مركز الدراسات والبحوث في الفقه المالكيأعلام

أبو الحسن الصغير [معاصر للسنوسي (ت895ﻫ)]

يقع الخلط أحيانا في بعض العلماء للاشتباه بينهم، إما من جهة الاسم أو النسبة أو غيرها من الأوصاف، وقد درج العلماء على التمييز بين متشابه الأعلام، فيقولون: عبد الله بن نافع الزبيري، وعبد الله بن نافع الصائغ، وابن مرزوق الجد، وابن مرزوق الحفيد، وابن مرزوق الضرير، وغيرها من الأوصاف لدفع الاشتباه الحاصل بين الأعلام، وقد نبه القاضي عياض على الاشتباه الواقع بين بعض الأعلام، فقال عقب ترجمته لابن عيشون، ونص على أنهما رجلان، «فربما اشتبها على من لم يحققهما». ترتيب المدارك (6/174).

ومن الأعلام المتشابهة التي وقع الخلط فيها: أبو الحسن الصغير، فهما رجلان، وليس رجلا واحدا، كما تُوُهِم.

الأول: هو أبو الحسن الصُّغيِّر الزرويلي: علي بن محمد بن عبد الحق (ت719ﻫ صاحب التقييد على التهذيب والرسالة.

ترجمته في: الديباج (ص: 305)، سلوة الأنفاس (3/180)، شجرة النور (ص: 215) [757]، الفكر السامي (ص: 570).

والثاني: أبو الحسن الصغير المكناسي [معاصر للسنوسي (ت895ﻫ)]، صاحب كتاب الرد على الفقراء وسائر البدع المحدثات في الإسلام من أربع مذاهب، وكتاب في البدعة وأهلها، وشَرَح الرسالة لابن أبي زيد القيرواني أيضا.

ينسب إلى مكناسة، عاصر السنوسي، وأبي العباس زروق، وهو غير أبي الحسن الصغير شارح التهذيب، خلافا لمن توهم أنه هو.

كان عالما فقيها، يشبه بأبي الحسن شارح التهذيب، قال السنوسي: «… وكنت قبل أسمع من الطلبة يقولون: إن أبا الحسن الصغير هذا عالم يشبه أبا الحسن الصغير شارح المدونة». نصرة الفقير في الرد على أبي الحسن الصغير (ص: 53). وقد كتب شرحا على الرسالة وأرسل به إلى السنوسي، فأعُجب به.

غير أنه لما أكثر الإنكار والتشنيع على أهل التصوف، والقدح فيهم، وسلط لسانه عليهم، ووصفهم بأشنع العبارات، جلب له ذلك ردودا وانتقادات من بعض أئمتهم من معاصريه ومن جاء بعده، كالسنوسي، وزروق، وتقي الدين المكناسي، وعبد العزيز بن محمد بناني.

وقد وهم الكتاني فظنهما رجلا واحدا، قال الكتاني في ترجمة أبي الحسن الصغير الزرويلي (ت719ﻫ): «وينسب للشيخ أبي عبد الله محمد بن يوسف السنوسي تأليف آخر في الرد عليه، سمي بنصرة الفقير في الرد على أبي الحسن الصغير، وهو شهير بأيدي الطلبة والفقراء، وأنكر بعضهم نسبته إليه… لكن نسبه له العلامة الرباطي في شرح العمل الفاسي». سلوة الأنفاس (3/180).

وسبب الوهم هو الاشتباه الحاصل بين الرجلين، فكلاهما يكنى بأبي الحسن، ويعرف بالصُّغَيِّر، إلا أن صاحب التقييد، وهو زرويلي، ويعرف أيضا بالمغربي، والثاني الذي رد عليه السنوسي مكناسي، لم نقف له على ترجمة، وإنما ذكره السنوسي في معرض الرد عليه، وله رسالتاه في البدعة والرد على المتصوف مخطوطتان بالخزائن المغربية.

وإنما دلنا على أن المكناسي المقصود بالرد من السنوسي، وليس الزرويلي ما ذكره السنوسي نفسه في مقدمة كتابه نصرة الفقير في الرد على أبي الحسن الصغير، فقال: «… وكنت قبل أسمع من الطلبة يقولون: إن أبا الحسن الصغير هذا عالم يشبه أبا الحسن الصغير شارح المدونة، وكنت أفرح بذلك».(ص: 53).

بقلم الباحث: عبد الرحيم اللاوي

Science

عبد الرحيم اللاوي

باحث بمركز البحوث والدراسات في الفقه المالكي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق