مركز عقبة بن نافع للدراسات والأبحاث حول الصحابة والتابعينغير مصنف

بغية أهل الأثر فيمن اتفق له ولأبيه صحبة سيد البشر

لمحمد بن أحمد بن عبدالباري الأهدل الحسيني المراوعي ( ت1298هـ/1880م)

 عبد اللطيف السملالي

لقد صحب النبي صلى الله عليه سلم، خلال مرحلة دعوته المباركة الممتدة على ثلاث وعشرين سنة، الآلاف المؤلفة من الرجال والنساء، واختارت أسر بكامل أفرادها طريق الهداية والرشد، حيث أسلمت قياد أمرها للرسول عليه الصلاة والسلام، متبعة جميع ما يصدر عنه من توجيهات وإرشادات سنية، كانت مصدر السعادة لهم في دنياهم، والفوز والنجاح في أخراهم.

وقد توجهت عناية أحد العلماء إلى جمع نخبة معتبرة من أسماء كثيرة انتمت إلى بيت واحد، وتشرّفوا بصحبة النبي عليه الصلاة والسلام، فكان من بينهم الأبناء والآباء، أو الأحفاد والآباء والأجداد.

ولم أجد من أفرد هذا الموضوع بالتصنيف ـ حسب علمي ـ وأبدع في ترتيب فصوله غير علمين اثنين هما: العلامة محمد بن أحمد بن عبدالباري الأهدل الحسيني المراوعي (ت 1298هـ/ 1880م) الذي ألف جزءا لطيفا سماه: (بغية أهل الأثر فيمن اتفق له ولأبيه صحبة سيد البشر)، والعلامة أبو بكر محمد بن عبدالرحمن الذي وضع رسالة سماها: (حباب الأحباب فيمن كان هو وأبوه من الأصحاب)[1].

بادر المؤلف إلى تحديد الدواعي التي أملت عليه وضع هذه الرسالة اللطيفة، وذكر المنهج الذي اتبعه في تسطير فصولها، ولعل أهم حافز له على مباشرة هذا العمل هو الحث على إجلال مقام الصحابة الكرام وإبراز ما يجب لهم من التقدير والتبجيل. وتعريفا بمضمون رسالته يقول العلامة محمد بن أحمد الأهدل الحسيني:

« فإنه سألني بعض الأصدقاء أن أجمع كراسة لطيفة، في اسم من اتفق له ولأبيه أو لأبيه وجدّه صحبة، ليكون قارئ الحديث على بصيرة في لزوم الأدب مع الصحابة، فإن ما يجب لهم من التعظيم والاحترام، فوق ما يجب لغيرهم من التابعين وعلماء الإسلام. فبذلت جهدي في تحصيل ذلك وجمعه فلله الحمد على تيسيره بمنه وكرمه. وسميته: (بغية أهل الأثر فيمن اتفق له ولأبيه صحبة سيد البشر) ».

حصر المؤلف رسالته المفيدة في أربعة فصول، هذا بيان عناوينها:

  1. فيمن له ولأبيه صحبة.
  2. فيمن له ولأبيه وجده صحبة.
  3. فيمن لها ولأبيها صحبة.
  4. فيمن لها ولأبيها وجدها صحبة.

ومما طبع عمل المؤلف في هذه الرسالة هو الإيجاز والاختصار المفيدان، فهو لم يستطرد في وضع تراجم الصحابة وسرد مناقبهم والإشادة بفضائلهم، فهذا العمل نهض به علماء كثيرون وسجلوا ذلك في مصنفاتهم الجامعة، بل اقتصر في كل فصل من فصول كتابه على ذكر العناصر الأساسية المرتبطة بترجمة الصحابي: اسم الصحابي واسم أبيه ونسبه، ولا تفوته أحيانا الإشارة إلى بعض الجوانب المتصلة بحياة الصحابي أو الصحابية.

ويعد الفصل الأول هو أوسع فصول هذه الرسالة، وقد اشتمل على 253 اسما مرتبين على حروف المعجم. ولا يخلو هذا الفصل من إفادات متعلقة بسيرة الصحابي أو إشارة إلى جزء من فضائله أو مناقبه، من ذلك:

ـ أتى به النبي صلى الله عليه وسلم في صغره (إبراهيم بن خلاد الخزرجي).

ـ أسلم عام الفتح وأبوه من سادة قريش جاهلية وإسلاما (خالد بن حكيم بن حزام).

ـ ربيب النبي صلى الله عليه وسلم (سلمة بن أبي سلمة المخزومي).

ـ سماه النبي صلى الله عليه وسلم وحنكه (إبراهيم بن أبي موسى الأشعري).

ـ شهد أحدا وغيرها مع أبيه (بشير بن سعد بن النعمان).

ـ شهد بدرا وأحدا (زياد بن كعب بن عمر الجهني).

ـ صاحب مفتاح الكعبة (شيبة بن عثمان العبدري).

ـ له وفادة مع أبيه على النبي صلى الله عليه وسلم (بشر بن معاوية البكائي).

ـ لهما صحبة ورواية (عبدالله بن الحارث).

ـ من مهاجرة الحبشة (بشر بن الحارث  السهمي).

ـ ولد على عهد النبي صلى الله عليه وسلم (إبراهيم بن عبدالرحمن بن عوف).

وأما الفصل الثاني (فيمن له ولأبيه وجده صحبة) فاستعرض فيه المؤلف فقط 14 اسما، ولم يغفل ـ كما دأب على ذلك ـ عن التذكير بما لدى الصحابي من الفضائل، وهي أمثلة على ذلك:

ـ أدرك النبي صلى الله عليه وسلم هو وأبوه وجده وأبو جده، وليست هذه المنقبة لأحد غيره (محمد بن عبدالرحمن بن أبي بكر).

ـ أمه بركة مولاة النبي صلى الله عليه وسلم (أسامة بن زيد بن حارثة).

ـ شهد أحدا هو وأبوه وجده (ثابت بن سماك بن ثابت بن سفيان بن عدي).

وسرد المؤلف في الفصل الثالث جملة وافرة من أسماء نساء كن لهن ولآبائهن فضل صحبة النبي عليه الصلاة والسلام، ومجموع ما أحصاه المصنف في هذا الفصل 62 اسما، ولم يشر بتفصيل إلى ما يتعلق بسيرتهن، وذكر فقط في ثلاثة مواضع الصلة التي كانت تجمع بعض تلك الأسماء بالنبي صلى الله عليه وسلم، من ذلك:

ـ رملة بنت أبي سفيان بن حرب، وهي المكناة أم حبيبة زوج النبي صلى الله عليه وسلم.

ـ زينب بنت أبي سلمة. ربيبة رسول الله صلى الله عليه وسلم.

ـ خولة بنت أبي سلمة. ربيبة رسول الله صلى الله عليه وسلم.

ومما يلاحظ في هذا الفصل أن المصنف أورد أكثر من بنت تنتمي إلى بيت واحد، نال أهله فضل الصحبة، ومن تلك بيوتات:

بيت علي بن أبي طالب: من بناته أم كلثوم، زينب.

بيت أسعد بن زرارة: من بناته حبيبة والفارعة و كبشة.

بيت أبي سفيان بن حرب: من بناته أميمة، ورملة، حبيبة، وعزة.

بيت اليمان بن جابر: من بناته خولة، وفاطمة.

وفي الفصل الأخير لم يقف المؤلف على من نالت شرف الصحبة، هي وأبوه وجدّها غير اسمين مفردين هما:

ـ عائشة بنت أبي بكر بن أبي قحافة. زوج النبي صلى الله عليه وسلم.

ـ أسماء بنت أبي بكر بن أبي قحافة.

ويظهر أن العلامة محمد بن أحمد بن عبدالباري الأهدل بذل جهدا كبيرا في مطالعة كتب طبقات الصحابة، وأدمن النظر في تراجمها واستخلص لنا ما مجموعه 331 اسما، اتفق لهم ولآبائهم صحبة سيد البشر عليه أزكى الصلاة والتسليم.

ولم يشر المؤلف بالذكر إلى الكتب والمصادر بعينها التي اعتمدها في جرد أسماء الصحابة والصحابيات، والغالب أنه طالع أهم المصنفات الموضوعة في تراجم الصحب  واستطاع ترتيب فصول رسالته.

وإن بعض العبارات المختصرة الواردة في متن الكتاب التي احتفظ بنصها المؤلف في رسالته أفادتنا بأهم الكتب التي اعتمدها منها:

الاستيعاب في معرفة الأصحاب. لابن عبدالبر (ت 463هـ).

أسد الغابة في معرفة الصحابة. لابن الأثير (ت 630هـ).

تجريد أسماء الصحابة. للذهبي (ت 748هـ).

ورغم قيمة العمل الذي نهض به العلامة محمد بن أحمد بن عبدالباري الأهدل، والجهد الذي بذله في مطالعة وجمع وترتيب مواد هذه الرسالة اللطيفة، فإنه لم يستوعب كافة الأسماء التي اتفق لها ولآبائها صحبة سيد البشر، عليه أفضل الصلاة وأزكى التسليم، من تلك الأسماء على سبيل التمثيل لا الحصر:

   * جنادة بن سفيان: قدم هو وأبوه وأخوه من أرض الحبشة.
   * الحارث بن الحارث بن قيس.
   * معمر بن الحارث بن قيس.
   * أسد بن كرز بن عامر.

كما أن المؤلف فاته التأكد من صحبة الكثير من الأسماء التي أدرجها في رسالته، وهي كما تبين لي على غير شرطه، وهذه بعض الامثلة على ذلك:

  1. إبراهيم بن عبدالرحمن بن عوف: ولد سنة عشر من الهجرة أو بعدها، فهو إذن تابعي، وليست له صحبة.
  2. أسعد بن سهل بن حنيف: ولد قبل وفاة النبي عليه الصلاة والسلام بعامين، فهو معدود من كبار التابعين.
  3. تمام بن العباس بن عبدالمطلب: اختلف العلماء في صحبته.
  4. ثابت بن رافع أو رُفَيْع الأنصاري: هذا الاسم سبق أن نبَّهَ الذهبي إلى أنه تابعي، بينما والده ثابت له فضل صحبة. (التجريد 1/62).

وخلاصة القول إن رسالة (بغية أهل الأثر فيمن اتفق له ولأبيه صحبة سيد البشر)

لمحمد بن أحمد بن عبدالباري الأهدل الحسيني المراوعي، جديرة بالمطالعة والتعرف على من شرف قدره وسما شأنه بصحبة النبي عليه الصلاة والسلام، وتفيأ ظلال عصر الرسالة المحمدية حيث الهدى والنور والسعادة والعيش الكريم.

ولا تفوتني الإشارة إلى أن هذه الرسالة رغم صغر حجمها، تستحق دراسة مضمونها، وجديرة بتحقيق نصها، واستدراك ما فات المؤلف تجريده من أسماء الصحابة الذي استوفوا الشرط الذي وضعه.

وهذه الرسالة وجدت طريقها إلى عالم النشر قديما بإحدى مطبعات مصر، وقد طبعت مع رسالة (أوائل كتب الحديث) للسيد محمد بن سعيد بن سنبل المكي، سنة 1326هـ/ 1908م.

ونشرت بعد ذلك مع مجموع رسائل حديثية، ضم: الأوائل السنبلية – الأسانيد العلية المتصلة بالأوائل السنبلية – بغية أهل الأثر فيمن اتفق له ولأبيه صحبة خير البشر- الأربعون المنتخبات من منتخبات الرتنيات. دار مداد للطباعة والنشر والتوزيع. القاهرة. الطبعة الاولى. 1427هـ/2007م.

ومما يحسن التذكير في نهاية هذه الورقة التعريفية أن هذه الرسالة توجد منها نسخة خطية محفوظة في مكتبة مكة المكرمة، وتحمل اسم: (منية أولي الرواية). ورقمها: 94 حديث.

 


[1] . توجد الرسالة مخطوطة في مكتبة خدابخش. بتنة بالهند. رقم: 2417. ومنها مصورتان في: معهد المخطوطات العربية. القاهرة. رقم: 1025 والجامعة الإسلامية. المدينة المنورة. (مصورات كتب السيرة النبوية والصحابة). رقم:4324.

 

 

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق