مركز أبي الحسن الأشعري للدراسات والبحوت العقديةقراءة في كتاب

المطالب العالية: لفخر الدين الرازي ت 606هـ

الرازي هو محمد بن عمر بن الحسين بن الحسن بن علي الملقب بفخر الدين، والمكنى بأبي عبد الله الرازي المولد، الطبرستاني الأصل، القرشي التيمي البكري نسبا، الشافعي مذهبا، الأشعري عقيدة[2]. ولد سنة أربع وأربعين وخمسمائة (544هـ)  واشتغل على والده، وكان، من تلامذة محيي السنة البغوي[3]. أقام بهراة وكان يلقب بها شيخ الإسلام، وكان كثير الإزراء بالكرامية، فقيل: إنهم وضعوا عليه من سقاه سما فمات[4]. توفي الإمام رحمه الله بهراة في يوم الاثنين يوم عيد الفطر سنة ست وستمائة (ت606هـ)[5].
مصنفاته: وتصانيفه في علم الكلام والمعقولات سائرة، وله:
 «التفسير الكبير» مفاتيح الغيب الكبرى.
«محصل أفكار المتقدمين والمتأخرين من العلماء والحكماء والمتكلمين».
«المحصول» في أصول الفقه.
«شرح الأسماء الحسنى».
«شرح المفصل» للزمخشري.
«شرح وجيز الغزالي».
«شرح سقط الزند» لأبي العلاء المعري.
«إعجاز القرآن».
«مناقب الشافعي»
المطالب العالية.
موضوعه:
إن المهتم بأمر علم الكلام والباحث في كتبه ومصنفاته، يجد نفسه أمام كتاب يعد من  ثمرة ما حصله الإمام الرازي في مسيرة حياته العلمية ويعد آخر الكتب التي ألفها، وفيه ما استقر عليه رأيه في نهاية عمره[6]، ويدور محور الكتاب في الكلام عن ذات الله تعالى وصفاته، فقد جاء في مقدمة الكتاب في الفصل الأول من كلام المؤلف:” الوجه الأول من الوجوه الموجبة للشرف: شرف الأمر المبحوث عنه في ذلك العلم. وذلك في هذا العلم. هو ذات الله تعالى وصفاته”[7].
وقد عدته جامعة الأزهر من أمهات الكتب، ويقول الأستاذ الشيخ صالح موسى شرف فيه: “ولما كان علم التوحيد ويسمى علم الكلام له هذه المنزلة العظيمة في تأصيل هذه العقيدة والدفاع عنها: عني المتكلمون قديما وحديثا بالتأليف فيه، وتباروا في ذلك، فمنهم المقتصد ومنهم المتعمق ومنهم المتوسط، وكان من أشهر الكتب المتعمقة والمشتملة على الأمور العامة التي يحتاج إليها المستدل على حدوث العالم ومنه على وجود الصانع: كتاب “المطالب العالية” لفخر الدين الرازي، و”العقائد النسفية” للنسفي، وكتاب “المواقف” للإيجي، شيخ السعد التفتازاني، وكتاب “طوالع الأنوار” للبيضاوي، وكتاب “المقاصد” للعلامة السعد التفتازاني”.
ومن خلال ما جاء من النصوص في كتاب “المطالب العلية” يتبين أنه يحتوي على  تسعة  أجزاء[8]:
الجزء الأول: في الدلائل الدالة على إثبات الإله لهذا العالم المحسوس، وبيان أنه واجب الوجود لذاته.
الجزء الثاني: في الدلائل الدالة على التوحيد والتنزيه.
الجزء الثالث: في ذكر الصفات الإيجابية، وهي: كونه سبحانه قادرا، عالما، حيا، سميعا، بصيرا، متكلما، باقيا، حكيما.
الجزء الرابع: في مباحث الحدوث والقدم، وأسرار الدهر والأزل.
الجزء الخامس: في الزمان والمكان.
الجزء السادس: في الهيولي.
الجزء السابع: في الأرواح العالية والسافلة (النفس).
الجزء الثامن: في النبوات، وما يتعلق بها.
الجزء التاسع: في الجبر والقدر، أو القضاء والقدر.
ثناء العلماء على الكتاب:
وقال ناسخ مخطوطة دار الكتب المصرية عن كتاب ” المطالب العالية من العلم الإلهي”[9]:
لمحمد الرازي: كتاب “مطالب”
        جمعت عبارته: جميع غرائب

بدقائق وحقائق ورقائق
        ولطائف ومعارف وعجائب

هو فخر دين، حافظ ومفسر
        ولكل فن قد أجاد لطالب

فعليه من فيض الإله: عواطف
        بمراحم ومكارم ومواهب

وبجنة الفردوس في دار البقا
        بتنعم ومآكل ومشارب

الله نافع قارئ بعلومه
        وملعم ولسامع ولكاتب

وصلاة ربي دائما وسلامه
        للمصطفى ولآله وأقارب

ما قيل قولا في الجواب لسائل
        لمحمد الرازي كتاب”مطالب”

ومن بين الذي ذكروا الكتاب وصاحبه، القفطي قال فيه: المطالب العالية في الحكمة، وابن أبي أصيبعة وقال: المطالب العالية ثلاث مجلدات لم يتم، وهو آخر ما ألف (2/29)، والصفدي وقال: المطالب العالية في الأصول أيضا ـ يعني أصول الدين ـ في أربعة كبار، وابن خلكان وقال: ومنها في علم الكلام، المطالب العالية(1/676)، وابن كثير في البداية والنهاية(13/55)، واليافعي (4/7)، والذهبي في تاريخ الإسلام (28/155)، وابن السبكي في الطبقات(5/35)، وابن حجر في لسان الميزان(4/427)، وابن قاضي شهبة (ورقة 48)، والأودني (50أ)، وابن تيمية في موافقة صحيح المنقول(2/227)، وطاش كبرى زاده (2/177)، وانظر: (ص119) أيضا، وحاجي خليفة (2/1714)، وذكر أن عبد الرحمن المعروف بجلبي زاده قد شرحه، والبغدادي(2/108)، وبروكلمان (1/668)[10].
شروح الكتاب ومختصراته:
ـ شرحه عبد الرحمن المعروف بجلبي زاده[11].
ـ اختصره تلميذه أفضل الدين الخونجي، وله نسختان خطيتان في القاهرة، دار الكتب المصرية ـ علم الكلام (840)، والتيمورية ـ عقائد (533) [12] ويقوم فيه بتلخيص المطالب العالية ونقد بعض ما فيها بقوله:” وكتاب المطالب العالية … جامع لأكثر مباحث المتقدمين والمتأخرين،….وأضفت إليه من قبلي حل بعض الإشكالات التي أوردها، وأهمل جوانبها “[13].
ـ ولخصه الإمام سيف الدين الآمدي، في كتابه المآخذ على المطالب العالية للإمام الرازي، وفي ذلك خلط كبير وقع فيه كثير من المؤرخين والباحثين، حيث جعله البعض بأنه  نفس  كتاب “كشف التمويهات” للآمدي، إلا أن الدكتور حسن الشافعي صاحب كتاب الإمام الآمدي وآراؤه الكلامية، حينما تعرض للكتابين “كشف التمويهـــــــــات” و”ملخص المطالب العالية ونقده(المآخذ)” ذكر الأول بأنه من أهم الكتب الفلسفية، وإنما هو مجرد شرح دقيق محايد لكلام ابن سينا في الإشارات يعتمد على مؤلفات أخرى لابن سينا كالشفاء وغيره. وليس كما ذكره الأب قنواتي أن الآمدي ألف كتابه (كشف التمويهات) ضد فخر الدين الرازي. وتوجد منه نسخة بالمتحف البريطاني (شرقي ـ 139 ـ 140) وأخرى في برلين برقم 5084 وثالثة في جار الله بتركيا برقم 1313[14].
 أما الكتاب الثاني الذي ينسب للآمدي والذي جعله ملخصا ونقدا لكتاب المطالب العالية، فهو يقرر بعد إطلاعه على نسخة “أبكار الأفكار” الموجودة بمعهد المخطوطات تحت رقم 3 توحيد، المنقولة عن الكتاب رقم 1101 بمكتبة فيض الله بتركيا، وعدد أوراقها ثمانون ورقة ـ كما تقول بينات المعهد، وأنه خاليا من اسمه أو اسم المؤلف فقد ترجح عنده أنه كتاب آخر لا صلة له بالأبكار وذلك من خلال محتوياته، ولما قابل تلك النسخة بما جاء في كتاب المطالب العالية وجد الآمدي يتعقب فيه الرازي، مما تأكد لديه أن كتاب “المآخذ” هو  ملخص “للمطالب العالية” لاغير[15].
طبعات الكتاب:
ـ المطالب العالية من العلم الإلهي، بتحقيق الدكتور أحمد حجازي السقا، دار الكتاب العربي، الطبعة الأولى سنة 1408هـ ـ 1987م.
ـ طبعة  دار الكتب العلمية في تسع أجزاء في ثلاث مجلدات، 18/09/1999 بتحقيق: محمد عبد السلام شاهين.
ـ طبعة المكتبة الأزهرية للتراث. لكتاب المطالب العالية من العلم الالهي ـ ( 9 أجزاء)ala’aliah mn ala’lm alalhi – 9 ejza’a  almtalb   سنة 01/01/2000  .

 

الهوامش:

 [1] ذكره القفطي(ص191) بعنوانه الذي اشتهر به: (المحصل)، وكذلك ابن أبي أصيبعة (2/29)، وابن خلكان(1/676)، وابن تغري بردي في النجوم(6/197)، وابن السبكي في الطبقات (5/35)، واليافعي(4/8)، والصفدي(4/255)،  (1/118)، والبغدادي في (هدية العارفين)(2/108)، وبروكلمان(1/668)، وحاجي خليفة، وذكر الكثير عن مختصـراته وتلخيصاته وشروحه. انظر الإمام فخر الدين الرازي ومصنافته طه جابر العلواني، ص178.
[2] طه جابر العلواني ـ الإمام فخر الدين الرازي ومصنافته، ط/ دار السلام للطباعة والنشر، ص 31.
[3] طبقات المفسرين، للحافظ جلال الدين السيوطي، تحقيق علي محمد عمر، الناشر مكتبة وهبة، ص 115.
[4] طبقات الشافعية الكبري، تاج الدين عبد الوهاب بن علي السبكي، تحقيق محمود الطنجاوي وعبد الفتاح الحلو، دار احياء الكتب العربية، ج8ص87.
[5]طبقات الشافعية الكبرى، تاج الدين السبكي ج8ص93.
[6] محمد صالح الزركان ـ فخر الدين الرازي وآراؤه الكلامية، دار الفكر، ص 94.
[7] المطالب العالية من العلم الإلهي: تأليف الإمام فخر الدين الرازي، تحقيق الدكتور أحمد حجازي السقا، دار الكتاب العربي، الطبعة الأولى سنة 1408ه ـ 1987م، ج 1، ص 7.
 [8] نفس المصدر، ص 5.
[9] نفس المصدر، ص 15.
[10] طه جابر العلواني ـ الإمام فخر الدين الرازي ومصنفاته، ص 179.
[11] حاجي خليفة ـ كشف الظنون، طبعة دار الفكر، سنة1428م، ج 2 ص 581.
[12] الإمام فخر الدين الرازي ومصنفاته ـ ص 180.
[13] حسن الشافعي ـ الآمدي وآرؤه الكلامية، طبعة دار السلام، سنة 1418هـ، ص 101.
[14] نفس المصدر ص 81.
[15] نفس المصدر ص 99.

روابط تحميل الكتاب:
http://archive.org/details/mataleb3aliya

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق