وحدة الإحياءدراسات عامة

مقاصد الشريعة والمدخل القيمي.. النظرية الاجتماعية والسياسية

أولا

قال الماوردي (450ﻫ/1055م) في أدب الدنيا والدين: “أدبان، أدبُ شريعةٍ وأدبُ سياسية. فأدبُ الشريعة ما أدّى الفرض، وأدبُ السياسة ما عَمَرَ الأرض[1].” ثم تابع: “وكلاهما؛ أي الشريعة والسياسة، يرجع إلى العدل الذي به سلامةُ السلطان وعمارةُ البلدان؛ لأنّ مَنْ ترك الفرضَ فقد ظَلَمَ نفسَه، ومن خرَّب الأرضَ فقد ظَلَمَ غيره[2].”

 وهنا بيت القصيد، فالذي يَدَعُ الشريعةَ وفرائضها التعبدية إنما يظلمُ نفسَه، أمّا الذي يَدَعُ السياسة أو العمل العامَّ أو مسائل التدبير فإنه يظلمُ غيره؛ أي أنه يظلمُ الجماعة بعامّةٍ، وذلك لأمرين اثنين: الإعراض عن ممارسة حقِّه في المشاركة، وفي الوقت نفسِه: التسبُّب بأشكالٍ مباشرةٍ أو غير مباشرةٍ في خراب الأرض، للإعراض عن ممارسة واجبه  ومسؤولياته في المشاركة أيضاً.

وهذا فهمٌ  للعلائق بين الشريعة والجماعة والسياسة أو الشأن العامّ، يبدو أنه ما استقرّ في أخلاد الفقهاء والمتكلمين إلاّ في القرنين الرابع والخامس للهجرة؛  لأننا نجده قد ظهر مرةً واحدةً لدى كلٍّ من العامري والماوردي وأبي يعلى والجويني والراغب الأصفهاني والغزالي وآخرين، في هذه الحقبة بالذات، والواقعة تقريباً بين 350 و500 للهجرة. ولكي لا نكرّر ما سبق أن تحدثنا فيه كثيراً في الأعوام الثلاثة الأخيرة[3]؛ فإننا نلخّص ذلك في النقاط التالية:

 أولاً؛ شهد القرنان الثاني والثالث صراعاً كلامياً على المنظومة القيمية القرآنية تحت عنوانين: الإيمان والقَدَر[4]. وقد قدّم المعتزلةُ مقولة التنزيه وقيمة  العدل؛ في حين قدَّم أهل السنة عقيدة التوحيد وقيمة الرحمة. وخلال ذلك الصراع الذي استمرَّ قرناً ونصف القرن (100-250ﻫ) تبلورت في الأذهان والوعي منظومة القيم القرآنية بالفعل،  والتي تركَّزت في: المساواة والكرامة والرحمة والعدل والتعارُف والخير العام. وما كان الخلافُ على أهمية هذه القيمة أو تلك، بل على القيمة التي ينبغي أن تُردَّ إليها القيمُ الأُخرى، وكيف تؤثّر المنظومة بأصولها الكلامية أو اللاهوتية في الأخلاق والتصرفات.

 وقد بلغ من شراسة هذا النزاع الذي كان في الحقيقة نزاعاً على علائق الدين بالمجتمع، وبالنخبة العالمة وبالسلطات على أنواعها، أنْ اتخذ طابعاً نظرياً ودوغمائياً بحيث قيل إنّ التنزيه أو التوحيد هو المرجع، كما أدخل مبحث القيم في مباحث “الأسماء والأحكام” الدينية. إنما ترتبت على هذا النزاع من جهةٍ أُخرى نتيجتان بنّاءتان: ظهور مبحث مفهوم العقل وماهيته ووظائفه بالتوازي مع مباحث مفهوم الدين وقيمه ووظائفه، وظهور مبحث الحُسْن والقُبح مترتباً على مبحثي الدين والعقل.

 ثانياً؛ لا نعرف بالقطْع متى ظهر مبحثُ مفهوم العقل، إنما وصلتْنا كتاباتٌ فيه من النصف الأول من القـرن الثالث الهجري، من جانب الكندي الفيلسوف (252ﻫ)، والمحاسبي (243ﻫ) المفكر والزاهد. يقول الكندي، متأثراً في ذلك بالترجمات عن اليونانية، وبالجدالات الكلامية، إنّ العقل جوهرٌ فردٌ، وإنه صادرٌ عن العقل الأول أو العقل الفعّال[5]. ويقول المحاسبي إنّ العقل غريزةٌ أو نورٌ، وإنه يقوى ويزيد بالتجارب والعلم والحلم[6]. وإلى مثل قول الكندي ذهب سائر الفلاسفة الإسلاميين ومقلديهم. وإلى مثل القول المحاسبي ذهب الفقهاء وأكثر المتكلمين. وقد أدَّى ذلك من الناحية النظرية إلى ظهور “دين العقل” عند الفلاسفة على اختلاف تياراتهم، وظهور “عقل الدين” لدى الفقهاء وأكثر المتكلمين.

ومن الناحية العملية ظهر افتراقٌ شاسعٌ في الرؤية الاجتماعية/السياسية بين الفلاسفة والمفكرين الأخلاقيين المتفلْسفين من جهة، والفقهاء وبعض المتكلمين من جهةٍ ثانية. فالطرفان يعطيان العقل وظائف تدبيرية، سواء لجهة سيطرته على فيزيقا البدن أو الشبكة الاجتماعية والسلطات الأُخرى. بيد أنّ الاختلاف في مفهوم العقل أدى إلى الاختلاف في فهم ممارسته لطرائقه أو وظائفه التدبيرية. فالعقل لدى الفلاسفة ومُشايعيهم صادرٌ عن العقل الفعّال، ولذا فهو يملك سلطاتٍ عليا ومستقلة أو  قائمة بذاتها دونما حاجةٍ إلى شرعيةٍ أُخرى من أي نوع. وهو لا يحضُرُ لدى سائر الناس على نفس القدْر أو الدرجة؛ لأنّ البشر في نظر أهل الفلسفة أو الفلسفات الكلاسيكية، ليسوا أفراداً عقلاء وراشدين؛ بل هم فئاتٌ أو طبقات، وفي كل فئةٍ أو طبقةٍ يحضر العقلُ بقدرٍ معيَّنٍ، إلى أن يغيب تماماً لدى العبيد والأرِقّاء[7].

 بينما يحضُرُ لدى الطبقة العليا أو المختارة فرداً أو نوعاً بالقدر الأعلى. والقدرُ الأعلى هذا لدى الحكماء هو الذي يملكُ حقَّ وواجبَ السطوة والسيطرة. وهذا معنى قول الفارابي (339ﻫ): “يكونُ الرئيس ثم تكون المدينةُ وأجزاؤها[8].” فالمدينةُ الفاضلةُ التي تتحقق لفئاتها السعادة هي التي يسودُها بل ينشئها الفلاسفة والحكماء بمقتضى الطبيعة العاقلة والخالصة والتي يملكونها دون غيرهم. وهكذا وعند الوصول للتأثير والتدبير على المستوى الاجتماعي والسياسي؛ فإنّ الدين يكونُ قد تنزَّل على هؤلاء الحكماء العارفين فيسيطر دينُ العقل بهذا المعنى المؤسْلَم. أو يتوازى الدينُ والعقلُ مع بقاء السيطرة للعقل- وتظل النتيجةُ واحدةً في التأثير والتدبير.

 أمّا لدى الفقهاء وبعض المتكلمين[9] الذين يقولون، تبعاً للمحاسبي، إنّ العقل غريزة؛ فإنه يكونُ، مع الاحتفاظ بالوظائف التدبيرية، قوةً من قوى النفس الإنسانية، والناسُ يتساوون فيه، وبالتالي فإنه شائعٌ فيهم، فتشيع بذلك السلطة على المستويين الاجتماعي والسياسي، ويتساوى الناسُ فيها حقاً ومسؤولية. وبذلك تتبلور رؤيةٌ أُخرى للمجتمع والسلطات فيه، ويظهرُ بذلك “عقلُ الدين” أو كما سمّاه المحاسبي: العقل عن الله، (وهي عمليةٌ وليست مبدأً)، بحيث يمارسُ التقدير والتدبير من طريق الجماعة التي تقدر وتدبّر وتضبط وتنضبط من خلال الذهنية والثقافة التي أنجزتها منظومة القيم  التي اشترعها القرآن في “رؤيته للعالم” إذا صحَّ التعبير.

 ثالثاً: الرؤية القيمية والنظرية السياسية والاجتماعية؛ ما كان ظهور النظرية الاجتماعية والسياسية الإسلامية سهلاً. فنحن لا نجد تبلْوُراً واكتمالاً لها إلاّ في القرنين الرابع والخامس للهجرة لدى العامري (381ﻫ) والماوردي (450ﻫ) والجويني (478ﻫ) وآخرين وصولاً للغزالي. وتتمثل الصعوبات التي أعاقت التبلْور في عدة عوامل:

 الأول؛ الصراع على منظومة القيم الحاكمة في المجتمع بين المتكلمين، بحيث تحول النزاع إلى عقائديات تتعلق بالكفر والإيمان كما سبق الذكر. إذ صار الأمرُ أمرَ التنزيه وذات الله وصفاته. واحتاج الأمر إلى بعض الوقت لتنتصر رؤية المحاسبي في اعتبار العقل غريزة، والخروج من طريق ذلك إلى المدى الاجتماعي والسياسي؛ أي جَعْل المسألة في المدى الإنساني، أو العودة للقول بمركزية الإنسان المؤمن وتعقُّله للشريعة وقيمها.

 والثاني؛ أنّ هذه العملية ما أُدركت باعتبارها كذلك إلاّ عندما حدث أمران: التحرر من الجمود المُريح للرؤية الفلسفية للعقل، وانتقال الملفّ الاجتماعي والسياسي من أيدي المتكلمين العقائديين إلى أيدي الفقهاء. فحتى في القرن الخامس الهجري، كان الجويني (478ﻫ) ما يزال يشكو من أنّ مبحث الإمامة ما يزالُ في أيدي المتكلمين وليس الفقهاء[10].

 والعامل الثالث مؤسسةُ الخلافة نفسها، والتي كانت طريقةُ ظهورها عاملاً إيجابياً في فتح الطريق لتبلْوُر نظرية سياسية جديدة. فقد ظهرت من طريق الشورى والبيعة. لكنّ تطورات النقاش في مرجعيتها، ووقائع استمرارها؛ كلُّ ذلك تحول إلى قيدٍ على فهم مسائل التاريخ والشرعية والمرجعية.

 ولنضربْ مَثَلاً بالنقاش حول أصل الإمامة أو السلطة السياسية بين الماوردي (450ﻫ)، والجويني (478ﻫ). فالماوردي المتمسك بالتقليد الحي وبالشرعية التاريخية يؤسِّسُ الإمامة على العقل والنقل معاً[11]. بنيما يذهب الجويني إلى أنه لا تأسيس للإمامة إلاّ على الإجماع[12] تاريخاً وحاضراً؛ لأنّ السلطة للجماعة، والإمام وكيلٌ عنها بالشروط المعروفة. وهي ليست عقليةً لأنها قائمةٌ على الشورى واختيار الجماعة، كما أنها ليست نقليةً لأنّ النقل يقتضي اليقين، وليس هناك نصٌّ  دينيٌّ يقينيٌّ بشأنها[13]

ثانيا

 ولنعد إلى الماوردي ومقولته في أنّ الشريعةَ معنيةٌ بأداءُ الفرض، والسياسة معنيةٌ بإعمار الأرض. فالشريعة تتعلق بالفرائض التعبدية الفردية والحسْبية، بينما تتعلق السياسة بالأعمال التدبيرية، أمّا الناظمُ بينهما فهو منظومةُ القيم القرآنية، التي بدأ الفقهاء وبعض المتكلمين والأُصوليين يتحدثون عنها منذ القرن الثالث تحت عنوان عِلَل الشرائع أو محاسنها أو مصالحها أو ضرورياتها وُصولاً للاستقرار على مصطلح مقاصد الشريعة للتعبير عن أمرين: مركزية الإنسان في المنظومة الكونية، واشتراعُ الدين لصَون ضرورياته، ومراعاة حاجاته ووسائل تقدمه وازدهاره.

وقد درس الماوردي في باب” أدب النفس” من كتابه: “أدب الدنيا والدين” كيف تُسهمُ العبادات في تزكية النفوس وتطهيرها، بسبب قيامها على الطاعة لله، وبسبب الإصرار على أن تكون تلك العباداتُ دافعاً لتهذيب النفوس، ونشر الودّ والخير بين الناس، من مثل الصلاة والزكاة والصوم[14]. أمّا الفلسفةُ الاجتماعية والسياسية فإنها تقومُ في الإسلام على المنظومة القيمية المتمثلة في قيمة المساواة، وقيمة الكرامة، وقيمة الرحمة، وقيمة العدل، وقيمة التعارُف، وقيمة الخير العام. والالتزام العامُّ بهذه القيم من جانب المؤمنين أفراداً وجماعاتٍ تكون نتيجته السير في تحقيق المصالح الضرورية لبقاء مجتمع المؤمنين وازدهاره.

 وقد ترجم الماوردي منظومة القيم القرآنية ومآلات صَلاح حال الإنسان في مجتمع المؤمنين، بستة مرتكزات أو شؤونٍ أساسية هي: الدين المتبع، والسلطان القاهر، والعدل الشامل، والأمن العام، والخصب الدارّ، والأمل  الفسيح. وما ذكره الماوردي كرره معاصروه وبخاصةٍ العامري والراغب الاصفهاني بعباراتٍ أخرى مقارِبة[15]، وإن يكن هناك تفاوُتٌ في طرائق المعالجة. فالماوردي يضع نظرية المصالح أو المجتمع الصالح في كتاب” أدب الدنيا والدين”، بينما يقرأُ النظرية السياسية في كتابه:”الأحكام السلطانية”.

 ويقتصر العامري (381ﻫ) على عرض النظرية في “الإعلام بمناقب الإسلام”، وكذلك الراغب الأصفهاني في “الذريعة إلى مكارم الشريعة”، وأبو زيد الدبّوسي في: “الأمَد الأقصى”. في حين يذهب إمام الحرمين الجويني مذهباً آخر إذ يعرض النظرية السياسية في “غياث الأُمَم” بينما يُدْخِلُ للمرة الأولى الضروريات الخمس (النفس، والدين، والعقل، والنسل، والمِلك) في كتابه: “البرهان في أُصول الفقه”.

 وهذا الأمر نفسه يقومُ به الغزالي (505ﻫ) الذي يعرض النظرية الدينية والاجتماعية والسياسية في “إحياء علوم الدين”، بينما يذكر الضروريات الخمس في كتابه الأول في أصول الفقه: المنخول من تعليقات الأُصول. ويصلُ بنا عز الدين ابن عبد السلام (665ﻫ) إلى مرحلةٍ جديدةٍ حين يختصُّ المصالح أو الضروريات بكتابٍ هو: “قواعد الأحكام في مصالح الأنام”، ثم يعرض النظرية الاجتماعية القائمة على منظومة القيم  القرآنية في كتابه المسمَّى: “شجرة المعارف والأحوال[16]“. ويبلُغُ هذا النهج الذروةَ في المرحلة الكلاسيكية كما هو معروفٌ بكتاب، بل كتابا الشاطبي (790ﻫ): الأول؛ هو “الموافقات في مقاصد الشريعة” وهو  مشهور، والثاني؛ “الاعتصام” وهو مختصٌّ بعرض الجوانب الدينية التعبدية والحسْبية لقسم “أداء الفرض” من النظرية[17].

  ولنعد، إذن، إلى تجميع أو تركيز القسم الكلاسيكي من نظرية الدين أو عقل الدين أو عقل الجماعة. بدأ الأمر بتبلْوُر منظومة القيم القرآنية الست من خلال صراع المتكلمين على تقديم قيمة العدل أو  قيمة الرحمة، والصيرورة إلى تسلُّم الفقهاء للمنظومة وإعادة النظر في علائقها بالعَقَديات. ومع تضاؤل الطابَع العَقَدي انتقل التركيز إلى مفهوم العقل، حيث جرى التوصل إلى اختيارٍ آخَرَ أيضاً. قال الفلاسفة إنّ العقل جوهرٌ فردٌ، وقال الفقهاء وبعض المتكلمين: بل هو غريزة.

 واستناداً إلى أنّ للعقل وظائف تدبيريةً؛ فإنّ المذهب الغَرَزيَّ عَنَى أنّ الناس متساوون في العقول، وفي السلطة التدبيرية. وبذلك فإنّ عقل الدين أو عقل الجماعة الذي يستكِنُّ ويُجِنُّ منظومةَ القيم القرآنية هو الذي يسود في المجتمع، ويملكُ السلطة في العالم السياسي. وباستواء الأمر في منظومة القيم، وفي مفهوم العقل، تجلّت المنظومةُ القرآنيةُ بدون حواجزَ وعقباتٍ في صورة نظريةٍ اجتماعية/سياسية مؤسَّسة على مقاصد الشريعة، التي هي نفسُها منظومة القيم القرآنية.

 لقد تجلَّى ذلك كلُّه بوضوح في القرن الخامس الهجري. واستمرت التطورات والتدقيقات بين العبادي والحسبي والفقهي حتى القرن التاسع الهجري. وتحقّق خلال هذه القرون أمران أساسيان: أنّ الإنسانَ هو الكائنُ المركزيُّ في هذا العالم، وأنّ الله سبحانه وتعالى أرسل إليه الرسل والكتب إكراماً وصَوناً  لمصالحه وضرورياته، لكي يتمكن من عبادته تعالى، والقيام بمهامّ الخلافة في الأرض التي عهِدَ إليه سبحانه بها، تسخيراً وإعماراً.

ثالثا

افتتح رفاعة رافع الطهطاوي (1883م) التفكير في الشأن العامّ الإسلامي والإنساني في الثلاثينات والأربعينات من القرن التاسع عشر. في “تخليص الإبريز في تلخيص باريز” (1834م) حيث قصَّ قصةَ رحلته إلى باريس (1827-1831م) إماماً لبعثة محمد علي التعليمية، واستعرض مشاهد الحياة الباريسية الإنسانية والثقافية والسياسية، ومن ضمن ذلك تلخيصه لدستور الثورة الفرنسية[18]. وفي الأربعينات من القرن التاسع عشر تحدث عن الحريات الإنسانية وقسّمها إلى خمسة أقسامٍ نقلاً أيضاً عن كتابٍ فرنسيٍّ فيما يبدو[19]. ومع أنه عرض لكراهية الفرنسيين المثقفين للكهنوت الكاثوليكي، لارتباطه بالمَلَكية الاستـبدادية؛ فإنه ما تطرّق، وﻫو الشيخ الأزﻫري، إلى مسألة علاقة الدولة بالدين أو أنه لم ير حاجةً للإصلاح الديني.

أمّا خير الدين التونسي (1888م) الذي قاد مشروعاً كبيراً لإصلاح الدولة من طريق إدراك المنافع أو المصالح العمومية (ويقصد بها كلٌّ من الطهطاوي والتونسي: استنهاض الوعي العام أو الوعي بالمصلحة العامة)، وإقامة المؤسسات؛ فإنه وجد في مقدمته على كتابه الكبير: “أقوم المسالك في معرفة أحوال الممالك” أنّ هناك ضرورةً لكسْب رجال الدين في عمليات النهوض والإصلاح الدولتي. فقد وعى الرجل أنه كان يستوردُ أفكاراً ومؤسَّساتٍ معاً، وهناك خشيةٌ أن يرفض رجال الدين والعامة هذا الاستيراد والتغريب.

ولذلك لجأ في بعض فقرات مقدمة الكتاب السالف الذكر إلى الاستنصار بأفكار “الضروريات” والسياسات الشرعية، وجلب المصالح ودرء المفاسد، وكلُّها مسائل وقواعد اعتقد خير الدين (أو  أشار عليه بذلك العلماءُ القريبون منه) أنها أحرى أن تلقى قَبولاً فيما هو بسبيله من تجديد وتطوير[20]. فقد ذهب إلى أنّ هذا النهوض الأوروبي هو  بمثابة سيلٍ لا يمكن دفْعُهُ إلاّ بالانخراط في بناء المؤسسات المشابهة لما عند الأوروبيين والتي يمكن أن تُسهم في درء أخطار هذه العاصفة  الزاحفة على المسلمين دياراً وإنساناً. وهذا أول استعمالٍ حديثٍ نعرفُهُ لقاعدة الغايات أو جلب المصالح أو السياسة الشرعية.

 وهذا يعني أنّ التونسي ومستشاره محمد بيرم الأول (صاحب رسالة: السياسة الشرعية)[21] رأَيا استخدام فكرة المصالح (أو المقاصد الشرعية) لدفع المسلمين لتقبُّل الجديد النافع. وفيما بعد أضاف محمد عبده والفقهاء التونسيون والمغاربة إلى هذه الوظيفة الجديدة للمقاصد وظيفةً أُخرى هي فتحُ باب الاجتهاد الذي كان قد انسدَّ في نَظَر عبده منذ عدة قرون. فقد رأى عبده أنّ الجمود المذهبي والتقليد والتواكل الصوفي والطُرُقية؛ كلُّ ذلك قد جمَّد الدين، ولابد من فتح منافذ جديدة للإصلاح الديني، وللإصلاح في الشأن العام، ومن طريق إحياء الاجتهاد فكرةً وممارسة، والذي يمكن أن يتجاوزَ التقليد والبدَع والخرافات، ويُسْهِمَ في تقبُّل الجديد والنافع[22].

وهاتان المهمتان لفقه المقاصد: مهمة تقبُّل الجديد، ومهمة دعم الاجتهاد، ظلّتا ساريتَي المفعول على مدى حوالي نصف القرن حتى ثلاثينات القرن العشرين. وإلى هذا المنزع، منزع الفقه الإصلاحي يمكن نسبةُ كتابي الطاهر بن عاشور(1947)، وعلاّل الفاسي (1972) في مقاصد الشريعة، وإن كانا متأخّرين زماناً. إنما يكونُ علينا أن نلاحظ أنّ ابن عاشور عالج المنزع الفقهي البحت؛ أي الاجتهاد والتجديد، بينما وسَّع علاّل الفاسي بحكم اهتماماته السياسية البارزة استعمال المقاصد لاجتراح مظلَّةٍ لمسائل جديدة مثل مبحث حقوق الإنسان.

 إنما فيما بين الثلاثينات والثمانينات من القرن العشرين حدث انقلابٌ هائلٌ، وتغيُّرٌ كبيرٌ في الإشكاليات والاهتمامات وبالمشرق أولاً ثم بالمغرب. فقد كانت إشكاليةُ ما عُرف بعصر النهضة: كيف نتقدم، وفي هذا السياق استُخدم فقه المقاصد فيما بين خير الدين وعبده وابن عاشور والفاسي. أمّا في حقبة ما بين الحربين فقد ظهرت إشكاليةٌ جديدةٌ هي: كيف نصونُ هويتنا الإسلامية. وترتّبت على ذلك ثلاثةُ أمور: مكافحة التغريب والغزو الثقافي، وبناء نظام إسلامي جديد من طريق التأصيل، وظهور مجموعات وحركات اجتماعية وثقافية وسياسية لتحقيق الأمرين: أَمر مكافحة التغريب، وأمر بناء النظام الكامل والمؤصَّل على الكتاب والسنة[23].

 في هذا السياق الإحيائي المستجدّ، بل والقاطع مع المرحلتين: المرحلة الكلاسيكية التقليدية، والمرحلة النهضوية/الإصلاحية، عاد الإحيائيون الإسلاميون لاستخدام فقه المقاصد، ولثلاثة أغراض: إثبات أنّ لدى المسلمين نظاماً دينياً وثقافياً وقيمياً وقانونياً مستقلاً ومتكاملاً، وذا فلسفةٍ خاصةٍ لا تتلاقى مع النظام العالمي إلاّ في جزئياتٍ وتفاصيل. والثاني؛ أنّ هذا النظام العقدي والتشريعي والسياسي، يقوم على الاستخلاف والتكليف والحاكمية وتطبيق الشريعة[24]. والثالث؛ أنه تبقى لفقه المقاصد فوائد في الإصغاء للأَولويات، وإمكانيات التلاؤم، والتفرقة بين القطعي والظني والمصلحي[25].

رابعا

لقد مررنا، إذن، وخلال قرابة القرن ونصف القرن بمرحلتين فيما يتصل باستخدام فقه المصالح أو المقاصد الشرعية: مرحلة الإصلاح التي استُخدم فيها فقه المقاصد في الانفتاح على الجديد، وفي فتح باب الاجتهاد الفقهي. ومرحلة الإحياء التي استخدم فيها فقه المقاصد في بناء نظامٍ جديدٍ عقائدي واجتماعي وسياسي. لكنْ في المرحلتين، ما كانت هناك إفادةٌ من فقه المقاصد الشرعية باعتباره تأسيساً لمركزية الإنسان، ولقيام السلطة الاجتماعية والسياسية على الجماعة أو انبثاقها عنها. ولذلك فإنّ الإحيائيين الحزبيين المسلمين كما بَدَوا نوافرَ ومختلفين في أزمنة معارضتهم، يبدون الآن نافرين ومثيرين للسخط في زمن حركات التغيير العربية.

 لقد اندفعت إلى التغيير حركاتٌ شبابيةٌ حملت شعارات الحرية والكرامة والعدالة والتداول على السلطة ومكافحة الفساد. وهي جميعاً أمورٌ وقيمٌ إسلاميةٌ وعالميةٌ افتقدتها أمتنا إلى حدٍ بعيد منذ الستينات من القرن العشرين. وقد انضمّ إليهم الحزبيون الإسلاميون في الساحات، ثم ظهروا في الانتخابات، وتفاوتوا في التلاؤم مع المشهدين العربي والعالمي. ومن مظاهر التلاؤم الرضا بخوض الانتخابات وتقبُّل نتائجها أو التظاهر بذلك. إنما عند أول تحدٍّ عادوا لتهديد الناس بتطبيق الشريعة لتحشيد الحزبيين، وإخافة المُعارضين لهم. ولدينا اليومَ أربعةُ تحدياتٍ تتعلقُ جميعاً بالقيم والمقاصد الشرعية، والانخراط في السياق الكوني المعاصر في الوقت نفسِه:

 الأول؛ معالجة الانفصام بين الشريعة والجماعة، وهو انفصامٌ طوَّره الإسلاميون عبر أكثر من خمسة عقود. فالشريعة تحتضنُها الجماعة منذ كان الإسلام. والشريعة ركنان: الركن العبادي، والركن التدبيري. والركن العباديُّ عقائديٌّ وشعائريٌّ وتربوي، والناس يتبعونه ويؤدونه كما في كل دينٍ دونما وكيلٍ أو آمر؛ لأنه يعتمد على الإيمان ودخْلنة القيم. أمّا الجانبُ التدبيري فهو بيد الجماعة اجتماعياً وسياسياً، وهو يقتضي أنّ الشعب هو مصدر السلطات. ذلك أنّ الشريعة تبقى شديدة التوهُّج والحضور، وما غابت لكي تحتاج إلى تطبيق. وغياب المشاركة السياسية ليس غياباً للدين، بل هو غيابٌ لحق الناس في إدارة شأنهم العام، وهم مقبلون الآن على التصحيح والتغيير لمباشرة إدارة مصالحهم العمومية بأنفسهم باعتبار ذلك حقهم وواجبهم. وبهذا المعنى فإنّ شعار تطبيق الشريعة خطأٌ وخطيئةٌ في حقّ الدين وحقّ الناس. فإلى اليوم ما يزال الفرنسيون يفخرون بأنهم أول من قال في القرن التاسع عشر عقِب الثورة الفرنسية بحقّ الاقتراع العام. وها هو الجويني ومنذ القرن الثاني عشر الميلادي، يقول بقيام السلطة على الإجماع. وما تطورت مؤسَّساتٌ لصَون ذلك وإنجازه مؤسَّسياً في التاريخ، لكنّ أحداً من أهل السنة ما قال بغير الاختيار في الشأنين الاجتماعي والسياسي.

 والتحدي الثاني؛ النظر في التمييز وربما الفصل بين الدعَوي والسياسي. لأنّ الدعوة تتناول الجانب التعبدي والحسْبي والتربوي من الدين. بينما يتناولُ السياسي الجانب التدبيري الذي تسودُهُ خياراتُ الناس، وإدراكُهُم لمصالحهم، وحقهم في إدارة شأنهم العام. وما تفعلُهُ الأحزابُ الإسلاميةُ هو استخدام الجانب الدعوي والاعتقادي والتعبُّدي في الصراع السياسي ضدَّ الخصوم، وضدَّ بعضهم بعضاً. وهذا الصراع هو إدخالٌ للدين في بطن الدولة، ومعدةُ الدولة قادرةٌ على الشرذمة والتحطيم والهضم. وفي ذلك شرذمةٌ للدين الذي نعتمد في الوحدة الاجتماعية على جانبه التعبدي والحسْبي والرحوم والذي ينشر التضامُنَ والأمن والودَّ بين الناس. فلا بد من صون الدين في زمن الثورات وأزمنة التغيير الكبرى.

 والتحدي الثالث؛ النظر في إعادة تكوين المؤسسات الدينية والمرجعية. فقد خضعت في المرحلة الماضية إلى ضغوطٍ هائلةٍ من جهتين: جهة السلطات التي استتبعتْها أو  حاولت إلغاءها وجهة الإسلاميين الحزبيين الذين أرادوا استلاب المرجعية منها والحلول محلّها، بحجة أنها قاصرةٌ أو خاضعة. وللمؤسسات الدينية عامةً أربع مهامّ: القيام على العبادات، والتعليم، والفتوى، والإرشاد العامّ. وهي جميعاً مهامّ تظلُّ ضروريةً لديننا وناشئتِنا ومشهدِنا العامّ.

 والمرحلة القادمة هي مرحلةُ انحسار سيطرة الدولة عن هذه المؤسسات، ولا ينبغي من جهةٍ ثانيةٍ أن يستولي عليها الحزبيون الإسلاميون حتى لو وصلوا للسلطة. ولذلك كلِّه لا بُدَّ أن يفكّر أهل الدين والرأْي في مصائر هذه المؤسسات في ظلّ الحريات الجديدة، بحيث تكون مؤسساتٍ كبرى من مؤسسات المجتمع المدني يصونها ويعمل بها ولها المجتمع الذي أنشأها في الأصل، وأَوكل إليها العناية بشأنه الديني.

  والتحدي الرابع؛ مصائر الدين نفسِه. فهناك في صفوفنا منذ عقود نزوعٌ دينيٌّ نحو التشدد وهو مُحافظٌ من جهة، وإحيائي وأصولي من جهةٍ ثانية. لقد صار الإسلام منذ أكثر من عقدين مشكلةً عالميةً بسبب هذا النزوع إلى الهوية والخصوصية، والذي يصبح عنيفاً أحياناً، في التعامل مع الداخل، كما في التعامُل مع العالم. نحن بحاجةٍ شديدةٍ إلى نهوضٍ فكري إسلامي كبير، لتجديد الرؤية لإنفُسِنا وديننا، وللعالَم. فنحن نريد أن نعيش بديننا وأخلاقنا في العالم ومعه، وليس في مواجهته. لا نريد أن نخيف العالم، ولا أن نخافَ منه. ولا أجدى من آفاق مقاصد الشريعة للدخول في السياق الكوني المعاصر[26].

الهوامش

[1]. الماوردي، أدب الدنيا والدين، مصر: المطبعة الأميرية، 1915، ص113.

[2]. المصدر نفسه، ص114. وقارن برضوان السيد، المجتمع الصالح بحسب الماوردي، والنظام القيمي في التجربة الإسلامية؛ في: مجلة التفاهم، م 35، 2012، ص64-84.

[3]. قارن برضوان السيد، المفهوم القيمي والأخلاقي في العقل الإسلامي؛ بندوة القيم العُمانية، وزارة الأوقاف والشؤون الدينية بسلطنة عُمان، 2011، ص349-364، ومقالتي: شواهد التغيير ومشاهده في القرآن الكريم؛ بمجلة التفاهم العُمانية، م34، ص28-42، ومقالتي بمجلة التفاهم، م31، ص13-21. وكنتُ قد استندتُ في قراءة المفاهيم القيمية والأخلاقية في القرآن إلى دراسات المستشرق الياباني أكيشيهو إيزوتسو. وانظر الآن عبد الرحمن الحاج، الخطاب السياسي في القرآن: السلطة والجماعة ومنظومة القيم، بيروت: الشبكة العربية، 2012.

[4]. عبد الرحمن بدوي، مذاهب الإسلاميين، بيروت: دار العلم للملايين، 2008، ص97-120.

[5]. الكندي، الرسالة في الفلسفة الأولى، تحقيق أحمد فؤاد الأهواني، القاهرة 1955، ص38-41، ورسائل الكندي الفلسفية، حققها وأخرجها محمد عبد الهادي أبو  ريدة، مصر: دار الكتاب العربي؛ 1950، م1، ص165. رسالة في حدود الأشياء ورسومها، ورسالة الكندي في العقل 1/312، 353-358.

[6]. المحاسبي: العقل وفهم القرآن، نشر حسين القوتلي، بيروت: دار الفكر 1971، ص162-163، 211-212. وقارن بدراستي: بين التنزيل والتأويل: منهج الحارث المحاسبي (243ﻫ/857م) في رسالتيه: العقل، وفهم القرآن، ضمن أعمال الندوة العلمية الدولية: العلوم الإسلامية: أزمة منهج أم أزمة تنزيل؟ التي نظمتها الرابطة المحمدية للعلماء، أكادير/المملكة المغربية، (1431ﻫ/2010م)، نشر بيروت: دار مدارك للنشر، 2011، ص11-18، ودراستي: العقل والدولة في الإسلام: دراسة مقارنة لمفاهيم الاجتماع البشري والعقل والتدبير عند الفلاسفة والفقهاء؛ في: الأمة والجماعة والسلطة، بيروت: دار جداول للنشر، ط5، 2011، ص186-208.

[7]. قارن برسالة ثامسطيوس إلى يوليان الملك في السياسة وتدبير المملكة، تحقيق وشرح محمد سليم سالم، مصر: مطبعة دار الكتب، 1970، ص28-30. جمهورية أفلاطون، ترجمة فؤاد زكريا، الكتاب الثاني، الفصل الحادي عشر، 369ب 11-12، ص54.

[8]. الفارابي، آراء أهل المدينة الفاضلة، تحقيق البير نصري نادر، بيروت: دار المشرق 1973، ص120. وقارن بالفارابي، السياسة المدنية، تحقيق فوزي نجار، بيروت: دار المشرق، ص69-70. والفارابي، تحصيل السعادة، تحقيق جعفر آل ياسين، بيروت: دار الأندلس 1981، ص92-93.

[9]. الفراّء، العُدّة في أصول الفقه، تحقيق أحمد بن علي المباركي، بيروت: مؤسسة الرسالة 1980، ص89-94، وشرح الكوكب المنير،1/24، والمسوَّدة لآل تيمية، ص559-560، والجويني، البرهان في أصول الفقه، تحقيق عبد العظيم الديب، الدوحة 1399ﻫ، ص112-113.

[10]. الجويني، غياث الأُمم في التياث الظُلَم، تحقيق ودراسة عبد العظيم الديب، الدوحة 1400ﻫ. ص59-60.

[11]. الماوردي، الأحكام السلطانية والولايات الدينية، بيروت: دار الكتاب العربي 1974، ص3-5.

[12]. الجويني، غياث الأُمم، م، س، ص61.

[13]. المصدر نفسه، ص60-61.

[14]. الماوردي، أدب الدنيا والدين، م، س، ص222-236. وانظر مقالتي، المجتمع الصالح بحسب الماوردي؛ مجلة التفاهم، 2011، م34، ص64-84.

[15]. العامري في: الإعلام بمناقب الإسلام (بينما هو يذهب في السعادة والإسعاد مذهباً فلسفياً بحتاً)، والراغب الأصفهاني في: الذريعة إلى مكارم الشريعة. وقارن بمنى أحمد أبو زيد، مجتمع الخير والأمة الميمونة عند العامري، مجلة التفاهم، م 34، 2011، ص101-126.

[16]. عز الدين ابن عبد السلام، قواعد الأحكام في مصالح الأنام، بيروت: مؤسسة الريان، 1990، وشجرة المعارف والأحوال وصالح الأقوال والأعمال، تحقيق إياد خالد الطباع، بيروت، 1996. وقارن بمحمد عابد الجابري، العقل الأخلاقي العربي، بيروت: مركز دراسات الوحدة العربية، 2001، ص ص 595-618.

[17]. ومع ذلك فإنه يوردُ استطراداً كشفاً بتسعة معانٍ للجماعة؛ قارن بالشاطبي، الاعتصام، تقديم محمد رشيد رضا، مصر: دار المنار، 1922، م2، 216-227.

[18]. الطهطاوي، تخليص الإبريز، القاهرة: الهيئة المصرية للكتاب 1968. ص128-134.

[19]. الطهطاوي، مناهج الألباب المصرية، نشرة 1912، ص127-128. وقارن بالشيخ حسين المرصفي، رسالة الكلم الثمان، دراسة أحمد زكريا شلق، القاهرة: الهيئة المصرية للكتاب، 1984. ص 119-122. وانظر رضوان السيد، سياسيات الإسلام المعاصر، بيروت: دار الكتاب العربي 1997، ص244-246.

[20]. خير الدين التونسي، أقوم المسالك في معرفة أحوال الممالك، 1-2. تمهيد وتحقيق المنصف الشنوفي، تونس: المجمع التونسي للعلوم (بيت الحكمة)، الفقرات من 4 إلى 33 (ص50).

[21]. بيرم الأول، رسالة في السياسة الشرعية، تحقيق وتعليق محمد الصالح العسلي، دبي: مركز جمعة الماجد، 2002. وهناك شبهٌ شديدٌ بين كلام محمد بيرم وكلام خير الدين، لكنّ المشكلة أنّ خير الدين طبع كتابه عام (1867) قبل نشر رسالة بيرم بحوالي العشرين عاماً (1886). وقارن برضوان السيد، مقاصد الشريعة بين أصول الفقه والتوجهات النهضوية: التأسيس والتوظيفات الحديثة؛ مجلة التفاهم العُمانية، م34، ص268-289. وانظر فهمي جدعان، أسس التقدم عند مفكري الإسلام في الأزمنة الحديثة، بيروت: الشبكة العربية 2010، ص118-131.

[22]. رضوان السيد، سياسيات الإسلام المعاصر، م، س، ص221-225. وقارن بمقالتي السالفة الذكر بمجلة التفاهم م34، 2011، ص280-282.

[23]. قارن برضوان السيد، نقائض التأصيل والتجديد في الفكر الإسلامي المعاصر؛ في: سياسيات الإسلام المعاصر، م، س، ص 171-183، ورضوان السيد، حركات الإسلام السياسي والصراع على الإسلام؛ في كتابي: الصراع على الإسلام، بيروت: دار الكتاب العربي 2005، ص73-103.

[24]. يقول محمد جمال باروت: (في: يثرب الجديدة، بيروت: دار رياض الريس، 1994، ص13-47) إنّ الدخول في مسألة تطبيق الشريعة حدث قبل الدخول في الحاكمية، وهذا غير دقيق.

[25]. قارن برضوان السيد: مقاصد الشريعة بين أصول الفقه والتوجهات  النهضوية، م، س، ص285-288.

[26]. هناك كتابان صدرا بعد قيام حركات التغيير العربية، وقد دخلا في هذه الإشكاليات تفكيراً ونقاشاً، وبخاصةٍ أولهما: طه عبد الرحمن: روح الدين: من ضيق العلمانية إلى سعة الائتمانية، بيروت: المركز الثقافي العربي، 2012،

  Tarik Ramadan, The Arab Awakening, Islam and the New Middle East, Allen lame 2012.

www.ridwanalsayyid.com

Science

د. رضوان السيد

 أستاذ الدراسات الإسلاميةـالجامعة اللبنانية  

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق