مركز ابن أبي الربيع السبتي للدراسات اللغوية والأدبيةدراسات عامة

فتاوى نحوية ولغوية

  • هل يَجوزُ استعمالُ الأصول المُقدّرَة أو يُكتَفى بمراجَعَتها للفَهم والتقدير:

من الشُّعَراء مَن حافَظ على الأصول الصّرفيّة للكلماتِ، فَجاءَت الصِّيَغُ على غيرِ المَعْهود في التّصريف؛ ومن ذلكَ ما وَرَدَ في شعرِ شَهْل بنِ شَيْبانَ المَعْروفِ بالفِنْدِ الزِّمّانيّ، في حَربِ البَسوس:

دارَت الحَرْبُ رَحاها *** فادْفَعوها برَحائي

واضْرموها يا لبَكْرٍ *** لَيسَ ذا حينُ وَنائي

[رحائي: والقياسُ رَحايَ – و ونائي: من وَنى يَني وَنْياً و وُنِيّاً]

ويَقولُ أيضاً :

لَقِيُوا أسْدَ غابةٍ وكُهولاً *** وقَناً تَصْرَعُ الكُماةَ سِفاحا

[لَقيوا في لَقُوا]

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الشعراء الجاهليون الأوائل، عادل الفريجات، دار المشرق، بيروت، ط.2، 2008م، ص:350-351

************

  • الفعلُ “اعتبَرَ يَعتبرُ”

يغلبُ على الناسِ أن يستعملوا الفعلَ اعتبرَ في غيرِ موضعِه، فيقولون: اعتبرَ فلانٌ أنّ كتابَةَ العلمِ تقييدٌ له من النسيانِ، أو يقولون: تُعتبَرُ الصّورةُ اليومَ وسيلةً من وسائلِ التواصُل والدّلالةِ والحقيقةُ أنّ اعْتبرَ فعلٌ على وزنِ افْتعَلَ ، وفيه مَعْنى الاتّخاذِ ، أي اتّخذَ العبرَةَ واتَّعظَ ، نحو قوله تعالى: «فاعتبروا يا أولي الأبصار» أي اتّعظوا، فهو فعل لازمٌ ، ويدلُّ عتبَرَ أيضاً على مَعْنى تعبيرِ الأحلامِ، أمّا اللّفظُ المناسبُ للاستعمالِ الرّاهنِ فهو : عدَّ و حسبَ وظنَّ ، وأقواها: عَدَّ : عددتُ العلمَ نافعاً ، و تُعدُّ الصّورةُ من أقوى وسائلِ الاتّصالِ اليومَ ، وهكذا فالعُدولُ إلى اللفظِ الذي لا يحتملُ أكثرَ من معنىً أولى من الرّكون إلى الألفاظِ المحتملَة، والذي ألجأ الناسَ اليومَ إلى استعمالِ اعتبرَ لغيْرِ ما أريدَ له من المَعْنى : الجهلُ بوجوه الدّلالَة، فلم يعد النّاسُ يعلمونَ أوجه الفُروقِ والنّظائرِ ودقائقَ الدّلالاتِ، ولكنّهُم يُعبّرون عن الكثرةِ الكاثرةِ من المَعاني بالألفاظِ القليلَةِ التي لا يعلمونَ إلاّ إياها.

**************

  • انْكبَّ أو أكبَّ ؟؟؟

الأصلُ أن نقولَ: أكبَّ العُلماءُ، باستعمالِ الفعلِ اللازمِ، وليس انكبَّ العُلماءُ؛ لأنّ أكبَّ فيها لُزوم الفعل، أما انكبّ ففيها مطاوَعةٌ لمن يَكُبّ الناسَ من خارِج إرادتهم؛ قال تعالى: «أفَمن يَمْشي مُكِبّاً على وَجهه أهْدى أمَّنْ يَمشي سَوياً عَلى صراطٍ مُستقيم؟»

فالمُكبُّ هو الذي اختارَ هيئةَ مشيِه مَقْلوباً، والعلماءُ هم الذينَ اختاروا الإكبابَ على البحث ولم يُكِبَّهُم أحدٌ.

أمّا الفعلُ  المُتعدّي “كَبَّ” فكما وردَ في حديثِ مُعاذ: وهل يَكُبُّ النّاسَ على مناخرِهم إلاّ حَصائدُ ألسنتهم ، أو كما وردَ في الحديثِ.

************

  • ما الصحيح في قولنا في التعزية: اللّهم آجِرهُم في مُصيبتهم، بمدّ الألف وكَسرِ الجيم، أو: اللهمّ أْجُرْهُم يإسكان الألف وضَمّ الجيم، أو: اللهم أأجرهم بألفين؟

1- يجوز: اللهمَّ أْجُرْهم بإثبات السكون على همزة أول الفعل وصلًا بميم العِوَض في اللهمَّ، ويأتي الدعاءُ على صيغة الماضي: أَجَرَك الله في مُصيبَتكَ أي أثابَكَ وجعَلَ لكَ أجراً، وفي التنزيل العزيز: «عَلى أَنْ تَأْجُرَني ثَماني حِجَجٍ» .

2- ويأتي الدعاءُ بصيغَة مَدِّ الألف “آجَرَ”؛ فقد ورَدَ في حديث عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: جَاءَتِ امْرَأَةٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي تَصَدَّقْتُ عَلَى أُمِّي بِجَارِيَةٍ، وَإِنَّهَا مَاتَتْ، فَقَالَ: «قَد آجَرَكِ اللَّهُ، وَرَدَّ عَلَيْكِ في المِيرَاث»

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

مسند الإمام أحمَد، تحقيق الأرناؤوط، مؤسسة الرسالَة، بيروت، 1421-2001، رقم الحديث: 22956، ج: 38، ص: 52

1 2 3 4الصفحة التالية
Science
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق