مركز ابن أبي الربيع السبتي للدراسات اللغوية والأدبيةقراءة في كتاب

«معجم الهيآت والإشارات والرموز في القرآن الكريم من خلال تفسير «التحرير والتنوير» للإمام الطاهر ابن عاشور» (الحلقة الأولى)

و- ثناء العلماء عليه:

عَلَم كهذا حري بأن يثني عليه العلماء شرقا وغربا، لما ثبت عنه من كريم الأخلاق وإخلاص في العلم؛ يقول فيه الدُّكتور محمد الحبيب ابن الخوجة: «هو نمطٌ فريد من الشيوخ، لم نعرف مثلَه بين معاصريه أو طلَّابه، أو من كان في درجتهم من أهل العلم، إذ كان انكبابه على الدرس متميزا، واشتغاله بالمطالعة غير منقطع، مع عناية دائمة مستمرة بالتدوين والكتابة.. وهبه الله متانةَ علم، وسعة ثقافة، وعمق نظر، وقدرة لا تفتُر على التَّدوين والنَّشر، ومَلَكات نقديَّة يتَّضح أثرها في طريقة الجمع بين الأصول والتفريعات، وما يلحق بها من تصرُّفات وإبداعات»(27).

وقال فيه صديقه الشيخ محمد الخضر حسين: «وللأستاذ فصاحة منطق، وبراعة بيان، ويضيف إلى غزارة العلم وقوة النظر: صفاء الذوق، وسعة الاطلاع في آداب اللغة… كنت أرى فيه لسانا لهجته الصدق، وسريرة نقية من كل خاطر سيء، وهمة طماحة إلى المعالي، وجدا في العمل لا يمسه كلل، ومحافظة على واجبات الدين وآدابه… وبالإجمال ليس إعجابي بوضاءة أخلاقه وسماحة آدابه بأقل من إعجابي بعبقريته في العلم»(28).

يقول الشيخ الدكتور عبد المحسن بن عبد العزيز العسكر: «الشيخ محمد الطاهر ابن عاشور رحمه الله نابغة تونس في القرن الرابع عشر الهجري وشيخ الإسلام فيها، وهو أحد أعلام الأمة الإسلامية الكبار، والحديث عن هذا الرجل العظيم متعدد الجوانب لتعدد نواحي العبقرية والنبوغ لديه. فهو علامة في التفسير والحديث والأصول والفقه واللغة والنحو والبلاغة، وما إلى ذلك من علوم الاجتماع والأخلاق والعمران، ويشهد لذلك ما خلفه من الآثار القيمة في هاتيك الفنون، بيد أن كثيرا منها لم ير النور بعد»(29).

وقال محمد محفوظ: «وكان جم النشاط غزير الإنتاج تزينه أخلاق رضية وتواضع فلم يكن على سعة اطلاعه وغزارة معارفه مغرورا كشأن بعض الأدعياء ممن لم يبلغ مستواه»(30).

وقال فيه الشَّاعر التُّونُسي محمد الحليوي:

علَمٌ  يَعِزُّ نَظيرُه في دَهرِهِ        هَيهاتَ، ليسَ نَظيرُه بمُتاحِ

ما ضَرَّ مَن أضحى يَعيشُ بعَصرِهِ        إنْ لم يُشاهِد (مالكاً) في السَّاحِ(31)

وقال فيه صديقه الشيخ محمد الخضر حسين شعرا أيضا:

أَحْبَبْتُهُ مِلْءَ الْفُؤَادِ وَإِنَّمَا      أَحْبَبْتُ مَنْ مَلَأَ الوِدَادُ فُؤَادَهُ

فَظَفِرْتُ مِنْهُ بِصَاحِبٍ إِنْ يَدْرِ مَا      أَشْكُوهُ جَافَى مَا شَكَوْتُ رُقَادَهُ

وَدَرَيْتُ مِنْهُ كَمَا دَرَى مِنِّي فَتًى     عَرَفَ الْوَفَاءُ نِجَادَهُ وَوِهَادَهُ(32)

كما فاز الشيخ الإمام بالجائزة التقديرية للدولة التونسية ونال وسام الاستحقاق الثقافي سنة 1968م وهو أعلى وسام ثقافي قررت الدولة التونسية إسناده إلى كل مفكر امتاز بإنتاجه الوافر ومؤلفاته العميقة الأبحاث ودعواته الإصلاحية ذات الأثر البعيد المدى في مختلف الأوساط الفكرية.

الصفحة السابقة 1 2 3 4 5 6 7الصفحة التالية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق