مركز ابن القطان للدراسات والأبحاث في الحديث الشريف والسيرة العطرةتراث

قصيدة في المديح النبوي لأبي علي الحسن بن مسعود بن محمد اليوسي (تـ: 1102هـ) تقديم وضبط

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين.

وبعد؛

فقد تفنن السادة العلماء في مدح سيدنا   محمد صلى الله عليه وسلم، ووصفوه بأرقى العبارات، وأبهى الصور، منذ أن مَنَّ الله على الكون بنور الرسالة المحمدية، فنظموا في ذلك قصائد كثيرة  لا تحصـى ولا تعد، ومن بينها قصيدة الأديب الأريب اللوذعي اللبيب أبو علي الحسن بن مسعود بن محمد اليوسي، ولأهميتها الشرعية والأدبية والجمالية في ترسيخ حب نبينا صلى الله  أردت ضبطها والتعريف بصاحبها، فأقول وبالله التوفيق والسداد:

 التعريف  بالمؤلف [1]

هو الإمام الكبير  أبو علي الحسن بن مسعود بن محمد اليوسي، ونسبته إلى قبيلة آيت يوسي التي تندرج تحت لواء إتحادية آيت يدراسن الصنهاجية، وأصلها اليوسفي نسبة إلى جده الثالث يوسف وهو:  أبو القبيلة، ويسقطون الفاء في لغتهم فينطقونها اليوسي.

ولد في حدود 1040هـ. أخذ عن الشيخ محمد بن ناصر وانتفع به، وعبد الملك التجمعوتي، وعبد القادر الفاسي، والإمام أبي فارس عبد العزيز الفيلالي، وأبي مهدي عيسى بن عبد الرحمن السكتاني، والفقيه أبي عبد الله محمد بن إبراهيم، والإمام عبد العزيز الرسموكي، وجماعة.  ومن أبرز من أخذ عنه تلميذه وصاحبه ابن زاكور الفاسي، وأبو العباس أحمد بن مبارك، وأبو سالم العياشي، وأبو الحسن النوري، وأبو عبد الله التازي وغيرهم.

وحلى العلامة اليوسي صاحب نشر المثاني بقوله:”كان رحمه الله عالما ماهرا في المعقول والمنقول، بحرا زاخرا في المعارف والعلوم”[2].

خلف الحسن اليوسي رحمه الله تراثا علميا زاخرا بلغ أربعين كتابا، إلى جانب رسائل كثيرة في فنون متنوعة، كالتوحيد، والأدب، والتفسير، والقراءات، والتصوف، والفقه وأصوله، وأصول الدين، وأشهرها: “المحاضرات” في  الأدب، و “منح الملك الوهاب فيما استشكله بعض الأصحاب من السنة والكتاب”، و “قانون أحكام العلم”، و”زهر الاكم في  الأمثال والحكم”، و “حاشية على شرح السنوسي”، و”ديوان شعر”، و”فهرسة” لشيوخه، و “القصيدة الدالية”، وشرحها المسمى: “نيل الأماني من شرح التهاني”، و”الكوكب الساطع في شرح جمع الجوامع” للسبكي لم يكمله.

توفي الشيخ رحمه الله بداره بقرية تمزيزت، ليلة الإثنين 23 ذي الحجة عام 1102هـ، وقيل أنه توفي مقتولاً، ودفن بمكان يسمى جنان مشكة، ثم نقل جثمانه بعد عشرين سنة إلى العدوة الشمالية من مدينة صفرو.

ثانيا: التعريف بالقصيدة.

هي قصيدة في مدح  النبي صلى الله عليه وسلم من البحر الخفيف للأديب الأريب أبو علي الحسن بن مسعود اليوسي، بين فيها شوقه  إلى زيارة الأماكن المقدسة التي عاش فيه نبي الهدى صلى الله عليه وسلم، كما سرد  فيها الكثير من أوصافه الخُلقية الحميدة.  

واعتمدت في ضبطها على نسختين بالمكتبة الوطنية،  الأولى: ضمن مجموع من الورقة 79ب إلى 80أ تحت رقم:774د ، والثانية: أيضا ضمن مجموع من الورقة 255أ إلى 258ب، تحت رقم: 697ج . 

نص القصيدة:

جد في سيرها فلست تُلاَم هذه طيبةٌ وهذَا المَقام
حَرَمٌ حَلَّه نبيٌّ كريمٌ وإمام بجَنْبه وهُمَام
وجلال وهَيْبَةٌ ووقارٌ وبهاءٌ ورِفعة واحترامُ
هاهنا فالصِق الفؤاد لتَهدى حُرَق شبَّها الهوى وضِرَام
مت هنا لوعة ووجدا وشوقا وغراما فما عليك مَلام
نحن في حَضـرةِ الرسول جُلوس هذه يقظةٌ  وإلا منام
فلك في السُّعود قد حل فيه قمر ظلَّلَت عليه الغمامُ/80أ/
كيف لا تَسْكُبُ الدموعَ جُفُونٌ وهي من قبل أن تراك سِجام
كيف لا تَذهل العقول وتفنى أنفسُ العاشقين وهي كِرَام
 يا رسول الإله شوقي عظيم زائدٌ والغرام فيك غرام
يا رسولَ الإله إني مُحِبّ لك والله شائقٌ مُستهام
 يا رسول الإله في كل حين لك مني تحية وسلام
 يا رسول الإله جئتك أسعى قيدتني الذنوب وهي عِظام
 يا رسول الإله إني نزيل ونزيل الكرام ليس يضام
أنتم مقصَد الفقير  ومنكم يُعرف الجودُ  والوفا والذمام
ولكم حُرمَة وجاه عظيم ووفاء ورفعة  لا ترام
ليلة الأسرى أهل كل سماء سجد الكل إذ رأوك وقاموا
وتقدمتَ للصلاة فصلوا كلهم مقتدٍ وأنت الإمام
يا نجيَّ الإله في حَضْـرَة القدس كريم له  هناك مَقام
أنت نور العيون أنت الأماني أنت روح القلوب أنت الهمام
أنت يا سيد النبيين بحرٌ سبح الكل في نداك وعام
أنت للكل أول في المعالي وكذا أنت للجميع ختام
ظهرت[3] كالبدُور نورا وحُسْنا في سماء العُلى وأنت التمام/80ب/
وتبدت لنا كعِقد نفيس رَاقَ حُسْنا وأنت أنت الهُمَام
يا نبي الهدى معاليك تتلى عجزت أن تَنالها الأَفهام
كيف لا يرتجي ابن مسعود عفوا وله منك حُرمة وذِمام
يمدحُ المدحَ كل يوم بوصف فيك يا من به يُزَان الكلام
يا إله السماء صلِّ عليه كلَّ ما دام للزمان دوام
وعلى آله أجلِّ البرايا وعلى صحبه الجميع السلام

 ***********

هوامش المقال:

[1]  من مصادر ترجمته: نشر المثاني(3 /25)، الإستقصا:(7 /108)، الفكر السامي(2 /337-338)، موسوعة أعلام المغرب(5 /1801-1818)، معلمة المغرب(22 /7692-7695)، شجرة النور(1 /474)

[2]  نشر المثاني(3 /25)

[3] في النسخة ذات الرقم 774د: ظاهرتك.

*************

جريدة المصادر والمراجع:

-الاستقصا لأخبار دول المغرب الأقصى لأبي العباس أحمد بن خالد بن محمد الناصري، تحقيق جعفر الناصري محمد الناصري، دار الكتاب، سنة النشر 1418هـ/ 1997م.

-شجرة النور الزكية في طبقات المالكية لمحمد مخلوف، علق عليه: عبد المجيد خيالي، دار الكتب العلمية، لبنان، ط1، 1424 هـ – 2003 م.

-الفكر السامي في تاريخ الفقه الإسلامي لمحمد بن الحسن بن العربيّ بن محمد الحجوي الثعالبي الجعفري الفاسي،  دار الكتب العلمية ـ بيروت ـ لبنان

-معلمة المغرب من إنتاج الجمعية المغربية للتأليف والترجمة والنشر مطبعة النجاح الجديدة في ذي القعدة عام 1426/ دجنبر 2005م.

-موسوعة أعلام المغرب، تنسيق وتحقيق محمد حجي، دار الغرب الإسلامي، ط1 1417هـ ـ 1996م.

-نشر المثاني لمحمد بن الطيب القادري  تحقيق محمد حجي ـ أحمد التوفيق. منشورات الجمعية المغربية للتأليف والترجمة والنشر، 1407 ـ  1986م.

مراجعة: خديجة ابوري

عبد الفتاح مغفور

  • أستاذ باحث مؤهل بمركز ابن القطان للدراسات والأبحاث في الحديث الشريف والسيرة النبوية العطرة بالعرائش، التابع للرابطة المحمدية للعلماء بالرباط.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق