
هو الإمام الفقيه، العالم العلامة، المحدث الخطيب، القاضي النوازلي، أبو مروان عبد المالك بن محمد التَّجْمُّوعْتِي السجلماسي . لم تذكر مصادر ترجمته شيئا عن تفاصيل حياته الأولى، مولدا ونشأة وتعلما، غير أنه يرجح من خلال سيرته العلمية، أن تكون على سنن أهل عصره في طلب العلم، بدءا بحفظ القرآن الكريم، ثم حفظ متون علوم الآلة والشريعة، ثم التدرج والتبحر في أصناف العلوم الشرعية كالتفسير والحديث والفقه واللغة والأدب والعقائد وغيرها.
أخذ التجموعتي عن جماعة من العلماء في المغرب والمشرق؛ فمن شيوخه المغاربة: الشيخ الإمام سيدي محمد بن ناصر الدَّرْعي(ت 1085هـ)، والإمام العلامة أبو عبد الله محمد بن سعيد السوسي المراكشي (ت 1089)، و العلامة المشارك أبو محمد عبد القادر الفاسي(ت 1091هـ)، وكتب له إجازة، وغيرهم.
وفي رحلته الحجازية لأداء مناسك الحج لقي عددا من الشيوخ واستفاد منهم، أمثال: الشيخ محمد البابلي المكى(ت 1077هـ)، والشيخ عبدالباقي الزرقاني(ت 1099هـ)، وأجازه طائفة أخرى منهم: العلامة محمد الخرشي(ت 1101هـ)، والفقيه الأديب عمر بن علي الفَكْرُوني السوسي نسبة إلى سوسة (كان حيا بعد 1046هـ)، والإمام العلامة إبراهيم بن حسن الكردي الشهرزوري(ت 1102هـ).
وقد تبوأ العلامة التجموعتي رحمه الله مكانة علمية سامية، وبلغ رتبة عالية، وفاق أقرانه، حتى صار في عصره المشار إليه فيما ينزل بالناس من النوازل، مما أهله لتولي منصب القضاء، إذ عين قاضي سجلماسة، كما حظي بثناء عطر من لدن علماء عصره ومن جاء بعدهم، وحلوه بأوصاف حميدة، ففيه يقول محمد بن الطيب القادري في نشر المثاني: "كان إماما محدثا خطيبا، ولي قضاء سجلماسة، وكان إليه المرجع في نوازلها، وله التقديم على علمائها"، وقال أحمد النخلي في بغية الطالبين:"العالم العامل، الحبر الكامل، وحيد دهره، وحافظ عصره، شيخ المحققين، وسند المدققين"، وحلاه الحضيكي في طبقاته: " العالم العلامة العامل الشهير، برع في علومي النقل والعقل، ولقي أعلام المغرب والمشرق".
هذا، ولم يثن عبد المالك التجموعتي، وظيف القضاء والمهام الكثيرة المسندة إليه، عن التدريس والتأليف، فمن تلامذته: إبراهيم بن عبد الرحمن المَلَاحِفِي السجلماسي(ت 1130هـ)، والشهاب أحمد النخلي المكي(كان حيا 1114هـ)، ومحمد بن أحمد المسناوي(ت 1136هـ)، وأحمد بن محمد بن عبد الرحمن الإدريسي الحسني، وغيرهم، كما كانت له مشاركة متميزة في التأليف، إذ سطر قلمه تآليف في غاية الدقة والإفادة، دالة على علو كعبه العلمي، منها: " قصيدة في مدح طنجة " ، و" خلع الأطمار السوسية "، و " شرح رائية ابن ناصر " في قواعد الدين، و رسالة في العلم النبوي سماها: "ملاك الطلب في جواب أستاذ حلب"، إلى جانب ذلك، فقد كان ينظم الشعر، وله قصائد وأبيات في مدح الولي العارف أبي يِعْزى رحمه الله منها قوله:
عباد الله في الدنيا اللآلي ... أبو الأنوار لؤلؤُها الثمينُ
أَنِخْ بجنابِهِ واحكم عليه ... بما أمَّلْتَه وأنا الضَّمينُ
وفي ليلة الثلاثاء خامس صفر من سنة ثماني عشرة ومائة وألف هجرية، توفي القاضي عبد الملك التَّجْمُّوعتي، رحمه الله وإيانا.
من مصادر ترجمته:
نشر المثاني(3/162-166)، التقاط الدرر(295)، الإكليل والتاج في تذييل كفاية المحتاج(450-451)، بغية الطالبين لبيان المشايخ المحققين المعتمدين(57)، طبقات الحضيكي(2/498)، الإعلام(8/362-374)، فهرس الفهارس(1/255-256)، الأعلام(4/164 ).
إنجاز: د.عبد الكريم بومركود