مركز الدراسات القرآنيةقراءة في كتاب

تفسير الفاتحة الكبير المسمى بـ «البحر المديد»

نضع بين يدي القارئ الكريم، تفسيرا جليلا، جمع علوما وأسرارا، قلّ من العلماء من أبرزها وأظهرها، لسورة هي أم القرآن، فاتحة الكتاب، والسبع المثاني، التي نزل بها القرآن العظيم على قلب سيد المرسلين صلى الله عليه وآله وسلم.

تفسير الفاتحة الكبير المسمى بـ«البحر المديد»، للإمام العالم العامل العارف المحقق المتقن، أبي العباس سيدي أحمد بن عجيبة الحسني التطواني، صاحب المؤلَّفات المعتبرة في علوم الشريعة والحقيقة، المتوفى سنة (1224ﻫ)، رحمه الله تعالى، وبتحقيق: الأستاذ بسام محمد بارود، ولناشره: دار الحاوي للطباعة والتوزيع والنشر، في طبعته الأولى، (1420ﻫ/1999م).

ويقع في مجلد يتكون من (647 صفحة)، وقد اشتمل على مقدمة، وترجمة للمؤلِّف، حرّرهما المحقّق، كما تضمّن نماذج مصورة من نسخ التفسير المخطوطة، ثم متن تفسير الفاتحة الكبير محقّقا، كما ضمّ الكتاب في آخره مصادر التحقيق، ثم فهرسا لموضوعات هذا التفسير.

قال مؤلِّفه سيدي أحمد بن عجيبة الحسني رحمه الله، في مفتتح هذا التفسير: «وقد طلب مني شيخي العارف المحقّق البوزيدي الحسني، عن إذن شيخه العارف الرباني مولاي العربي الدرقاوي الحسني، أن أضع تفسيرا على فاتحة الكتاب، يكون جامعا بين تفسير أهل الظاهر، وتفسير أهل الإشارة، ومن أهل الباطن، يكون مستوعبا للكلام على حسب المقام، ثم إذا فسح الله في العمر، وأسعفني القضاء والقدر، كمّلت باقيه بالتفسير، بإعانة القوي المتين العالم القدير، فأجبت طلبتهما، وأسعفت رغبتهما، رجاء أن يحصُل به الإمتاع، ويعمّ به الانتفاع، وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت، وإليه أنيب، وسميته: البحر المديد في تفسير القرآن المجيد»[ص:32ـ33].

ثم ذكر رحمه الله عشر مقدمات نفيسة، تتعلق بأصول العلوم وتفاريعها، وعلوم القرآن وأصل منابعها.

المقدمة الأولى: في تقسيم العلوم، وذكر أصولها وفروعها وبعض مبادئها، على وجه الاختصار. المقدمة الثانية: في كيفية ابتداء نزول القرآن، وأول ما نزل منه، وذكر المكي والمدني، والمختلف فيه. المقدمة الثالثة: في سبب جمعه، واختلاف رواياته، وحصرها في عشرة أو سبعة، وآداب القرآن والقارئ. المقدمة الرابعة: في علومه الظاهرة والباطنة. المقدمة الخامسة: في شروط المفسِّر وآدابه، وذكر العلوم التي يحتاج إليها. المقدمة السادسة: في معرفة تأويله وتفسيره، وبيان شرفه والحاجة إليه. المقدمة السابعة: في طبقات المفسرين، وأول من تكلم في التفسير. المقدمة الثامنة: في ترتيب آياته وسوره، وفي تحزيبه وتعشيره، ونقطه وتشكيله. المقدمة التاسعة: في تفسير لفظ القرآن، والكتاب، والفرقان، والذكر، والسورة ، والآية. المقدمة العاشرة: في فضل القرآن وفضل قراءته، وتفاضل بعضه على بعض، وذكر بعض خواصّه.

قال رحمه الله: «فهذه عشر مقدمات، يُستعان بها في علوم القرآن خصوصا، وفي غيرها عموما»[ص:34].

ثم شرَع في تفسيره، فابتدأ بالاستعاذة، ثم في سورة الفاتحة وأسمائها، ثم فسّر البسملة، مع ذكر ما يرتبط بها، ثم فسّر ﴿الْحَمْدُ للهِ﴾، وما يرتبط بها، ثم فسّر قوله تعالى: ﴿رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾، وقوله: ﴿الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ﴾، ثم في معنى التعلّق والتخلّق والتحقّق لكل اسم من أسماء الله الحسنى، وذكرها بتمامها كل منها على حدة مع ما يرتبط بها، ثم فسّر قوله تعالى: ﴿ مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ﴾ وما يرتبط بها، ثم فسّر قوله تعالى: ﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ﴾، وما يتفرع عنها، ثم فسّر قوله تعالى: ﴿اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ﴾، وما يرتبط بها، ثم فسّر قوله تعالى: ﴿صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ﴾، وما يرتبط بها، ثم فسّر قوله تعالى: ﴿غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ﴾، وما يرتبط بها، والتفصيل في ذلك، ثم في ذكر آمين، ثم خاتمة في فضل الفاتحة وحُكمها في الصلاة، وذِكر ما تضمّنته من العلوم.

قال رحمة الله عليه في ختام تفسيره: «هذا آخر شرح الفاتحة بحول الله وقوته، وهي قابلة لأكثر من هذا أضعافا مضاعفة، لكن معرفة الأصول تغني عن كثرة النقول، ومن منَّ الله عليه بعلم الأذواق استغنى عن علم الأوراق»[ص:630].

ثم قال: «وإنما وقع منا هذا التطويل في شرح الفاتحة؛ مساعفة لأشياخنا رضي الله عنهم؛ لأن امتثال أمرهم واجب في طريق الخصوص، وإلا فالاختصار مع التحرير أفضل وأنفع»[ص:630].

إعداد: ذ. شوقي محسن/ مركز الدراسات القرآنية

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق