مركز ابن أبي الربيع السبتي للدراسات اللغوية والأدبيةقراءة في كتاب

«معجم الهيآت والإشارات والرموز في القرآن الكريم من خلال تفسير «التحرير والتنوير» للإمام الطاهر ابن عاشور» (الحلقة الرابعة عشرة)

الشين

[29] شخوص البصر:

ومن دلالات هذه الهيئة في القرآن الكريم:

1- الخوف: قال الله تعالى: (وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ لَا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ) [إبراهيم: 42- 43]، قال الطاهر ابن عاشور: «وَشُخُوصُ الْبَصَرِ: ارْتِفَاعُهُ كَنَظَرِ الْمَبْهُوتِ الْخَائِفِ»(1).

ومنه قوله تعالى: (وَاقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقُّ فَإِذَا هِيَ شَاخِصَةٌ أَبْصَارُ الَّذِينَ كَفَرُوا يَاوَيْلَنَا قَدْ كُنَّا فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا بَلْ كُنَّا ظَالِمِينَ) [الأنبياء: 97]، قال الطاهر ابن عاشور: «وَالشُّخُوصُ: إِحْدَادُ الْبَصَرِ دُونَ تَحَرُّكٍ كَمَا يَقَعُ لِلْمَبْهُوتِ»(2).

والمراد بيوم تشخص فيه الأبصار يوم القيامة؛ لأنه اليوم الذي يخاف فيه الذين كفروا من هول القيامة، فهؤلاء الناس عندما يرون علامات القيامة الكبرى قد بدأت تظهر وأن الوقت قد أدركهم وأنهم في خسران وإلى نار جهنم حيث وعدوا، تشخص أبصارهم ويندهشون، فلا حراك لأجفانهم من هول الموقف ومن شدة الخوف وسوء العاقبة. فقد دلت نظرات عيونهم على واقع حالهم(3).

الصاد

[30] الصَّدف:

ومن دلالات هذه الهيئة في القرآن الكريم:

1- الإعراض والتولي: قال الله تعالى: (قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَخَذَ اللَّهُ سَمْعَكُمْ وَأَبْصَارَكُمْ وَخَتَمَ عَلَى قُلُوبِكُمْ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِهِ انْظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الْآيَاتِ ثُمَّ هُمْ يَصْدِفُونَ) [الأنعام: 46]، قال الطاهر ابن عاشور: «ويَصْدِفُونَ: يُعْرِضُونَ إِعْرَاضًا شَدِيدًا، يُقَالُ: صَدَفَ صَدْفًا وَصُدُوفًا، إِذَا مَالَ إِلَى جَانِبٍ وَأَعْرَضَ عَنِ الشَّيْءِ»(4).

ومنه قوله تعالى: (فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَّبَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَصَدَفَ عَنْهَا سَنَجْزِي الَّذِينَ يَصْدِفُونَ عَنْ آيَاتِنَا سُوءَ الْعَذَابِ بِمَا كَانُوا يَصْدِفُونَ) [الأنعام: 157].

[31] صَكُّ الوَجْه:

ومن دلالات هذه الهيئة في القرآن الكريم:

1- التعجب: قال الله تعالى: (فَأَقْبَلَتِ امْرَأَتُهُ فِي صَرَّةٍ فَصَكَّتْ وَجْهَهَا وَقَالَتْ عَجُوزٌ عَقِيمٌ قَالُوا كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ إِنَّهُ هُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ) [الذاريات: 29- 30]، قال الطاهر ابن عاشور: «وَالصَّكُّ: اللَّطْمُ، وَصَكُّ الْوَجْهِ عِنْدَ التَّعَجُّبِ عَادَةُ النِّسَاءِ أَيَّامَئِذٍ»(5)، قلت: وكذلك الآن، وقد يكون مصحوبا بالويل والعويل، ومن يسمع هذا التمثيل فكأنه يشاهد هذا المشهد ويحياه، وإنما تصك وجهها لأنها تظن في داخلها أنها لم تسمع جيدا الأمر الذي تعجبت منه، فتلطم وجهها للتأكد من وعيها التام.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الهوامش:

1- التحرير والتنوير 13/246.

2- التحرير والتنوير 17/151.

3- لغة الجسد في القرآن الكريم ص: 39.

4- التحرير والتنوير 7/236.

5- التحرير والتنوير 26/360.

Science

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق