مركز ابن أبي الربيع السبتي للدراسات اللغوية والأدبيةمفاهيم

الحجاج أفقاً للقيم الإنسانية

من جواهر الحجاج أنه قادر على تكوين شخصية الفرد على قيم الديمقراطية، والمواطنة، بتجلياتهما السياسية، والثقافية والاجتماعية، والأخلاقية أيضاً، وإلاّ كيف يمكنُ أن نفهم الحجة التي تعدّ في الأصل مقابلة للعنف والتسلُّط والتعصّب والتطرّف كقيم سلبية منافية لغايات الوجود الإنساني ! . 
 لكن أين يمكن أن نجد التوليف بين بلاغة الحجاج والديمقراطية ؟
هناك اتصال عميق بين المحاجج والمواطن، إن لم نؤكد أنهما يشكلان وجهين لعملة واحدة؛ فالذي يحاجج إنسان يشتغل بآليات النقد والفهم والسؤال ولا يأتي إلاّ ببلاغة الجواب، عكس الذي لا يحاجج فهو يشتغل بآليات التعصبّ وفرض الرأي ولا يأتي إلاّ لقمع الناس على اتباع مواقفه، التي تصبحُ في هذا المقام أيديولوجيا، مع العلم « أنّ الإيديولوجيا، شئنا أم أبينا، هي دوماً في حالة تعارض ضمني مع شيء سيكون هو الحقيقة »1  .

 

 

من جواهر الحجاج أنه قادر على تكوين شخصية الفرد على قيم الديمقراطية، والمواطنة، بتجلياتهما السياسية، والثقافية والاجتماعية، والأخلاقية أيضاً، وإلاّ كيف يمكنُ أن نفهم الحجة التي تعدّ في الأصل مقابلة للعنف والتسلُّط والتعصّب والتطرّف كقيم سلبية منافية لغايات الوجود الإنساني !

 لكن أين يمكن أن نجد التوليف بين بلاغة الحجاج والديمقراطية ؟

هناك اتصال عميق بين المحاجج والمواطن، إن لم نؤكد أنهما يشكلان وجهين لعملة واحدة؛ فالذي يحاجج إنسان يشتغل بآليات النقد والفهم والسؤال ولا يأتي إلاّ ببلاغة الجواب، عكس الذي لا يحاجج فهو يشتغل بآليات التعصبّ وفرض الرأي ولا يأتي إلاّ لقمع الناس على اتباع مواقفه، التي تصبحُ في هذا المقام أيديولوجيا، مع العلم « أنّ الإيديولوجيا، شئنا أم أبينا، هي دوماً في حالة تعارض ضمني مع شيء سيكون هو الحقيقة »1.

من ثم يمكن القول: إن قيمة الإنسان، أو إن شئت قلت: ‘ إنسانية الإنسان ‘، تقاس بمقدار تمكنه من استلهام شروط حكمة الحجة في اتخاذ المواقف، والدفاع عن الرأي، والتربية على المواطنة، والعيش في مجتمع الديمقراطية.

وهنا تظهر أدوار المؤسسات التربوية في تكوين مواطن يمتلك قدرات كافية في التعلم واستيعاب جدوى بناء المجتمع الديمقراطي عن طريق ما يمكن تسميته بــ« بيداغوجيا الحجاج » أو « التربية على المحاججة » التي يمكن النظر إليها باعتبارها أسّ التربية على حقوق الإنسان. وفي هذا السياق لا تقف بلاغة الحجاج عند حدود بلاغية كلاسيكية بل تمضي في تأسيس وضع للبلاغة ( بصفة عامة دون تجزيء ! ) في بداياتها الأولى؛ أي بلوغ المتكلم مقاصدهُ في التغيير، وإحكام القول، وبناء العقل النقدي، والتسامح، والاختلاف، والتفاهم الإنساني، وصون العلاقات الاجتماعية، مما يجعل النظر إلى بلاغة الحجاج يتقاطع مع كل امتدادات المعرفة الحقوقية عبر استعمالات اللغة وخططها، كــ « مظهر من مظاهر الكفاية التواصلية العامة، تضمن رفض الرأي الآخر بشكل عقلاني، وتقرب المسافة بين المختلفين في الرأي. إنها القنطرة التي تمكن المجتمع من تجاوز مرحلة التناقضات الحرجة من دون الجنوح إلى عنف لا يمكن أن نعرف تبعاته »2.

من منطلق هذه الرؤية إلى للبلاغة ، وفي سياق علاقة بلاغة الحجاج بالديمقراطية، وقيم الإنسان بصفة عامة، تطرح مجموعة من الأسئلة، يمكن صياغتها على الشكل الآتي :

ما هي المعالم الكبرى للتربية على المحاججة ؟

ما هي المداخل البلاغية للديمقراطية وقيم حقوق الإنسان بصفة عامة ؟

وهل يمكن للتربية على المحاججة ببلاغتها أن تجد موقع قدم في المجتمع العالمي المتعدد ثقافة وعقيدة ؟

ما هي آفاق البلاغة في عالم متغير يعيش امتداداً للأفكار المتطرفة ؟ 3 

ـــــــــــــــــــــــــــــــ

الهوامش:

1- ميشال  فوكو، نظام الخطاب، ترجمة محمد سبيلا، دار التنوير للطباعة والنشر والتوزيع. ط1،2012، ص:83.

2- د. لحسن توبي، الحجاج والمواطنة، رؤية للنشر والتوزيع، القاهرة. ط1. 2014. ص: 169-170.

3- لمزيد من التوضيح حول علاقة البلاغة بالتطرف، يرجى العودة إلى مقال ‘ في البلاغة والتطرف’ المنشور بموقع مركز أبي الربيع السبتي للدراسات اللغوية والأدبية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق