مركز الإمام الجنيد للدراسات والبحوث الصوفية المتخصصةدراسات عامة

شذرات من سير رجالات مراكش السبعة: سيدي عبد العزيز التباع.. الشيخ العالم العامل

   هو أبو فارس عبد العزيز بن عبد الحق الحرار، والحرار نسبة إلى صناعة الحرير، إذ كانت حرفته في أول أمره. ولد بمراكش أواسط القرن التاسع الهجري، وهو العالم العامل والشيخ الكامل، بحر العرفان ومجمع المآثر الحسان، شيخ المشايخ، وأستاذ الأكابر وجبل الفضل الشامخ، تخرج عليه من أكابر المشايخ ما لا يكاد يحصيه عد أو يحصره حد. سافر إلى فاس ودرس بها، ولقي من أهلها مظاهر الحفاوة والإجلال، وكان مقيما بمدرسة العطارين بعدما كان شيخه الجزولي -من قبل- يقيم بمدرسة الصفارين، وبقي بها إلى أن لقي الشيخ علي بن محمد صالح الأندلسي فعاد إلى بلده مراكش.

    صحب سيدي عبد العزيز التباع الإمام الجزولي وأخذ عنه وأقام عنده بزاويته “بأفوغال”، كما أخذ عنه حين قدومه إلى مراكش، وبعد مقتل الإمام الجزولي التحق التباع بشيخه الثاني سيدي محمد الصغير السهلي، ولازمه بزاويته بخندق الزيتون بأحواز فاس مدة ثمان سنوات يخدمه ويأخذ عنه إلى أن أذن له بالعودة إلى بلده مراكش.

    بلغ الشيخ التباع من الصلاح والولاية مكانة يعز على الوصف بلوغ مداها، ويعلو على ارتفاع الشأن وشهرة الصيت نداها، حتى قيل في حقه: “النظرة فيه تُغني“. تخرج على يديه فطاحل العلماء والمشايخ؛ من أشهرهم: الشيخ سيدي عبد الله الغزواني صاحب ديوان “النقطة الأزلية” وأحد رجالات مراكش السبعة، والشيخ سيدي عبد الكريم الفلاح، وسيدي رحال الكوش، وسيدي سعيد بن عبد المنعم، والشيخ سيدي محمد بن عيسى دفين مكناس وغيرهم.

كما اشتهر الشيخ التباع بنظم الشعر الصوفي، ومن ذلك قوله:

زيارة أهــل التقى مرهــم يبري     ومفتاح أبواب الهدايـة والخير

وتُحدث فــي القلب الخلـي إرادة     وتشرح صدرا ضـاق من سعة الوزر

ومما ينسب إليه كذلك قوله:

لله في الخلق مــا اختارت مشيئته      مــــا الخير إلا الــــذي يختـــاره الله

إذا قضـــى الله فاستسلــم لقدرتــه      مــــا للمرء حيلـــة فيمـا قضى الله

تجــري الأمـــور لأسبـــاب لهــا علل      تجـــري الأمــــور على مــا قدر الله

إن الأمـــــور وإن ضـــاقت لهــــا فـرج     كــــم مــــن أمــــور شداد فرج الله

يا صــــاحب الهـــم إن الهم منفــرج      أبشــــر بخيــر فـــــإن الفـــارج الله

تــــا الله مـــا لك غيــــر الله من أحــــد     ولا يصيبــــك إلا مــــا قضـــــى الله

اليــــأس يقطـــع أحيانــــا بصاحبــه      لا تيــــأس فــــإن الصــــانـــع اللــه

الله لـــــي عــــدة فــي كــل نازلــة      أقــــول في كل شيء حسبي الله

   توفي سيدي عبد العزيز التباع –رحمه الله- في السادس من ربيع الثاني عام 914 هـجرية، ودفن بحومة المواسين بمراكش، وقبره إلى الآن يعد مزارة كبرى ضمن مسلك زيارة سبعة رجال الشهيرة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق