مركز الإمام الجنيد للدراسات والبحوث الصوفية المتخصصةأخبار

تقرير حول مناقشة أطروحة: “بلاغة الخطاب الشعري في التائيات الصوفية: دراسة الظواهر والقضايا”

   نوقشت برحاب كلية الآداب والعلوم الإنسانية جامعة سيدي محمد بن عبد الله  ظهر المهراز-فاس، أطروحة جامعية لنيل شهادة الدكتوراه بعنوان: “بلاغة الخطاب الشعري في التائيات الصوفية: دراسة الظواهر والقضايا: تائيا ابن الفارض ومحمد الحراق نموذجان“، أعدها الطالب عبد الفتاح الإدريسي البوزيدي، وذلك يوم الثلاثاء 25 أبريل 2017 أمام لجنة علمية مكونة من السادة الأساتذة:

– الدكتور عبد الوهاب الفيلالي مشرفا ومقررا

– الدكتور خالد سقاط رئيسا

– الدكتور محمد الكنوني عضوا

– الدكتور رضوان الخياطي عضوا

– الدكتور الحسن الطاهري عضوا

  وقد استهل الطالب الباحث أطروحته بالانطلاق من فرضية صاغها على الشكل الأتي: “في التائيات الصوفية درجة عالية من كيمياء الشعر، عالية الكثافة، جعلت هذه القصائد على مراحل تشكلاتها البنيوية والتداولية تولد خطابا متفرد رؤية وتجربة، ولغة، وإيقاعا”.

  ولتمحيص هذه الفرضية، عمل الطالب الباحث على استحضار ظاهرتين هما: ظاهرة الاستنبات بحثا عن الجذور والأصول، وظاهرة التفاعل النصي لرصد التطورات والامتدادات في إطار إضاءة بعدين يمثلان طرفين يتجاذبان البؤرة المولدة لإبداعية هذه القصائد هما:

– بعد الإبلاغ النفعي

– بعد الإبداع الفني

   ولمقاربة إشكالية هذا البحث توسل الطالب بمنظومة منهجية تتأسس على عدة مفاهيمية متجانسة، تمتح من مناهج متعددة منها: التحليل البنيوي، ونظرية جمالية التلقي، والمنهج الفني، والمنهج التاريخي، والمنهج الموضوعاتي، والتحليل النفسي، والدراسة الأسلوبية… هذه المناهج مجتمعة مكنت الطالب من معالجة قضايا وظواهر الخطاب الشعري الصوفي بعقلية نقدية حوارية.

 وقد اقتضت الضرورة المنهجية تقسيم هذا العمل إلى ثلاثة أبواب رئيسية، في كل باب ثلاثة فصول، تتقاطع من النظري إلى التطبيقي، لتشيد رؤية علمية واضحة المعالم، وقد رصعت هذه الأبواب والفصول بمقدمة رصد من خلالها الباحث الأبعاد الفكرية والمنهجية للبحث، ومدخلا يعطي رؤية مكثفة عن موضوع البحث. أما الخاتمة فقد ضمت النتائج العامة المستخلصة من البحث، مع الإشارة إلى الآفاق المفترضة، أمام المهتمين بمجال التصوف وآدابه لمواصلة دراسته ونقده، وقد جاءت هذه النتائج كالأتي: 

1- نتائج موضوعية:

– الشعر الصوفي شعر ورعٍ واستقامة، يُجمع على صلاح العمل وصلاح الاعتقاد، يؤسس لعالم الفضيلة؛

– بلاغة المتصوفة، بلاغة صمت، ولحظات دهشة، تنبثق عن تجربة ومعاناة وجودية عميقة ومعقدة؛

– تتقاطع الكتابة الصوفية مع النصين القرآني والحديثي، والنصوص التراثية الموازية لهما وتمتح منهما، حيث يكون الصوفي في قلب إشكالية اللغة والمعرفة؛

– يصعب الإقرار والجزم بأن الإقدام الكبير على معارضة تائية ابن الفارض هو الإعجاب بأفكارها وأسلوبها، لأن التحليل النفسي يبقى هو المدخل لتفسير هذه الظاهرة؛

– قارئ التائيات الصوفية يشغف ويتلذذ بعلم جديد بالأشياء، ويتحصل لديه علم بذاته، مغاير لما كان يعرفه عنها، ويتعلم قواعد جديدة في التفكير، وتنفتح أمام عقله آفاق جديدة؛

– قراءة الشعر الصوفي، يتطلب من القارئ التسلح بثقافة صوفية، ومعرفة بقواعد التصوف ومصطلحاته؛

2- نتائج فنية وجمالية:

– جمالية الشعر الصوفي وفنيته نابعة من العلاقات الأفقية التي أقامها مع الفن التشكيلي، والموسيقى والنحت…

– البلاغة الخطية لحرف التاء سمت بالتائيات الصوفية نحو شكل جديد تلاحم فيه جمال الخط وأناقته وتشكيلاته، بجمال الشعر وعذوبته…

-فنية وجمالية التائيات الصوفية تتولد من الحرف أولا، ثم الكلمة ثانيا، حيث يشحن الشاعر كلماته بكيمياء الشعر ليعيد لها بريقها وحيويتها التعبيرية التي فقدتها، معتمدا على خصائص حروفها، ووزنها، وأصل دلالتها؛

– التشبيه في الخيال الصوفي يقوم على تداخل الظاهر والباطن، فليس التشبيه للبيان قصد التصوير، وإنما للكشف، ونقل التجربة الروحية بواسطة الاستعانة بمواد وعناصر الوصف الحسي. أما الاستعارة فملفوفة بالعجب شكلت آلية من آليات المعنى العرفاني؛

– البحث في التشكيل الموسيقي للقصيدة الصوفية مغامرة غير مأمونة العواقب، تفرض علينا البحث في ميكانيزمات جديدة للتحليل؛

– شكل البحر الطويل ظاهرة إيقاعية في التائيات الصوفية، فجلها نظمت في قالبه؛

– الإيقاع الموسيقي، هو المدخل الطبيعي لدراسة الشعر الصوفي عامة، والمغربي منه على وجه الخصوص، لأن التشكيل الموسيقي للشعر الصوفي المغربي ولج الأوزان الشعر العربي من مداخل مغربية حضارية صرفة أبرزها القراءات القرآنية المغربية، حلقات الذكر والسماع، شعر الملحون والموشحات الأندلسية، العامية المغربية…

   هذه باختصار لمحة خاطفة عن مسار هذه الأطروحة، من إعلان الفرضية إلى استجماع النتائج، والتي مكنت الطالب الباحث من نيل شهادة الدكتوراه بميزة مشرف جدا مع التوصية بالطبع.

د.مصطفى بوزغيبة

باحث بمركز الإمام الجنيد التابع للرابطة المحمدية للعلماء

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق