مركز ابن أبي الربيع السبتي للدراسات اللغوية والأدبيةدراسات عامة

كِفايةُ السّالِكـ في بَيانِ مَوقعِ “مِنْ أجْلِ ذلِكـ”

 

قالَ الله تعالى: «فَبَعَثَ اللَّهُ غُرَابًا يَبْحَثُ فِي الأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي سَوْأَةَ أَخِيهِ قَالَ يَا وَيْلَتَا أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَذَا الغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوْأَةَ أَخِي فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا» [المائدَة:31-32]
1- القولُ في قولِه تعالى: “من أجلِ ذلِكَ”  :
الأجْلُ الجَرّاءُ والتَّسبُّبُ أصله مصدر أجَلَ يأجُل ويأجِل كنصر وضرب بمعنى جَنَى واكتسب، “من أجلِ ذلِكَ” أي من جَرَّاء ذلكَ، وربَّما حَذفَت العربُ”مِنْ” فقالتْ:«فعلتُ ذلكَ أَجْلَ كذا». ويُعَدَّى بغَير مِنْ؛ قالَ عَديّ بنُ زيدٍ:
أَجْلَ إِنَّ اللَهَ قَد فَضَّلَكُم    ///  فَوقَ مَن أَحكَأَ صُلباً بِإِزارِ
والأَصلالتعديةُ بمِنْ، نحو: فَعلتُه مِن أَجْلِكَ.
***
2-  القولُ في صلَة شبه الجُملة “من أجلِ ذلكَ” بما قبلَها و ما بعدَها :
الظّاهرُ أنَّ «مِنْ أجْلِ ذلكَ» تعليلٌ للفعل الواقِعِ بعدَها «كَتَبْنا»، ولا تعلُّقَ لَها بما قبلَها «من النّادمينَ»، وإنّما يترجَّحُ أن يكونَ «من أجلِ ذلكَ» مَبْدأً للجُملة التالية «كتبْنا» لا مُنتَهىً لما قبلَها.والدَّليلُ على أنّ شبه الجملَةِ مَبْدأ ما بعدَها لا مُنتَهى ما قبْلَها أنَّ ما قبلَها وهو «النّادمين» مُستغْنٍ بماتُفيدُهالفاءُ في قوله «فأصبَحَ»: «فأصْبَحَ من النّادِمينَ».
و ” مِن” للابتداء المَجازيّ؛ إذْ شُبّه سَببُ الشيء بابتداء صُدوره ، وهو مَثارُ قولهم : إنّ من معاني ( مِنْ ) التَّعليلَ ، فإنّ كثرةَ دخولها على كلمة «أجْل» أحدثَ فيها معنى التّعليل، وكثرةُ حذفِ كلمة “أجْل” بعدها أحْدَثَ فيها معنى التّعليل؛ كما في قول الأعشى :
فآليْت لا أرثي لها من كلالة /// ولا من حَفى حتّى ألاقي محمّداً
واستُفيد التّعليلُ من مفادِالجملة . وكان التّعليل بالجارِّ والمَجْرورِ “مِن أجْل” أقوى منه بمجرّد اللاّم ، ولذلكَ اختير هنا ليُدَلَّ على أنّ هذه الواقعةَ كانتْ هي السّبَب في تَهويل أمر القتل وإظهارِ مَثالبِه. واسمُ الإشارَة “ذلِكَ” فيه خُصوصٌيُقصَدُ به استيعابُ جميع المذْكور .
ومعنى “كَتَبنا” شَرعْنا؛ كقَوله تعالى:«كُتبَ عَليكُم الصّيامُ» [البقرة: 183]. ومَفعول “كتبنا” مضمونُ جملة:«أنّه مَن قَتلَ نفساً بغير نفس أو فسادٍ في الأرض فكأنّما قتل النّاس جميعاً». و”أنَّ” تفيدُ المصدَريّةَ، وضمير «أنّه» ضمير الشأن، أي كَتبنا عَليهم شأناً مهمّاً هو مماثلةُ قاتِلِ النّفسِ الواحدةِ بقاتلِ النّاسِ أجمعين. ومَعْنى “كتبْنا عليهم هذا الشأنَ” يُفيدُهموقعُ”أنّ”وهو وُقوعُها في كلامٍ معمولٍ لعامل قبله يقتضيه، فالحرفُ أنّ والجملةُ بعدَه مؤوّلة بمصدر هو مَعْمولُ “كَتَبْنا”.
وخبر “أنّ” في هذه الآية: جملةُ”مَن قَتل نفساً بغير نفسٍ أو فَسادٍ في الأرضِ فكأنَّما قَتلَ النّاسَ جَميعاً”. وهي أيضاً مفسّرةٌ لضمير الشأن. 
فتبيَّنَ أنّ قتلَ النّفس بغير حقّ جُرم عَظيمٌ، كعِظَمِ قَتلِ النّاسِ جَميعاً.
***
3- تَرجيحُ الوُقوفِ على “النادمين” والابتداء بـ”من أجلِ ذلِكَ” :
قالَ الشيخُ أبو الفضل عبدُ الله بنُ الصّدّيق الغُماريّ، في معرِضِ الرّدِّ على وَقفِ الهبطي: «الوَقْفُ عَلى “النّادِمينَ” كَما في حفصٍ وقالونَ؛ وهو وَقفٌ لازمٌ لانتهاءِ الآيَة. ثمّ يُستَأنَفُ الكَلامُبقولِه: «مِنْ أجلِ ذلِكَ كَتَبْنا»، و”منْ أجْل” جازٌّ ومَجرورٌ، مُتعلّقٌ بـ”كَتَبْنا”، وهو علّةٌ له. والمَعنى: “من أجلِ” قَتلِ أحَد ابْنَي آدمَ لأخيه ظلماً، كتبْنا على بَني إسرائيلَ تغليظَ الإثمِ في القَتل العَمدِ. وهذا المَعْنى واضحٌ موافقٌ للسّياقِ، ولكنَّ الهبطَ وقَفَ على ذلكَ، ففصَل بين الفعلِ ومُتعلَّقِه، وقطَعَ العلّةَ عن مَعْلولها، وصارَت جملةُ “كَتبْنا عَلى بَني إسرائيلَ” مُنقطعةً عمّا قبلَه، لا رابطَ بينهُما، وهذا إفْسادٌ لمَعْنى الآيَة…».
[مِنْحَةُ الرَّؤوف المُعطي في ضعفِ وُقوفِ الشَّيْخ الهبطي» ص:14، دار الطّباعَة الحَديثة، الدّار البيضاء ]
***
4-  الحكمةُ من مشروعية القِصاص:
 قالَ الشيخ الطّاهر بن عاشور رحمه الله: « والمقصودُ التّوطئةُ لمشروعيّة القِصاص المصرَّحِ به في الآيةالآتية: «وكتبنا عليهم فيها أنّ النّفسَ بالنّفس» [ المائدة : 45 ] الآية .
والمقصودُ من الإخبار بما كُتب على بني إسرائيلَ بيانٌ للمسلمين أنّ حُكمَ القِصاص شَرعٌ سالفٌ ومرادٌ لله قديمٌ؛ لأنّ لمعرفةِ تاريخ الشَّرائع تَبصرةً للمُتفقّهين وتَطميناً لنُفوس المخاطبينَ وإزالةً لما عسى أن يَعتَرِضَ من الشُّبه في أحْكامٍ خَفيتْ مَصالحُها، كَمَشروعية القِصاصِ، فإنّه قَد يبدو للأنظار القاصرة أنّه مُداواةٌ بمثل الدّاء المتداوَى منه، حتّى دَعا ذلكَ الاشتباهُ بعضَ الأمم إلى إبطالِ حُكْمِ القِصاصِ بعلّةِ أنّهُم لا يُعاقِبونَ المذنبَ بذَنْب آخرَ، وهي غَفلةٌ دَقَّ مَسلكُها عَن انحصارِالارْتداعِ عن القَتلِ في تَحقُّق المُجازاة بالقتل؛ لأنّ النفوسَ جُبلت على حُبّ البَقاء وعلى حُبّ إرضاء القُوّة الغَضبيّة، فإذا عُلِمَ عندَ الغَضَبِ أنّه إذا قَتَلَ فَجزاؤه القَتلُ ارْتَدَعَ، وإذا طَمِعَ في أن يكونَ الجزاءُ دونَ القتلِ أقْدَمَ على إرضاءِ قُوّته الغَضَبيّة ، ثُمّ عَلّلَ نَفسَه بأنّ ما دون القِصاصِ يُمكنُ الصّبرُ عليه والتَّفادي منه» [التّحرير والتَّنوير: تفسير آيات سورَة المائدَة].
***
5-  الغرضُ من التشبيه في قوله :
 “فَكأنّما قَتلَ النّاسَ جميعاً” حثٌّ على تَعقُّب قاتِلِ النّفسِأيْنَما يكُنْ، من وَليّ الأمرِ حتّى العامّيّ، والغرضُ من التّشبيه تَشنيعُ صورَةِ القتلِوتَهْويلُها في النُّفوسِ، لا أنّ قاتلَ نفْسٍ واحدةٍ قد قتلَ الناسَ جَميعاً على وجه الحَقيقَة. أمّا الغرَضُ من التّشبيه في قوله: “ومَن أحْياها” فهو إرادَةُ استنقاذِ النّفوسِ من المَوْتِ والذَّبِّ عَنها، فمَن فعلَ فكأنّما أحيى النّاسَ من غيرِ الطّريقِ المَعْهودِ، لأنّ الإحياءَ على وجه الحَقيقةِ ليسَ في المَقْدورِ.

قالَ الله تعالى: «فَبَعَثَ اللَّهُ غُرَابًا يَبْحَثُ فِي الأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي سَوْأَةَ أَخِيهِ قَالَ يَا وَيْلَتَا أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَذَا الغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوْأَةَ أَخِي فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا» [المائدَة:31-32]

1- القولُ في قولِه تعالى: “من أجلِ ذلِكَ”  :

الأجْلُ الجَرّاءُ والتَّسبُّبُ أصله مصدر أجَلَ يأجُل ويأجِل كنصر وضرب بمعنى جَنَى واكتسب، “من أجلِ ذلِكَ” أي من جَرَّاء ذلكَ، وربَّما حَذفَت العربُ”مِنْ” فقالتْ:«فعلتُ ذلكَ أَجْلَ كذا». ويُعَدَّى بغَير مِنْ؛ قالَ عَديّ بنُ زيدٍ:

أَجْلَ إِنَّ اللَهَ قَد فَضَّلَكُم    ///  فَوقَ مَن أَحكَأَ صُلباً بِإِزارِ

والأَصل التعديةُ بمِنْ، نحو: فَعلتُه مِن أَجْلِكَ.

***

2-  القولُ في صلَة شبه الجُملة “من أجلِ ذلكَ” بما قبلَها و ما بعدَها :

الظّاهرُ أنَّ «مِنْ أجْلِ ذلكَ» تعليلٌ للفعل الواقِعِ بعدَها «كَتَبْنا»، ولا تعلُّقَ لَها بما قبلَها «من النّادمينَ»، وإنّما يترجَّحُ أن يكونَ «من أجلِ ذلكَ» مَبْدأً للجُملة التالية «كتبْنا» لا مُنتَهىً لما قبلَها.والدَّليلُ على أنّ شبه الجملَةِ مَبْدأ ما بعدَها لا مُنتَهى ما قبْلَها أنَّ ما قبلَها وهو «النّادمين» مُستغْنٍ بماتُفيدُهالفاءُ في قوله «فأصبَحَ»: «فأصْبَحَ من النّادِمينَ».و ” مِن” للابتداء المَجازيّ؛ إذْ شُبّه سَببُ الشيء بابتداء صُدوره ، وهو مَثارُ قولهم : إنّ من معاني ( مِنْ ) التَّعليلَ ، فإنّ كثرةَ دخولها على كلمة «أجْل» أحدثَ فيها معنى التّعليل، وكثرةُ حذفِ كلمة “أجْل” بعدها أحْدَثَ فيها معنى التّعليل؛ كما في قول الأعشى :

فآليْت لا أرثي لها من كلالة /// ولا من حَفى حتّى ألاقي محمّداً

واستُفيد التّعليلُ من مفادِالجملة . وكان التّعليل بالجارِّ والمَجْرورِ “مِن أجْل” أقوى منه بمجرّد اللاّم ، ولذلكَ اختير هنا ليُدَلَّ على أنّ هذه الواقعةَ كانتْ هي السّبَب في تَهويل أمر القتل وإظهارِ مَثالبِه. واسمُ الإشارَة “ذلِكَ” فيه خُصوصٌ يُقصَدُ به استيعابُ جميع المذْكور .ومعنى “كَتَبنا” شَرعْنا؛ كقَوله تعالى:«كُتبَ عَليكُم الصّيامُ» [البقرة: 183]. ومَفعول “كتبنا” مضمونُ جملة:«أنّه مَن قَتلَ نفساً بغير نفس أو فسادٍ في الأرض فكأنّما قتل النّاس جميعاً». و”أنَّ” تفيدُ المصدَريّةَ، وضمير «أنّه» ضمير الشأن، أي كَتبنا عَليهم شأناً مهمّاً هو مماثلةُ قاتِلِ النّفسِ الواحدةِ بقاتلِ النّاسِ أجمعين. ومَعْنى “كتبْنا عليهم هذا الشأنَ” يُفيدُه موقعُ”أنّ”وهو وُقوعُها في كلامٍ معمولٍ لعامل قبله يقتضيه، فالحرفُ أنّ والجملةُ بعدَه مؤوّلة بمصدر هو مَعْمولُ “كَتَبْنا”.وخبر “أنّ” في هذه الآية: جملةُ”مَن قَتل نفساً بغير نفسٍ أو فَسادٍ في الأرضِ فكأنَّما قَتلَ النّاسَ جَميعاً”. وهي أيضاً مفسّرةٌ لضمير الشأن. فتبيَّنَ أنّ قتلَ النّفس بغير حقّ جُرم عَظيمٌ، كعِظَمِ قَتلِ النّاسِ جَميعاً.

***

3- تَرجيحُ الوُقوفِ على “النادمين” والابتداء بـ”من أجلِ ذلِكَ” :

قالَ الشيخُ أبو الفضل عبدُ الله بنُ الصّدّيق الغُماريّ، في معرِضِ الرّدِّ على وَقفِ الهبطي: «الوَقْفُ عَلى “النّادِمينَ” كَما في حفصٍ وقالونَ؛ وهو وَقفٌ لازمٌ لانتهاءِ الآيَة. ثمّ يُستَأنَفُ الكَلامُبقولِه: «مِنْ أجلِ ذلِكَ كَتَبْنا»، و”منْ أجْل” جازٌّ ومَجرورٌ، مُتعلّقٌ بـ”كَتَبْنا”، وهو علّةٌ له. والمَعنى: “من أجلِ” قَتلِ أحَد ابْنَي آدمَ لأخيه ظلماً، كتبْنا على بَني إسرائيلَ تغليظَ الإثمِ في القَتل العَمدِ. وهذا المَعْنى واضحٌ موافقٌ للسّياقِ، ولكنَّ الهبطَ وقَفَ على ذلكَ، ففصَل بين الفعلِ ومُتعلَّقِه، وقطَعَ العلّةَ عن مَعْلولها، وصارَت جملةُ “كَتبْنا عَلى بَني إسرائيلَ” مُنقطعةً عمّا قبلَه، لا رابطَ بينهُما، وهذا إفْسادٌ لمَعْنى الآيَة…».[مِنْحَةُ الرَّؤوف المُعطي في ضعفِ وُقوفِ الشَّيْخ الهبطي» ص:14، دار الطّباعَة الحَديثة، الدّار البيضاء ]

***

4-  الحكمةُ من مشروعية القِصاص: 

قالَ الشيخ الطّاهر بن عاشور رحمه الله: « والمقصودُ التّوطئةُ لمشروعيّة القِصاص المصرَّحِ به في الآيةالآتية: «وكتبنا عليهم فيها أنّ النّفسَ بالنّفس» [ المائدة : 45 ] الآية .والمقصودُ من الإخبار بما كُتب على بني إسرائيلَ بيانٌ للمسلمين أنّ حُكمَ القِصاص شَرعٌ سالفٌ ومرادٌ لله قديمٌ؛ لأنّ لمعرفةِ تاريخ الشَّرائع تَبصرةً للمُتفقّهين وتَطميناً لنُفوس المخاطبينَ وإزالةً لما عسى أن يَعتَرِضَ من الشُّبه في أحْكامٍ خَفيتْ مَصالحُها، كَمَشروعية القِصاصِ، فإنّه قَد يبدو للأنظار القاصرة أنّه مُداواةٌ بمثل الدّاء المتداوَى منه، حتّى دَعا ذلكَ الاشتباهُ بعضَ الأمم إلى إبطالِ حُكْمِ القِصاصِ بعلّةِ أنّهُم لا يُعاقِبونَ المذنبَ بذَنْب آخرَ، وهي غَفلةٌ دَقَّ مَسلكُها عَن انحصارِالارْتداعِ عن القَتلِ في تَحقُّق المُجازاة بالقتل؛ لأنّ النفوسَ جُبلت على حُبّ البَقاء وعلى حُبّ إرضاء القُوّة الغَضبيّة، فإذا عُلِمَ عندَ الغَضَبِ أنّه إذا قَتَلَ فَجزاؤه القَتلُ ارْتَدَعَ، وإذا طَمِعَ في أن يكونَ الجزاءُ دونَ القتلِ أقْدَمَ على إرضاءِ قُوّته الغَضَبيّة ، ثُمّ عَلّلَ نَفسَه بأنّ ما دون القِصاصِ يُمكنُ الصّبرُ عليه والتَّفادي منه» [التّحرير والتَّنوير: تفسير آيات سورَة المائدَة].

***

5-  الغرضُ من التشبيه في قوله : 

“فَكأنّما قَتلَ النّاسَ جميعاً” حثٌّ على تَعقُّب قاتِلِ النّفسِأيْنَما يكُنْ، من وَليّ الأمرِ حتّى العامّيّ، والغرضُ من التّشبيه تَشنيعُ صورَةِ القتلِوتَهْويلُها في النُّفوسِ، لا أنّ قاتلَ نفْسٍ واحدةٍ قد قتلَ الناسَ جَميعاً على وجه الحَقيقَة. أمّا الغرَضُ من التّشبيه في قوله: “ومَن أحْياها” فهو إرادَةُ استنقاذِ النّفوسِ من المَوْتِ والذَّبِّ عَنها، فمَن فعلَ فكأنّما أحيى النّاسَ من غيرِ الطّريقِ المَعْهودِ، لأنّ الإحياءَ على وجه الحَقيقةِ ليسَ في المَقْدورِ.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق