وحدة الإحياءشذور

معالم اجتهاد أبي العباس الونشريسي في تأليف “المعيار المعرب”

تهدف هذه الدراسة إلى تقديم قراءة منهجية لـ”المعيار المعرب”، والكشف عن ملامح الجُهد الذي بَذَلَهُ الونشريسي في جمع مادته، واجتهاده في حُسن تأليفه وترتيبه لها، حتى حاز هذا المُؤَلَّف القبول، وكَثُرَ عليه الإقبال من قِبل الباحثين في مُختلف المجالات المعرفية؛ منذ أن انتهى أبو العباس من تدوينه إلى زماننا هذا، وقد قسمت هذا الموضوع إلى خمسة عناصر كالتالي:

العنصر الأول: مقاصد الونشريسي من تأليف “المعيار المعرب”.

العنصر الثاني: الأهمية العلمية لـ”المعيار المعرب”.

العنصر الثالث: جهود الونشريسي في تأليف “المعيار المعرب”.

العنصر الرابع: الصعوبات المنهجية في “المعيار المعرب”.

العنصر الأول: مقاصد الونشريسي من تأليف “المعيار المعرب”

 اجتهد الونشريسي في تأليف “المعيار” أكثر من أربعين سنة، ساعيا إلى تحقيق عِدَّةِ مقاصد؛ منها ما صَرَّحَ بِذِكره، ومنها ما نَسْتَشِفُّهُ من ثَنَايَا المنهج الذي سلكه في تأليف “المعيار”، ويُمكن أن نُقَسِّمَ تلك المقاصد إلى ثلاثة أقسام رئيسة؛ هي:

أولا: المقصد الرِّسَالِي التَّعبدي

بدأ الونشريسي مقدمة “المعيار” بتذكيره أنَّ الله، سُبحانه؛ “جعل العلم النافع من أعظم الأسباب الموصلة لمقاصد السعادة الأخروية[1]“، ثم صَرَّحَ بقصده التَّعبدي من بَذْلِ الجُهد في مؤلفه؛ فقال رحمه الله: “رجوت من الله أن يجعله سَبَبًا من أسباب السعادة، وسَننًا موصولاً إلى الحسنى والزيادة، وهو المسؤول، عَزَّ وَجَلَّ، في أجزل الثواب، وإصابة صوب الصواب[2]“، وتَظهر هذه الغاية بِشكل جلي في أجوبته التي يُثْبِتُ فيها عبارة “فأجبته في ذلك رغبة في الثواب[3]“، وذكر في أحد المواضع أنه أثبت قِصَّةَ ابن مرزوق مع السلطان؛ لتكون “مَنْقَبَةً جالبة للدعاء له والترحم عليه والضراعة إلى الله في تَأْيِيد من خَلَّفَهُ، وتَوْفِيقِهِ وتَسْدِيدِه[4]“.

وعموماً؛ فَإنَّ العالم الرَّباني هو الذي يُرسِّخُ فيه عِلْمُه خشية الله تعالى، فَيَتَّخِذَ من اجتهاده في تحصيله أعظم القُربات التي تَنفعه يوم القيامة.

ثانيا: المقصد العِلمي من تأليف “المعيار المعرب”

وصف الونشريسي في مقدمة “المعيار” صَنِيعَهُ فيه بكونه؛ جَمْعٌ مُغرِبٌ لفتاوى المُتَقَدِّمِين والمُتأخرين المعاصرين له لـ”ما يعسر الوقوف على أكثره في أماكنه، واستخراجه من مَكَامِنِه، لِتَبَدُّدِهِ وتَفْرِيقِه، وانبهام مَحَلِّهِ وطَريقه[5]“، وفي الخاتمة َ ذَكَرَ أنَّهُ ترك “أجوبة كثيرة من الفقه والأحكام؛ مما لا تضطر إليه القضاة والحكام[6]“. وهذا ما يُعْرِبُ عن رغبة أبي العباس في أن يُسِهمَ مُؤَلَّفَهُ في “توحيد الاجتهاد الفقهي من خلال الجمع والتأليف؛ لكي تكون في مُتَنَاوَلِ القضاة والمفتين، وإطِّلاعهم على اجتهادات فقهاء المذهب، ولا يخفى ما في ذلك من فوائد[7]“؛ يأتي على رأسها تَوْفِيرِ المجال لدراسة التراث الإفتائي في الغرب الإسلامي وتَقْيِيمِهِ وتنقيحه (…)؛ ليس بالشكل الذي يقتصر فيه التأليف على  تكديس أكبر عدد من الفتاوى وتضخيم التراث وإعادة تسويد الأوراق، وتكرير إنتاج ما سبق في هذه الموسوعة النَّوَازِليَّةِ، وإنَّمَا من خلال دراسة ذلك التراث الإفتائي المجموع والقيام بتحليله ومقارنته، ونقده وإظهار فقهه (…)، وهو المُلاحظ من صنيع الونشريسي في”المعيار”، بالرَّغم من الملاحظات التي سجلها عليه بعض العلماء والباحثين من أنه ضم بعض الفتاوى الضعيفة، وعُذره في ذلك “ضخامة الكتاب وتعدد المراجع وانصرافه إلى المقارنة والتعليق[8]“،

ثالثا: المقصد التَّعْلِيمِي من تأليف “المعيار المعرب”

يَظْهَرُ هذا القصد من خلال منهج تأليف “المعيار” بشكل عام؛ الذي عَمَدَ فيه الونشريسي إلى إدماج الإجابات المتشابهة والإقران بينها، لما يحمله ذلك الوَصْلُ من الأهمية التي تُتَمِّم الفائدة التعليمية؛ لذا نجد الونشريسي يُقدِّمُ المسائل بعبارة (مسألة في معنى ما تقدم، أو من هذا المعنى،…)؛ تأكيداً على أهمية الالتفات لهذا الربط. إضافة لتَذْيِيلِ المسائل بتعليقات تَتَضَمَّنُ فوائد مُختلفة تُظْهِرُ طُرُقِ الاستنباط، وتُعَمِّقُ من فِقْهِ المَسائل.

كما نلمس هذا المقصد في أجوبة الونشريسي؛ التي تُطلِعُنا على مجموعة من القواعد المنهجية لعلم الفتوى[9] المَصُوغَةُ بطريقة تطبيقية تُنزَّلُ فيها الأصول على الفروع، وتُمَحَّصُ فيها نُصُوصُ أمهات أصول الفتيا في مدى قُدرتها على تَأْطِيرِ واقع المكلفين المُتَجَدِّدِ؛ الأمر الذي يزيدها وُضُوحًا، فـ”لا تَبْقَى سابحة في المطلق كما هو الشأن في كتب الفقه عامة، وإنَّمَا تَتَحَدَّدُ مَسَائِلُهَا في المكان والزمان والموضوع بحسب ما تأتي به الأسئلة التي تَنْبَنِي عليها[10]“، وللتَّنْبِيهِ على تلك الإفادات يستعمل الونشريسي مصطلحات تعليمية تُحَفِّزُ هِمَّةَ الطَّالِبِ؛ من قبيل “تأمل، انظر، تدبر، تذكر، افهم[11]“.

   ومما يَزيدُ من صَقْلِ تلك الملكة الاجتهادية؛ إفادة قارئ “المعيار” من آليات الجدل خلال اطلاعه على العديد من المناظرات المُفيدة، والحوارات الفقهية بين المفتين في المسائل المعروضة عليهم[12]، ومعلوم أَنَّ هذه السُّنَّةَ بدأت تُترك في عصرنا.

إضافة لإشارة أبي العباس في أجوبته وتعليقاته لوجه الاستدلال بالنصوص المَبْثُوثَةِ في “المعيار”[13]، وبَيانهُ لطُرُق الاستدلال العلمي الرصين وقواعده، والتَّنْبِيه إلى الخَلَلِ المَنْهَجِي الذي يُمكن أن يَسقُط به الاستدلال على حكم المسألة.

فكلُّ هذا وذاك  يُقَوِّي مَلَكَةَ الفهم والتَّحصيل والاجتهاد عند طالب العلم الذي يَتَّخِذُ من نوازل “المعيار” مجالا لبحثه و دراسته وتفقهه.

العنصر الثاني: الأهمية العلمية لـ”المعيار المعرب”

أولا: أهمية “المعيار المعرب” في المذهب المالكي

تَكْمُنُ قِيمَةُ المعيار المعرب” في كونه أصلا علميا من أصول المالكية المعتمدة في الإفتاء، مع استثناء ما حكم الونشريسي عليه بالضعف؛ كما جاء في “نظم المعتمد من الأقوال والكتب في المذهب المالكي للشنقيطي، قوله:

                 واعتمدوا المعيار لكن فيه    ***    أجوبة ضَعَّفَهَا بِفِيه[14]

هذا بالإضافة لما تَحْوِيهِ هذه الموسوعة النوازلية من تَحْرِيرٍ للكثير من الإشكالات المُتَعَلِّقَةُ بأصول المالكية في الاستنباط[15].

ومِمَّا يَزِيدُ من تلك المكانة العلمية؛ تَضَمُّنُ هذا المُؤلَّف الفريد لِكُتُبٍ أو أجزاء من كتب[16] كثيرٌ منها مفقود[17]، قال الدكتور محمد علي مكي الذي اسْتَلَّ كتاب”اختصار أحكام السوق ليحيى ابن عمر الأندلسي من”المعيار”، وقام بِتَحْقِيقِه: “ولَعَلَّنَا لا نُسْرِفُ إذا قلنا: إنَّ أَضْخَمَ مجموعة حفظت لنا قِسطًا كَبيرًا من هذا التراث التشريعي العظيم؛ هي التي صَنَّفَهَا أبو العباس أحمد بن يحيى التلمساني الونشريسي بعنوان “المعيار […]”، والنص الذي تُقدم بين يديه هذه السطور؛ ِمَّما احتفظ لنا به الونشريسي في كتابه المعيار[18]“.

كما أنه بِفَضْلِ “المعيار” حُفِظت فتاوى أعلام المذهب المالكي في الغرب الإسلامي من المفتين والقضاة، سواء منها ما كان مجموعا في كتب مُستقلة قام الونشريسي بِتَضْمِينِهَا، كاملة أو مختصرة، في”المعيار”؛ كفتاوى ابن ورد الذي اعتبر مُحَقِّقُهَا، الدكتور محمد الشريف، “المعيار المعرب “نُسْخَةً ثالثة؛ إضافة لمخطوطين مُعتمدين في تحقيقها[19]، أو كانت  تلك الفتاوى مُتَفَرِّقَة ولم يُكتب لها أن تُجمع إلى أن سَخَّرَ الله ثُلَّةً من الباحثين المعاصرين الذين اهتموا بالتُّرَاثِ الفقهي لأولئك الأعلام، ووجدوا تلك الفتاوى محفوظة في المدونات النَّوَازِلِيَّةِ، فعملوا على جمعها وترتيبها، كفتاوى الإمام الشاطبي؛ الذي جمع مُعظمها الشيخ أبو الأجفان من “المعيار”؛ حيث قال في تقديمه لها: “واستطعت أن أجمع سِتِّين فتوى دون اعتبار المُكَرَّرِ، كان أكثر من ثُلَثَيْهَا مُوَزَّعًا على أجزاء موسوعة “المعيار المعرب والجامع المغرب عن فتاوى علماء إفريقية والأندلس والمغرب” لأبي العباس أحمد الونشريسي (ت914ﻫ)؛ التي يَسَّرَ الله طبعها[20]“.

ويقول الدكتور “الطاهر المَعمُوري” في مَعْرِضِ مقارنته بين “جامع الأحكام” للبرزلي، و”المعيار” للونشريسي، باعتبارهما الأصلان اللذان جمع منهما “فتاوى الإمام المازري”: “المصدر الثاني الذي أورد الفتاوى وأكثر منها؛ الونشريسي في “المعيار المعرب”، غير أن ترتيب الفتاوى بينه وبين البُرزلي يدل على أنه أخذ منه، واعتمده كمصدر رئيسي لكتابه “المعيار”؛ لكن هذا لا يَمْنَعُ من انفراد الونشريسي بفتاوى للمازري لم يوردها البُرزلي، مما يؤكد اعتماده على مصادر أخرى استقى منها هذه الفتاوى[21]“.

هذا، وقد أبدع الدكتور محمد حجي عندما وضع فهرسا يُرشد لمواضع الأعلام المذكورة في الجزء الثالث عشر من “المعيار المعرب” المُخَصَّصِ للفهارس[22].

ثانيا: الزاد المنهجي الذي يتضمنه “المعيار المعرب”

من القضايا المنهجية الملحوظة في تأليف “المعيار”؛ تعدُّدُ الإجابات على نفس المسألة[23]، وهذا يَقَعُ بسبب: “عرض السؤال على أكثر من عالم[24]؛ أو بسبب تكرار النازلة[25]“.

  والونشريسي يُثْبِتُ جُلَّ تلك الأجوبة مُؤَسِّسًا بذلك لِعِدَّةِ مبادئ اجتهادية؛ منها:

1. ضرورة الاجتهاد الجماعي[26] في النَّوَازِلِ الذي يُسْهِمُ في تَقريب جواب المُفتي من السَّدَادِ وإصابة مقصد الشرع في حكم النَّازِلَةِ.

2. ضرورة الإحاطة بالجهود السابقة في النوازل والاطلاع عليها والإفادة منها، حيث يتعين البحث عن حُكم القضية المعاصرة في مجاميع الفتاوى القديمة والمعاصرة، فقد تحوي بين عطفيها نظائر فقهية، وسوابق في الفتوى يُخَرَّجُ عليها الحكم، وحتى ولو انتفى التَّطَابُقُ الموضوعي التام بين القضية السابقة والقضية المستجدة، فإن المفتي لا يَستغني بصلة قربى، أو شبكة رحم من شأنها أن تُنَوِّرُ أُفق البحث بِبَصِيصٍ نور يهدي إلى الحق، ومن البديهي أَنْ لا تكون دلالة الفتاوى القديمة على المستجدات دلالة مطابقة، وألا يكون مفهومها مفهوم موافقة، مع اختلاف الزَّمَنِ وتَغَيٌّرَ المَحَلِّ، وتَبَايَنَ الموجب، وإنما يُكتفى في مورد الاستئناس بدلالة التَّضَمُّنِ، أو الالتزام على نحو يُنبئ بما وراء الأكمة[27]“.

3. التأصيل التاريخي للفتاوى والنَّوَازِل؛ من حيث استقراء تاريخ النَّازلة، وَوُقُوعها الأول، وتجميع الفتاوى الصادرة  فيها والنصوص الفقهية المؤطرة لها (…)، وهو ما يُمَكّْنُ المجتهدين من دراسة الأوصاف المُتَغَيِّرَةِ والثابتة في النَّازِلَةِ، ومَدَى أَثَرِ تَغَيُّرِ الواقع فيها؛ كما يُمكِّنهم أيضا من دراسة تطور الفتوى[28]، ورصد الجغرافيا التاريخية للمذهب، ومن أمثلة هذا؛ تعليق الونشريسي على جواب شيخه العقباني “عمن تيقن بالطلاق وشك في عدده[29]“، بقوله: “وفيها كتب شيخ الموحدين في زمانه الشيخ الحاجب أبو محمد عبد الله بن تافرجين لَمَّا نَزَلَتْ بِهِ إلى شيخ الفقهاء بحضرة تونس الشيخ المحقق الإمام أبي عبد الله بن عرفة رحمه الله[30]“، وعَلَّقَ على جواب أبي محمود الرَّاوِي “في مسألة من الصُّلْحِ[31]“، بقوله: “أصل هذه المسألة في المدونة”، وعَلَّقَ على جواب أبي محمد عبد لحق الملياني؛ بقوله: “أصل هذا الجواب للإمام أبي عبد الله المازري رحمه الله تعالى[32]“.

ثالثا: أثر “المعيار المعرب” في العلوم غير الشرعية 

موسوعة “المعيار” من أهم المصادر الدَّفِينة؛ الغَنِيَّة بالمعلومات الموازية التي تُغطِّي “سبعة قرون، وعبر منطقة جغرافية تمتد من شمال شبه الجزيرة الإيبيرية إلى السودان وراء الصحراء، ومن المحيط الأطلنتيكي إلى تُخُومِ مصر[33]“؛ لذلك نجد الإفادة منها امتدت لِتَشْمَلَ كُلَّ الدَّارسين المُتَخَصِّصِين بالغرب الإسلامي في مختلف المجالات المعرفة “التاريخية، والاجتماعية، والعمرانية، والقانونية، وغيرها[34]“؛ لأَنَّ ماهية “النَّوَازِلَ، أنها، قضايا رُفعت من مختلف فئات المجتمع إلى القضاة ورجال الفتوى للنظر فيها، وهي عادة ما تذكر القضية أوالنَّازِلَةِ؛ كما حدثت بأشخاصها ووقائعها واسم القاضي أو المُفتي الذي رفعت إليه، وأحيانا تاريخ وقوع النازلة، ثم الجواب أو الفتوى حول تلك النازلة أو المسألة الفقهية، فهي مرآة صادقة تعكس هموم ومشاكل أفراد المجتمع وما يشغلهم في تلك الفترة[35]“.

وتَجْدُرُ الإشارة إلى أَنَّ بعض الباحثين والمُستشرقين تَنَبَّهُوا منذ فترة ليست بالقصيرة إلى أهمية كتب النوازل والفتاوى الفقهية، وقيمتها الكبرى في التاريخ والحضارة للمجتمعات الإسلامية، فـ”ظهرت في أوائل هذا القرن ترجمة فرنسية جزئية لمقتطفات من كتاب المعيار[36] “، على أساس أنه وثيقة تاريخية مكتوبة بلغة الفقه، وكان اهتمامهم بالمعيار يَنصبُّ على “السؤال أكثر من الجواب، لأن السؤال يرصد الواقع، أما الجواب َفَيُقَرِّرُ حُكم الشرع في الواقع المرصود، وهو ما لا يحتاجه المستشرقون[37]“.

 وتَظهر الأهمية العِلمية للمعيار أيضا؛ في تعريفه بالكثير من الأعلام، حتى عُدَّ مَرجعًا لكتب التراجم، فمثلا؛ نجد ابن مريم في كتابه “البستان في ذكر الأولياء والعلماء بتلمسان” كثيرا ما ينقل من “المعيار” ويعده حُجَّةً في ترجمته للأعلام.

العنصر الثالث: جهود الونشريسي في تأليف “المعيار المعرب”

أولا: المَدى الزماني لجمع مادة “المعيار المعرب”

لم يذكر الونشريسي في “المعيار” تاريخ بدء الكتابة فيه، وذكر في الخاتمة أنّ تاريخ الانتهاء مِنْهُ هو يوم الأحد الثامن والعشرين لشوال عام واحد وتسعمائة[38]؛ رغم أَنَّ أبا العباس لم يَطْوِ صفحة “المعيار” طَيًّا نهائيا في هذا التاريخ؛ بل ظَلَّ يَتَعَهَّدَهُ بالزيادة والتَّنْقِيحِ إلى آخر حياته، ومع ذلك بقيت فيه بياضات كثيرة، وصرَّح هو نفسه بهذه الإلحاقات في فَتَاٍو أضافها ببعض الأبواب، ونَصَّ في بعضها على أنه فعل ذلك سنة911ﻫ[39].

 وقد استنتج الدكتور محمد حجي أن مُدَّةَ تأليف “المعيار” استغرقت ربع قرن؛ قال: “نَفْتَرِضْ أَنَّ تأليفه وتَنْقِيحَهُ وتَوْسِيعَهُ استغرق حوالي ربع قرن، من نحو عام 890ﻫ إلى وفاة المؤلف عام 914ﻫ[40]“، وتَبعه على هذا الافتراض جُل الباحثين[41]، وأفترض أنَّ مُدَّةَ الجُهْدَ الزماني الذي استغرقه الونشريسي، والله أعلم، تزيد على ما ذُكِرَ بنحو عِقْدٍ من الزمن على الأقل، وأنَّ مشروع المدونة النَّوَازِلِيَّةِ لم يكن َيبْرَحُ فِكر وخاطر الونشريسي مُذْ استوى عِلْمُهُ وَبرَزَ نجمه في سماء الفقه، وما يَشْهَد لهذه الدعوى أنَّ الونشريسي كان يَجمعُ ويُقَمِّشُ فتاوى شيُوخه التي سمعها منهم، أو رَاسَلَهُم بها[42]، أو اطلع عليها (..)، ووجودها موثقة ب”المعيار”خَيْرَ شاهد عليها، ونجد كثير من المسائل مُبتدِئةً بقوله: “سمعت”[43]، وعندما هاجر إلى فاس؛ فإنَّه قبل أَنْ يَدْخُلَها مَكَثَ فَتْرَةً يَسِيرَةٍ في مدينة تازة اجتمع فيها بأفراد هيأتها العلمية، واطلع على أنشطتها وجمع منها الكثير من الأحكام والفتاوى التي نشرها ضمن كتابه “المعيار”[44]، ومُباشرة بعد وُرُودِه على مدينة فاس؛ أخذ في توثيق المسائل المعروضة عليه وحِفظها، كما قال في أحد المسائل: “سُئِلْتُ في عام أربع وسبعين وثمانمائة إثر ورودي على مدينة فاس حاطها الله من كُلِّ باس[45]“.

هذا كلُّهُ بالإضافة إلى رُسوخ سُنَّةَ شيُوخ النَّوَازِل في الغرب الإسلامي في تدوين أجوبتهم وتدوينها في مؤلفات جامعة، أو إجازة أحد تلامذهم لكتابتها، ولاشَكَّ أنَّ الونشريسي يُعتبر حِبْر المُفتين بفاس وتلمسان بشهادة أبرز أعلام عصره وعلى رأسهم الإمام بن غازي، فلابُدَّ أن يكون هذا النَّوعُ من التأليف حاضرًا في مَشاريعه العلمية.

وخُلاصة القول؛ يُمكن أن نَعْتَبِرَ اطِّلاَعُ أبي العباس على النوازل الموجودة في مكتبة آل الغرديس، كان بمثابة اكتمالِ النِّصاب من المادة المطلوبة لَبدء تنفيذ مشروع “المعيار” التي تبلورت معالمه الكبرى في ذهنه من قبل، فاجتهد في ترتيبها وتهذيبها وتنقيها إلى أن وافته المنية سنة 1914ﻫ.

ثانيا: المَجْهُودُ الكمِّي والتَّنْظِيمِي في تأليف مادة “المعيار”

يَصعب حصر كل المصادر التي اعتمدها الونشريسي في “المعيار”، خاصة وأنَّهُ جمع فيه أجوبة المفتين “ما يعسر الوقوف عليه في أماكنه، واستخراجه من مكامنه، لِتَبدُّدِهِ وتفريقه، وانبهام مَحَلِّهِ وطريقه[46]“، ولاشك أَنَّ جَمْعَ هذا الكَمَّ الغزير من المادة النوازلية؛ الذي غطى نحو سبعة قرون من الإشكالات الفقهية بالغرب الإسلامي؛ يحتاج إلى جُهْدِ مُظنٍ في التَّرْتِيبِ والتَّألِيف حتى يَنْتَظِم بِشَكْلٍ مُتْقَنٍ، ويَصِفُ لنا ابن عسكر حال الونشريسي في التعامل مع هذا الكم النوازلي بـ”أنَّه كان يَفُكُّ الكُتُبَ كراريس وأَورَاقًا يحملها على دابة إلى عرصة له يمشي إليها في كل يوم، فإذا دخل العرصة جَرَّدَ ثِيَابَهُ وبقي في قَشَّابَةِ صُوفٍ يَحْزِمُ عليها بِمَضَمَّةِ جِلْدٍ ويكشف رأسه، وكان أصلع يجعل تلك الأوراق على حِدَةٍ في صَفَّيْنِ، والدواة في حزامة والقلم في يده والكاغيد في الأخرى، وهو يمشي بين الصفين ويَكْتُب الُّنقُولَ من كل ورقة، حتى إذا فرغ من جلبها على المسألة؛ قيد ما عنده وما يظهر له من الرَّدِّ والقبول[47]“، ونحن نستطيع أن نقف بِيُسْر على أثر هذا الجهد الذي بَذَلَهُ أبو العباس؛ في حُسن تأليفه بين المسائل وتبويبه لها، وتصريحه وتلميحه في كثير من المواطن بذلك[48]، وتَذْيِيلِه العديد من الأجوبة بتعليقات بما يكون لها كالشرح والتتميم، وبنظائر تكمل بها الفائدة.

وهكذا استخلص لنا الونشريسي من ذلك التُّرَاثِ العظيم حوالي ألفين، ومائتين وخمس وثلاثون مسألة.

العنصر الرابع: الصعوبات المنهجية في “المعيار المعرب”

أولا: الصعوبات المُتَعَلِّقَةِ بإخراج طبعة “المعيار المعرب” المُتَوَفِّرَةِ، والتي أَجْمَلَهَا الدكتور قطب الريسوني بقوله: “إنَّ صَنِيعَ التَّحْقِيقِ في “المعيار” مَشُوبٌ بِتَقصيرٍ واضح مَرَدُّهُ إلى الأسباب الآتية: التَّعَثُّرُ في قراءة النص، والغَفْلَةِ عن تَصْحِيحِ أَخْطَائِه وتَرْمِيمِ عباراته؛ الإعراض عن توثيق النُّقُول، وربط النَّصِّ بأصوله كنوازل ابن رشد وابن الحاج وابن ورد وابن لب والحفار، ومنها من هو مطبوع مُعْتَنَى به، ومنها المخطوط الراقد في الخزائن، ولاشك أنَّ المسلك التَّوثِيقِي يُسعف على القراءة السَّليمة والتَّصْحِيحِ المُتقن؛ الإخلال بِمُكَمِّلات التَّحْقِيقِ كتخريج الأحاديث، والتَّعْرِيف بالأعلام، والتعريف بالكتب، وشرح الغريب، والعَنْوَنَةِ الدَّقِيقَةِ الكاملة للمسائل الفِقْهِيَّةِ[49]“.

ثانيا: صعوبة استخلاص كلام بعض المُفتين من كلام غيرهم، وتَتَمَثّلُ في ثلاثة جوانب[50]:

1. الجانب الأول؛ صُعوبة التَّأَكُّدِ من نِسبة بعض الفتاوى إلى أصحابها؛ خاصة عندما لا يُثبت الونشريسي اسم المفتي، وهذا هو سبب فيما وقع للدكتور شريف المرسي مُحقق كتاب “النوازل الجامعة” للونشريسي عندما نَسَبَ أحد الأجوبة لابن العربي مُتجاهلا ما جاء في تحقيق نُسخة “المعيارالمعرب” للدكتور محمد حجي، وسياق الكلام في المسألة الذي َدل على أنَّ المُجيب هو أبو العباس الونشريسي[51].

وهو ما وقع أيضا؛ لأحمد بن سعيد المُجيلدي عندما نَسَبَ أحد المسائل لابن منظور خطأً؛ عوض نسبتها للونشريسي[52].

ومن أهم المشكلات التي تواجه الباحث، تلك المُتَمَثِلة في “نسبة الجواب؛ أي الفتوى إلى صاحبها؛ أي عدم التَّيَقُّنِ من هوية المصدر الحقيقي للجواب [..]، خاصة في تلك المجاميع التي عَنِيَت بجمع كَمٍّ هائل من النَّوازل لفقهاء كثيرين؛ مُنْتَمِين لفترات زَمَنِيَّةٍ جِدُّ مُتباعدة، ففي كثير من الأحيان نحن نتساءل إذا لم يوجد اضطراب في نِسْبِةٍ عدد من الفتاوى إلى أصحابها[53]“.

2. الجانب الثاني؛ كثرة التَّعليق من قبل الونشريسي على المسائل، حيث “يَتِمُّ ذلك بأسلوب لا يُمَكِّنُ من تَبيِين حدود هذا التَّدَخُّلِ[54]“؛ بسبب كثرة الضمائر.

3. الجانب الثالث؛ وهو عندما يستشهد المفتي في جوابه بمُقتطفات من أجوبة غيره من أعلام الفتوى، فـ”في كثير من الأحيان؛ لا نَعْرِفُ على وجه الدِّقَّةِ، أين تنتهي تلك الاستشهادات في صلب الجواب، هذا فضلاً عن الحالات التي يكون فيها الجواب بأكمله تكراراً حرفياً لفتوى فقيه سابق؛ نُضيف إلى ذلك التَّشَابُهِ الحاصل بين أسماء بعض المُفتين[55]“.

خاتمة

هكذا ظَهَرَت لنا من خلال هذه الدراسة معالم اجتهاد أبي العباس الونشريسي في موسوعته النَّوازلية؛ التي استغرق في تأليفها ما يربو عن أربعة عقود، وضَمَّنها حوالي ألفين ومائتين وخمس وثلاثون مسألة؛ جمعها من مُخْتَلَفِ المصادر النَّوَازِلِيَّةِ والفقهية والأصولية وغيرها (…)، ونُجمل تلك المعالم في ما يلي:

ـ مقاصد أحمد الونشريسي من تأليف”المعيار المعرب” تَنَقسم إلى ثلاثة أقسام رئيسة؛ هي: (المقصد الرِّسَالِي التَّعبدي، والمقصد العِلمي، والمقصد التَّعْلِيمِي).

ـ تَتَمَثَّلُ الأهمية العلمية لـ”المعيار المعرب”؛ في كونه يُعدُّ من الأصول المعتمدة عند المالكية في الإفتاء، مع استثناء ما حكم الونشريسي عليه بالضعف، كما أنه تَنَاوَلَ الكثير من الإشكالات العلمية المُتعلقة بأصول المالكية في الاستدلال وتنزيل الأحكام على المسائل.

ـ حَفِظَ “المعيار المعرب” الكثير من فتاوى أعلام المذهب المالكي في الغرب الإسلامي من المفتين والقضاة، وتَضَمّن كُتُباً وأجزاء من كتب كثيرٌ منها ما هو مفقود.

ـ الزَّادَ المنهجي الذي يَتَضَمَّنُهُ “المعيار المعرب” يَتَمَثَّلُ في التأكيد على ضرورة الاجتهاد الجماعي في النَّوازل، والتأصيل التاريخي لها، وأهمية الإحاطة بالجهود السابقة في النازلة للإفادة منها.

ـ أَثَرُ “المعيار المعرب” في العلوم غير الشرعية؛ يتمثل في اعتباره من أهم المصادر الدَّفِينة الغَنِيَّة بالمعلومات الموازية، وهو وثيقة تاريخية مكتوبة بلغة الفقه؛ كما يُعدُّ مَرجِعًا لكتب التراجم لاحتوائه التَّعْرِيفِ بالكثير من الأعلام.

وأخيراً، أستثمر هذه المناسبة، وأدعو من خلال منبر مجلة “الإحياء” المباركة؛ العلماء المُحققين، والأساتذة الباحثين وغيرهم؛ أن يسعوا إلى مشروع بَحْثٍ لإعادة تحقيق وثوثيق “المعيار المعرب”؛ لاستكمال الجهد الذي بذله الدكتور محمد حجي، رحمه الله، وفريقه، وذلك حتى يَتِمَّ تجاوز الصعوبات التٍّقنية والمنهجية المُتعلقة بهذا المؤلف النَّفِيسِ، ويسهل الاستفادة منه من قبل طلبة العلم.

الهوامش 


[1]. أبو العباس أحمد بن يحيى الونشريسي، المعيار المعرب والجامع المغرب عن فتاوى أهل إفريقية والأندلس والمغرب، تحقيق: محمد حجي، طبع وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية/المغرب، (1401ﻫ/1981م)، 1/1.

[2]. المصدر نفسه.

[3]. المصدر نفسه، 6/543.

[4]. المصدر نفسه، 2/471.

[5]. المصدر نفسه، 1/1.

[6]. المصدر نفسه، 12/395.

[7]. يُنظر مقال: جمعة محمود الزريقي، المدونات الجامعة للفتوى في المذهب المالكي؛ للدكتور جمعة محمود الزريقي، مجلة “المذهب المالكي-المغرب”، العدد الرابع، (1428ﻫ/2007)، ص177.

[8]. المصدر نفسه، 1/ ز.

[9]. أنقل من تلك القواعد المنهجية على سبيل التمثيل ما يلي:

ـ وجوب الاجتهاد في التكاليف الشرعية، 1/118؛

ـ للمفتي أن يفتي بما يحفظ إن أخذ عن شيخ، 11/219؛

ـ الكتب المعتمدة في الفتوى، 11/109؛

ـ العمل والفتوى بغير المشهور، 11/100؛

ـ إذا أفتى المفتي بباطل هل عليه غرم أم لا؟ 8/325؛

ـ صفة من ينبغي أن يشاور من أهل العلم، 10/49؛

ـ قالوا: إذا اختلف أصحاب مالك فالقول قول ابن القاسم، 10/45؛

ـ لا ينبغي للمفتي أن يفتي بغير المشهور، 4/293؛

ـ من أفتى فقلد ثم أفتى  بغير ذلك لزمه الأخذ بالأول، 4/324؛

ـ ذم التوليد عموما في كل المذاهب، 2/483؛

ـ هل يعتمد الحاكم على العلم الحاصل له من التواتر، 1/416؛

ـ أقوال الشيوخ في التزام المشهور في الفتاوي والأحكام، 12/38؛

ـ اجتناب الشيوخ الفتيا من كتاب اللخمي، 1/37؛

ـ الانتقال من مذهب إلى مذهب، 12/46؛

ـ هل يجوز الحكم والفتيا بضعيف الأقوال، 12/5؛

ـ ما حكم الروايتين إذا نقلتا عن مجتهد في المذهب؟ 11/362.

[10]. محمد حجي، نظرات في النوازل والفقه، منشورات الجمعية المغربية للتأليف والترجمة والنشر، ط1، (1420ﻫ/1999م)، ص59.

[11]. منها أيضا على سبيل التمثل قوله: “فافهم وتأمل، 6/583؛ فتأمله فإنه دقيق المعنى، 8/113؛ من تشوفت نفسه لتحصيل هذه المسألة فليلتمسها في كتابي، 4/183؛ فتدبره وأمعن النظر فيه، 6/550؛ فانظر وتأمل، فانظر، 1/351”.

[12]. أذكر من تلك المناظرات: “حوار بين الإمام الشاطبي ومعاصريه من علماء فاس وإفريقية حول مراعاة الخلاف، 6/387؛ مناظرة بين المشدالي وابن الإمام التلمساني في مسألة من البيوع، 5/331؛ فتوى للتلمسانيين الشريف والمقري في من أوصى بثلث ماله واشترط أنه لا يَرْجِعُ في  وصيته، وتعقيب الغبريني، 12/323؛ تحاور الإمامين التلمسانيين محمد المقري وإبراهيم بن الإمام، 9/268؛ مذاكرات ومناقشات في القراءات بين مقرئين أندلسيين؛ وتعقيب بعض الأندلسيين على المناقشة، 12/157”.

[13]. يُنظر التَّنْبِيه إلى محل الاستدلال في النص والإشارة إليه على سبيل المثال في: المعيار المعرب، م، س، 6/130-532.

[14].  يُنظر: محمد النابغة الغلاوي الشنقيطي، فصل المعتمد من الأقوال والكتب في الفتوى، (ت1245ﻫ)، ص89.

[15]. نذكر منها من باب التمثيل: “تفسير الرخصة، 1/34؛ الفرق بين قياس الإخالة والشبه، 1/190؛ الحكمة والمظنة، 1/349؛ اختلاف الأشاعرة في المؤاخذة بالعزم، 2/135؛ العلة الشرعية والعلة العقلية، 4/374؛ تَشَدُّدِ الفقهاء في ذكر الإجماع، 4/411؛ رعي الخلاف وجعله قاعدة، 4/496؛ 6/377؛ الاستحسان عند الأصوليين، 6/393؛ كون الخروج من الخلاف وَرَعًا مُشكل، 6/379؛ (…)”.

[16]. يُنظر: المعيار المعرب، م، س، 1/ط، ومثاله أيضا؛ نقل الونشريسي لجزء كبير من كتاب ابن لب المعنون بـ”لسان الأذكار والدعوات لما شرع في أدبار الصلوات، 1/297.

[17]. كالإحالة على كتاب النكت على المحصول لابن العربي الضائع وهو مفقود، المعيار المعرب، م، س، 12/122.

[18]. أحكام السوق ليحيى ابن عمر الأندلسي، تحقيق: محمد علي مكي، القاهرة: مكتبة الثقافة الدينية، ط1، (1361ﻫ/1942م)، ص5.

[19]. يُنظر: فتاوى ابن ورد الأندلسي، جمع وتحقيق: محمد الشريف، الرباط: دار طوب بريس، ط1، 2008، ص61.

[20]. ينظر: فتاوى الإمام الشاطبي، جمع وتحقيق: محمد أبو الأجفان-تونس، ط2، (1406ﻫ/1985م)، ص13.

[21]. ينظر: فتاوى المازري، تقديم وجمع وتَحقيق: الطاهر المعموري، الدار التونسية للنشر، ط1، 1994، ص86-87.

[22]. المعيار المعرب، م، س، 13/333-434.

[23]. يقول الدكتور مسفر بن علي محمد القحطاني في هذا الصدد: “وهذه الميزة قلما توجد في كتب المذاهب الأخرى” يُنظر: منهج استخراج الأحكام الفقهية للنوازل المعاصرة، رسالة مقدمة لنيل درجة الدكتوراه بجامعة أم القرى-السعودية، (1421ﻫ/2000م)، 1/113.

[24]. يُنظر على سبيل المثال إرسال الونشريسي وغيره بعض المسائل لأكثر من مُفْتٍ في: المعيار، م، س، 4/431-478-492؛ 7/51-350-352-213-347؛ 8/134؛ 10/92-105؛1/250.

[25]. حيث تكثر في “المعيار المعرب” عبارة: “وأجاب عنها، أو مسألة في معناها”.

[26]. يقول الدكتور القحطاني: “الاجتهاد الجماعي مصطلح معاصر؛ لم يفرد له العلماء السابقون بحثًا خاصا به، أو يجعلوا له بَابًا مستقلا في أبواب أصول الفقه، وإنما جاء حديثهم عنه ضمن مسائل متفرقة في أكثر من موضوع، ومع اهتمام علمائنا المعاصرين بالاجتهاد الجماعي؛ إلا أن الدراسات والبحوث المنهجية حول هذا الموضوع قليلة ناذرة”، ثم عرف بعد ذلك الاجتهاد الجماعي بقوله: “استفراغ جمهور أهل العلم وسعهم في درك الحكم الشرعي واتفاقهم عليه بعد التشاور فيه”. ينظر: منهج استخراج الأحكام الفقهية للنوازل المعاصرة، م، س، 1/250 و253.

[27]. قطب الريسوني، أبحاث اجتهادية في نوازل عصرية، لبنان: دار ابن حزم، ط1، (1432ﻫ/2011م)، ص214.

[28]. المدونات الجامعة للفتوى في المذهب المالكي، م، س، ص177.

[29]. المعيار المعرب، م، س، 4/282.

[30]. المصدر نفسه، 4/282.

[31]. المصدر نفسه، 6/562.

[32]. المصدر نفسه، 6/502.

[33]. نظرات في النوازل والفقه، م، س، ص83.

[34].  نذكر من الدراسات والكتب التي اختصت بدراسة مثل هذه الجوانب في “المعيار”:

ـ جوانب من الحياة الاجتماعية والاقتصادية والدينية والعلمية في المغرب الإسلامي من خلال نوازل وفتاوى المعيار المعرب للونشريسي، كمال السيد أبو مصطفى، مركز الإسكندرية للكتاب، طبعة سنة 1997م.

ـ محمد الشريف حسن، نوازل الشرطة من خلال المعيار، مجلة العدل، ع 13، ص126-141.

ـ احميدة النيفر، الفقهاء والحراك الاجتماعي- الثقافي: قراءة في فتاوى الونشريسي.

ـ “لقطات من “معيار الونشريسي” عن الحياة العلمية في فاس المرينية؛ لمحمد المنوني، التاريخ وأدب النوازل، المحمدية: مطبعة فضالة، ط1، 1995م.

ـ أوضاع المرأة في الغرب الإسلامي من خلال نوازل المعيار للونشريسي، وهي رسالة دكتوراه في شعبة الدراسات الإسلامية تقدمت بها الطالبة زهور أربوح، تحت إشراف الدكتور أحمد الريسوني؛ بكلية الآداب -الرباط.

[35]. يُنظر: كمال أبو مصطفى، جوانب من حضارة المغرب الإسلامي من خلال نوازل الونشريسي، ص8-9.

[36]. أحكام السوق ليحيى ابن عمر الأندلسي، مقدمة تحقق، محمد على مكي، ص5.

[37]. المرجع نفسه.

[38]. المعيار المعرب، م، س، 12/395.

[39]. المصدر نفسه، 1/252 وينظر مقدمة التحقيق، 1/ز-ح.

[40]. المعيار المعرب، م، س، 1/ح، ويُنظر: “قراءة في مدونة (المعيار المعرب) للونشريسي المالكي”، بحث: احميدة النِّيفَر، بَحْثٌ مُقَدَّمٌ ضِمن أعمال ندوة: “تطور العلوم الفقهية: فقه النوازل وتجديد الفتوى”، التي نظمتها وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بسلطنة عمان، خلال الفترة:13-16/ربيع الأول 1428ﻫ/1-4 إبريل 2007م.

[41]. المرجع نفسه.

[42]. تُنظر مراسلات الونشريسي التي أثبتها في “المعيار” في المواضع التالية: 1/202-341؛ 3/41؛ 3/347؛ 3/347؛ 6/62-471؛ 7/347-354-358؛ 8/110-111-340-254؛  9/11-189.

[43]. يُنظر، على سبيل المثال، المعيار المعرب، م، س، 4/147.

[44]. ينظر: محمد العلوي الباهي، علماء تازة ومجالسهم العلمية: مُقاربة تاريخية، المحمدية: مطبعة فضالة، ط1، 2004، ص53.

[45]. المعيار المعرب، م، س، 8/341.

[46]. المصدر نفسه، 1/1.

[47]. محمد بن عسكر الحسيني، دوحة الناشر لمحاسن من كان بالمغرب من مشايخ القرن العاشر، تحقيق: محمد حجي، الرباط: مطبوعات دار المغرب للتأليف والترجمة، ط2، (1397ﻫ/1977م)، ص48.

[48]. من قبيل: (نُلحق بهذا الكلام مما هو منه)، (وأجاب غيره)،(ومن هذا المعنى)، (وأجاب عن شبيهتها)، (ووقع جوابه عنها في رقعة واحدة؛ لذلك جمعتها هنا)؛ ينظر: المعيار، م، س، 12/338؛ 6/91؛ 10/329 5/113؛ 4/349.

[49]. مدخل إلى تجديد الفقه المالكي، م، س، ص67-68.

[50]. تُنظر الصعوبات المُتَعَلِّقة بهذه الجوانب بشكل مُفَصَّلٍ في دراسة من قسمين؛ تحت عنوان “من مشاكل المعيار” لعمر بن حماد، تونس: مجلة دراسات أندلسية، “العددين (25-26)، (1421ﻫ/2001م).

[51]. يُنظر: النوازل الجامعة للونشريسي، تحقيق: شريف المرسي، القاهرة: دار الآفاق العربية، ط1، (1432ه/2011م)، ص188.

[52]. يُقارن بين ما جاء في: المعيار، م، س، 4/64-67، وبين مخطوط “الإعلام بما في المعيار من فتاوى الأعلام” لأبي العباس أحمد بن سعيد المجيلدي، (ت1094ﻫ)، ص101، ميكروفيلم لنسخة من مخطوطات جامعة الملك سعود؛ رقم الصنف: 217.2، م. و.الرقم العام: 7197.

[53]. “من مشاكل المعيار، م، س، ص70.

[54]. المرجع نفسه، ص71.

[55]. من مشاكل المعيار، م، س، ص69.

ذ. طارق زوكاغ

باحث في الفكر الإسلامي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق