الرابطة المحمدية للعلماء

لقاء تواصلي للمخرج المغربي ربيع الجوهري مع طلبة أمريكيين بالرباط

شريط “الغرب وأمريكا بعيون مغربية” دعوة إلى الغرب ليكف عن إقصائنا

نقاش معرفي من العيار المؤسس، ذلك الذي احتضنه “مركز تواصل الثقافات” بالرباط، نهاية الأسبوع الماضي، والمثير في واقع الأمر، أن النقاش جاء على هامش جلسة مصارحة بين المخرج المغربي الشاب ربيع الجوهري، ومجموعة من الطلبة الأمريكيين، من المقيمين مؤقتا في المغرب، بهدف تعلم اللغة العربية.
كانت أسباب نزول النقاش، مرتبطة بقراءة نقدية لما جاء في شريط وثائقي للمخرج، وجاء تحت عنوان “الغرب وأمريكا بعيون مغربية”، حيث امتدت مرتبة المكاشفة إلى التذكير مثلا بمحورية العديد من القضايا العربية والإسلامية لدى أغلب العرب والمسلمين، وكون تعاطف الشباب المغربي أو العربي مع هذه القضايا، بما في ذلك الشباب المتشبع بالثقافة الغربية، لا علاقة له البتة بحسابات دينية أو إيديولوجية، بقدر ما هو مرتبط على الخصوص برفض الظلم بشكل عام.

ودعا الجوهري صناع القرار في الغرب إلى ضرورة التخلي عن عقلية الهيمنة والتعامل مع باقي الثقافات على أساس أنها “غير متحضرة”، وأنه “من واجبنا، أن ننخرط في مشروع تحضر هذه الثقافات”، معتبرا أن ترويج مثل هذا الخطاب لا يخدم سوى أصحاب التيارات الإيديولوجية المتشددة في كلا الجانبين، أي الإسلامي والغربي، متوقفا أيضا عند أهمية ودلالات استشهاده في عمله الوثائقي بإدوارد سعيد وهومي بابا وغاندي، باعتبارهم رموزا اشتغلت وروجت لخطاب السلام وفهم الآخر والتأسيس لعلاقات حقيقية مع الآخر.

وأشار الجوهري كذلك إلى أن شريطه الوثائقي جاء ليناقش فكرة “الموروث الثقافي” والتحديات الكبيرة القادمة في طريق هذا الموروث، بهدف التأسيس لحوار ونقاش فعال من شأنه الدفع بنا كمجتمعات جنوبية عموما إلى محاولة الإبداع في المجال الفكري والفني والسياسي والحقوقي، وحتى في مجال الحريات الفردية، لأنه بدون إبداع في هذه المجالات سوف تغيب الخصوصية المحلية وتذوب في الخصوصيات الأورو ـ أمريكية.

بخصوص مساهمة مثل هذه الأشرطة الوثائقية في التصدي لتبعات الشرخ القائم بين الكتلتين الشرقية والغربية، اعتبر الجوهري، أن شريطه غير معني بالتأسيس لهذا الشرخ، وإنما نقل هذا الشرخ الموجود في الشارع وأعطى الكلمة لكل التيارات، بل إن الشريط يدعو إلى فتح نقاشات فكرية وثقافية مسؤولة بين هذه التيارات من جهة وبين الحضارة الأورو ـ أمريكية من جهة أخرى، مضيفا أن هذا الشرخ قائم عمليا بين قيم غربية وأخرى جنوبية، وقائم أيضا بين تيارات داخل المجتمعات الجنوبية، والشريط دعوة إلى الغرب ليكف عن إقصائنا وفي نفس الوقت دعوة إلى التيارات الجنوبية إلى تقبل نقد الآخر وإلى نقد الآخر نقدا بناء.

وبكلمة جامعة، فإن شريطه يُمثل دعوة للإبداع والإنتاج وتقديم أنفسنا بأنفسنا داخل الأعمال الفنية والثقافية والفكرية وحتى السياسية، لأن الإبداع وصناعة الحضارة لا تأتي من الآخرين، والشريط أيضا، دعوة إلى الغرب وأمريكا لتصحيح النظرة المتعالية تجاه مجتمعات الجنوب، كما أنه في المقابل يدعو مجتمعات الجنوب إلى عدم الرؤية السلبية تجاه الغرب وأمريكا بصفتهما مصدرا الشرور الإنسانية، وهو أخيرا، دعوة إلى التسامح وتعامل “الند للند” وليس تعامل مهيمن ومهيمن عليه، ومشهد الاستعارة الأخير في الفيلم واضح ومعبر عن هذه الدعوة، إذ أن هناك ثلاثة أطفال (مسلم ومسيحي ويهودي) يلعبون مع بعضهم البعض وبكل انسجام، وبدون هيمنة أحدهم على الآخر.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق