مركز ابن أبي الربيع السبتي للدراسات اللغوية والأدبيةقراءة في كتاب

معجم الهيآت والإشارات والرموز في التراث العربي من خلال لسان العرب لابن منظور (الحلقة السادسة عشرة)

[56] عَقْدُ عشرة: ومن دلالات هذه الإشارة في التراث العربي: 
1- اقتراب الشر: جاء في الحديث: عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ أَنَّ النَّبِي – صلى الله عليه وسلم- اسْتَيْقَظَ مِنْ نَوْمِهِ وَهُوَ يَقُولُ « لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، وَيْلٌ لِلْعَرَبِ مِنْ شَرٍّ قَدِ اقْتَرَبَ فُتِحَ اليَوْمَ مِنْ رَدْمِ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ، مِثْلُ هَذِهِ». وَعَقَدَ سُفْيَانُ بِيَدِهِ عَشَرَةً. قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنَهْلِكُ وَفِينَا الصَّالِحُونَ قَالَ « نَعَمْ إِذَا كَثُرَ الخَبَثُ »(1).

[56] عَقْدُ عشرة: ومن دلالات هذه الإشارة في التراث العربي: 

1- اقتراب الشر: جاء في الحديث: عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ أَنَّ النَّبِي – صلى الله عليه وسلم- اسْتَيْقَظَ مِنْ نَوْمِهِ وَهُوَ يَقُولُ « لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، وَيْلٌ لِلْعَرَبِ مِنْ شَرٍّ قَدِ اقْتَرَبَ فُتِحَ اليَوْمَ مِنْ رَدْمِ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ، مِثْلُ هَذِهِ». وَعَقَدَ سُفْيَانُ بِيَدِهِ عَشَرَةً. قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنَهْلِكُ وَفِينَا الصَّالِحُونَ قَالَ « نَعَمْ إِذَا كَثُرَ الخَبَثُ »(1).

ويمكن التمثيل لعقد العشرة عند العرب بالرسم البياني التالي: 

وليس يقصد النبي – صلى الله عليه وسلم- في الحديث بعقده عشرة عددا معينا وإنما يريد به – والله أعلم- مقدار ما يبقى بين الإبهام والسبابة من الفراغ كما هو مبين في الصورة للدلالة على شدة قرب فتح ردم يأجوج ومأجوج، قال الموصلي في قصيدة حساب القبضة باليد:

وفي عشرةٍ مع عقدِ الابهَام فاستمعْ           تُحَلِّقُ رأساً للمُسَبِّحَة افْعَلَا(2) 

قال الشارح:” معنى «تحلق» تدير كالحلقة ومعنى المسبحة السبابة أي الإصبع التي تلي الإبهام وسميت كذلك لأن المسبح يشير بها وهي من اصطلاح المولدين؛ ومحصل البيت هو إن أردت أن تشير إلى العشرة فأدرها كالحلقة رأس السبابة مع طرف الإبهام وأطلق سائر الأصابع”(3).

[57] عَقْدُ الإبهَام: “العَقْد: نَقِيضُ الحَلِّ؛ عَقَدَه يَعْقِدُه عَقْداً وتَعْقاداً وعَقَّده”(4)؛ ومنه عقد الإبهام ومن دلالاته في التراث العربي:

تعيين عدد معين:  جاء في الحديث عَنِ ابنِ عُمَرَ رضي الله عنهما أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم- ذَكَرَ رَمَضَانَ فَضَرَبَ بِيَدَيْهِ فَقَالَ « الشَّهْرُ هَكَذَا وَهَكَذَا وَهَكَذَا – ثُمَّ عَقَدَ إِبْهَامَهُ في الثَّالِثَةِ – فَصُومُوا لِرُؤْيَتِهِ وَأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ فَإِنْ أُغْمِيَ عَلَيْكُمْ فَاقْدِرُوا لَهُ ثَلاَثِينَ»(5).

وإنما عقد إبهامه في المرة الثالثة ليعين بإشارته العدد المعلوم والمراد وهو تسعة وعشرون، ألا ترى أنه عندما فعل هكذا وهكذا وهكذا يكون المجموع حينئذ ثلاثون فإذا ما أسقطنا أصبعا واحدا في المرة الثالثة يصبح العدد تسعة وعشرين وهو المراد من كلام النبي – صلى الله عليه وسلم- وإشارته، والله أعلم.

-غ-

[58] غَضُّ الطَّرْف: يقال ” غَضَّ طَرْفَه وبَصره يَغُضُّه غَضّاً وغَضاضاً وغِضاضاً وغَضاضةً، فَهُوَ مَغْضُوضٌ وغَضِيضٌ: كفَّه وخَفَضَه وَكَسَرَهُ، وَقِيلَ: هُوَ إِذا دَانَى بَيْنَ جُفُونِهِ وَنَظَرَ، وَقِيلَ: الغَضِيضُ الطرْفِ المُسْتَرْخي الأَجفانِ”(6)؛ ومن الدلالات التي يدل عليها غَضُّ الطرف في التراث العربي:

1- الحَيَاء والخَفَر: قال الشاعر:

وَمَا سُعادُ، غَداةَ البَيْنِ إِذ رَحَلُوا         إِلا أَغَنُّ غَضِيضُ الطَّرْفِ، مَكْحُولُ(7) 

وقال أبو الشيص الخزاعي:

كريم يغضُّ الطرف فضل حياءه           ويدنو وأطراف الرماح دَوانِ(8) 

أي عند الاستحياء، قال المرزوقي يشرح البيت:” يصفه بأن خصال الكرم قد اجتمعت فيه، فلتناهي حيائه تراه يكسر طرفه عند النظر، فعل من عمل ما يستحيا منه، أو لزمه منة منعم توالي نعمه عليه، أو قصر في أداء واجب فيخاف عتبه فيه”(9)، وقد جعل أبو هلال العسكري هذا البيت إضافة إلى بيت آخر من أجود ما قيل في الحياء(10).

2- من الصفات المحمودة: وَفِي الحَدِيثِ: «كَانَ إِذا فَرِحَ غَضَّ طرْفَه»(11)؛ أَي كسَره وأَطرَق وَلَمْ يَفْتَحْ عَيْنَهُ، وإِنما كَانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ لِيَكُونَ أَبعد مِنَ الأَشَرِ والمَرَحِ(12). وَفِي حَدِيثِ أُم سَلَمَةَ: «حُمادَياتُ النساءِ غَضُّ الأَطرافِ»(13).والحماديات جمع حمادى: ومعناه غاية ما يحمد منهن هذا.

3- الذُّل والمهانة: قال جرير يهجو الراعي النميري:

فَغُضَّ الطرْف إِنَّكَ مِنْ نُمَيْرٍ                  فَلَا كَعْباً بَلَغْتَ وَلَا كِلابا(14) 

ويقال كان الرجل من نمير إذا قيل له: ممن الرجل؟ يقول: من نمير وأمال بها عنقه، فلما هجاهم جرير بقوله:

فغض الطرفَ إنك من نمير                 فلا كعبا بلغت ولا كلَابا

و”صار إذا قيل لأحدهم: ممن الرجل؟ يقول من بني عامر. وما لقيت قبيلة من العرب بهجو ما لقيت نميرٌ بهجو جرير”(15).

4- الغَضَب: قال الأعشى يهجو يزيد بن مسهر الشيباني:

يزيدُ يغُضُّ الطَّرفَ دوني كأنما         زَوَى بين عينيه عَلَيَّ المَحَاجِمُ(16) 

قال الشارح:” وإنه لينفر مني حين يلقاني، ويصرف عني نظره، مقطبا وجهه، كأنما وضعت بين عينيه المحاجم”(17).

5- المكرُ والدَّهَاء: قال المتنبي:

يَغُضُّ الطَّرفَ من مكرٍ ودهيٍ            كأن به وليسَ به خشوعَا(18) 

قال البرقوقي في شرح البيت:” يقول: يخفي مكره ودهاءه بغض الطرف كأن به خشوعا، وليس به ذلك الخشوع”(19).

6- الخَوف: قال بشر بن أبي خازم:

ونَحنُ على جَوانِبهَا قعودٌ            نغضُّ الطَّرفَ كالإبلِ القِمَاحِ(20) 

قال الشارح:” المعنى: يصف نفسه على متن السفينة وهو يرفع بصره خوفا، كالإبل التي ترد الماء وتظل رافعة رؤوسها”(21).

ــــــــــــــــــــــــــــــ

الهوامش:

1- صحيح مسلم 8/165، [رقم:7416].

2- نصوص عربية للمستشرق شارل بيلا ص:55، والبيت مأخوذ من “قصيدة الموصلي”.

3- نصوص عربية للمستشرق شارل بيلا ص:55، والنص مأخوذ من “قصيدة الموصلي”، وشرحها للأب أنتاس الكرملي البغدادي.

4- لسان العرب 10/220.

5- صحيح مسلم 2/759، [رقم:1080].

6- لسان العرب 11/57.

7- ديوان كعب بن زهير تحقيق علي فاعور  ص:60.

8- ديوان أبي الشيص الخزاعي ص:112.

9- شرح ديوان الحماسة للمرزوقي 4/1129.

10- ديوان المعاني 1/315.

11- النهاية في غريب الحديث والأثر 3/371.

12- النهاية في غريب الحديث والأثر 3/371.

13- النهاية في غريب الحديث والأثر 3/371.

14- ديوان جرير ص:63.

15- المستطرف من كل فن مستظرف 2/133 .

16- ديوان الأعشى الكبير ص:79.

17- ديوان الأعشى الكبير ص:78.

18- ديوان المتنبي بشرح البرقوقي 1/545.

19- ديوان المتنبي بشرح البرقوقي 1/545، الهامش رقم:7.

20- ديوان بشر بن أبي خازم ص:47.

21- ديوان بشر بن أبي خازم ص:47، الهامش رقم: 27.

********************

المصادر والمراجع:

– ديوان أبي الشيص الخزاعي وأخباره، صنعة عبد الله الجبوري، الطبعة الأولى 1404هـ/1984م، منشورات المكتب الإسلامي.

– ديوان أبي الطيب المتنبي،  بشرح العلامة اللغوي عبد الحمن البرقوقي، حقق النصوص وهذبها وعلق حواشيها وقدم لها الدكتور عمر فاروق الطباع، منشورات دار الأرقم.

– ديوان الأعشى الكبير ميمون بن قيس، شرح وتعليق الدكتور محمد حسنين، منشورات مكتبة الآداب بالجماميز والمطبعة النموذجية.

– ديوان المعاني، لأبي هلال العسكري، تحقيق أحمد سليم غانم، الطبعة الأولى 1424هـ/ 2003 م، منشورات دار الغرب الإسلامي، بيروت.

– ديوان بشر بن أبي خازم الأسدي، قدم له وشرحه مجيد طراد، الطبعة الأولى 1415هـ /1994م، منشورات دار الكتاب العربي.

– ديوان جرير، عام الطبعة 1406هـ/ 1986م، منشورات دار بيروت للطباعة والنشر.

– ديوان كعب بن زهير، حققه وشرحه وقدم له علي فاعور، عام النشر 1417هـ /1997م، منشورات دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان.   

– شرح ديوان الحماسة لأبي تمام، لأبي علي أحمد بن محمد بن الحسن المرزوقي، علق عليه وكتب حواشيه غريد الشيخ، وضع فهارسه إبراهيم شمس الدين، الطبعة الأولى 1424هـ /2003م، منشورات دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان.

– لسان العرب، أبي الفضل جمال الدين محمد بن مكرم ابن منظور، الطبعة السادسة عام 2008 م، دار صادر، بيروت، لبنان.  

– المستطرف في كل فن مستظرف، لبهاء الدين أبي الفتح محمد بن أحمد بن منصور الأبشيهي، عني بتحقيقه إبراهيم صالح، الطبعة الأولى عام 1999م، منشورات دار صادر، بيروت، لبنان.

– المسند الصحيح المختصر[ صحيح مسلم]، للإمام مسلم بن الحجاج أبي الحسن القشيري النيسابوري، تحقيق محمد فؤاد عبد الباقي، منشورات  دار إحياء التراث العربي، بيروت.

– النهاية في غريب الحديث والأثر، لمجد الدين ابن الأثير، تحقيق طاهر أحمد الزاوي ومحمود محمد الطناحي، منشورات المكتبة العلمية، بيروت عام: 1399هـ / 1979م.

Textes Arabes relatifs à la Dactylonomie; Charles Pellat; Maisonneuve El Larose; Paris 1997

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق