إعداد: دة. أمينة مزيغة
باحثة بمركز دراس بن إسماعيل
العباس بن عيسى أبو الفضل الممسي، نسبة إلى ممسى قرية من قرى المغرب، الفقيه الورع الزاهد الإمام الثقة العابد العالم العامل صاحب الفضائل الجمة، مع فصاحة اللسان ونزاهة وعدالة وعلو الهمة، حفظ القرآن وهو ابن ثماني سنين، والموطأ وهو ابن خمس عشرة سنة.
سمع من موسى القطان، والبجائي وجبلة بن حمود. وأحمد بن أبي سليمان، ويحيى بن عمر، وأحمد بن أبي سليمان، ويحيى بن عمر، وسمع بمصر من أحمد بن جعفر بن أحمد بن عبد السلام الحضرمي، وأبي عبد الله الجيزي، وأبي بكر بن مروان المالكي وغيرهم.
أخذ عنه أبو محمد بن أبي زيد رحمه الله تعالى، ومحمد بن حارث، وأبو بكر الزويلي، وأبو الحسن بن الخلاف، وأبو الأزهر بن معتّب وغيرهم.
له كتاب اختصار كتاب محمد بن المواز، وكتاب تحريم المسكر، وكتاب في قبول الأعمال.
قال ابن حارث: "كان يتكلم في علم مالك كلاماً عالياً، ويفهم علم الوثائق فهماً جيداً ويناظر في الجدل، وفي مذاهب أهل النظر، على رسم المتكلمين والفقهاء، مناظرة حسنة، وكان لسانه مبيناً وقلمه بليغاً مع حصافة العقل وذكاء الفهم وكان في المناظرة والفقه أجزل منه في الكلام". وقال في كتاب آخر: "كان من أهل المروءة والانقباض والصيانة، لم يكن في طبقته أفقه منه، ولا أصون، وعني بالنظر والخلاف، ولكنه كان مالكياً، محضاً".
قال ابن أبي دليم: "كان من أهل الحفظ و الذكاء، والعلم بالوثائق. قال أبو عبد الله الأجزالي كان أبو الفضل صالحاً، قواماً صواماً، ورعاً حافظاً للفقه، والحجة لمذهب مالك ... ويقال: إن أهل مصر لم يعجبوا ممن ورد إليهم من المغرب إلا من ثلاثة: من ابن طالب أعجب به أولئك الجلة، وموسى القطان، فإنه كان من أجل أصحاب محمد بن سحنون، وأبي الفضل الممسي".
قال أبو الأزهر بن معتب: "صحبته من سنة عشر إلى أن توفي سنة ثلاث وثلاثين، وهو على حالته من الاجتهاد"، قال أبو بكر بن سعدون: "صام أبو الفضل عندنا رمضان، فكان لا يتعشى حتى يصلي العشاء الأخيرة. يتنفل بين العشاءين، وكنت أتعاهده بالليل، فأجده قائماً يصلي، وكان لا يتوضأ إلا في البحر، ويبعد وذلك أنه كان شديداً في وضوئه، وطهارته". وكان من النظافة وعلاء الهمة، والنزاهة على غاية. وكان له نعل لبيت مائه. وأخرى لمشيه في داره، وأخرى يمشي بها إلى مصلاه، وقد رأى بعضهم السبائي يتوضأ، فتعجب من وضوئه، فقال: لا تعجب لو رأيت وضوء أبي الفضل الممسي ما عجبت من وضوئي، وقال الإجدابي: "وإنما سلك أبو محمد بن أبي زيد رحمه الله تعالى في هديه، وهمته، وسمته طريقته".
وقد مدح عبد الله الدارمي الممسي ومجلسه قائلا:
ما أشـرف الـــعـلـم ويا حـبـذا مـجـلسنا عـنـد أبي الفــضل
يفيض فــي علــم وفي حكـمة يصدر منها القول عن فضل
وفي لــغات الــعرب قـد زانها شواهـد تعــرب عــن أصـل
وصاحب المجلس بادي الحجا قـد خصّ بالـعـلـم وبالـعـقـل
والدين والفضل معـاً والـتـقـى والـخـلـق الـواســع والــبـذل
استشهد رحمه الله قرب مهدية في حرب بني عبيد، في رجب لسنة ثلاث وثلاثين وثلاثمائة، قال أبو محمد بن أبي زيد رحمه الله تعالى عند قتله: "وددت أن القيروان سبيت، ولم يقتل أبو الفضل"، و رثاه بقصيدة أولها:
يا ناصر الـدين قـمت مسـارعاً وبـذلت نفـسك مخلصاً ومؤيدا
وذببت عن ديـن الإله مجاهـداً وابتعـت بيعـاً رابـحاً محمـودا
عـهدي به بين الأسنة لم يـكـن لله عـند لـقاء الـعـدو كـمـــــودا
كانت حـياتك طاعـــة وعـبادة فسعدت في المحيا ومت شهيدا
يا قـرة للـناظـريـن وعـصمـة للـمــسـلـمـيـن وعـدة وعـديــدا
يا فاتق الرتـق الخـفي بعـلـمه ومـيناً للـمشـكـلات مـفـيـد
جمعـت كل فـضيـلة ونقـيـبـة وحويت علماً طارفاً وتلـيدا
وبرعت بين أصوله وفروعه فقهرت ما قد كان منه عتيدا
يا أيها المحسود في أخلاقـــه وفعاله لا لمت فيك حسودا
ترتيب المدارك 3/21 رقم: 845.
شجرة النور الزكية 1/124 رقم: 198.
جمهرة تراجم فقهاء المالكية 2/597 رقم 521
الديباج المذهب 2/117.
الأعلام 3/263.
معالم الإيمان 3/192 رقم 27.