وحدة الإحياءقراءة في كتاب

رسالة “استنزال اللطف الموجود في أسر الوجود”

 ذ. عبد الرحيم علمي

(العدد 8)

 تقديم عام

رسالة “استنزال اللطف الموجود في أسر الوجود” واحدة من بين أكثر من عشر رسائل ألفها ابن الخطيب في أواخر أيامه، وكرسها للتصوف، أيام أخذ يسكنه هاجس الانقطاع عن الدنيا والتوجه للمعاد.

1. اسم الرسالة

وقد أجمع الذين ترجموا لابن الخطيب على أن هذه الرسالة، له دون أي شك، وأنها تدخل في باب التصوف. إلا أن الآراء تضاربت حولها على عدة مستويات أولها التسمية:

1. فهناك من ذكر الرسالة وسماها: “استنزال اللطف الموجود في سر الوجود”[1].

2. وهناك من ذكرها وسماها: “استنزال اللطف الموجود في سير الوجود” [2].

3. وذكر الأستاذ محمد عبد الله عنان أن نسخة الاسكوريال من كتاب “الإحاطة” جاء فيها اسم الرسالة كما يلي: “استنزال اللطف الموجود في أمر الوجود”[3].

4. وذكر الباحث نفسه أن الكلمة ترد، في بعض نسخ الإحاطة: “أسرار”، وأحيانا: “سير”، دون أن يذكر مكان هذه النسخ[4]. وفي الريحانة كذلك وردت عبارة: “أسرار”[5] وكذا قرأها التطواني[6].

والواقع أن هذا الخلاف حول تسمية الرسالة كان له ما يبرره ما دامت الرسالة مفقودة تماما، كما اعتقد الدكتور محمد الكتاني[7]، والأستاذ عنان[8] وغيرهما. لكن مع اكتشاف الورقات (التقييدات) المتبقية منها في خزانة تطوان، زال اللبس، ولم يعد هناك مجال للشك أو الخلاف، فاسم الرسالة: “استنزال اللطف الموجود في أسر الوجود”، كما يبدو جليا من عنوان المخطوط الوحيد، ومن محتويات هذا المخطوط.

وبهذا يبدو لنا سبب هذه الاختلافات في عنوان الرسالة، فعبارات: “أمر” و”سير” و”أسرار” و”سر”، لا تعدو أن تكون قراءات خاطئة غير متأنية لعنوان الرسالة، نقلها بعض المؤرخين عن بعض.

لكن ما يثير الانتباه حقا، هو أن ابن الخطيب نفسه، تجد لديه اختلافا في ذكر عنوان الرسالة، ففي الجزء الرابع من الإحاطة عند ترجمته لنفسه، ذكرها مستعملا عبارة “سر” كما في نسخة الزيتونة، “أمر” كما في نسخة الإسكوريال[9].

أما في الريحانة، فإنه عند ذكرها في “فصل التحميدات…” أورد عنوانها بعبارة: “أسرار”[10]. فهل يجوز أن يخطئ ابن الخطيب في تسمية رسالة دبجتها يراعه؟ هنا نستطيع أن نجزم بأن المسألة ترجع إلى أحد أمرين لا ثالث لهما:

1. أولهما: أن يكون الوهم قد وقع لدى نساخ “الإحاطة” و”الريحانة” في قراءة عنوان الرسالة، فجعلوا “الأسر” “سرا” و”أسرارا” وأمرا” و”سيرا”، مثلما حصل بالذات لمن قرأوا الرسالة نفسها، (كما رأينا من قبل). وساعدهم على هذا الوهم، أن ابن الخطيب، ذكر أن هذه الرسالة تدخل في باب التصوف، والحديث في التصوف، كله حديث عن “الأسرار”، فمصطلح “السر” و”الأسرار”، من أكثر الاصطلاحات تداولا في مؤلفات الصوفية، حتى صار محيلا عليهم.

ومن ثم، فإن من يعلم أن الرسالة تدخل في باب التصوف، فلن يكون من السهل أن يتبادر إلى ذهنه أن المؤلف يتحدث عن “أسر” بل عن “سر”.

ثم إن ابن الخطيب نفسه قد شعر بما يمكن أن يحدث في ذهن القارئ من تساؤل حول مدى صلاحية مصطلح “أسر” في بعض أبواب الرسالة (ولعله شعر بأنه أول من وظفه في هذا السياق، وفي هذا المعنى)، فحاول الدفاع عن هذا التوظيف، وذلك في قوله من الرسالة نفسها: “وأما استنزال اللطف الموجود في أسر التكليف، قال الشيخ تاج الدين رحمه الله: [علم عجز عباده عن مقارضته وكسلهم، فجذبهم إليه بزمام الواجبات، يعجب ربك من قوم يقادون إلى الجنة بالسلاسل][11] ولا شاهد في إطلاق لفظ الأسر على وظائف التكليف، مثل استعارة السلاسل[12]. فهذا الكلام من ابن الخطيب، يوحي بأنه ردٌّ على من أنكر عليه استعمال لفظ “الأسر” لوظائف التكليف. ونستطيع أن نعمم هذا التقدير على الرسالة كلها.

2. وثانيهما: (وهو الأرجح عندي ما لم يثبت العكس)، أن الوهم في قراءة عنوان الرسالة، لم يحصل للنساخ، بل لمحقق الريحانة والإحاطة مع الأستاذ محمد بن عبد الله عنان. وهي ثغرة تعودنا مثلها، وبكثرة واضحة، في المصادر التاريخية التي حققها هذا الباحث الكبير، الذي لا نستطيع، رغم ذلك، إلا أن نقر بفضله، رحمه الله، على الأدب والتاريخ.

ومما يؤكد هذا الرأي أن العلامة ابن تاويت الطنجي، بما عهد فيه من دقة بالغة في التحقيق، ومن نظر ثاقب، اهتدى إلى أن العنوان الأصح للرسالة هو: “استنزال اللطف الموجود في أسر الوجود”، رغم أن هذا العنوان وارد في كتاب آخر من غير كتب ابن الخطيب، وأعني به كتاب “التعريف بابن خلدون، وبرحلته شرقا وغربا”، الذي سرد فيه ابن خلدون بعض الرسائل بعث بها إلى صديقه ابن الخطيب، ومن بينها رسالة جاء فيها: “… وآخر ما صدر عني كناش سميته باستنزال اللطف الموجود في أسر الوجود، أمليته في هذه الأيام…”[13].

2. تاريخ تأليف الرسالة

الواقع أن رسالة “استنزال اللطف الموجود في أسر الوجود” يتردد اسمها في عدد من الكتب التي ترجمت لابن الخطيب، لكن أحدا من هذه الكتب لم يشر إلى تاريخ تأليفها بتفصيل. ومن ثم، فإننا سنحاول – اعتمادا على بعض القرائن – تحديد إطار زمني أكثر دقة لها:

1. فالمراكشي ذكر الرسالة، ولم يحدد تاريخ تأليفها. وكذلك فعل صاحب “أزهار الرياض”، وصاحب “هدية العارفين”، إضافة إلى ذ. عنان في تحقيقه لكتاب “الإحاطة”، وفي كتابه حول ابن الخطيب.

2. وقد ذكر ابن الخطيب اسم الرسالة من كتاب له. ففي “الإحاطة”، ذكرها عند ترجمته لنفسه، قائلا: “… إلى ما صدر عني لهذا العهد القريب وهي: الغيرة على أهل الحيرة، وحمل الجمهور على السنن المشهور، والزبدة الممخوضة، والرميمة، والرد على أهل الإباحة، وسد الذريعة في تفضيل الشريعة، وتقرير الشبه وتحرير المشتبه، واستنزال اللطف الموجود في أسر الوجود…[14] “.

فابن الخطيب يذكر إذن، أنه ألف هذه الرسالة في عهد قريب، قبل كتابة الترجمة. إذا علمنا أن الإحاطة تمت لأول مرة سنة 769ﻫ، واستمر تنقيحها إلى أوائل سنة 772ﻫ ( حسب رأي ذ. عنان)[15]، أي بشهور قليلة قبل فراره إلى المغرب، تبين لنا أن الرسالة ألفت في المراحل الأخيرة من حياة ابن الخطيب بالأندلس، وبالذات قبل 772ﻫ بالضرورة.

ويعود ابن الخطيب مرة أخرى ليؤكد المعنى نفسه في “ريحانة الكتاب”. فعند استعراضه لمقدمات كتبه الذي سماه “بفصل التحميدات…”، ذكر شيئا من ديباجة رسالة “استنزال اللطف”، وقدم لها بقوله: “وثبت في صدر كتابي المسمى باستنزال اللطف الموجود في أسر الوجود، وهو مما جمعته لهذا العهد:…[16]” فهذه العبارة الأخيرة، تدل كذلك على أن الرسالة جُمعت في زمن قريب من تأليف الريحانة، التي كان الفراغ منها سنة772ﻫ.

وقد يقال هنا إن عبارة “جمعته” تفيد معنى الضم والإضافة، أي أن ابن الخطيب قد يكون ألف الرسالة في “زمن قديم”، ثم جمع ديباجتها في “العهد القريب”، وضمها إلى كتاب الريحانة، وهو رأي يدفعه نص الإحاطة السابق الذي استعمل فيه عبارة صريحة تدل على أن التأليف نفسه (وليس الضم فقط)، وقع بفترة قصيرة قبيل سنة 772، وربما في نفس السنة أيضا. (والضم تَبَع للتأليف).

3. لكن الذي يؤكد ما ذهبت إليه، ويحدد تاريخ التأليف بدقة أكثر، هو ابن خلدون في كتاب “التعريف…”. فعند ذكره لابن الخطيب، أورد مجموعة من الرسائل الإخوانية التي بعث بها هذا الأخير إليه، سنذكر منها ما يهمنا. فهذا الكتاب يدلنا على ما يلي:

أ. دخل ابن خلدون غرناطة سنة 764ﻫ، ثم رحل عنها إلى بجاية في جمادى الأولى سنة 766ﻫ.

ب. بعث ابن الخطيب برسالة إلى ابن خلدون بتلمسان، يذكر له فيها شوقه إليه، ثم يعلمه بما ألفه من كتب بعد رحيله (أي رحيل ابن خلدون). وهي: روضة التعريف-الغيرة على أهل الحيرة – حمل الجمهور على السنن المشهور – ومختصر التاج[17] (وهي مؤرخة بجمادى الأولى 769ﻫ)[18].

ج. بعث ابن الخطيب برسالة أخرى إليه من غرناطة. ومما جاء فيها “…وآخر ما صدر عني كناش سميته باستنزال اللطف الموجود في أسر الوجود، أمليته في هذه الأيام التي أقيم فيها رسم النيابة عن السلطان في سفره إلى الجهاد، بودي لو وقفتم عليه وعلى كتابي في المحبة”[19] وهي مؤرخة بربيع الثاني 771ﻫ.

وهكذا يلاحظ أن ابن الخطيب لم يذكر “استنزال اللطف”، ضمن باقي الكتب التي ذكرها في الرسالة الأولى، ومعنى هذا أنه إلى حدود جمادى الأولى من 769ﻫ، لم يكن “الاستنزال” قد ألف بعد، في حين أنه ذكره في الرسالة الثانية. ومن ثم نستطيع أن نجزم دون تردد بأن الكتاب ألف بين جمادى الأولى 769ﻫ، وربيع الثاني 771ﻫ. بل نستطيع أن نرجح أنه ألف في شهر ربيع الثاني أو صفر – على أبعد تقدير – من سنة 771ﻫ. ونستند في ذلك إلى قول لسان الدين: ” وآخر ما صدر عني” وقوله: “أمليته في هذه الأيام…” ففيه إشارة واضحة إلى أنه ألفه أثناء نيابته عن السلطان، وهي نيابة لا زالت مستمرة إلى تاريخ كتابة الرسالة إلى ابن خلدون (أي ربيع الثاني 771ﻫ).

وإضافة إلى ما ذكرنا، نستطيع أن نخرج من الرسالتين السابقتين ببعض الاستنتاجات، لا بأس من أن نشير إليها بإيجاز:

أما أولها: فهو أن ابن الخطيب قام بالنيابة عن السلطان في غرناطة خلال أوائل سنة 771ﻫ (وربما أواخر سنة 770ﻫ)، وهو أمر لم يذكره أحد ممن ترجموا لابن الخطيب، ولم يشر إليه ابن الخطيب نفسه في ترجمته الذاتية بالإحاطة التي استمر تطعيمها بالجديد إلى حدود سنة 772ﻫ، ونحن لا نعرف أن ابن الخطيب ناب عن السلطان بدار ملكه، إلا في عهد أبي الحجاج يوسف الأول بن الأحمر[20] بل إن المصادر التاريخية لم تذكر أن السلطان الغني بالله قام بحركة ما للجهاد في هذه السنة. فكل ما نعلمه، أنه قام بغزوة: “حصن أشر” قرب اشبيلية، سنة 768ﻫ، ثم غزوة “جيان” العظيمة، و”أبدة” سنة 769ﻫ. ثم غزوة “الجزيرة الخضراء” سنة 769ﻫ، وبهذا يكون نص الرسالة الثانية قد كشف عن حدث ظل مسكوتا عنه لأسباب لا نعلمها.

وأما ثانيها: فهو أن “روضة التعريف” ألفت فيما بين جمادى الأولى من سنة 766 وبين أواخر سنة 768ﻫ، في حين أن الدكتور محمود الكتاني اكتفى بأن قال إنها ألفت قبل سنة 769ﻫ[21] وقد ألممنا بهذه المسألة بتفصيل في موضعها.

وأما الثالث: فهو أن هذه المعطيات تفرض علينا كذلك إعادة النظر في تاريخ الانتهاء من تأليف الإحاطة، إذ أنه ليس 769ﻫ كما ذكر بعض الباحثين، بل بعد سنة 771ﻫ بالضرورة، لأن ابن الخطيب ذكر رسالة “استنزال اللطف”، ضمن ما ألفه من الكتب في ترجمته لنفسه في آخر الإحاطة، وأكد ذلك بقوله: “في هذا العهد القريب”. وبما أن الرسالة ألفت في 771ﻫ كما رأينا، فإن ذكرها في الترجمة، يعني أن الترجمة (وهي آخر ما كتب من الإحاطة)، كتبت بعد هذا التاريخ بزمن ما.

3. سبب التأليف

مع قلة ما نعرفه عن هذه المرحلة من حياة لسان الدين، وما نعرفه عن ملابسات “الاستنزال”، نستطيع أن نتلمس سببين دفعا إلى تأليفه:

سبب خاص : وهو أنه ألف الرسالة استجابة لمن سأله – وألح في السؤال – عن أنواع قيود الوجود، وكيفية التخلص منها. (حسبما ورد في الديباجة).

سبب عام: وهو توجه لسان الدين نحو التصوف، ونفوره من الدنيا. اللذان أخذا يهيمنان على فكره منذ منفاه الأول بالمغرب، وملأ عليه حياته خلال فترة ما بعد رجوعه إلى غرناطة، ليتحولا بعد ذلك إلى قوة قاهرة تجذبه نحو الراحة والانقطاع عن كل الخلق، وتدفعه في الأخير إلى الفرار نهائيا عن الأندلس.

ففي هذه الفترة، شعر ابن الخطيب بالإرهاق، وبالسآمة والنفور، والرغبة الملحة في الانقطاع، والاستعداد للآخرة. وفي مقابل كل هذا، رفض سلطانه أن يأذن له في ما يريد، لأنه كان في أمس الحاجة إليه لتثبيت ملكه. فمكث لسان الدين على مضض، ظل الصوتان يناديانه ويتجاذبانه: صوت يدعوه للوفاء للسلطان… لخدمته وخدمة الوطن، وصوت يدعوه إلى خدمة الروح وطلب الآخرة. وبين هذا وذاك، تتعالى أمواج عتية من المكائد والدسائس المدبرة حوله، بدافع من الحسد، وأشياء أخرى. ففي ظل هذه المتناقضات، شعر ابن الخطيب بثقل الوجود عليه، وبدا له زخما لا حد له من المعوقات المانعة من الحركة، فلم يعد يرى في الكون إلا: “قيودا” و”أغلالا” و” سلاسل” و”أسرا”… وفي نفسه  إلا : “أسيرا” يقاد بالسلاسل”.

ومن هنا جاءت الرسالة كلها مؤسسة على رمزية “الأسر”، لتعبر بعمق عن الحالة النفسية المفعمة بالكآبة، والإحباط، والسكون أللإرادي، مع التطلع إلى الانعتاق، والتحرر، والخروج إلى عالم الحركة (المطلق).

إنها كآبة الصوفي السالك المريد…

وهكذا، فإن الرسالة جاءت (كغيرها من الرسائل الصوفية) نتيجة لهذه المرحلة التي عاشها ابن الخطيب، ونتيجة للتجربة الصوفية التي كان يخوضها.

4. أهميتها

ومن هنا تأتي أهمية الرسالة فهي من جهة، تعبر، كما رأينا، عن الحالة النفسية التي كان يعيشها لسان الدين في هذه المرحلة من حياته، ومن جهة أخرى، تكشف عن بعض إنتاجه، وبعض آرائه الصوفية التي يمكن أن تساعدنا – في ضوء باقي إنتاجاته – على كشف فلسفة صوفية استطاع ابن الخطيب أن يطبعها بطابع خاص.

على أن الأهمية الحقيقية للرسالة تتجلى في موضوعها، فقد تحدث علماء الإسلام من الفلاسفة، والحكماء، والصوفية، وأكثروا، عن قضية الروح وسجنها في الجسد، وكيفية تحررها… لكن أحدا منهم لم يتناولها بالتفصيل الذي تناولها به ابن الخطيب فأصالة الرجل إذن تبدو واضحة في طريقة تعامله مع الصورة والقضية. وهو أمر تجده كذلك في روضة التعريف، فصورة الشجرة النورانية المقدسة، صورة قديمة تتردد في التوراة، والإنجيل، والقرءان،- وكتب الفلاسفة، وكتب الصوفية…، لكن ابن الخطيب أعطاها طابعا خاصا من التميز، بشكل لم يسبق إليه، من التقسيم والتفريع…* هذا، وللرسالة بعد هذا أهمية أخرى، تتجلى خاصة في ما تضمنته من آراء تدخل في إطار علم الاجتماع، أي ما يسميه ابن الخطيب “السياسة المدنية”.

5. برنامج الرسالة

رغم أن رسالة “الاستنزال” لم تصلنا كاملة، إلا أننا نستطيع أن نلم (بوضوح) بمضمونها.

فقد قسمها المؤلف إلى مقدمة، وسبعة أقسام، وخاتمة.

1.  فافتتحها أولا بديباجة التعريف بأنواع الأسر المفروضة على الإنسان في الوجود، فقسمها إلى نوعين:

1. أسر باطن خفي: وهو القضاء والقدر

2. أسر ظاهر جلي: وهو على أقسام:

ـ أسر المزاج

ـ أسر التكليف

ـ أسر السياسة المدنية

ـ أسر المعاش

ـ أسر المعاشرة والمداخلة

ـ أسر النفس في الجسد

2. بعد هذا ينتقل المؤلف إلى صلب الموضوع، ليتعرض بالتفصيل للأقسام المذكورة في المقدمة. فيعرف كل نوع من أنواع الأسر أولا، ثم يعرض لوسائل علاجها والتخلص منها. وهي كالتالي:

القسم الأول: استنزال اللطف الموجود في أسر القضاء والقدر

القسم الثاني: استنزال اللطف الموجود في أسر المزاج

القسم الثالث: استنزال اللطف الموجود في أسر التكليف

القسم الخامس: استنزال اللطف الموجود في أسر المعاش

القسم السادس:  استنزال اللطف الموجود في أسر المعاشرات

القسم السابع: استنزال اللطف الموجود في أسر المساكنات والمداخلات

القسم الثامن: استنزال اللطف الموجود في أسر النفس في الجسد

3. ثم يعود مرة أخرى في الخاتمة إلى نفس الأنواع، لا ليضيف شيئا جديدا إلى ما سبق، بل ليلخص ما أورده فقط، مكررا مع الإيجاز.

ـ وكان المؤلف في كل هذه الأقسام يسير على منهجية محددة وواضحة، فيذكر نوع الأسر، ويحلله، ويذكر أقسامه التي تنضوي تحته – إن كانت هناك أقسام – ويورد ما ورد فيه من آيات قرءانية، وأحاديث نبوية وآثار للسلف، لينتقل بعد ذلك إلى علاج هذا الأسر، وكيفية هذا العلاج. معتمدا في ذلك دائما على ما جاء من آيات وأحاديث وآثار. وهنا نشير إلى بعض الملاحظات:

أولاها: أن المؤلف في صلب الرسالة، ذكر القسم الثالث: وهو: “استنزال اللطف الموجود في أسر التكليف”، ثم أتبعه مباشرة بالقسم الخامس وهو: “استنزال اللطف الموجود في أسر السياسة والغلبة”. فهل هذا يعني أن هناك قسما رابعا حذف من الرسالة؟ الواقع أنه لا دليل – في حدود ما هو متوفر لدينا – يؤكد ذلك. بل إن كل القرائن تؤكد أن الأقسام سبعة فقط، وليست ثمانية، وأن المسألة لا تعدو أن تكون سهوا من الناسخ، فسمى القسم الرابع خامسا والخامس سادسا… ويؤكد هذا كله، أن ما في الديباجة والصدر والخاتمة يعضد بعضه بعضا، فلو كان هناك قسم رابع محذوف، لكشفته المقدمة أو الخاتمة، اللتان ليستا إلا تكرارا لما ورد في صدر الرسالة، بتركيز أكبر فقط.

وثانيتها: أنه إذا كانت محاور الرسالة وعناوينها وصلتنا كاملة، فإن ما اشتملت عليه هذه العناوين من محتويات المتن، لم يصلنا إلا جزء منها، مع تصرف الناسخ أحيانا. تؤكد ذلك عدة قرائن:

1. فحجم الرسالة (كما ورد في المخطوط الوحيد المتوفر) صغير جدا بشكل لا ينسجم مع ما عودنا عليه ابن الخطيب من الإطالة والإسهاب في كل مؤلفاته، وحتى في مراسلاته التي قد تصل أحيانا إلى أكثر من عشرين صفحة.

2. إن ما أورده ابن الخطيب من الرسالة في “الريحانة”، كشف عن جزء مهم من الديباجة، أسقطه المقيد (ناسخ المخطوط) من تقييده، وهذا يعني أن ناسخ المخطوط كان يقوم بعملية تلخيص للرسالة، وأن ما وصلنا، ليس إلا جزءا لا نعرف نسبته بالضبط من أصل المتن.

3. إن الناسخ عندما فرغ من ديباجة الرسالة، ومن المقدمة، ورام الانتقال إلى صلب الموضوع، قال: “ونحن نتكلم في كل قسم من هذه الأقسام بنبذة من الكلام. القسم الأول في المقالة المسماة باستنزال اللطف الموجود في أسر الوجود…” فقوله: “المسماة باستنزال…”، ربما دل على أن الكلام لشخص ثان غير المؤلف، وربما كان هذا الشخص هو الناسخ نفسه.

وثالثتها: أن اللغة المستعملة في الرسالة تتميز بطابع خاص، وهي ظاهرة تثير الانتباه، فهناك ألفاظ لا نتمكن من معرفة معناها إطلاقا، ولا نعرف هل هي من كلام العامة في الأندلس، أم خليط من العربية والأعجمية… وهي كثيرة في الرسالة: مثل: زغد – عسارب – شجعان – روْش…

رابعا: على أن ما ذكرناه من اختصار محتويات الرسالة ومضامينها، لا يجعلنا نبالغ فندعي أن الرسالة ذات حجم كبير جدا. فوصف ابن الخطيب إياها بأنها في حجم “الكناش”[22] يدل على أنها رسالة قصيرة، إلى حد يجعلنا ندعي أن ما وصلنا منها ربما كان يساوي النصف أو يقاربه، وأنه يمثل أهم ما فيها.

ومما يؤكد ذلك، أن لسان الدين نفسه قد أشار إلى أن السائل الذي طلب منه تأليف الرسالة، اشترط عليه الاقتصاد، أي عدم الإطالة: “ولما تحصل الوعد، وقع في الاقتصاد الإلحاح، والاستنجاز الصراحُ”.

7. النُسخ/المصادر

هناك مصدران أساسيان يمداننا بالبقية المتبقية من الرسالة. وهما:

أ. المصدر الأول: لقد خصص ابن الخطيب في كتابه الإنشائي “ريحانة الكتاب ونجعة المنتاب”، فصلا طويلا، قام فيه بسرد ما دبجته يراعه من افتتاحات لكتبه، وسماه “بفصل التحميدات”، وكانت رسالة “استنزال اللطف” من بين هذه الكتب.

وعند اطلاعي على نسخ “الريحانة” الموجودة بالخزانة الحسنية بالرباط (وهي رقم: 6400 – 9551 – 437 – 545 – 600-1207-2195-9195-9549-4585)، لاحظت أن تحميد” “استنزال اللطف” ساقطُ في جميعها. ففي بعضها أُسقِطَ وحده، وفي البعض الآخر أُسقط مع رسائل أخرى.

والنسخة الوحيدة التي أوردت هذه الديباجة، هي نسخة الإسكوريال، وقد حاولت الحصول عليها، لكنني، اضطررت في الأخير إلى الرجوع إلى تحقيق الأستاذ عنان للكتاب، الذي اعتمد – فيما اعتمد عليه – على نسخة الإسكوريال المذكورة. (وقد أشار بدوره إلى أن تحميد” الاستنزال لا يوجد إلا في هذه النسخة).

على أن أهمية الريحانة هنا تبقى محدودة، لأنها لا تتجاوز ديباجة الرسالة وتقف عند قوله: “ولم يسع إلا الوفا”. فكان علي فيما بعد ذلك، أن أعتمد على مصدر وحيد، هو مخطوط تطوان.

ب. المصدر الثاني: وهو مخطوط بالخزانة العامة بتطوان، تحت رقم: 353، يتكون من ست صفحات، مقاس: 24/14، 42 سطر/صفحة 17 كلمة/سطر، ويقع ضمن مجموع يشمل عددا من التقييدات في مختلف العلوم:  (الطب، الفقه، الحديث، السيرة…) ولا يوجد على المجموع ما يشير إلى الناسخ أو تاريخ النسخ أو غير ذلك. غير أن الخط الذي كتبت به التقييدات متشابه، ولا أحسب إلا أنه لشخص واحد. وهو خط مغربي صعب القراءة. هذا إضافة إلى وجود أخطاء لغوية وإملائية تدل على ثقافة لغوية وأدبية متواضعة لدى صاحبه. لكن الشيء المؤكد، هو أنه ليس للمؤلف رحمه الله.” وفي أعلى الصفحة ترقيم كتب بقلم حبر حديث، حسب تسلسل صفحات المجموع كله. وقد أثبته محصورا بعلامة: «  ».

وهكذا، فإن المصادر المعول عليها في التحقيق كانت محدودة جدا. ففي المرحلة الأولى (الديباجة)، قمت بالمقابلة بين المصدرين المتوفرين، لكن بعد انتهاء نص الريحانة، كان علي أن أتقيد بنص المخطوط (الذي جعلته أصلا)، وأن أعتمد على الاجتهاد في أغلب الأحيان مع تدقيق النظر وتقليب الكلام على عدة أوجه، بحثا عن المعنى الأقرب للصواب.

هذا بالنسبة للمتن، أما الهوامش، فقد قمت – جهد الإمكان – بإغناء النص بما يلزمه من شروحات معجمية، ومن ترجمة للإعلام، وتوثيق النصوص القرءانية، وما أمكن توثيقه من الأحاديث، والأشعار، والحكم والآثار… مع مقابلتها بمصادر أخرى، ونسبتها إلى أصحابها إن أمكن ذلك.

ولا مناص من الإشارة إلى أن هناك ثغرات لم أتمكن من سدها، إذ لا يخلو بحث أو اجتهاد من الضعف والزلل. فمعذرة. والله الموفق للصواب.

8. الرموز المستعملة

[     ]: زيادة واردة في مصادر أخرى غير المخطوط.

«       »: اجتهادات شخصية.

(       ): ما بين القوسين عليه تعليق في الهامش.

«        »: ترقيم الصفحات حسب المخطوط.

هذا تقييد من كتاب استنزال اللطف الموجود في أسر الوجود

تأليف ابن الخطيب رحمه الله بمنه

« 57 »

الحمد لله الذي خلق الإنسان مهيضا جناحه، بالافتقار إلى ما[23] فيه صلاحه، كسيرا. وقدر عمره، وإن طال المدى وسالم الرد «ى»[24]، نزرا يسيرا[25]. وأقامه عانيا في أيدي الأقدار، وحكم الليل والنهار أسيرا. وجعل مرام الخلاص من قيود الوجود عليه، إلا بلطفه[26]، عسيرا. وملك ناصيته قضاءا لا يجد عنه مراغا،[27] ولا يستطيع عنه مسيرا. ومزاجا محتاجا إلى المراعا «ة»[28] [ مع الساعات][29] فقيرا. وتكليفا يأخذ بأطواقه (من مرام)[30] أشواقه، فلا يملك لنفسه قبيلا [إلا بإذنه][31] ولا دبيرا. [وسياسة يطيع فيها مرعاه راعيا، ويتبع مأموره منها أميرا. ومعاشا يضطر فيه إلى إمداد حياته، وصلاح ذاته، اضطرارا كبيرا. ومعاشرة بأبناء جنسه تكون السلامة لأجله منهم، وإدراك الكفاف من أيديهم حظا أثيرا. وابتلاه بما يلحق هذه الملكات، علاوة على أحماله المهلكات، فلا تجد غيره وليا ولا نصيرا][32]

وخبأ له (*) المكروه في المحبوب ابتلاءً وتطهيرا. والمحبوب في المكروه إخفاءا لسره المحجوب في أستار الغيوب وتدبيرا[33] فقال: ﴿فعسى أن  تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيرا كثيرا﴾ [النساء: 19] [ثم أتاح الراحة منهم لمن اصطنعه، وأنشأه من الحضيض الأوهد، ورفعه فجلل مقامه[34] تنويرا. ومهد له التوفيق سريرا. وجعل الفكر السديد – بهدايته – لنفسه الناطقة وزيرا. واتصال عقله المستفاد بالعقل البري[35]، من لواحق الكون والفساد كمالا أخيرا] [36] والصلاة على سيدنا ومولانا محمد، رسوله الذي بعثه بشيرا[37] ونذيرا ودليلا إلى حضرة الحق من أقرب المآخذ إلى[38] الخلق تنبيها وتحذيرا وإرشادا وتبصيرا. [وأنيط بسعيه في هذا الوجود الأول والحلم المتأول ﴿عينا يشرب بها عباد الله يفجرونها تفجيرا﴾ [الإنسان: 6] والرضا عن آله وصحبه، الذين أوسعوا هديه بيانا وتفسيرا. ما اطلع الروش[39] من روح السماء، في غدير[40] الظلماء وجها منيرا، ولمع برق الغمام في السحب السجام سيفا طريرا[41].

أما بعد، فإنه جرى ببعض هذه المجالس التي نجعلها لكلال الأحباب جماما، ولعلل المتلومين عن العلل غماما، في أوقات التذكير (التي لا تخلق، والمنة لله، محن مع الساعات ليسكب)[42]، وسبيل إلى الخلاص يركب، وحكمة يطارد شاردها، حتى يلقى المقادة، ويمتاح مواردها، حتى تملأ مزاد السعادة، ذكرُ ما يعتور الإنسان في هذا العالم من القواطع المساجلة، والعوايق عن آماله العاجلة، والآجلة، ويحف به في هذه الأحلام، من ضروب الآلام، ويناله من القسر في هذا الأسر، وما الحيلة في تسليس هذه الأحلام، من ضروب الآلام، ويناله من القسر في هذا الأسر، وما الحيلة في تسليس قيوده الثقال، وتوسعة محابسه الضيقة الاعتقال، إلى أن تقع رحمة الافتكاك والانتقال، وتوسعة الصدا بإدالة الصقال، ويصح المقام من بعد المقال. فوعدت من له عناية بنفسه، وارتقاب لمطلع شمسه، من الأصحاب المتعلقين بأهذاب النظر، والمتشوقين إلى الخبر من بعد الخبر، والحرص على قطع هذه المرحلة الحلمية بحال السلامة، وارتفاع عتاب وملامة، واستشعار جنة المكاره ولامه[43]، أعلن ذلك في مقالة تخفض البث، وتعمل في طلب الخلاص الحثّ، فتخف لأجلها العلائقُ، ويأخذ بحظه منها المبتدي والفايقُ.

والله ولي الهداية في كل سبيل، والوقاية من كل مرعى وبيل، ولما تحصل الوعدُ، وقع في الاقتصاد الإلحاحُ، والاستنجاز الصراحُ. ولم يقعِ الإعفاء، ولم يسع إلا الوفاء.[44]][45].

“قلت”:[46] فاعلم أن أسر الوجود قسمان: أسرُ باطن خفي، لا يُعلم إلا بأثره، والاستدلال على عينه بخبره، وهو قسم مفرد، وواحد لا يتعدد، وأسر ظاهر للعيان، محسوس على الأجيال والأحيان، باد للأبصار، مستغن بالخبرِ عن الإخبار.

1. فالأول، وهو الأسر الخفي: وهو المعبر عنه بالقدر. واعتقاد أهل الحق، أن ما أصاب الإنسان من خير أو شر، قلّ أو جلّ، مكتوب عليه، مفروغ منه، لم يكن ليخطئه ما أصابه، ولا ليصيبه ما أخطأه. فهو أسير الأقدار، مسلوب الاختيار: ﴿وما تشاؤون إلا أن يشاء الله﴾ [الإنسان: 30] ﴿ ليس لك من الأمر شيء﴾ [آل عمران: 128]. ﴿ما كان لهم الخيرة﴾ [القصص: 68]. ﴿ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها، إن ذلك على الله يسير، لكيلا تاسوا على ما فاتكم، ولا تفرحوا بما ءاتاكم، والله لا يحب كل مختال فخور﴾ [الحديد: 22–23] وفي إخفاء الله إياه، السر الذي تمت به الحكمة، وعمرت به دار الابتلاء.

2. والأسر الظاهر للعيان تتعدد أقسامه

* فمنه: أسر المزاج، ويتبع هذا الأسر تبعا طبيعيا، الأخلاق، إذ أخلاق النفس في الغالب تابعة لأحوال المزاج.

* ومنه أسر التكليف، وهو قول الله بالأديان والملل والشرائع التي تملك الناس بالغلبة الإلهية، وتأخذ بالحجز والأطواق،: “أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله”[47]. وهذا الأسر شديد، لاطلاع المالك على باطن الأسير وظاهره، فلا تجوز له حيلة ولا تتجه مكيدة، ولا تخفى عنه خافية. وأشد الناس ضغطا وكدا، أخلصهم للمالك، وأشدهم مراقبة له والتماسا لمراضيه، واجتنابا لمساخطيه: ﴿إنما يخشى الله من عباده العلماء﴾ [فاطر: 28]

* ومنه: أسر السياسة المدنية. كانت جارية على الأنحاء الشرعية، وقد مر ذكر ذلك، أو اجتماعية، أو غير ذلك. يلزم الماسور به الوقوف عند حدود اقتضاها الوضع أو اختيار، وقلت[48]: تجري الأمور على العدل.

* ومنه: أسر المعاش والاكتساب. إذ لا يتم كمال البقاء إلا به، إذ لا بد من موارد القوى الإنسانية، وما تفتقر إليه آلاتها البدنية من غذاء، ولباس، ومسكن، وسكن، وغير ذلك، وهو أسر مضايق، ووقت غير متسع. إذ زمان العمر كله لا يحتمله.

* ومنه: أسر المعاشرة والمداخلة، أسر حرج، وأمر مرج، يعاشر به الحيات في سفط،[49]

والسباع الضارية في غور[50] مشترط[51]، والأعداء في مغاره، والشياطين في داره[52]. من حارس ينظر شرارا، ومحكم لا يالو إلا سير ضرا، وجار جائر، وملابس مغابر[53]، فهو يحتال في السلامة، والتوصل إلى الإعانة، فإن تخلص من هذا البيت، فبعد الكيت والكيت[54].

* ومنه: أسر النفس في الجسد، وهو الذي سبق الكل، وهو الأنشوطة[55] والغل[56]، ولا حول ولا قوة إلا بالله. ونحن نتكلم في كل قسم من هذه الأقسام بنبذة من الكلام.

القسم الأول: من المقالة المسما “ة”[57] باستنزال اللطف الموجود في أسر الوجود، وفيه تخفيض أسر القضاء والقدر. ولم يجد الأول والآخر-بحسب نوع الإنسان – ترياقا مسكنا، ولا دواءا شافيا، ولا عقالا مخلصا، إلا الصبر، فهو الذي يسكن آلام النفس عند حرقتها المزعجة،[58] ويكبحها بلجام التماسك عند لوعاتها المستفزة. وربما يكتسب بحيل المواعظ والتأسيات، وضمان حسن العواقب العاجلة والآجلة.

فالصبر أولى ما يرجع إليه العاقل، وآخر ما يرجع إليه الأخرق. هو ذخر الخزائن الإنسانية، وناصر من عدم النصير على حرب نفسه، وجرعة من شرقَ[59] بهمه، وتنفيس من شُدّ مخنقه برهن كربه. ولا أعظم في المصائب من المصيبة بالصبر. وقال أبو بكر[60] رضي الله عنه:

 “ليست مع [61] العزاء مصيبة” والعزاء هو الصبر. وقال عمر بن عبد العزيز:[62] “ما أنعم الله على عبد نعمة، فانتزعها منه، وعوضه منها صبرا “إلا[63] كان” ما عوضه أفضل مما انتزعه منه”.

ومن شواهد الشريعة، قول الله عز وجل يخاطب أهل الجنة، المبوئين كرامة داره، المستقرين بعد قطع عقبات المكاره في جواره: ﴿سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار﴾ [الرعد: 24].

فكنى سبحانه بالصبر عن جميع الوسائل التي اقتضت رضاه فأجمعها، لكون جميعها مبنيا على الصبر، وقوله سبحانه: ﴿إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب﴾ [الزمر: 10]، وقال رسول الله، صلى الله عليه وسلم، للأنصار: “ما يكون عندي من خير فلن أدخر عنكم، وما أعطي أحد عطاءا خيرا وأوسع من الصبر”، وفي قوله: (من يستعفف، ومن يستغن، ومن يستبصر بصره الله”، ندب إلى تكلف العقل، وهو استدعاء الاستعداد للقبول. فافهم ذلك، فإنه من أصول هذا الباب وأسراره، سيما في قسم الصبر غير المطبوع، وخير الصبر ما كان عند الصدمة الأولى، وأكثر ما يوجد في قسم الصبر المطبوع.

وحقيقة الصبر تحمل النفس للمؤلم من بعد الإحساس به، كرما، أو حياءا، أو رجاء عوض. فالمعلل منه بالكرم والحياء هو الطبيعي، كتوطين “الشجاع”[64] نفسه على الموت، ومنه قول “الأعرابي”[65].

يبكي علينا ولا نبكي على أحد           لنحن أغلظ أكبادا من الإبل

والمعلل برجاء العوض هو الصبر المأجور عليه. وهو حبس النفس في الأوامر والنواهي. فلنعد إلى تفصيل[66] مواضع الصبر: أما ما يلحق البدن من المصائب، فعلى قسمين:

1. قسم يصابر المضض فيه باستنجاز وعد الأمل.

2. وقسم يصابر فيه المضض استجلابا لبرد اليأس من الطمع في المحال، والتعلق بأذيال الممتنع، وقع التوقع فاستراح البال، كالذي يصبر على فقد عين غارت أو عميت، أو يد شلت، أو سن سقطت، فإن هذا موت جزئي، والحزن عليه عبث، ليس من الحكمة في شيء. وفي “التعزي”[67] عن المصائب، أنشدت ولدي أيام التغرب بسلا[68]

إذا ذهبت يمينك لا تضيــع              زمانك[69] في البكاء على المصيبة

ويسراك اغتنم فالقوس ترمي              وما تدري[70] أرشقتها قريبـــه

وما بغريبة نُوَب الليالــي               ولكن النجاة هي الغريبــــــه

وإذا نضاف إلى ذلك، الرضى بحكم الله فيما أخذ، والشكر على ما ترك وأعطى، سكنت النفس، وما بين لحاق الكل بالبعض شيء يعتبر وطريق استنزال اللطف الموجود، فيما نال الأسير بأسر الوجود، من هذا العذاب الأليم، هو الصبر والاسترجاع، والقبض على مسكة[71] من الفكر “الروية”،[72] ومنازعة النفس في أدنى بغية، يتوجه إليها معها الخطاب سرا أو جهرا، بلسان حال أو مقال. فيبين لها معنى الوجود، وأنه نظام منثور، وعوار لا تملك، ومحنة لا “منحة”[73]، وعبور فلك، وسفر ركب، لا غبطة لفاضل به، ولا معول لعاقل عليه. قال سيدنا رسول الله، صلى الله عليه وسلم، في بعض خطبه: “أيها الناس، الأيام تطوى، والأعمار تفنى، والأبدان في الثرى تبلى، وإن الليل والنهار يتراكضان تراكض البريد، يقربان كل بعيد، ويبليان كل جديد”، ثم تزاد[74] استبصارا لحال الوجود وبيانا لشأنه، وإن التظلم منه جهل، فإنه لم يُرْز المصاب حقا صح له تملكه، ولا نازعه ملكا سبق له اختياره. إنما قدم المرء على الوجود عريانا، لا مال له ولا حيلة ولا قوة ولا تدبير، وألفى الوجود يعمل عمله، من حياة وموت، وبناء وهدم، واقتلاع وغرس، فنسب المسكين إلى نفسه شيئا من أوضاع دار الوجود، وتوهم أنه قد ملكها، وتأنس بمسكين مثله، غريب ضعيف راحل، والوجود مع ذلك يتصرف تصرفه المعتاد له، حتى إذا انتهت يده إلى ما احتازه ذلك المسكين، شأنه في غيره من الأشياء، تظلم وصاح وأعول، والوجود يضحك من جهله، ولا يثنيه ذلك عن شأنه، حتى تأتي دولته، ويضع يده فيه، فيبكي عليه ويعول، مسكين فآخر، هكذا، جيلا بعد جيل، إلى أن يطوي الله بساط هذا الكون. ثم يتبين أن هذه المصاحبة، مصاحبة الغرقى على الأعواد، والمعتقلين في الأصفاد، والأحلام “المخيلة”[75] عند الرقاد. ولقد عُرضت علي يوما زجاجة الرمل التي تسير بها الساعات، فنظرت إليها بمحضر الطلبة، وأمليت عليهم قولي:[76]

تأمل الرمل في المنكان[77] منطلقا[78]             يجري وقدره عمرا منك منتهبا

والله لو كان وادي الرمل ينجده[79]              ما طال طائله[80] إلا وقد ذهبا

ولقد حدثني الفقيه محمد بن محمد بن عبد الملك[81] المؤرخ قاضي مراكش، برقية لجنون الحزن، قال: “حدثني والدي أنه ضاعت له ببلده بقرات كان كلفا بها، ونام مغموما من أجلها، قال: فرأيت في النوم والدي فقال: يا محمد “اغتممت”[82] بالبقرات، ووجدت عليها؟ قلت: نعم، فقال: لا تغفل، واحفظ عني:

نفسي التي تملك الأشياء ذاهبة               فكيف آسى على شيء إذا ذهبا

قال: وانتبهت وقد سلوت عنها وعن غيرها، قال الله سبحانه: ﴿الشيطان يعدكم الفقر﴾ [البقرة: 268]، وبالجملة، فأساس ما يرومه مستنزل اللطف في هذا، هو الصبر والرضى والتوكل، وأمثالها، فهي معاجن النفس وأدويتها باتفاق، واستعمال الاسترجاع بخصوص، وإن كان من جملتها، وهو قوله: ” إنا لله وإنا إليه راجعون”، إما بشرطه من الإخلاص، وهو أكمل، وإما بحاله، فقد خصه الله بذاك، وحال الخاصية لا ينكر، والدعاء إلى الله رب المعارج، ومنزل اللطائف: ﴿تضرعا وخيفة ودون الجهر من القول بالغدو والآصال﴾ [الأعراف: 205]، هو السلاح المضاف إلى المؤمن.

وأما استنزال اللطف في أسر المزاج، فالحيلة في رده، معاملته بضد ما انحرف إليه من غذاء، أو دواء، أو رياضة، وإصلاح هواه، وتدبير نوم ويقظة، واستفراغ، واحتقان، حتى يرجع إلى حاله.

وأما استنزال اللطف الموجود في أسر التكليف، قال الشيخ تاج الدين[83] رحمه الله:

“علم عجز عباده عن مقارضته وكسلهم[84]، فجذبهم إليه بزمام الواجبات[85]، يعجب[86] ربك من قوم يقادون[87] إلى الجنة بالسلاسل”، ولا شاهد في إطلاق لفظ الأسر على وظائف التكليف، مثل استعارة السلاسل. وقد تقررت ضروب ما “تقيد”[88] به أسير التكليف، من واجب، وحرام، ومندوب، ومكروه، ومباح، حسبما ثبت ذلك في محله، وسير الشارع وآدابه. فغنينا عن إعادة ذلك، والحمد لله.

ولمناط[89] هذا، غرض ذو طرفين، أغياها[90] طرف الاجتهاد بشروطه (بشروطه)[91]، ويقابله طرف المقنوع منه بأقل ما يلزم المكلف، وبينهما مجال رحب، أسلم ما “صح”[92] فيه للمسلم، تركه فضول القول والعمل، والاشتغال بالتقوى، والعمل لما بعد الموت. والمراد من النفس، الاتصاف بالاستقامة. وهي عبارة عن الوسط، وأوامر الشريعة ونواهيها لا تنافي الوسط. وأسيرها بين ظالم لنفسه، ومقتصد، وسابق بالخيرات بإذن الله[93]. وقد تعين لكل واحد منهم حد من الاستقامة، من استدامتها في الاثنين، ومراجعتها في الثالث. ﴿الله يجتبي إليه من يشاء ويهدي إليه من ينيب﴾ [الشورى: 13].

ومن المناهج في إيثار الاستقامة، مصاحبة أرباب الاستقامة، ومداخلة القوام على الشريعة، وحمده سبحانه على ما اختاره له من نعمة الإسلام، المحفوفة بالحب، “60” المخصوصة باللطف، المكنوفة بالرحمة، الممتازة بالتوسط.

وعلى التفصيل والجملة، فالذي يدندن كافة “العقلاء”[94] حوله، هو أن الأسير، إذا اتصف بهذه الأوصاف التي تقرر رضى مالكه بها، وتخلق بها، مع الوفاء “بالوظائف”[95]، مكثرا من ذكره، مخلصا في حبه، ناسبا له العدل في حكمه، مسلما ضرورته لعلمه، حافظا لأمانته، حييا من إنكاره، كاتما لأسراره، أقطعه رحمته، وسهل عليه الفكاك، وقرب عليه الخلاص.

* القسم الخامس: من المقالة المسماة باستنزال اللطف الموجود في أسر السياسة والغلبة وما يتعلق بذلك. ولا حيلة “لتخفيض”[96] هذا الاعتقال على من بُلي، أنفع من الاقتصاد، وقلة المداخلة، وصون اللسان واليد، والانحياز إلى فئة العافية والخير، “وبقدر”[97] الاتصاف بما ذكر، تكون السلامة بكل اعتبار.

ـ فأما الاقتصاد في المأكل والملبس والمسكن والمنكح، فهي داعية إلى رضى الرؤساء.

ـ وأما قلة المداخلة، فستر للأحوال، وسور أمام النميمة وحجاب عن المحمدة والمذمة.

ـ وأما صون اللسان واليد، فمنشور الأمان من النكير، وضمان السلامة من المصارع.

ـ وأما الانحياز لفئة الخير، فداع إلى التجلة، وموجب للحياء، ومن أكثر من شيء عرف به.

* القسم السادس: أسر المعاش “الذي”[98] تدعو ضرورة الحياة إليه. وعناؤه شديد، أورد الناس الموارد، بسبب تزايدهم في التماس الفضل، إلا من فك الله أسره، إما باقتصاد صريح أو زهد طريح. فنقول: قد تبين “أن”[99] للإنسان أعضاء جسمانية، وقوى محركة، والقوى ثلاثة: القوة الناطقة، والغضبية “و”[100] الشهوانية. وهذه القوى “مفتقرة”[101] إلى أدوات، منها وجود المواد التي تفتقر إليها أغراض تلك القوى، كالغذاء، والملبس، والمسكن، والسكن، وغير ذلك من كمال يحتاج إليه، من موانس، وكتاب، وآلة رفق[102].

ولا يتوصل إلى المواد إلا بالمال. وربما اتفق منحة شاذة عن الكسب، كفرص الكنوز والمواريث، ولا معول على ذلك، وإنما الحيلة فيه، الاكتساب كالعلم، فيجب إعمال الحيلة في اكتسابه.

وإذا أجرى بفكره ضروب المعاش، وجدها تنحصر في وجوه، من خدمة السلطان، أو الفلاحة، أو التجارة، أو الصناعة، أو الكدية،[103] وربما اقتضى كرم خالق الأسباب سبحانه، أن يجعل الخلو من جميع ذلك سببا. سبحانه، فما أوسع جوده، وأعجب وجوده.

ـ فأما خدمة السلطان، فأحرج الكل أنشوطة. ويشتد الأمر، أو يلين بحسب المراتب والمجال. وتسهيل الصعب في ذلك بالتزام الأمانة والصدق، واجتناب الطمع، وكتمان السر، وإطراح الدالة مراقبة الله. وليس في المحابس التي اقتضاها المعاش، أضيق من هذا المحبس المغشا “ة”[104] جوانبه بالزخرف، المخصوص شهده بكمون السم في الحلاوة.

ـ وأما الفلاحة فهي الاكتساب الطبيعي فللإنسان، وفي المثل: “فَلاَح المعيشة في الفلاحة”.

ـ وأما التجارة فأفضل أحوالها، ما تأتي من السكون، ومصاحبة الأموال، أو في سبيل طرق سليمة. وقيل: “النسيئة[105] نسيان، والتقاضي هذيان”، وقيل: “صفقة درة بنقد، خير من بدرة[106] بوعد”. ومن أصولها: مداخلة أولى الإقبال، واجتناب أضدادهم، قال الحكيم: “عاشروا من أقبلت عليه الدنيا، فهو أجلب للخير منكم”.

ـ وأما الصنائع، فمن الواجب على الفاضل، آن يلتمس الصنائع اللطائف (القامضة)[107]، والصنائع منها ما يفتقر إلى مداخلة اللفيف[108] والجمهور كالحياكة، وإلى الكد كالبناء، والدخان “كالصياغة”[109]. ومنها الوراقة، واكتساب العلم، ومحاولة أزرة[110] الحرير، وخياطة الثياب، وأعلا “ها”[111] تدريس  العلم، وهو أرفعها وأولاها بالمشيخة. ومنها ما يوهم سر الكمياء كالزنجفور،[112] من غير تلبس بشيء من أمر الكمياء “ولا”[113] انخراط في سلك دائها العياء[114].

فقد شهد الخلف عن السلف، بعدم نتيجتها، وعدم نصرتها، وإن كان الإمكان يرخص في ذلك، وهو الإمكان البعيد جدا، حسبما أشار إليه ابن سينا[115]في الشفا وغيره، ومن قبله.

والحرص نار في يبس، لا يقف عند غاية. والأولى به الترفع عن “مباشرة”[116] المعاش في الدكاكين.

ـ وأما الكدية[117] بالشعر وغيره، فليست مما عد في المعايش الحقة.

* القسم السابع: في أسر “المعاشرات”[118] والمساكنات و”المداخلات”[119]، أما من يداخل، فينقسم إلى: ملك، وخدام شريعة، وولد، وزوج، وصديق، وأقارب، وعسارب،[120] وعامة:

* فأما السلطان، فيلزم من يساكنه ثلاث خلاق[121] وهي:

1. أن لا يذكره بسوء حتى السر في نفسه.

2. ولا يذكر ما لا يحب أن يذكر، وإن كان حقا.

3. ولا يستريح في ذم الزمان الخاص، ولوْمعَ الثقة.

* وأما حامل الشريعة فيحرص على صحبته والانتفاع بعلمه.

* وأما الولد، فثمرة القوى الحيوانية، ومظنة الإنجاد عند المعجزة:

رأيت ابن الفتى ضررا عليه                    فقد سعد الذي أمسى عقيما

فإما أن يربيـــه عــدوا                   وإما أن يخلفـه يتيــما

وإما أن تصادفه المنــايا                     فيبقى حزنه أبدا مقيـــما

والعدل يوجب أن يكون اتخاذه، بعد وفر من المال، وفي قول الله عز وجل: ﴿المال والبنون﴾ [الكهف: 46] بتقديم المال، ما يشهد لذلك – وقال الحكيم:[122] “أدوم الأشياء سرورا، الأمن”، وقال: “أحسن الناس عيشا، آمنهم”.

ـ ويتعلق بهذا الفصل، الكلام في العلم، فنقول: العلم على نوعين: علم مهجور، وعلم مستعمل.

* فالعلم المهجور: جميع ما يختص بأغراض الفلسفة.

* والمستعمل: ما عداه كعلوم الدين، وعلوم اللسان.

والمستعمل على ضربين:

1. علم الوقت: إذ للعلوم أوقات وأسواق، يولع الناس فيها بفن دون فن بحسب العباد والبلاد. وعلم الوقت يترجح الشغل به والنظر فيه.

2. وغيره: مرجوح

ومن الواجب على الفاضل، وذي السياسة، أن يشتهر بعلم ما يرأس به في أهل وقته، ويعود عليه بالتجلة والجاه. ويجتنب ما يكسبه الحرج، والمذمة، والنقص، والقدح في الدين، والوسم بالزندقة كالذي أصاب قوما من الأعلام، كالقاضي أبي الوليد بن رشد[123] وغيره.

ـ وأما الإنفاق، فقانونه السياسي، أن لا يخرج ما أفاده الكد والعناء والشقاء إلا في واجب، ومع الثراء الأعجم، التوسع الذي لا يتصف بالتبذير، قال الله تعالى: ﴿ولا تبذر تبذيرا إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين﴾ [الإسراء: 26-27] وفيه إشارة للمواد التي تستدعي رضى الشيطان، وتتأكد لها محبته، لوعه بالانحراف، والخروج على الوسط إلى الأطراف. فافهم ذلك ترشد إن شاء الله.

ـ ويستشعر الحلم فيما يطرقه من إذاية جاهل، أو نيل ظالم، ويكل أمره للموجد، ويقابله بالأعراض والتجمل، ويرى أن أجزاء العمر أنفس وأعلى من إضاعتها في محاورة جاهل، أو معارضة سفيه. وقال الشاعر في مثله:

“سريع”

ومن يعض الكلب إن عضا

وهذا الباب المضاف إلى خلق الحلم، أعون على بليات المعاشرات من كل معين.

* القسم الثامن: يختص بالكلام في أسر النفس في سجن الجسد. قال عمر بن عبد العزيز: ” ما الجزم مما لا بد منه، وما الطمع فيما لا يرتجى” وأولى ما عمل به العاملون، أن تطيب النفس في حال انفصالـ “ها”[124]عن سجن الجسد، بصفة الفرح والسرور، وحسن الظن بالله.

وكذا المجالس بالدعاء ختامها               وكذا الحلاوة آخر المطعوم

وأكد أرباب البلاغة في تحسين خواتم الشعر، لكونها آخر ما بقي في الإسماع.

* الخاتمة: التي منزلتها من هذه المقالة، منزلة اللب من القشر (واللب من القشر)[125]. قال ممليه[126]: ميزان العدل أن يقابل القضاء بالصبر والتسليم، والرضا بحكم الحكيم العليم، واعتقاد أن لا ملكة للعدم ولا للعديم.

وأسر التكليف بالاستقامة صحبة ودؤوبا، وهوى مغلوبا، وأنسا بها مجلوبا، وشكرا على الاختصاص بالوسط يبلغ مطلوبا.

وأسر السياسة بأدب يوفي الحقوق، ويجتنب العقوق.

وأسر المعاش بابتغاء السلامة، ولبس اللامة[127]، والتسليم ولو في القلامة.

وأسر المزاج بمراعا “ة”[128] أحواله، والمثابرة على اعتداله، ورده إلى الحال الصحية عند اختلاله.

وأسر النفس في الجسد بتسهيل الموت، وتأميل اتصال الصمت، من بعد انقطاع الصوت، ولله در القائل:

قل وزدني من الحديث وكرر              لا تخف من ملامة الترداد

إن يكن باردا حديث معــاد               قلت: يا برد ذا على الأكباد

والذي نصدع به حكما، ونسد[129] به حالا[130] وعلما، أن الفصل لمقاصد الشريعة، وأن مخالفها سراب بقيعة،[131] فمن تأمل بنور بصيرته عموم لطف الله في أسرار الشرائع، بهر عقله. إذ كانت هذه الآراء القائدة إلى الكمال الأخير على “فرضها”[132] محصلة الغاية، لا ينالها إلا الأفذاذ من أبناء الحكمة، يشمل برحمات الشرائع والأنبياء أشخاص العباد، “و”[133] يجعل في يد كل حائر وتائه نورا على قدر احتماله.

 (نجز تقييده والحمد لله رب العالمين).

الهوامش


1. انظر الكتاني: تحقيق “روضة التعريف بالحب الشريف”: 1/29–عبد العزيز بن عبد الله: الموسوعة المغربية للأعلام البشرية والحضارية: 1/9–التعريف بابن خلدون وبرحلته شرقا وغربا: 126–المراكشي: الأعلام بمن حل بمراكش وأغمات من الأعلام: 4/445–البغدادي: هدية العارفين: 6/167–المقري–أزهار الرياض: 1/190–الإحاطة في أخبار غرناطة: 4/460 إيضاح المكنون: 3/73.

2. انظر محمد عبد الله عنان: لسان الدين بن الخطيب حياته وتراثه الفكري: 266.

 انظر محمد عبد الله عنان: مقدمته لتحقيق كتاب: ريحانة الكتاب ونجعة المنتاب–لابن الخطيب ( نقلا عن نسخة الزيتونة من الريحانة ): 1/63.

3. الإحاطة: 4/460.

4. الإحاطة: 4/460.

5. الريحانة:1/52.

6. ا.بن الخطيب من خلال كتبه: محمد بن أبي بكر التطواني: 1/126.

7. روضة التعريف: 1/29.

8. الإحاطة: 1/63.

9. المرجع نفسه: 4/460.

10. الريحانة: 1/52.

11. من حكم تاج الدين ابن عطاء الله الإسكندري.

12. انظر متن الرسالة فيما يأتي–ص 30.

13. التعريف بابن خلدون: 128.

14. الإحاطة: 4/460.

15. انظر: مقدمة المحقق لكتاب الإحاطة.

16. الريحانة: 1/52.

17. التعريف: 115.

18. المرجع نفسه: 128.

19. المرجع نفسه: 128.

20. انظر الإحاطة: 4/443.

21. روضة التعريف: 1/38.

22. التعريف بابن خلدون: 128.

23. في الريحانة: لما.

24. في المخطوط: الردا.

25. في الريحانة: “وسالم الردى يسيرا بإسقاط كلمة: “نزرا”.

26. في الريحانة: إلا بلطف الموجود عليه عسيرا”. وما في المخطوط أقرب إلى تحقيق المعنى.

27. في الريحانة: “وملك ناصية قضا لا يجد فيه مراعا”.

28. في المخطوط: المراعات.

29. الكلام الموجود بين الحاصرتين وارد في الريحانة، وساقط من المخطوط.

30. في الريحانة: عن تراضي. وما في المخطوط أقرب إلى تحقيق المعنى.

31. هذه العبارة زائدة في الريحانة، وساقطة من المخطوط.

32. ما بين الحاصرتين زيادة في الريحانة، ساقطة من المخطوط.

*  في الريحانة: “وخياله” بالخاء المعجمة والياء.

33. في الريحانة: “والمحبوب في المكروه إحفاء لسيره المحجوب في استعار الغيوب وتدبيرا” والأولى أقرب إلى الصواب.

34. في المخطوط: “قامه”، والميم زيادة توضح المعنى.

35. كذا في الريحانة: وهي غامضة ولعلها: “البشري”.

36. هذا النص وارد في الريحانة وساقط من المخطوط.

37. في الريحانة: “مبشرا”.

38. في الريحانة: “على”.

39. كذا في الريحانة. ولم أقف على معناها في كلام العرب (لعلها لفظ عامي، أو أعجمي دخيل).

40. الغد راء: الظلمة. ويقال ليلة غدرة ومغدرة أي شديدة الظلمة. والغديرة كذلك هي الذؤابة من الشعر، جمعها غدائر. (اللسان/غدر) والتشبيه بين الشعر الأسود الفاحم والليل المظلم الحالك، معروف عند العرب القدامى.

41. الطرير: ذو الرواء والمنظر، ورجل طرير؛ أي جميل الوجه والهيأة (اللسان/الطرر).

42. كذا في الريحانة، والنص فيه غموض وارتباك، لعله راجع إلى إغفال بعض الألفاظ من قبل الناسخ أو المحقق.

43. كذا في الريحانة والعبارة غامضة.

44. إلى هنا انتهى كل ما  ورد في ريحانة الكتاب من رسالة:

“استنزال اللطف… وقد أشار ذ. محمد عبد الله عنان إلى أن هذا الفصل كله “وثبت في صدر كتابي المسمى استنزال اللطف… ولم يسع إلا الوفا” وارد في نسخة الاسكوريال وساقط كله من الملكية (انظر: الريحانة: 1/53). وقد اطلعت فعلا على كل النسخ الموجودة بالخزانة الحسنية (الملكية). فلم أجد أثرا لهذه الرسالة. ففي بعض النسخ بترت الرسالة وحدها، وفي البعض الآخر، بترت مع رسائل أخرى، وهذه النسخ هي: (6400–9551–437-545–600-1207-2195–9595-4585).

45. هذا النص وارد في الريحانة وساقط من المخطوط.

46. في المخطوط: “أما بعد” ومعلوم أن هذه العبارة تأتي مرة واحدة، في أول الكلام، وبما أن ناسخ المخطوط كان يقوم بعملية “تقييد” أي انتقاء واختصار، فإنه يبدو قد حاول الحفاظ على عناصر الربط بين الكلام، حتى يكون منسجما مع بعضه، خاصة وأنه قد حذف النص الموجود في الريحانة، الذي ذكرت فيه هذه العبارة، ومن تم نستطيع أن نرجح أن عبارة: “أما بعد” هنا، زيادة من الناسخ، ولعل الأصل في كلام المؤلف عبارة: قلت”، فهي أدفع للتكرار، وأنسب للسياق، بالنظر إلى النص الذي حذفه الناسخ.

47. ورد هذا الحديث عن أبي هريرة وأنس بن مالك باختلاف في اللفظ، وهو حديث صحيح رواه الشيخان وأصحاب السنن (انظر: التاج الجامع للأصول في أحاديث الرسول/منصور علي ناصف: 4/326).

48. كذا في المخطوط.

49. المعنى مقتبس من أبيات لأبي عبد الله بن العسال (المتوفى عام: 487ﻫ/1094م)، يحث فيها أهل الأندلس على الجهاد بعد سقوط طليطلة–أول مدينة كبرى تسقط–في يد النصارى، يقول فيها:

يا أهل أندلس حثوا مطيكم              فما المقام بها إلا من الغلط

الثوب ينسل من أطرافه وأرى          ثوب الجزيرة منسولا من الوسط

من جاور الشر لا يأمن بوائقه         كيف الحياة مع الحيات في سفط

(انظر: أزهار الرياض–1/46. وانظر أيضا: في حوار حول الحاضر بالماضي عبر الأندلس–د. رشدي فكار، ص67).

50. غور كل شيء: قعره، والغور: المنخفض من الأرض، والغار في الجبل (اللسان/غور) والمعنى غامض.

51. عبارة غامضة.

52. عبارة غامضة كذلك.

53. لعلها من الغِبَر أي الحقد، أو من الغَبْر وهو فساد الجرح باطنا وشفاؤه ظاهرا. (لسان العرب–غبر).

54. في هذه الفقرة غموض كبير، لعله راجع إلى استعمال اللغة العامية الأندلسية أو إلى ارتباك لدى الناسخ، وهذا أمر مستبعد لأن الناسخ يضبط كثيرا من هذه الألفاظ الغامضة، مما مستبعد لأن الناسخ يضبط كثيرا من هذه الألفاظ الغامضة، مما يؤكد أنه كان يعنيها بالذات، وأن لها معنى ما في سياق الكلام.

55. الأنشوطة: عقدة يسهل حلها. بحيث تجذب احد طرفيها فتنحل (اللسان/نشط).

56. الغل: جامعة توضع في العنق أو اليد. الجمع أغلال (اللسان/غلل).

57. في المخطوط: “المسمات”.

58. ارتعاج أي اضطراب وكثرة وتموج. ويقال: زعجه: وأزعجه: أقلقه (اللسان/رعج).

59. شرق يشرق شرقا. والشرق هو الشجا والغصة، بدخول الماء أو الريق إلى الحلق (اللسان/شرق).

60. عبد الله بن أبي قحافة، عثمان بن عامر بن كعب التميمي القرشي. أول من آمن بالرسول من الرجال، وأول الخلفاء الراشدين بعده. ولد سنة 51ق ﻫ/573م، ولي الخلافة سنة 11ﻫ. وتوفي سنة 13ﻫ/634م مدة خلافته سنتان وثلاثة أشهر ونصف شهر، وله في كتب الحديث 142 حديثا. وهو مشهور جدا، ترجم له عدد لا يحصى من المؤلفين (انظر: الطبقات الكبرى لابن سعد 9/26–حلية الأولياء 4/93–الأعلام: 4/102–كتاب الوفيات لابن قنفذ: 26…).

61. في هامش المخطوط كتب بنفس الخط: ” على العزاء”.

62. أبو حفص عمر بن عبد العزيز بن مروان بن الحكم الأموي القرشي. ولد سنة 61ﻫ/681ﻫ. اشتهر بعدله وورعه. يقال له: خامس الخلفاء الراشدين. ولد بالمدينة ونشأ بها. وولي إمارتها للوليد. ثم استوزره سليمان بن عبد الملك بالشام. ولي الخلافة بعهد من سليمان سنة 99ﻫ ولم تطل مدته، قيل إنه قتل مسموما بدير سمعان من أرض المعرة سنة 101ﻫ/720م. مدة خلافته سنتان ونصف. وأخباره في العدل وحسن السياسة شهيرة في كتب التاريخ والسير. (انظر: حلية الأولياء: 5/253–العبر: (لابن خلدون) 3/76 –الأغاني: 9/254–مروج الذهب: 2/131 –الأعلام: 4/102–كتاب الوفيات (لابن قنفذ): 103).

63. هنا عبارة: “ما” زائدة. ولعلها سهو من الناسخ. لأنها تفيد عكس المعنى المقصود، ويؤكد هذا، أنه جاء في الهامش تصحيح لها كالتالي: “إلا كان” لعله من المقيد أو من بعض القراء.

64. في المخطوط: الشعجان.

65. في المخطوط “الأعرابي”.

66. في المخطوط “تفضيل”.

67. في المخطوط “التعري” بالراء المهملة.

68. هذه الأبيات واردة كذلك في النفح: 7/300–وأزهار الرياض 1/199–والديوان: 1/36–والنفاضة: 2/165.

69. في النفح: يسارك.

70. في الديوان: ولا تدري.

71. المسكة: ما يتبلغ به، وما يمسك الأبدان من الطعام والشراب (اللسان/مسك).

72. في المخطوط “الرؤية”، والأولى أقرب إلى الصواب.

73. في المخطوط: “محنة” وما ذكرته أقرب إلى تحقيق المعنى.

74. كذا في المخطوط. ولعل الكلام هنا يعود على “النفس”.

75. في المخطوط “المحيلة” بالحاء المهملة.

76. البيتان واردان كذلك في الإحاطة: 4/52 والنفح: 6/504 والديوان: 1/148، وتسمى الآلة “بالمنجانة”، كانت تعرض على الخصوص في ليلة المولد النبوي، أثناء  الاحتفال الذي كان يقيمه الغني بالله بهذه المناسبة في قصره بالحمراء، ويستدعي إليه أعيان المملكة، ويحضره الصوفية، حيث يمضون الليلة في قراءة قصائد المديح، والسماع، والرقص، وتتبع حركات هذه الآلة.

77. في النفح: “المنجان” ويقصد بها آلة التوقيت: “المنجانة”، سابقة الذكر.

78. في النفح: “منقطعا”.

79. في بعض نسخ النفح: “الأرض”. ووادي الرمل يطلق على الجبال الواقعة شمال مجريط (مدريد) وكذلك على النهر الذي تقع عليه المدينة: Guadarrama.

80. في النفح: كامله.

81. أبو عبد الله محمد بن محمد بن عبد الملك بن سعيد الأنصاري الأوسي، فقيه مقرئ مؤرخ حافظ (وهو ولد المؤرخ الأديب القاضي أبي عبد الله صاحب: “الذيل والتكملة” ولد سنة 634ﻫ/ولي قضاء مراكش، لكنه كان غريب المنزع، شديد الانقباض-، مع أدب حسن، ونفس حرة-، مما أدى إلى امتحانه بعد وفاة أبيه، فاستقر بمالقة مهملا، منقبضا، عاكفا على العلم، حتى توفي سنة 743ﻫ/1343م. (انظر:  الإحاطة: 2/527–المرقبة العليا: 130–معجم المؤلفين: 11/241–الديباج: 331–هدية العارفين: 2/151–نفح الطيب: 6/90–وفيات الونشريسي: 113–التاج المحلي في مساجلة القدح المعلى: (بهامش الريحانة) 2/408).

82. في المخطوط: “اغتمصت”.

83. أحمد بن محمد عبد الكريم، أبو الفضل، تاج الدين بن عطاء الله الاسكندي الشاذلي المالكي، المتوفى سنة: 708ﻫ/1309م، أخذ عن ناصر الدين بن المنير، وشرف الدين الدمياطي، وشمس الدين الأصبهاني، كان في أول حياته معاديا للتصوف معتدا بالعلوم الظاهرية. (فقه، حديث، أصول…) ثم تحول إلى مذهب التصوف بعد لقائه وتأثره بأبي العباس المرسي (تلميذ أبي الحسن الشاذلي). ليصير ابن عطاء الله بعد ذلك، من كبار مشايخ الطريقة الشاذلية، والتصوف على العموم. له مصنفات عدة في باب التصوف: كالحكم،- التنوير في إسقاط التدبير–لطائف المنن في ذكر مناقب الشيخ أبي العباس المرسي وشيخه أبي الحسن–تاج العروس الحاوي لتهذيب النفوس–مفتاح الفلاح… وغيرها كثير. انظر: (الأعلام/للزركلي 1/213–لقط الفرائد لابن القاضي: 168–النجوم الزاهرة: 8/280–الدرر الكامنة: 1/371. شجرة النور الزكية: 204–الديباج المذهب: 167–ابن عطاء الله وتصوفه لأبي الوفا الغنيمي التفتازاني–جمهرة الأولياء وأعلام التصوف لمحمد المنوني 2/236–والكلام الذي أورده ابن الخطيب هنا هو حكمة ضمن مجموعة كتاب: “الحكم” المذكور، هو عبارة عن قواعد عامة يحتاج إليها المريد السالك في الطريق إلى الله. وقد صاغها المؤلف بطريقة رمزية تلميحية دقيقة على شكل جمل قصيرة. شرحت 24 شرحا. ونظمها عدد كبير من الشعراء (انظر: كشف الظنون: 1/413) (انظر كذلك التفتزاني، ابن عطاء الله وتصوفه).

84. في متن “الحكم–ص 18 ” علم قلة نهوض العباد إلى معاملته”، ونفس اللفظ موجود في:

شرح ابن عجيبة على الحكم، ص272.

شرح ابن عباد الرندي على الحكم، 2/79.

شرح سعيد حوى على الحكم–ص 467.

شرح عبد الله الشرقاوي على الحكم–2/31.

85. في متن “الحكم” لابن عطاء الله (ص 18 وفي “إيقاظ الهمم” لابن عجيبة (ص 272). وشرح الشرقاوي (2/31)، وردت العبارة هكذا: “فأوجب عليهم وجود طاعته. فساقهم إليه بسلاسل الإيجاب” ونفس اللفظ كذلك في طبعتي شرح ابن عباد، وفي شرح سعيد حوى، مع استعمال عبارة “إليها” عوض: إليه” وانفرد شرح حوى وحده بإسقاط عبارة “وجود”.

86. في المتن، وفي جميع الشروح: “عجب”.

87. في متن “الحكم” وفي جميع الشروح: “يساقون”.

88. في المخطوط: تعيد.

89. من ناط الشيء ينوطه نوطا: علقه (اللسان/نوط).

90. كذا في المخطوط والعبارة غامضة.

91. هذه العبارة تتكرر هكذا مرتين في المخطوط، ويبدو أنها سهو من الناسخ. المقيد.

92. في المخطوط: صحب.

93. العبارة مقتبسة من الآية القرءانية: [ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا، فمنهم ظالم لنفسه، ومنهم مقتصد، ومنهم سابق بالخيرات بإذن الله، ذلك هو الفضل الكبير] [سورة فاطر/الآية: 32].

94. في المخطوط: “العضلات” بالضاد.

95. في المخطوط: “بالوظائف”.

96. في المخطوط: “لتخفيظ “بالحاء المهملة”.

97. في المخطوط: “ويقدر” بالياء.

98. في المخطوط “التي”.

99. هذه العبارة، إضافة زدتها حتى يتم المعنى.

100. الواو هنا، ساقطة من المخطوط. وقد زدتها لأنه لا يتم المعنى إلا بها.

101. في المخطوط “مفترقة”.

102. كذا في المخطوط والعبارة غامضة.

103. الكدية: مصدر من أكدى أي ألح في السؤال (اللسان. كدي).

104. في المخطوط: “المغشات”.

105. نسأ الشيء: أخره وأنسأه الدين: أخره، والاسم: النسيئة والنسيء (اللسان/نسأ).

106. البدرة: كيس فيه ألف أو عشرة آلاف (اللسان/بدر).

107. كذا في المخطوط ولم أقف على معناها.

108. اللفيف: الجمع العظيم من القوم من أخلاط شتى فيهم الشريف والدنيء… (اللسان. لفف).

109. في المخطوط: الكسياغة. بالسين.

110. كذا في المخطوط، والزر: الذي يوضع في القميص، وقيل: العروة التي تجعل فيها الحبة (اللسان)/زرر).

111. في المخطوط “أعلاه” والأولى أقرب إلى الصواب.

112. ويقال: زنجفر، وهو أكسيد الرصاص الأحمر، (عمل من طب لمن حب–لابن الخطيب–ص 62).

113. في المخطوط “والا”.

114. داء عياء: صعب لا دواء له. ولا يبرأ منه. (اللسان/عيا).

115. أبو علي الحسين بن عبد الله بن الحسن بن علي بن سينا البلخي ثم البخاري، يلقب بالشيخ الرئيس، فيلسوف طبيب شاعر مشارك في أنواع من العلوم. ولد بإحدى قرى بخارى سنة 370ﻫ/980م. أتم دراسة الأدب واللغة في سن العاشرة. ثم طاف بالبلاد، وناظر العلماء، ولي الوزارة مرتين، ثم تركها. سجن فترة، ثم فر إلى أصفهان، فصنف بها أكثر كتبه. توفي في طريقه إلى همذان سنة 428ﻫ/1037م من أشهر تصانيفه: القانون–في الطب–الشفاء–في الحكمة–أسرار الحكمة المشرقية–حي بن يقظان–الإشارات–أسرار الصلاة–أرجوزة في المنطق، وغيرها”، (انظر : شذرات الذهب: 3/234–خزانة الأدب: 4/466–وفيات الأعيان: 1/419–الكامل–لابن الأثير: 428–النجوم الزاهرة: 5/25–كتاب الوفيات–لابن قنفذ: 235–كشف الظنون 12/36–إيضاح المكنون: 2/55–الأعلام: 2/261.

116. في المخطوط: “المباشرة” وهو لفظ لا يستقيم به المعنى.

117. الكدية مصدر من أكدى، أي ألح في السؤال. (اللسان/كدي).

118. في المخطوط: “المعاسرات” بالسين المهملة.

119. في المخطوط: “المدخلات” بحذف الألف.

120. لم أقف على معنى هذه العبارة في كلام العرب.

121. كذا في المخطوط.

122. لعله يقصد أفلاطون.

123. أبو الوليد محمد بن أحمد بن محمد بن رشد الفيلسوف. وهو حفيد أبي الوليد بن رشد (الجد) قاضي قرطبة. ولد سنة 520/1126م بقرطبة. أخذ عن ابن باجة وغيره. وتفقه في العلوم الدينية والطب والفلسفة. لكن اشتهر أكثر بالفلسفة حتى اتهم بالزندقة والإلحاد، فأحرقت كتبه ونفي إلى مراكش. ثم عفي عنه وأذن له بالعودة إلى قرطبة، فعالجته الوفاة بمراكش  سنة 595ﻫ/1198م. ألف حوالي 50 كتابا منها: “فصل المقال فيما بين الحكمة والشريعة من الاتصال”. و”تهافت التهافت” في الرد على الغزالي، وكتاب: “البداية والنهاية”، وكتاب: “مناهج الأدلة في الكشف عن عقائد الملة”، و”الكليات” في الطب، وشرح رجز ابن سينا، وغيرها (انظر: المرقبة العليا–للنباهي: 11/الديباج المذهب: 284 شذرات الذهب: 4/320/المعجب: 305/الأعلام: 6/212/كتاب الوفيات: 298/معجم المؤلفين: 8/228).

124. في المخطوط: “انفصاله”.

125. زيادة لا تضيف إلى المعنى شيئا. وربما كانت سهوا من الناسخ.

126. والمملي طبعا هنا هو المؤلف، لأنه قال في رسالته السابقة إلى ابن خلدون: “أمليته في هذه الأيام”.

127. اللامة: الدرع الحصينة الواقية. تجمع على لؤم (اللسان/لام).

128. في المخطوط: “بمراعات”

129. كذا في المخطوط. ولعلها: نشهد.

130. الحال: في الاصطلاح الصوفي هو: ما يرد على القلب من غير تعمل ولا اجتلاب، ثم يزول، كالقبض، والبسط، والشوق… فإن دام واستمر سمي مقاما (انظر: اصطلاحات الصوفية/القاشاني/57).

131. العبارة المقتبسة من قوله تعالى (والذين كفروا أعمالهم كسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء حتى إذا جاءه لم يجده شيئا ووجد الله عنده فوفاه حسابه. والله سريع الحساب) [سورة النور/الآية: 39].

والبقيعة: جمع بقاع وهو ما استوى من الأرض.

132. في المخطوط: “فرصها” بالصاد المهملة.

133. حرف الواو هنا إضافة زدتها لإتمام المعنى.

Science

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق