخ أبو شعيب أيوب بن سعيد الصنهاجي الزموري، الملقب بالسارية، لطول قيامه في صلاته، وممن تتلمذ عنه هو: القطب الشهير سيدي أبو مدين الغوث.[2]

من كراماته:

قال ابن عربي: (( وكان إذا زنى رجل أو سرق أو شتم أو فعل محرّما ثم دخل عليه، يرى ذلك العضو الذي منه العمل  مخططا تخطيطا أسود…، وكان أهل المغرب يستسقون به فيسقون)).[3]

قال عنه صاحب المستفاد: مشيت معه يوما لحضور صلاة الجمعة في منزل بمقربة من موضعه، فلما وصل الجامع، قام إليه جميع من كان في المسجد الجامع، وشكوا إليه القحط واحتباس المطر…، فلمَّا صلّى النّاس، خرج من المسجد ووقف…، ورفع يديه  والنّاس خلفه، وكان لا يُحسن العربية، ففهمت من كلامه أنّه قال: يا سيّدي، هؤلاء الموالي يسألون هذا العبد أن يسألك الغيث، ومثلي يسألك في ذلك، وأجرى دموعه من عينيه، ويتضرّع ويبكي، فما رجعنا إلى موضعه، ولا برحنا من ذلك الموضع حتّى نزل الغيث، ونزعنا ما كان بأرجلنا من النّعال والأقراق بجري الماء، وعمّت الرّحمة ببركة دعاء الشيخ رحمه الله. [4]

بعض أقواله:

((كل حقيقة لا تمحو آثار العبد ورسومه، فليست بحقيقة))، وقال: ((من طلب الحق من جهة الفضل؛ وصل إليه؛ وإلا لم يصل))، وقال: (( أنفع الكلام: ما كان إشارة عن مشاهدة، أو إخبارا عن شهود)).[5]

أقوال العلماء فيه:

جاء في التشوف للتادلي قوله: سمعت أبا علي الصواف يقول: سمعت أبا مدين يقول: رأيت أخبار الصالحين من زمان أويس القرني إلى زماننا هذا فما رأيت أعجب من أخبار أبي يعزى.[6]

وعن كرمه يقول التادلي: حدثني غير واحد أن الناس كانوا يأتون إلى أبي يعزى من كل بلد فيطعمهم من عنده، ويعلف دوابهم، وأن الفتوح كانت تأتيه من إخوانه في الله فينفقها على زائريه، وأن أهل القرى القريبة منه كانوا يضيفون الواصلين لزيارته ويتبركون بهم.[7]

شيوخه:

لقي رضي الله عنه جماعة من أرباب الطريق وتبرك بهم وأخذ عنهم…، وكان يقول: «خدمت نحوا من أربعين وليا لله عزّ وجل، منهم من ساح في الأرض ومنهم من قام بين الناس إلى أن مات».[8]

تلامذته:

يقول التادلي: فأكبرهم قدرا وأفخمهم أمرا، الشيخ العارف بالله، أبو مدين شعيب بن الحسين الأنصاري…،  وأبو زكرياء يحيى ابن محمد بن صالح المزطاوي من بلدة هسكورة، وأبو يحلوا الصديني، وأبو الصبر أيوب الفهري السبتي… وغيرهم كثير.[9]

وفاته:

توفي الشيخ أبو يعزى في أوّل شوّال، عام اثنين وسَبعين َ وخمسمائة.[10] ، وقد أناف على مائة سنة بنحو الثلاثين، ودفن بجبل ايروجان (ضواحي خنيفرة) أول شهر شوال عام اثنين وسبعين وخمسمائة.[11]

وذكر الكتاني أنه توفي بتاغية بالطاعون شهيدا، وقد أقيمت  له زاوية بفاس في مكان إقامته بها حين وفد عليها مستقرا لبعض الوقت وقد أصبحت من أشهر المزارات بالمدينة. ويضيف الكتاني قائلا: « وزاويته المذكورة هي التي بأقصى الدرب المشهور به من حومة البليدة».[12]

 

الهامش:


[1]. المستفاد للتميمي، القسم الثاني، ص 28، منشورات كلية الآداب والعلوم الإنسانية بتطوان، تحقيق د. محمد الشريف،  الطبعة الأولى سنة 2002م.

[2]. سلوة الأنفاس للكتاني، 1/186، دار الثقافة، الطبعة الأولى سنة 2004م

[3]. نفسه، ص187.

[4] المستفاد للتميمي، 2/ ص32،33.

[5]. سلوة الأنفاس ، ص187.

[6]. التشوف للتادلي، تحقيق أحمد التوفيق، ص214، منشورات كلية الآداب بالرباط، الطبعة الثالثة سنة 2010م.

[7]. المصدر السابق.

[8]. كتاب المُعزى في مناقب الشيخ أبي يعزى للتادلي، تحقيق علي الجاوي، ص71، (د.ط) مطبعة المعارف الجديدة سنة 1996.

[9]. المصدر السابق.

[10]. المستفاد، 2/40.

[11]. التشوف، ص214.

[12]. سلوة الأنفاس، ص189.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق