وحدة الإحياءدراسات وأبحاث

القاعدة التشريعية وارتباطها بالقاعدة الخلقية

د. عبد الخالق أحمدون

(العدد 12)

 تمهيد

من المشكلات المعقدة المطروحة للنقاش، والتي قام حولها جدل عميق بين المهتمين بفلسفة القانون، مشكلة العلاقة بين القانون والأخلاق[1]. وقد ظهر هذا الجدل مع البدايات الأولى للفكر الفلسفي المعاصر، ثم تنامى بشكل لافت للنظر في الولايات المتحدة وبريطانيا في الربع الأخير من القرن الحالي، بعد تعاقب صدور التشريعات التي تبيح بعض الأفعال المنافية للأخلاق، والتي كانت تعتبر من قبل محلا للتجريم، كالإجهاض والبغاء والشذوذ الجنسي بين الذكور البالغين، ونشر المواد الإعلامية الفاضحة، وغير ذلك.

وقد اختلف النظر في هذه المشكلة بين القائلين بإسباغ الحماية القانونية على القيم الخلقية، وضرورة توسيع دائرة التجريم والعقاب لتشمل ما تعتبره الأخلاق فعلا مستنكرا وبين القائلين بالفصل بين القانون والأخلاق، وحصر مجال الحماية القانونية، وخاصة الحماية الجنائية، في الأفعال التي تلحق الضرر العام أو تشكل خطرا على المواطنين واستبعاد كل فعل له علاقة بالأخلاق الشخصية[2].

وإذا كانت المشكلة مطروحة في نطاق القانون الوضعي والتشريعات الجنائية الغربية والقوانين المتأثرة بها، فإن الوضع في الفكر القانوني الإسلامي يختلف اختلافا كليا وذلك لسبب جوهري يرجع إلى طبيعة التشريع الإسلامي الذي يستند في أسسه العامة وقواعده الكلية، ونظرياته الشاملة إلى أصول العقيدة والإيمان، وتقوم أحكامه التفصيلية كلها على مبادئ الدين الحنيف الذي هو أصل القيم الخلقية. ولذلك نجد قواعد الحماية القانونية، بما فيها الحماية الجنائية، يتسع مداها ليشمل كل القيم الخلقية.

ولما كان هدف الإسلام هو بناء مجتمع صالح، يسوده الحق والعدل، ويشيع بين أفراده الخير والفضيلة، وتتوطد فيه العلاقات الإنسانية على أساس المحبة والتعاون والتكافل، فإنه وضع ضمن نظامه المتكافل سياسة تشريعية عادلة لتحقيق تلك الغايات النبيلة وحماية المجتمع من الجريمة والانحراف والرذيلة، وذلك وفق منهج حكيم يربط الحياة الاجتماعية بالمبادئ الدينية، والقاعدة التشريعية بالقاعدة الخلقية.

ويتجه هذا الموضوع إلى بحث الأبعاد الأساسية لهذا الارتباط العضوي بين التشريع والأخلاق وأثره في بناء الشخصية الإنسانية المتوازنة، وذلك من خلال المحورين التاليين:

ـ العقيدة الإسلامية منبع القيم الخلقية

ـ التشريع الإسلامي ومدى ارتباطه بالأخلاق

العقيدة الإسلامية منبع القيم الخلقية

خاطب الإسلام الإنسان عقلا ووجدانا وقلبا، ووجهه إرادة وسلوكا، ليجعل منه إنسانا إيجابيا يصرف طاقاته الحيوية في سبيل إقامة مجتمع إنساني فاضل.

فجميع النداءات الإلهية التي توجهت بالتكليف إلى الإنسان، تهدف إلى صيانة الوجود المعنوي للمجتمع البشري، حتى يرتفع به إلى مستوى الكمال الروحي، ذلك أن الوجود… المعنوي هو أصل الوجود المادي وهو الذي يفسره ويحدد غاياته، بل هو الذي يفسر حقيقة الاستخلاف الإنساني في الأرض بوجه عام، هذا الاستخلاف الذي يقتضي الخضوع المطلق لله تعالى، والامتثال الكلي لجميع أوامره.

إن الرسالة التي من أجلها خلق الإنسان، تنحصر في العبادة والخضوع لله الخالق عز وجل، وقد عبر القرآن الكريم عن ذلك في كثير من الآيات، منها: قوله تعالى: (وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون) (الذاريات: 56)[3]. وهذه العبادة يجب أن تكون خالصة غير مشوبة بشرك أو مصلحة أو منفعة مادية، لقوله تعالى: (وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء) (البينة: 5).

ولما كانت العبودية لله وحده هي القاعدة الأصلية التي يقوم عليها المجتمع المسلم والتي تميزه عن باقي المجتمعات الأخرى، في جميع أموره المتعلقة بحياته الدينية والدنيوية، فإن جميع القيم التي تنظمه والتشريعات التي توجهه وتحدد مساره وتوضح منهجه وتقرر خصائصه، ينبغي أن تستمد أصولها ومقوماتها ومعاييرها من الخطاب الإلهي وتوجيهاته التي وجه بها حياة الفرد نحو الكمال والسمو في الاعتقاد والفكر والحكم والأخلاق والسلوك والمعرفة.

إن التشريع الذي يبني قواعده على أسس مستمدة من نور الوحي وهديه يكون أدعى إلى القبول، ويجد صداه في وجدان الناس، فيخضعون له عن إقناع ورضى، ويكون هذا الخضوع إيقاظا للضمير الديني فيهم وتنمية لشعورهم بخشية الله تعالى ومراقبته، التي تحول دون الإقدام على فعل الشر أو التفكير فيه وتدفع نحو فعل الخير والإحساس به.

ولذا نجد الإسلام بعقائده وشعائره يغلب منازع الخير في الإنسان، كيلا تستبد به قوة الشر الرابضة في أعماق نفسه، وهي قوة تدميرية وحشية، ترجع بصاحبها إلى حكم الجاهلية الأولى، ونجده يركز على الجانب الباطني في تصرفات الفرد وأعماله، ويقرن عمل الجوارح بعمل القلب، ويحرص أن يكون العمل نابعا من أعماق النفس التي هذبها بقيمه وبمبادئه[4].

فالإسلام يعتبر صحة القلب هي صحة البدن، وأن أعمال الجوارح من ثمرات الخواطر، ولذا كان أسلوبه في مقاومة النشاط الإنساني المنحرف ينصب على العنصر الباطني ويتجه إلى أعماق النفس بالتوعية والتهذيب، فلا يصلح حال الفرد إلا إذا صلح الجوهر النقي فيه وهو القلب، ونجد صلى الله عليه وسلم يؤكد على هذه الحقيقة في الحديث الذي رواه النعمان بن بشير: “ألا وإن في الجسد مضغة، إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب”[5].

وقد أدرك علماء الإسلام هذه العلاقة بين العنصر الباطني والعنصر الظاهري في الفعل وأكدوا أن هذه العلاقة يجب أن تحكم جميع تصرفات الفرد المسلم، يقول الحارث المحاسبي[6]. “فعلى العبد أن يبدأ بما بدأ به، فيبدأ برعاية حقوق الله عز وجل في قلبه، فإنه أول عامل منه، وعنه تكون أعمال الجوارح ، فيوقفه حيث أوقفه الله عز وجل من الرعاية لحقوقه”[7]. ويقول أبو حامد الغزالي: “فلا تظنن أن في وضع الجبهة على الأرض غرضا، من حيث أنه جمع بين الجبهة والأرض، بل من حيث أنه بحكم العادة يؤكد صفة التواضع تأكد تواضعه”[8]. ويقول قبل ذلك: “إن المواظبة على مقتضى صفات القلب وإرادتها بالعمل تجري مجرى الغذاء والقوت لتلك الصفة، حتى تترشح الصفة وتقوى بسببها لأن بين الجوارح وبين القلب علاقة، حتى أنه يتأثر كل واحد منهما بالآخر، فالقلب هو المقصود، والأعضاء آلات موصلة إلى المقصود”[9].

هذا الفهم يقودنا إلى إبراز الأثر العميق الذي تحدثه العقيدة في نفسية الفرد عن طريق الإيمان بالله، وما يتبعه من الطاعات الدينية الأخرى.

فالإيمان بالله يطلق النفس من قيودها المادية، فتتعالى على الشهوات والغرائز فيسعى الإنسان لنفسه ولأمته ضمن قوانين الحق والخير والفضيلة.

والله تعالى يطلب منا بقوة أن يكون لنا قلب خالص من تأثير الدنيا ومن أهوائه الخاصة، قلب يتخذ من الله عز وجل الهدف الوحيد لأعماله، وهذا هو مجموع الشروط التي تتحدد بها صفة “الخضوع الخالص”.

وقد بين الرسول صلى الله عليه وسلم هذه الحقيقة في كثير من الأحاديث، منها: ما رواه البخاري ومسلم، واللفظ له، عن أبي موسى الأشعري: أن رجلا أعرابيا أتى النبي فقال: يا رسول الله، الرجل يقاتل للمغنم، والرجل يقاتل للذكر، والرجل يقاتل ليرى مكانه، فمن في سبيل الله، قال الرسول: “من قاتل لتكون كلمة الله أعلى فهو في سبيل الله”[10].

قال المحاسبي: “وأكثر العلماء يرون أنه أشد الحديث، إذ لم يجعل في سبيل الله إلا من أخلص لتعلو الكلمة وحدها، ولم يضم إليها إرادة غيرها[11].

وروى النسائي عن أبي إمامة الباهلي قال: جاء رجل إلى النبي فقال: أرأيت رجلا غزا يلتمس الأجر والذكر ماله، فقال: لا شيء له، ثم قال: “إن الله لا يقبل من العمل إلا ما كان له خالصا وابتغي به وجهه”[12].

وفي تفسير القرطبي: “قال مجاهد: جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم رجل فقال: يا رسول الله: إني أتصدق وأصل الرحم ولا أصنع ذلك إلا لله تعالى، فيذكر ذلك مني وأحمد عليه فيسرني ذلك وأعجب به، فسكت الرسول ولم يقل شيئا، فأنزل الله تعالى: (فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا) (الكهف: 110)[13].

إن المسلم الحق يجد في فكرة الإخلاص المرتبطة بصدق الإيمان وقوة العقيدة ما يدفعه حقا إلى دعم جهوده وتغذية طاقاته، وترقية نفسه، ومضاعفة ما يقتضيه من ذاته، من أجل المحافظة على جودة أعماله، وطهارة نواياه، والإتيان بما هو خير وأفضل وصالح له ولمجتمعه. ولا ريب أن واقع التفكير في الله تعالى لحظة العمل وهو معين لا ينضب من الطاقة للمؤمن، له تأثيره على إرادته، وهو يضاعف من حماسه، كي يكمل عمله ويصل بدوره إلى مرتبة الكمال الأخلاقي[14].

ولقد بلغ الأمر بالرسول صلى الله عليه وسلم أن جعل من هذه الفكرة تحديدا للكمال ذاته، فقد سئل: “ما الإحسان؟ فأجاب: الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك[15].

فالإحسان كما يفهم من الحديث: إخلاص النية لله ومراقبته، والعلم بمواقع الحسن والاستحسان، وهو الدرجة التي يشعر فيها الفرد المسلم أن الله يراقبه في كل شيء ويراه في كل تصرفاته ويطلع عليه في كل عمل يعمل أو يدع، أو أنه يرى الله ويشاهده ويتجه إليه بكل جوارحه وأعماله وسلوكه، حتى لم يعد يود أن ينفلت عن الاتجاه إليه.

فالمسلم الذي تسيطر عليه وعلى عقله وتملأ وجدانه فكرة الإخلاص والمراقبة، يخاف أن يرتكب أمرا مهما صَغُر… يجعله يحمر خجلا أمام عظمة الله تعالى. ولنقرأ في ذلك ما رواه ابن مسعود، أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: “استحيوا من الله حق الحياء، قلنا: إنا نستحيي من الله يا رسول الله، والحمد لله قال ليس كذلك، ولكن الاستحياء من الله حق الحياء: أن تحفظ الرأس وما وعى، والبطن وما حوى، وتذكر الموتى والبلى ومن أراد الآخرة ترك زينة الحياة الدنيا وآثر الآخرة على الأولى، فمن فعل ذلك فقد استحيا من الله حق الحياء”[16].

فإذا أخطأ المسلم وارتكب عملا يشذ عن طبيعته وخصائصه وأوصافه، فذلك لأنه غابت عنه في غمرة الحياة ولهوها تلك الفكرة العادية التي أدركت يوسف، عليه السلام، من قبل حين رأى برهان ربه) (يوسف: 24). ولكن ذكر الله تعالى يوقظ الضمير الخافت ويوجهه نحو الحق ويثير في النفس حالة الندم، يتبعها الاستغفار والتوبة، وبذلك يمكن للمسلم أن يسترد مكانه في المجتمع وفي ذلك يقول عز وجل (والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفر لذنوبهم) (آل عمران: 135).

نستخلص من كل ما تقدم ، أن العقيدة الإسلامية عقيدة سلوكية إيجابية، وليست تصورا ذهنيا مجردا، إذ قرنت الإيمان بالعمل الصالح، ونوهت بنوعية العمل الذي يتفق ومقتضى الإيمان من كونه صالحا، وجعلت قيمة الإنسان الذاتية نابعة من عمله وسلوكه، لا من أمر خارج عنه، لقوله تعالى: (ولكل درجات مما عملوا) (الأنعام: 132 – والأحقاب: 19).

ويترتب عن هذا، أن المواقف التي يتخذها المسلم الحق في حياته، إنما هي صدى لمقتضيات العقيدة ومستلزماتها وتعبير عنها، بل هي تحقيق لمضمونها في الواقع بما تمثله من معنى الاستقامة المأمور بها موصلة بالإيمان.

إن العقيدة بهذا الوصل، حالت دون الانفصال بين مفهومها الذهني المجرد وما تثيره من مشاعر وجدانية، وبين السلوك العملي للفرد المسلم، فالسلوك في الإسلام عقائدي الأصل، لا قيمة له ولا وزن إذا لم يكن منبعثا عن هذه العقيدة ومطابقا لمقتضياتها.

التشريع الإسلامي ومدى ارتباطه بالأخلاق

إن السمة البارزة في الأخلاق الإسلامية، إنها أخلاق مرتبطة ارتباطا وثيقا بالعقيدة والإيمان، الأمر الذي جعل منها قيما ثابتة وأكسبها صفة الإلزام[17].

فجوهر الأخلاق الإسلامية يقوم على الإيمان بالله وحده وبما أمر به تعالى من قواعد الأدب النفسي وقواعد السلوك للفرد والجماعة. وحين ينبع الخير من ضمير الإنسان المؤمن يتجرد من كل نوازع الأنانية وحب المنفعة وغرائز الشر الكامنة في النفس الإنسانية. وحين تتجرد الأخلاق من الإيمان تفقد جذورها الأصلية في النفس، وتفقد كل تأثير في الحياة العامة.

ولذلك، كان للأخلاق الإسلامية قيمة رفيعة ومنزلة عظيمة، حتى بلغ الأمر بالرسول صلى الله عليه وسلم إلى أن يحدد مجال رسالته في الأخلاق، فقال: “إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق”[18]. مما دفع المحققين من علماء الإسلام إلى القول: ” الدين كله خلق فمن زاد عليك في الخلق زاد عليك في الدين”[19].

ولم يقف الإسلام عند حد الدعوة إلى مكارم الأخلاق وفضائلها وتمجيدها، بل عمل على إرساء قواعدها وتحديد معالمها وضبط مقاييسها الكلية، ووضع كثيرا من الأمثلة لجزئيات السلوك، ثم أغرى الإنسان بالاستقامة وحضه عليها، وحذره من الانحراف والخروج عن الآداب العامة، مصداقا لقوله تعالى: (قل إنما أنا بشر مثلكم يوحى إلي إنما إلهكم إله واحد فاستقيموا إليه واستغفروه) (فصلت: 6). وقوله أيضا: (إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون) (الأحقاب: 13). وجاء رجل إلى الرسول صلى الله عليه وسلم فقال: “أوصني يا رسول الله، فأجابه بكلمة موجزة وافية: “قل آمنت بالله ثم استقم”[20].

إن الغاية الأساسية من وضع القواعد الأخلاقية وضبط معايير السلوك، هو حماية مقومات المجتمع من الانهيار عن طريق بناء شخصية أخلاقية متوازنة تعمل وفق مقتضيات هذه القواعد والمثل، وبالتالي تستطيع أن تساهم في خدمة المجتمع وتوجيهه نحو الكمال، فتمتنع بذلك وسائل الانحراف ودوافع الجريمة، ويعيش المجتمع في أمن واستقرار.

وقد أعطى الرسول النموذج المثالي للشخصية الأخلاقية كما أرادها الله تعالى وتكلم عنها القرآن – ويكفي أن نقرأ أسمى ما وصف به الله تعالى نبيه فقال: (وإنك لعلى خلق عظيم) (القلم: 4). وبذلك كان الرسول صورة مثالية في التواضع والحياء والعدل والعفة والكرم[21].وهي قيم عالية تثري نفسية المسلم وتغذي طاقاته وتحيي ضميره وتغنيه عن فعل الشر والتطاول على الحرمات والإقدام على المعاصي وارتكاب المنكرات، وتحبب إليه فعل الخير والفضيلة، وترغبه في عمل ما هو أفضل.

ولسنا في حاجة إلى تتبع الآيات القرآنية والأحاديث النبوية التي تدعو إلى مكارم الأخلاق وفضائلها،وحسبنا أن نقرر أن الآيات القرآنية تلح في طلب الفضل وتوصي بفعل الخير، وتؤكد على أن الذين لهم التفوق الأخلاقي في الأرض لهم منزلة رفيعة ودرجة عظيمة عند الله تعالى، ويدعم الرسول هذه الحقيقة بمجموعة من الأحاديث، نذكر منها: “أن الله تعالى يحب معالي الأمور وأشرافها ويكره سفسافها”.[22] “ما من شيء أثقل في الميزان من حسن الخلق”[23]. “أكمل المومنين إيمانا أحسنهم أخلاقا”[24].

ويلخص الرسول، صلى الله عليه وسلم، دعوته في وصية بليغة فيقول: “اتق الله حيثما كنت، واتبع السيئة الحسنة تمحها، وخالق الناس بخلق حسن”[25].

فليس غريبا إذن، أن نجد الشريعة الإسلامية تركز على الجانب الأخلاقي، وتربط القاعدة التشريعية القانونية بالقواعد والضوابط الأخلاقية في جميع أقسامها وفروعها. وسأبرز فيما يلي الجانب الأخلاقي في فروع الشريعة الإسلامية:

1. في مجال الأحوال الشخصية المتعلقة بتنظيم العلاقات السرية، حرص الإسلام على تقوية دعائم الأسرة وتثبيت روابط الحياة الزوجية على أساس حسن المعاشرة وحسن التفاهم بين الزوجين، والإصلاح بينهما عند الاختلاف، والمعروف في حالة الافتراق يقول الله تعالى: (وعاشروهن بالمعروف، فإن كرهتموهن فعسى أن تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيرا كثيرا) (النساء: 19). ويقول أيضا: (وإن امرأة خافت من بعلها نشوزا أو إعراضا فلا جناح عليهما أن يصالحا بينهما صلحا، والصلح خير) (النساء: 128). ويقول أيضا: (وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فامسكوهن بمعروف أو سرحوهن بمعروف، ولا تمسكوهن ضرارا لتعتدوا، ومن يفعل ذلك فقد ظلم نفسه) (البقرة: 231).

2. وفي مجال الحقوق المدنية يرى فقهاء وفقهاء المسلمين أن النية أو القصد له تأثير في التصرفات العقدية وغير العقدية تحليلا وتحريما، بحسب مقتضى الشرع واعتباراته، فإن كان القصد صحيحا وموافقا لمقصود الشرع كان العقد صحيحا، وإن كان غير موافق للشرع ومخالفا لقواعده كان العقد باطلا. يقول ابن القيم الجوزية: “وقاعدة الشريعة التي لا يجوز هدمها أن المقاصد والاعتقادات معتبرة في التصرفات والعادات كما هي معتبرة في التقربات والعبادات، فالقصد والنية والاعتقاد يجعل الشيء حلالا أو حراما، صحيحا أو فاسدا، طاعة أو معصية”[26].

ولذلك لا يعتد بصيغة العقد لا باعتبارها مظهرة لمكنون النفس، ودالة على حقيقة القصد. فإذا انحرفت العبارة عن القصد والإرادة الحقيقية كان ذلك تحايلا على الشرع[27]. وكل تصرف تختفي فيه النية الحسنة يعد عملا لا أخلاقيا، وبذلك فهو مرفوض شرعا. يقول الغزالي في معرض تفسيره للحديث: “نية المؤمن خير من عمله”[28]. يقول: “أي لكل واحد منهما أثر في المقصود، وأثر النية أكثر من أثر العمل، فمعناه: نية المؤمن من جملة طاعته خير من عمله الذي هو من جملة طاعته”[29].

3. وفي مجال الأحكام الجنائية، نجد القواعد التي أقام عليها الإسلام نظامه الجنائي تعنى عناية قصوى بحماية القيم الأخلاقية والآداب العامة. ونلمس ذلك صراحة في جريمتي الزنا والقذف اللتين قررتهما الشريعة الإسلامية ضمن جرائم الحدود.

وفي نظام التعزير نرى المجال… واسعا لحماية القيم الأخلاقية بتقرير العقوبات على التصرفات التي تخالف هذه القيم، وهي كثيرة لا تنحصر.

نستخلص من هذا أن القواعد الجنائية تعمل على خدمة الجانب الأخلاقي ودعمه وحمايته، وتجبر الناس على احترامه.

4. وفي مجال أحكام المرافعات المتعلقة بالقضاء والشهادة واليمين، وضعت الشريعة شروطا يجب تحقيقها في من يتولى العمل القضائي[30]. ومن جملة الشروط ذات الصبغة الأخلاقية: العدالة، ويراد بها أن يكون المرء مستقيما في سلوكه، بعيدا عن كل خوارم المروءة وعما ينقص من قدره في نظر الناس. يقول الماوردي[31]: “أن يكون صادق اللهجة، ظاهر الأمانة، عفيفا عن المحارم، متوقيا للمآثم، بعيدا من الريب، مأمونا في الرضا والغضب، مستعملا لمروءة مثله في دينه ودنياه، فإذا تكاملت فيه، فهي العدالة التي تجوز بها شهادته وتصح بها ولايته، وإن انخرم منها وصف منع من الشهادة والولاية فلم يسمع له قول ولم ينفذ له حكم”[32].

وقال ابن المناصف[33]. في “تنبيه الحكام في مأخذ الأحكام” : “واعلم أنه يجب على من ولي القضاء، وابتلي بعظيم هذا البلاء، أن يعالج نفسه ويجتهد في صلاح حاله، ويكون ذلك أهم ما يجعله من باله، فيحمل نفسه على آداب الشرع وحفظ المروءة وعلو الهمة واستعمال الوقار والسكينة، ويتوقى ما يشينه في دينه ومروءته وعقله، أو يحطه في منصبه وهمته، فإنه أهل للنظر لأن ينظر إليه ويقتدى به”.[34]

واتفق الفقهاء على اشتراط العدالة في شهادة الشهود[35]. لقوله تعالى: (واشهدوا ذوي عدل منكم) (الطلاق: 2). يقول القرافي[36]: “إن اشتراط العدالة في التصرفات مصلحة لحصول الضبط بها، وعدم الانضباط مع الفلسفة ومن لا يوثق به لضاعت وكذلك الولايات كالإمامة والقضاء وأمانة الحكم وغير ذلك من الولايات مما في معنى هذه، لو فوضت لمن لا يوثق به لحكم بالجور وانتشر الظلم وضاعت المصالح وكثرت المفاسد[37].

وقد عرف الغزالي العدالة، فقال: “العدالة عبارة عن استقامة السيرة والدين ويرجع حاصلها إلى هيئة راسخة في النفس تحمل على ملازمة التقوى والمروءة جميعا حتى تحصل ثقة النفوس بصدقه”[38].

ويرى فقهاء المذهب المالكي أن العدل هو: الذي يتجنب الكبائر ويتقي في أغلب أحواله الصغائر[39]. قال ابن الحاجب[40].في مختصره: “العدالة محافظة دينية تحمل على ملازمة التقوى والمروءة ليس معها بدعة وتتحقق باجتناب الكبائر وترك الإصرار على الصغائر وبعض الصغائر[41].

وقد ذهب أغلب الفقهاء إلى هذا المعنى[42]. وزاد بعضهم ما يسمونه “استعمال المروءة”، وقيل في بيانه: “المروءة هي الإنسانية، وهي مشتقة من المرء، ومن ترك الإنسانية لم يؤمن أن يشهد بالزور، لأن من لا يستحيي من الناس في ترك المروءة لم يبال بما يصنع”[43].

5. وفي مجال الأحكام الدستورية المتعلقة بنظام الحكم وأصوله، يواجهنا مبدأ من أسمى المبادئ التي أرسى عليها الإسلام دعائم الحكم والسياسة، وهو مبدأ الشورى.

والشورى أصل أخلاقي من أصول الحكم، يرتفع به الحاكم عن نوازع الأنانية والتفرد بالقرار والاستبداد بالرأي واحتكار التشريع والتصريف والإدارة.

6. وفي مجال الأحكام الدولية، وضعت الشريعة الإسلامية ضمانات عادلة وقواعد أخلاقية راقية لحفظ المعاهدات الدولية وصيانتها، ومعاملة غير المسلمين معاملة إنسانية تتوافق مع سماحة الإسلام ودعوته إلى الرفق والإحسان والرحمة.

وتبدو هذه المعاملة واضحة جلية في مجموعة الأحكام التي تزخر بها كتب الفقه الإسلامي حول أهل الذمة المعاهدين والمحاربين، والمسائل التي تنظم التعامل معهم في حالة السلم والحرب والأسر. وأسوق نموذجا لذلك فيما يلي:

يؤكد ابن القيم الجوزية على سماحة الإسلام وإنسانيته حينما يأبى أن يفسر كلمة “الصغار” الواردة في قوله تعالى: (حتى يعطوا الجزية عن بدوهم صاغرون) (التوبة: 29). أن يفسرها بالامتهان والإذلال، ويصرح بأن هذا كله مما لا دليل ولا مقتضى الآية، يقول: “واختلف الناس في تفسير الصغار الذي يكونون عليه وقت أداء الجزية، فقال عكرمة: أن يدفعها وهو قائم، ويكون الآخذ جالسا. وقالت طائفة: أن يأتي بها بنفسه ماشيا لا راكبا ويطال وقوفه عند إتيانه بها، ويجر إلى الموضع الذي تؤخذ منه بالعنف، ثم تجريده ويمتهن، وهذا كله مما لا دليل عليه، ولا هو مقتضى الآية أن الصغار هو التزامهم بحريات أحكام الملة عليهم وإعطاء الجزية، فإن التزام ذلك هو الصغار”[44].

ويرى فقهاء المذهب الحنفي أن الذمي يصير في جريان الأحكام عليه كالمسلم بمجرد التزامه أحكام الإسلام[45]. ويصرحون في أبواب الإجارة والشفعة والمضاربة والمزارعة بأن الإسلام ليس بشرط في التعاقد أصلا، فإن غير المسلم يملك عقد المفاوضة كما يملك جميع البياعات[46]. جاء في البدائع: “وأما إسلام الشفيع فليس بشرط لوجوب الشفعة، فتجب لأهل الذمة فيما بينهم وللذمي على المسلم، لأن هذا حق التملك على المشتري بمنزلة الشراء منه، والكافر والمسلم في ذاك سواء، ولأنه من الأمور الدنيوية[47].

7. وفي مجال الحقوق المالية والاقتصادية، تبرز الأخلاقية الإسلامية بحدة، مما يجعلنا نقرر أن الاقتصاد الإسلامي اقتصاد أخلاقي في مبادئه وطرقه وغاياته، فمفاهيم الملكية المزدوجة، والحرية الفردية المحدودة، والعدالة الاجتماعية، جميعها مفاهيم تدعم الجانب الأخلاقي في الاقتصاد الإسلامي.

والإسلام يعتبر العمل الدعامة الأساسية للإنتاج، ويحرص أن يكون شريفا[48]. وقد رتب على ذلك واجب مساءلة العامل إذا لم يكن واعظ الإيمان في قلبه، فقد حاسب الرسول صلى الله عليه وسلم عماله وولاته[49]. وأرسى الفقهاء قاعدة تضمين الصناع، هملا بمبدأ المصلحة المرسلة إذا فرطوا أو أهملوا أو أتلفوا[50]. وكره الإسلام تكثيف الثروة وحسبها عن التداول في سبيل الله لصالح المجتمع في ما شرع الله تعالى، ووضع قاعدة الإنفاق عن طريق فرض الزكاة والترغيب في الإحسان، يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: “من تصدق بعدل ثمرة من كسب طيب، ولا يصعد إلى الله إلا الطيب، فإن الله يقبلها بيمينه ثم يربيها لصاحبها كما يربي أحدكم فلوه حتى تكون مثل الجبل”[51].

إن النتيجة الأساسية التي نستخلصها من كل ما تقدم، هي أن التشريع الإسلامي في كل أقسامه وفروعه تحكمه القاعدة الأخلاقية، وهو ما دفع البعض إلى وصف القانون الإسلامي بأنه قانون القواعد الأخلاقية[52].

القاعدة التشريعية وارتباطها بالقاعدة الخلقية

الهوامش


1. من الكتب التي تناولت هذه المشكلة بتفصيل نذكر على سبيل المثال:

-Martin gloding : philosophie of law. Jersey-1957.

-H. l. a. hart : l’art : Law ;liberty and morality–london 1963–1969.

-H. l. a. hart : the morality of the criminal law–jerusalim–1965.

-Lord devlin ; the Enforcement of morals–london–1965.

-Wol gang friedman : law in changing society–lon don–1972.

-Basil mit chel ; law ; morality and religion–london–1970.

-M ; 5 ; et awa ; the theory of punishment in islamic law–univ–london–1972.

-راجع في أصول النظام الجنائي للدكتور محمد سليم العوا ص: 45–48.

2. إن فكرة الفصل بين القيم الخلقية الشخصية، أو الخاصة، وبين الأخلاق العامة هي الفكرة التي يقوم عليها إلى اليوم منهج التشريعات الجنائية الأوربية والتشريعات المتأثرة بها خارج أوروبا في أسباغ الحماية الجنائية أو عدم إسباغها على الأفعال المنافية لما توجبه قواعد الأخلاق من سلوك.

راجع بين القاعدة القانونية والقاعدة الأخلاقية–بحث الدكتور محمد سليم العوا–منشور بحولية كلية الشريعة والدراسات الإسلامية بجامعة قطر–ع: 5–السنة: 1407–1987م–ص: 192.

3. راجع ما ذكره الغزالي في معناها كتابه: إحياء علوم الدين 4-72.

4. ولذلك نجد الرسول صلى الله عليه وسلم يركز على الموقف الباطني الذي هو جوهر الفضيلة ذاته، فيقول: “التقوى هاهنا يشير إلى صدره ثلاث مرات”. رواه أبو هريرة، صحيح مسلم بشرح الآبي، كتاب البر، 7–18.

5. صحيح البخاري بشرح ابن حجر العقلاني، كتاب الإيمان، 1–126.

6. هو أبو عبد الله الحارث بن أسد المحاسبي، نشأ بالبصرة واستقر ببغداد، كان زاهدا صوفيا فقيها محدثا أصوليا متكلما، وكان التصوف هو الغالب عليه، عاصر الإمام أحمد ابن حنبل وحدث بينهما اختلاف في الرأي يتعلق بالكتابة في المسائل الكلامية من كتبه: كتاب الوهم، رسالة المسترشدين، كتاب الوصايا أو النصائح الدينية وأشهرها كتابه الرعاية لحقوق الله، توفي سنة 21/3ﻫ.

طبقات الشافعية الكبرى 2/39 حلية الأولياء 10/73–109–الإعلام 2/153.

7. الرعاية لحقوق الله ص: 104.

8. إحياء علوم الدين 4–286.

9. المرجع نفسه.

10. صحيح مسلم بشرح الآبي، كتاب الاستخلاف، 5–247…

11. الرعاية لحقوق الله، ص: 277.

12. سنن النسائي بشرح السيوطي وحاشية السندي، كتاب الجهاد، 6/25 وروى ابن أبي الدنيا في كتاب الإخلاص والحاكم في النذر عن مما ذبن جبل، أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: “أخلص دينك يكفيك القليل من العمل” فيض للقدير للمناوي 1-216-217.

13. الجامع لأحكام القرآن، 11–70. وحالة الإخلاص هذه تقتضي الخضوع للأمر المطلق الصريح دون نظر إلى علته أو ما يترتب عنه من عطاء أو جزاء وفي ذلك يقول الشاطبي: “أما الإخلاص، فلأن المكلف إذا لبى المر والنهي في السبب، من غير نظر إلى سوى الأمر والنهي خارج عن حظوظه قائم بحقوق ربه واقف موقف العبودية، بخلاف ما إذا التفت إلى المسبب ورعاه فإنه عند الالتفات إليه متوجه شطره، فصار توجهه إلى ربه بالسبب بواسطة التوجه إلى المسبب (-الموافقات، 1–219–220. وفي هذا الصدد تساق لنا حكاية التقي المخدوع الذي سمع أن من أخلص لله أربعين صباحا ظهرت ينابيع الحكمة من قلبه على لسانه، فأخذ بزعمه في الاخلاص لينال الحكمة فتم الأمد ولم تأت الحكمة، فسأل عن ذلك، فقيل له: إنما أخلصت للحكمة ولم تخلص لله.أخرجه أبو نعيم في الحلية عن أبي أيوب الأنصاري 5–189.

وأورده ابن الجوزي في الموضوعات، وضعفه الحافظ العراقي في تخريج أحاديث الإحياء للغزالي، فيض للقدير للمناوي 6–44. وانظر حديث الثلاثة الذين تسعر بهم نار جهنم، لأنهم لم يخلصوا العمل لله. سنن النسائي بشرح السيوطي وحاشية السندي 6–24.

14. يقول المحاسبي: “فإن جاشت النفس إلى العجلة بالفعل، فما الذي يحبسها قال: يذكرها نظر الله عز وجل إليها ويخوفها نزول نقمته” الرعاية لحقوق الله ص: 107–وانظر معه: مدارج السالكين لأبن القيم الجوزية 2–89 وما بعدها.

15. صحيح البخاري بشرح ابن حجر العسقلاني، كتاب الإيمان 1–114.

16. رواه الترمذي، تيسير الوصول لابن الديبع الشيباني، كتاب الحياء 2–23.

17. لذلك فقد بات من الطبيعي أن نقرأ عن الإلزام الأخلاقي في كتابه الباحثين المهتمين بالخلاق الإسلامية، انظر: دستور الخلاق في القرءان: محمد عبد الله دراز ص: 62.

18. رواه البخاري في الأدب المفرد، والحاكم في المستدرك، والبيهقي في شعب الإيمان، قال ابن عبد البر: حديث متصل من وجوه صحاح عن أبي هريرة فيض القدير للمناوي 2–572.

19. مدارج السالكين: ابن القيم الجوزية، 2–307.

20. الرجل هو سفيان بن عبد الله الثقفي، والحديث رواه مسلم والترمذي والنسائي وأحمد وابن ماجة، كنزا لعمال: علي المتقي بن حسام الدين الهندي 3–57.

21. انظر إحياء علوم الدين للغزالي 2–271–261.

22. رواه الطبري عن الحسين بن علي، حديث حسن، فيض القدير 2–295–296.

23. رواه أبو داوود والترمذي وقال: حديث صحيح، فيض القدير: 5–483.

24. صحيح رواه ابن أبي شيبة، كنزا لعمال: 3–665.

25. رواه احمد والترمذي في الزهد، والحاكم والبيهقي في الإيمان عن أبي ذر الغفاري قال الترمذي: حسن صحيح، فيض القدير 1–120.

26. أعلام الموقعين: ابن القيم الجوزية 3–95–96. وقد نقله بنصه من فتاوي شيخه ابن تيمية طبعة دار المعرفة، 3–141.

27. يقول الشاطبي في الموافقات 2–206: “إن العمل على المقاصد الأصلية يصير الطاعة أعظم، وإذا خولفت فكانت معصيتها أعظم”. راجع في هذه المسألة: الأشباه والنظائر للسيوطي ص: 9–10 والأشباه والنظائر لابن نجيم ص: 27–55 والأحكام في أصول الأحكام للآمدي 4–62.

28. رواه العسكري في الأمثال، والبيهقي في شعب الإيمان، والطبراني، والديلمي وطرق كلها ضعيفة. قال البخاري في المقاصد الحسنة: وهي وإن كانت ضعيفة فبمجموعها يتقوى الحديث.

كشف الخفا ومزيل الإلباس: إسماعيل المجلوني 2–430.

29. إحياء علوم الدين للغزالي 4–285،-وقارن مع كلام السيوطي في الأشباه ص: 11.

30. في شروط القضاء، راجع: المرقبة العليا للنباهي ص: 4–5–والقوانين الفقهية لابن جزي ص 295–والتبصرة لابن فرحون 1–123–وحاشية الدسوقي علي دردير 4–123–والمبسوط للسرسخي 16–59.

31. هو علي بن محمد بن حبيب، أبو الحسن، المعروف بالماوردي. ولد بالبصرة سنة 364ﻫ وتوفي ببغداد سنة 450ﻫ، كان من وجوه الفقهاء الشافعيين، وله اليد الطولي في المذهبين من كتبه: الحاوي في الفتاوي، والإقناع في الفقه، وكتاب أدب….

32. الأحكام السلطانية، ص: 66–ونظير هذا الكلام ذكره ابن شاس ونقله ابن فرحون في تبصرة الحكام 1–217.

33. هو محمد بن عيسى بن أصبع، المعروف بابن المناصف، الأردي القرطبي ولد بالمهدية بافريقية في رجب 563ﻫ بها نشأ ويكنى أبا عبد الله وبيته بيت علم، تولى قضاء بلنسية ثم مرسي، انتقل إلى المغرب ونزل بمدينة مراكش إلى أن توفي سنة 620ﻫ كان فقيها جليلا، من كتبه: الاتحاد في أبواب الجهاد وتنبيه الأحكام في سيرة القضاة وقبول الشهادات وتنفيذ الأحكام والحسبة.

نيل الابتهاج للتنبكتي ص: 229–المغرب في حلى المغرب لابن سعيد 1–105.

34. المعيار المعرب: أبو العباس الونشريسي 10–50 وفي مفيد الحكام لابن هشام الزدي: “واتفق مالك وجميع أصحابه والشافعي وأبو حنيفة رحمهم الله، على أنه لا يجوز لحاكم أن يحكم بين الناس حتى يكون عالما بالحديث والفقه مع عقل وورع، قال ابن حبيب: فإن لم يكن له علم وكان له عقل وورع يكفي” 4–أ.

35. بداية المجتهد: أبو الوليد بن رشد 2–462.

36. هو أحمد بن أبي العلاء إدريس بن عبد الرحمن بن عبد الله بن يلين البهفشيمي البهنسي، أبو العباس شهاب الدين القرافي، من علماء المالكية، نسبته إلى قبيلة صنهاجة والي القرافة محلة بالقاهرة، مصري المولد والمنشأ والوفاة، كان… تبحره في عدة فروع المعرفة، من البارعين في عمل التماثيل المتحركة في الآلات الفلكية، توفي سنة 684ﻫ من كتبه في الفقه والأصول: أنوار البروق في أنواء الفروق، والذخيرة في الفقه، وشرح تنقيح الفصول وغيرها الديباج المذهب ص: 62–67 شجرة النور الزكية لابن مخلوف ص: 188.

37. الفروق: القرافي 4–34.

38. المستصفى، 1–157. وانظر المحصول في علم الأصول للرازي ق 1–ج 2-571.

39. دليل الرفاق على شمس الاتفاق: ماء العينين بن مامين 3–18.

40. هو عثمان بن عمر بن أبي بكر، أبو عمرو جمال الدين ابن الحاجب فقيه مالكي من كبار العلماء، كردي الأصل، ولد بمصر سنة 570ﻫ وتوفي سنة 646ﻫ كان أبوه حاجبا فعرف به. مؤلفاته تنبني عن فضله، منها الكافية في النحو، مختصر في الفقه المالكي، ومنتهى السول والأمل في علمي الأصول والجدل، والإيضاح في شرح المفصل للزمخشري.

وفيات الأعيان لابن خلكان 1–314–العلام 4–211.

41. قواعد الفقه: أبو عبد الله المقري، قاعدة 1154، 3–458–قارن كلامه مع كلام ابن رشد، نقله ابن فرحون في تبصرة الحكام 1–261–وانظر مواهب الجليل: محمد الحطاب 6–150.

42. البحر الرائق: ابن نجيم 7–104–المبسوط 16–121–بدائع الصنائع: الكاساني 6–268–المحلي لابن حزم 9–393.

43. المهذب للشيرازي 2–326–اسنى المطالب لزكريا النصاري 4–339–حاشية البجيرمي على شرح الاقناع، سليمان البجيرمي 4–360–وانظر ردا ابن حزم على الشافعي في اشتراطه المروءة المحلى 9–395.

والعدالة عند الحنابلة تعني: استواء من الخلاف: علاء الدين المرداوي 12–43 كشاف القناع: منصر بن إدريس الحنبلي 6–422–الاقناع: شرف الدين الحجاوي–4–437 المذهب لأحمد لأبن الجوزي ص: 146.

44. أحكام أهل الذمة: ابن القيم الجوزية 1–23–24–ويجد الارئ في هذا الكتاب صورة مثالية لنوعية المعاملة التي كان المسلمون يسلكونها اتجاه أهل الذمة.

45. المبسوط للسرخسي 10–84.

يقول آدم متز: “أما حياة الذمي فإنها عند أبي حنيفة وابن حنبل تكافئ حياة المسلم، وديته دية المسلم، وهي مسألة مهمة جدا من حيث المبدأ” الحضارة الإسلامية في القرن الرابع الهجري 1–87.

46. بدائع الصنائع: الكاساني 4–176–5–135–5–192.

47. المصدر السابق 5–16–يقول آدم متز: “لم يكن في التشريع الإسلامي ما يغلق دون أهل الذمة أي باب من أبواب العمال، وكان قدمهم راسخا في الصنائع التي تدر الأرباح الوافرة” الحضارة الإسلامية في القرن الرابع الهجري 1-86.

48. وردت في فضل العمل والكسب الحلال أحاديث كثيرة، انظرها في كنز العمال، 4–4.

49. حاسب الرسول عبد الله بن اللتبية، وكان عاملا له على صدقات بني سليم وقصته المشهورة يرجع إليها في فتح الباري شرح صحيح البخاري لابن حجر العسقلاني كتاب الأحكام 13–164 و189.

50. بداية المجتهد لابن رشد 2–232.

51. صحيح البخاري بشرح ابن.. العسقلاني، كتاب التوحيد 13–415.

52. في أصول النظام الجنائي: محمد سليم العواص، ص48.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق