مركز الدراسات والأبحاث وإحياء التراث

دورة المخطوط العربي: الوعاء والصنعة والتقاليد

تقرير عام حول محاضرات وورشات الدورة العلمية التكوينية الأولى في علم المخطوطات: «المخطوط العربي: الوعاء والصنعة والتقاليد»
المنعقدة بالرباط من 9 ـ 19 محرم 1433هـ/ 5 ـ 15 دجنبر 2011م.

في إطار الجهود المتواصلة التي تبذلها مؤسسة الرابطة المحمدية للعلماء سعياً منها إلى تكوين وتأهيل جيل جديد من الباحثين المتخصصين في علم المخطوطات، قادرين على خوض غمارة بحثا ودراسة وتحقيقا، نظم مركز الدراسات والأبحاث وإحياء التراث بالرباط، بشراكة مع معهد المخطوطات العربية بالقاهرة، الدورة العلمية التكوينية الأولى في علم المخطوطات تحت عنوان:«المخطوط العربي: الوعاء والصنعة والتقاليد»، وذلك من 9ـ19 محرم 1433هـ/5ـ15 دجنبر 2011م، وتعد هذه الدورة الأولى من نوعها على المستوى العربي، شارك فيها أزيد من 60 متدربا من بلدان عربية مختلفة ـ بالإضافة إلى المغرب ـ منها: مصر، وسوريا، وعمان، والبحرين، وقطر، والسعودية، وتونس، وليبيا؛ من العاملين في فهرسة المخطوطات بالمكتبات المغربية وغيرها من مكتبات العالم الإسلامي، وكذا الباحثون بالمراكز العلمية التابعة للرابطة المحمدية للعلماء، وأطرها أساتذة محاضرون من المغرب وخارجه.

وتوزعت محاضرات الدورة بين محاضرات خاصة بالمتدربين المسجلين فيها، احتضنتها قاعة المحاضرات بفندق شالة، ومحاضرات تراثية عامة لعموم المهتمين أُلقي بعضها بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بجامعة محمد الخامس، ودار الحديث الحسنية، والمكتبة الوطنية، بالإضافة إلى ثلاث ورشات تدريبية بالمكتبة الوطنية، والخزانة الحسنية.

افتتحت هذه الدورة في يومها الأول بتلاوة آيات بينات من الذكر الحكيم، تلتها كلمات افتتاحية للسادة: الأمين العام للرابطة المحمدية للعلماء الدكتور أحمد عبادي، ومنسق برامج معهد المخطوطات العربية بالقاهرة الدكتور فيصل الحفيان، ورئيس اللجنة المنظمة للدورة الدكتور أحمد شوقي بنبين.

نبه الدكتور أحمد عبادي في كلمته إلى أهمية الاشتغال بالمخطوط العربي وإيلائه الاهتمام الكافي تحقيقا وتدقيقا، وتلافي الهفوات والعثرات التي تعوق خدمة المخطوط العربي، بوصفه مرآة للعطاءات العربية والإسلامية على مدى التاريخ، وميّز بين أربعة مراحل قطعتها المخطوطات العربية، وَسَمَ الأولى بمرحلة الاستكشاف التي تسعى إلى نقل الكتاب المخطوط إلى مطبوع، والثانية بمرحلة الاجتهاد من أجل إخراج النصوص، ووصف الثالثة بالمرحلة التجارية التي عرفت تسابق دور الطبع لإخراج الكتب، أما المرحلة الرابعة فالتي نعيشها اليوم، وهي مرحلة التدقيق العلمي، وفيها ازداد الاهتمام بالمخطوط العربي، وظهر مختصون في قضاياه، ووضعوا له قواعد ومناهج، كما انبثق عن هذا الاهتمام علوم أخرى اتخذت من المخطوط مجالا للدراسة والبحث، مثل علم «الكوديكولوجيا».

وأكد الدكتور فيصل الحفيان منسق برامج معهد المخطوطات العربية بالقاهرة في كلمته على ضرورة تحويل التراث إلى قضية، والتفكير فيه تفكيرا كلياً؛ لأن المخطوط هو تجلٍّ للتراث الفكري للأمة، وأوضح في هذا السياق أن النصَّ التراثي يتكون من أربعة مستويات، الأول: المخطوط بوصفه الوعاء أو الجسم، والثاني: المعرفة بوصفها المحتوى العلمي أو النص، والثالث: التقاييد أو خوارج النص، وهي مجموع ما يحيط بالمخطوط، مثل طريقة صناعته وانتقاله، ثم المستوى الرابع: هو تلك الأنماط التفكيرية للناس الذين صدر عنهم ذلك النص.

ومن جهته دعا الدكتور أحمد شوقي بنبين مدير الخزانة الحسنية بالرباط ورئيس اللجنة المنظمة إلى إنشاء مؤسسة علمية عربية تُعنى بالمخطوط العربي، كما أكد على ضرورة إدماج دراسة المخطوطات ضمن مقررات التعليم؛ لكي تتعلم الأجيال المقبلة منهجية التعامل مع التراث. وأبدى استغرابه لكون أول مؤسسة لدراسة المخطوطات أنشئت في باريس عام 1937م، من دون أن تكون هناك مبادرة عربية في هذا الاتجاه.

بعد هذه الكلمات الافتتاحية أخذ المتدربون استراحة شاي، ليكون لهم بعد ذلك موعد مع أولى المحاضرات المبرمجة في الدورة وعنوانها: علم المخطوط ـ المفهوم والحدود، لفضيلة الدكتور أحمد شوقي بنبين؛ بدأها بتعريف علم الفيلولوجيا الذي يعني: دراسة النصوص الأدبية دراسة علمية، ثم أشار إلى أن علم المخطوط (الكوديكولوجيا) هو علم جديد حتى بالنسبة للغرب، وأول كتاب في الموضوع وضعه البلجيكي جاك لومير في القرن الماضي في أواخر الثمانين عنوانه (مدخل إلى علم المخطوط)، حاول فيه أن يجمع ويعطي مختلف النظريات والمفاهيم التي وضعها مجموعة من الفيلولوجيين الغربيين حول الموضوع.

وذكر أن سبب اهتمام الأوروبيين بعلم المخطوط لا يتعدى كونه تقليداً لاتينياً، يعني طوال العصر الوسيط، وخاصة من لدن طائفة من المسيحيين العلماء كالرهبان البلجيكيين؛ إذ كانوا مهتمين بنسخ المخطوطات في مختلف الأديرة في أوربا، وهذا ما جعل العلماء الفيلولوجيين الغربيين وخاصة الفرنسيين يتمكنون من الولوج لعلم المخطوط واصطلحوا عليه بعلم الكوديكولوجيا(Codicologie)، وهي كلمة مركبة من كلمتي: (Codex) اللاتينية، وتعني كتاب، و(Logos) اليونانية، وتعني بحث، بينما اصطلح عليه ألفونس دام: علم الكتاب، وقبل إطلاق هذا المصطلح كانوا يقولون باليوغرافيا: (Paléographie)، (Paléo) تعني:القديم، و(Graphie)، تعني:الكتابة، ومعنى المصطلح باليونانية: علوم الكتابة القديمة، وكانت تجمع هذه الكلمة بين علم المخطوط وعلم الكتابة، لكن الآن وقع نوع من الاستقلال بين العلمين، واقتصرت الباليوغرافيا على علم الخطوط القديمة.

ثم ميز المحاضر بين الكوديكولوجيا التي تهتم بالمخطوط، والباليوغرافيا التي تعنى بدراسة علم الكتابة، وعرف الأولى بقوله: دراسة الكتاب المخطوط باعتباره قطعة مادية.

   ويَعتبر الكوديكولوجيون أي أخصائيو علم المخطوط أن هذا العلم قائم بذاته، ولا يمكن لعالم فيلولوجي أن يحقق نصا ما لم يحدد الظروف المادية التي نشأ فيها هذا المخطوط، وكذا الطرق التي وصل بها إلينا، هنا يأخذ العلم استقلاليته، فيختلف الكوديكولوجيون عن الفيلولوجيين، لذلك دعا بعض العلماء إلى تسمية هذا العلم بأركيولوجية الكتاب، فعوض قول: «كوديكولوجيا» نقول: «أركيولوجية الكتاب»، بمعنى كل ما هو مكتوب، وذلك لأن وظيفة الكوديكولوجي تشبه إلى حدٍّ ما وظيفة الأركيولوجي (العالِم الأثري)، وبما أن العالم الأركيولوجي يكتشف القطعة ويعيد صياغتها وبناءها، كذلك الكوديكولوجي يأخذ النسخة أو القطعة ليعيد بناءها وصناعتها. 

وحتى القرن العشرين كان العلماء الفيلولوجيون يهتمون بالمخطوط باعتباره نصا من النصوص، فكانوا يعتبرون الكتاب المخطوط وسيلة أو إحدى الوسائل للاستفادة منه في دراسة تطور التاريخ الثقافي لمجتمع من المجتمعات، في حين اعتمد الكوديكولوجيون مقاربة معاكسة، يعني تطور التاريخ الثقافي ليصبح إحدى الوسائل لدراسة الكتاب المخطوط، ويتجلى هذا عند البحث في الخزائن العلمية، وفي دراسة مجموعة من المخطوطات، مما دعا الفيلولوجيين في باريس إلى إنشاء ذلكم المعهد الكبير في إطار المركز الوطني للبحث العلمي، الذي يعد أكبر مركز في البحث في العالم، وقد أنشئ سنة 1937م، وسمِّي «معهد النص وتاريخ النصوص»، فيه مجموعة من الشعب: شعبة اليونانية، واللاتينية، والعبرية، والعربية، واستعار الكوديكولوجيون بعض النظريات الفيزيائية والكيميائية لدراسة الورق، والمداد…، وأعطوا لكل مادة مصطلحا، ثم مشكلة الكتب المطموسة بسبب من الأسباب.

وحصر الأستاذ المحاضر مهام الكوديكولوجي في ثلاث وظائف؛ الأولى: هي الكشف والبحث عن المخطوطات، والثانية: تتمثل في وضع القوائم والكشافات وإحصاء المخطوطات على مستوى الخزائن العربية، أما الثالثة: فهي وضع الفهارس العلمية، وهذه الوظيفة الأخيرة التي عرفت خلطا كبيرا بينها وبين التحقيق، وبين علم المخطوط عامة.

كما أكد الأستاذ على ضرورة إنشاء مركز في العالم العربي، يعتمد على الفهارس الموحدة بمعنى فهرس يجمع كل محتويات خزائن مدينة أو بلد معين، وتوضع الفهارس حسب الفنون: الفلاحة ـ الطب ـ الهندسة ـ الآداب … إلى غير ذلك، ثم فهارس المخطوطات النادرة، وفهارس المخطوطات المؤرخة، وهي تفيد الباحث المحقق أيما إفادة.

وختم الأستاذ مداخلته بالإشارة إلى أن علم المخطوطات يعالج مجموعة من الأشياء تتعلق بالكتاب المخطوط مثل: التعقيبة، ـ التي كان الأستاذ المحاضر أول من كتب فيها بحثا ونشره قبل خمس وعشرين سنة في المشرق في مجلة مجمع اللغة بدمشق ـ ، وقد لازمت التعقيبة المخطوط العربي منذ نشأته في القرن الثاني للهجرة، وكذلك قضية النسخ والنساخة في العالم العربي، التي لا زالت تفتقر إلى بحث أكاديمي عميق.

وكانت المحاضرة الثانية بعنوان:«علم المخطوط: الحدود والتقاطعات»، من إعداد الدكتور فيصل الحفيان، التي توقف في مستهلها عند ضبابية تعريف علم المخطوط، فإذا كانت معارفه قد استقرت لدى الغربيين، أو عند ثلة من العلماء والباحثين، فإنه مازال ضبابيا عند الآخرين.

وقد دعا الأستاذ المحاضر إلى وجوب تطوير المعرفة وجعلها ذات منهج، وهذا الأمر في نظره يحتاج إلى طريقين؛ الأول: صنع فهارس علمية شاملة، والثاني: جعل التراث قضية كبرى، ثم النظر إليه أنه ذو أجزاء، وأن هذه الأجزاء كل على حدة أو كل في جدل مع الأجزاء الأخرى، وأيضا ننظر إلى المعرفة، ثم ننظر إليه بوصفه حاملا للمعرفة، ثم لاننسى قضية النظر في خوارج النص وما تتيحه من المعلومات المهمة التي تساعد في خدمة النص والتعرف على هويته، وظروف نشأته.

ولابد من مراعاة النظر في قضية النسبة، أي نسبة الآراء العلمية الموجودة في النص إلى غير صاحبها، ولا يمكن أن نعدو على أجزاء لصالح جزء آخر، وأيضا لا بد من مراعاة أخرى من قبيل النقد الداخلي للنص المتصل بوعاء النص، وكذا النقد الخارجي للنص، وتحقيق العنوان بمفرداته وألفاظه وحروفه، وتحقيق اسم المؤلف، وتوثيق نسبته.

وكل هذه المسائل لا تتحقق إلا بدراية تامة بعلم المخطوطات (الكوديكولوجيا)، فالكوديكولوجي هو الأقرب لمعرفة هاته المسائل، ويعتبر علم المخطوطات عملا حفريا، باعتبار المخطوط ـ بغض النظر عن مضمونه ـ قطعة أثرية.

وذكر الأستاذ المحاضر جملة أمور تميز آليات وأغراض خدمة علم المخطوط العربي عند الكوديكولوجي والمحقق، منها:

– علم المخطوطات يشتغل فيه بعيدا عن النص.

ـ علم المخطوطات هو المتمثل في المادة أو الجسم أو الكيان، في حين أن التحقيق علم آخر.

ـ التحقيق مصطلح مستقر له دلالة، وهي تخريج النص وإضاءته بالحواشي والهوامش.

ـ لكل عمل حد وتقاطع مع جهات أخرى، وقدرتنا أن نقف عند هذا الحد ونميِّزه عن غيره.

ـ المصورات أصبحت حقيقة، سواء الرقمية أو الخطية، فبعض جوانب علم المخطوطات لا يستوي إلا على مصورات وبعضها على أصول.

وختم الأستاذ بالتأكيد على اشتداد الحاجة إلى فهارس كوديكولوجية تختص بجميع ما يشمل المخطوط (الأختام ـ الزخارف…)، أما موضوع النُّسخ المختلفة فتدخل تحت علم تاريخ النص، ولا يستطيع المؤلف نفسه حصرها.

واستهلت محاضرات اليوم الثاني بمداخلة الدكتور مصطفى الطوبي أستاذ التعليم العالي بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بجامعة ابن زهر بأكادير تحت عنون:«الكتاب المخطوط بين الصنعة التاريخية والدرس الحديث»، والتي بدأها بالحديث عن الصنعة التاريخية للكتاب المخطوط، وقال: إن التعبير عن «المخطوط» بـ«الكتاب المخطوط» هو الأنسب؛ لأن كلمة المخطوط وحدها غير قادرة على أن تبلور لنا المعنى المقصود إلا حينما نقول «الكتاب المخطوط».

ثم أثار الأستاذ المحاضر أسئلة وافتراضات مفادها أن استعمال أوعية الكتابة في الزمن الأول لابد وأن تكون مردفة بالتغيير والحك والصقل والتهذيب وغير ذلك، مما يجعلها ميسرة للكتابة، وأن الرقوق لا يمكن أبدا أن تؤخذ من الحيوانات فيكتب عليها بشكلها الأولي، بل لابد أيضا أن ترضخ لمجموعة من العمليات حدثنا عنها المتأخرون لكن أغفلها الأولون، فالرقوق التي كتبت فيها المصاحف الأولى وصلت إلينا في غاية الدقة، كما أن المعلومات جد قليلة عن هؤلاء الصناع الذين فكروا وهندسوا لإخراج مثل هذه الكتب في هذه الفترة المبكرة، والتي وصل إلينا بعض منها سالما، مثل: مصحف طوب قابي سراي الموجود بإستانبول في تركيا.

ومع ما اكتنف هذه الفترة من غموض، فقد تحدث ابن خلدون في المقدمة عن الوراقة، وعرفها بأنها: كل ما يتعلق بصنعة الكتاب منذ بداية نشأته وتسفيره وكتابته إلى لحظة بيعه. هذا هو الحد الذي يقدمه ابن خلدون للصنعة، كما وصلتنا أخبار عن بعض الأدبيات الخاصة بالخط، والتسفير، مثل كتاب «التيسير في علم التسفير» لأبي عمرو بكر بن إبراهيم الإشبيلي(ت628هـ)، أو(629هـ)، وكتاب «تسفير الكتب وحل الذهب» لأبي العباس أحمد بن محمد السفياني وغيرهما.

وأيضا فإن علماء الحديث كان لهم اهتمام خاص بهذه المواد والأوعية التي حدث في فترة من التاريخ أن حملت لنا هذا النص المقدس الذي هو الحديث النبوي الشريف، فكان حريا أن تولَى هذه المواد العناية اللائقة بها، لذلك درسوها وقدموا لنا جملة من أساميها وخصائصها، واهتمت أيضا بعض كتب الأدب بهذا الشأن، مثل: «كتاب صبح الأعشى في صناعة الإنشا» للقلقشندي، الذي تحدث فيه عن عدد كبير من مواد الكتابة وأدواتها، فكان سندا للباحثين فيما يتعلق بالمواد التي يكتب بها وعليها، بل إنه تجاوز ذلك ليحدثنا في هذا الكتاب عن مقاسات الورق، وله فضل السبق في ذلك، كما أن كتب التاريخ اعتمدها الباحثون لما حوته من مصطلحات وعبارات وإشارات يمكن أن تدخل في مجال صنعة الكتاب المخطوط والاشتغال به، وبالتالي فأدبيات صنعة الكتابة كثيرة جدا، وهذه الكتب متفرقة ومرتبطة بمجالات كثيرة؛ لذا يجب البحث فيها من أجل استخراج هذه الصنعة وإتقانها.

وأشار الأستاذ المحاضر إلى أنه مع جمع هذه المعلومات من مجموع ما ذكرنا من المؤلفات لا يمكننا استيعاب الوصف المادي للكتاب المخطوط، فمثلا كتب التسفير يتحدث أصحابها عن حرفة التسفير، فنقتنص منها مجموعة من العناصر التي تَكْمُنُ خلف صنعة التسفير، وقد مثل بنماذج من طرق صناعة الدفف، والبرشمان، وغيرها، ثم ختم بالإشارة إلى أن علم المخطوطات له عنصران: العنصر الأول: حفريات التقنية، مثل صنعة الورق، الكراريس، تركيب الصفحة، الزخرفة والنمنمة، التذهيب، الترتيب، التسفير.

 العنصر الثاني: حفريات نسقية، تتمثل في النساخة؛ وهي كل العناصر التي تكتب في الكتاب وليست من صلب الكتاب.

بعد ذلك أخذ الكلمة الدكتور أحمد شوقي بنبين في مداخلة أخرى بعنوان:«علم المخطوط والفهرسة: إشكالية العلاقة وآفاق الدرس»، أثار فيها مجموعة من النقاط المتعلقة بإشكالية العلاقة بين علم المخطوط والفهرسة، يمكن أن نجملها فيما يلي:

ـ أن كبار الفيلولوجيين في باريس يعانون الأمرين في تعريف الفهرسة.

ـ الباليوغرافيا تخبرنا بوجود كتاب في الكون والعالم وفي مكان ما، أما الفهرسة فهي تحدد مكان وجود الكتاب نفسه.

ـ العلامة حاجي خليفة هو أول رجل أعجمي أتحف العرب بهذه الببليوغرافيا التي تضمنها كتابه:«كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون»، وقد سبقه عالم في القرن 16م في سويسرا، وسمى كتابه: «المكتبة الدولية في القرن السادس عشر»، ثم جاء بعده حاجي خليفة في القرن 17م.

وعن الملامح الأولى لتاريخ الفهرسة، أشار الأستاذ إلى أن أول فهرس ظهر في هذا العالم، هو الفهرس الكبير الذي وضعه العالم والشاعر اليوناني بطليموس في القرن الثالث قبل الميلاد بالمكتبة الإسكندرية بمصر؛ حيث استطاع أن يحصل على عدد كبير من كتب أرسطو طاليس، ونقل بعضها إلى روما.

 وهذا الفهرس اسمه «قوائم جميع المؤلفات الهامة في الثقافة اليونانية وأسماء مؤلفيها»، وقد ضاع هذا الفهرس وبقي جزء منه محفوظا اليوم في بريطانيا، ومنهم من اعتبره فهرسا منهجيا، أي أن الرجل صنف المعرفة وقسم الكتب إلى أقسام.

أما الفهرسة في العصر الحديث، فتُعرّف بكونها: وصفَ المخطوط وتوصيفَه، لكننا لما نقرأ في مجموعة من الفهارس نجد اختلافا؛ فالمحدَثُون المختصون يقولون: هناك فهرسة مطولة ومختصرة ومتوسطة، ولا يمكن تحديد مفهوم الفهرسة إلا إذا قارناها بعلم المخطوط، فما هي وظيفة المفهرس؟ وما هي وظيفة الكوديكولوجي؟ وما هي وظيفة المحقق؟

فالكوديكولوجي يبحث عن مصدر هذا الكتاب من خلال تتبع تاريخ المجموعات الخطية.

 وإذا كان المخطوط غير مؤرخ، فلابد للمفهرس من وضع النص في محيطه التاريخي لتحديد تاريخه، وذلك بمجموعة من المعطيات، أما الكوديكولوجي فيمكنه تأكيد تاريخ المخطوط بالبحث الكوديكولوجي، أي بالتحليل المخبري للعناصر المادية للمخطوط، فإذا كانت له دراية وتجربة، عند ذلك يمكن أن يقول بأن هذا الحبر يعود إلى السنة كذا دون اللجوء إلى التحليل المخبري، كما أن من وظائف الكوديكولوجي التحقق من ملامح التزوير في المخطوط وغير ذلك.

وتحدث الأستاذ المحاضر كذلك عن أمور تجعل الكوديكولوجي يبحث عن التاريخ الصحيح؛ لأنه من المقومات الأساسية للنص، ولمعرفة تطور الخط العربي في فترة من فترات التاريخ، وذكر أن المفهرس والكوديكولوجي يلتقيان في وصف مادة المخطوط، ويختص الكوديكولولجي أيضا بدراسة العلاقة بين البردي والكاغد، والتحول من الرق إلى الورق أو الكاغد، كما يحدد التزامن من جهة بين المادتين ثم نهاية الرق وبداية الكاغد من جهة، وبعد تحديد وظائف كل من المفهرس والكوديكولوجي يمكن أن نضع مفهوماً للفهرسة.

بعد استراحة قصيرة تناول الدكتور أحمد شوقي بنبين الكلمة متحدثا في محاضرة ثالثة له عن موضوع:«تاريخ الكتاب العربي المخطوط والمجموعات الخطية»، فعرف أولا المجموعات الخطية بأنها الخزائن والمكتبات، وقال: إن لتاريخ الكتاب المخطوط، ثلاث مراحل: مرحلة ما قبل التاريخ، ومرحلة ما بعد العصر القديم، ومرحلة عصر الطباعة من القرن الخامس عشر للميلاد، هذه المرحلة الأخيرة أحدثت تحولا كبيرا في التاريخ الإنساني بشكل عام، وفي نشأة الكتاب العربي المخطوط خاصة.

وأشار الأستاذ المحاضر إلى أن كلمة «كتاب» جاءت من «الكَتْب»، وهي عند الساميين بمعنى الجمع، أي ضم الحروف بعضها إلى بعض، والكتاب في العصر القديم: النسخ، وكتّاب الوحي هم النساخ، أما الكتاب في العصر الحديث؛ فهو يرادف لفظ «مجلد» أو «كراس»، وهذه الكلمات لا تزال إلى اليوم تحتاج تدقيقاً في المعجم، وإذا أطلقنا كلمة «الكتاب» فإنه يقصد به كذلك القرآن، وإذا قلنا «الكتاب» في النحو قصدنا به «كتاب سيبويه» إلى غير ذلك.

ومصطلح «الكتاب المخطوط» لا يوجد في معاجم اللغة العربية، وقد ذُكر عرضا في أساس البلاغة للزمخشري، ثم ظهرت الكلمة في نهاية القرن الثامن عشر لما ظهرت الطباعة، وأول نص وجد بالفرنسية فيه كلمة (manuscript) كتب في القرن السادس عشر في سنة 1594م. واستعمل الوثائقيون كلمة( autographe).

ثم انتقل بعد ذلك إلى الحديث عن الخط العربي، فاعتبر أن الخط النبطي أساس الخط العربي، وهو منبثق عن الخط السرياني، أما رسم المصحف العثماني، فله ثلاث قضايا تميّزه وهي: أنه مكتوب برسم يختلف فيه المنطوق عن المكتوب، والرسم بحروف غير مشكولة، وعدم الإعجام، ويعتبر الحجاج بن يوسف الثقفي أول من وضع الحروف بنقط الإعجام، وجاء بعده الخليل الفراهيدي فغير نقط الشكل بالإعراب، وأشار الأستاذ بهذا الصدد إلى ما قاله المستشرق ذ.أوداس الذي كتب أول بحث حول الخط العربي، حيث ذهب فيه إلى أن المغاربة احتفظوا بالخط الكوفي القديم، وذلك بعد أن ظهر في المشرق خط النسخ، وهو خط سريع ينافي الكوفي فتخلى عنه المشارقة واحتفظ به المغاربة، وخط النسخ هو نوع من أنواع الخط بخلاف الخط النسخي الذي يعتبر خطا سريعا عاديا، وسماه الدكتور قاسم السامرائي بالتدويني.

أما عن شكل الكتاب العربي فيقول الأستاذ بأنه اتخذ شكل الكراس أو الكراسة، وكلمة «كراس» لا نعرف لها أصلا، والمحتمل أنها ترجمة لكلمة (codex) اللاتينية ومعناها الخشبة، ويعد القرآن الكريم أول كتاب جمع بين لوحين، وكان يدون على ورق البردي حتى اكتشف الرق وأصبح ينافس ورق البردي، رغم أنه بقي متميزا عن الرق؛ لأنه يكتب فيه من جهتين.

ثم تحدث الأستاذ عن شكل الكراس وكيف تحول شكل الكتاب من اللفافة إلى الكراس، فقبل العصر القديم ـ كما يقول ـ كانت اللفافات وبعضها كتب على الجلد، إلا أن كتابة الأدعية بقيت في اللفائف، والقرآن على شكل كراس.

وعن الأسباب التي دعت المسلمين إلى اتخاذ الشكل المستطيل للمصاحف، فأوضح أنه لما كثرت كتابة المصاحف وتميزت بذلك عن الكتب السماوية الأخرى كان لابد من شكل مميز يكتب به وهو ذاك الشكل المستطيل، وذكر بعض المستشرقين أن العرب لجأوا إلى هذا الشكل لكتابة الآيات في المساجد ولشكل صفوف المصلين، وهناك من يعتقد أن جلدة الغزال العريضة هي التي تفرض هذا الشكل؛ لأن عرضها يكون أكبر من طولها.

وافتُتح اليوم الثالث من أيام الدورة بمحاضرة عامة للدكتور الشاهد البوشيخي رئيس معهد الدراسات المصطلحية بفاس، برحاب مدرج الشريف الإدريسي بكلية الآداب بجامعة محمد الخامس، بعنوان:«البحث العلمي في التراث ومعضلة النص»، وأدرج مداخلته في العناصر التالية: وجوه المعضلة، وتحديد المعضلة، وأسباب المعضلة، وعلاج المعضلة، ومقترحات علمية لحل المعضلة.

تحدث عن العنصر الأول وهو فقال: إن البحث صعب، فإذا صار علميا صار أصعب، فإذا انضاف إلى ذلك أنه في التراث صار أصعب وأصعب؛ وما ذلك إلا لمعضلة نصّه التي لها وجوه أهمها:

أ‌-         وجه العلم بمراكز وجود مخطوطه وهو الأكثر، وللأسف لما يظهر معجم مفهرس شامل كامل يحصي ويتقصّى الأماكن العامة والخاصة، وشبه العامة والخاصة، في مختلف أنحاء العالم.

ب‌-     وجه العلم بوجود مخطوطه وأحوال وجوده.

ت‌-     وجه توثيق نسبته ومتنه؛ فكم من نصوص نسبت وتنسب إلى غير أصحابها.

ث‌-    وجه تكشيف محتوياته.

ج‌-      وجه طبعه وتوزيعه أو العلم بطبعه وتوزيعه.

ح‌-      وجه فهم ألفاظه اللغوية والاصطلاحية.

خ‌-      وجه فهم مقاله في إطار مقامه زمانا ومكانا، مخاطِبا ومخاطَبا؛ فكما أنه عند البيان “لكل مقام مقال”، فذلك عند التبين “لكل مقال مقام”.

د‌-        وجه استعصاء معظمه.

وفي العنصر الثاني وهو: تحديد المعضلة، أشار إلى أن هذه المعضلة ذات الرؤوس المتعددة كالأخطبوط تتحدى البحث العلمي في التراث تحديا؛ لأن البحث في التراث لا يكون علميا حتى يقوم على عدة أركان، أهمها:

أ‌- نصوص موثقة السند، أي موثقة النسبة إلى أصحابها؛ وذلك لتضبط الأحكام عليها انطلاقا من نسبتها، في علاقاتها المختلفة بالقائل والسامع، والعصر والمصر.

ب‌-  نصوص موثقة المتن أي موثقة العبارة التي صدرت عن أصحابها من المحققين؛ وذلك لتضبط الأحكام عليها والاستفادة منها انطلاقا من حدود عباراتها؛ لئلا يقول قائل ما لم يقل، فيقول بتقويله عصر، أو مصر، أو اتجاه، أو غير ذلك، ولا يبني بناءه على ما لم يصح، بسبب تصحيف، أو تحريف، أو بتر، أو غير ذلك، فيفسد التاريخ والواقع معا.

ت‌-  نصوص كافية للحكم بما يراد الحكم به.

وتحدث في العنصر الثالث عن أسباب المعضلة وحصرها في ثلاثة أسباب وهي:

السبب الأول: انعدام المنهجية في حركة إحياء التراث، وإن المنهجية العامة في إطار الرؤية الحضارية اللازمة لكشف الغمة وإنقاذ الأمة، تقتضي سيراً غير هذا السير، ونظاما في صرف الجهد غير هذا النظام، إنها تقتضي:

1- الفراغ من أمر الفهرسة أولا، مراكز ومحتويات.

2- ثم الفراغ من أمر التصوير والحفظ ثانيا، لجميع ما بالمراكز المعروفة من مخطوطات.

3-  ثم تصنيف المصور من متخصصين، تلبية لعدة حاجات في الزمان والمكان والإنسان والموضوعات.

4-  ثم التحقيق العلمي لصنوف المصنفات، حسب الأولويات.

5-  ثم الطبع لما حقق، والنشر في مختلف البلدان، معلنا عنه في أمهات الصحف والمجلات.

6- ولن تعجز الهمة الرسمية أو الشعبية أو هما معا، إذا نهضتا أو نهضت إحداهما، بتكامل وانسجام، أن تنجز ذلك بإذن الله تعالى، حسب مراحله في أقرب الآجال.

السبب الثاني: انعدام العلمية في تحقيق أغلب ما نشر من التراث، فالتحقيق ليكون علميا يجب أن يتحرر من ضغوط، ويستجيب لشروط، فالضغوط أهمها اثنان:

أ‌- ضغط الخبز ولقمة العيش (أو تسوية الوضعية المادية).

ب‌- ضغط المنافسة والسبق إلى السوق.

أما الشروط فخلاصتها، التقيد بقواعد التحقيق وآداب البحث، مع استقصاء النسخ، والمقارنة بينهما، والمقابلة بين المختار منها لترجيح الأصلح، وخدمة المتن في الهامش بما يعين على فهمه بالمعروف، وتكشيفه أسماءً، ونقولا، وموضوعات، ومصطلحات حتى يتيسر للمريدين، ويلذ للسالكين.

السبب الثالث: انعدام التكامل والتنسيق بين أغلب الأفراد والمؤسسات في تحقيق التراث؛ إذ التنسيق يسرع السير، ويخفف المؤونة، ويرشد الإنفاق في المال والوقت والجهد، فإذا قام أساساً على التكامل، كان الخير كل الخير.

 ثم ذكر عنصرا رابعا مهماً وهو علاج المعضلة وجعله في أمور أهمها:

1- التعاون بتكامل وتنسيق على إنشاء المعجم المفهرس لألفاظ اللغة العربية في العالم.

2- التعاون بتكامل وتنسيق على إنشاء المركز الجامع لصور المخطوطات العربية في العالم والمراكز الفرعية التابعة له.

3-  التعاون بتكامل وتنسيق على تأسيس معهد تنسيق حركة التحقيق للمخطوطات العربية(مُتَحَتِّم).

أما العنصر الخامس والأخير، فذكر فيه مقترحات عملية للخروج من هذه المعضلة وهي:

أولا: عقد مؤتمر دولي لأبرز الهيئات والمؤسسات والأفراد المهتمين بتحقيق المخطوطات للحسم في الأمور الثلاثة المذكورة.

ثانيا: اتفاق المؤتمر على خطة تحقيق ونشر علمية ومنهجية شاملة متكاملة يُلزم بها جميع المؤتمرين ومن في حكمهم.

ثالثا: اختيار المؤتمر لمقر دائم وأمين عام لمعهد تنسيق حركة تحقيق المخطوطات.

رابعا: جعل المعهد ومشاريعه وما يتصل به تابعا للقطاع الخاص، وشبه الخاص بلغة أهل الاقتصاد ليفلح.

خامسا: سن قانون ملزم بوجه ما يمنع نشر أي مخطوط دون رقم إصدار من معهد تنسيق حركة التحقيق.

بعد هذا أخذ الكلمة الدكتور محمد بنشريفة عضو أكاديمية الممكلة المغربية بالرباط، ليتحدث عن:«تجربته مع التراث»، وقد تناول قضايا عدة كشفت عن جانب دفين من تاريخ شخصية فذّة عاشت في كنف العلم والعلماء، واستنشقت عبير التراث منذ الصّبا.

ترجع بداية إرهاصات نبوغه إلى المراحل الأولى لدراسته بالكلية اليوسفية في مدينة مراكش خلال النصف الثاني من أربعينات القرن الماضي، حيث كان يعمل في غير أوقات الدروس مساعدا لكتبي مقابل السماح له بأخذ بعض الكتب لمطالعتها، كما استفاد أيضا من خزانة ابن يوسف التاريخية التي لم يكن يلقي بالا لما تحتويه من ذخائر المخطوطات.

ثم مرّ الدكتور بنشريفة بتجارب حافلة أهّلته لينصّب في مناصب عليا تدرج فيها من مفتش للتعليم الابتدائي، إلى أستاذ في جامعة محمد الخامس بالرباط بعد الاستقلال.

 وبعد حصوله على الإجازة في الآداب سنة 1960، ثم شهادة في تاريخ المغرب سنة 1961، وجهته وزارة التعليم إلى مركز اليونسكو الإقليمي لتدريب كبار موظفي التعليم ببيروت، كلّ ذلك لم يصرفه عن التطلع إلى الانقطاع إلى التراث عموما والتراث الأندلسي المغربي خصوصا، كما كان لانفتاحه على الناس أن تعرف بمجموعة من الشخصيات العلمية كان لها الأثر البالغ في حياته وعلاقته بالتراث، من أبرزهم المرحوم إحسان عباس؛ حيث كان يدعوه إلى القراءة معه في النسختين الخطيتين من كتاب الذيل والتكملة. وعند رجوعه إلى المغرب سنة 1963 شرع في تحضير رسالته عن أبي المطرف أحمد بن عميرة المخزومي، فصار يعيش مع المخطوطات في الخزانة العامة والحسنية والقرويين والأسكوريال.

وبهذه الأعمال وغيرها دخل الدكتور بنشريفة غمار خدمة التراث، فعيّن محاضرا في كلية الآداب، واشتغل بالتراث العامي بعد أن كان مشتغلا بالتراث الفصيح من خلال أطروحته عن الأمثال العامية التي كانت تحت إشراف الدكتور عبد العزيز الأهواني.

كما تمكن من لقاء فطاحل علماء التراث من أمثال محمود شاكر ومحمود الطناحي وحمد الجاسر والشيخ رضا الشبيبي وشاخت وبيرك وغيرهم من خلال إشرافه على الخزانة العامة حين كان مديرا لها، وكذلك حين كان مشرفا على خزانة القرويين بفاس، فاستفاد من ذلك أيما استفادة في خدمة التراث وإخراجه.

ومن مؤلفاته التي ذاع صيتها وانتشر: «أبو بحر التجيبي حياته وآثاره»، و«ابن رزين التجيبي حياته وآثاره»، وتحقيق الجزء الأول من كتاب «الذيل والتكملة لابن عبد الملك المراكشي»، و«شروح أندلسية غير معروفة لسقط الزند»، وغيرها.

أما آخر محاضرات اليوم الثالث فكانت بدار الحديث الحسنية، من إلقاء الدكتور عباس ارحيلة الخبير بمركز أبي عمرو الداني للدراسات القرائية المتخصصة بمراكش، الذي تحدث فيها عن موضوع:«مقدمات كتب التراث»، وبيّن في هذه المداخلة أن مقدمات الكتب صارت اليوم تطلق على ثلاثة أمور: مقدمة العلم، مقدمة التحقيق، مقدمة الكتاب.

فمقدمة التحقيق قضية طارئة في العهود الحديثة، وهي تدور حول ثلاثة قضايا تكمن في: المؤلِّف، والمؤلَّف، ومنهجية التحقيق وعمل المحقق.

ويراد بمقدمة العلم ما يمكن أن نطلق عليه اليوم الوسائل العلمية التي تمكننا من الدخول إلى رحاب الكتاب، وهي تأتي بعد مقدمات الكتاب، ويطلق عليها اليوم المدخل إلى العلم، والإضافة في مقدمة الكتاب يراد بها مقدمة للكتاب، أي جزء من الكتاب، وهي راسخة في الثقافة الإسلامية منذ عهودها الأولى، وأول من استعملها الإمام الزمخشري.

ومصدر لفظ «المقدمة» من «قدام»، أي أصبحنا نراه في صدر الكتب مع العلم أن المقدمة آخر ما يكتب، والأصل أن تكون في آخر الكتاب، ولهذا فهي مقدِّمة ومقدَّمة.

ولفظة «المقدمة» في الأول كانت لا تطلق إلا على مقدمة الجيش، وتعتبر جسراً يُعبر ليدخل إلى المجال الآخر، والمقدمة الناجحة تجعل القارئ يتجاسر ويدخل إلى الكتاب.

وأضاف الأستاذ المحاضر: إن المسلمين بشكل عام في الثقافة العربية الإسلامية استحبوا في مجال الرسائل والخطب، وفي مجالات التصنيف أن يصاغ هذا الجزء من الكتاب خاصة بصياغة جيدة محبوكة النسج، ويطلق على المقدمة أيضا ديباجة الكتاب، كما أطلقوا عليها كذلك خطبة الكتاب؛ لأن المؤلف راودته بعد انتهائه من تأليف الكتاب مشاعر معينة جعلته يصوغها بشكل مغاير للنص الذي يقدم له، فهي في اعتبار كاتبها تحتل من الكتاب محل الرأس.

وتتناول مقدمات كتب التراث التعريف بعنوان الكتاب وموضوعه، ومنهجه، وتصميمه، وهو ما صرنا نراه في الآونة الأخيرة في نهاية الكتاب، كما تتضمن معلومات تتعلق بظهور المؤلف يتحدث فيها عن: حياته، وشيوخه، وتلامذته، ومصنفاته، ونبذة عن تاريخ الكتاب.

كما أكد فضيلة المحاضر أن مقدمة الكتب ترسخت في القرن الثالث الهجري، وهناك علوم مزجت بين مقدمة الكتاب ومقدمة العلم.

وبالنسبة إلى وظائف المقدمة فحصرها في ثلاث: الوظيفة الأولى: الإخبار بالمقصود من الكتاب؟ والوظيفة الثانية: التوجيه، وهو متعلق بجانب المنهج، وكلمة منهج من الأشياء الغامضة في الثقافات، ويراد بها كل ما يتوسل به لبلوغ الحقيقة في العلم، فهو وسيلة لاستكشاف ما خفي من العلم، والطريقة التي يتلقى بها العلم. أما التصميم فيعني تحديد محتويات الكتاب. والوظيفة الثالثة: الكشف: يعني طبيعة العمل ونوعه، أما الوظيفة الرابعة فهي: الاستدراج، بمعنى إغراء القارئ بشكل فني ليقرأ الكتاب، وفي الأخير بَيَّن معنى بعض المصطلحات الموجودة في صدر الكتب مثل: «ديباجة الكتاب»، «البسملة» و«الحمدلة»، و«فصل الخطاب» بمعنى «أما بعد»، والذي يأتي بعدها هو الإشارة إلى موضوع الكتاب، يعني خطاب موضوعي للعناصر الثابتة في الكتاب، ثم يأتي عنوان الكتاب، وتجد في آخر الكتاب دعاء الاختتام بعد الكتابة في موضوع الكتب.

أما اليوم الرابع من الدورة فقد استهل بمحاضرة أخرى للدكتور مصطفى الطوبي، بعنوان: «حوامل الكتابة (الورق)»، تطرَّق فيها إلى جملة من المعارف المرتبطة بموضوع الورق، منها أن مصطلح «الورق» عام يشمل الورق والبردي والرق، أما مصطلح «القرطاس» فاستعمل خصيصا للدلالة على البردي، وكلمة صحيفة أبلغ في الدلالة على معنى ورق المخطوطة.

ويجمع أغلب المؤرخين ـ كما يقول الأستاذ ـ أن تسلي لان tsailun هو من اخترع مادة الورق في سنة 105م، من الأقمشة البالية والنباتات وغير ذلك.

وعُرفت قديما أنواع عديدة من الورق، كانت تسمى بحسب نسبتها إلى موضع صنعها مثل: الورق البغدادي، والمصري، الإفرنجي، والمغربي، وغيرها، كما كان يسمى الورق بأسماء الأشخاص مثل: الورق النوحي، الورق السليماني، الورق الفرعوني (القرطاس عند المصريين).

ولما فتح المسلمون بلاد خراسان تعرفوا على صناعة الورق بفضل السجناء الصينيين، ثم بعد ذلك ظهرت صناعة الورق واشتهرت في القرن الثاني إبان خلافة هارون الرشيد في بغداد، وغالب الظن أن الحرفيين كانوا في مصانع الورق يحاكون الصنعة التي كانت في سمرقند التي انتقلت منها الصناعة إلى بغداد، وكانت سمرقند أول حاضرة وثانيها بغداد وبعدهما الشام ومصر.

وذهب الأستاذ المحاضر إلى القول: إن الغرب الإسلامي عرف صناعة الورق منذ الأزمنة الأولى عكس ما هو متعارف، ودليله على ذلك مجموعة من النصوص مثل نص ابن أبي زرع الذي نقله الأستاذ المنوني في كتابه «تاريخ الوراقة المغربية»، فصناعة الورق انتشرت انتشارا واسعا في القرن 5هـ في دولة المرابطين لما عرفت أوج الازدهار، فمثلا فاس كان فيها حوالي 400 مصنع، وكذلك سبتة كانت تعرف بكونها حاضرة كبيرة لصناعة الورق إلى جانب فاس، ومنهما انتقل إلى بلاد الأندلس في القرن 6هـ  إلى مدينتي طليطلة وبلنسية وغيرهما، ومنها إلى جنوب إيطاليا ابتداء من القرن 7هـ/13م، وبعدها إلى فرنسا، ثم ألمانيا ثم هولندا في القرن 10هـ/16م.

والجديد في صناعة الورق في أوربا ووجوده بها هو الاستعانة بالمعامل المائية، هاته المعامل التي تطحن بها الحبوب ستصبح معامل لصناعة الورق، وفي هولندا كانت الاستعانة بالطاقة الهوائية في صناعة الورق.

وختم الأستاذ محاضرته بالحديث عن العناصر المكونة للصحيفة، منها: تركيب الصفحة، والبرشم، والمسطرة، وغير ذلك.

أما المحاضرة الثانية من هذا اليوم، فكانت في موضوع:«النساخة والنساخ (الحرفة وأصحابها)»، من إعداد الدكتور عبد الستار الحلوجي، الأستاذ بمعهد المخطوطات العربية وجامعة القاهرة، افتتحها بالتأكيد على أن الباحث ينبغي له أن يميز بين ثلاث فئات من النساخ:

1- الوراقون: وقد وجدوا منذ القرن 2هـ، مثل الشعوبي الذي كان ينسخ في بيت الحكمة للرشيد، ومهمتهم الأساسية صناعة الكتاب والاتجار فيه.

2- علماء مبرزون: لم يكونوا يتقاضون أجرا من الدولة، منهم يحيى بن عدي من أكبر فلاسفة القرن 4هـ، نسخ نسختين من تفسير الطبري، وأبو حيان التوحيدي الذي نسخ مائة صفحة في اليوم، وأبو سعيد السيرافي، وكان لا يخرج إلى التدريس إلا بعد كتابة عشرة صفحات.

3- طلاب العلم، وهم فئتان: بعضهم ينسخ لغيره، وفئة أخرى ينسخون لأنفسهم، كانوا يحضرون مجالس الإملاء.

ثم تحدث الأستاذ عن عناصر علمية وفنية مرتبطة بنسخ المخطوطة، فصفحة العنوان هي التي تحوي المعلومات الكاملة عن الكتاب، اسمه واسم مؤلفه، وقبلها نجد صفحة بيضاء يتعمد النساخ تركها لحماية النص، والعناوين التي نجدها على هذه الصفحة هي من وضع الناسخ وليس المؤلف، والكتاب العربي المطبوع يبدأ بالصفحة اليسار ما عدا القرآن الكريم.

وقال أيضا إن الورقة الأولى والأخيرة تشكل هوية المخطوط، فالأولى يوجد فيها اسم المؤلف، وعنوان المخطوط، وطريقة ترتيب المادة كما أن المقدمة تقوم بأربع وظائف هي:

1-      وظيفة صفحة العنوان.

2-      وظيفة المقدمة العلمية الدقيقة.

3-      وظيفة الفهرس.

4-      وظيفة قيمة المراجع.

ونبه كذلك إلى أن المؤلف عندما يقول في المقدمة:«وسميته…» بخط مغاير وبلون آخر، ينبهنا إلى أن هذا عنوان، فالعناوين في المخطوطات كانت لا تميز  بخط ولا بلون ولا بسطر، بل تكتب في أول السطر ويترك بعدها فراغ وتكون في سطر مستقل.

وبيَّن كذلك بعض المصطلحات الدقيقة، مثل الكتلة، وهي المساحة التي يتحرك داخلها الناسخ وتعد حاجز الكتابة، ومنها المد أو المط في الكتابة، ويرجع استعماله لأسباب منها : ضبط نهاية السطر أو تحسين الكلمة، أو إزالة الإشكال في «سبع» حتى لا تلتبس بـ«تسع»، وعلى العموم فالمد له ضوابط وقواعد تحكم أغلبَها الجمالية.

وتحدث كذلك عن المسافات بين السطور، والاختزال في الكتابة، والتصويبات والإضافات؛ فقد تجد المؤلف يكتب في الهامش تصحيحها أو تحت الكلمة مثل: السيد، يكتب حرف السين صغيرا حتى لا يظن أنها شين، وغير ذلك من الأمور الدقيقة التي حرص النساخ على إثباتها.

واختتمت الفترة الصباحية من هذا اليوم بمحاضرة ثالثة للدكتور مصطفى الطوبي بعنوان: «أنواع الكراسات وطرق تركيبها»، ذكر فيها أنّ الحديث عن صناعة الكراريس من الموضوعات الأساسية والجوهرية في موضوع المخطوطات، وتعتبر الملاحظة هي الأساس في مجال علم المخطوطات.

واستطرد قائلا: إن علم الكوديكولوجيا ينبني على التجربة (النظر في المخطوطات)، بيد أن التجربة تحتاج إلى التأكد الكمي، وهي علم مبني على عدد كبير من الشواهد، فالمخطوطات تصنع بكذا، وطريقة صناعتها كذا، إلى غير ذلك، والأمر نفسه يرتبط بصناعة الكراريس، والباحثون الغربيون قاموا بمجهودات كبيرة في هذا المجال.

وتحدث عن نموذج الكراريس عند الغربيين، وأنهم تحدثوا عن صناعة الثنائية، فهذه الثنائية تكون مصنوعة بالشكل الآتي – وقدم تطبيقات عملية لذلك – الفرخة الأولى: وهي المادة الأولى التي اتخذت لصناعة الكراس، وهذه الفرخة تطوى عدة مرات، وثنائية مكونة من صحيفتين مزدوجتين: وتطوى الجهة العليا أسفل الجهة السفلى ثم تطوى عموديا ثم تقص الأماكن الملتحمة، بحيث نبدأ ب1 وجه وننتهي ب 4 وجه، وتوجد كذلك الرباعيات المكونة من فرختين: ولابد فيها من وضع فرختين غير مفكّكتين، فرخة أسفل وفرخة أعلى، وهناك أيضا رباعيات مكونة من صحيفة واحدة، ثم تطرّق في نهاية المحاضرة إلى تسمية الكراسة التي فيها 8 صفحات يعني 16 ورقة؛ بالمَلزَمَة.

وفي الفترة المسائية انتقل المتدربون إلى رحاب المكتبة الوطنية للمملكة المغربية، لحضور ورشة عمل هناك، استهلت بمحاضرة في موضوع: «مواصفات وقيم التراث المخطوط واستراتيجية تطويره»، من إنجاز الدكتورة نزهة بنسعدون، رئيسة قسم المخطوطات بالمكتبة الوطنية بالرباط، وتشكلت مداخلتها من عناصر عديدة، ابتدأتها بتعريف المخطوط، وهو كل ما خط باليد سواء على الحجارة أو العظام أو العسب، أو الرق أو المهارق، أو حوامل أخرى متعددة، ثم أنواع الخطوط، مثل النبطي والحجازي والنسخي، والخط الكوفي القيرواني، والأندلسي، وشهد العصر المريني والسعدي والعلوي استقرار الخط في خمسة نماذج : الكوفي، والمجوهر ، والمسند أو الزمامي، والمبسوط، والخط المشرقي المتمغرب، وتحدثت كذلك عن أنواع الورق، وعرضت نماذج قديمة منها، وأنواع الأرقام، وأنواع التسفير أو التجليد، وكذا لنماذج من الزخارف التي تميز بها التسفير في شمال إفريقيا.

كما تحدثت عن المداد والحبر والألوان، والفهرسة، وطريقة حفظ المخطوطة، وختمت المداخلة بتوصيات أهمها: ضرورة خلق خلية البحث والتحقيق في قسم المخطوطات، بمشاركة مع مؤسسات مماثلة وذلك من أجل تثمين هذا التراث وإخراجه للوجود في حلة جديدة، والعمل على ربط الاتصال بمراكز ومؤسسات لها نفس الاهتمام بالتراث المخطوط وفهرسته سواء في المغرب أو خارج المغرب حتى تكتمل التجارب.

بعد هذا أخذ الكلمة الأستاذ محمود زكي، ـ الباحث بمعهد المخطوطات العربية ـ لإلقاء محاضرة بعنوان:«مدخل إلى صَنْعَة تجليدِ المخطوطِ:(قراءةٌ في التراث)»، تحدث في بدايتها عما وصل إلى أيدينا من تراث العرب في صَنْعَة التجليد، وأشهرها كتاب «التيسير في صَنْعَة التَّسفير» لبكر الإشبيلي (توفي سنة 628 أو 629 هـ)، و«صناعة تسفير الكتب وحلِّ الذهب» لأحمد السفياني (توفي بعد سنة 1029هـ)، و«كيفية تسفير الكتب» لعبد العزيز الرسموكي(ت1065هـ)، و«تدبير السفير في صَنْعَة التَّسفير» لابن أبي حميدة، و«عُمدة الكُتَّاب وعُدَّة ذوي الألباب»، و«المختَرَع في فنونٍ من الصُّنَع»، المنسوب للملك المُظفَّر، وغيرها.

وتطرق في مداخلته إلى بعض القضايا المرتبطة بفن التجليد، أهمها: الآلات والأدوات المستخدمة في التجليد، وقسمها إلى تسعة أنواع، وذكر أنه تم حصر ما يزيد عن 50 آلة في التراث العربي، فضلاً عن مسمياتها ومرادفاتها التي تجاوزت الـ 100، منها: البلاطة، والمِلْزَم، والسكين والسيف، والبيكار، وغيرها.

أما عن المواد والتجهيزات المستعملة في عملية التجليد فجعلها في ستة أقسام تبعا لموضوعاتها، وتحدث عن الدفوف، والغراء، وعن تجهيز الجلود ومعالجتها، وصباغتها، وتحضير الألوان والصبغات، والذهب، ثم ختم المداخلة بالحديث عن إجراءات عملية التجليد.

واختتمت ورشات العمل بمداخلة للأستاذ السعيد بنموسى المتخصص في تسفير الكتب بالمكتبة الوطنية بالرباط، في موضوع: «صناعة التسفير في المغرب والأندلس»، نبه فيها إلى أنّ  المغاربة كانوا سباقين لهذه الحرفة، يشهد لذلك تآليفهم في الموضوع مثل: كتاب «التيسير في صناعة التسفير» للشيخ بكر بن إبراهيم الإشبيلي الذي تميز بكونه لم يختص بوصف أساليب وفنون التسفير، بل وصف كيفية ترميم المخطوط ومعالجته وحدد غراءاً خاصاً بالترميم وغراءاً ضد الأرَضة.

وعن تقنيات التسفير أشار إلى أن أول ما يبتدئ به المسفِّر هو صناعة الدفتين، ثم المراحل الأخرى المتبعة في تسفير الكتاب من أوله إلى آخره، كما تحدث عن طريقة تزيين المخطوط بالبرشمان لما يعطيه للمخطوط من جمال وروعة، وهو أنواع: البرشمان الدالي وشكله مثلثات، والبرشمان الشطرنجي شكله مربعات، والبرشمان المضلع أي جميع أضلاعه متساوية، والبرشمان القلب شكله يشبه القلب، وكان بعض المسفرين مختصين بكتابة عنوان الكتاب أو ما يشتمل عليه الكتاب في البرشمان، وبعد النسج بالبرشمان يُكسى الكتاب بالجلد، ثم يذهب ويزخرف.

وإلى جانب التسفير الأندلسي والمغربي هناك تسفير مصري، وتسفير فارسي، وتسفير تركي، وكلها كانت تستخدم في تسفير المخطوطات، ولكل منها ميزته الخاصة.

ثم تكلم عن الطوابع المزخرفة كشكل خاتم للمخطوطات مثل: خاتم في شكل مربع أو مثمن أو العشر أو الدائرة، والخاتم المسدس أي نجمة داود السداسية التي تستعمل في المخطوط الأندلسي والمغربي، والسليماني، وكذا عن ترصيع المخطوط بالأحجار الكريمة وخاصة المصاحف، فقد استخدم المغاربة والأندلسيون في تزيينها الذهب والفضة والياقوت والزجاج الرومي والأحجار الكريمة، وتغطَّى هذه المصاحف بالسندس الأخضر، وإلى جانب التسفير والترصيع كانت تصنع محافظ جلدية لحفظ المصاحف.

وتحدث كذلك عن كيفية ترميم المخطوط المخروم الأوراق، وعن أدوات المسفر التي يستعملها في التسفير والترميم والترصيع وهي: الملزم، والتخت، والرخامة، والضابط، أي آلة البيكار، والسكين، والقرطبون، والخفيف، ومجواب، ومملسة، ومدلك، والإشفى، ومنشار، ومطرقة، ومسمار لتثبيت صفائح الذهب والفضة، إضافة إلى أنواع الأغرية التي كانت تستعمل في التسفير مثل: الأبرجمة، الدرمك، والنشا.

وبعد ذلك قام المتدربون بزيارة معرض عن لأدوات التسفير القديمة بإشراف الأستاذ السعيد بنموسى، تعرف من خلالها المتدربون عمليا على طريقة التسفير وآلياته وأدواته، حيث قام الأستاذ بتجليد كتاب أمامهم.

أما اليوم الخامس فعرف مداخلة للدكتور عبد الستار الحلوجي في موضوع:«محطات في تاريخ المخطوط ونشأته»، تحدث فيها عن تاريخ التأليف عند العرب، وأن أول كتاب ألف هو القرآن الكريم، وذكر أن تصفح المخطوطات العربية يكشف عن أمور، منها أن المخطوطات العربية لا تعرف صفحة العنوان، وأن الصفحة الأولى منه أضعف صفحة في المخطوط وإن كانت تحوي المعلومات عنه، وأن الكتابة تبدأ من الصفحة اليمين عكس المطبوع.

وذكر الأستاذ المحاضر بعض الملاحظات القيمة، منها: أن بعض العناوين تتسم بالغموض والتضليل مثل: نهاية الأرب في فنون الأدب، صبح الأعشى في ديوان الإنشاء، أما كتب التاريخ فبعضها ليست كتب تاريخ، بل هي معاجم تراجم مثل: تاريخ بغداد، لذلك لا ينبغي الاطمئنان للعناوين، ومنها: أن المؤلفين لم يُعَنْونوا كتبهم مثل: كتاب العين، والمفضليات، وغيرها، ومنها: أن مصدر المعلومات الورقة الأولى والأخيرة، فالأولى يوجد عليها معلومات تُعَرِّفُ بالمخطوط مثل: التملكات، وتاريخ المخطوط، والإجازات، والسماعات، والأخيرة فيها بيانات النشر وتكون على شكل مثلث، وتكون فيها الإشارة إلى الجزء الثاني من المخطوط إن كان للكتاب أجزاء، وقد يعيد الناسخ في نهاية المخطوط اسم الكتاب، ونهاية النسخ، ومكان النسخ.

تحدث كذلك عن أشكال التأريخ، فقد يؤرخ المؤلف أو الناسخ بحساب الجمل أو بالتأريخ التركي، وغير ذلك، وفائدة التملكات، ونوعية المتملكين، وغير ذلك مما فيه دلالة على مكانة الكتاب وقيمته.

ومما تميزت به المصاحف الأولى على حد قول الأستاذ المحاضر، أنها كتبت بالرق، بينما المخطوطات العادية كتبت على الورق، وأن المصاحف كتبت بالخط الكوفي، وبغير نقط وبغير ضبط؛ لأن الأساس هو الحفظ، وَبَيَّن كذلك ما تميزت به المصاحف الأولى إذا ما قورنت بالمخطوطات العادية، مثل العلامات الإعرابية، وتسطير الورقة من عدمه، واستعمال الرموز، والزخرفة، والتعقيبات، وما إلى ذلك.

واستهلت الفترة الصباحية من اليوم السادس بمحاضرة تحت عنوان:«فنون الزخرفة والتصوير والتذهيب في المخطوط العربي، المخطوطات المغربية نموذجا»، من إنجاز الدكتور كريم إفراق الباحث في علم المخطوطات بباريس، الذي جعلها في ثلاثة أقسام: الزخرفة، والتذهيب، والتصوير، أما عن الزخرفة، فأوضح فيها أن زخرفة المصاحف تتضمن عناصر كثيرة، إلا أن رحاها تدور حول عاملين اثنين: النباتي والهندسي، ويبقى من العسير ترجيح تاريخ دقيق لظهور العناصر الزَخرفية على صفحات المخطوط، المصاحف منها خاصة، وبيَّن امتياز المصاحف المغربية الشريفة عن نظائرها المشرقية؛ المصرية، والعثمانية، والهندية، والصينية، بتعدد ألوانها، التي تأخذ العين وتبهج النفس، وقدم نماذج عديدة لذلك، وتحدّث أيضا عن منازل الزخرفة، من تأطير وأنواعه، ولوحات استهلالية وختامية منفردة، ومقيدة، والخرطوش، والتجزئة رمز الآيات، والهوامش.

أما عن التذهيب فقد أشاد المحاضر بما نالته المصاحف الشريفة المغربية من التزيين بالمعادن النفيسة على غرار المصاحف الشريفة المشرقية، فتخلل سورها، وآياتها وهوامشها، فواصل تشير إلى الآيات الأخماس والأعشار، و رموز ترشد إلى الأجزاء: الأحزاب والأنصاف، والأرباع والأثمان التي تميزت بها عن نظائرها المشرقية، وعلامات تدل على السجدات، رسمت بماء الذهب الصافي والفضة السائلة المعينة، كما عرفت بعض المصاحف الشريفة، الخزائنية منها على وجه الخصوص، لوحات في غاية التأنق والتفنن، غالبا ما تأتي في مستهل الكتاب و آخره، إلى جانب تذهيب كلمات خاصة، كاسم الجلالة، في حين نرى بعضها، آثر نسخ القرآن الكريم جميعه، بالفضة السائلة تارة أو بماء الذهب أخرى، و يبقى هذا الأخير الغالب عليها.

وبخصوص التصوير، فقد ذكر الأستاذ أن أشهر المخطوطات العربية المصورة وأعتقها، كتاب «كليلة و دمنة».

 وبين اهتمام المغاربة بهذا الفن، وأنهم استثمروا تصاويرهم أكثر ما استثمروها في العلوم العقلية، إلا كتاب «دلائل الخيرات»، الذي نال من التصوير أوفر نصيب، وأورد نماذج مما احتوته الخزائن المغربية من مخطوطات، منها: نسخة لكليلة ودمنة في حجم كبير بخط مغربي رديء، من ممتلكات الفقيه العلامة  محمد المنوني، كتبت للباشا سعيد بن العياشي بن عبد السلام، بها ثمان صور لحيوانات مختلفة، ومن عيون المكتبة الوطنية بالرباط كتاب، «ذخيرة المحتاج في الصلاة على صاحب اللواء والتاج» لمحمد المعطي الشرقي(1180هـ)، وفيه صور تمثل سدرة المنتهى، وقلم القدرة النوراني، واللوح المحفوظ الرباني، وصور للجنان.

وبعد هذا أخذ الكلمة الدكتور عمر آفا أستاذ التاريخ بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بجامعة محمد الخامس بالرباط ليحاضر عن: «الخط المغربي: أنواعه وملامحه»، ومهد بالحديث عن أهمية الاهتمام بالتراث الخطي، باعتباره نوعاً من التمعن في الهوية وتحقيق الذات، وذكّر بأهمية الموضوع وحداثته، وبارتباط الخط المغربي عموما بالمشرقي، وقدم معالم عامة عن تاريخ الخط العربي وارتباطه بالنبطي، وعرض نماذج من الخطوط النبطية، مثل نقش أم الجمال الأولى سنة 250م، ونقش النمارة سنة 328م، وغيرها.

وقد قام العرب بتطوير الخط النبطي، ليحمل فيما بعد اسم الخط الحجازي، وهو الخط الذي كتب به الصحابة المصحف الكريم وغيره، ثم تطور وتعمم في شبه الجزيرة العربية وغيرها بفضل رسالة الإسلام، حتى وصل إلى إفريقيا وحدود برقة في جنوب ليبيا، ثم فيما بعد إلى الجزائر والمغرب الأقصى، ثم إلى الأندلس في حدود سنة 92هـ، وبعد هذا إبان فترة المرينيين، تركز الخط العربي في جامعة القرويين بفاس؛ إذ عرفت هذه الجامعة تطورا في مجال التدوين ومجال النساخة.

وهذا التركز الذي حصل بجامعة القرويين كان أساسا لتطور الخطوط من جديد، وميز بين 5 أنواع من الخط المغربي:

1-الخط الكوفي المغربي: وهو الخط الحافي والخط المركن، ويسمى بخط المصاحف.

2-الخط المبسوط: سمي بذلك لأن فيه بعض الحروف المبسوطة، ولأنه يبسط الحروف للعين ويريحها، وكتبت به جميع المصاحف المغربية.

3-الخط المجوهر: ويساعد على الإسراع في عملية الاستنساخ والتدوين.

4-خط الثلث المغربي: وأصله مشرقي.

5-الخط المسند الزمامي: يشبه الخط الرقعي، وهو يكتب بطريقة التقليد وليس بطريقة التقعيد، وجاء من الخط المجوهر.

وتوجد خطوط أخرى، منها: الخط المدمج، ويعني الجمع بين خطين أو ثلاثة خطوط بخط شخص واحد.

وعرض الأستاذ المحاضر نماذج من الخطوط وبين الفروق الجوهرية بينها.

أما اليوم السابع من الدورة، فقد استهله الدكتور محمد قرقزان خبير بالإسيسكو سابقا، بمحاضرة تحت عنوان «تجربتي مع التراث: المدرسة الفرنسية نموذجا»، وقد تحدث فيها عن تجربته في تحقيق كتاب «العمدة» لابن رشيق، وأشار في هذا الصدد إلى أن الكتاب كان قد حُقِّق من قبل الأستاذين الكبيرين محيي الدين عبد الحميد ومحمد بدر الدين النعساني، وخرجت طبعتهما مليئة بالأخطاء والتصحيف، وقد عقب عليهما الأستاذ المحاضر في مواطن كثيرة من تحقيقه؛ تزيد على 100 موضع، ونوه بتشجيع الدكتور أمجد الطرابلسي له على المضي في تحقيق الكتاب وبمساعدة منه في ذلك وتوجيه، وقد عانى الأمرين في سبيل تحقيق بغيته.

وذكر جملة من المؤاخذات على المدرسة الفرنسية، وأنه ينبغي التعامل معها بحذر، بحيث لا نسلم بكل شيء، فيؤخذ الجيد من حيث ضبط النص وما عدا ذلك فلا، خصوصا ما شاع عند بعضهم أنهم هم من أبدع علم التحقيق، والحقيقة غير ذلك، فالمسلمون سباقون إلى ذلك.

وتحدث كذلك عن تحقيق كتاب: «جواهر اللآلئ» للشنتريني، وغير ذلك.

بعد هذا أخذ الكلمة الدكتور عبد الستار الحلوجي ليتحدث عن:«صناعة التسفير وفنونها»، وقد قدم لها ببيان مفهوم التسفير، الذي هو التجليد، وكلمة التجليد مشتقة من الجلد، وهو مصطلح شائع في المشرق، أما في المغرب فيستعمل اصطلاح «التسفير»، وأول موضع من الكتاب استخدم فيه الجلد هو الكعب.

وقال: إن المخطوطات الأولى كانت تغلف ولا تجلد، وأول كتاب غلف هو المصحف الشريف، الذي أمر بكتابته سيدنا عثمان بن عفان رضي الله عنه بهدف إرساله للأمصار.

ثم عرج باختصار على تاريخ صناعة التجليد، وبين طريقة التغليف التي غلفت بها المصاحف الأولى، وذلك بوضع ثقبين في الورقة: ثقب في الأعلى وآخر في الأسفل، ثم يُعقد الثقبان بعقدة حتى لا تضيع الأوراق، وكذلك بيّن طريقة غلاف مصحف عثمان بن عفان رضي الله عنه بتفصيل تام، أما عن المواد اللاصقة فكانت تستعمل الأشراس بدل النشا.

وبعد بيانه لتجليد الكتاب وتجليد الركنين العُلْوي والسفلي الأكثر عرضة للتكسير وتبطينه من الداخل، ووضع اللسان، انتقل إلى زخرفة الغلاف بالذهب، وهذه الزخارف ـ كما يقول ـ منذ نشأتها إلى اليوم لم تخرج عن شيئين: أشكال هندسية، وأشكال نباتية، وبعد زخرفة الغلاف تأتي زخرفة البطانة واللسان بنفس زخرفة الغلاف والأركان.

ويعتبر التجليد مهنة مستقلة كان يمارسها مجلدون متخصصون، ومن أهم ما ساعد على ازدهار هذه الصناعة: تقدم صناعة الجلود التي كانت متطورة في مصر، والطائف، واليمن، وعدن، والجزيرة العربية، وغيرها. وكذا الاهتمام بالكتب المجلدة.

وفي الأخير خلص إلى أن فن التجليد من أكثر الفنون تأثيرا في الفنون الأوربية، ولذلك تفرد المسلمون بثلاثة أشياء أخذها عنهم الغرب، وهي: أن التجليد لا يصلح معه إلا التذهيب، وتفردوا بالأشكال الهندسية والنباتية، واللسان لتحديد موضع بلوغ القراءة أو المقابلة.

ثم أخذ الكلمة بعده الدكتور فيصل الحفيان في مداخلة ثالثة بعنوان:«إخراج الصفحة وكثافة النص»، مهد لها بتأريخ مسألة إخراج النص، وأنها موجودة في كتب التراث، وممن ذكرها صاحب كتاب «الخواص»، أما المصطلح الحديث فهو «التنسيق».

والإخراج في الأصل هو الإبراز ودفع الشيء، يعني ترتيب مجموعة من الأمور، بحيث تكون متناسقة بغير تفاوت، ووجد في كتب التراث مصطلح آخر هو «تنبيق» بمعنى التسطير والكتابة، فإخراج الصفحة مفهوم جمالي، بمعنى أن الناس يريدون إخضاع نصهم للجمال والرونق، وله علاقة مباشرة بإفراغ الصفحة، وبالبناء الهندسي ووضعه وفق معايير.

ويعني إخراج النص أيضا: توزيع التركيبات على فراغ الصفحة، بوجود نوع من التناسب، وتكمن العناصر الأساسية في وضع الصفحة في: الكتابة، والهوامش، والزخرفة، ثم التوازن بين العناصر، وأكد على أن إخراج الصفحة هو الجوهر الذي يكون عليه بناء النص.

وتطرق كذلك إلى مفهوم «كثافة النص» فعرفه بأنه عبارة عن عدد الأحرف في السطر وعدد الأحرف في النص، ثم بيَّن طرق التسطير، وكذا أنواع الكتابة في المخطوطات، التي لا تخلو أن تكون أفقية، أو مائلة، وبشكل قليل دائرية وخاصة في المصاحف الصغيرة، وذكر أن للتسطير ثلاث وظائف: الأولى: توجيه الكتابة واستقامتها، والثانية: الزخارف والحلي والزينات، والثالثة: تقييم حجم النص.

ويعتبر التسطير مفهوما جماليا لاحقا فرضته ظروف الرغبة في تزيين النسخ، أما القول بأن الكتابات السابقة كان ذلك مراعى فيها، فغير صحيح لأن الغرض من الكتابات الأولى كان هو الكتابة وليس الجمال.

ومن طرق التسطير التي كانت معتمدة: التسطير بالقلم، وبالمنحت، وبالطي، ثم تحدث عن الهوامش، ولخص وظائفها في عدة نقاط هي: الإشارات العلمية التي تشمل التعليقات التي ترتبط ارتباطا وثيقا بالنص، وكذا التملكات، والسماعات، والإجازات، والتوقيفات، ومسألة التزيينات والحلي خاصة في الصحائف، ثم إنها الأكثر عرضة للاعتداء؛ نتيجة تقليب الصفحات، أو الترميم، أو غير ذلك، وذكر من بين سلبيات الهوامش: ملؤها بالتعليقات مما يؤدي إلى تشويه الصفحة من الناحية الجمالية، وتعمي شكل إخراج الصفحة فيصعب تحديد النص من هامشه.

وختم بذكر بعض الأمور المرتبطة بإخراج النص، منها «المفهوم اللوني»، ويظهر خاصة في الصفحات المتقابلة، و«حرود المتن»: وهي الصفحة الأخيرة من المخطوط، ولها إخراج خاص، وتوجد ثلاثة أنواع منها: شكل المثلث والدائرة والهالة.

بعد هذا انتقل السادة المتدربون إلى رحاب الخزانة الحسنية العامرة؛ حيث استفادوا من ورشة عملية لقراءة المخطوطات والتعامل معها.

واستهل هذه الورشة الدكتور عمر آفا بالحديث عن «الخط المغربي»، فبدأ بتقنيات قراءة المخطوط وذلك لا يتسنى إلا بقراءة نماذج من الوثائق والمخطوطات في الخط المغربي، بهدف دراسة أشكال الحروف اليدوية التي أحدث فيها الخطاطون والنساخون تغييرات مخالفة لأعراف الكتابة المألوفة، إما بالتركيب أو بالإضافة أو بالتحوير.

ثم تطرق إلى أنواع التغييرات الحاصلة في أداء الخطوط وحصرها في ستة وهي:

1-التغيير الناتج عن التصرف في تركيب الحروف.

2-وصل الحروف الستة التي لا تتصل بها لواحق، وهي:(أـ د ـ ذ ـ رـ زـ و).

3-وصل النقط الثلاث لحرف واحد أو لحرفين متتابعين.

4-التغيير في صور الحروف المتشابهة (د ـ رـ ن) و(د ـ ك).

5-التغيير في الحروف الأخيرة المخطوفة، مثل: الدال.       

6-التغيير الناتج عن الإضافات اللاحقة بالحروف.

وتحدث عن الإضافات، من قبيل إضافة حروف (ا ـ و ـ ي) مصغرة لإشباع حركة الفتحة والضمة وكسرة في آخر بعض الكلمات، وإضافة نقطة مكبرة رمزا: للإمالة أو الإشمام أو الاختلاس أو البدل، وهي ملازمة لخطوط المصاحف في قراءة ورش.

وإضافة ثلاث نقط ـ فوق أو تحت ـ بعض الحروف العربية، لأداء حروف في اللغة الأجنبية أو في اللغة الأمازيغية، مثل: (ﭪ ـ ﯔ ـ ﭗ) (V.G.P) ڝ ڕڲ جّ.

وإضافة حركة الوصل على ألف الكلمة اللاحقة للدلالة على الحركة السابقة، فترسم: (الفتحة في أعلى الألف والضمة وسطه والكسرة في أسفله).

والتغيير في رسم الحروف بتجويدها، مثل: (الياء الراجعة بدل الياء المقصورة، ورسم الكاف فوق النبرة، وكتابة لفظة اللام فوق حرف اللام، ورسم الطاء عينا متوجة).

ثم ختم الدكتور محاضرته بإعطاء أمثلة تطبيقية عن كل نوع من التغييرات السابقة، بقراءة نماذج بعض الوثائق والمخطوطات المرفقة التي تبين فن الخط المغربي، مع عرض نماذج من الأنواع الخمسة للخط المغربي: الخط الكوفي المغربي، الخط المبسوط، الخط المجوهر، خط الثلث المغربي، الخط المسند الزمامي.

ثم أخذ الكلمة بعده الدكتور محمد سعيد حنشي الباحث بالخزانة الحسنية، الذي تحدث عن «فنون المخطوط»، وعرض بدايةً للمحة تاريخية عن الخزانة الحسنية التي تعتبر من أقدم الخزائن، وقد أنشئت منذ عهد الأدارسة، وبالتحديد في عهد يحيى الرابع، وبقي هذا التقليد متداولا عند كافة سلاطين المغرب إلى الآن، حيث جرت عادتهم بإنشاء خزانة ووضع قيم على رأسها يكون عالما بالصنعة.

وتعتبر الخزانة من أغنى المؤسسات؛ إذ وصلت إلى 180 ألف كتاب، وهي تنقص وتزيد حسب ضعف الدولة أو تطورها أو حسب ما سنه الملك من وقف على المساجد وطلبة العلم. والمخطوطات في الخزانة كلها بخطوط مغربية، أما الفهارس فتستوعب جميع أصناف الكتب.

ثم تطرق الدكتور عبد المجيد بوكاري الباحث أيضا بالخزانة الحسنية، إلى الحديث عن عناصر المخطوط وفنونه، مع إبداء ملاحظات حول صناعة المخطوط، وأهم ما حوته مداخلته:

ـ التركيز على المخطوط المغربي والتعرف عليه وعلى صناعته، مع تقديم نماذج من صناعة التسفير أو التجليد، وفصل القول في مخطوطة كتاب «ذخيرة المحتاج في الصلاة على صاحب اللواء والتاج» لمحمد المعطي الشرقي، ومراحل نسخها.

ـ  صناعة المخطوط من بدايته إلى وضعه في سفر.

وعرض مجموعة من نماذج المخطوطات تم التعرف من خلالها على تطور صناعة التسفير في فاس، ومخطوط آخر كُتب بخط سلطان من سلاطين المغرب، ونموذج كناش ملحون جمعت فيه أشعار الملحون للمغاربة، كتبت بخط المجوهر، ونموذج من التسفير المغربي يرتكز على التوريق وكذا السلسلات ، وبه لسان، ونموذج مخطوط مصحف فارسي، ونموذج أوراق مائية.

وفي اليوم الثامن من أيام هذه الدورة افتتح الدكتور محمود مصري مدير المكتبة الوقفية بحلب بسوريا، الفترة الصباحية منه  بمحاضرة أولى بعنوان: تاريخ النسخة: الصيغ والقرائن والإشكاليات، استهلها بالتأكيد على أن الاهتمام بتاريخ النسخة  بحد ذاته اهتمام بالمخطوط كوعاء للدرس والتحليل، وتطرق إلى ذكر مجموعة من الوسائل التي تساعد على معرفة تاريخ المخطوط؛ من حوامل للكتابة والأحبار والأمدة والخطوط والزخارف، وخوارج النص؛ التي تشمل طرق التحمل من سماع وتوقيفات وتملكات وحرد المتن.

أما حرد المتن، فهو عبارة عن معلومات وبيانات متعلقة بالنسخة تكون في نهاية الكتاب، وهو لا يخضع لقواعد محددة، وهذه البيانات تصنف ضمن ما يسمى بخوارج النص، وتحوي تاريخ النسخة، الذي يكون في الغالب واضحاً، لكن أحيانا يكون غامضا مثل، تاريخ الجمل.

ويعبر عن التاريخ باليوم والشهر والسنة، إما كتابتها بالحروف أو بالأرقام وفي بعض الأحيان يشير إلى السنة بحساب الجمل، وبذكر الأعياد، وبالأحداث المشهورة.

أما القرائن التي يستأنس بها لمعرفة تاريخ النسخة، فمنها:

1- صفحة العنوان: وتحمل اسم الكتاب والمؤلف.

2- طرر الأغلفة: ما يرقم في الحواشي من أختام وتملكات وتوقيفات.

3- معرفة ترجمة الناسخ تعتبر مهمة في التعريف بتاريخ النسخة.

4- حرود المتن: تكون بياناتها أكثر تفصيلا وطولا.

5- وجود السماعات في المخطوطات: وتجدها في بداية المؤلف أو وسطه أو آخره.

6- التقييدات والأختام: وهي دليل مهم في تقدير عمر المخطوط ومكان نسخه.

7- القراءات القرآنية الموجودة في المخطوط تعين على معرفة زمن تاريخ المخطوط أو مكانه.

8- نظام ترتيب الأوراق أو ما يسمى بالتعقيبة.

9- تحديد مكان الوقف (مدرسة، بيت، مسجد، زاوية..)، وغير ذلك مما يعين على الوقوف على تاريخ النسخة.

وفي الجلسة الثانية أخذ الكلمة الدكتور محمد سعيد حنشي، ليحاضر عن «خوارج النص في الكتاب العربي المخطوط»، فاستهل مداخلته بالتأكيد على أهمية الاشتغال في مجال المخطوطات وضرورة التضحية بالغالي والنفيس لأجل خدمة تراث الأمة.

ثم انتقل للحديث عن خوارج النص في الكتاب العربي المخطوط فعرّفها بكونها: كل ما يحيط بمتن الكتاب المخطوط من إجازات، وسماعات، ومطالعات، وتملكات، وتحبيسات، وأختام، وتقاييد المقابلة، والإعارة، والحواشي والطرر، وتقييد الختام، والتقاييد والفوائد المتنوعة، وأبرز أهمية هذه الخوارج في علم المخطوط التي منها: الوقوف على خطوط الملوك والأمراء والعلماء والأعيان، وتأريخ النسخ الخطية غير المؤرخة، وتوثيق غير الموثق منها…، وأسهب في الحديث عن التملكات، ودورها، وصيغها التي وقف على أزيد من عشرين صيغة منها، وأنواعها، ومنها: التملك بالشراء الشرعي الصحيح الصريح وهو الأشهر في المخطوطات، أو التملك عن طريق الاستكتاب، أو الهبة.

كما تكلم عن تحبيس الكتب المخطوطة، وأهداف هذا التحبيس وصيغه وأنواعه، وعن المقابلة والمعارضة، وهو أمر واجب كما يقول، وتقليد راسخ في ثقافتنا، وعن الطرر والحواشي، ودورها، وأشكالها، وأنواعها، وعن تقييد الختام، وأهميته، ومحاذيره، وأنواعه.

وختم المحاضرة ببيان التقاييد والفوائد، وأنواعها في المخطوطات العربية، مع عرض نماذج لكل ما قدم الحديث عنه.

بعد هذه المحاضرة كان للمتدربين موعد مع ورشة عمل بالخزانة الحسنية العامرة، حول موضوع: «تقاليد النساخة»، من تأطير أساتذة الخزانة، استهل أعمالها الدكتور محمد سعيد حنشي بكلمة عن التقاليد المتبعة في النساخة، ولخصها في جملة نقاط، منها: صناعات الملزمات وصقل الورق، ثم إعداد الورق وصقله، ومثل لهذه التقاليد بمخطوطات أصلية من محفوظات الخزانة، من ذلك نموذج ورقة خاصة بجانب التسطير، ونموذج علامات إهمال الحرف، ونموذج علامات التمريض، وعلامات اللَّحَق، وعلامات الترقيم والمقابلة والضبط، وغير ذلك.

ثم تحدث بعده الدكتور عبد العالي المدبر الباحث بالخزانة نفسها، عن أنواع النساخة، وذكر منها: النساخة الجماعية بالإملاء، والنساخة الجماعية بالتناوب، وتطرق إلى أهداف النساخة؛ إذ الناسخ قد يكتبها لنفسه أو لغيره، وإلى شروط النساخة، ومنها: الأمانة العلمية.

ثم أخذ الكلمة الدكتور خالد زهري والدكتور عبد المجيد بوكاري الباحثان بالخزانة الحسنية أيضا، ليبرزا مسألة هجرة الكتاب المخطوط، وتناولا الحديث عن التقاييد وتوجيهها للناسخ، مع معاينة نماذج حول خوارج النص في أوراق مخطوطة، وعرض نموذج مشرقي للوحة فارسية، ونموذج آخر حول السماع.

وخُتم هذا اليوم بمحاضرة رابعة من إعداد الدكتور محمود مصري، وسمها بـ: «خوارج النص والوظيفة الكوديكولوجية»، بدأها بجملة عناصر تشكل موضوع المداخلة، وأولها مسألة توثيق المخطوط، وتشمل التوثيق الداخلي، وضمنه أقسام؛ أولها: التوثيق من خلال النص، ويتضمن كون النسخة بخط مؤلف أو بخط عالم ثقة متقن، أو يشمل المعلومات الموجودة في مقدمة النص المخطوط، أو القرائن التي تعتمد على ذكر الشيوخ والتواريخ والأمكنة والنقول وغير ذلك في النص، وثانيها: التوثيق من خلال خوارج النص، ويتضمن ما له صلة بالنص، ويشمل كذلك المقابَلة على نسخة المؤلف أو نسخة ذات قيمة علمية.

وتحدث كذلك عن خوارج النص مما لا صلة له بالنص: ويشمل: غرر الأغلفة وما عليها من تملكات، ووقف، وأختام، وحرد المتن، وضبط تسلسل أوراق المخطوط.

وبخصوص التوثيق الخارجي، فيضم: التوثيق من خلال دراسة العناصر المادية للمخطوط، وكذلك الاستعانة بالمصادر والمراجع، أما توثيق المخطوط بطرق التحمل، فيشمل التوثيق بالسماعات، وبالقراءات، وبالإجازات، وبالوصية.

وبخصوص أنواع الإجازة، فذكر منها: أن يجيز الشيخ لشخص معين أو أشخاص معينين كتابا يسميه أو كتبا يسميها لهم، أو إجازة من معين في غير معين، مثل أن يقول: أجزت لك أن تروي عني ما أرويه، أو الإجازة العامة، كأن يقول: أجزت للمسلمين أو الموجودين، وغيرها.

وذكر كذلك جملة مصطلحات تتعلق بطرق التحمل، منها: المُسْمِع، أو المسَمِّع (في حال السماع)، والمسمَع أو المسمَّع (في حال العرض)، وقارئ الأصل، وكاتب السماع أو الطّباق، ويشترط فيه: الأهلية، والأمانة، والتحري، والدقة.

وبخصوص تثبيت التوثيق على المخطوط، فيكون عادة في نهاية النص، وهو الأكثر، أو فوق سطر التسمية، أو حاشية الورقة الأولى من الكتاب، أو على ظهر الكتاب.

وتحدث الأستاذ المحاضر كذلك عن فوائد التوثيق بخوارج  النص من خلال طرق التحمل، فذكر فوائد توثيقية تتعلق بالنص مباشرة، مثل تأكيد اسم المؤلف واسم الكتاب والعلماء الذين قرئ عليهم الكتاب، وإسناد الكتاب إلى المؤلف، والرواة الذين سمعوا الكتاب، وقد لا نجد كثيراً منهم في كتب التراجم، وكذلك فوائد توثيقية أخرى، مثل: معرفة البلاد التي قرئت فيها الكتب، وتاريخ القراءة فيها، وتتبع رحلة المخطوطات، وشيوخ المساجد أو المدارس التي قرئت فيها الكتب، وتاريخ وجودهم فيها، والكتب التي قرئت في مسجد معين أو مدرسة معينة، وتاريخ قراءة هذه الكتب، وبالتالي تتبع النهضة العلمية في مسجد معين أو مدرسة معينة، وغير ذلك من الفوائد.

وفي اليوم التاسع من الدورة التدريبية، قام المتدربون برحلة علمية إلى خزانة القرويين بمدينة فاس، عاينوا من خلالها أصول المكتبة وذخائرها وبعض المصورات الميكروفيلمية وغيرها، وقدمت لهم معلومات عن تاريخ المكتبة والمسجد الجامع بها، ودورها في الإشعاع التاريخي والحضاري للغرب الإسلامي منذ تأسيسها.

وشكل اليوم العاشر خاتمة أيام الدورة التدريبية، استهله الدكتور محمود مصري بمحاضرة عن «قواعد تحقيق النصوص عند المحدثين»، تناول في بدايتها مفهوم التحقيق، وعرف الكتاب المحقق بأنه: هو الذي صحّ عنوانه واسم مؤلفه ونسبته إليه، وكان أقرب إلى الصورة التي تركه عليها صاحبه.

وأكد الأستاذ المحاضر على أهمية المنهج الذي سلكه المحدثون في سبيل ضبط النص وتوثيقه، فقد استنوا الضبط الكامل، وأطلقوا مصطلحات وساروا عليها، ولا يكون الكتاب مقبولا عندهم إلا إذا خضع لها، واعتمدوا كذلك الرواية بالمشافهة، وهي نوع مهم من التحقيق، وكان دافع المحدثين إلى هذا الضبط، صيانة الوحي من التحريف، وهذا ما أثمر علم تحقيق النصوص عند العلماء المسلمين.

ومثّل لمنهج المحدثين بمجموعة من الدواوين التي هي أصل في هذا الباب، وتجسد منهجهم، وتبين اصطلاحاتهم، من قبيل: كتاب «المحدث الفاصل بين الراوي والواعي» للرامهرمزي، و«جامع بيان العلم وفضله»، لابن عبد البر ، و«الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع»، و«تقييد العلم» و«الكفاية في علم الرواية» ثلاثتها للخطيب البغدادي، و«الإلماع إلى معرفة أصول الرواية وتقييد السماع»، للقاضي عياض، و«معرفة علوم الحديث» لابن الصلاح، و«الاقتراح في بيان الاصطلاح» لابن دقيق العيد، و«تذكرة السامع» لابن جماعة، و«تدريب الراوي» للسيوطي، وغيرها.

ولخص جملة المباحث التي تناولتها هذه الدواوين في: مقابلة النسخ، وإصلاح النص؛ بعلاج النقص أو الزيادة، أو المكرر، وضبط النص، وصنع الحواشي، واصطلاحات الكتابة، والكتابة والخط والقلم، والتبويب والتصنيف، وغير ذلك مما أبدعت فيه أنامل المحدثين. وختم الأستاذ ببيان هذه العناصر التي تناولها المحدثون في مؤلفاتهم.

وفي الجلسة الثانية التي كانت بالمقر القديم للمكتبة الوطنية قَّدم الدكتور أحمد شحلان أستاذ التعليم العالي سابقا بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بجامعة محمد الخامس بالرباط، محاضرة بعنوان: التراث العربي بالحرف العبري، قدم خلالها لمحة تاريخية عن وضعية اليهود والثقافة اليهودية على العموم إبان الحكم الإسلامي، لا سيما ببلاد الأندلس؛ حيث نهلوا من التراث الإسلامي وعلومه، واستفادوا من الوضع السياسي، وازدادت مكانتهم بتلك البلاد، فدبروا أمور الاقتصاد والدولة وعلاقاتهم الخارجية.

وتطورت بالضرورة ثقافتهم العبرية، ووضعوا أسس علم اللغة العبرية بما استفادوه من أئمة اللغة؛ نحوا وصرفا وأدباً، حتى نظموا الشعر العبري، فنجم عن هذا كله تعدد صنوف التراث العبري، وزادوه إثراءاً بنقل التراث المغربي والمشرقي إلى العبرية، فتمتع اليهود بمعارف اكتسبوها من نفس مصادر علماء المسلمين.

ومن الظواهر التي عرفها التراث العبري ـ كما يقول الأستاذ المحاضرـ وجود التراث الإسلامي العربي في كتب ألفها يهود باللغة العربية وبالحرف العبري، وهذا يبرز مدى التأثير والتأثر بين الثقافتين العربية والعبرية.

وختمت الدورة بمحاضرة أخيرة في موضوع: سؤال التراث، من إعداد الدكتور فيصل الحفيان، الذي بين أن سؤال التراث هنا لا يتطلب جواباً وإنما هو إشكالية، وفي هذا الصدد أكد على ضرورة التمييز بين التراث واللغة، فهذه الأخيرة حاملة للتراث، والتراث جوهرها وكنهها، وعدّد من خصائص التراث التي منها: أنه تراث أمة، وتاريخ، وجغرافيا، وتراث فكري مفتوح.

وأبرز أن مشكلتنا مع التراث هي مشكلة قديمة وجديدة في آن واحد؛ يعاني منها العقل العربي والإسلامي، ألا وهي مشكلة الثنائيات: الدنيا والآخرة، النقل والعقل، الشرق والغرب، الأصالة والمعاصرة… وقد تكون هذه الثنائيات غير متعارضة في حد ذاتها.

وتطرق الأستاذ المحاضر كذلك إلى مفهوم التراث فأكد على أن هذا المفهوم يحتاج إلى إعادة بناء؛ إذ التراث مكون من عدة عناصر، وهي: الوعاء، والنص، وبيئة النص، ورؤية النص.

وتوقف عند سؤال الخصوصية وكيفية التعامل مع التراث، فهذا الأخير له كينونة تاريخية، وعليه يمكن تصنيف العلاقة إلى أمرين: الأول: طبيعة العلاقة، والثاني: التفكير في التراث، وهو أمر يتطلب مجموعة عناصر، منها: النظر الكلي، والعلمية، والموضوعية، والإفادة والاعتبار.

ومن جملة الأسئلة التي أثارها كذلك، سؤال الفهم، إذ لابد من الأخذ بعين الاعتبار أن التراث متنوع ومختلف، وأحيانا متناقض، لذلك لا بد للباحث في هذا التراث أن يتجنب صفتي الانتقائية والأحادية؛ لأنهما أخطر معرقل لفهم التراث.

ومن هذه الأسئلة أيضا سؤال القراءة، وذكر أن للتراث مجموعة قراءات، أهمها: القراءة النقدية، وهي إيجابية؛ إذ تفرق بين الجيد والرديء، وقراءة نقضية، وهي التي تروم هدم التراث، والغاية والوسيلة عندها سواء طالما الهدف هو النقض والهدم وليس البناء.

أما عن سؤال الوظيفة بالنسبة للتراث فيمكن تلخيصها في أمرين: سؤال الوجود بالمعنى البيولوجي، وسؤال الشهود بالمعنى الحضاري، وتوجد أربع مجالات لخدمة التراث: مجال الكشف عنه، ومجال التعريف به، ومجال التحقيق، ومجال الدرس.

وبخصوص العمل في التراث، فإنه يخضع لأولويات، منها: أولوية النهضة، ووأولوية العقلانية المرتبطة بالإيمان، وأولوية العلم، والاجتهاد، وأولوية النصوص المرتبطة بالعدل الاجتماعي، وأولوية أدب الاختلاف، وغيرها. وخلص المحاضر إلى أن أسئلة التراث شاملة غير قابلة للتجزيء.

وفي الفترة المسائية من هذا اليوم خضع المتدربون لجلسة تقويمية من طرف لجنة من الأساتذة المحاضرين، وبعد ذلك وزعت عليهم الشهادات التقديرية، وكان ذلك مسك ختام هذه الدورة التكوينية المباركة.

روبورطاج حول دورة المخطوط العربي

‫3 تعليقات

  1. بارك الله في جهودكم ونفع بكم، هل بالإمكان المشاركة بحضور ما تقومون به من دورات في مجال التحقيق وعلم المخطوطات ؟

اترك رداً على عبداللطيف بن صالح إلغاء الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق