مركز الدراسات القرآنية

القرآن الكريم واللغة العربية: ما هي حدود العلاقة؟

فبراير 8, 2016

في إطار أنشطته العلمية والفكرية، نظم مركز الدراسات القرآنية بالرابطة المحمدية للعلماء، منتدى الدراسات القرآنية (8) في موضوع: “القرآن الكريم  واللغة العربية: ماهي حدود العلاقة؟”، ألقتها الدكتورة فاطمة الزهراء الناصري؛ الأستاذة الباحثة بمركز الدراسات القرآنية بالرابطة المحمدية للعلماء، وذلك يوم الاثنين 08 فبراير 2016م، ابتداء من الساعة الرابعة بعد الزوال، بمقر مركز الدراسات القرآنية، شارع فال ولد عمير، أكدال/ الرباط.

وفي مقاربتها لموضوع: “حدود العلاقة بين القرآن الكريم واللغة العربية”، قدمت الدكتورة فاطمة الزهراء الناصري بين يديه بمقدمات؛ منها أن القرآن لم يتفوق على اللغة فقط، بل تجاوزها، من حيث السبائك والصور وتراكيبها، فهو حاكم على اللغة، وأن القرآن الكريم أحدث ثورة من نوع فريد في اللغة العربية، وأن كل ما يحيط بالقرآن يوحي بالجدة والخصوصية انطلاقا من اسمه “قرآن”، ومقدمته: الفاتحة، وفصوله: سور، ووحداته: آيات…

بعد هذه المقدمات الممهدات تحدثت دة. فاطمة الزهراء في المحور الأول عن القرآن واللغة العربية عند بعض المفسرين من خلال قواعد تفسيرية وترجيحية، فخصصت القواعد الأولى للقواعد الترجيحية المتعلقة بالقراءات ورسم المصحف، التي تنتصر للقرآن على بعض القواعد النحوية، وذكرت منها:

قاعدة: إذا ثبتت القراءة فلا يجوز ردها أو رد معناها وهي بمنزلة آية مستقلة،  وإن خالفت القاعدة النحوية، وقاعدة: يجب حمل كتاب الله تعالى على الأوجه الإعرابية اللائقة بالسياق القرآني، وقاعدة: الوجه الإعرابي والتفسيري الموافق لرسم المصحف أولى من الوجه المخالف له، فهذه قواعد تنتصر للقراءة المتواترة وللرسم وللسياق فهي حاكمة على اللغة.

ومن القواعد التي أشارت إليها: القول الذي تؤيده قرائن السياق مرجح على ما خالفه، وقاعدة: كل تفسير ليس مأخوذا من دلالات ألفاظ الآية وسياقها فهو رد على قائله، وقاعدة حمل معاني كلام الله على الغالب من الأسلوب القرآني ومعهود استعماله أولى من الخروج به عن ذلك.

وأما القواعد المتعلقة باللغة والتي تبين حدودها في فهم القرآن الكريم؛  فمنها:
قاعدة: ليس كل ما ثبت في اللغة صحّ حمل كلام الله عليه، وقاعدة: يجب حمل كلام الله على المعروف من كلام العرب دون الشاذ أو الضعيف أو المنكر، وقاعدة: إذا اختلفت الحقيقة الشرعية والحقيقة اللغوية فسنقدم الحقيقة الشرعية.

ومن القواعد التي تنحو إلى استبعاد الظواهر اللغوية عن النص القرآني في حال وجود التعارض؛ التكرار، والترادف، والاشتراك، والمجاز، التورية.

وفي المحور الثاني تحدثت المحاضرة دة. فاطمة الزهراء الناصري عن حاكمية القرآن على اللغة العربية، على مستوى السبائك والتعبير والتركيب والصورة والمفردة، فتحدثت عن كل واحدة على حدة، وذكرت بعض السبائك في الشعر العربي، التي نُسجت على منوالها الكثير من السبائك الشعرية، وذكرت أن القرآن الكريم استعمل سبائك غير معتادة من قبل، ومثَّلت لذلك بمجموعة من السبائك التي تكررت خارج السورة وداخل السورة نفسها…

وتحدثت عن التركيب القرآني الذي استحدث تراكيب جديدة مغايرة تماما لما عهدته اللغة العربية، ومثلت لذلك بشواهد من القرآن الكريم..

وتناولت أيضا التعبير القرآني الذي ظل خاصا بالقرآن، واستشهدت بأمثلة قرآنية، كما تحدثت عن الصورة القرآنية واللفظ القرآني مع الأمثلة والشواهد.

لتخلص المحاضرة إلى أن القرآن الكريم وإن كان محكوما باللغة العربية فهو حاكم عليها، وهذا هو وجه الإعجاز، وأنه من الضروري أن يرتقي القرآن باللغة العربية للتعبير عن تصوره الشامل للحياة والإنسان والكون، الذي لا يمكن أن تعبر عنه إلا لغته، وبالتالي فنحن لسنا بصدد قطيعة بين القرآن واللغة العربية، وليس في هذا دعوة للتخلص من القيد  اللغوي والارتماء في التأويل الباطني.

وقد أعقب هذه المحاضرة نقاش علمي مستفيض من لدن الباحثين بالمركز وخارجه أغنت محاوره، وفتحت الباب لمدارسة هذا الموضوع في حلقات علمية أخرى.

إعداد: محمد لحمادي
مركز الدراسات القرآنية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق