مركز دراس بن إسماعيل لتقريب المذهب والعقيدة والسلوك

تقرير : ندوة “المذهب المالكي في سياقاته المعاصرة”

 إعداد مركز دراس بن إسماعيل لتقريب المذهب والعقيدة والسلوك

 

شكل المذهب المالكي بأصوله وفروعه تجليا كبيرا ورافدا هاما من روافد الثقافة الإسلامية بمختلف أبعادها الدينية والاجتماعية والاقتصادية إذ هو منظومة إنسانية متكاملة لما امتاز به من أصول تتأسس على مراعاة أحوال الناس في معاشاتهم اليومية ومحاولة معالجة قضاياهم ومشاكلهم عبر إيجاد الحلول للنوازل الطارئة والمستجدة في أحوالهم. وهذه الحال كانت مواكبة وملازمة للمذهب المالكي عبر مختلف الفترات التي مرت منها الأمة الإسلامية مما يعني أن لهذا المذهب قدرة فائقة على مواكبة المستجدات ومسايرة التطورات واستيعاب مشاكل العصر وإيجاد الحلول المناسبة لها وهو ما نعبر عنه إجمالا بالسياق، وإدراكا لأهمية هذا العنصر انعقدت الندوة الدولية التي نظمها كل من الرابطة المحمدية للعلماء، والمركز الأكاديمي للثقافة والدراسات، والمؤسسة العلمية الكتانية في موضوع “المذهب المالكي في سياقاته المعاصرة” برحاب قصر المؤتمرات بفاس. أيام الثلاثاء والأربعاء والخميس 21، 22، 23 ربيع النبوي 1433هـ/ الموافق 14، 15، 16 فبراير 2012م، وفيما يلي تقرير تفصيلي عن أشغال وأطوار هذه الندوة العلمية التي اشتملت على تسع جلسات؛ كما تم تدشين خمسة معارض على هامش أشغالها وهي على التوالي:

أولا: معرض مطبوعات الرابطة المحمدية للعلماء وفروعها والذي ضم إصدارات الرابطة ومراكزها.

ثانيا: معرض المخطوطات الأمازيغية في الفقه المالكي الذي ضم تراثا أمازيغيا مخطوطا نفيسا في الفقه المالكي كتب بالحرف العربي وينتمي إلى منطقة سوس.

ثالثا: معرض صور لبعض مخطوطات الخزانة الحسنية لكتاب الموطأ والذي ضم مصورات من مخطوطات لكتاب الموطأ للإمام مالك.

رابعا: معرض مطبوعات المجلس العلمي المحلي بفاس والذي ضم مجموعة من إصدارات هذا المجلس .

خامسا: معرض المطبوعات الصادرة باللغات الأجنبية في الفقه المالكي، والذي ضم مجموعة من المؤلفات في الفقه المالكي المكتوبة باللغات الأجنبية.

   كما تميزت بافتتاح كرسي دراس بن إسماعيل برحاب جامع القرويين لتدريس الموطأ والمدونة.

 

وقد تميزت الجلسة الافتتاحية بحضور العديد من العلماء الأجلاء والأساتذة الباحثين من داخل المغرب وخارجه، بالإضافة إلى حضور السيد والي جهة فاس بولمان، وعدد من الفعاليات. وقد ترأس هذه الجلسة الدكتور حمزة الكتاني عضو الأكاديمية الإسلامية للعلوم ورئيس المؤسسة الكتانية الذي أعرب في كلمته عن سعادته بتنظيم هذه الندوة مؤكدا على وازنية موضوعها في الوقت الراهن إذ إنه إبراز لمكانة المذهب المالكي من حيث مواكبته للمستجدات والقضايا الطارئة على اختلاف سياقاتها ومقتضياتها، وهو ما يبرّر تشبث المغاربة بالمذهب المالكي على مرّ العصور. منوها بالمكانة العلمية التي يحظى بها السادة العلماء المشاركون في هذه الندوة الذين جاؤوا من مختلف قارات العالم؛ وهو ما يعطي قيمة مضافة لهذه الندوة بالإضافة إلى قيمتها الموضوعية وراهنيتها، بعد ذلك أعطى الكلمة إلى فضيلة الدكتور أحمد عبادي الأمين العام للرابطة المحمدية للعلماء الذي أبرز بدوره قيمة المذهب المالكي ضمن النسق الاجتهادي الكلي للإسلام وتميزه وتفرده في هذا المجال، وذلك عبر جملة من الخصائص والميزات الموضوعية والمنهجية والسياقية، مما أهله للريادة محليا وعالميا طيلة عقود من الزمن وإلى الآن في مجال الاجتهاد الفقهي، مبرزا جملة من هذه الخصائص والأصول التنزيلية التي تعامل بها الإمام مالك مع مقتضيات الوحي الكريم، وهو ما أعطاه قدرة للتحاور معه واستنباط الأحكام بفعالية كبيرة تراعي متطلبات الواقع من خلال الإلمام والإحاطة بتفاصيله المحيطية والاجتماعية والعرفية التي لطالما كان المذهب المالكي مراعيا لها ومنفتحا عليها. ومن أهم هذه الأصول؛ الاستحسان، وفتح الذرائع، وسد الذرائع، والمصالح المرسلة، وعمل أهل المدينة؛ فالمذهب ـ حسب فضيلته ـ تشكل في مكان الوحي بكل مكوناته الطبيعية. وهو ما أهله لأن يستوعب سياقات هذه البيئة بكل تفاصيلها، كما تمكن من مواكبة باقي السياقات والمستجدات الطارئة لاحقا عبر اجتهادات أقطاب العلماء المالكية المبدعين. وهو ما يستدعي منا اليوم ـ حسب قول الأستاذ ـ إعادة النظر في طرق تنزيل المذهب المالكي واقعيا بما تتطبله سياقاتنا المعاصرة من اجتهادات تواكب التطورات التي أصبح يحظى بها العالم المعاصر، وذلك بإعادة النظر في التراث الفقهي المالكي والبحث في تجدده وآلياته بأصوله النقلية والعقلية. وبما تأسس عليه من مبدإ أعظم هو المحبة النبوية التي انطبع بها هذا المذهب عبر سلوكيات صاحبه وهو ما من شأنه أن يوحد الأمة ويقضي على كثير من خلافاتها وتوتراتها. وفي الأخير عبّر فضيلته عن التطلعات والآمال المعقودة على أمثال هذه اللقاءات، في النهوض بالمذهب المالكي وجعله يأخذ المكانة اللائقة به في خضم التحولات الراهنة.

في حين تركزت كلمة فضيلة الدكتور محمد الروكي رئيس جامعة القرويين حول مميزات المذهب المالكي وخصائصه المتمثلة أساسا في سعة أصوله وعمقها، وكثرة قواعده ودقتها، وتعدد الأقوال الفقهية والآراء الاجتهادية لعلمائه وغيرها من الخصائص، مما جعله أغنى المذاهب الفقهية، فاهتم به العلماء، ودونوا الكتب والمصنفات، ونشط عندهم الاجتهاد الفقهي فاستوعبوا به قضايا حياتهم ونوازلهم المختلفة، وهو اليوم كما يقول فضيلته يثبت جدارته العلمية بصموده أمام تحديات الواقع المعاصر بقضاياه الشائكة، ومستجداته المتنوعة في جميع ميادين الحياة الاجتماعية والاقتصادية وغيرها.

وفي كلمته بالمناسبة  أعرب الدكتور محمد آيت المكي نائب رئيس جامعة سيدي محمد بن عبد الله، عن سعادته لحضور هذه الندوة المنظمة من طرف الرابطة المحمدية للعلماء بالرباط والمركز الأكاديمي للثقافة والدراسات بفاس والمؤسسة العلمية الكتانية بالرباط، مؤكدا على أهمية موضوعها خاصة أن المذهب المالكي والذي يعتبر اختيار المغاربة منذ عصور متتالية إذ اعتبر ضامنا للاستقرار، مؤكدا على مسألة التعايش ونبذ التطرف وتحقيق التقارب والانفتاح على المذاهب الأخرى، فالمذهب المالكي بكل ما يتسم به من مرونة وقابلية للتكيف مع المستجدات والمحدثات كفيل بأن يحقق الوحدة العقدية ويعطي للدولة هيبتها، ويضمن لها الأمن والاستقرار، وهذا ما يجعل المغاربة يتشبثون بالمذهب المالكي لمراعاته مختلف السياقات المعاصرة.

 أما الدكتور عبد الحنين بلحاج نائب عميد كلية الآداب بالقنيطرة فقد أبان هو الآخر عن سعادته بحضور هذه التظاهرة العلمية، وأعرب عن تقديره وتثمينه لمجهودات اللجنة المنظمة الساهرين على إنجاحها، وكذلك المشاركين فيها علماء وأساتذة وباحثين من مختلف الأقطار، واعتبرها فاتحة خير وفرصة لتبادل وجهات النظر في الموضوع، كما اعتبر فرصة لتكريس انفتاح الجامعة على محيطها.

من جهته تطرق الوازاني البردعي عن المجلس العلمي المحلي بفاس في كلمته إلى مميزات المذهب المالكي التي تتجلى في مراعاته للمصالح، وسده للذرائع، ورحابته وانفتاحه على المذاهب الأخرى، ومرونته في القضايا الشائكة، ووسطيته واعتداله في أحكامه، وقابليته للتطور والتجديد، ومواكبته للعصر في ظل الشريعة.

في حين أشاد السيد محمد الملوكي نائب عمدة مدينة فاس  بمدينة فاس التي تعتبر منارة العلم ومقصد العلماء، وبفضل دعاء بانيها المولى إدريس وعراقة سكانها وتبحر علمائها ورجالها أصبحت محجا للحوار و فضاء للتجليات الصوفية، كما أشار كذلك لأهمية محاور الندوة التي ستناقشها على مدى ثلاثة أيام نخبة من العلماء والأساتذة والباحثين المهتمين من خلال مواضيع قيّمة، كانفتاح المذهب المالكي على المذاهب الأخرى، ونبذ الاختلاف والتفرقة وكذلك إظهار دور المذهب المالكي في تحقيق الأمن العقدي والروحي والاستقرار مما يجعل من دعاء المولى إدريس لها و لسكانها ورعاية صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله لها أمانة في أعناق الجميع.

وختمت هذه الجلسة بمداخلة الدكتور عبد الله بنصر العلوي رئيس المركز الأكاديمي للثقافة والدراسات بفاس الذي تحدث عن أصالة المذهب المالكي وثرائه الفقهي وتنوع أصوله وقواعده، مما جعله من أكثر المذاهب الإسلامية انفتاحا وتجددا، وتداولا على صعيد الدراسات والبحوث الأكاديمية المتخصصة. وأشار إلى أن الفقهاء والعلـماء قد عكفوا على هذا المذهب يتدارسون القضايا المتصلة به ومسـائله وتراثه، مما ترك دراسات وبحوثا غنية، عنيت بالتحام هذا المذهب بسياقاته المعاصرة،  كما كان في سالف تاريخه. وأوضح من جهته أن انتشار الإسلام في كل بلاد العالم، والصلة الوثيقة بين المذهب المالكي وأوجه الثقافة المعاصرة وخصوصا في مجال القانون العام والخاص، ومناهج العلوم الاجتماعية، علاوة على القضايا الاقتصادية، كل ذلك يعد أكبر دليل على ارتباط الفقه المالكي بالجوانب الحيوية للواقع المعاصر.

ثم بعد الجلسة الافتتاحية توزعت الندوة على ثمان جلسات، اختصت الجلسة الأولى بموضوع: المذهب المالكي والأمن العقدي والروحي، وترأسها الدكتور محمد السرار رئيس مركز ابن القطان للدراسات والبحوث في الحديث الشريف والسيرة النبوية بالعرائش، تقرير الأستاذة أسماء المصمودي باحثة بمركز دراس بن إسماعيل.

 افتتحت هذه الجلسة العلمية بمداخلة الدكتور محمد المختار ولد باه: “المنهج العقدي للمذهب المالكي، وركزها في إعطاء لمحات عن الترابط القائم بين العقيدة والفقه المالكي عند علماء أصول الدين، وقد بيّن الأستاذ موقف الإمام مالك من مسائل العقائد وأصول الدين، وعلاقة المالكية بمذهب أبي الحسن الأشعري، وخصائص هذا المذهب بالمشرق عند الباقلاني وابن مجاهد خصوصا، وكيف انتقل إلى المغرب على يد عدد من العلماء، وبعض المواقف لشيوخ المالكية في هذا الباب كالإمام القابسي وأبي عمران الفاسي الذي عُدّ ممن جمع بين الأشعرية والمالكية فيما يمكن تسميته بالأشعرية الأثرية، التي أنتج دخولها إلى المغرب كبار متقدمي المتكلمين على منهج أهل السنة؛ كابن النعمة، وابن الحوات، والباجي، وأضرابهم . ولئن كانت العقيدة قد انفصلت عن المذهب مع ابن تومرت والموحدين، فإنها عادت مع الإمام السلالجي إلى المذهب وتلازمت معه منذ الإمام السنوسي ومدرسته. 

أما مداخلة الدكتور محمد آي “المذهب المالكي والتصوف ـ ابن عجيبة نموذجا”، فقد عرض فيها صورة موجزة عن منهج الشيخ ابن عجيبة في التفسير الفقهي لآيات الأحكام من خلال تفسيره المسمى بـ “البحر المديد”؛ الذي يعتبر تفسيرا جامعا بين التفسير الظاهري و التفسير الإشاري، فبيّن أن إمعان النظر إلى منهج الشيخ  ابن عجيبة في هذا التفسير، يجعلنا نلمس أن المؤلف فقيه مالكي يهتم بتقرير مذهب المالكية، غير أنه لا يدخل في التفاصيل، إذ ليس الغرض من تأليفه، العرض التفصيلي لتفسير الآيات من جهة الفقه، بل مراده تربية النفوس، كما بيّن ذلك هو نفسه. كما نبّه الأستاذ المحاضر إلى أن ما ميّز معالجته للقضايا الفقهية هو عدم تعصبه لمذهب الإمام مالك رحمه الله. وذلك أنه أحياناً يرجح رأي مذاهب أخرى غير مذهب الإمام مالك، عندما يرى أن أدلتها أقوى من دليل مذهب الإمام مالك رحمه الله. ثم وضّح فضيلته بعض الإشارات الصوفية المستنبطة من آيات الأحكام. إذ هذه الإشارات تحتوي على البعد الروحي لهذه الأحكام كما تحتوي على بعض الإيضاحات التمثيلية وفقاً للمبادئ الصوفية. كل ذلك فيه دلالة على منحى الجمع والتوفيق بين المذهب المالكي والمشرب الصوفي عند الشيخ ابن عجيبة المالكي الشاذلي.

     أما المداخلة  الثالثة للدكتور محمد بنصر العلوي فعنوانها: “دور العقيدة في الأمن النفسي عند الإمام مالك” حيث أبرز الأستاذ فيها أن حرص الإمام مالك على اعتبار العقيدة أساسا في بناء مذهبه، راجع إلى كونها بر الأمان والحافظة للكيان، وما قام عليه مذهبه من أصول وفروع موسوم بظل العقيدة التي يدين بها وحريص على تثبيتها، ولذا نجد عنده كثيرا من الردود الصارمة والمواقف الحازمة، ضد أصحاب البدع والأهواء والزيغ من أهل الملل والنحل، كالمرجئة والقدرية والخوارج والرافضة والجهمية والمعتزلة. ثم بيّن الدكتور أن الإيديولوجيات والمذاهب والعقائد أنشأت حضارات وعمرت مدائن، وهي نفسها أحدثت الخراب والدمار، لذلك فقد جاءت دعوة الإمام مالك مبنية على ثلاث مرتكزات: الإقرار والتصديق بالقرآن الكريم إذ لا يجادل ولا يؤول، الابتعاد عن الشبهات الكلامية، التأكيد على وحدة الفكر الإسلامي، ومن ثمة تغدو العقيدة الإسلامية سبيلا إلى الأمان الدائم، إذ المجتمعات التي تنعم به ـ حسب الأستاذ المحاضر ـ هي مجتمعات ذات عقيدة صحيحة سالمة، يدين بها الجميع، فلا يجد أصحاب الأهواء مكانا لهم بينهم، وقد انعكس هذا التوجه المالكي على أصل مذهبه . 

أما الدكتور عبد القادر بطار فقد حاول من خلال مداخلته الموسومة بـ “جوانب من محاسن الاعتقاد في المذهب المالكي” مقاربة خمسة محاور هي: الكلام فيما تحته عمل، أو مبدأ اعتقد ثم اعمل. وظيفة المتكلم في المذهب المالكي. مقاصد الكلام في المذهب المالكي. محاسن التصنيف العقدي في المذهب المالكي. ثم علاقة المذهب المالكي بالمعتقد الأشعري. ليخلص الأستاذ الباحث إلى أن هذه المحاور مجتمعة شكلت بعضا من الجوانب العقدية المشرقة في المذهب المالكي، إذ بفضلها تم الحفاظ على وحدة الأمة: (نظرية الإمامة)، ومواجهة الفرق المبدعة: (الرد على الشيعة والمعتزلة)، ورفض عقـيدة التكفير: (الرد على الخوارج)، وتحقيق التنزيه:(الرد على المشبهة)، والبحث عما تحته عمل: (رفض الجدل الكلامي المذموم). 

وكانت الجلسة الثانية بعنوان: المذهب المالكي والثقافة الإسلامية، برئاسة الدكتور الحسن الزين الفيلالي رئيس المجلس العلمي المحلي لصفرو، وتقرير الأستاذ عبد الرحيم السوني باحث بمركز دراس بن إسماعيل. استُهلت مداخلات هذه الجلسة العلمية بكلمة الدكتور محمد العلمي حول: “دور المذاهب الفقهية في ترسيخ الوسطية، وضرورتها في التعليم الجامعي في العالم الإسلامي”  والتي أبرز من خلالها أن المذاهب الفقهية هي مصدر الاعتدال والوسطية؛ واعتبرها مدارس للتربية العامة لتنشئة الناس على المشروعية الصحيحة، باللغة الواحدة والمعايير الواحدة، وبذلك فإن الفقه الإسلامي ـ حسب رأيه ـ هو المخول للتوجيه الديني للمجتمع، وكل العلوم الشرعية والعقلية لها دورها الذي يتبع وظيفتها، ولا يتعداه إلى مزاحمة الفقه في هذه المهمة الخطيرة، وقد تدرج الفقهاء إلى الإجماع على أن المذاهب الفقهية هي التي يجب تسليمها قيادة شؤون المسلمين في الحياة؛ ومن ثم اعتبرها البرنامج العملي للوسطية والاعتدال، والوعاء القانوني والاجتماعي الذي نفذ فيه الأئمة ما جاء من نصوص الشريعة في هذا المجال، وهو ما أبرزه من خلال أمرين أكدهما البحث، أولهما: أن نشأة المذاهب الفقهية كانت حتمية لمحاربة الفوضى التي بدت بوادرها في عهد السلف، عند اختلاط الشعوب الإسلامية، وشيوع العجمة وانحطاط الهمم، وثانيهما: أن أصول الفتوى وقواعد الكلام في الحلال والحرام قيده أئمة المذاهب وحموه من أي مدخل للغلو أو التشديد، وبالاستناد عليها تمكنت الأمة من استبعاد غير المتأهلين لهذا المنصب الخطير، وبقي الاستقرار هو الطابع الغالب على المجتمع من هذه الناحية. وفي الأخير اقترح الأستاذ طرح آراء لدعم التعليم العالي بمواد وموضوعات فقهية لتعميم الوسطية في أجيال المستقبل.

في حين ركز الدكتور أسد الله بيت مداخلته: “مبدأ عمل أهل المدينة المنورة من وجهة نظر معاصرة” حول عمل أهل المدينة  باعتباره مصدرا شرعيا لفهم الدين، لأن تأسيس الدين ـ حسب رأيه ـ  كان في المدينة المنورة، دار الهجرة، ولهذا يذهب عدد من الأئمة إلى تفضيل المدينة على مكة المكرمة؛ وأكد الباحث أنه إذا أردنا أن نفهم ما هو الإسلام فعلا، يجب أن نعود إلى هذا المصدر النقي عمل أهل المدينة. على اعتبار أن الدين لم يكن ينقل إلى الأمصار بالنظر، بل بالممارسة. وقدم الأستاذ شواهد على ذلك حيث إن عنوان كتاب الموطأ للإمام مالك يعني حرفيا الطريق المداس من قبل الكثير، فهو طريق واسع، وهو الطريق الذي اختطه ​​الآلاف من الصحابة في المدينة المنورة، وكان قصد الإمام مالك فيه تقديم توجيهات عامة للناس، ولذلك قام بتنظيمه على التبويب الفقهي، لكنه لم يحول الإسلام إلى نظام عقلاني بحت. وتفاصيل مذهبه يمكن العثور عليها في المدونات الكبرى التي دونت من قبل طلابه. وهنا أشار الباحث إلى أن اختلاف الشافعي عن معلّمه الإمام مالك كان في إطار محاولة الشافعي جعل كل المسائل الفقهية مطابقة للمبادئ العقلية؛ كان الدافع له إنشاء نظام مفاهيمي، بدلا من فهم للدين وأحكام الفقهاء من خلال وعي من تجارب رسول الله صلى الله عليه وسلم والصحابة. فعند الإمام مالك كان الدين الحياة نفسها، ولهذا يجب أن تكون علاقتنا معها قبل كل شيء علاقة حب واتباع، بدلا من علاقة مؤسسة على التحليل النقدي، فلا يمكن للدين أن يقتصر على مجموعة محدودة من القواعد، وإنما يجب أن ينظر إليه باعتباره طريقا واسعا. والفرق ـ يوضح الباحث ـ بين طريق عمل أهل المدينة والمنهج العقلي الذي يستنبط من الحديث، هو أن عمل أهل المدينة مخطط لحياة متوازنة. ومن يفهم الأولويات يفهم أن عمل أهل المدينة قد يكون أقوى من مجرد الحديث، لأنه كان المعمول به عند وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم. ففي رسالة مالك إلى الليث، قال الإمام: “ليس على أحد أن يخالف أمرا معمولا به في المدينة”. كما استشهد الأستاذ في الأخير ببعض الأقوال لفقهاء من مذاهب أخرى حول قيمة ومكانة عمل أهل المدينة كابن تيمية، وولي الله الدهلوي. وخلص في الأخير إلى أنه ربما في هذا العصر أعظم العبرة التي يمكن استخلاصها من عمل أهل المدينة هو كلمة “عمل” نفسه الذي يعني الممارسات والمعاملات وهذا ما تحتاج إليه الأمة الإسلامية اليوم. مشيرا إلى بعض المحاولات الراهنة في هذا الباب.

أما مداخلة الأستاذ سمير قدوري: “جهود علماء المالكية في محاورة أهل الكتاب”، فقد نوهت هي الأخرى بالدور الفعال الذي لعبه المذهب المالكي في تحريك الجانب النظري، خلافا لما ساد لدى البعض من كون المذهب المالكي لا يختص بالجدل ولا يعتني بفنَّي المباحثة والمناظرة للمخالف في المذهب أو في العقيدة والدين. لذلك فقد حاول الباحث من خلال مداخلته هاته الاستدلال على بطلان هذا الرأي ببيان الإنتاج المالكي الهائل في مجال الجدل مع أهل الكتاب عبر العصور، والبرهان على مكانته المميزة في سياق المؤلفات الإسلامية في المجادلة لأهل الكتاب وأثر تلك المؤلفات المالكية على غيرها من مثيلاتها غير المالكية. كما تحدث الأستاذ عن بعض زلات المستعربين في تناول جهود بعض علماء الأندلس المالكية بالدراسة، وبيّن ما في تلك الدراسات من ضعف منهجي كبناء استنتاجات خطيرة على معطيات لا وجود لها في الواقع ومنشؤها الدعاوى العريضة وقلة التحري والنقد.                                 

وختمت فعاليات هذه الجلسة بمداخلة الدكتور يوسف منكيلا: “إسهام المذهب المالكي في تطور الشعر العربي الإفريقي” التي حاول أن يجيب من خلالها عن سؤال سائد في معظم الأوساط الأدبية العربية وهو: هل للمذهب المالكي دور في تطور الشعر العربي الإفريقي؟ فحاول في عرضه إبراز بعض الملامح الكبرى لحضور المذهب المالكي في إفريقيا الغربية والأدب العربي الإفريقي، الذي هو صورة من صور الأدب العربي باعتبار أن الثقافة الإسلامية التي عاشها الأدباء الأفارقة المسلون، كان لها صلات تربط بينهم وبين مذهبهم المالكي وأدبهم الإسلامي الذي بين أيدينا وذلك وفقا للمؤثرات التي عاشوها. كما أبرز الباحث الدور المغربي في نشر المذهب المالكي في غرب إفريقيا. مبرزا أصول المذهب مع تناوله لبعض جوانبه في الشعر العربي الإفريقي، محاولا ربط المسائل الفقهية المختلفة والمتقاربة التي تناولها الشعراء لإظهار تمسكهم بالمذهب المالكي، وذلك بتسليط الضوء على محاولات شعرية، واستخدام المذهب المالكي في الشعر العربي في إفريقيا فيما يخص تطبيق المسائل الفقهية المالكية العامة. وقد قسم الباحث مداخلته إلى مدخل، ومباحث أربعة، وخاتمة، كان المبحث الأول عرضا لحالة اللغة العربية في إفريقيا والمبحث الثاني تناول الهوية الإفريقية الإسلامية، والمبحث الثالث دار حول الشعر العربي الإفريقي، والمبحث الرابع ارتكز الكلام فيه عن دفاع الشعر العربي عن الهوية العربية الإسلامية، ثم سجل الباحث في الخاتمة أهم المستجدات التي توصل إليها.

وفي خاتمة هذه الجلسة فُتح المجال أمام تدخلات الحضور التي جاءت في مجملها منوهة بالعروض وقيمتها العلمية، وطرحت بعض التساؤلات أجاب عنها السادة الأساتذة بنوع من التواصل والتفاعل الإيجابي.

أما الجلسة العلمية الثالثة فقد تمحورت حول موضوع المذهب المالكي والمدارس الفقهية وانعقدت برئاسة فضيلة الدكتورة مريم آيت أحمد أستاذة التعليم العالي بكلية الآداب جامعة ابن طفيل القنيطرة، تقرير: الدكتورة أمينة مزيغة، وضمّت أربع مداخلات:

         أما المداخلة الأولى والتي كانت بعنوان “دور المذهب المالكي في نشر ثقافة التقريب بين المذاهب في الغرب الإسلامي” فقد افتتحها فضيلة الدكتور العروسي الميزوري بتعريف “المذهب”، و”التقريب” مع التركيز على الجانب الاصطلاحي، ورصد جملة من خصائص المذهب المالكي التي منها: الأخذ بجميع الأصول، المواءمة بين العقل والنقل، قدرته بأصوله التشريعية على التوسع في استثمار الأصول المتفق عليها، أهليته العلمية واتساع معرفته بالأصول والفروع، التوسع في الاجتهاد من خلال المقاصد. كما بين إسهام المذهب المالكيّ في الغرب الإسلاميّ، وتوفقه في التّقريب بين المذاهب، من خلال مجموعة من المزايا يختص بها المذهب المالكيّ: منها عدم الاختلاف مع المذاهب الأخرى في الأصول، اعتماد مبدأي التكامل والتساند مع المذاهب الأخرى، انفتاحه على الشرائع السماوية والمذاهب الأخرى، رفض تكفير المسلمين بالذنب والهوى، احترام المذهب المالكي لمبدأ التعايش بين الأديان، وغير ذلك، كما ركز في الأخير على الحديث عن آفاق التقريب بين المذاهب وأهميته في الظروف الثقافية الراهنة من خلال مجموعة نقط منها: غرس مبدأ الإيمان بعدم وجود اختلاف بين المذاهب في الأصول، اعتبار أن اجتهادات الفقهاء إنما هي آراء وفهم بشري يحتمل الخطأ والصواب، و أن أصحاب المدارس الفقهية أنفسهم لم يتعصبوا لآرائهم، وأن الاختلاف لا يمكن جعله عقبة في طريق التقريب بين المذاهب.

        أما المداخلة الثانية والمعنونة بـ”خصوصية الأدلة المالكية وأثرها في توجيه المسائل الخلافية”، فقد تناول فيها فضيلة الدكتور عبد الحميد العلمي قضية تحتها مسألتان: فالقضية تتعلق بتصحيح النظر في مسمى الخصوصية مع بيان حضورها في الأدلة المادية. وأما المسألتان: فإحداهما لها تعلق بموضوع تتجلى بموجبه أهم الأدلة الشاهدة على تلك الخصوصية، والثانية لها ارتباط بمحمول يتبين بمقتضاه أثر ما اختصت به أدلة المالكية في توجيه المسائل الخلافية، وقد بين أن ما تم تناوله في العرض إنما كان، لإظهار أن أدلة المذهب المالكي قادرة على احتواء قضايا الأعيان، على مر العصور والأزمان.

      أما مداخلة فضيلة الدكتورعبد السلام الزياني والتي كانت بعنوان “انفتاح المذهب المالكي على المذاهب الفقهية من خلال أصل مراعاة الخلاف”،  فقد بدأ حديثه فيها بتعريف مصطلح “الخلاف”، وتقسيم النصوص الشرعية في دلالتها على الأحكام إلى ما هو قطعي الدلالة لا يحتمل إلا معنى واحدا، وإلى ما هو ظني الدلالة يحتمل معاني عدة، وأوجها مختلفة من التأويل، وقد اهتم العلماء بهذا النوع الأخير، فاجتهدوا في بيان دلالته، وتحديد المعنى المقصود منه استنادا إلى المقاصد الشرعية والمبادئ العامة التي وضعها الأصوليون للاجتهاد واستنباط الأحكام. وقد بيّن المحاضر أن اختلاف العلماء في هذا النوع من النصوص،  ترتب عليه اختلافهم كذلك في الأحكام التي استنبطوها من هذه النصوص المحتملة، لتفاوت المجتهدين الناظرين فيها من حيث سعة العلم، وكثرة الفقه، وقوة الذكاء. وقد بيّن إضافة لذلك أن الاختلاف ليس مقتصرا على الاختلاف حول الأدلة الظنية، وحول الأحكام المستنبطة بل كذلك في الوقائع التي لم يرد بشأنها نص، لأن النصوص محدودة والوقائع غير محدودة، فلا بد من الاجتهاد في النظر إلى علل الأحكام، ومراعاة المقاصد العامة للشريعة، وتحكيم كل ذلك في الوقائع والنوازل المستجدة، وفي هذا تختلف أفهام الفقهاء وتأويلاتهم وترجيحاتهم، وهو اختلاف  أقره الشرع باعتبار أنه المبني على الحجة والبرهان، وأثاب كل من استفرغ وسعه، وبذل جهده في معرفة الحق ولو بالظن، وقد تميز المجتهدون بسعة الإطلاع والموضوعية واحترام رأي الغير فكل واحد منهم مطلع على مذهب غيره، عالم بأدلته، ومن هنا نشأ “أصل مراعاة الخلاف” باعتباره أصلا من أصول المذهب المالكي الذي مكن من الانفتاح على المذاهب الفقهية الأخرى، واستثمار ثرائها الفقهي في محاولة لنبذ الفرقة والتعصب والعمل على توحيد صفوف الأمة ما أمكن.

      أما المداخلة الأخيرة لفضيلة الدكتور عبد الرزاق وورقية أستاذ التعليم العالي بكلية الآداب والعلوم الإنسانية – فاس والتي كانت بعنوان”موقف المذهب المالكي من النزعة الظاهرية”، فقد تعرض فيها إلى موقف فقهاء المالكية من الاتجاه الظاهري عبر العصور، وإلى البدائل العلمية التي أعملوها من أجل مواجهته ونقده، وبيان إلى أي حد توفقوا في تحصين أهل الغرب الإسلامي من الآراء الظاهرية الشاذة،  وقد بدأ مداخلته ببيان المقصود بالنزعة الظاهرية، مظهرا أنها من بين النزعات السلبية التي تنامت في الفكر الإسلامي عبر العصور، والتي كان لها  تأثير على بعض المتعلمين أن تعلقوا بالألفاظ دون المعاني، رافضين التأويل بإطلاق، جامدين على النصوص، دون نظر كلي يراعي المقاصد الشرعية، مما أسهم في نشر آراء شاذة، تسببت في التضييق على المسلمين في عباداتهم ومعاملاتهم، بل أشعلت فتنا خطيرة كادت تهدد المقاصد الكلية بالنقض، وقد أظهر المحاضر موقف علماء المالكية تجاه هذه النزعة ومعاناتهم من آثارها والعمل على مواجهتها إذ كان لهم دور هام في تقويم وإصلاح ذلك الانحراف الفكري، وذلك بضبط قواعد الاجتهاد الصحيح، مما دفعهم إلى تقعيد علم المقاصد، ذلك العلم الضابط لإعمال النصوص، وتنزيل الأحكام، فحصنوا بذلك الأمة من خلل فكري على جانب كبير من الخطورة.

أما الجلسة الرابعة التي ترأسها فضيلة الدكتور إدريس جويلل تقرير الأستاذ محمد الهاطي فقد تمحورت حول قضايا المذهب المالكي في الكتابات الغربية، وقد توزعت أشغالها إلى ست مداخلات، خصصت المداخلة الأولى  للنظر في بعض الترجمات المنجزة حديثا في مجال الفقه المالكي إلى اللغات الأوربية، وركز من خلالها فضيلة  الدكتور عمار الطالبي – وهو أستاذ الفلسفة في جامعة الجزائر- على ما ترجم من مؤلفات فقهية مالكية إلى اللغة الإنجليزية والفرنسية والإيطالية واستعرض المتدخل بعض النماذج من هذه الترجمات وبعض الآثار التي خلفتها هذه الترجمات في المجال السياسي، والتشريعي والثقافي، كما دعا إلى ضرورة دراسة هذه الترجمات والعمل على تقويم ما اعوج منها وتكميل بعض نقائصها.

وفي المداخلة الثاني المعنونة بـ: “مصادر المذهب المالكي المخطوطة في أشهر الخزائن العلمية الأوربية”، فقد طاف بنا المتدخل الدكتور محمد السرار في أشهر المكتبات الأوربية التي تحتفظ  بتراث مالكي مخطوط هام، ودعا المتدخل إلى المزيد من العناية بهذا التراث من خلال العمل على حصر نسخه المخطوطة حصرا شاملا، مع ترتيبها حسب الأهمية، وكذا العمل على تشجيع الطالبة الباحثين على الانفتاح على هذا التراث الموجود بهذه الخزائن، كما استعرض مجموعة من النتائج الآنية التي يمكن جنيها من وراء الاهتمام بهذا التراث.

وفي المداخلة الثالثة المعنونة بـ: الفقه المالكي والتصوف في غرب إفريقيا التأويلات الفقهية للشيخ السينغالي إبراهيم نياز للأستاذ زاخي رايت -وهو أستاذ الدراسات الإسلامية في جامعة نورث وسترن الأمريكية في دبي الإمارات- الذي استعرض بعض القضايا المرتبطة بعلاقة التصوف والفقه في الغرب الإفريقي، وركز على نموذج الشيخ السينغالي إبراهيم نياس المتوفى سنة 1975م، واعتبر تجربته من أنجح التجارب، كما حاول تحليل رسالة للشيخ المعنونة بـ “رفع الملام عمن رفع وقبض اقتداء” في ارتباطها بسياق الممارسة الدينية ببلاد السنيغال. ثم خلص  المتدخل إلى أن صوفية الغرب الإفريقي ومنهم الشيخ نياز تمكنوا من تثبيت هذا المذهب فكرا وممارسة وسلوكا في هذه الأصقاع.

أما فيما يتعلق بالمداخلة الرابعة والأخيرة والتي تناول من خلالها فضيلة الأستاذ الدكتور عزيز الكبيطي إدريسي –وهو أستاذ باحث متخصص في الدراسات الصوفية بالغرب-  إسهامات المذهب المالكي في صياغة الهوية الدينية عند مسلمي الولايات المتحدة الأمريكية، وعرض مجموعة من النماذج الدالة على ذلك، وركز على جهود بعض الطرق الصوفية في تحقيق تلك الغاية، كما عرج المتدخل على بعض القضايا الإستشرافية المتعلقة بمستقبل المذهب المالكي بالولايات المتحدة الأمريكية، مؤكدا في هذا الصدد على المكانة التي يتبوؤها المذهب المالكي الذي يعد من أكثر المذهب انتشارا بالولايات المتحدة الأمريكية.

 أما الجلسة العلمية الخامسة: “المذهب المالكي والقضايا المعاصرة” فكانت برئاسة الدكتور عبد الله الهلالي -رئيس شعبة الدراسات الإسلامية بكلية الآداب فاس- وتقرير الأستاذة نعيمة ملوكي باحثة بمركز دراس بن إسماعيل تناول فيها الإطار العام لمحور الجلسة، مشيدا بالمذهب المالكي وقوة أصوله ومرونة قواعده، معتبرا أن أي فكر لا يستمر إذا لم تكن له القدرة على التكيف مع أحوال الأمة ومسايرة مستجداتها وقضاياها المعاصرة.

ثم أعطى الكلمة للسادة الأساتذة المشاركين بعروضهم في الندوة: فاستُهلت هذه الجلسة العلمية بمداخلة الدكتور محمد الكتاني -أستاذ التعليم العالي وعضو أكاديمية المملكة المغربية- في موضوع: “مساهمة الفقيه الحجوي في انبعاث الفكر الفقهي المالكي بالمغرب” التي أشاد الدكتور فيها بالفقيه الحجوي كأحد فقهاء المغرب البارزين، مبينا إسهامه في بعث الفكر الفقهي المالكي في العصر الحديث، وذلك من منطلق تفعيل آليات الاجتهاد، والعودة بالمذهب المالكي إلى الانخراط في سياقاته المعاصرة من ناحية، وتحريره من الجمود الذي طبع عقلية الفقهاء المتأخرين من ناحية أخرى. وقد تناول الدكتور المحاضر هذه المقاربة من خلال ثلاثة محاور: الوضعية التي كانت تطبع الفقه الإسلامي في بيئة محمد بن الحسن الحجوي. نبوغه المبكر وإقدامه على تأليف كتابه “الفكر السامي” ومقاصده. ودعوته إلى ضرورة عودة المذهب المالكي إلى التفاعل مع سياقاته المعاصرة. مؤكدا على أن التجديد في الفقه الإسلامي ليس وليد الحاضر، وإنما كان يتواجد في الفكر المغربي على مر العصور.

بعد ذلك تناول الكلمة الدكتور عبد الحميد عشاق -المدير المساعد بمؤسسة دار الحديث الحسنية بالرباط- التي تطرق فيها إلى موضوع التجديد الفقهي عند الفقيه محمد المرير من خلال كتابه الأبحاث السامية، وقد نوه الدكتور المحاضر بهذا الفقيه التطواني واعتبره في طليعة رموز التجديد الفقهي في العصر الحديث بالمغرب، مشيدا بجهوده في ميدان القضاء لإصلاح بنيته، وتجديد رسومه، مؤكدا على أن إصلاح القضاء يجب أن يشمل قواعده الإجرائية والموضوعية باعتبار المؤسّسة القضائية هي عمود الدولة. ولقد عبّر الفقيه المرير عن ملامح نظريته القضائية هذه في كتابه «الأبحاث السّامية» الذي نَثَر فيه الدّرر، وبَذَل فيه النفائِس، وضَمَّنه من المعاني القوية والنظرات العميقة، ما جعله يعرض عرضا تجديديا لكثير من مبادئ الفقه وأحكامه وَمَسائله، ويضيف ثروة فكرية جديدة إلى المكتبة الحديثة في تاريخ النّظم والمؤسّسات الإسلامية، وموادّها الفقهية، وتراتيبها النظامية والإجرائية. وفي نفس السياق أوضح الأستاذ عبد الحي عمور -رئيس المجلس العلمي المحلي فاس- في مداخلته: “الفقه المالكي وضرورة التجديد” أن التحديات الكثيرة لحياة المسلمين التي حملها العصر الحاضر قد عوّقت التطبيق الصحيح للأحكام الشرعية، وجعلت الامتثال لتعاليم الدين الحنيف شيئا صعبا في هذه الحياة، مما أدى إلى توقف الفعل الاجتهادي الذي هو سنة من سنن الإسلام.

ولتجاوز هذا الواقع المرير رأى المحاضر أنه من الواجب الإسلامي إحياء تراثنا الفقهي بإعادة قراءته بما يساعد على تطوير بعض الأحكام الاجتهادية الفرعية تطويرا يجعلها صالحة لواقع الحياة المعاصرة والتحولات الجديدة، كل ذلك داخل النسق الإسلامي -دون إسقاط النظريات الوافدة- ومنهج أصولي مناسب، وهذا يوحي بأن التجديد سيطال أيضا أصول الفقه فضلا عن موضوعه.

وقد تناول المحاضر هذه المداخلة في ظلال كتاب: “تراثنا الفقهي وضرورة التجديد” عبر أربعة محاور: عوامل تجديد الفقه وأصوله. مفهوم الإسلام للتجديد. مجالات التجديد الفقهي.

 أفكار واقتراحات لتحقيق التجديد: (الاجتهاد الجماعي- جهود المجامع الفقهية-التقريب بين المذاهب).

أما مداخلة الدكتور محمد فاضل -أستاذ بجامعة طورنطو-كندا- المعنونة بـ: “المدونة الحديثة ومسألة نسب ولد الزنا” فقد تناول فيها قضية معاصرة أثيرت عند المسلمين والعلمانيين بالغرب، وهي مسألة نسب ولد الزنا، وقد عالجها الدكتور في ضوء المدونة الحديثة والمذهب المالكي. معتبرا أن المشاكل التي تترتب عن ولد الزنى، والمشاكل التي تواجه ولد الزنى نفسه من عناء في الحياة المترتب عن حرمانه من النسب الشرعي، أمر يقتضي اجتهادا جديدا من فقهاء اليوم في ضوء قواعد المذهب المالكي، وفي ضوء قاعدة المدونة التي تحث أصحاب الاجتهاد على “تحقيق قيم الإسلام في العدل والمساواة والمعاشرة بالمعروف،” من هذا المنطلق طرح المحاضر فرضية إلحاق ولد الزنا بأبيه وإثبات نسبه منه مستندا إلى جملة من الأدلة الفقهية التي في نظره توجب إعادة النظر في هذا الموضوع، وترجح بعض التعديلات البسيطة حول المسألة. كما أشار إلى أن موقف المدونة الجديدة من لحوق ولد الزنى موقف يطبعه الغموض أحيانا والتناقض أحيانا أخرى لذلك يبقى موضع نظر. ومن هذا المنطلق دعا إلى الاجتهاد في مسألة ولد الزنى في سياق الظروف الحياتية المعاصرة ،معتبرا أن أصول مذهب مالك وقواعده المرنة ملائمة لإيجاد حل لهذه الشريحة البائسة، ومن جملة تلك القواعد: قاعدة الاستحسان، وأنّ الأحكام التي مبناها العرف تتغير بتغير العرف، ومراعاة الخلاف، وغيرها، مشيرا إلى أن الاستنادا إلى هذه القواعد الفقهية وإلى مقتضى أمر القرآن بمعاملة مجهول النسب على أساس الأخوة الإيمانية، يمكن من خلاله بناء إطار جديد أجدر بحفظ مكانة ولد الزنى الاجتماعية وكرامته الإنسانية من الإقصاء أو التهميش.

وقد أوضح الدكتور محمد التمسماني -أستاذ التعليم العالي بكلية أصول الدين-تطوان-  في مداخلته: “الانتصار لمذهب مالك في العصر الحاضر كيف نفهمه وكيف نمارسه” أن مسألة  الانتصار للمذاهب، والتفضيل بينها، تعد من أشهر المسائل العلمية، وأخطر القضايا التاريخية، حيث يقف الباحث في  تاريخ الاختلاف الفقهي على صفحات مظلمة، ومشاهد مؤلمة، هي من صنع وفعل بعض المتفقهة الذين استسلموا لهواهم، واستمرؤوا التعصب الأعمى، والأئمة على اختلاف مذاهبهم منهم براء. وأوضح من جهته أن للمالكية إسهاماً كبيراً في الكتابة في هذا الموضوع، محاولة منهم إلى تقريب منهج السلف من معاصريهم، وأنهم تميزوا – وهذا في  الغالب – بسلوك طريقة الإنصاف والاعتدال في التعامل مع المخالف، والانتصار للمذهب.

أما الجلسة العلمية السادسة فدارت أشغالها برئاسة الدكتور أحمد العراقي عضو المركز الأكاديمي للثقافة و الدراسات بفاس وتقرير الأستاذ الدكتور مولاي إدريس غازي باحث بمركز دراس بن إسماعيل، وتمحورت حول موضوع: “المذهب المالكي والقانون الدولي الإنساني“، وقد اشتملت على ست مداخلات، فجاءت المداخلة الأولى تحت عنوان: “النوازل الإقتصادية في المذهب المالكي والسياقات المعاصرة”  للدكتور عبد الله معصر أستاذ الفقه الإسلامي والقانون و الاقتصاد الإسلامي بجامعة سيدي محمد بن عبد الله ـ فاس ـ  كلية الآداب سايس ورئيس مركز دراس بن إسماعيل لتقريب المذهب والعقيدة والسلوك حيث أبرز فضيلته في مداخلته أن فقه النوازل يشكل داخل النسق الفقهي نموذجا حيا لاستمرار آلة الاجتهاد في استيعاب الحوادث الواقعة، وتنزيلها على أصول الشريعة، وهو من هذا المنظور يعتبر تراثا غنيا يعكس الحضور المستمر للفقه الإسلامي، من أجل تنظيم وتقنين وتوجيه سلوك الفرد والجماعة والأمة، ذلك أن فقه النوازل لم يكن بمعزل عن التطورات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية التي كانت تمر بها المجتمعات الإسلامية بالغرب الإسلامي. والنوازل الفقهية في الغرب الإسلامي -يوضح المتدخل – استوعبت جميع مجالات الحياة ما يتعلق منها بالعبادات، وما يتعلق منها بالمعاملات، فهي تختزن في مضمونها جوانب تاريخية واجتماعية واقتصادية. وإذا كانت النوازل بهذا الحجم فإن هذا يستدعي منا إعادة دراستها بمنهجية شمولية تحدد الثابت والمتحول في كتب النوازل، وذلك حتى نستطيع أن نواكب تطورها أفقيا وعموديا. كما بين الدكتور أهمية فقه النوازل في كونه يقدم صورة حية للواقع الاجتماعي للأفراد والجماعات والمؤسسات، فهي ترسم معالم السلوك الاقتصادي كما شهدته المجتمعات باختلاف بيئاتها وعاداتها وأعرافها، وبذلك يمكن اعتبارها المترجم الحقيقي للمشاكل التي تمر بها الجماعة في أبعادها المتعددة: الإنسان، والزمان، والمكان،والسياق .مبرزا أن دراسة النوازل الاقتصادية في المذهب المالكي وسياقاته المعاصرة تروم التعريف بجهود علماء المذهب المالكي بمختلف مدارسه في إغناء الاجتهاد المعاصر، والمساهمة في تقديم الحلول لكثير من القضايا المعاصرة في مختلف المجالات الاقتصادية والمالية. وهكذا جاءت المداخلة مقسمة إلى محورين:

الأول: كشف فيه المتدخل عن دور الأصول المعتمدة عند المالكية في تيسير التعامل مع السياقات المعاصرة، وقابليتها ومرونتها في تكييف الاجتهادات الفقهية بما يراعي الزمان والمكان والشخص والسياق.

والثاني: بين فيه الحضور الفقهي لنوازل المالكية في إثراء الاجتهاد الفقهي المعاصر من خلال نماذج متعددة من الاجتهادات المعاصرة في قضايا الفقه المالي.

  أما المداخلة الثانية فهي تحت عنوان: “أهمية مالك والمذهب المالكي اليوم” للدكتور ياسين داتون أستاذ التعليم العالي بجامعة كيب تاون، جنوب إفريقيا، ورئيس شعبة الدراسات العربية في نفس الجامعة. حيث مهد لبحثه بالإشارة إلى أهمية و ضرورة المذاهب الفقهية داحضا دعوى اللامذهبية التي لا ترى في المذاهب إلا سبب جمود الشريعة و جمود الأمة الإسلامية، مبرزا أهمية الإمام مالك وبخاصة كتابه «الموطأ». فهذا الكتاب  قد حفظ لنا أصح نقلٍ للسنة والحديث بسبب أنه أقرب زماناً للأصل كما أنه حفظ لنا السنة بشكلٍ عمليٍ أي ما جرى به عمل أهل المدينة وهذا المفهوم للسنة ظل محفوظاً بمفهومها العملي في المذهب المالكي وهي ميزة تميّزه عن غيره من المذاهب.

أما الدكتور إدريس السفياني أستاذ التعليم العالي في القانون الخاص بجامعة محمد الخامس السويسي بالرباط فقد جاءت مداخلته تحت عنوانالمبادئ الإنسانية للقانون الدولي في  المذهب المالكي“، وقد استهلها بالتساؤل عن جدوى العلاقة أو حتى عن العلاقة نفسها بين القانون الدولي العام من جهة وبين الفقه المالكي من جهة ثانية، خاصة و أن القانون الدولي موضوع ومحل وغاية، والمذهب المالكي اتجاه ومدرسة وفكر، وشتان بين الموضوع والمنهج والمحل والسبيل، كما أن نظرة التكبر والاستعلاء بالزمان، التي تحكم الموقف الزاعم بأن القانون الدولي شأن وواقع وحال وحياة، والمذهب المالكي إن هو إلا رواية وتاريخ وتراث وما يمكن أن يدخل في جراب الدراسات الأركيولوجية والتاريخية، هي نظرة متجاوزة و الموقف برمته لا يقبله علم ولا يرتضيه منهج. فالمذهب المالكي والفقه الإسلامي عموما – يضيف الدكتور السفياني – أرسيا قواعد تعبّر عن نظرهما في قضايا القانون الدولي، ابتداء من الإنسان إلى الدولة وعلاقتهما ببعض، إلى العلاقات بين الدول في حالات السلم والحرب، والمعاهدات والمواثيق وما إلى ذلك من قضايا قد تتّحد ضوابط ونصوص الاتفاقات حولها، وقد تتباين منطلقات ومناهج التناول، ولكنها قديمة قدم المجتمعات ذاتها.ثم أبرز الدكتور موقف الفقه المالكي منها، وكيف يلتقي أو يختلف مع بعض الفقه أو الفلسفات المستندة والمؤطرة للقوانين في مجالات مختلفة، والتي يعد القانون الدولي واحدا منها.

أما المداخلة الرابعة فتمحورت حول موضوع: “أثر فقه الإمام مالك في القانون المدني الفرنسي “قانون نابليون”  للدكتور عبد السلام فيغو أستاذ التعليم العالي بكلية الحقوق بأكدال و رئيس المجلس العلمي بطنجة الفحص. حيث استهل مداخلته بالإشارة  إلى كون هذا البحث ليس بحثا شاملا ومعمقا في موضوع تأثير الفقه المالكي في “قانون نابليون”، وإنما هو بمثابة أفكار موجهة لهذا الموضوع، ثم قام الدكتور بتأصيل تاريخي لمراحل نشوء الفقه الإسلامي في أوربا (الأندلس) كما قدم لمحة تاريخية حول قانون “نابليون” و أثر الإسلام في الحركات المسيحية في فرنسا  مشيرا إلى أن “نيكولا بيرون” تلقى أمرا من الحكومة الفرنسية بترجمة الفقه المالكي، وقام بالفعل بترجمة كتاب خليل بن إسحاق، وطبع سنة 1847، أي بعد حوالي أربعين سنة من وضع قانون نابليون. ثم أبرز الدكتور منهج الشيخ سيد عبد الله حسين في إثبات تأثير الفقه الإسلامي في القانون الفرنسي من خلال إثبات العلاقة التاريخية بين الفقه الإسلامي والمجتمعات الأوربية وكذا التشابه في النسب العالية من المبادئ بين الفقه الإسلامي والقانون الفرنسي.

أما المداخلة  الخامسة و الأخيرة فقد تناولت موضوع: انعكاسات المنهجية المالكية على العلوم الاجتماعية  للدكتور  رياض أزوات (Riyad Aswat)حيث تحدث في البداية عن أربعة جوانب للمنهجية المالكية حسب أربعة محاور هي: ارتكاز المنهج المالكي على القرآن وسنة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم. منهجية الإمام مالك المتعددة الأبعاد بربطه بين الجوانب الداخلية والخارجية للشخصية الإنسانية. أصل عمل أهل المدينة المنورة، (الذي مثل سلوك وسُنة الأجيال الثلاثة الأولى لمسلمي المدينة)، مما يؤكد أن النظرية والممارسة العملية غير قابلة للتجزيء. وأخيرا اعتباره المصلحة العامة (المصالح المرسلة). ونظرا لاتساع مجال العلوم الاجتماعية، اكتفى الدكتور بالتركيز على اجتهاد د/ عبد القادر الصوفي في مواءمة المذهب المالكي مع مجموعة من العلوم الاجتماعية. فبين أن د/ عبد القادر الصوفي يشير في كتاباته إلى أن المثال الجوهري للمدينة التي كان يؤسسها القرآن والسنة، توحدت فيها علوم الباطن والظاهر بالمدينة المنورة، وقد قام الإمام مالك في موطئه بتسجيلها. وعلى خلاف الفلاسفة الكبار، أفلاطون (الجمهورية)، وأرسطو (السياسية)، والفارابي (المدينة الفاضلة)، الذين نظروا للدولة المثالية، والتي لم تتحقق في الواقع، استطاع الرسول محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم أن ينجح في تأسيس مجتمع المدينة المنورة، وفيها وضع الرسول عليه الصلاة والسلام معايير حضارية للمسلمين، استمرت إلى الآن. وبذلك كان مبدأ الحكم في المدينة المنورة قائما على العدل على النحو المنصوص عليه في القرآن الكريم، فارتبطت ممارسة السلطة السياسية في المقام الأول بإنتاج وتوزيع واستهلاك الموارد، كما كان نظام الحكم الإسلامي في المدينة المنورة يعتمد على التجارة الحرة وعلى استفادة جميع شرائح المجتمع من الثروة. وكانت المؤسسات التي ازدهرت بالمدينة على عهد الخلافة في التاريخ الإسلامي تشمل: الوزارات، القضاء، أمناء الإدارة، بيت المال(الخزينة)، الحسبة، السوق، الأوقاف، النقابات، وبواسطة هذه المؤسسات التي ينظمها القانون الإسلامي كانت تتعامل المجتمعات المسلمة. ومن ثمة، خلص الباحث إلى التأكيد على أن إعادة إنشاء هذه المؤسسات هي نتيجة طبيعية في منهجية المذهب المالكي، وأن بإمكان هذا النهج المؤسساتي أن يشمل السياسة والقانون والاقتصاد والتاريخ والفلسفة وعلم الاجتماع، والأنثروبولوجيا.

وقد جاءت الجلسة الشعرية برئاسة الدكتور محمد المختار ولد باه وتقرير د. عزيز الكبيطي إدريسي، حيث تضمنت العديد من الإسهامات الإبداعية بمشاركة الشعراء: الأستاذة أمينة المريني، محمد علي الربّاوي، والأستاذ دانيان عبد الحي مور، والأستاذ عبد السلام بوحجر، والأستاذ امحمد إدريسي بدلاوي، الذين جاءت إبداعاتهم الشعرية مستوحاة من المنظومة الإيحائية للندوة.      

أما الجلسة الختامية للندوة فقد ترأسها الدكتور عبد الله بنصر العلوي، وتميّزت بتقديم الدكتور عبد الله معصر تقرير عام حول أشغال الندوة، وكذا قراءة التوصيات، وإلقاء كل من الدكتور العروسي الميزوري، والدكتور يوسو منكيلا كلمة باسم المشاركين عبرا فيها عن شكرهم وامتنانهم لحسن الوفادة وكرم الضيافة، كما ألقى بالمناسبة الدكتور محمد العلمي كلمة ختامية باسم اللجنة العلمية المنظمة لهذه الندوة، وفي الختام رفع المؤتمرون برقية ولاء وإخلاص إلى صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده.

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق