مركز الإمام أبي عمرو الداني للدراسات والبحوث القرائية المتخصصةأعلام

نظرات في سيرة أبي عبد الله الرحماني المراكشي ومنظومته الهدية المرضية لطالب القراءة المكية

الحمد لله رب العالمين وبه نستعين وصلى الله وسلم على محمد رسوله الأمين

نظرات في سيرة أبي عبد الله الرحماني المراكشي (توفي بعد 1070 ه‍ ) ومنظومته (الهدية المرضية لطالب القراءة المكية)

نجيز الباحث: مولاي المصطفى بوهلال

اسمه ونسبه وكنيته ولقبه:

  محمد بن محمد بنِ أحمد بن عبد الله، الرحماني، ويقال «الرحامني»، الحشادي ـ جماعة الحشاشدة معروفة قرب «ابن جرير» بناحية مراكش ـ أبو عبد الله، المراكشـي، المدعو بابن الحاج([1]).

مُكنته ومكانته:

  قال ـ فيه ـ الشيخ أبو عبد الله محمد بن يوسف التملي (ت‍ 1048ه‍): الأستاذ، الضابط، المتقن، المرتل لكتاب الله  ـ عز وجل ـ  سيدي محمد بن محمد بن أحمد الرحماني([2]).

  قال ـ فيه ـ الشيخ أبو زيد عبد الرحمن بن القاضي (ت‍ 1082ه‍): الطالب النجيب، الحاذق اللبيب، الفقيه الأجل التالي لكتاب الله ـ عز وجل ـ سيدي محمد بن محمد الرحماني([3]).

وتلا مثل ذلك نظما فقال:

الحافظُ المتقنُ للرِّوايهْ وضبطِها في ختمة البدايهْ

وقال ـ فيه ـ القاضي  العباس بن  إبراهيم التعارجي (ت‍1378ه‍): «الشيخ، الإمام، الفقيه، العلامة الأكبر، الفهامة»([4])

مولده ومنزله ونسبته ووفاته:

  لم أظفـر بأي نصٍّ دليـلٍ يمكـن اعتماده وثيقـة تبين منمـى أبي عبـد الله ـ صاحب الهدية ـ ومولده ومنشئه، إلا ما ذكر:

   العلاّمة المؤرّخ العبّاس التعارجي (ت‍ 1378ه‍) بإعلامه إذ قال: «محمد بن محمد بن أحمد بن عبد الله، الرحماني، المراكشي»([5]).

   والعلاّمة الدكتور سعيد أعراب (ت‍ 1424ه‍)، إذ قال: «أبو عبد الله محمد بن محمد بن أحمد بن عبد الله الرحماني، المراكشي، من قبائل الرحامنة، نزل مراكش وبها توفي، كان حيا سنة 1070ه‍«. ([6])

  والرَّحماني: نسبة إلى قبيلة الرحامنة المغربية([7]).

  هذا مع ما جاء في نص التقييد ـ الذي ضمّنه مجموعَه في التعريف بمشايخه الذين أخذ عنهم ـ والذي يصرح فيه: بأن له تقييدا في السبعة عـن شيخه البوعناني سنة 1046 ﻫ‍‍‍‍‍‍‍‍‍  ب‍: الزاوية البكرية الشهيرة بالدلائية([8]).

فقد ذكر عنه في المجموع تقييدين قال في الأول منهما ما نصه([9]):

«تقييد في السبعة» مما قيدته عن شيخنا ـ يعني البوعناني ـ ثم ساقه في ورقتين وذيله بقوله:

«انتهى ما قيدت عن شيخنا سيدي محمد البوعناني في الختمة الثانية، وكان ابتداؤنا لها في اليوم الرابع من جمادى الأولى وختمناها في اليوم السابع عشر من الشهر المذكور، فمدة القراءة أربعة عشر يوما، وذلك سنة ست وأربعين وألف بالزاوية البكرية الشهيرة بالدلائية  ـ أدام الله عمارتها، وحفظ حوزتها بجاه النبي وآله وصحبه وتابعيه».

ثم كتب تحته:

«عبد ربه سبحانه الراجي عفوه وغفرانه محمد بن محمد بن أحمد الرحماني لطف الله به».

أما عن وفاته:

  فقد ضاق بي الخطو دون بلوغ ذلك على الوجه الحق، ولم أملك بينة تفيد نهاية الرجل بطريق قطعي ـ مفيد لليقين ـ إلا أن أتكهن لِأَمره أو أكون ـ فيه ـ من المتكلفين، وعهدي إلى نفسي؛ ألا أسلُك غير الجَدَد؛ حتى آمنَ العثار والزلل.

  والذي أَقطع به: أنه كان حيا عام 1070ه‍.

  فهذا التوريخ؛ يترجم إبّان فراغه من نظم أبيات هذا الرجز، وهو مُشاره في خاتمة النظم.

  أما غير ذلك، فلعل اليد تخطئه فلا تدركه، إلا أن يسمح الزمان بما يجلّيه ويكشفه.

  على أن الرجل قد لقيَ بلْ قرأ على العلامة المقرئ: أبي زيد بن القاضي المكناسي (ت‍1082ه‍)؛ خاتمة المحققين، وحظي بإجازة منه وحَفِظ مكانته، فهو ـ الرحماني ـ من مدرسته، و الآخرُ ـ ابن القاضي ـ مضمَّنٌ بإجازاته وأسانيده.

  كما أنهما  ـ معا ـ يمتحان من سيْب منظِّر هذه المدرسة القارح، وشيخها البارع؛ أبي عبد الله محمد بن أحمد بن محمد بن غازي العثماني المكناسي (ت‍ 919 ﻫ)، ويترجمان ـ له ـ امتدادا أمينا وعتيدا ـ خاصة ـ في علم الذِّكر ومتعلقاته.

مشيخته وأساتيذه([10]):

قرأ على جلة الأشياخ القراء، منهم:

* الشيخ محمد بن محمد الشريف البُوعْناني (1063ه‍) ختمتين بالسبع.

* الشيخ أبو زيد عبد الرحمن بن القاضي (ت‍ 1082ه‍) ختمة سبعية وأخرى عشرية.

* الشيخ عبد الله بن محمد ختمة بالسبع وأخرى بالعشر والسبع.

* الشيخ محمد بن محمد بن أبي بكر المسناوي ختمتين بالسبع.

* الشيخ محمد العمري ختمة بالسبع.

* الشيخ عبد القادر السفياني ختمتين بالعشر.

* الشيخ أبو عبد الله محمد بن يوسف التملي (ت‍1048ه‍)([11]) سورة البقرة بالسبع وبالطرق العشر([12] 

تلاميذه:

  لم يعرف لأبي عبد الله الرحماني أيُّ تلميذ نائل أو طالب آخذ يُذكر. 

ومردّ ذلك  ـ والله أعلم ـ لأحد أمرين:

* إما أن الرجل لم يتصدَّ للإقراء والتدريس البتة، واكتفى بالإفادة بالقلم ـ أحد المنطِقين ـ بدل اللسان، وخَطِّ ما اشتهر عنه من الآثار التي ستذكر بعدُ.

* وإما أنه آثر الخمول ولم يرغب في التصدر أو الظهور ـ رأسا ـ  شأن المغاربة الذين: «كانوا مع جلالة علومهم، ووفور ديانتهم وعقولهم، كثيرا ما يتهمون أنفسهم بالعجز والتقصير، ويرون أنهم ليسوا أهلا للتأليف والتصدير؛ ركونا منهم لزوايا الخمول، وإيثارا للنجاة خوف أن يكون العمل معلولا، وسلوكا لطريق السلامة؛ الذي هو دليل على متانة الدين وعلامة، ولذلك قلَّت لهم المؤلفات؛ التي هي سبب للشهرة في الحياة، وبقاء للذكر بعد الممات، فتجد العالم إذا لم يؤلف وأدركته الوفاة، ينقطع ذكره كأن لم تتقدم له حياة»([13]).

آثاره:

–  تقييد في بعض القراءات العشرية النافعية([14]).

– أرجوزة في التجويد([15]).

– الهدية المرضية لطالب القراءة المكية([16]).

– تأليف في محذوفات القرءان([17]).

– تبصرة الإخوان في مقرإ الأصبهان([18]).

– تذكرة المقري في قراءة أبي عمرو البصري([19]) (قصيدة لامية).

– تكميل المنافع، في قراءة الطرق العشرية المروية عن نافع([20]).

– تقييد عن كتاب التجريد الكبير لأبي الحسن بن سليمان القرطبي شيخ الجماعة بفاس، قيده أبو عبد الله محمد بن محمد بن أحمد الرحماني عن شيخه محمد بن سليمان البوعناني بفاس في شهر صفر من سنة 1038ه‍  عند قراءته عليه بها .

 يوجد بخط يده مقيد في مجموع يتضمن إجازاته وشيوخه بالخزانة الوقفية بآسفي([21]).

– مجموع في خزانة أوقاف آسفي بخط يده فيه جملة تقاييد وإجازات مما أجازه به شيوخه عنوانه: (تقييد أشياخي وما قرأت عليهم)([22]).

ولعل آثار أبي عبد الله الرحماني ومشاركاته تعدوا ما ذُكر، لكن، هذا ما ملكت يميني واتسع له إمكاني .

شؤون النظم:

– موضوعه:

  ذكر ما انفرد به ابن كثير عن نافع ـ أصولا وفرشا ـ  مع تقديم البزّي وقالون ـ تراجمَ وأحكاماً ـ على قنبل وورش؛ جريا على سنن الحرز وأصله.

منهج الناظم واصطلاحه:

  * جريانُه في رصد الخلف بين الحرفين ـ ابن كثير ونافع ـ على ما تضمنه الحرز والتيسير.

  * عزوه الحكم  ـ في الأعم الأغلب ـ إلى الإمام ابن كثير، إلا فيما اختلف فيه راوياه، وذلك يسير جدا.

  فإذا ذكر أحد الراويين فقطُّ؛ دل ـ ذلك ـ على أن الراويَ الآخر يقرأ بالضد([23]) مثال ذلك، قوله:

……………….. …… وانقُلِِ لِلْبَزِّ فِي ارْكَبْ وَادَّغِمْ لِقُنْبُلِ

  يريد

أن قوله تعالى: (ٱرۡكَب مَعَنَا): فيه للبزي وجهان: الإدغام والإظهار، وقد ساق البيت دليلا على أن لقنبل وجه واحد وهو: الإدغام.

ومِثلُه:

حَيِيَ عَنْ؛ إِدْغَامُهِ لِقُنْبُلِ. ……………………………….

  يريد أن البزيَّ قرأ قوله تعالى (حَيَّ) بياءين ـ الأولى مكسورة والأخرى مفتوحة ـ مخففتين.

  * اتّباعه هدْي القراء الأولين وسنَنهم؛ في تقسيم المادة القرائية إلى: أصول وفرش، مع إدراج فرش فاتحة الكتاب ومسائلها ضمن باب الأصول.

  * معالجته مسائل القراءتين وَفق النسق المصحفي، إلا ما استثني([24])؛ جريا على سنن الحرز وأصله، مع سلوكه سبيل الإيجاز والاقتصاد.

  * إذا أطلق التحريك في أي باب من ـ هذا ـ الرجز؛ فمنصرفه إلى الفتح.

شاهِدُ ذلك، قوله:

فِي يَقتُلُونَ اضمُمْ وَحَرِّكْ وَاكْسِـر ……………………………
شِرْكاً بِضَمِّ الشِّينِ حَرِّكْ أَثْبِتَا هَمْزاً بُعَيْدَ المدِّ لِلْجَمْعِ أَتَا
ثَقِّلْ فَرَضْنَا رَأْفَةٌ حَرِّكْ هُنَا وَأَنَّ فِي الْحَرْفَيْنِ ثَقِّلْ مُعْلِنَا
………………………….. وَحَيْثُمَا النَّشْأَةَ حَرِّكْ وَامْدُدَا

       *

مراوحته بين اللفظ والقيد ـ في رصد الخلف القرائي ـ  ومعاقبته بينهما، وقد يستغني باللفظ ـ المبيِّن ـ عن تقييد الحرف بهيئة قراءته أو العكس، متى أسعفه القول وكان له حُسنٌ.

وله ـ في ذلك ـ منحيان اثنان: 

أن يلفظ بالقراءة مع تقييدها.

  شاهده:

أَرْنَا وَأَرْنِي؛ سَكِّنِ الرَّا وَقَرَا ……………………………….

  ومثله:

وَسارِعُوا: بِالْوَاوِ، مُدَّ وَاكْسِـرِ ……………………………….

  ومثله:

……………………………… سَقْفاً؛ بِفَتْحٍ وَسُكُونٍ فَاعْرِفَا.

أن يلفظ

بإحداهما ويقيد الأخرى.

 شاهده:

صِرَاطَ قُنْبُلٌ بِسِينِهِ قَرَا مُعَرَّفاً أَتَاكَ أَوْ مُنَكَّرَا.

 ومثله:

……………………….. مَيسُـرَةً بِفَتْحِ سِينٍ أَجْدَرُ.

 ومثله:

شِرْكاً: بِضَمِّ الشِّينِ، حَرِّكْ أَثْبِتالبدورَ

ا

هَمْـزاً ـ  بُعَيْـدَ المـدِّ ـ لِلْجَمْـعِ أَتَى.

 

 

مصادره:

  فقد كفاني الناظم ـ رحمه الله ـ لأْواء الفَتْش عن معتمده في التعريف بأصول مقرإ الإمام ابن كثير، مما تضمنه كتابا التيسير والحرز، فقال في صدر الرجز :

طَرِيقَةَ الدَّانِيِّ قَدْ سَلَكْتُ مِنْ حِرزِنَا وَأَصْلِهِ نَظَمْتُ

 

القيمة الأدائيةُ للأرجوزة الهدية:

  – تغَنّيها بمرويّ الإمام ابن كثير([25]) وحرفه، إذ لا تخفى عائدة قراءته على الدرس اللغوي العربي، وتثوير قضاياه ومسائله  ـ نحوا وتصـريفا وصوتا ودلالة … ـ وهذه مزية كافية بنفسها؛ ولعل أشهر ظاهرة لغوية انمازت بها قراءة ابن كثير، ما عرف في الوسط القرائي بـ‍ ‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍: «تاءات البزّي»([26])، وقوله تعالى: (فَتَلَقَّىٰ ءَادَمَ مِن رَّبِّهِۦ كَلِمَٰتٌ) [البقرة:36]([27])، وقوله تعالى: (أَن تَضِلَّ إِحۡدَىٰهُمَا فَتُذْكِرَ إِحۡدَىٰهُمَا ٱلۡأُخۡرَىٰ) [البقرة:281]([28])، وقوله تعالى (وَٱمۡسَحُواْ بِرُءُوسِكُم¼ وَأَرۡجُلِكُمۡ) [المائدة:07]([29]) وغيرها؛ مما احتفلت بذكره كتب الاحتجاج والتوجيه، وبُثَّ في تضاعيف هذه الأرجوزة.

  – أنها امتداد أثيل، وتصوير أمين، لجثمان أشهر مدارس الإقراء بالغرب الإسلامي، رائدها وعاقد لوائها؛ الإمام أبو عمرو الداني (ت‍ 444ه‍)، صاحب المذهب الأثري الرصين، والمنحى الاِتباعي المكين، مَن اتفقت كلمة النقاد ـ قدامى ومحدثين ـ  على إمامته وريادته في السبع  ـ عموما  ـ وفي نافع  ـ على التَّعيين  ـ بالمدرستين المغربية والمشرقية طرّاً، وهو صاحب الاختيارات العتيدة المرضية، من بذَّ أقرانه من الجلّة القراء الأفذاذ وبرَّز؛ أمثال: مكّي والمهدوي والقرطبي وابن شريح وغيرهم؛ ممن يندرج تحت لواء المدرستين القيروانية والأندلسية.

  وقد بقيت اختياراته الأدائية، ومذاهبه القرائية ـ  في الترجيح ـ هي العمدة في الإشراف على تحرير مسائل الخلاف:  رسما وضبطا وعددا وقراءة وأداء وعزوا وعِلّة … وذلك ما تصدع به مؤلفاته الفذة: كالجامع والتيسير والتمهيد والمقنع والمحكم ...

  قال ابن الجزري: (ومن نظر كتبه؛ علم مقدار الرجل، وما وهبه الله ـ تعالى ـ فيها، فسبحان الفتاح العليم)([30]).

  على أن ألمع ملمح طَبَع منهج الرجل ـ أثناء نقده القضايا القرائية، وتحرير المسائل الخلافية المشكِلة ـ مصَوَّرٌ في لزومه غَرْزِ النقل ووتتبع الأثر، قبل إعمال آلة الفكر والنظر، وقد حفظنا عنه قالتَه السائرة؛  التي تدل على مَنْحَاته عندما قال: (وأئمة القراء لا تعمل في شيء من حروف القرءان؛ على الأفشى في اللغة، والأقيس في العربية، بل على الأثبت في الأثر، والأصح في النقل. والرواية إذا ثبتت ـ عنهم ـ  لم يردَّها قياسُ عربية، ولا فشوُّ لغة؛ لأن القراءةَ سنةٌ متبعة، يلزم قبولها والمصير إليها)([31]).

– جريانُها على ضرب من الوزن شهير، ولون من النظم يسير، ضارَعَ اتساقُ كَلِمه، وتتابعُ أبياته ـ عفْوا من غير كدّ ـ وجمعُ النفس عليه؛ سمتَ الكلام النثير، من جهة كونه: آنقُ أساليب السرد منظرا، وأربحُ طرائق السّجْع متجرا، وأمرُّ سببٍ إلى النفس، وأردُّ عليها بالعاقبة.

  ذلك شأن الرَّجَز، ووزنُه:

مُستفعِلُن مستفعلن مستفعلن مستفعلن مستفعلن مستفعلن

وعلة، ويدخله ثلاث أنواع، هي:

  وإن كانت ـ آحاد ـ صيارفة القول لا تعده شعرا أوتقصيدا، وإنما هو ـ في زعمهم ـ لون من أوزان السجع؛ إلا أن شهرتَه وفضلَه في الاهتداء إلى الشعر، وجريَ جُلّ النظم التعليمي عليه؛ أهَّله للجرْي مجرى القصيد، فصيرته العادة شعرا.

  فحافظ الأرجوزة يحصِّل خُلف قرائتين اثنتين: نافع وابن كثير، وذلك بعد إتقان قراءة نافع رواية وأداء؛ رجاء أن تكون له ـ الهدية ـ فاتحة تهذيب، ولائحة تأديب، إذ هي أيسرُ مؤونة، وأكثرُ معونة، وأخفُّ روحا، وأكرم فتوحا، وأجمل قِشـرَة، وأحسن عِشرَة.

نسبة الهدية المرضية إلى الرحماني:

  أعرب الراجز  ـ رحمه الله ـ عن أن له نظما في قراءة المكي أسماه بـ‍‍‍‍:‍‍‍‍ الهدية المرضية لطالب القراءة المكية، وذلك قوله في البيت الثامن:

سميته الهدية المرضيهْ لطالبِ القراءةِ المكيهْ

  كما صرح صاحب الإعلام([32]) 5/294 بأن للرحماني نظما في قراءة المكي فقال: «له منظومات في القراءات، خصوصا قراءة ابن كثير، سماها: الهدية المرضية لطالب القراءة المكية وأرخها في الأخير بعام 1070 سبعين وألف، وعددها 264 أربعة وستون ومائتا بيت».

  وكذا نبه كل من: الدكتور سعيد أعراب([33])، والشيخ المختار ولد باه([34])، والأستاذ عبد العزيز بنعبد الله([35])؛ على صحة هذه النسبة.

تاريخ النظم وعدد أبياته:

  قد كفانا الناظم  ـ رحمه الله ـ  عناء الخوض في تبيين ذلك، فقال:

وَادْعُ بِأَحْسَنِ الدُّعَا كَمَا وَرَدْ شَمْلٌ بِهَا التَّارِيخُ صَدْرٌ لِلْعَدَدْ
تَمَّ بِحَمْدِ اللهِ مَا أَرَدْنَا وَبِالصَّلاَةِ بَعْدَهُ خَتَمْنَا
عَلَى مُحَمَّدٍ إِمَامِ المرْسَلِينْ وَآلِهِ وَصَحْبِهِ والتَّابِعِينْ

فقيمة أحرف (شَمْلٌ)([36]) العددية بحساب الجمل المغربي هي: 1070، وتترجم تاريخ الفراغ من النظم.

أما القيمة العددية لأحرف كلمة (صَدْرٌ)([37]) فهي 264، ترجمةُ عِدَّة أبيات النظم.

من ظواهر النظم:

– عدم اعتناء الراجز بذكر أشياخه والكتب التي أسندت إليه القراءة، في صدر النظم كما جرت به عادة المؤلفين الأولين كمكي (ت‍ 437 ه‍)  والمهدوي (ت‍ 440 ه‍)  والداني (ت‍ 444 ه‍)  وابن شريح (ت‍476 ه‍) … وغيرهم.

– عدم احتفاله بالجوانب الصوتية لأحرف القرآن الكريم وكيفيات تصـريفها وأنماط أدائها، ولعله ترك ذلك اكتفاء أو اتكالا على الأصل.

– استيعابها للأصول والأبواب التي يجري فيها اختلاف القراء عادة، من التعوذ والبسملة إلى التكبير.


([1])  هكذا جاء في نص الإجازة النثرية لابن القاضي. يراجع قراءة نافع 4/366.

([2])  انتخبت هذه الألقاب العلمية الدالة على مكانة الناظم من نص إجازة الشيخ أبي عبد الله محمد بن يوسف التملي لتلميذه الرحماني. قراءة نافع 4/363.

([3])  يراجع نص إجازة الشيخ أبي زيد عبد الرحمن بن القاضي لتلميذه الرحماني في قراءة نافع 4/365.

 ([4]) الإعلام 5/294.

([5])  5/294

([6])  القراء والقراءات ص 111.

([7])  وهي قبائل عربية معقلية ـ يمنية الأصل ـ كبيرة، يمتد مجالها الترابي شمال مدينة مراكش إلى حدود قبائل الشاوية، وتحدها شرقا قبيلة زمران وقبيلة السراغنة وقبيلة بني مسكين، وشمالا اتحادية قبائل الشاوية واتحادية قبائل دكالة، وغربا قبيلة احمر وقبائل الكيش، وجنوبا حدود مدينة مراكش وتضم قبائل الرحامنة بطون عديدة. ينظر: كتاب الرحامنة، القبيلة بين المخزن والزاوية، ص: 14.

([8])  وقع اضطراب شديد في ضبط موقع الزاوية الدلائية، مرده إلى الانمحاء والانطماس الذي طبع معالمها، والمشهور أنها على مسافة أربعين كلم شرقي أبي الجعد قرب خنيفرة في المجرى الأعلى لأم الربيع ولا تزال هنالك معالم وجدران المسجد الدلائي ويظهر أن هناك زاوية الدلاء المدينة وزاوية الدلاء القبيلة أي مكانان اثنان أطلق على كل منهما اسم زاوية الدلاء وهو رأي الكثير ممن كتب في الموضوع مثل هنري طيراس في تاريخ المغرب. الزاوية الدلائية ودورها الديني والعلمي والسياسي، ص:34. تاريخ المكتبات الإسلامية ص: 93.

([9])  تنظر صورته في قراءة نافع 4/306.

([10])  يوجد بخزانة أوقاف آسفي العتيقة  مجموع بخط يد الرحماني، فيه جملة تقاييد وإجازات مما أجازه به شيوخه بعنوان: «تقييد أشياخي وما قرأت عليهم». وعلى هذا المجموع اعتمد العلامة العباس التعارجي في عرض مشيخة الرحماني. يراجع قراءة نافع  4/304.

([11])   وهو من شيوخ ابن القاضي المذكور: ينظر صفوة من انتشر ص:244

([12]) يراجع الإعلام 5/294.

([13]) سلوة الأنفاس: 1/5

([14])  دعوة الحق، العددان: 184 و185.

([15])  كشاف الكتب المخطوطة بالخزانة الحسنية ص: 29، رقم 1592 ـ 13595.

([16])  الإعلام 5/294، معلمة القرآن والحديث ص: 87.

([17])   القراء والقراءات ص: 112.

([18]) بين يدي مصحف الحسن الثاني، دعوة الحق، العددان: 184 و185

([19])  القراء والقراءات ص: 112، الفهرس الوصفي لمخطوطات خزانة الزاوية الحمزية 1/ 70.

([20])  القراء والقراءات ص: 111، تاريخ القراءات في المشرق والمغرب ص: 537، المعلمة ص: 87.

([21])  قراءة نافع 4/305

([22])  قراءة نافع 4/306

([23])  أي ما يعرف عند القراء بالخلاف المرتَّب. الجعبري ومنهجه في كنز المعاني 1/300.

([24])  كرد النظير إلى مثله.

([25])  تنظر سيرته: معرفة القراء 1/71، الغاية 1/443.

([26])  التيسير ص 90، النشر 2/232.

([27])  الحجة للفارسي 2/23، شرح الهداية للمهدوي 2/163.

([28])  الحجة 2/419، شرح الهداية 2/211.

([29])  الحجة 3/214، شرح الهداية 2/263.

([30])  الغاية: 1/504-505، تر 2091.

([31])  الجامع ص 396 ، [سياق ذكر همز (بَارِئِكُم): 53].

([32])  الإعلام بمن حل مراكش أغمات من الأعلام، تأليف: قاضي مراكش العباس بن إبراهيم السملالي التعارجي.

([33])  القراء والقراءات ص: 111.

([34])  تاريخ القراءات في المشرق والمغرب ص: 537.

([35])  معلمة القرآن والحديث ص: 87.

([36])  [(ش):1000]، [(م): 40]، [(ل):30].

([37])  [(ص): 60]، [(د): 4]، [(ر):200].

Science

د.مولاي مصطفى بوهلال

    • باحث بمركز الإمام أبي عمرو الداني للدراسات والبحوث القرائية المتخصصة

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق