وحدة الإحياءدراسات عامة

مركزية التفكير المقاصدي في الخطاب الشرعي

مفهوم التفكير المقاصدي

التفكير المقاصدي تفكير منهجي وحركي فاعل. يشترط في القائم به تكوينا إيمانيا  يضمن صحة فهمه وحسن قصده؛ وتكوينا معرفيا موسوعيا، يشمل علمه بلغة التنزيل، وبدلائل إعجازه، وجهات لفظه ونصوصه، وسياقاته الخطابية والمقامية. تنضاف إلى ذلك، أمور تسهم في الربط بين المعارف التي أحرزت، وممارسة النظر المقاصدي، ومنها:

  1. حيازة فقه الواقع، الذي يقوي الصلة بقضايا الأمة، وبأحوال الناس المتغيرة أبدا.
  2. امتلاك الكفايات التي تيسر قياس درجات تأثير ذلك التحول على البناء الهوياتي للأمة عقديا، وقيميا، وأمنيا، فكريا وسلوكيا.
  3. إحراز مهارة تقدير مخاطر إهمال التحولات والتغيرات على الأمة، والتي تزداد اتساعا وعمقا  كلما زاد اتساعها وتشابك علاقاتها مع الأمم الأخرى، بما أن التغيير يطال أحوال الاجتماع البشري كله، خاصة في زمن صار الانفصال فيه عن الآخر أو إلغائه وهمًا يؤدي إهماله، إلى تفكير منحسر غير ممتد. علما أن أهم ميزة تميز التفكير المقاصدي، هو الدينامية التي تخول له النظر في الإشكالات الإنسانية من كل الزوايا والمواقع، وذلك بالإحاطة بها، أو بالتغلغل في سراديبها، أو التحليق في آفاقها…
  4. . تدبير الخطر المتوقع بإيجاد الحلول التي تحافظ على متين الارتباط بالمرجعية المقاصدية الأصيلة.

إنه نشاط عقلي مستقل عن الغرائز والأهواء، والحاجات الذاتية، استقلالا  يمكن من إدراك الحكمة من الأحكام الإلهية الشرعية، في كل ما يتصل بالقضايا البشرية، كما يعبد الطرق الموصلة إلى مناطات الحكم، حينما يوسع مجال النظر في السياقات الاجتماعية، والاقتصادية، والسياسية… ومقامات تنزيل الأحكام من النصوص القطعية؛ أو اجتهاد الرأي، حينما يغيب النص، وذلك بما يوافق المصالح    وشرعيتها، ودرجات صلاحها الشرعي في حماية العمران الاستخلافي.

الضوابط المنهجية للتفكير المقاصدي في القرآن الكريم

اختص الله رسله وأنبياءه بالوحي التشريعي، الذي يهدي الفهوم ويسلك بها مسالك الهداية؛ إذ يضيئها  بأضوائه التشريعية لينقذها من التيه والضلال؛ وهو ما يبرر الحاجة إلى منهاج تدبري يضبط الفهم، فيمكن من إنشاء دوائر منهجية مرنة، تلاحق جديد الوقائع والنوازل في كل زمان ومكان، في استجابة للمتغير الإنساني من موقع واع  بضرورة الحفاظ على القرب من كتاب الله.

وللقرآن منهجه في إدارة الفهوم، واستثارة الفاعلية لدى المتلقي، من أجل إنجاز التغيير العمراني. ومن أهم محطات هذا المنهج، تنمية وعي مقاصدي لا يضيق دائرة المقاصد القيمية، بما أن الشريعة الإسلامية منظومة قيمية في حقيقتها، تستدعي استبصارا منهجيا، للمعايير المؤسسة للصلاح الإنساني المشروع في الكون، والتي يتم بموجبها توسعة الجهاز المفهومي المقاصدي، ليشمل دوائر مصلحية تحظى  بالمقبولية الشرعية، فلا يلفظها روح النص، ولا تناقض العقل، ولا تخرم الخيط المنهجي الناظم لتفكير مقاصدي مستقيم عموده: إسلام الوجه لله، لقول الله تعالى: ﴿بلى من اَسلم وجهه لله وهو محسن فله أجره عند ربه ولا خوف عليهم ولا هم  يحزنون﴾ (البقرة: 111).

 ومن ثمة تتحدد وجهة التفكير، الجهة التي تنتظم بها كل الأفعال التفسيرية، والتأويلية للقرآن  الكريم، وفق ما يلائم مقصود الشارع.

ملامح التفكير المقاصدي في الخطاب النبوي الشريف

كانت الوظيفة المركزية للرسالة النبوية، تبليغ الخطاب الإلهي إلى القلوب والعقول، وبيان المقصود الشرعي للناس من كلام الله؛ فكان الرسول، صلى الله عليه وسلم، لذلك، ينظر في لفظ القرآن ومجاري كلماته، وسياقات نظمه، ومضارب أمثاله، ومقامات بيانه التشريعي، وبراهين حكمه من خبر أو تنبيه، أو  تذكير أو ترغيب أو ترهيب…

وقد حملت هذه الوظيفة مقصودا آخر، إلى جانب إنشاء مساحات ممتدة لتلقي الأمر والنهي الإلهيين، هو توسعة الفهوم بتلقينها مناهج تفكير مستقيم يستهدي بهدى الله في الحكمتين: التنزيلية التي نزهها الله عن النقص أو الاعوجاج، ﴿ما فرطنا في الكتاب من شيء﴾ (الأنعام: 39) كما في الحكمة النبوية، التي نشأت ونمت وترعرعت، تحت ُظلّة ربانية، نفت عنها الانفصال عن الحكمة الإلهية، وختمت  عليها  بالاستقامة ﴿إن هو إلا وحي يوحى﴾.

لقد كان، عليه الصلاة والسلام، يبين المقصد ومناهج إدراكه، قولا، وفعلا، وتقريرا. ويحرض على تشغيل الكفاءات العقلية، وتنشيط الخزين المعرفي، لتحصيل المقصود الشرعي؛ وهو مدار التدريب على المنهج، الذي خضع له الصحابة؛ فهذا معاذ بن جبل، رضي الله عنه، يختبر النبي، صلى الله عليه وسلم،  قدراته المنهجية، لحل إشكالات غير معهودة قد تعرض له، في غياب النص الشرعي الملائم لنازلة جديدة؛ فيسأل المعلم صاحبه عن مصادره المنهجية للقضاء فيها، ليجيب معاذ بتفوق  قائلا:

“أقضي بكتاب الله. قال فإن لم يكن في كتاب الله، قال: فبسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال: فإن لم يكن في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال: اجتهد رأيي ولا آلو؛ فضرب رسول الله، صلى الله عليه وسلم صدره، وقال: “الحمد لله الذي وفق رسول الله لما يرضي رسول الله[1].”

وقد حدد الرسول، صلى الله عليه وسلم، مجال الفاعلية الاجتهادية، وأرسى لها من القواعد ما يضبط أهدافها، ويحصر مجالات فعلها، فيحفظ للفهم انسجامه مع الخطاب الإلهي، وملاءمته للحقيقة المقاصدية الظاهرة والخفية في كلام الله.

ما كان لغياب النص أن يعطل فاعلية العقل وصلاحه للبرهنة على ديمومة الشريعة وأبديتها، وفي القرآن الكريم آيات التدبر والتفكر والعقل… التي اعتبرت الجهد العقلي لإبصار الحق قاعدة إيمانية  لتدريب الأمة على ملازمة مرونة اجتهادية تحفظ خيريتها، وتديم استقامتها.

 إن الذي أثلج صدر النبي، صلى الله عليه وسلم، هو استيعاب معاذ بن جبل للدرس النبوي حول منهج التفكير المقاصدي، وهو منهج يعنى أولا بإدراك المقصد الشرعي في كليته وتمامه، وإتقان ثانيا  القبض على أجزاء الكلي فيه، والدربة ثالثا على تقدير المصالح الشرعية الآنية والمآلية؛ ولا يتأتى ذلك، إلا لمن تملّك ملكة توقع نتائج الأعمال، مع استصحاب للمعلوم من الأحكام، والثابت والقطعي من النصوص؛ وهذا جميعه، يعتبر الإطار المرجعي اليقيني للقول بالرأي السديد.

وقد برهن كثير من الصحابة، على نجاحهم في التلقي عن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، أسس  التفكير المقاصدي؛ إذ لم يعطل عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، قطع  اليد، عام “الرمادة” إلا حينما  توقع  مخاطر القطع على مستقبل الأمة؛ حيث خشي أن يتحول المجتمع الإسلامي  بفعل القطع  “زمن استفحال داء السرقة  بسبب الجوع” إلى مجتمع معتل، يعجز عن الجهاد وعن حراسة  الدين.

وهو المنهج النبوي المقاصدي، الذي أنشا  به  المعلم، عليه صلوات الله، الحكمة المبينة للقرآن الحكيم، حينما ترك قتل المنافقين، أو حينما امتنع عن  قتل ابن أبي سلول، معتبرا خطر العصبية على  جمال  الإسلام، بما توقعه، صلى الله عليه وسلم، من عصبية كانت ستؤدي، لا محالة، إلى  فتنة محققة  حتى   قال: إن أنوفا سوف تحمر لقتله.

هكذا نبتت ونمت البذرة الأولى لعلم شريف، في حضن النبي، عليه أزكى السلام، لتصبح عند صحابته، كما عند الذين أحسنوا اتباعه، علما استمسك بالشرع واستثمر به العقل، وتحت ظلالهما قال بالرأي. إنه علم “ازدوج  فيه العقل والسمع، واصطحب فيه الرأي والشرع… يأخذ من صفو الشرع والعقل سواء السبيل، فلا هو تصرف بمحض العقول، بحيث لا يتلقاه الشرع بالقبول، ولا هو مبني على محض التقليد الذي لا يشهد له العقل بالتأييد والتسديد[2]” فعلى نهجه، صلى الله عليه وسلم، سار الركب الصحابي، مثل علي بن أبي طالب، رضي الله عنه، حينما تحرك عنده الوازع المقاصدي لترتيب الأولويات السياقية، وهو يواجه الكافر الحربي، ويهم بقتله نصرة لدين الله؛ فيتدخل السياق الجديد لتغيير وجهة الفهم،  من ثمة وجهة الفعل في ذاته. فما امتنع “علي” عن قتل الكافر، إلا  حينما بصق في وجهه،  آنذاك أدرك، كرم الله وجهه، أنه بقتله، إنما يخرق مقصدا شرعيا ليستجيب لحاجة نفسية عارضة، وبذلك يتحول من عزة الجهاد إلى درك الانتقام، وليصبح عدو الله ورسوله والمؤمنين، ذريعة فاسدة لا مقصدا شرعيا سليما.

مسالك التفكير المقاصدي في المنهج النبوي

قام التبيين النبوي على أسس منهجية، هي التي شكلت الإطار والقاعدة لتنظيرات الأصوليين والمفسرين.. والمهماز الذي حرك العقول، وأنبت  شتى المعارف والعلوم، حول الذكر الحكيم، امتثالا لأمر الله: ﴿وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزّل إليهم ولعلهم يتفكرون﴾ (النحل: 44).

وقد نهج النبي، صلى الله عليه وسلم، طريق الخبير بمراد ربه  الذي علمه ضوابط القصد الإلهي الثابتة، ولهذا أخضع  لإجراء التطهير  قلبا، وعقلا، ونفسا كي يتلقى القول الثقيل من رب الثقلين، وينجز مهمة التكليف بالتبيين، ليصير إمكان أو احتمال انحراف الفهم النبوي، أمرا مستحيلا: ﴿كما أرسلنا فيكم رسولا منكم يتلو عليكم ءاياتنا ويزكيكم ويعلمكم الكتاب والحكمة ويعلمكم ما لم تكونوا تعلمون﴾ (البقرة: 150).

ولا شك أن سلامة القلب، وجلاء الذهن، واستقامة النفس، عتبة لسلامة التفكير المنهجي، وبذلك كله تنتظم خطواته في مسار الضبط المصلحي للأحكام الشرعية، الظاهرة والخفية.

وقد تعددت مسالك التفكير المقاصدي في المنهج النبوي؛ منها ما لازم فيه، صلى الله عليه وسلم،  توجيهات النص النورانية الظاهرة، ومنها ما التمس فيه النص القرآني ومحيطاته السياقية والمقامية؛ فاتسع نظره في الواقع، وفي أحوال الناس، وتعددت لذلك أدواته ووسائله المنهجية بتعدد زوايا نظره ومواقع تفكيره النبوي المقاصدي ومنها:

  1. موقع الخبير اللغوي

 علم  رسول الله أن القرآن الكريم:حبل الله، وهو النور المبين، والشفاء النافع، عصمة لمن تمسك به، ونجاة لمن تبعه، لا يعوج فيقوم، ولا يزيغ فيستعتب، ولا تنقضي عجائبه، ولا يخلق على كثرة الرد[3].”

فكانت مهمة التبليغ التي كلف بها، صلى الله عليه وسلم، تقضي أولا بتوصيل القول الإلهي للناس، في لفظه تاما غير ناقص، ولا مزيد فيه، لضمان اكتمال عبودية النبي، وطاعته لربه من جهة؛ وليستقيم من جهة أخرى التلقي البشري للخطاب الإلهي، حروفا، وكلمات، وحكما، على يده الطاهرة، بما يضمن للمتلقين، تبين اتساقه، وقوة وتماسك المعنى الذي يدل عليه؛ فيسمح هذا  بتيسير تدبر آياته، وهي الأمانة  العظمى التي كلف الرسول، صلى الله عليه وسلم، بحراستها، مذ منّ الله به على الأمة  ُمبلّغاً  أمينا: ﴿لقد  منّ الله على  المومنين إذ بعث  فيهم رسولا من أنفسهم يتلو عليهم ءاياته﴾ (ءال عمران: 164).

وكان ثقل الأمانة، وصدق الأمين، وازعان قويان لحرصه، صلى الله عليه وسلم، على تلقي رسالة ربه من جبريل، عليه السلام، تامة في تشكيلها النظمي الإلهي، وفي انتظامها الترتيلي المعجز، حتى يتيسر له تحويلها إلى حكمة عملية، تعلم الناس مبادئ وكليات الاستقامة، وتعلمهم على تعقل الحق، وتدبر الكون، ومن ثمة إنشاء العمران الاستخلافي.

نهج التفكير النبوي المقاصدي منهجا محكما، من حيث إن مدخله كان لغويا، اعتنى فيه بعقد التواصل بين الناس وربهم؛ أي هذه اللغة التي بمقتضاها يفهم المتلقون النص والخطاب الإلهيين.

ومعلوم أن تبيين فاعلية لغوية تتطلب خبرة لغوية، تمكن من ملامسة التخوم الدلالية للنص، ومخابئ القصد بداخله، خاصة إذا أتى ذلك من عالم بلغة قومه، في بيئة كانت تعتبر التفوق في امتلاك علوم وفنون القول، سلطة نافذة.

 ويمكن التبيين اللغوي من فقه النص وإدراك امتداداته الدلالية، من حيث كيفية  دلالته على الحكم ونوع هذه الدلالة؛ ومقاماتها الحجاجية، من حيث القوة، والأولوية، ومن حيث عموم النص، أو خصوصه، ودرجات ظهوره أو خفائه… وذلك كله  بحسب الضابط اللغوي من جهة، والضابط المفهومي المستمد من كلية الخطاب من جهة ثانية، حتى حينما يكون المبيّن لفظا واحدا؛ فقد روى الإمام مسلم من كتاب “الإيمان” من  صححيه  قال: حدثنا عبد الله بن إدريس وأبو معاوية ووكيع عن الأعمش عن إبراهيم عن علقمة، عن عبد الله  قال: لما نزلت: ﴿الذين ءامنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم﴾ (الأنعام: 83).

 شق ذلك على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وقالوا: “أينا لا يظلم نفسه؟” فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “ليس هو كما تظنون، إنما كما قال لقمان لابنه: ﴿يا بني لا تشرك بالله إن الشرك لظلم عظيم﴾[4].

وقد شكل استمداد المقصد للفظة الواحدة، من إشارات النص وإيماءاته، درسا منهجيا للتفكير المقاصدي، يوجه فهوم المجتهدين ويضبطها؛ وإلى هذا يشير أبو حامد الغزالي؛ إذ يرى أن طرق الاستدلال على الحكم قد تكون عن طريق: “النطق والتنصيص على المقصود بعبارة موضوعة له في الأصل[5].”

فلا يحتمل النص تأويلا “لا على قرب ولا على بعد، كالخمسة مثلا، فإنه نص في معناه لا يحتمل الستة ولا الأربعة[6].”

 وسار العقل الإسلامي على دربه، صلى الله عليه وسلم، ينظر إلى: “ما يتألف من أدلة القرآن المتفرقة من معان مجتمعة[7].”

وقد اتجه البيان النبوي لمعنى قول الله تعالى مثلا: ﴿ولا تمسكوهن ضرارا لتعتدوا﴾ (البقرة: 229). وقوله تعالى: ﴿لا تضار والدة بولدها ولا مولود بولده﴾ (البقرة: 231). وقوله تعالى: ﴿ولا يضار كاتب ولا شهيد﴾ (البقرة: 281) إلى الربط بين الأدلة المبثوثة في الآيات الكريمة، ليقرر، صلى الله عليه وسلم، أن المعنى الناظم لها، هو نفي الضرر..

 إن كلام الله كلام مفارق، لذلك فارق البيان القرآني، الاستعمال اللغوي المألوف. وإذا كان اللفظ   القرآني يوافق معهود  اللفظ عند أهله، زمن التنزيل، فقد احتاج الناس، مع ذلك، إلى إظهار المعاني الخفية، التي يعبر عنها الكتاب، في لفظ وجيز ربما عسر فهم مراده، وإغفال الكتاب لبعض تتمات المسألة، أو شروط لها تتضح، بالشرح واحتمال اللفظ لمعان كما في المجاز، والاشتراك، ودلالة الالتزام[8].”

 غير أن الظاهر من النص لا ينفصل عن الباطن، بل يدل عليه، بينما بضبط المعنى غير الظاهر استخدام اللفظة، حينما يحدد لها مواقعها في سياق استخدامها، ومقام اندراجها في النص بحسب حقيقتها، ومقاصدها، فهذا ابن القيم يرى: “إن من تدبر مصادر الشرع وموارده تبين له أن الشارع ألغى الألفاظ التي لم يقصد المتكلم بها معانيها، بل جرت على غير قصد منه[9].”

هكذا لم يكن التبيين النبوي يقتصر على معهود الألفاظ والتعابير، بل تعداها إلى فهم سياقات استخدامه، علما أن الحراك التشريعي خلخل كثير من الألفاظ، ثم أعاد بناءها وفق حكمة الله المصلحية؛  فإذا كان العربي متملكا لقواعد التخاطب العربي، حائزا على ميزات التفرد في فهم اللفظة والمقول، فإن  ذلك لم يكن كافيا وشافيا لفهم مقصود الشارع، إلا تحت مظلة التبيين النبوي، بالرغم من نزول القرآن  بلسان عربي، ووفق نظامه التخاطبي الذي يسر التأثير في كثير من متلقيه، على كفرهم، حال تناهيه إلى  أسماعهم؛ ذلك أن الوحي، كان في حاجة إلى أكبر من كفاءة وخبرة لغوية لفهم مقاصده، والعلم بالقواعد التي بها تدرك الأحكام الشرعية الأصلية، والفرعية المستفادة من أدلتها التفصيلية، من أحكام تكليفية  كالوجوب والندب، والحظر، والكراهة، والإباحة وكذا الأحكام الوضعية كالسبب، والمانع، والشرط، والصحة، والرخصة.

وما كان لعلماء أصول الفقه أن  ينشئوا مداراتهم المعرفية بهذا المجال من فراغ؛ ولعل ما يدحض زعم ابن خلدون، من أن علمهم؛ (أي أصول الفقه): “من الفنون المستحدثة في الملة” وبأن السلف كان “في غنية عنه بما أن استفادة المعاني من الألفاظ لا يحتاج فيها إلى أزيد من عندهم الملكة اللسانية، وأما القوانين التي يحتاج إليها في استفادة الأحكام خصوصا، فمنهم من أخذ معظمها، وأما الأسانيد فلم يكونوا يحتاجون إلى النظر فيها لقرب العصر وممارسة النقلة وخبرتهم بهم[10]” أن الرسول، صلى الله عليه وسلم،  كان يستقل بأحكام جديدة لم ترد في القرآن الحكيم، مثل استقلاله ببيان ميراث الجدة، و صلاة  الوتر.. بل كان يحرص على استثارة الفاعلية الاجتهادية لدى الصحابة الذين أثبتوا بين يدي معلمهم، أهليتهم التفكرية مثل سعد بن معاذ الذي حكم في بني قريضة.

لقد رافقت الحاجة المقاصدية الإفهام النبوي في كل أحوال النص؛ أي عند ظهوره وخفائه؛ لأن سياقات ومقاسات تداول الألفاظ زمن التنزيل، قد تغيرت لتغير المفاهيم  لا الألفاظ، بسبب مفارقة الخطاب القرآني العليم، العقلاني، والمنسجم،  لخطاب خرافي، غير منسجم،  ميز  بيئة غير عقلانية، تؤمن بأن الله خالق الأكوان، وتدعو، مع ذلك، من هم دونه سبحانه: ﴿ولئن سألتهم من خلق السموات والاَرض ليقولن الله، قل الحمد لله، بل أكثرهم لا يعقلون. لله ما في السموات والاَرض، إن الله هو الغني الحميد﴾ (لقمان: 24-25).   

هكذا كان التبيين اللغوي للخطاب الإلهي حاجة مقاصدية ولم يكن ترفا معرفيا؛ فقد أرسى به الرسول، صلى الله عليه وسلم، دعائم التصور العقلاني للوجود، ولخالقه، وللذات البشرية في مختلف لحظات كينونتها وعبورها.. الشيء الذي سفه ادعاء الحداثيين بأن القرآن نص لغوي، وأنه كان مغيرا بلفظه، معجزا بتفوقه، في الإنشاء المقولي فحسب؛ وأن الدهشة التي أحدثها في متلقيه كانت لغوية فقط. ومن جاز اعتباره، في اعتقادهم، نصا تاريخيا.

والثابت القطعي أن الرسول، صلى الله عليه وسلم، لم يبعث ليبين لغة القرآن، ولكن لصياغة المفهوم المقاصدي للكلام المعجز، الذي تحول به المفاهيم، والتصورات، والمواقع، ومناهج النظر والتفكير؛ وتدار به العقول، وتدبر الفهوم؛ وما كان لقيدوم اللغة العربية، الوليد بن المغيرة أن يندهش بلفظ يعرفه، ويتقن استخدامه، لولا انبهاره بمعاني النص، ومعاني معانيه الخطابية، التي أذهلته عن مهمة إذهاله النبي وتصيده، ليس بفصيح لغته فحسب، ولكن  بقوة حجاجه، الذي لا يستغنى فيه عن الفصاحة وصلابة  البيان، ليولى الوليد، بعد ذلك، إلى جماعته التي حرضته على استمالة النبي، صلى الله عليه وسلم، وإمالته عن جادة إيمانه ودينه، ويعود أدراجه وقد مال عن مراده، مرددا : “إن له لحلاوة، وان عليه لطلاوة، وإن  أعلاه لمثمر، وإن أسفله، لمغدق و إنه ليعلو ولا يعلى عليه”.

لا يجوز لعاقل أن يعتقد أن التأثير القرآني على الوليد بن المغيرة كان لغويا؛ لأن اللغة التي لا تحمل معنى مقصودا من  متكلمها، تكون خواء وليس الخطاب سوى الكلام: “الذي يفهم منه المستمع شيئا[11]” شرط أن يدخل فيه الكلام الذي قصد المتكلم به إفهام المستمع المتهيئ للفهم، بكلام يدل على المعنى فقط: “ولأنه لو لم يقصد إفهامنا لكان عبثا[12]” وكل كلام هو، من منظور علماء تحليل الخطاب اليوم، سلوك تواصلي مملوء بالمعنى. وكلام الله المفارق كلام مقاصدي منظم غايته تدبير الفهوم ليستقيم العقل والنظر، وتدرك بذلك مقاصد الشارع، والمصالح الحقيقية، التي تحققها علما أن الشريعة الإسلامية لم: “تهمل مصلحة قط[13].”

لقد أرسى الرسول، صلى الله عليه وسلم، بمنهجه التبييني، قواعد التفكير المقاصدي، ولم يكن للخبرة اللغوية أن تختص “مفردة” بتوجيه الفهم وبلوغ المرامي المقاصدية بالخطاب الشرعي؛ لأن اللغة لا تستقل بفهم المقصد الشرعي، ولا تنفرد ببلوغ الحكم المقاصدي؛ لذلك كان للنظر اللغوي النبوي، الدور الحاسم في تشكيل العقل الاجتهادي، حيث نشط التفكير حول كتاب الله  زمن النبوة، وبعد  وفاة النبي، صلى الله عليه وسلم؛ فنشأت مدارس علمية أدار شؤونها المعرفية علماء الصحابة، مثل مدرسة مكة، التي كان يرأسها عبد الله بن عباس، ومدرسة المدينة، وكان يقودها أبي بن كعب، ومدرسة العراق، وكان يتقدمها عبد الله بن مسعود.

وقد تحددت قواعد لفهم القرآن الكريم في رحاب هذه المدارس مرتكزها: العلم بلغة العرب، الأمر الذي أدى إلى نهضة علمية، أنبتت بعد ذلك علما شريفا، اعتنى بما أشكل من ظاهر لغة القرآن، على قواعد العربية بما يحفظ المعنى في الخطاب الشرعي، ويمكن من استنباط أحكامه؛ فكان علماء اللغة، في فحصهم لكلام الله، يحرسون المقصد ويذودون عنه، لكي لا يغرق تفكيرهم في بحر الضلال.

هكذا كانت العناية  بالبلاغة القرآنية، ففسر القرآن ببيان ما حذف من نظمه، تبعا لمعهود العرب؛ وفسر لفظه، أفعالا وأسماء؛ وأنشئت القواعد الضابطة للغة استنادا إلى لغة القرآن وتراكيبه، بل كان القرآن في كل الأحوال الميزان الذي توزن به قواعد اللغة، مثل كتاب سيبويه الذي استمد من كتاب الله ما كان يدعم به صحة علمه اللغوي وليس العكس..

 تعددت فضائل النظر اللغوي في التفكير النبوي المقاصدي؛ إذ عمل الرسول، صلى الله عليه وسلم، على:

  1. تسييج مجال الفهم وحصر مرجعيته وإطار تلقيه لحمايته من خطر الانزلاق المهددة بتكميش الفهم أو تعويجه.
  2. حماية المقاصد الشرعية في الخطاب الإلهي؛ إذ لم يكن التبيين النبوي دروسا لغوية، بل نفاذا عقليا في المقصود الشرعي.
  3. تأسيس قاعدة لمنهج الفهم واستنباط الأحكام الشرعية حيث كان النبي، صلى الله عليه وسلم، يقدم إفهام متلقيه معنى اللفظة كـ”التوحيد”، و”الشرك”، و”الإيمان، و”الإسلام”، و”الكفر”، و”العبادة”، و”الطاعة”، و”الصلاة”، و”الزكاة”، و”الظلم”… على إفهامه النص، وفي هذا قال أبو عبد الرحمان السلمي عبد الله بن حبيب بن ربيعة الكوفي مقرئ الكوفة: “حدثني الذين كانوا يقرئوننا القرآن من الصحابة كعبد الله بن مسعود وغيرهم أنهم كانوا لا يتجاوزون عشر آيات حتى يتعلموا معاني القرآن والعلم والعمل معا[14].         
  1. موقع المجتهد المقاصدي

لم يكن الرسول، صلى الله عليه وسلم، ليتلقى سلبا، كلاما بوزن القول الإلهي الثقيل، يكتفي  بحفظه قالبا، دون بذل الجهد والوسع لتقدير زنة التنزيل؛ علما أن بداية التلقي كانت شديدة لقصد إلهي هو تنبيه الرسول المصطفى، بعظيم مسؤوليته في حمل ثقل الوحي، وتبليغه لفظا، ومعنى، ومقاصدا،  وأحكاما، للقلوب والعقول، وينشئ من ثمة، مدارات  عمرانية يتحقق بها القصد الاستخلافي من الخلق؛ فكان عليه، صلى الله عليه وسلم، أن يناسب بين الواقع والنص، ليس بإخضاع النص للواقع، ولكن بتسليط أضواء النص اللغوية، والإشارية، والإيمائية، والتركيبية، والدلالية… على الواقع، وفق الميزان المصلحي الذي نصبه الحق تعالى لاستنباط الحكم الحق.

ومعلوم أن النظر النبوي، كان المؤسٌس للعقل الاجتهادي، لذا لم يكن اجتهادا بشريا عاديا، بل أوحي إليه بأدواته ومسالكه، الشيء الذي يسر له، صلى الله عليه وسلم، السبل اليقينية لتنشيط فاعليته وحركيته الاجتهادية، تفاعلا مع النوازل لضبط الروابط بين قضايا الناس ومصالحهم الشرعية، حسب ما تقتضيه التوجيهات الربانية التي كانت تحرسه وتحفظه وترعاه، في كل أفعاله، وأقواله، وتقريراته، يقول رب العزة: ﴿واصبر لحكم ربك فإنك بأعيننا﴾ (الطور: 46).

أما الاجتهاد البشري فليس سوى استفراغ الوسع لتحصيل ظن بحكم شرعي؛ ولعل الخلط بين اجتهاد النبي، صلى الله عليه وسلم، واجتهاد المجتهدين هو الذي دفع  بابن حزم والرازي إلى إبطال اجتهاد الأنبياء مطلقا، أو إجازته في أمور دون أخرى، يقول الإمام الغزالي: “اختلفوا  في  جواز حكم النبي، صلى الله عليه وسلم، بالاجتهاد فيما لا نص فيه والنظر في الجواز والوقوع، والمختار جواز تعبده بذلك، أما الوقوع فقد قال به قوم وأنكره آخرون وتوقف فيه فريق ثالث. وهو الأصح فإنه لم يثبت به قاطع[15].”

إن اتباع النبي لتوجيهات ربه: ﴿قل إنما أتّبع ما يُوحى إلي من ربي﴾ (الاَعراف: 203).

 جعل اجتهاده، صلى الله عليه وسلم، وهو المسؤول عن التبيين، لا يستقيم إلا بتدبير عقلاني لكلام الله، وواع بحدوده التي تلزمه بتحديد دوائر اشتغاله العقلي، ومواضع الكف عن اقتفاء ما ليس له به علم  درءًا للتقول على الله: ﴿قل لا أقول لكم عندي خزائن الله ولا أعلم الغيب ولا أقول لكم إني ملك، إن أتبع إلا ما  يوحى إلي﴾ (الاَنعام: 51).

  وبهذا كان الحكم النبوي بما أنزل الله، دليل على سبق النقل وتقدم مرتبته على العقل البشري، من حيث إنه المسؤول عن إدارته ومن ثمة بناء جهازه المفهومي ليتحول، بعد ذلك،إلى مصدر معرفي وتشريعي أصلي، ومنهاج تفكير لمتلقيه في كل زمن، يقول الإمام الشاطبي: “فلا يسرح العقل في مجال النظر إلا بقدر ما يسرحه النقل[16].”

 كما اقترنت عقلانية التفكير النبوي بقوته التوقعية، التي كانت تقدر مآلات الأحكام؛ وهو ما كان يقوده، صلى الله عليه وسلم، إلى العناية بالأهم فالأهم، والألزم فالألزم؛ لذا قام المنهج النبوي على انتخاب السبل المؤدية إلى نتيجة الحكم وليس الحكم فقط. بالربط بين النص التشريعي والواقع، والممكن الراهن والمحتمل في المستقبل، وهي مقومات التفكير المقاصدي العقلاني التي أرساها المنهج القرآني، والتي قوامها تقدير المصالح وترجيحها على المفاسد.

وقد اعتبر ذلك، في الفكر الفقهي، ضابطا  للاجتهاد المصلحي، باعتبار أن  المصلحة: أن يرى المجتهد أن هذا الفعل يجلب منفعة راجحة[17]  وهو اليوم، في  علم الدراسات المستقبلية، ميزان لترشيد التوقع، وتوجيه التفكير المستقبلي، وتحديد مراتب الأولويات،  لضمان نجاح التخطيطات الإستراتيجية، بل هو قاعدة  لكل الأنشطة الإنسانية المقاصدية.

وقد اعتبر المآل في التفكير النبوي ضابطا لمنهج الفصل بين الأولى فالأولى، والأجدر فالأجدر، وعزل كل معسر، وجلب كل موسر موصل إلى المصالح العمرانية، دون الإخلال  بمقاييس الشرع في تقدير ما عظمه الشارع، ليتيسر بذلك إنشاء أمة الشهود الحضاري، التي ينبغي أن تتقن الموازنة على منهج رسول الله، صلى الله عليه وسلم، بين الصالح والفاسد؛ يقول ابن تيمية: “وتمام الورع أن يعلم الإنسان خير الخيرين، وشر الشرين وإلا فمن لم يوازن ما في الفعل والترك من المصلحة الشرعية، والمفسدة الشرعية، فقد يدع واجبا ويفعل محرما[18].”

لقد كان توقع النبي لنتائج الحكم أداته، صلى الله عليه وسلم، المنهجية التي استمدها من الكتاب المبين، ليدرأ المحتمل وقوعه من المفاسد المخربة للقيم الاستخلافية، المقصود تحققها بالأمر، والنهي والأخبار، والإنذار، والترهيب، والترغيب.. وقد عرض الشاطبي حزمة من الأدلة القرآنية  المؤسسة لعلم المآلات في الشريعة الإسلامية ومن ذلك قوله تعالى: ﴿ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدوا بغير علم﴾ (الأنعام: 109).

هكذا سلك الرسول، صلى الله عليه وسلم، في حرصه على تيسير الدين للناس، الطريق الذي يسره له ربه؛ إذ كان يرعى المآل إلى أقصاه؛  فعن  أبي  هريرة  رضي  الله عنه: بينما نحن جلوس عند النبي، صلى الله عليه وسلم، إذ جاءه رجل فقال: “يا رسول الله هلكت، قال وما أهلكك، قال وقعت على امرأتي وأنا صائم، وفي رواية أصبت أهلي في رمضان. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “هل تجد رقبة تعتقها قال: لا قال: فهل تستطيع أن تصوم شهرين متتابعين. قال: لا. فلبث النبي، صلى الله عليه وسلم، فبينما نحن على ذلك أتى النبي، صلى الله عليه وسلم، بعرق فيه تمر قال: “أين السائل؟ قال: أنا. قال: خذ هذا فتصدق به. فقال الرجل: على أفقر مني والله ما بين لابتيها أهل بيت أفقر من أهل بيتي. فضحك الرسول، صلى الله عليه وسلم، ثم قال: أطعمه أهلك[19].”

 إن العناية بالأهم تستدعي كفاية تسييقية قاعدتها الحركية والمرونة، وعمودها الفقري القصد الشرعي، لحماية الفهم من التلف، وبذلك يتمكن من الربط بين نص وآخر، والانتقال من مجال النص إلى مجال الواقع، ومن الواقع إلى حكم مشابه في واقع آخر، ومنها جميعا إلى ما يتوقع أن يؤول إليه الحكم، ومدى خضوعه  لمقاييس المصلحة الشرعية، حتى إذا استدعى ذلك العدول عن دليل إلى دليل أقوى منه، أو الأخذ بمصلحة جزئية في مقابل دليل كلي على ألا يكون التذوق والتشهي مقياسا لهذا الاستحسان، بل المعلوم من قصد الشارع. هو اللازم في كل حكم على الإطلاق[20].

إن منهج التفكير المقاصدي منهج قرآني في أصله التكويني، سواء في أسس فعله الاجتهادي، أو في مراميه وقوانين السير في الأرض به وسلوك الطرق الموصلة إليه… لأنه يحتكم إلى ميزان الحق في  تبيين الحق. إنه لا ينزاح عن الإطار المقاصدي للخطاب القرآني، في تصوراته الكبرى، ومضامينه، وفلسفة نواهيه أوامره ومراتب الأولويات فيه… وأسسه المنهجية في توقع الآتي القريب والبعيد، كل ذلك حفاظا على جمال الاجتماع العمراني من التلف، وإرساء لدعائم بناية الشهود التاريخي للإنسانية تبعا لقواعد التصالح مع الذات، ومقاييس التصالح الإيماني مع الكون.

الهوامش

[1]. الحديث أخرجه أحمد وأبو داود والترمذي وحكاه ابن كثير في تفسيره.

[2]. الإمام الغزالي (توفي 505ﻫ)، المستصفى في علم الأصول، ط1، مطبعة مصطفى محمد (1356ﻫ/1937م)، ج1221.

[3]. أخرجه الدارمي 2/525 وابن شيبة 6/125.

[4]. رواه سلم في صحيحه.

[5]. أبو حامد الغزالي، شفاء الغليل، تح. أحمد الكبيسي، مطبعة الرشاد بغداد 1971، ص42.

[6]. المستصفى، م، س، 1/157.

[7]. أبو إسحاق الشاطبي (توفي 790ﻫ)، الموافقات في أصول الشريعة، ت: د. محمد عبد الله دراز، بيروت: دار المعرفة للطباعة والنشر، د. ت، 4/32.

[8]. السيوطي، الإتقان في علوم القرآن، بيروت: دار المعرفة 1973، ج 2/174.

[9]. ابن قيم الجوزية (توفي 751ﻫ)، إعلام الموقعين، ج3/63.

[10]. مقدمة ابن خلدون، تحقيق  د. علي عبد الواحد وافي ط2، دار نهضة مصر، ج3–63.

[11]. سيف الدين أبي الحسن علي بن محمد الآمدي (توفي 631ﻫ)، الإحكام في أصول الأحكام، بيروت: المكتبة العلمية، (1400ﻫ/1980م)، ج 136.

[12]. أبو الحسن محمد بن علي الطيب المعتزلي (المتوفى436ﻫ)، المعتمد في أصول الفقه، الإمام تحقيق محمد حميد الله، دمشق: المعهد العلمي الفرنسي للدراسات العربية، (1384ﻫ/1964م)، ج1، ص343.

[13]. مجموع فتاوى ابن تيمية، ج11، ص342-345.

[14]. ابن تيمية، مقدمة في أصول  التفسير، ص8.

[15]. المستصفى، م، س، 2/355.

[16]. الموافقات، م، س، ج1/8.

[17]. مجموع فتاوى ابن تيمية، م، س، ص342.

[18]. الفتاوى، ج/10، ص512.

[19]. صحيح البخاري، كتاب الصوم، باب: إذا جامع في رمضان ولم يكن له شيء فتصدق عليه فليكفر، ص684.

[20]. الموافقات، م، س، ج 5، ص779.

Science

دة. رشيدة زغواني

كلية الآداب والعلوم الإنسانية/بني ملال

عضو المجلس الأكاديمي للرابطة المحمدية للعلماء

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق