مركز أبي الحسن الأشعري للدراسات والبحوت العقديةأعلام

أبو إسحاق الإسفراييني

اسمه ونشأته:
هو الإمام العلامة الأوحد، الأستاذ، أبو إسحاق، إبراهيم بن محمد بن إبراهيم بن مهران، الإسفراييني الأصولي المتكلم البغدادي الشافعي، الملقب ركن الدين. أحد المجتهدين في عصره، وصاحب المصنفات الباهرة، كان شيخ خرسان في زمانه، بُنيت له بنيسابور مدرسة مشهورة، خرج له أبو عبد الله الحاكم عشرة أجزاء وذكره في تاريخه لجلالته[2].
شيوخه:
ارتحل في الحديث، وسمع من: دعلج السجزي، وعبد الخالق بن أبي روبا، وأبي بكر محمد بن عبد الله الشافعي، ومحمد بن يزداد بن مسعود، وأبي بكر الإسماعيلي، وعدة، وأملى مجالس.
تلاميذه:
حدث عنه: أبو بكر البيهقي، وأبو القاسم القشيري، وأبو الطيب الطبري أخذ عنه أصول الفقه، وتخرح به في المناظرة، وأبو السنابل هبة الله بن أبي الصهباء والأستاذ أبو منصور عبد القاهر بن طاهر النيسابوري المعروف بالبغدادي، وطائفة .
 قال الشيخ أبو إسحاق في “الطبقات”: درس عليه شيخنا أبو الطيب، وعنه أخذ الكلام والأصول عامة شيوخ نيسابور[3].
مؤلفاته:
من تصانيفه كتاب “جامع الخلي في أصول الدين والردِّ على الملحدين”، في خمس مجلدات، وله “أدب الجدل” و”مسائل الدور” و”تعليقة في أصول الفقه “..
أقوال العلماء فيه:
قال عبد الغافر في “تاريخه”: كان أبو إسحاق طراز ناحية المشرق، فضلا عن نيسابور، ومن المجتهدين في العبادة، المبالغين في الورع، انتخب عليه الحاكم عشرة أجزاء، وذكره في “تاريخه” لجلالته، وانتقى له الحافظ أحمد بن علي الرازي ألف حديث، وعقد مجلس الإملاء، وكان ثقة ثبتا في الحديث.
وقال الحافظ ابن عساكر: حكى لي من أثِقُ به: أن الصاحب إسماعيل بن عبَّاد كان إذا انتهى إلى ذكره هؤلاء، يقول: ابن الباقلاني بحر مغرق، وابن فورك صِلٌّ مطرق، والإسفراييني نارٌ تحرق.
    قال الحاكم في “تاريخه”: أبو إسحاق الأصولي الفقيه المتكلم، المتقدم في هذه العلوم، انصرف من العراق وقد أقر له العلماء بالتقدم… إلى أن قال : وبني له بنيسابور المدرسة التي لم يبن بنيسابور مثلها قبلها ، فدرس فيها.
نقل عنه الأصوليون ، أنه كان ينكر المجاز في اللغة، وأنه كان يقول: القول بأن كل مجتهد مصيب، أوله سفسطة، وآخره زندقة[4].
 قال أبو القاسم الفقيه: كان شيخنا الأستاذ إذا تكلم في هذه المسألة، قيل: القلم عنه مرفوع حينئذ -يعني: أبا إسحاق- لأنه كان يشتم ويصول، ويفعل أشياء[5].
آراؤه العقدية:
دخل عبد الجبار الهمداني شيخ المعتزلة على الأستاذ أبي إسحاق الاسفرايني، أحد أئمة السنة، فقال: سبحان من تنزه عن الفحشاء.
فقال: الأستاذ: سبحان من لا يقع في ملكه إلا ما يشاء.
 قال القاضي: أيشاء ربنا أن يعصى.
فقال الأستاذ: أيعصى ربنا قهرا.
 فقال القاضي: أرأيت إن منعي الهدى وأورثني الضلال، أحسن إليَّ أم أساء.
 قال الأستاذ: إن منعك ما هو لك فقد أساء، وإن منعك ما هو له فالله يختص برحمته من يشاء فبهت القاضي.
ـ مسألة الاستواء

قال أبو المظفر:… وسأل بعض أتباع الكرامية في مجلس محمود بن سبكتكين سلطان زمانه رحمه الله، إمام زمانه أبا إسحاق الإسفرايني رحمه الله، عن هذه المسئلة، فقال: هل يجوز أن يقال الله سبحانه وتعالى على العرش، وأن العرش مكان له، فقال: لا، وأخرج يديه، ووضع إحدى كفيه على الأخرى، وقال: كون الشيء على الشيء يكون هكذا، ثم لا يخلو أن يكون مثله، أو يكون أكبر منه، أو أصغر منه، فلا بد من مخصص خصه، وكل مخصوص يتناهى، والمتناهى لا يكون إلها، لأنه يقتضي مخصصا ومنتهى، وذلك علم الحدوث فلم يمكنهم أن يجيبوا عنه فأغروا به رعاعهم حتى دفعهم عنه السلطان بنفسه[6]…
رأيه في الكرامة والمعجزة
قال أبو إسحاق: (كلما جاز تقديره معجزة للنبي لا يجوز أن يكون ظهور مثله كرامة لولي، وإنما مبالغ الكرامات إجابة دعوته أو موافاة ماء في بادية في غير موقع المياه، أو نحو ذلك مما ينحط عن خرق العادات[7]).
وذكره القشيري في الرسالة، قال: كان الإمام أبو إسحاق الإسفرايني رحمه الله يقول: (المعجزات دلالات صدق الأنبياء، ودليل النبوة لا يوجد مع غير النبي، كما أن العقل المحكم لما كان دليلاً في كونه عالماً، لم يوجد إلا ممن يكون عالماً، وكان يقول: الأولياء لهم كرامات شبه إجابة الدعاء فأما جنس ما هو معجزة الأنبياء فلا[8]).
قال الذهبي: (وحكى أبو القاسم القشيري عنه إنه كان ينكر كرامات الأولياء، ولا يجوزها، وهذه زلة كبيرة[9]).
وفاته:
 توفي بنيسابور، وكان يقول: أشتهي أن أموت بنيسابور حتى يصلي علي جميع أهلها، وكانت وفاته يوم عاشوراء من سنة ثماني عشرة وأربع مائة، وقد نيف عن الثمانين، ثم إنه نقل إلى إسفرايين ودفن في مشهده[10].

 

 

الهوامش:

 

1- ترجمته في: طبقات العبادي 104، طبقات الشيرازي 106، الانساب 1 / 237، تبيين كذب المفتري 243، 244، معجم البلدان 1 / 178، اللباب 1 / 55، طبقات ابن الصلاح الورقة 30 ب، تهذيب الاسماء واللغات 2 / 169، 170، وفيات الاعيان 1 / 28، المختصر في أخبار البشر 2 / 156، العبر 3 / 128، الوافي بالوفيات 6 / 104، 105، مرآة الجنان 3 / 31، طبقات السبكي 4 / 256 – 262، طبقات الاسنوي 1 / 59، 60، البداية والنهاية 12 / 24، طبقات ابن هداية الله 135، 136، كشف الظنون 1 / 539، شذرات الذهب5 /91، هدية العارفين 1 / 8، طبقات الاصوليين 1 / 228، 229. انظر سير أعلام النبلاء.

2- شذرات الذهب، في أخبار من ذهب 5/91، دار ابن كثير، دمشق ط1/1989م، تح: محمود الأرناؤوط وعبد القادر الأرناؤوط،
3- سير أعلام النبلاء، محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي، مؤسسة الرسالة، الطبعة التاسعة 1413 هـ 1993م، تح: شعيب الارنؤوط 17/353. وطبقات الشافعية ـ لابن قاضى شهبة، عالم الكتب – بيروت – 1407 هـ، الطبعة : الأولى تحقيق : د. الحافظ عبد العليم خان، 1/171.

4- طبقات الشافعية ـ لابن قاضى شهبة، عالم الكتب – بيروت – 1407 هـ، الطبعة : الأولى تحقيق : د. الحافظ عبد العليم خان، 1/171.

 5- سير أعلام النبلاء، محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي، مؤسسة الرسالة، الطبعة التاسعة 1413 هـ 1993م، تح: شعيب الارنؤوط 17/353. وتبيين كذب المفتري فيما نسب إلى الإمام أبي الحسن الأشعري، علي بن الحسن بن هبة الله بن عساكر الدمشقي، الطبعة الثالثة ، 1404. ص:222.

6- لتبصير في الدين وتمييز الفرقة الناجية عن الفرق الهالكين، طاهر بن محمد الإسفراييني، عالم الكتب  – بيروت، الطبعة الأولى، 1983 تح: كمال يوسف الحوت، ص:112.
7- الإنصاف في حقيقة الأولياء وما لهم من الكرامات والألطاف (ص: 36)
8- الإنصاف في حقيقة الأولياء وما لهم من الكرامات والألطاف (ص: 90)، الرسالة للقشيري (ص:158).
9- السير (13/355)، والإنصاف في حقيقة الأولياء وما لهم من الكرامات والألطاف (ص: 90).
10- الوافي بالوفيات، 6/70، صلاح الدين خليل الصفدي، تح أحمد الأرناؤوط وتزكي مصطفى، دار إحياء الثرت العربي، بيرت، ط1/2000. وهدية العارفين، 1/8، لإسماعيل باشا البغدادي، دار إحياء التراث العربي ببيروت.
11- سير أعلام النبلاء، محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي، مؤسسة الرسالة، الطبعة التاسعة 1413 هـ 1993م، تح: شعيب الارنؤوط 17/353.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق