مركز عقبة بن نافع للدراسات والأبحاث حول الصحابة والتابعينأعلام

الصحابي الجليل سعيد بن زيد رضي الله عنه أحد العشرة المبشرين بالجنة

 

 

 

إعداد: يونس السباح

   * اسمه ونسبه وكنيته:

هو الصحابي الجليل، سعيد بن زيد، بن عمرو، بن نُفَيْل، بن عبد العُزَّى، بن رِيَاح، بن عبد الله، بن قرط، بن رزاح، بن عدي، بن كعب، بن لؤي. ويكنَّى أبا الأعور، أحد العشرة المبشّرين بالجنّة.

 وأمَّا أُمّه: فهي فاطمة بنت بعجة، بن أمية، بن خويلد، بن خالد، بن المعمر، بن حيان، بن غنم، بن مليح، من خزاعة[1].

وله I مصاهرة وقربى مع الخليفة الجليل، عمر بن الخطّاب I، فقد كان ابن عمّه وصهره،  إذ كانت تحته فاطمة بنت الخطاب أخت عمر بن الخطاب، وكانت أخته عاتكة بنت زيد بن عمرو بن نقيل  تحت عمر بن الخطاب[2].

    * قصة إسلامه:

يعدّ هذا الصحابي الجليل، من أوائل من دخل في دين الله، فقد كان من السابقين إلى الإسلام، وفي بيته وبسببه، بسببه أسلم عمر الخطاب I، لأنه كان زوج أخته فاطمة كما تقدّم[3].

وهذا النزوع إلى الإسلام عند هذا الصحابي الجليل، ورثه بالفطرة من والده الذي كان يبحث عن ملّة إبراهيم.

 فقد ورد أنّ أباه زيد بن عمرو بن نُفيل كان يطلب الدين، وقدِم الشَّام فسأل اليهود والنصارى عن العلم والدِّين، فلم يعجبه دينهم، فقال له رجل من النصارى: أنت تلتمس دين إبراهيم، فقال زيد: وما دين إبراهيم؟ قال: كان حنيفا لا يعبد إلا الله وحده لا شريك له، وكان يعادي من عبد من دون الله شيئاً، ولا يأكل ما ذُبح على الأصنام، فقال زيد بن عمرو: وهذا الذي أعرف، وأنا على هذا الدين، فأمَّا عبادة حجرٍ أو خشبةٍ أنحتها بيدي، فهذا ليس بشيء، فرَجَع زيدٌ إلى مكة وهو على دين إبراهيم[4].

وقد ورد في خبر فيه مزيد تفصيل إسلام والده، رواه خارجة بن عبد الله بن كعب بن مالك قال: سمعت سعيد بن المسيّب يذكر زيد بن عمرو بن نفيل، فقال: توفّي وقريش تبني الكعبة قبل أن ينزل الوحي على رسول الله بخمس سنين، ولقد نزل به وإنه ليقول: أنا على دين إبراهيم، فأسلم ابنه سعيد بن زيد أبو الأعور، واتبع رسول الله، وأتى عمر بن الخطاب وسعيد بن زيد رسول الله فسألاه عن زيد بن عمرو، فقال رسول الله: «غفر الله لزيد بن عمرو ورحمه، فإنه مات على دين إبراهيم» . قال: فكان المسلمون بعد ذلك اليوم لا يذكره ذاكر منهم إلا ترحم عليه واستغفر له. ثم يقول سعيد بن المسيب: «رحمه الله وغفر له»[5].

وعن يزيد بن رومان قال: «أسلم سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل قبل أن يدخل رسول الله دار الأرقم، وقبل أن يدعو فيها»[6].

    * فضله وبشارته بالجنة:

يعدّ هذا الصحابي الجليل سعيد بن زيد من العجرة المبشّرين بالجنّة، وممن نافحوا عن هذا الدين، وأبلوا في سبيله البلاء الحسن، فاستحقّ لأجل هذه المكانة، بشارة النبي H، وشهادته له بالخيرية.

 وممّا ورد فيه من الفضائل، ما رواه حارثة الأنصاري. قال محمد بن عمر: وسمعت بعض هذا الحديث من غير ابن أبي سبرة قالوا: «لما تحيّن رسول الله فصول عير قريش من الشام، بعث طلحة بن عبيد الله، وسعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل، قبل خروجه من المدينة بعشر ليال، يتحسبان خبر العِير، فخرجا حتى بلغا الحوراء، فلم يزالا مقيمين هناك حتى مرت بهما العير، وبلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم  الخبر قبل رجوع طلحة وسعيد إليه، فندب أصحابه وخرج يريد العير، فساحَلَت العير وأسرعت، وساروا الليل والنهار فرقاً من الطلبة، وخرج طلحة بن عبيد الله، وسعيد بن زيد، يريدان المدينة ليخبرا رسول الله صلى الله عليه وسلم خبر العير، ولم يعلما بخروجه، فقدِما المدينة في اليوم الذي لاقى رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه النفير من قريش ببدر، فخرجا من المدينة يعترضان رسول الله فلقياه بتربان فيما بين ملل والسيالة على المحجة منصرفاً من بدر، فلم يشهد طلحة وسعيد الوقعة، وضرب لهما رسول الله بسهمانهما وأجورهما في بدر، فكانا كمن شهدها.

 وشهد سعيدٌ أحداً، والخندق، والمشاهد كلَّها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم»[7].

وأمّا شهادة النبي صلى الله عليهِ وسلم له بالجنّة، فقد رواه هو عن نفسه، قال: «قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اثبت حراء؛ فإنه ليس عليك إلا نبي، أو صديق، أو شهيد» قال: فسمى تسعة: رسول الله، وأبا بكر، وعمر، وعليا، وعثمان، وطلحة، والزبير، وعبد الرحمن بن عوف، وسعد بن مالك، وقال: لو شئت أن أسمّي العاشر لفعلت، يعني نفسه »[8].

وعنه رضي اللهُ عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: « عشرة من قريش في الجنة: أبو بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، وطلحة، والزبير، وعبد الرحمن بن عوف، وسعد بن مالك، وسعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل، وأبو عبيدة بن الجراح »[9].

     * وفاته ومقبره:

بعد عمر عامر بالجهاد والعطاء، وحياة مليئة بالكفاح في دين الله، توفي الصحابي الجليل، وأحد المبشرين بالجنّة، بمكان يدعى العقيق، وحُمل على رقاب الرجال، فدفن بالمدينة، ونزل في حفرته سعد ابن أبي وقاص، وعبد الله بن عمر، وذلك سنة خمسين أو إحدى وخمسين، وكان يوم مات ابن بضع وسبعين سنة، V ورضي عنه  [10].

وروى في خبر وفاته عن أهل الكوفة أنه مات عندهم بالكوفة في خلافة معاوية بن أبي سفيان، وصلى عليه المغيرة بن شعبة، وهو يومئذ والي الكوفة لمعاوية[11]

 


[1]  الطبقات الكبرى: 3/379. ومعجم الصحابة لابن قانع: 1/260.

[2]  الاستيعاب: 2/614.

[3]  الإصابة: 3/87.

 

[4]  الطبقات الكبرى: 3/379.

[5]  نفسه: 3/381.

[6]  الطبقات الكبرى: 3/382.

[7]  الطبقات الكبرى: 3/382.

[8]  أخرجه ابن سعد في الطبقات: 3/383. وأبو نعيم في معرفة الصحابة: 1/20.

[9]  الطبقات: 3/383.

[10]  نفسه: 3/379.

[11]  نفسه: 3/385.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق