وحدة الإحياءدراسات محكمة

حقوق الإنسان بين الكونية والخصوصية

لقد سبق أن وقفنا في مناسبة علمية سابقة على السياق التاريخي لمنشأ مفهوم حقوق الإنسان في التاريخ الأوروبي الحديث، وعلى السياق التاريخي لمنشأ مفهوم الحقوق في الإسلام، واتّضح أنّ مفهوم الحق في التاريخ الأوروبي قد تَبَلور خلال تجارب تاريخية، ومخاضات سياسية واجتماعية. ورأينا كيف انبثق مفهوم الحق من القرآن، وممّا قدّمه في عشرات الآيات، من توجيهات، جعلت من الحق أحد مبادئ النظام الكوني، فضلا عن النظام الاجتماعي. فالله حق، والقوانين الطبيعية المطّردة حق، ومصدرها حق. وما يدعو إليه القرآن هو حق كذلك بالنظر إلى مصدره[1].

 وهكذا كان ظهور مفهوم الحق في الإسلام ثورة دينية على الأوضاع العقلية والاجتماعية في الجاهلية. بينما كان انبثاق مفهوم الحق في التاريخ الأوروبي ناتجا عن ثورة اجتماعية وسياسية على الاستبداد والحكم المطلق. وبالتالي فقد كانت المرجعية بالنسبة للحق في الفكر الغربي مرجعية فلسفية وسياسية واجتماعية، بقدر ما كانت المرجعية بالنسبة للحق في الفكر الإسلامي مرجعية عقدية ودينية شاملة.

المحور الأول: حقوق الإنسان في سياقين حضاريين مختلفين

وإذا كان من البديهيّ أن يكون للفكر الأوروبي الحقُ في نقد الدين ونقد الفكر الديني من موقع تجربته التاريخية، في ظلّ سلطة الكنيسة الكاثوليكية، وما عاناه أتباعها خلال القرون الوسطى من ظلم واستبداد، وانغلاق فكري، إلا أنّه ليس من حق هذا الفكر أن  يُسقِط هذا التصوّر السلبي على الإسلام نفسه، لا لشيء إلا لأنّه دين، معتبراً أنّ الأديان كلّها قائمة على عقائد تستخدم في تبرير السلطة والاستبداد.

بل لم يكن للفكر الغربي أيّ مبرّر موضوعي لقياس الإسلام على المسيحية، قبل أن يدرس شريعة الإسلام، ويقف على منظومته القيمية ومنظومته الحقوقية، وليتبيّن من خلال نصوص القرآن والسنة أنّ الإسلام أضفى على الدين مفهوما آخر، يَصلح أن تنضوي تحته الإنسانية كلّها، انطلاقا من اعتباره الأديان السماوية كلّها دينا واحدا هو الإسلام، الذي هو خاتم الأديان السماوية كلّها، وإن اختلفت شرائعها. وذلك بنصّ القرآن نفسه. واعتبارا أيضا لما خوّله للإنسان من حقوق أساسية، بوصفه مستخلفا في الأرض من لدن خالقه.

وقد رأينا أنّ الإسلام قبل أن يُخوّل الإنسان حقوقَه حدّد الغاية من وجوده، والرسالة التي أؤتُمِن عليها، والمسؤولية التي تحمّلها اختيارا، وما يترتّب عليها من جزاء، ثمّ أقام على هذا الأساس كلّ التشريعات الحقوقية والقيم الأخلاقية، فجعلهما مطابقين لسعي الإنسان المشروع في عمارة الأرض، وتحقيق التعايش بين البشر، في ظلّ المساواة والعدل والسلم، وعبادة ربّ العالمين بغير شريك أو وسيط.

إنّ نظام الحقوق في الإسلام لم يأت اعتباطا ولا مصادفة، ولا استجابة لمصالح فئة من البشر على حساب فئة أخرى، ولا لتخويل طبقة من طبقات المجتمع حق التحكّم في طبقة أخرى، وإنّما جاء لتغيير أوضاع الإنسانية، التي كان قد أرهقها ظلم الإنسان للإنسان. وذلك من رؤية شاملة تُراعي حق الجميع.

ومن ثمّ، فالفرق واضح بين تاريخ إسلامي جعل من الخطاب الإلهي عن حقوق الإنسان جزءاً من خطاب أشمل عن رسالة الإنسان الكونية، واستخلافه في الأرض، وتحديد مسؤوليته، وبين تاريخ أوروبي بَلور خلاصة تجاربه في مواثيق وعهود دستورية، وجعل من حقوق الإنسان رديفا للديمقراطية، بل وأحد تجلّياتها الفعلية.

 ونستخلص من المقارنة بين المنظورين الإسلامي والغربي ما يلي:

أولا؛ أنّ الإسلام كان رائدا في إعطاء مفهوم الحق بعدين اثنين: أوّلها؛ أنّ الحق هو أشبه بالقانون الطبيعي الذي ينتظم الظواهر الكونية. فلا يحدث شيء إلا بحق، ولا يحصل أمر إلا وهو تابع لقانون الانتظام والاطراد في الطبيعة، الذي يعدّ حقا كذلك. وثانيهما؛ الحق الذي هو مصلحة مخوّلة للإنسان، على التفصيل الذي ورد بيانه في مبحث مفهوم الحقوق في الإسلام.

ثانيا؛ أنّ مصدر حقوق الإنسان هو شريعته. فهذه الحقوق ليس مصدرها كما في منظور الفكر الغربي إرادة تشريعية منبثقة عن مواضعات واتّفاقات بين فئات من البشر. وإنّما هي نظام متكامل. ومن المؤكّد أنّ ميزة المرجعية للحقوق في الإسلام كونها بعيدة عن تجاذبات مصالح البشر بين فئات الأقوياء أو الحاكمين، وبين فئات المستضعفين أو المحكومين. أمّا مرجعية الحقوق في القانون الدولي العامّ فهي بشرية. وتعلن في ذات الوقت بُعدها عن كلّ مصدر ديني. وبهذه الصفة تظلّ حقوقا نسبية.

 ذلك أنّ أي مجتمع مهما كانت درجته في الرقيّ الحضاري لابدّ أن  يقع فيه جور طائفة من طوائفه على أخرى، وأن يكون التشريع فيه لصالح الفئات الغالبة أو المؤثرة في الفئات المغلوبة أو المستضعفة. لذلك نرى المجتمعات تغيّر تشريعاتها من حين لآخر، بينما الإسلام يضفي على الحقوق المخوّلة للإنسان نوعا من الثبات والاستقرار.

ثالثا؛ أنّ مفهوم الحق في الشرع الإسلامي يأخذ معنى مزدوجا، وذلك بالنظر إلى أنّه لا يُتصوّر إلاّ مُستحقا للفرد من جهة، وواجبا في نفس الوقت على المجتمع أو على الدولة من جهة أخرى. فالحقوق المُخَوّلة لأفراد المجتمع المسلم ليست سوى واجبات على أطراف أخرى فيه. وهذا المبدأ هو الذي يَضمن رعاية تلك الحقوق واستمرارها. وبالتالي فإنّ الحقوق في الإسلام تجمع في توازن وتكامل بين مصلحة الفرد ومصلحة المجتمع.

رابعا؛ أنّ مفهوم الحق في كلّ من الثقافة الإسلامية والثقافة الغربية له تاريخه الذي انبثق منه. فالتمايز بين المفهومين ناتج عن تميّز سياق ظهور الإسلام، عن سياق ظهور الحضارة الغربية الحديثة. وقد تعزّز هذا المفهوم في الثقافة الغربية بتطوّر الفكر السياسي والاجتماعي، وارتبط بالنظام الديمقراطي؛ أي بنظرية حكم الشعب لنفسه بنفسه عن طريق المؤسّسات التمثيلية والمبادئ الدستورية، وفي مقدّمتها فصل السلط والاعتراف بحقوق المواطنة. وبذلك ترعرعت حقوق الإنسان في مناخ ديمقراطي ملائم للتفاعل والتطوّر.

لكنّ التجربة التاريخية الأوروبية لم تخل من تناقضات عميقة عندما اصطدمت بالواقع العنيد وبالمصالح الطبقية والصراع الاجتماعي وبالجشع الرأسمالي، الذي استغلّ التطوّر الصناعي والكشوف العلمية، فتحوّل إلى حركة استعمارية كاسحة، لا ترى إلا مصالحها في تنمية ثرواتها وهيمنتها على الأسواق العالمية، وتسخيرها للشعوب المستضعفة في بناء تقدّم الغرب، وإضفاء كلّ ألوان البريق على حضارته.

 وفي هذا الصدد يلاحظ بعض المفكّرين أنّ السياق التاريخي لظهور حقوق الإنسان في الفكر الغربي كان سياقا مثقلا بالتناقضات، وتراكم المظالم التي اقترفها الإنسان الغربي في حق الإنسانية، منذ تمكّن من اختراع وسائل النقل والاتصال عبر البرّ والبحر والجوّ، ومن اختراع آلات الحرب المدمّرة. فاستعمر أقطار إفريقيا وآسيا. ونظر إلى أهلها ككائنات بدائية يجب تسخيرها لتنمية حضاراته المادية، باسم العمل على تمدينها، خلال القرنين الثامن عشر والتاسع عشر.

 وقد أفضت التناقضات بين الواقع المطبوع بالنزعة الاستعمارية، والتنافس الشرس في الهيمنة على الموارد الطبيعية في بلدان الشعوب الإفريقية والأسيوية، من جهة، وبين القوى الكبرى وانقسامها إلى إيديولوجيات متصارعة حول حماية مصالحها من جهة أخرى، أقول أفضت تلك التناقضات إلى حربين عالميتين، ذهب ضحيتهما عشرات الملايين من البشر، في أقلّ من ثلاثة عقود من القرن العشرين. فاتّضح للفكر الغربي مدى الإجرام الذي اقترفته الدول الغربية في حق الإنسانية. وأنّه في حاجة إلى إعطاء النظام الغربي وسيادته العالمية وجهة جديدة. وذلك بإضفاء طابع العدالة والإنصاف على رسالته الحضارية، ودوره الريادي.

ومن ثمَّ قام بإعلان شرعة حقوق الإنسان العالمية. وهذا ما يحلّله الدكتور حسن الضيقة[2]. فقد لاحظ أنّ كافّة التيارات الفكرية والسياسية التي يحتضنها الفكر الغربي الحديث، تتحكّم في رؤيتها مرتكزات ثابتة، ترجع إلى الفلسفة المادية الجدلية ومنطق الصراع الطبقي. وهذه هي الرؤية التي يرجع إليها الفكر الغربي في معالجة أيّ قضية طارئة أو ظاهرة اجتماعية.

 فنحن أمام بنيان عقائدي اختلالي-إشراكي، ينظر إلى العالم على أنّه مجموعة عناصر شتّى، تحكمها الصراعات النافية لبعضها البعض، والوحدة فيما بين هذه العناصر شأن لاحق ينبري لتحقيقه عنصر من هذه العناصر، لما ينطوي عليه من مواصفات القوّة والتفوّق، ولهذا كان على الفكر الأوروبي على الدوام كي يبني صورة عقلانية متماسكة عن الواقع أن يُجهد لانتزاع عنصر من هذه العناصر التي تزخر بها حركة الوجود البشري، محيلا إياها إلى معطى مطلق، قادر على فرض الوحدة، بما يملكه من قوّة قاهرة. وهذا ما نجد تعبيرا عنه في كافة التيارات الفكرية والمعتقدية، التي واكبت مسار تشكّل الفكر الغربي الحديث.

 تلك، باختصار شديد، بعض أوجه المسارات المتحكّمة بكافة ما أنتجه الفكر الغربي الحديث من شرائع ومذاهب فكرية وسياسية مختلفة، ولا تعتبر (شرعة حقوق الإنسان) إلا إحدى تعبيراتها التاريخية، والتي لم تكن الأولى ولا الأخيرة من عمر النظام الغربي المعاصر. ففي كلّ حقبة من تاريخ التطوّر الأوروبي الحديث والمعاصر سنكون أمام مبرّرات دفاعية جديدة، تَعجز الشعوب والأمم المغلوبة على أمرها عن تتبّع مفاهيمها وما تنطوي عليه من دلالات ووظائف مدمّرة، إلا بعد أن تدفع هذه الشعوب أثمانا باهظة من دمها وعرقها وقيمها وثقافاتها[3].

 وبعد هذا التحليل يؤكد الباحث أنّ (العقلية) الغربية، حينما تخلّت عن المصدر الإلهي للحقيقة، وعن اعتبار التوجيه الربّاني للإنسان، مرجعا لحلّ كلّ مشكلاته فقد ضلّت وأضلّت. وإنّ تطلّع المسلم اليوم إلى غير التوجيه القرآني في مجال حقوق الإنسان سيُلقِي به في متاهة البحث عن مرجعية لهذه الحقوق، لا يُمكن بلوغها بغير الأخذ بالهداية الإلهية.

والخلاصة أنّ ما تُسفِر عنه أي مقارنة بين النظام الحقوقي للإنسان، في الإسلام وفي الفكر الغربي سيكون لا محالة لصالح إثبات ريادة الإسلام في إقرار هذه الحقوق، بل واعتبار مبادئه في هذا المجال هي التي يجب أن تُضفيَ العالمية عليها قبل العصر الحديث.

المحور الثاني: الإسلام نظام متكامل من الحقوق والواجبات

إنّ الناظر في مضمون الإسلام يجده مكوَّنا من عنصرين متكاملين، وهما: العقيدة والشريعة. فالعقيدة تتضمّن ما يجب اعتقاده من حقائق الغيب، وفي مقدّمتها الإيمان بالله وتوحيدُه، والإيمان باليوم الآخر، والإيمان بالرسالات السماوية وبالكتب المنزّلة.

 وأمّا الشريعة فتتضمّن المبادئ العامّة والأحكام المفصّلة التي تتعلّق أولا بالعبادات، من صلاة وصيام وزكاة وحج، وهذه العبادات من شأنها تطهير النفس واستحضار عظمة الخالق ومراقبة السلوك الذاتي. وتتعلّق ثانيا بالمعاملات من أحكام مفصّلة ومبادئ أخلاقية، يتعيّن على المسلمين الالتزام بها في معاملاتهم في كلّ مجالاتها وأصنافها، تُجاه أنفسهم ومجتمعاتهم والإنسانية جمعاء.

 والملاحظ أيضا من عموم الشريعة ومبادئها أنّ الإسلام اعتَبر قيام سلطة سياسية بالنسبة للأمّة الإسلامية أمرا ضروريا؛ لأنّ الإسلام نظام متكامل من الأحكام والمبادئ التي يسري مفعولها على جميع مرافق الحياة الإنسانية، من أجل تحقيق العدالة والمساواة بين الناس، وتحقيق الغاية العليا من وجود الإنسان في هذا الكون. ومن خلال تطبيق شريعة الإسلام كاملة، والالتزام بمبادئه الأخلاقية العامّة تبرُزُ منظومة حقوق الإنسان واضحة، من خلال الأحكام التشريعية والقيم الأخلاقية والمبادئ العامّة.

ويُلقي الإسلام مسؤولية حماية هذه المنظومة من الأحكام والقيم والمبادئ وتطبيقها ومراقبة ذلك التطبيق على السلطة السياسية القائمة في المجتمع الإسلامي، وهي سلطة الدولة. فالإسلام دين ودولة. وهذه حقيقة لا يجادل فيها إلا من يجهل شريعته، والملاحظ أيضا أنّ الإسلام ركّزَ من خلال تشريعاته ومبادئه على واجبات الفرد المسلم، بدلا من التركيز على حقوقه، باعتبار أنّ هذه الواجبات هي باعتبار آخر حقوق مستحقة للآخرين، لأنّه ما من حقٍّ باعتبار، إلا وهو واجب في نفس الوقت باعتبار آخر.

كما حرص الإسلام على ربط أداء تلك الواجبات بمسؤولية المسلم سواء كان حاكما أو محكوما، وكذلك ممارسته لحقوقه التي يَكفُلها له التشريع الإسلامي إطارا للحقوق العامّة[4]، من اجتماعية واقتصادية ومدنية وسياسية وثقافية. والدولة هي الجهاز الذي يُناط به أداء تلك الحقوق والقيام بالواجبات وصيانة المجتمع الإسلامي من الإخلال بها.

ويُلاحظ أحد المفكرين المسلمين في هذا السياق أنّ الإسلام شديد الحرص على ما بين الحقوق والواجبات من ترابط وثيق، على اعتبار أنّ أيّ حق مشروع للإنسان لابدّ أن يقابله واجب يتعيّن عليه أداؤه، أو عدّة واجبات، فبأداء الواجب يتوفر الحق المشروع ذاتُه، والعكس كذلك. فالفرد، مثلا، يجب عليه أن يَسْعَى في سبيل الرزق، وبأداء هذا الواجب يستمتع بالحق المشروع، الذي هو الأجر، أو ما يقوم مقامه، ممّا به تتمّ المحافظة على الحياة، ويتواصل له ولذويه البقاء فيها.

 والحاكم الذي يتمتّع بالجاه والسلطان ويتصرّف في تدبير المجتمع الذي يتولّى حكمه، هو مطالَبٌ مقابل هذا الحق بأداء واجب أو واجبات عديدة تَكفُل إيصال الحقوق إلى ذويها. إذ عليه أن ينزّل دستور الشريعة على أرض الواقع طبقا للنظام الذي تفرضه هذه الشريعة. فيُقيم مثلا القِصاص على القاتل أو المعتدي، بواسطة النظام القضائي وسلطته، صيانة لحق الحياة الذي هو حق لكلّ مواطن، ولحق الأمن والاستقرار. وعليه ضمان العدل والإنصاف لمن يلجأون إلى القضاء. لذلك يمكن القول إنّ الحقوق التي يُقرّها الإسلام للإنسان ما هي في حقيقة أمرها إلا واجبات يُطالب به الجميع، كلٌّ من موقعه.

ويؤكد هذا المعنى ما رتّبه الشرع الإسلامي من جزاء على الأعمال، إن خيراً فَخيرُ وإن شراً فشرُّ، على نحوِ ما وَرَدَ في قول الله تعالى: ﴿فمن يعمل مثقال ذرّة خيرا يره. ومن يعمل مثقال ذرّة شرّا يره﴾ (الزلزلة: 8-9). وبهذا الترابط بين الحقوق والواجبات استعمل القرآن الكريم كلمة (الحق)؛ بمعنى إيجاب الجزاء على الأعمال، كما في قوله تعالى: ﴿ثم نُنجي رسلنا والذين ءامنوا كذلك، حقا علينا نُنَجِّ المومنين﴾ (يونس: 103). وقوله تعالى: ﴿ولقد اَرسلنا من قبلك رُسُلا اِلى قومهم فجاءوهم بالبيّنات فانتقمنا من الذين أجرَموا، وكان حقّا علينا نصر المومنين﴾ (الروم: 46).

ومن ثمّ يتّضح أنّ الحق مطلوب لذاته. أو لحصول الآثار التي تترتّب عليه، فإذا ما انتفى الحق انتفت معه المصلحة العامّة والخير المقصود، وربّما وقع الضّرر والأذى، وفي هذا يقول الله تعالى: ﴿فأمّا عاد فاستكبروا في الاَرض بغير الحق وقالوا من اَشدّ منّا قوّة، اَوَ لَمْ يَرَوا اَنّ الله الذي خلقهم هو أشدُّ منهم قوّة، وكانوا بئاياتنا يجحدون﴾ (فصّلت: 14).

 ولذالك كان جزاؤهم أمرا محتوما. قال تعالى: ﴿فأرسلنا عليهم ريحا صرصرا في أيّامٍ نحساتٍ لنذيقهم عذاب الخِزْيِ في الحياة الدنيا، ولعذاب الاَخرة أخْزَى وهم لا يُنصرون﴾ (فصّلت: 15). فالسلوك الإنساني في الإسلام سلوك مسؤول، وتترتّب عليه الجزاءات، ثوابا أو عقابا، رضا أو سخطا. وممارسة الحقوق المخوّلة في الشريعة مندرجة في هذه المسؤولية، ولاسيّما إذا نظرنا إليها كواجبات ملزمة.

والفرق واضح بين حقوق الإنسان في الشريعة التي تقتضي الإلزام والتطبيق وبين ما تقرره المواثيق الدولية؛ لأنّ هذه الأخيرة لا تملك قوّة الإلزام، وغايةُ ما تنتظره من الدول المصادقة عليه أن تعتبرها مثلا أعلى، تتقيّد به كلّ دولة في نُظُمِها، بحيث لا تورِدُ في نصوص دستورها من القواعد ما ينافيه. وعلى هذا الأساس استطاعت كثير من الدول أن تتحفّظ من هذه الحقوق أو من بعضِها، فلا تكاد تجد تطبيقا لها في التصرّفات السياسية للدولة المتحفّظة، بل إنّها تُعطي لنفسها الحرية في التطبيق وعدم التطبيق.

 ويتمثل هذا غالبا في الدول التي لها مصالح تتنافى مع اتجاه المواثيق الدولية التي أعلنت عنها هيئة الأمم المتحدة. وهنا تتجلّى ميزة الإسلام في مجال حقوق الإنسان. فاتصال هذه الحقوق بالتكليف والجزاء ثواباً وعقاباً مبدأ إسلاميٌّ، يجعل من تلك الحقوق، على تنوُّعِ موضوعاتها، استجابة عملية واقعيةً، لما تقتضيه الفطرةُ الإنسانيةُ، والتي جاءت كلُّ التعاليم الإسلامية موافقةً لها، ومبنيةً على أساسها.

والفرق بين حقوق الإنسان في الإسلام وحقوق الإنسان في الوثيقة العالمية فرق كبير. فحقوق الإنسان في الإسلام جزء من هذا الدين، الذي تقوم أصوله ومبادئُه على الاعتقاد بأنّ الله سبحانه وتعالى هو المصدر الأعلى للسلطة، فهو الذي خلق الإنسان وكرّمه، وخوّله تلك الحقوق، ولذلك فإنّ التعديَّ على الحق، أيِّ حقٍّ، هو محاربة لله وكتابه ولرسوله ولأئمّة المسلمين وعامّتهم، لأنّ حقوق الإنسان هذه هي في الإسلام أوامر إلهية، مُلزمة لكلّ المسلمين، ولا يستطيع أحد تعديلها أو إبطالها؛ لأنّها تُمثل الحق، وتُحقق المصلحة العامّة، وتضمن التوازن والوسطية في حياة المجتمع. بينما مصدر السلطة في الوثيقة العالمية لحقوق الإنسان هو اتفاق بين مجموعة الدول الأعضاء، في منظمة الأمم المتحدة. وهذا يَعني أنّه ليس للوثيقة العالمية قوةَ الإلزام القانوني[5].

ويضاف إلى هذا الترابط بين الحقوق والواجبات في الإسلام كون الفكر التشريعي فيه أقام المنظومة الحقوقية على أساس أنّها تكاليف شرعية. ولذلك سمّاها الفقهاء حقوق الله وحقوق الناس والحقوق المشتركة بينهما. وحقوق الله في الإسلام لا تعني سوى الحق العام بلغة القانون الحديث، هذا الحق الذي لا يجوز إسقاطه أو إبطاله.

المحور الثالث: موضوع حقوق الإنسان بين الخصوصية والعالمية

 صدر من البيانات والإعلانات عن حقوق الإنسان، من مختلف المنظّمات العالمية والإقليمية الشيء الكثير. فمنها ما كان عالميا، ومنها ما كان إقليميا. كما أنّ منها ما تناول هذه الحقوق بصفة عامّة. ومنها ما تناولها بطريقة مفصّلة وموسّعة. وما يلفت النظر في هذا الصدد أنّه بعد صدور الإعلان العالمي لحقوق الإنسان عن الجمعية العمومية لمنظمة الأمم المتّحدة بتاريخ العاشر من شهر دجنبر سنة 1948 صدر البيان العالمي لحقوق الإنسان في الإسلام عن المجلس الإسلامي بباريز بتاريخ 19 شتنبر 1981؛ أي بعد أكثر من ثلاثين عاما من صدور الإعلان العالمي الأول. وما يمكن استنتاجه من ذلك أنّ العالم الإسلامي كان أكثر تجاوبا مع الإعلان العالمي، ليس من باب المزايدة على حقوق الإنسان، ولكن من باب التعبير عن الخصوصية التي يضفيها الإسلام على هذه الحقوق، من منطلق الرؤية الدينية، التي لابدّ من أخذها بعين الاعتبار، إذا أردنا أن يكون للمسلمين تجاوب عميق مع تفعيل هذه الحقوق، وإن على المستوى الإقليمي.

 والقارئ للبيان العالمي الصادر عن المجلس الإسلامي يقف بوضوح على روح البيان من حيث اعتباره خطابا للعالم، انطلاقا من المرجعية الإسلامية. فالإسلام هو دين عالميّ يخاطب برسالته كلّ العالمين. دون أن يعنيّ هذا البيان أكثر من التذكير بما حمله الإسلام قبل أربعة عشر قرنا إلى الإنسانية من قيم الكرامة والتحرير والحقوق الاجتماعية.

 لكنّ (العالمية) التي يتبنّاها البيان الإسلامي مهما كانت حيثياتها فإنّها لا تضاهي عالمية الإعلان العالمي، الذي صادقت عليه معظم دول العالم، بما فيهم الدول الإسلامية نفسها. وهو ما يبعث على المساءلة عن مفهوم العالمية التي يتبناّها ذاك الإعلان أو هذا البيان.

 وقبل عرض بعض الإجابات نذكّر أولا بأنّ مصطلح حقوق الإنسان هو تعبير حديث، انبثق من مخاض التطوّر السياسي والحقوقي، والتقدّم الحضاري اللذين عرفتهما الأمم الأوروبية، على إثر النهضة الكبرى التي حققتها في العصر الحديث، والتي بلغت أوجها في القرن التاسع عشر. وبما أنّ الحضارة الغربية انتقلت إلى كلّ أرجاء العالم مع الحركة الاستعمارية التي قامت بها الدول الكبرى الأوروبية لبلدان آسيا وإفريقيا، فقد تمّ إخضاع العالم كلّه لسلطانها الاقتصادي والتكنولوجي والثقافي. وكان العالم الإسلامي من ضمن البلدان التي انقادت لهذه الحضارة، التي أصبحت عالمية بكلّ المقاييس.

وإنّ ما يلفت النظر حقا في التاريخ الأوروبي الحديث أنّ انتصاراته الكبرى، وتهميشه لكلّ الثقافات القديمة، وهيمنته عليها لا يرجع إلى القوة العسكرية وحدها، ولا إلى امتلاك الثروات الطبيعية وتحويلها، وتسخير التكنولوجيا في المواصلات والنقل والاستثمار للطبيعة فقط، وإنّما يرجع هذا الانتصار في جوهره إلى الأفكار التي صنعت أوروبا الحديثة، وظلّت تمدّها بالقوة المتجدّدة، حتى أصبحت عالمية بعلومها، وعالمية بأنظمتها، وعالمية بقيمها البراغماتية والنفعية. ومن هذه القيم التي أعلنت عنها قيم حقوق الإنسان.

 ولا يمكن تجاهل هذه الحقيقة التاريخية؛ فقد نشأت نواة حقوق الإنسان من مُناهضة الأوروبيين لمبدأ الدولة ذات السيادة المطلقة في القرنين السابع عشر والثامن عشر. والأخذ بمبدأ تحرّر الإنسان من كلّ سلطة خارجية، تقمع حقوقه الطبيعية في التفكير والتعبير والاعتقاد. وهي مبادئ ظهرت في أوروبا في العصر الحديث، وأعطاها فلاسفة عصر الأنوار أبعادها الفكرية والروحية.

وبذلك أخذت حقوق الإنسان صورة مطلب سياسي، ظلّ يتطوّر مع تفاعل الشعوب الأوروبية مع حركة التنوير، ولاسيّما من خلال التجارب القاسية التي خاضتها هذه الشعوب من أجل نقل السلطة السياسية من يد الحكّام إلى يد الشعب.وهذا ما عبّر عنه بجلاء البند الأول من ميثاق الأمم المتّحدة سنة 1966 بقوله: “لكلّ الشعوب الحق في تقرير المصير، وهي بهذا الحق تقرّر وضعها السياسي بحرية، وتتابع تطوّرها الاقتصادي والاجتماعي والثقافي[6].”

وبما أنّ هذا الحق يجب أن يعزّز بكلّ الضمانات الضرورية لصيانته وتفعيله كانت الدساتير التي اعتمدتها العديد من الدول الأوروبية بمثابة القانون الأسمى لديها، ونصّت على الفصل بين السلطات الثلاث للدولة، وعلى اختصاصات كلّ منها، كما حدّدت آليات تمثيل سيادة الأمة، عن طريق اختيار ممثليها بكامل الحرية والشفافية. وقد جعلت هذه الدساتير من حقوق الإنسان القاعدة الصلبة لبناء الدولة الديمقراطية، دولة القانون والمؤسّسات.

 وكان العالم الإسلامي المعاصر يعيش منذ أكثر من قرن تجربة الانفتاح على هذه الحضارة الغربية بمؤسّساتها السياسية وعلومها الحديثة. ولكنّ الفشل الذي منيت به الدول الوطنية في معظم العالم الإسلامي، في تحقيق النموذج الغربي لدولة الحقوق والمؤسّسات قد انبثقت عنه ردود فعل قوية. أهمّها حركتان متقابلتان:

 إحداهما؛ ذهبت إلى رفض النموذج الغربي من أساسه، أفكارا ومؤسّسات وأنظمة. ودعت إلى استرجاع الهوية التاريخية التي كانت للشعوب الإسلامية في تاريخ مضى. والحركة الثانية؛ ذهبت إلى تعليل الفشل بازدواجية الجمع بينهما، في حين أنّ كلا منهما ينفي الآخر. وقالت بضرورة إبعاد الدين عن الدولة، وبالاندماج اللامشروط في الحضارة العالمية والقيم الكونية. ويعدّ موضوع حقوق الإنسان المحك الحقيقي لهذا الاندماج.

وبينما ذهب المفكرون الحداثيون في العالم الإسلامي إلى اعتبار هذه الحقوق حقوقا للإنسان من حيث هو إنسان، بغض النظر عن أيّ اعتبار آخر قام خصومهم من أنصار الهوية الإسلامية، وهم بعدد ألوان الطيف إلى الدعوة باسترجاع الإسلام الحقيقي، بقيمه ومبادئه وعقيدته، التي وضعت منظومة لحقوق الإنسان متكاملة، لا للمزايدة على هذه الحقوق، ولكن من أجل إثبات الذات، في وجه تيار العولمة الكاسحة. وبهذا الموقف الذي ما يزال صامدا في المواجهة ما يزال التمايُز بين العالمين الغربي والإسلامي يأخذ طابع خلاف إيديولوجي، ولاسيّما على المستوى الثقافي والروحي.

في ضوء هذا الموقف نفهم لماذا عمَد الفقهاء والحقوقيون المسلمون إلى تأكيد المرجعية الإسلامية للحقوق، بالنسبة للمسلمين قاطبة، الذين قد تخدعهم دعاوى الفكر الغربي في هذا المجال، فحقوق الإنسان في الإسلام هي أيضا حقوق عالمية، بكلّ المقاييس الواردة في هذا الشأن، سواء بالنظر إلى مرجعيتها التي تعلو كلّ مرجعية بشرية، أو بالنظر إلى كونها تنطلق من كون الإسلام هو الدين الذي بُعث به الرسول محمد، عليه السلام، إلى العالمين. قال تعالى: ﴿وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين﴾ (الأنبياء: 106). وقال تعالى: ﴿قل يا أيها الناس إنّي رسول الله إليكم جميعا الذي له ملك السماوات والاَرض﴾ (الأعراف: 157).

لكن برغم هذه العالمية التي يكتسبها خطاب القرآن فإنّ العديد من المفكّرين الحقوقيين يعتبرون الإسلام إنّما يمثل خصوصية ثقافية بالنسبة للحقوق التي يدعو إليها، وللشعوب التي تأخذ بها. وهذا ما يتجلّى في كتابات الأستاذ بسّام الطيّبي، الباحث في جامعة هارفارد بالولايات المتحدة الأمريكية. والذي يعتقد أنّ هناك عقبة ثقافية تعترض عولمة مفهوم حقوق الإنسان، تتجلّى في موقف المسلمين من الغرب ومن حضارته.

وفي هذا الصدد يذكر أنّ المسلم ما يزال يحزُّ في نفسه، حسب زعمه، استعلاء الغرب بدعوى سيادته العالمية وقيمه الكونية التي يجب أن تسود العالم، كجزء من قانون دولي عامّ. ويؤكّد أنّه لا يمكن تجاوز هذا الواقع إلا بتجديد الشريعة الإسلامية، بما يجعلها ملائمة للقانون الدولي في مجال حقوق الإنسان. ويرى في هذا الصدد أنّ الإسلام نظام ثقافي متميّز تَكمُن فيه الروح الجماعية، لا روح الفردانية؛ بمعنى أنّ الإسلام يُعنى بالجماعة، ولا يعير الفرد في حدّ ذاته أيّ اعتبار، إلا بقدر ما ينَدغِم في هذه الجماعة.

أضف إلى ذلك أنّ الحقوق في التصوّر الإسلامي ليست إلا نتائج واجبات مفروضة. ففي الإسلام هناك واجبات تفرض على المؤمنين تُجاه خالقهم و تُجاه أنفسهم، وتُجاه الجماعة، ولكن ليست لهم حقوق فردية، وبناء عليه فإنشاء الحقوق الإنسانية في الإسلام، بوصفها حقوقا فردية يقتضي إحداث مفهوم هذه الحقوق، والتحوّل عن مفهوم الواجبات. وتحقيق ذلك يتطلّب الإصلاحات الدينية، الثقافية الكبرى[7]. ولا يخفى ما تنطوي عليه هذه الملاحظات من مغالطة أو سوء فهم للشريعة الإسلامية.

إنّ مفهوم (الحقوق الفردية) مفهوم ملتبس؛ فنحن من ناحية أولى، لا نتصوّر إمكان تخويل أيّ إنسان حقا من حقوقه إلا بالنظر إليه مندمجا في مجتمعه متفاعلا معه، بحيث يلتزم هذا المجتمع سلطة كان أو أفرادا، باحترام هذا الحق، انطلاقا من مفهوم الحق بمعناه القانوني. حتى إنّ حق الحرية لا يمكن احترامه للفرد إلا داخل حريات غيره. والفرد أيّا كان لا يمكن أن يمارس حقا إلا بفضل الجماعة التي يتفاعل معها. ونحن من ناحية ثانية، لا نتصوّر أن يكون لأيّ فرد وعي بحقه إلا من خلال الاندماج الاجتماعي. وبذلك يأخذ تصوّرنا لمفهوم حقوق الإنسان معنى مزدوجا من الفردية والجماعية. فإمّا أنّنا نرتكز في تحديد هذه الحقوق على أسبقية الفرد، وإمّا أنّنا نرتكز على أسبقية المجتمع. ولذلك قد نقع في الغلوّ والإفراط في تقدير أحدهما على حساب الآخر. والفضيلة هي تحقيق التوازن والوسطية بينهما. وهذا ما أراده الإسلام حينما أنشأ ثقافة قائمة على الوسطية على جميع المستويات، الحقوقية الاجتماعية.

 لقد أوضحت فيما سبق أنّ الإسلام كان سبّاقا إلى إيجاد مفهوم الحق، بصفة عامّة، ومفهوم الحقوق بصفة خاصّة. وأنّ الأمر لا يتطلّب إثباته أكثر من قراءة النصوص القرآنية والحديثية في هذا الموضوع. لكن يبقى علينا إيضاح بيان القيمة المضافة للمرجعية الدينية للحقوق الإنسانية. وهو ما أشار إليه احميدة النيفَر الأستاذ بجامعة الزيتونة، حينما تساءل: ما ضرورة هذا الجهد التنظيري لمسألة حقوق الإنسان، معروضة من زاوية دينية؟ وما هي الإضافة النوعية التي يمكن أن ننتظرها منها؟ أو ليس من الحكمة أن تؤسّس حقوق الإنسان على مرجعية غير دينية، حرصا على الشمولية وتجاوز الاختلافات الدينية[8].

ليخلص إلى أنّ حقوق الإنسان إنّما ظهرت في الفكر الغربي لتكريس شخصية الإنسان الفردية، وتحريره من سلطة الكنيسة ومن سلطة الاستبداد الملوكي الحليف لها. وذلك لجعل الإنسان يمتلك الإيمان بقدرته على تحطيم كلّ القيود التي خضع لها في العهود السابقة. وقد لاحظ أيضا أنّ هذا التوجّه الفردانيّ النزعة قد تضخّم في الفكر الغربي، إلى حدّ اعتباره للعقل الإنساني وحده مرجعا وحكما في نفس الوقت، مبدأ وغاية. وأنّ هذا الغلوّ في الاعتداد بمرجعية العقل وحده كان ينطوي على مخاطر كثيرة. وأنّه لابدّ من تقييده.

ولا يتحقق له ذلك إلا في إطار مرجعية إيمانية أرحب فضاء، وهي الإيمان بالخالق سبحانه، الذي يستمدّ الإنسان منه  أسباب  وجوده، ومبرّر هذا الوجود في نفس الوقت. وهو الإيمان الذي يحقق للفرد والجماعة التوازن المطلوب لتحقيق المعادلة بين حقوق الطرفين. ومن هنا يتفاءل الباحث بالنتائج المنتظرة لما يبذله الفكر الإسلامي المعاصر من جهود في اتجاه التوفيق بين الإسلام وبين معطيات الفكر الغربي، بخصوص حقوق الإنسان وكرامته.

إنّ هذا التوفيق الذي طالما بحث فيه، ونوّه بضرورته المصلحون والمجدّدون للفكر الإسلامي في هذا العصر قد أخذ عدّة توجُّهات، منها ما يعدّ تلفيقا ومنها ما يعدّ توفيقا، ومنها ما أخذ طابع التكييف؛ أي إخضاع أحدهما للآخر في غير قليل من التعسّف والجنوح إلى التأويل. ومنها، وهو النادر، ما اتّجه للوقوف على الأصول المشتركة بين القيم الإسلامية من جهة، وبين الفلسفة الغربية من جهة ثانية. وفي هذا الاتجاه يحلّل المفكّر المغربي محمد عابد الجابري مسألة الخصوصية والعالمية، بالنسبة لحقوق الإنسان. وذلك بالمقارنة بين المرجعية الأوروبية والمرجعية الإسلامية[9].

 لقد واجه إشكالية تجاذب حقوق الإنسان بين الخصوصية والعالمية العديد من المفكرين، وذلك بعد وقوفهم على كون الإسلام يقدّم بالفعل منظورا شاملا لحقوق الإنسان، وأنّه كان رائدا بالفعل في هذا المجال. فالإعلان العالمي لحقوق الإنسان يصف نفسه بكونه يعد شرعة دولية لحقوق الإنسان. ويلزم كلّ الدول المصادقة عليه في العالم بالتعهّد باحترام بنوده، باعتباره المثل الأعلى المشترك للإنسانية[10]؛ ومعنى ذلك أنّ ما جاء بعد هذا الإعلان، من إعلان آخر قدّمته هيئة إقليمية كالدول الإسلامية، يعدّ خصوصيا في هذا الموضوع.

 ومن هؤلاء الأستاذ محمد عابد الجابري الذي يلاحظ أنّ وصف إعلان حقوق الإنسان بالعالمية معناه إضفاء شموليته لكلّ البشر، من غير تمييز بين المرأة والرجل، ولا بين الأجناس والأعراف والألوان واللغات والغنى والفقر. لكن على أي منهجية استند تخويل هذه الحقوق المعلن عنها في العديد من الوثائق. وهنا يبرز الباحث المسائل الآتية[11].

أولا؛ أنّ المقارنة بين حقوق الإنسان في الفكر الوضعي (العالمي) وبين الفكر الإسلامي ليست فقط من أجل معرفة الفروق بينهما، ولكن من أجل التأصيل الثقافي لحقوق الإنسان، كما تنص عليه  المواثيق الدولية من جهة، وكما تنص عليه الشريعة الإسلامية من جهة ثانية، هذا التأصيل الذي يعود إلى الأسس المرجعية لكلّ منهما. ومن ثم فإنّ المقارنة تقتضي استحضار فلسفة هذه الحقوق، وما يؤسّسها نظريا وفلسفيا في الفكر الوضعي، وفي الفكر الإسلامي.

ثانيا؛ أنّ التأصيل الثقافي يجب أن يقوم على إبراز عالمية حقوق الإنسان، في كلّ من الثقافة الغربية والثقافة الإسلامية، بحيث تتجلّى وحدة الهدف، برغم اختلاف الظروف التاريخية التي  نشأت فيها كلّ من الثقافتين؛ أي إدراك المعقولية والمقاصد الكلية، لكلّ منهما في مجال الحقوق الإنسانية.

ثالثا؛ أنّ التأصيل الثقافي بالنسبة للثقافة الإسلامية يجب أن يهدف إلى بعث الوعي بعالمية حقوق الإنسان في الإسلام، والتي لا تختلف عن عالمية هذه الحقوق في الشرعة الدولية. ومن ثمّ تنطوي الخصوصية الإسلامية على العالمية. لأنّ في كلّ (خاص) شيئا ما من (العام)، كما أنّ (العام) ليس كذلك إلا لكونه يضم ما هو عام في كلّ نوع من أنواع (الخاص).

وفي هذا الصدد يلاحظ الجابري أنّ الفكر الأوروبي في القرنين السابع عشر والثامن عشر إذا كان قد أرسى  تأسيس الحقوق على قواعد نظرية كقاعدة التطابق مع الطبيعة، فإنّه لم يكن سبّاقا إلى ذلك؛ فقد عمل الإسلام على إقامة هذه الحقوق على أساس نظري يكاد يتطابق مع الأساس نفسه الذي اعتمده الفكر الأوروبي. فإذا كان فلاسفة أوروبا المحدثون جعلوا العقل مرجعية أولى، وكذا الطبيعة فإنّنا نجد في القرآن ما يشبه ذلك.

فالقرآن يطالب بالنظر في الكون واستخلاص السنن المتحكمة فيه، باعتبار هذه السنن مرجعا للعلم وللسلوك الأقوم. كما نجد القرآن يخاطب العقل. وينبّه، في كثير من الأحيان، إلى حال الطبيعة بالنسبة للإنسان، وهي التي يسمّيها الفطرة. يقول تعالى: ﴿فأقم وجهك للدين حنيفا. فطرت الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله﴾ (الروم: 29). ثم يقرّر أنّ مرجعية الإسلام الأساسية إن لم تكن الوحيدة لإثبات عالميته هي الفطرة للإنسانية، أو قانون الفطرة. وهو القانون الطبيعي الذي فطر الله الناس عليه.

 ثم يمضي الباحث معزّزا رأيه حول عالمية حقوق الإنسان في الإسلام بكثير من الآيات، واستحضار العديد من المبادئ في الحقوق الإسلامية. ومنها نظرية العقد الاجتماعي التي أسَّس عليها فلاسفة أوروبا عالمية حقوق الإنسان. وهي الحق في الحرية وفي المساواة، وما يتفرّع عنهما، فهذه النظرية تعتمد على ركيزتين اثنتين: أولاهما؛ تنازل الناس عن حقوقهم الطبيعية للإرادة العامّة، التي تعلو على جميع الإرادات الخاصّة، والتي لا تحرّكها إلا المصلحة العامّة. والركيزة الثانية؛ استعادة الحقوق في صورة حقوق مدنية، تنظّمها الدولة وتضمنها باسم الإرادة العامّة.

فهذه النظرية في نظر الأستاذ الجابري تُذكّرُنا بآيات الميثاق في القرآن الكريم، وهي قوله تعالى: ﴿وإذ اَخذ ربّك من بني ءادم من ظهورهم ذرّياتهم وأشهدهم على أنفسهم ألسْتُ بربكم قالوا بلى، شهدنا﴾ (الأعراف: 172). وقوله تعالى: ﴿وإذ اَخذنا من النبيئين ميثاقهم ومنك ومن نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ابن مريم، وأخذنا منهم ميثاقا غليظا. ليسأل الصادقين عن صدقهم، وأعدّ للكافرين عذابا اَليما﴾ (الأحزاب: 7-8).

 فالعقد الاجتماعي في النظرية الغربية يقابله الميثاق الإلهي-الإنساني في المنظور الإسلامي، وذلك لإقامة الحياة الإنسانية على قيم الإيمان بالربوبية، ومبادئ الاستقامة وفق منهج الله الذي شهد البشر، وهم في عالم الذرّ على الإقرار به. ثم يقول: لنقف بالمقارنة عند هذا الحدّ، فهدفنا ليس إثبات سبق الإسلام في هذا الميدان أو ذاك، وإنّما المراد لفت النظر إلى أنّ ادّعاء فلاسفة أوروبا (العالمية لحقوق الإنسان)؛ أي حقه في الحرية والمساواة وما تفرّع منها، ليس أمرا خاصا بالحضارة الغربية. وبالتالي فالأبعاد الثقافية الحضارية لحقوق الإنسان هي أبعاد إنسانية. تشترك في التعالي بها فوق الواقع الثقافي جميع الثقافات.

وقد عقد الدكتور عبد الواحد الفار، في كتابه المذكور آنفا، بابا مستقلا تناول فيه الضمانات القانونية لحماية حقوق الإنسان، مستحضرا طائفة من المؤسسات والأنظمة الحديثة لحماية هذه الحقوق، وهي مؤسسات تعمل على المتابعة والرقابة والمساعدة في هذا المجال. أمّا الإسلام فقد ألقى مسؤولية حماية تلك الحقوق على كاهل الدولة الإسلامية بصفة عامّة، وعلى كاهل المسلمين فرادى وجماعات، فاعتبر المسؤولية مزدوجة بين الحاكمين والمحكومين، بحيث لا يجوز لأحد أن يقصّر في الالتزام بتلك الحقوق وواجباتها إلا قام الطرف الآخر بحمله على القيام بواجبه.

وقال في كتابه المذكور: إنّ جزءا كبيرا من تعاليم الإسلام لا يقف عند حدّ تنظيم العلاقة بين الإنسان وخالقه، ولكنها تتعدّى ذلك إلى وضع نظام محدّد للسلوك الاجتماعي الذي يجب على المسلم اتباعه، كأثر من آثار تلك العلاقة وكنتيجة لها. وهذا النظام يقوم على مجموعة من الأوامر والأحكام العملية التي يوجب على الإنسان تطبيقها في المجتمع الإسلامي. وهو ما نجيب به عن الملاحظة الانتقادية لبعض المفكرين الغربيين، الذين قالوا إنّ الإسلام لم يتحدّث عن الحقوق، وإنّما تحدث عن الواجبات، ذلك أنّ الإسلام بدأ أولا في بناء مجتمع قويّ الإيمان بما تمليه الشريعة عليه من واجبات، قبل أن يتحدث عن حقوق الأفراد. لأنّ مصالح الأفراد لم تتحقق إلا في وسط اجتماعي متضامن على توفيرها.

ولذلك كان النظام الاجتماعي الذي عمل الإسلام على بنائه  يستهدف ثلاث غايات: أولاها؛ إصلاح الفرد المسلم نفسيا وخلقيا، وحمله على التحلّي بالفضيلة والوعي بالواجب، فلا تطغى شهوته أو أهواؤه على عقله وعقيدته. وثانيتها؛ إصلاح الأسرة بإحاطتها بكلّ الضمانات التي تجعلها أسرة متماسكة متعاطفة وسعيدة. وثالثتها؛ إصلاح المجتمع عن طريق إقامة العلاقات بين أفراده على أساس التضامن والمساواة والعدل والأمن والإخاء.

فهذه الغايات الثلاث هي قواعد حقوق الإنسان وواجباته في الإسلام. بل هي معايير يمكن توسيع مجالها وتعميق مدلولها، وهي ثابتة لا تتغيّر بتغيّر الظروف والأزمنة والأمكنة، لأنّها شريعة الله المحكمة التي تنسّق الحياة البشرية بأكملها،  وتتناول كلّ مظاهرها المادية والروحية، الفردية والاجتماعية، وهذا هو الفرق بين الشريعة الإسلامية في مجال تنظيم الحقوق وواجبات الفرد والجماعة، وبين القوانين الوضعية التي تنظم هذه الحقوق والواجبات.

فالغاية من القوانين الوضعية هي غاية نفعية محدودة تتمثل في استقرار المجتمع على أيّ نحو. وهي غاية يحرص عليها واضعو القانون كلّ الحرص، حتى ولو اقتضاهم الأمر في بعض الأحيان أن يحيدوا عن قوانين الأخلاق والدين. لذلك نجد معاني الخير والشر أو العدل والظلم في تلك القوانين لا تتمتع بصفة الثبات أو الصحة المطلقة لكلّ الناس في أي مكان، ذلك لأنّها نتيجة تفكير وضعي. والتفكير الوضعي عرضة للتغيُّر والتطور، كما أنّه عرضة للاختلاف.

أمّا التشريع الإسلامي فله خصائصه التي ينفرد بها عن القوانين الوضعية؛ فلقد جاء للناس كافّة في كلّ زمان ومكان. واستند هذا التشريع في أسسه على الوحي الإلهي، في مصدريه العظيمين الثابتين، وهما كتاب الله وسنّة رسوله. ثم إنّ رئيس الدولة في ظلّ هذا الدين مسؤول عن سياسة المجتمع الإسلامي على النحو الذي يتفق مع التشريع الإلهي. وهذا هو السبب الذي من أجله وصف الإسلام بأنّه دين ودولة، وبالتالي لا يمكن لهذا الدين أن يتحقق في الواقع العملي إلا إذا أخذ هذان الجانبان حظهما من التحقق والوجود، وهما الدين والدولة، فلا يصحّ أن يقال عن الإسلام إنّه دين فقط، كما لا يجوز مسايرة الذين يدّعون بأنّ مهمة الإسلام تقتصر على تنظيم العلاقة بين الإنسان وربه فقط…

فالقول بذلك معناه عدم فهم الرسالة الإسلامية على حقيقتها؛ وهي أنّها تكاليف ومسؤوليات فردية وجماعية، حتى أنّ العبادات فيه يمكن نقسيمها إلى عبادات شخصية وعبادات اجتماعية تضامنية. ومن هذا المنطلق يلخّص الباحث استنتاجه على النحو الآتي: إنّ ضمان حماية حقوق الإنسان في الإسلام لابدّ أن تستند إلى ثلاث آليات ضرورية: أوّلها؛ أن تكون الدولة الإسلامية مسؤولة وواعية بمسؤوليتها. ثانيها؛ تطبيق مبدأ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في الصورة التي تقتضيها الحياة الإنسانية اليوم كاستخدام الإعلام وقيام الجمعيات السياسية بواجبها. ثالثها تقنين حقوق الإنسان كما أقرّها الإسلام وتضمّنتها الوثيقة الدستورية للدولة وإصدارها في شكل تشريعات داخلية[12].

الهوامش


[1]. انظر تحليل هذه الحقيقة القرآنية في كتابنا: “منظومة القيم المرجعية في الإسلام”، فصل “الحق باعتباره مبدأ مطلقا”، ط/الإسيسكو، 2004، ص13-37.

[2]. انظر بحثه بعنوان: “ملاحظات حول موضوعة حقوق الإنسان” في كتاب “حقوق الإنسان في الإسلام”، مقالات المؤتمر السادس للفكر الإسلامي، ط/منظمة الإعلام الإسلامي، طهران 1408ﻫ، ص107-122.

[3]. المرجع نفسه، ص118.

[4]. انظر بحث الأستاذ محمد المكي الناصري بعنوان: “نظام الحقوق في الإسلام”.

[5]. انظر مقالة الأستاذ مصطفى التارزي من تونس، في كتاب: “حقوق الإنسان”، أعمال الملتقى الإسلامي المسيحي الثالث، تنظيم الجامعة التونسية. سنة 1985. والمقالة بعنوان: “موقف الإسلام من حقوق الإنسان”.

[6]. انظر كتاب: “حقوق الإنسان”، المجلّد الأول، الوثائق العالمية والإقليمية، ط/دار العلم للملايين، 1988، ص31.

[7]. انظر: “الإسلام وعالمية حقوق الإنسان”، مجموعة أبحاث، جمعها وترجمها عن الإنجليزية: محمود منقذ الهاشمي، ط/حلب: مركز الإنماء الحضاري، 1995، ص76.

[8]. انظر مقالته: “الإسلام وحقوق الإنسان وتفعيل الخصوصيات”، جريدة الحياة اللندنية، بتاريخ 14 مارس 1999، العدد 13215، ص23.

[9]. انظر كتابه: “الديمقراطية وحقوق الإنسان”، ط/بيروت: مركز دراسات الوحدة العربية، 1994، ص139 وما بعدها.

[10]. انظر: “ديباجة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان” الوارد في ملاحق هذا الكتاب.

[11]. انظر كتابه: “الديمقراطية وحقوق الإنسان”، م، س، ص145 وما بعدها.

[12]. انظر: محمد عبد الواح الفار، قانون حقوق الإنسان، ص459-460.

د. محمد الكتاني

المفكر وكاتب الدولة وعضو أكاديمية المملكة المغربية

  • ولد الأستاذ محمد الكتاني بمدينة فاس سنة 1934، وتلقى تعليمه الابتدائي بمدينة الدار البيضاء، ثم عاد بعد حصوله على الشهادة الابتدائية سنة 1946 إلى مدينة فاس، ليتلقى تعليمه الثانوي بجامعة القرويين.
  • حصل على دكتوراه الدولة في الآداب سنة 1980.
  • عضو مشارك ومقيم بأكاديمية المملكة المغربية التي تعتبر من الأكاديميات المرموقة عالميا.
  • مكلف بمهمة بالديوان الملكي، برتبة (كاتب الدولة) منذ سنة 1997، وهو المنصب الذي يشغله حتى الآن.
  • نال عددا من أوسمة الدولة مكافأة له على جهوده الوطنية والمهنية.
  • اشتغل بسلك التعليم الابتدائي والثانوي أستاذا ثم مفتشا؛ حيث أسهم في عدد من المؤلفات التعليمية والتربوية التي كانت مقررة من لدن وزارة التربية الوطنية على مدى العقود الثلاثة 1960-1990 في التعليم الثانوي.
  • انتخب كاتبا عاما للنادي الثقافي الفني بمدينة الدار البيضاء، خلال سنوات 1956/1960.
  • حصل على اللسانس في الأدب العربي سنة 1963، ثم على شهادة تكميلية في الأدب المقارن سنة 1964، ثم على دبلوم الامتحان الخاص لولوج الدراسات العليا سنة 1966، محرزا بعد ذلك على دبلوم الدراسات العليا سنة 1970.
  • شغل منصب عميد كلية الآداب بجامعة عبد الملك السعدي بمدينة تطوان، فقضى في عمادتها نحو الخمسة عشر عاما، لم ينقطع خلالها عن التدريس بأقسام الدراسات العليا فيها وفي كلية آداب فاس، وفي كلية أصول الدين (جامعة القرويين)، كما لم ينقطع عن الكتابة والبحث العلمي. بعد أن سبق له شغل منصب نائب عميد كلية الآداب بجامعة محمد الخامس بالرباط. ورئيسا لقسم الدراسات الإسلامية بها.
  • تولى رئاسة تحرير مجلة كلية الآداب.
  • عضو اتحاد كتاب المغرب.
  • عضو بمجمع اللغة العربية بالسودان.
  • عضو بالمجلس العلمي الإقليمي لمدينة فاس وبمدينة تطوان.
  • وعضو مشارك في عدد من اللجن العلمية المحكمة منها: اللجنة الوطنية للثقافة (المغرب) سنة 1982، ولجنة جائزة الملك فيصل العالمية (الرياض) 1993/1996/1998/2001، ولجنة التحكيم في جائزة البابطين (القاهرة) 1994.
  • شارك في العديد من الندوات والمؤتمرات الوطنية والدولية.
  • صدرت له العديد من المؤلفات منها:

ـ محمد إقبال مفكرا إسلاميا، (إصدار دار الثقافة بالمغرب) سنة 1978.

ـ الصراع بين القيم والجديد في الأدب العربي الحديث. (مجلدان). دار الثقافة 1982.

ـ من المنظور الإسلامي. دار الثقافة 1990.

ـ جدل العقل والنقل في مناهج الفكر الإسلامي القديم. دار الثقافة 1991.

ـ جدل العقل والنقل في مناهج الفكر الإسلامي الحديث. دار الثقافة 2000.

ـ معجم التفاسير القرآنية بالاشتراك مع مؤلفين آخرين. الإيسسكو 1997.

ـ حقوق الإنسان في الإسلام، مقارنة مع القانون الدولي العام. إصدار الرابطة المحمدية للعلماء 2015.

ـ شخصية الحسن الثاني في مناقبها وأبعادها. دار الثقافة 2000.

ـ من تساؤلات عصرنا، دار الثقافة 2001.

ـ منظومة القيم المرجعية في الإسلام، إصدار الإيسيسكو 2004.

ـ مسارات مغربية في الحضارة والثقافة، دار الثقافة 2005.

ـ ثقافة الحوار في الإسلام، إصدار وزارة الأوقاف بالمغرب 2007.

ـ مطارحات منهجية حول الأدب والنقد، دار الثقافة بالمغرب 2009.

ـ رهانات الجامعة المغربية، إصدار كلية الآداب بتطوان 2011.

ـ موسوعة المصطلح في التراث العربي الديني والعلمي والأدبي. في ثلاثة مجلدات، إصدار دار الثقافة بالمغرب 2013.

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق