مركز عقبة بن نافع للدراسات والأبحاث حول الصحابة والتابعينأعلام

تراجم التابعين الذين دخلوا الأندلس (5)

 

                                                حَنَشٌ الصَّنْعَانِيُّ

 

 

■ بقلم : د. رشيد العفاقي

1 – اسمه ونسبه

حنش الصنعاني، وضبط اسمه كما قرّره الصّفدي هو على الشّكل الآتي: «يقولون: حَنْشٌ، فيسكنون. والصواب: حَنَشٌ، وبه سمي حَنَش الصنعانيّ»[1]. وقد تكلم ابن حِبّان عن المترجَم، فقال: «حنش بن عبد الله السبائي الصنعاني، من صنعاء الشام»[2]. وأكّد ابن عساكر «أن صنعاء المنسوب إليها قرية من قرى الشام، وليست صنعاء اليمن»[3]. ورفع أصحاب كتب الأنساب اسمه إلى جده الأعلى، منهم السمعاني الذي قال: «أبو رِشْدِين حنش بن عبد الله بن عمرو بن حنظلة بن فهد بن قنان بن ثعلبة بن عبد الله بن ثامر السبئي: هو حنش الصنعاني، يروي عن فضالة بن عبيد، وعبد الله بن عباس رضي الله عنهما. وقال أبو سعيد بن يونس: كان حنش السبئي، أبو رِشْدِين»[4].

وهو معدود من التابعين الداخلين الأندلس، ولذلك ترجم له ابن وَضَّاح وابن بَشْكُوال، ونقل عنهما ذلك المقّري، فقال: «قال ابن وضاح: حنش لقب له، واسمه حسين بن عبد الله، وكنيته أبو علي، ويقال: أبو رشدين، قال ابن بشكوال: وهو من صنعاء الشام»[5].

ومن الأندلسيين الذين تطرقوا إلى تحقيق اسم حنش الصنعاني: أبو عبد الله الحميدي في كتابه «جذوة المقتبس في ذكر ولاة الأندلس»، فقد عقد له ترجمة وسماه: «حنش بن عبد الله بن عمرو بن حنظلة بن فهد، وقيل: نهد، بن قنان، وقيل: قيان، بن ثعلبة بن عبد الله بن ثامر السبائى وهو الصنعاني، يكنى أبا رشدين». ثم أتى بالخلاف الذي وقع في اسمه، فقال: إنّ البخاري «جعل حنش بن عبد الله، حنش بن علي، وجعلهما رجلًا واحدًا، وجعل الخلف في اسم أبيه. وقيل: إن الذي يروى عن فضالة بن عُبَيْد هو حنش بن علي الصنعاني من صنعاء الشام، قرية بدمشق، يقال لها: صنعاء، وأبو الأشعث الصنعاني منها أيضاً. قاله على بن المديني؛ ولهذا ظنّ قوم أن حنش بن عبد الله من صنعاء الشام، لا من صنعاء اليمن، وأن الاختلاف في اسم أبيه، وأنهما واحد، وقد وجدنا حنشين آخرين [يرويان] عن علي رضي الله عنه؛ أحدهما حنش بن المعتمر صاحب علي، وحنش بن ربيعة الذي صلى خلف علي صلاة الكسوف. ذكرهما علي بن المديني. وقال البخاري: حنش بن المعتمر الصنعاني، وقال بعضهم: حنش بن ربيعة؛ سمع علياً. روى عنه سِمَاك، والحكم بن عتيبة الكوفى. يتكلمون في حديثه. هذا منتهى كلام البخاري؛ فقد جعل الاثنين اللذين ذكرهما علي بن المديني واحداً، وجعل الخلف في اسم أبيه، والله أعلم. والأظهر في حنش الذي ابتدأنا بذكره، وذكرنا الاختلاف فيه، أنه ابن عبد الله؛ وقد ذكروه كذلك في تواريخ مصر، وحققوا نسبه في رواياتهم، وذكروا مشاهده وتصرفه وانتقاله؛ وهم أعلم بمن سلك بلادهم، وتصرف في جهاتهم، وسكن في أعمالهم، وكان من عمالهم»[6].

والخلاف في اسمه قد حَسَم فيه أبو القاسم السُّهَيْلِيّ الأندلسي، فقال: «هُوَ حَنَشُ بْنُ عَبْدِ اللّهِ السّبَائِيّ، جَاءَ إلَى الْأَنْدَلُسِ مَعَ مُوسَى بْنِ نَصِيرٍ، وَهُوَ الّذِي ابْتَنَى جَامِعَ سَرَقُسْطَةَ وَأَسّسَ جَامِعَ قُرْطُبَةَ أَيْضًا فِيمَا ذَكَرُوا، وَتَوَهّمَ الْبُخَارِيّ أَنّهُ حَنَشُ بْنُ عَلِيّ، وَأَنّ الِاخْتِلَافَ فِي اسْمِ أَبِيهِ وَقَدْ فَرّقَ بَيْنَهُمَا عَلِيّ بْن الْمَدِينِيّ، فَقَالَ: حَنَشُ بْنُ عَلِيّ السّبَائِيّ مِنْ صَنْعَاءِ الشّامِ، وَمِنْهَا أَبُو الْأَشْعَثِ الصّنْعَانِيّ، وَحَنَشُ بْنُ عَبْدِ اللّهِ السّبَائِيّ مِنْ صَنْعَاءِ الْيَمَنِ، وَكِلَاهُمَا يَرْوِي عَنْ عَلِيّ، فَمِنْ هَهُنَا دَخَلَ الْوَهَمُ عَلَى الْبُخَارِيّ. هَكَذَا ذَكَرَ أَبُو بَكْرٍ الْخَطِيبُ. وَيَرْوي عَنْ عَلِيّ أَيْضًا حَنَشُ بْنُ رَبِيعَةَ، وَحَنَشُ بْنُ الْمُعْتَمِرِ، وَهُمَا غَيْرُ هَذَيْنِ»[7] .

 2 – مع الصحابة في الغزوات

ذكر السمعاني وابن عساكر أنّ حنشا الصنعاني «[كان] مع علي بن أبي طالب رضي الله عنه بالكوفة، وقدم مصر بعد قتل علي رضي الله عنه»[8]. ونجد في غير هذا المصدر تأكيد على انتمائه لفريق علي بن أبي طالب أيام حربه مع الخوارج، فقد روي عنه قوله: «جئتُ إلى أبي سعيد الخدري وقد عمي، فقلت: أخبرني عن هذه الخوارج؟» فقال: «تأتوني فأخبركم ثم ترفعون ذلك إلى معاوية فيبعث إلينا بالكلام الشديد»، فقال له: «حنش؟» [فقال:] «تعال مرحبًا بك يا حنش المصري، سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: «يخرج ناس يقرؤون القرآن لا يجاوز تراقيهم، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية، تنظر في نَصْلِه فلا ترى شيئاً، وتنظر في قُذَذِهِ[9]، فلا ترى شيئاً سبق الفرث والدم، يصلى بقتالهم أَوْلَى الطائفتين بالله». قال حنش: «فإن علي بن أبي طالب عليه السلام صلي بقتالهم؟» قال: «وما يمنع علياً أن يكون أولى الطائفتين بالله عزّ وجل»»[10].

ويبدو أن حَنَشًا الصَّنْعَانِيّ شارك في عدد من الغزوات مع الصحابة، فمما يؤثر عنه قوله:

«كُنَّا مع فَضَالَةَ[11] في غَزوة، فَطَارَتْ لي ولأصحابي قلادَةٌ، فيها ذهبٌ وورِق وجَوْهر، فأردتُ أنْ أشتريَها، فسألتُ فَضالة بنَ عُبيد ، فقال: انْزِعْ ذهبها فاجْعَلْه في كِفَّة واجْعَل ذهبك في كِفَّةٍ ، ثم لا تأخُذنَّ إلا مِثلاً بمثل، فإنِّي سمعتُ رسول الله – صلّى الله عليه وسلّم – يقول: « مَنْ كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يأخُذَنَ إلا مثلًا بمثل»».[12]

وثمة في بعض كتب التاريخ خبر يُستفاد منه أنّ حنشا الصنعاني انتصر لعبد الملك بن مروان أيام حربه ضد ابن الزبير، ولكنه سرعان ما تحوّل إلى صف هذا الأخير، يذكر ابن عذاري أن معاوية بن حُدَيْج وُجِّهَ من قِبَلِ معاوية على رأس «العرب في جيش كثيف، وذلك سنة 45هـ، فسار ابن حُديج حتى وصل أفريقية، وقد صارت ناراً، وكان معه جماعة وقد تقدم أكثرهم، وبعث ملك الروم البطريق في ثلاثين ألفًا، فبعث ابن حديج إليه عبد الله ابن الزبير، فقاتله، فأقلع منهزمًا في البحر، وحاصر ابن حديج جلولاء، فكان يقاتلهم وسط النهار وينصرف إلى عسكره، فَلَمّا انصرف ذات يوم نسي عبد الملك ابن مروان قوسًا له معلقًا بشجرة، فانصرف إليها، فإذا بجانب من سور المدينة قد انهدم فصاح في أثر الناس فرجعوا، فكان بينهم قتال شديد حتى دُخلت المدينة عُنْوَة واحتوى المسلمون على جميع ما فيها. وكان بين معاوية ابن حديج وعبد الملك بن مروان تنازع في ذلك لأن عبد الملك أراد محاباة إخوانه وأصحابه لأنه كان سبب فتح المدينة، فقال حنش الصنعاني يوما لعبد الملك: «ما شأنك؟ فوالله لتلين الخلافة ويصير ذلك الأمر إليك فلا تغتم». فلما أفضت الخلافة إلى عبد الملك بعث الحجاج بن يوسف لقتال عبد اللّه بن الزبير فأُخذ حنش الصنعاني أسيرًا وبُعث إلى عبد الملك ابن مروان، فلما وقف بين يديه [قال له]: «ألست أنت الذي بشّرتني بالخلافة يوم جلولاء؟» قال: «نعم» قال: فَلِمَ مِلْتَ عني إلى ابن الزبير؟ فقال: «رأيته يريد اللّه ورأيتك تريد الدنيا فلذلك ملت إليه» فقال: «قد عفوت عنك»»[13].

ويبدو أنّ لقاء ابن مروان بالصنعاني جرى بالمغرب كما يؤكد ذلك المقري، وسنأتي بما قاله بعد قليل[14].

وقد أشار المقري فقال – نقلا عن كتاب ابن بشكوال المفقود الآن- إلى أنّ حنشا الصنعاني «كان مع علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه، … وكان فيمن ثار مع ابن الزبير على عبد الملك بن مروان»[15].

وقال أبو عبد الله الحُمَيْدِيّ إن حنشا الصنعاني «من التابعين، كان مع علي بن أبي طالب رضي الله عنه بالكوفة. … وروى عن علي بن أبي طالب»[16].

ويُستفاد مما تقدّم أنّ حنشا الصنعاني، تابعي جليل، شامي من صنعاء الشام، لقي كبار صحابة رسول الله صلّى الله عليه وسلم وروى عنهم، وأنه كان مع علي بن أبي طالب في الكوفة، وأنه كان في معركة جالولاء في صفّ عبد الملك بن مروان قبل أن ينقلب إلى ابن الزبير، وأنه بعد مقتل علي بن أبي طالب نزل بلاد مصر.

3 – من مروياته

تكلّم ابن حِبّان عن حنش بن عبد الله السبائي الصنعاني، فقال: «يَرْوِي عن: فضالة بن عُبَيْد وابن عبّاس ورُوَيْفِع بن ثابت»[17]. وزاد السمعاني أنه «يروي عن فضالة بن عبيد، وعبد الله بن عباس رضي الله عنهما»[18]. ولا شك أن حنشا الصنعاني لقي عددا من صحابة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وروى عنهم، منهم أبو سعيد الخُدْرِيّ، الذي يروي عنه الصنعاني حديث: «يخرج ناس يقرؤون القرآن لا يجاوز تراقيهم، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية، تنظر في نَصْلِه فلا ترى شيئاً، وتنظر في قُذَذِهِ، فلا ترى شيئاً سبق الفرث والدم، يصلى بقتالهم أَوْلَى الطائفتين بالله»[19]، وقد تقدّم ايراد سنده.

وذكر ابن عساكر في تاريخه أن حنشا الصنعاني: «حَدّث حنش عن عبد الله بن عباس أنّه قال له: «إن استطعت أن تلقى الله تعالى وسيفك حليته حديد فافعل»»[20].

ومما يروي الصنعاني عن رُويفع بن ثابت الأنصاري ما أورده غير واحد من المؤرخين بسند إلى حنش الصنعاني الذي يقول: «غزوتُ المغرب وعلينا رُوَيْفِع بن ثابت الأنصاري، فافتتحنا قرية يقال لها جربة[21]، فقام فينا رُوَيْفِع بن ثابت الأنصاري خطيبًا، فقال: إني لا أقول فيكم إلا ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم، قام فينا يوم خيبر حين افتتحناها، [فقال]: «من كان يؤمن بالله واليوم والآخرة فلا يأتين شيئًا من السبي حتى يستبريها»[22].

وثمة في كتب التاريخ رواية ثانية لهذا الحديث فيما يلي نصّها:

«حدث أبو مرزوق مولى تُجِيب، عن حنش الصنعاني قال: غزونا مع رويفع الأنصاري، فافتتحنا قرية، يُقال لها: جربة، فقام خطيبًا فقال: إني لا أقول إلا ما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول يوم خيبر، قام فينا رسول الله صلّى الله عليه وسلم فقال: «لا يحل لامرئ يؤمن بالله واليوم الآخر أن يسقي ماؤه زرع غيره، يعني: إتيان الحبالى من الفيء، ولا يحل لامرئ يؤمن بالله واليوم الآخر أن يصيب امرأة من السبي ثيباً حتى يستبرئها، ولا يحل لامرئ يؤمن بالله واليوم الآخر يبيع مغنماً حتى يقسم، ولا يحل لامرئ يؤمن بالله واليوم الآخر يركب دابة من فيء المسلمين حتى إذا أعجفها ردها فيه، ولا يحل لامرئ يؤمن بالله واليوم الآخر أن يلبس ثوباً من فيء المسلمين، حتى إذا أخلقه رده فيه»[23].

وهذا الحديث وارد كذلك – مع بعض اختلاف في اللفظ- عند الطبراني، وهذا نصّه قال:

«حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عِيسَى بْنِ الْمُنْذِرِ الْحِمْصِيُّ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ الْوَهْبِيُّ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ أَبِي مَرْزُوقٍ مَوْلَى تُجِيبَ، حَدَّثَنِي حَنَشٌ الصَّنْعَانِيُّ قَالَ: غَزَوْنَا الْمَغْرِبَ، وَعَلَيْنَا رُوَيْفِعُ بْنُ ثَابِتٍ الْأَنْصَارِيُّ، فَافْتَتَحْنَا قَرْيَةً يُقَالُ لَهَا جَرْبَةُ، فَقَامَ فِينَا رُوَيْفِعٌ خَطِيبًا، فَقَالَ: إِنِّي لَا أَقُومُ فِيكُمْ إِلَّا مَا سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ قَامَ فِينَا يَوْمَ حُنَيْنٍ حِينَ افْتَتَحْنَاهَا فَقَالَ: «مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلَا يُسْقِ مَاءَهُ زَرْعَ غَيْرِهِ، وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلَا يَأْتِ ثَيِّبًا مِنَ السَّبْيِ حَتَّى يَسْتَبْرِئَهَا، وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلَا يَبِيعَنَّ مَغْنَمًا حَتَّى يُقْسَمَ، وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلَا يَرْكَبَنَّ دَابَّةً مِنْ فَيْءِ الْمُسْلِمِينَ حَتَّى إِذَا أَعْجَفَهَا رَدَّهَا فِيهِ، وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلَا يَلْبَسُ ثَوْبًا مِنْ فَيْءِ الْمُسْلِمِينَ حَتَّى إِذَا أَخْلَقَهُ رَدَّهُ فِيهِ»[24].

ذكر ابن عساكر حنشا الصنعاني في تاريخه، وطوّل ترجمته، ثم قال: «روى عنه المصريون، وحدث حنش عن عبد الله بن عباس أنه قال له: «إن استطعت أن تلقى الله تعالى وسيفك حليته حديد فافعل»»[25]. وقال أبو عبد الله الحميدي في كتابه «جذوة المقتبس في ذكر وُلاة الأندلس» إنّ «حنش بن عبد الله الصنعاني، يروى عن علي بن أبي طالب، وعبد الله بن عباس، وأبي الدرداء، وفضالة بن عبيد، ورويفع بن ثابت. وقال البخاري في حنش بن عبد الله السببائي: سمع فضالة، ورويفع بن ثابت، وقال زيد بن حباب: حنش بن علي عن ابن عباس»[26].

ومن الأندلسيين الذين يروون بسندهم بعض أخبار حنش الصنعاني ابن الفرضي، قال في ترجمته:

«أخْبَرَنا محمد قال: نَا عَبْد الرَّحمن بن أحمد قال: نَا آبن قدير قال: نَا أحمد بن عَمْروٍ قال: أنا آبن وهْب قال: أنا آبن وهْب قال: حدّثني عَبْد الرَّحمن بن شريح، عن قيس بن الحجَّاج، عن حنش أنه كان إذا فرغ من عشائه وحوائجه وأراد الصلاة من الليل: أوقد المصابيح، وقرب إناء فيه ماءٌ؛ فكان إذا وجد النعاس آستنشق الماء؛ وإذا تَعَايا في آية نظر في المصحف.

– أخْبَرَنا العَائِذيّ قال: نَا آبن الورْد قال: نَا يَحيى بن أَيُّوب قَال: نَا سعيد بن الحكم بن أبي مَرْيَم، عن نَافِع بن يَزيدٍ قَال: حَدَّثني قيس بن الحجَّاج أنه سَمِع حَنَشاً يَقُول في هذه الآية: ﴿آلذِين يُنفِقُون أموالَهُم باللّيل والنَّهار﴾ الآية. قال: في عَلَف الخَيْل.

– أخْبَرنَا محمد بن أحْمَد بن مَسْعُود قالَ: نَا مُحَمَّد بنِ فُطَيْسٍ قال: نَا عَبْد المَجِيد آبن إبراهيم، قال: نَا عَبْدالله بن يَزِيدَ المُقري قال: قال أبُو يَزيدَ خُنَيْس بن عُمْران اليَافِعِيّ: عن روْح بن الحارثِ يعني آبن حَنَش السَّبئ، عن أبيه، عن جَدِّه أنه قال لِبَنيه:

«يَا بُنَيّ إذا دَهَمَكُم أوْ كرَبَكُم أمرٌ فلاَ يَبِيتَنَّ أحدكم إلاَّ وهو طَاهر في لحاف طاهر: – وأظنه قال: على فِراش طَاهر-، ولاَ تَبيتَنَّ مَعَهُ إمْرأة؛ ثُمَّ لِيقْرأ: ﴿والشَّمْسِ وضُحَاها﴾ سَبْعاً؛ ﴿واليْلِ إذا يَغشَى﴾ سبعاً. ثُمَّ ليقُلْ: آللَّهُم آجْعَلْ لِي من أمْري هذَا فَرجاً. ومَخْرَجاً فَإنه يَأتيه آتٍ في أول لَيْلة أوْ فى الثَّالثِةَ، أو في الخامِسة – وأظنّه قال: أوْ في السَّابعة – فيَقُولُ: المخرجُ منه كذا وكذا».

قال أبو يزيد: «فَأصابَني وجَع شَدِيد، فَلمْ أدْرِ: كَيَفَ آتي له فابْتتُّ عَلَى هذه الحَالِ لَيلةً، فأتاني آتيان فِي أولِ لَيْلَةٍ، فَقَال أحَدُهما لِصاحِبه: جُسَّه. فَجَعل يَلْمِسُ جَسَدي؛ فَلمَّا بَلَغَ مَوْضِعاً من رَأسِي، قال: آحْتَجِم ها هُنا – ولا تَحْلِقْهُ – ولكنْ بِغراءِ. ثُمَّ قال أحدهما أو كِلاهما: فَكَيْفَ لو ضَمَمْتَ إليهما: والتِّينِ والزَّيْتُونِ؟».

«فلمَّا أصبحتُ: سألتُ، فقلت: أيُّ شيءٍ بِغرَاء؟ فقال خُطىً أو شيءٌ يُستَمْسَكُ به المِحْجَمةُ. قال: فاحتجمت: فبرِئتُ؛ فأنَا اليومَ ليْسَ أُحَدِّثُ بهذا أحداً، فعالجَ به، إلاَّ: وجد فيه الشِّفاءَ بإذن الله».

– أخبرنا مُحَمَّد بن أحمَد قال: نَا أبُو سَعِيد عَبْد الرَّحمن بن يُونس في تاريخه، نَا مُوسَى آبن هارُون بن كامل قال: أنا عليّ بن شَيبة قال: نَا المقْرئ. يعني : عَبْد الله بن يَزيد قال: نَا أبو يَزِيد أُنيس بن عمران اليَافعيّ، عَن روح بن الحَارِث بن حَنش السبئي، عن أبيه عن جدّه فَذَكَر نحوه»[27].

 4 – الرواة عن حنش الصنعاني

قال ابن عساكر في تاريخه: «لم يرو عن حنش الشاميون، وإنما روى عنه المصريون»[28]. وقال السّمعاني وغيره في ترجمة حنش الصنعاني: (حدّث عنه الحارث بن سُوَيْد، وسلامان بن عامر، وعامر بن يحيى، وسيَّار بن عبد الرحمن، وأبو مرزوق مولى تُجيب، وقيس بن الحجّاج، وربيعة بن سليم، وغيرهم»[29]. كما روى عنه ابن هبيرة[30]، وأَبو مَرْزُوقٍ مَوْلَى تُجِيب[31]، وخالد بن أبي عمران التُّجيبي قاضي إفريقية[32]. وعدّد أبو عبد الله الحميدي الأندلسي الرواة عن حنش الصنعاني، فقال: «حدّث عن حنش بن عبد الله، ابنه الحارث، والحارث بن يزيد، وسلامان ابن عامر، وعامر بن يحيى، وسيار بن عبد الرحمن، وأبو مرزوق حبيب بن الشهيد الفقيه مولى عقبة بن فجرة التجيبي مصري من ساكني أطرابلس المغرب، وقيس ابن الحجاج، وخالد بن أبي عمران، وربيعة بن سليم المصري مولى عبد الرحمن بن حسان ابن عتاهية التجيبي، وعبد العزيز بن أبي الصعبة»[33].

 5 – حنش الصنعاني في مصر

قال ابن الفرضي في ترجمته: «حَنَش بن عَبْدالله الصَّنعاني: صَنعاءَ الشَّام عداده في المصرييّن تابعيّ كبير، ثقة)[34]. وقد أكد نزوله مصر غير واحد من المؤرخين، فقالوا: «قدم مصر بعد قتل علي رضي الله عنه)[35]. ومن الأندلسيين الذين أشاروا إلى نزول حنش الصنعاني رضي الله عنه، بلاد مصر، أبو عبد الله الحُميدي في كتابه «جذوة المقتبس في ذكر وُلاة الأندلس»، قال في ترجمته إنه «من التابعين، كان مع علي بن أبي طالب رضي الله عنه بالكوفة، وقدم مصر بعد قتله رحمه الله عليه». وختم ترجمته بالقول: «ذكره غير واحد: منهم أبو سعيد بن يونس وقال: إنّ له بمصر عقباً من ولد سلمة بن سعيد بن منصور بن حنش»[36].

ونقل المقري عن ابن بشكوال أنه قال في ترجمة حنش الصنعاني: «وذكر ابن يونس عن حنش أنه كان إذا فرغ من عشائه وحوائجه وأراد الصلاة من الليل أوقد المصباح، وقرب المصحف وإناء فيه ماء فإذا وجد النعاس استنشق الماء، وإذا تعايا في آية نظر في المصحف، وإذا جاء سائل يستطعم لم يزل يصيح بأهله: أطعموا السائل، حتى يطعم»[37].

ونقل المقري في ترجمة حنش الصنعاني «أنّه لم يرو عن حنش الشاميون، وإنما روى عنه المصريون»[38].

 6 – حنش الصنعاني في المغرب

نصّ المؤرخون المشارقة والأندلسيون على أنّ حنشا الصنعاني «غزا المغرب مع رُوَيْفِع بن ثابت»[39]. وقد تقدّم القول أنّ حنش الصنعاني انتصر لعبد الملك بن مروان أيام حربه ضد ابن الزبير، وبشره بالخلافة، ولكنه سرعان ما تحوّل إلى صف ابن الزبير، ثم جرى لقاء بين الرجلين عاتبه عبد الملك عما صدر عنه إلا أنه عفا عنه، ويبدو أنّ لقاء ابن مروان بالصنعاني حصل بالمغرب، قال المقري: «وكان عبد الملك بن مروان حين غزا المغرب مع معاوية بن حديج نزل عليه بإفريقية سنة خمسين، فحفظ له ذلك، فعفا عنه حين أتي به في وثاق حين ثار مع ابن الزبير»[40].

جاءت مرحلة الفتح الإسلامي للمغرب فكان لحنش الصنعاني فيها سهم وافر، ولذلك ترجم له الأندلسيون في كتبهم، ونقل ابن العديم الحلبي كلاما له عن جماعة بسند متصل إلى حنش الصنعاني المذكور، قال: «غزوتُ المغرب وعلينا رويفع بن ثابت الأنصاري، فافتتحنا قرية يقال لها جربة[41]، فقام فينا رويفع بن ثابت الأنصاري خطيبًا، فقال: إني لا أقول فيكم إلا ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم، قام فينا يوم خيبر حين افتتحناها، [فقال]: «من كان يؤمن بالله واليوم والآخرة فلا يأتين شيئًا من السبي حتى يستبريها»»[42].

وفي رواية ثانية لهذا الحديث: «حدث أبو مرزوق مولى تجيب، عن حنش الصنعاني قال: غزونا مر رويفع الأنصاري فافتتحنا قرية يقال لها جربة، فقام خطيبًا فقال: إني لا أقول إلا ما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول يوم خيبر، قام فينا رسول الله صلّى الله عليه وسلم فقال: «لا يحل لامرئ يؤمن بالله واليوم الآخر أن يسقي ماؤه زرع غيره يعني إتيان الحبالى من الفيء ولا يحل لامرئ يؤمن بالله واليوم الآخر أن يصيب امرأة من السبي ثيباً حتى يستبرئها ولا يحل لامرئ يؤمن بالله واليوم الآخر يبيع مغنماً حتى يقسم، ولا يحل لامرئ يؤمن بالله واليوم الآخر يركب دابة من فيء المسلمين حتى إذا أعجفها ردها فيه، ولا يحل لامرئ يؤمن بالله واليوم الآخر أن يلبس ثوباً من فيء المسلمين، حتى إذا أخلقه رده فيه»[43].

ويروي ابن عساكر أنّ حنش الصنعاني «غزا الأندلس مع موسى بن نصير وكان فيمن ثار مع ابن الزبير على عبد الملك بن مروان فأتي به عبد الملك في وثاق فعفا عنه وكان عبد الملك بن مروان حين غزا المغرب مع معاوية بن خديج نزل عليه بأفريقية سنة خمسين فحفظ له ذلك. … وكان أوّل من ولي عشور أفريقية في الإسلام توفي بأفريقية سنة مائة وله عقب بمصر اليوم»[44].

يُستفاد مما تقدّم أنّ حنش الصنعاني، غزا المغرب مع رُوَيفع بن ثابت الأنصاري، ففتحوا جربة[45]، وكان أوّل من ولي عشور أفريقية في الإسلام[46]، ويذكر الصفدي أنّ خالد بن أبي عمران التُّجيبي (129هـ) قاضي إفريقية، روى عن حنش الصّنعاني[47].

ومن أخباره في المرحلة القيروانية ما أورده ابن الأبار في «الحلة السيراء»، قال: «ذكر أبو إسحاق الرقيق أن زهيراً هذا أراد الانصراف إلى مصر بعد قتل عقبة [بن نافع]، وقد رغب هو وأصحابه، فقيل له: أهزيمة من المغرب إلى مصر؟ فعزم على القتال وقام خطيبًا فقال: «يا معشر المسلمين، إن أصحابكم قد دخلوا الجنة إن شاء الله، وقد منّ الله عليهم بالشهادة، وهذه أبواب الجنة مفتّحة، فاسلكوا سبيل أصحابكم أو يفتح الله لكم دون ذلك». فخالفه أبو شجاع حنش الصنعاني، ورحل واتبعه الناس، فلما رأى ذلك زهير نهض في إثره، وملك البربر القيروان»[48].

 7 – حنش الصنعاني في الأندلس

وقد أكّد عدد من المؤرخين أنّ حنش الصنعاني «غزا الأندلس مع موسى بن نصير»[49]. ونقل ابن بشكوال عن ابن حبيب أنه قال عن ربيعة: غلّ الناس كلّهم يوم فتح الأندلس، إلا أربعة نفر فقط كانوا من التابعين، وذكر منهم حنش الصنعاني[50].

يذكر أبو عبد اللّه محمد بن أبي بكر الزهري (من أهل القرن السادس الهجري) في كتاب الجعرافية له، صفة مدينة سرقسطة، وضمن ذلك قال: «وعليها نور أبيض لا يخفى على أحد في ليل ولا نهار. تزعم الروم أن ذلك النور عليها منذ بُنيت، ويقول المسلمون: إنّما هو عليها منذ دُفن فيها الرجلان الصالحان حنش الصنعاني وفرقد السنجاري رضي اللّه عنهما. واختُلف في صحبتهما للنبي صلى اللّه عليه وسلّم».

وفي بعض نسخ الكتاب الزيادة الآتية:

«فأمّا الأول فقد ثبت أنه من أصحاب رسول اللّه ﷺ، جاز أحدهما عام الفتح سنة إحدى وتسعين من الهجرة مع طارق. وجاء الثاني مع موسى بن نصير سنة اثنين وتسعين. على ما ذكره ابن الجزّار في كتاب «عجائب البلدان». وهذان الرجلان مدفونان في قِبلة المسجد الأعظم خارج الجامع أمام محرابه، ومحراب هذا الجامع من حجر واحد»[51].

وإلى هذا يُشير أبو الوليد ابن الفرضي في تاريخه، إذ قال: «إنّ حنشاً كان بسرقسطة، وأنه الذي أسس جامعها، وبها مات، وقبره بها معروف عند باب اليهود بغربي المدينة»[52]. وقال السهيلي: «حَنَشُ بْنُ عَبْدِ اللّهِ السّبَائِيّ، جَاءَ إلَى الْأَنْدَلُسِ مَعَ مُوسَى بْنِ نَصِيرٍ، وَهُوَ الّذِي ابْتَنَى جَامِعَ سَرَقُسْطَةَ وَأَسّسَ جَامِعَ قُرْطُبَةَ أَيْضًا فِيمَا ذَكَرُوا»[53] .

وقد خلّف حنش الصنعاني بالأندلس آثارا نجدها مسرودة في كتب تاريخ المغرب والأندلس، من ذلك ما ذكره ابن عذاري في وقائع سنة 242هـ، قال: «كتب الأمير محمد إلى موسى بن موسى بحشد الثغور والدخول إلى برشلونة؛ فغزا إليها، واحتل بها، وافتتح في هذه الغزاة حصن طراجة، وهي من آخر أحواز برشلونة، ومن خُمُسِ ذلك الحصن زيدت الزوائد في المسجد الجامع بسرقسطة؛ وكان الذي أسّسه ونصب محرابه حنش الصنعاني – رضي الله عنه – وهو من التابعين»[54].

كما سجلت كتب التاريخ الأندلسي خبر نزول حنش الصنعاني بمدينة إِلبيرة (بينها وبين غرناطة ستة أميال)، فقد ذكر في وصفها ابن عبد المنعم الحميري: «إلبيرة : من كور الأندلس، جليلة القدر، نزلها جند دمشق من العرب، وكثير من موالى الإمام عبد الرحمن بن معاوية، وهو الذي أسسها وأسكنها موالية، ثم خالطتهم العرب بعد ذلك؛ وجامعها بناه الإمام محمد، على تأسيس حنش الصنعاني»[55].

وترجم له المقري نقلا عن ابن بشكوال، فقال: «دخل الأندلس من التابعين حنش بن عبد الله الصنعاني، وهو الذي أشرف على قرطبة من الفج المسمى بفج المائدة، وأذن، وذلك في غير وقت الأذان، فقال له أحد أصحابه في ذلك، فقال إن هذه الدعوة لا تنقطع من هذه البقعة إلى أن تقوم الساعة، هكذا ذكره غير واحد، وقد كشف الغيب خلاف ذلك، فلعل الرواية موضوعة أو مؤولة، والله تعالى أعلم»[56].

ومن أخبار حنش الصنعاني بأم مدائن الأندلس ما رواه المقري إذ قال إنه هو الذي تولّى نصب قِبْلَة جامع الزهراء بقرطبة، وفي هذا الصدد يذكر المقري أنّ «أهل التعديل يقولون [للناصر] بانحراف قبلة الجامع القديمة إلى نحو الغرب، فقال له الفقيه أبو إبراهيم: يا أمير المؤمنين، إنّه قد صلى إلى هذه القبلة خيار هذه الأمّة من أجدادك الأئمة وصلحاء المسلمين وعلمائهم، منذ افتتحت الأندلس إلى هذا الوقت، متأسّين بأوّل من نصبها من التابعين كموسى بن نصير وحنش الصنعاني وأمثالهما، رحمهم الله تعالى؛ وإنّما فضل من فضل بالاتّباع، وهلك من هلك بالابتداع، فأخذ الخليفة برأيه، وقال: نعم ما قلت، وإنّما مذهبنا الاتّباع»[57].

قال ابن الفرضي في ترجمة حَنَش بن عَبْد الله الصَّنعاني: «أخْبَرني مُحمَّد بن أحمد الحَافِظ قَال: نَا أبو سعيد الصدفيّ الحافِظ أنه قال: إنّ حَنَش الصنعاني غزَا الأندلُس مع مُوسَى بنِ نُصَيْر»[58]. ثم أتى بعدد من أخباره، من ذلك قوله: «أخْبرَنا عَبْد الله بن مُحمَّد بن عليّ قالَ: نَا أحمد بن خالِد، قال: ذكرَ لنا مُحمَّد بن وضَّاح أنَّ بعض الوُزراء أخبرَهُ: أنَّه وجَد شَهَادة عليّ بن رَبَاح، وحَنَش بن عَبْد الله في عَهْد بَنْبَلونَة (Pamplona). قالَ ابن وَضَّاح: وكانا تَابعين»[59].

ونقل المقري في ترجمة حنش الصنعاني ما نصه: «وفي تاريخ ابن بشكوال أنه أخذ أيضاً قبلة جامع إلبيرة، وعدل وزن قبلة قرطبة الذي هو فخر الأندلس»[60]. وذكر الحميدي أنه «غزا الأندلس مع موسى بن نصير، وله بها آثار؛ ويُقال: إنّ جامع مدينة سرقسطة من ثغور الأندلس من بنائه، وإنه أوّل من اختطه»[61].

 8 – وفاته

قال الذهبي: «سنة مائة من الهجرة (100هـ)، وفيها توفي حنش الصَّنْعَانِيُّ»[62]. وهناك خلاف بين المؤرخين حول مكان وفاة حنش الصنعاني، فمنهم من يؤكد أنه توفي بالأندلس وأقبر بها، منهم ابن الفرضي الذي يقول: «وَجَدْتُ في كِتابي عن أبي مُحَمَّد البَاجيَّ أو غيره: حنش بن عَبْد الله من التَّابعين، دخلَ الأندلُس، وكان بسرقُسْطَةَ وأسَس جامعها وبِها مات، وقَبْرَهُ معروف بها إلى اليوم. أخبرنا أبو مُحَمَّد عَبْدالله بن مُحَمَّد بن القَاسِم الثغري قال: نَا أبو بكر مُحَمَّد بن الشِبْل: أنَّ حنش بن عَبْد الله دخل الأندلُس وهو من التَّابعين. قال لنا أبو مُحَمَّد الثّغري: رَأيتُ قبر حنش بسرقُسْطَةَ وقَبْرُه بها عند باب اليهُود بِغَربي المَدِينة مَعْروُف إلى اليوم»[63].

وذكر أبو عبد اللّه محمد بن أبي بكر الزهري (من أهل القرن السادس الهجري) في كتاب الجعرافية له، صفة مدينة سرقسطة، وضمن ذلك قال: «وعليها نور أبيض لا يخفى على أحد في ليل ولا نهار. تزعم الروم أن ذلك النور عليها منذ بُنيت، ويقول المسلمون: إنّما هو عليها منذ دُفن فيها الرجلان الصالحان حنش الصنعاني وفرقد السنجاري رضي اللّه عنهما». وزاد أحدهم أن هذين الرجلين الصالحين «مدفونان في قِبلة المسجد الأعظم خارج الجامع أمام محرابه، ومحراب هذا الجامع من حجر واحد»[64].

وخالفهم في ذلك ابن بشكوال الذي نقل عن ابن وضاح أنّ حنشا الصنعاني «توفي بإفريقية سنة مائة»[65]. وبعض الأندلسيين الذي عن المشارقة، منهم الحميدي، قال: «ومات بإفريقية سنة مائة. ذكره غير واحد: منهم أبو سعيد بن يونس وقال: إن له بمصر عقباً من ولد سلمة بن سعيد بن منصور بن حنش»[66].

وهناك من المؤرخين من قالوا بأنه توفي بأفريقية (المغرب الأدنى) وهم في معظمهم مشارقة كالسمعاني وابن عساكر، إذ قالا: «توفي بإفريقية سنة مائة. وولده بمصر سلمة بن سعيد بن منصور بن حنش»[67]. ويفهم صراحة من كلام لأبي راس المعسكري أنه دُفن بالقيروان بالمقبرة البلوية منها، قال: «وزرنا خارج البلد سيدنا أبا زمعة البلوي، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفي خارج مشهده من الجوف قبر يُقال هو للتابعي الجليل حنش بن عبد الله الصنعاني»[68].


[1] تصحيح التصحيف وتحرير التحريف، للصفدي، ص.49.

[2] الثقات لابن حبان 4/ 184 رقم: 2398.

[3]  تاريخ دمشق، لابن عساكر، ج.15/ 312-313.

[4] كتاب الأنساب، للسمعاني 3/ 211.

[5]  نفح الطيب من غصن الأندلس الرطيب، للمقري 3/ 7.

[6]  جذوة المقتبس، ص.201-203.

[7]  الروض الأنف، للسهيلي 4/ 79-80.

[8] كتاب الأنساب، للسمعاني 3/ 211 ، تاريخ دمشق، لابن عساكر، ج.15/ 312-313.

[9]  قذذ : جمع قذة. والقذة : ريشة الطائر كالنسر والصقر. (ابن منظور، لسان العرب 3/503 (مادة: قذذ)).

[10]  بغية الطلب في تاريخ حلب، لابن العديم 1/ 72.

[11] يعني: الصحابي الجليل فضالة بن عبيد الأنصاري. (ترجمته في سير أعلام النبلاء 4/113-117).

[12]  جامع الأصول من أحاديث الرسول، لابن الأثير الجزري 2/ 380.

[13]  البيان المغرب في أخبار الأندلس والمغرب، لابن عذارى 1/ 8.

[14]  نفح الطيب 3/7.

[15]  نفح الطيب من غصن الأندلس الرطيب، للمقري 3/ 7.

[16]  جذوة المقتبس، ص.201-203.

[17] الثقات لابن حبان 4/ 184 رقم: 2398.

[18] كتاب الأنساب، للسمعاني 3/ 211.

[19]  بغية الطلب في تاريخ حلب، لابن العديم 1/ 72.

[20]  نفح الطيب من غصن الأندلس الرطيب، للمقري 3/ 7.

[21]  في بعض النسخ: جزية .. وهو تصحيف صوابه : جربة .. بلدة تونسية مشهورة اليوم.

[22] بغية الطلب في تاريخ حلب، لابن العديم 3/ 196 ؛ السيرة، لأبي محمد عبد الملك بن هشام 2/ 331؛ الروض الأنف شرح سيرة ابن هشام، للسهيلي 4/ 70، 79-80 ؛ السيرة النبوية ، لابن كثير الدمشقي 4/ 364.

[23]  مختصر تاريخ دمشق، لابن منظور 2/ 327.

[24]  المعجم الكبير للطبراني 5/26 رقم: 4482.

[25]  المقري، نفح الطيب 3/6.

[26]  جذوة المقتبس، ص.201-203.

[27]  تاريخ علماء الأندلس، لابن الفرضي 1 / 149-151 (رقم: 391).

[28]  تاريخ دمشق، لابن عساكر، ج.15/ 312-313 ، المقري، نفح الطيب 3/6.

[29] تاريخ علماء الأندلس 1/149، تاريخ دمشق، لابن عساكر، ج.15/ 312-313 ، كتاب الأنساب، للسمعاني 3/ 211.

[30]  بغية الطلب في تاريخ حلب، لابن العديم 1/ 72.

[31]  المعجم الكبير للطبراني 5/26 رقم: 4482.

[32]  الوافي بالوفيات، لصلاح الدين الصفدي 4/ 352.

[33]  جذوة المقتبس، ص.201-203.

[34]  تاريخ علماء الأندلس، لابن الفرضي 1 / 148 (رقم: 391).

[35] كتاب الأنساب، للسمعاني 3/ 211 ؛ تاريخ دمشق، لابن عساكر، ج.15/ 312-313.

[36]  جذوة المقتبس، ص.201-203.

[37]  نفح الطيب من غصن الأندلس الرطيب، للمقري 3/ 7.

[38]  نفح الطيب من غصن الأندلس الرطيب، للمقري 3/ 7.

[39] جذوة المقتبس، ص.201-203 ، كتاب الأنساب، للسمعاني 3/ 211.

[40]  نفح الطيب 3/7.

[41]  في بعض النسخ: جزية .. وهو تصحيف صوابه : جربة .. بلدة تونسية مشهورة اليوم.

[42] بغية الطلب في تاريخ حلب، لابن العديم 3/ 196 ؛ السيرة، لأبي محمد عبد الملك بن هشام 2/ 331؛ الروض الأنف شرح سيرة ابن هشام، للسهيلي 4/ 70، 79-80 ؛ السيرة النبوية ، لابن كثير الدمشقي 4/ 364.

[43]  مختصر تاريخ دمشق، لابن منظور 2/ 327.

[44]  تاريخ دمشق، لابن عساكر، ج.15/ 312-313.

[45]  في بعض الطبعات: جزية والصحيح جربة: قال ياقوت الحموي: “جَرَبُ: بفتحتين وتشديد الباءِ الموحدة، موضع باليمن ذكر في حديت حنش السبيء الصنعاني ويُروى جربة في حديث حنش الصنعاني غزونا جربة ومعنا فضالة بن عبيد كذا ضبطه أبو سعد والجربة في اللغة الكتيبة من حمر الوحش”. (كتاب الأنساب، للسمعاني 3/ 211).

[46]  نفح الطيب من غصن الأندلس الرطيب، للمقري 3/ 7.

[47]  الوافي بالوفيات، لصلاح الدين الصفدي 4/ 352.

[48]  الحلة السيراء، لابن الأبار ص.166.

[49]  تاريخ علماء الأندلس، لابن الفرضي 1 / 148-149 (رقم: 391)؛ الحميدي، جذوة المقتبس، ص.6 ؛ تاريخ دمشق، لابن عساكر، ج.15/ 312-313.

[50]  نفح الطيب من غصن الأندلس الرطيب، للمقري 1/ 287.

[51] كتاب الجعرافية، ص.81 والتعليق رقم 9.

[52] تاريخ علماء الأندلس، لابن الفرضي 1 / 148-149 (رقم: 391).

[53]  الروض الأنف شرح سيرة ابن هشام، للسهيلي 4/ 79-80.

[54]  البيان المغرب في أخبار الأندلس والمغرب، لابن عذارى 1/181.

[55]  صفة جزيرة الأندلس، للحميري، ص.12.

[56]  نفح الطيب من غصن الأندلس الرطيب، للمقري 3/ 7.

[57]  نفح الطيب من غصن الأندلس الرطيب، للمقري 1 /562.

[58]  تاريخ علماء الأندلس، لابن الفرضي 1 / 148-149 (رقم: 391).

[59]  تاريخ علماء الأندلس، لابن الفرضي 1 / 148-149 (رقم: 391).

[60]  نفح الطيب من غصن الأندلس الرطيب، للمقري 3 /7.

[61]  جذوة المقتبس، ص.201-203.

[62]  تاريخ الإسلام، للذهبي 6/ 275 (تحقيق: عبد السلام تذمري).

[63]  تاريخ علماء الأندلس، لابن الفرضي 1 / 150-151 (رقم: 391)؛ نفح الطيب من غصن الأندلس الرطيب، للمقري 3 /7 .

[64] كتاب الجعرافية، ص.81 والتعليق رقم 9.

[65]  نفح الطيب من غصن الأندلس الرطيب، للمقري 3/ 7.

[66]  جذوة المقتبس، ص.201-203

[67] تاريخ دمشق، لابن عساكر، ج.15/ 312-313 ؛ كتاب الأنساب، للسمعاني 3/ 211

[68] المعسكري، نبأ الإيوان بجمع الديوان في ذكر صلحاء مدينة القيروان، ص.91

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق