مركز ابن البنا المراكشي للبحوث والدراسات في تاريخ العلوم في الحضارة الإسلاميةدراسات عامة

الحبر والمداد في كتب الصناعات الشاملة

صدر للدكتور لطف الله قاري دراسة مهمة بمجلة معهد المخطوطات العربية المجلد 55- الجزء الأول-جمادى الأولى 1433هـ/مايو 2011م بعنوان” الحبر والمداد في كتب الصناعات الشاملة”. وقد تفضل الدكتور بالسماح للموقع بنشر هذه الدراسة، وننوه بأن حقوق نشرها وتوزيعها تظل محفوظة للمؤلف والمجلة، مع شكرنا الجزيل للدكتور لطف الله قاري ولمجلة معهد المخطوطات العربية.                                                      

(دراسة في المصادر)                                                        

لطف الله قاري(*)

كتب الصناعات الكيميائية في التراث العلمي هي التي تدور حول المجال الذي اصْطُلح على تسميته بالتِّقانة (التكنولوجيا) الكيميائية. فهي تمدُّنا بمعلومات قيمة حول (1) تنقية المواد الكيميائية، و(2) أنواع الأدوات والأجهزة المستخدَمة، و(3) العمليات processes الكيميائية، و(4) خطوات التصنيع، و(5) الخواصّ الطبيعية للمواد، و(6) التفاعلات الكيميائية.

وإذا كان أكثر الكتب المؤلَّفة في الصنعة (الخيمياء أو الكيمياء القديمة alchemy) تحتوي على مزيج من السحر والتنجيم والعبارات الرمزية الغامضة التي تغطي وضوح النص وجودته، فإن كتب الصناعات تمتاز بأنها مكتوبة بلغة سهلة واضحة.

وصل إلينا من الكتب والرسائل التراثية مؤلَّفات متخصِّصة في كل من: صناعة مواد الكتابة والصيدلة وصناعة العطور، والتصنيع الحربي، والجواهر والمعادن وسك العملات، والألعاب السحرية.

ومن هذه الكتب أيضًا مؤلَّفات احتوت على أكثر من صناعة من تلك الصناعات الكيميائية. ومن بين ما اشتملت عليه أبوابٌ لتصنيع أنواع الحبر. وهذا يجعلها مصدرًا لا يستغني عنه الباحث في دراسة هذا المجال. فنقدِّم في مقالتنا هذه استعراضًا لما احتوته تلك المؤلَّفات الشاملة من وصَفات لأنواع الحبر.

ولا نهدف هنا إلى تحليل مفصَّل لنصوص تلك الكتب؛ لأن هذا يتطلب بحثًا مطوَّلًا يصلح لأطروحة دراسات عليا. وإنما الغرض هو استعراض عامٌّ نستخلص منه بعض النتائج التي توضّح أهمية هذه الكتب الشاملة بوصفها مصادر في تاريخ صنع مواد الكتابة. إلا أننا نحاول مقارنة نصوص هذه الكتب بالكتب المبكرة الرائدة التي تمَّ تأليفها في صنع الأحبار، مع مقارنة سريعة بين بعض نصوصها، لمعرفة علاقة النسب بينها.

الكتب المبكرة في صناعة أنواع الحبر:

      من حسن الحظ أن أصنف هذا البحث بعد اكتشاف أحد المؤلفات المبكرة في مجال صناعة الكتاب، وهو رسالة «زينة الكَتَبة»، لأبي بكر محمد بن زكريا الرازي(1)[1]، الطبيب والكيميائي المعروف (المتوفى سنة 311هـ/923م). فموضوعها هو صناعة الكتاب المخطوط، بداية من صناعة الأحبار، مرورًا بالأحبار السرية وحِيل الكتابة، انتهاء إلى وصفات قلع آثار الحبر من الورق والبردي والرَّق (الجلد) والثياب، وغير ذلك، ومن ذلك وصفات لأحبار خاصة بالسَّفَر والحفظ الطويل، وأحبار لا تظهر إلا في الليل، وأخرى تختفي تدريجيًّا، وكيفية معالجة البردي لإظهاره كالقديم.

     والرسالة تقع في ست ورقات. وقد اعتمد عليها واقتبس منها مؤلِّف كتاب «عمدة الكتَّاب» الآتي ذكره، ومحمد بن ميمون الحميري المراكشي في كتابه «الأزهار في عمل الأحبار» (أتمَّ تأليفه سنة 649هـ)، وأبو بكر محمد ابن محمد القَلَلَوْسي القضاعي من الأندلس (ت 707هـ) في كتابه «تُحَف الخـواص في طُرف الخـواص»(1)[2].

     ومن الكتب المبكرة في صناعة المخطوط العربي «عمدة الكتَّاب وعدة ذوي الألباب» المنسوب إلى المعز بن باديس (ت 454هـ) أو ابنه تميم. والأرجح أنه أُلِّف لأحدهما. وهذا كتاب جامع شامل لمواضيع صناعة الكتاب، يشتمل على وصفات كثيرة لصناعة أنواع الحبر. وقد حقَّقه باحثون مختلفين ثلاث مرات (2)[3].

نتوقف قليلًا عند النسخة الأزهرية من كتاب «عمدة الكتّاب»، فهي تحمل العنوان التالي: «هذا كتاب عمدة الكتاب وعدة ذوي الألباب، يتعلق بمعرفة أسماء الأقلام وطرائقها ومعرفة بَرْي القلم وكيفية القَطِّ وإصلاح آلته وكذلك معرفة تركيب الأحبار بسائر أجناسها وما يصلحها وما لا غنى للكاتب عنه، وأيضًا يتضمنه ملاعيب ظريفة للملوك ومخاريق عجيبة، وأيضًا يتضمن عمل العسل والسمن والزبد وأيضًا عمل الزعفران والجاوي والزنجار والأسفيداج والسيلقون واللازورد وغيره». وهي تحتوي بالفعل على فصول وأبواب لا توجد في النسخ الخطية الأخرى من الكتاب، منها «الباب الثامن في وضع الأسرار في الكتب وما في ذلك من الملاعيب الكبار». وهو يتكون من خمس عشرة صفحة مخطوطة، معظمها في حِيَل الحُوَاة التي نسميها ألعاب السيرك في عصرنا. وقد نشرت هذه النسخة في دمشق بعد حذف معظم محتويات هذا الباب، دون أن يشير معدّ الطبعة إلى ما حذفه(1)[4].

     ومن المؤلفات المبكرة أيضًا رسالة «في قلع الآثار من الثياب» لفيلسوف العرب الكندي (ت حوالي 260هـ/873م)(1)[5]. وفيها كيفية إزالة بُقَع الحبر.

     ومن الكتب المبكرة كذلك: «الرسالة العذراء» لأبي اليسر محمد بن إبراهيم الشيباني (ت 298هـ). فيها ما يَهُمُّ الكتاب من أساليب الإنشاء والبلاغة، وبها أيضًا فقرة مختصرة حول عمل الحبر وفقرات عن الصفات الجيدة لأدوات الكتابة. وقد نشرت في خمس طبعات مختلفة(2)[6].

كتب الصناعات الشامل

 1- كتاب الخواص الكبير:

الصورة التي رسمها بعض مؤرِّخي العلوم لجابر بن حيان (ت حوالي 200هـ/815م)، هي أنه اشتُهر فقط بكتاباته في علم الصنعة التي تبحث في تحويل المعادن الخسيسة إلى الذهب والفضة. بل وُصفت كتاباته بالغموض والتورية، وظن المهتمون بتاريخ العلوم أنه لم يترك أعمالًا واضحة في الكيمياء العملية. ونتيجة لذلك اهتم الدارسون لأعمال جابر بن حيان حتى الآن برسائله في علم الصنعة دون غيرها. لكن مؤرِّخ التِّقانة المعروف (أ.د.م.) أحمد الحسن قدّم دراسة عن كتاب «الخواص الكبير» لجابر بن حيان نستخلص منها الأسطر التالية.

 يعدُّ علم الخواص علمًا في تقاسيم العلوم عند العرب. وله تعريفات متعددة، منها أنه علم يبحث في خواص الأشياء، وهي خواص ثابتة لكن أسبابها خفية. فنحن نعلم أن المغناطيس يجذب الحديد ولكننا لا نعرف السبب في هذه الخاصية؛ وكذلك الأمر في جميع الخواص، إلا أن علل بعضها معقولة وبعضها غير معقولة.

ثم إن تلك الخواص تنقسم إلى أقسام كثيرة، منها: خواص العـدد، وخواص الأعـداد المتحـابَّة والمتباغضة، وخواص المعدنيـات، وخواص النباتات، وخواص الحيوانات.

وصنَّف في هذه الخواص كثيرٌ من المؤلفين، منهم: علي بن ربان الطبري في كتاب «فردوس الحكمة»، ومحمد بن زكريا الرازي في كتاب «الخواص»، والجَلْدَكي في كتاب «درة الغواص وكنز الاختصاص في علم الخواص».

ويبحث كتاب «الخواص الكبير» لجابر بن حيان في خواص المواد المعدنية والنباتات والحيوانات، سواء كانت مفيدة أو ضارة، ويبحث في استخدام تلك الخواص في الوصفات الكيميائية والصناعية وفي علاج الأمراض.

يذكر الكتاب بعض الخواص العجيبة التي تبدو غير معقولة الآن والتي كانت شائعة في عهد جابر، ولكنها تحتل حيزًا ضئيلًا من محتويات الكتاب، وكانت هذه الخواص الغريبة متداولة في حضارات الشرق الأدنى السابقة للإسلام وكانت جزءًا من التراث الشعبي الموروث جيلًا بعد جيل، وكان بعضها مدونًا باللغات الفارسية والسُّريانية واليونانية.

ومن المقالات الواحدة والسبعين المكونة للكتاب خصص جابر بن حيان عشرين مقالة لأبحاث فلسفية تتعلق بعلم الميزان في الكيمياء، وعشر مقـالات لوصفـات كيميائية تشرح كتاب السبعين، واثنتي عشرة مقـالة للإكسير ومنافعه بما فيها العلاجية مع وصفات كيميائية متفرقة، وثماني مقالات لوصفات الكيمياء الصناعية، فيكون مجموع المقالات الكيميائية خمسين مقالة. ويتألف باقي المقالات من ثلاث عشرة مقالة فيها وصفات طبية ووقائية بعضها غريبة. وبعضها يعتمد على الطِّلَّسْمات مثل مقالات مَنْع البَقِّ والحشرات والهوامِّ، وهناك مقالتان حول تربية الحمَام، ومقالة تبحث في الفستق والبندق، وأربع مقالات تحتوي على خواص طريفة بعضها كيميائي وبعضها غريب. فيكون المجموع سبعين مقالة عدا المقالة الأولى وهي تشكل المقدمة.

فالحاصل أن من مجموع مقالات الكتاب – وهي 71 مقالة كما قلنا – نجد ثماني مقالات لوصفات الكيمياء الصناعية. وتشمل المواضيع التالية: تحلية المياه، تحويل الحديد إلى فولاذ، عمل اللؤلؤ الصناعي، صبغ فَصِّ بِلَّور، إزالة الشعر من الجسد، خضاب ظاهر الكف وباطنها، أخلاط لون الذهب، أخلاط لون الفضة، اللون الأحمر، أخلاط الأخضر، أخلاط اللون المطوّس (ذي الألوان المتداخلة مثل ريش الطاووس)، الصبغ المُعَصْفَر، أخلاط الفيروزجي، جوهر يعرف بالأدرك، دهن يطلى به الثياب والسلاح فلا يصل الماء إلى ما طُلي به، دهن صيني للسيور والمناطق، صفة طباخ الدهن الصيني، صفة الغِراء الأسود الصيني، صفة عمل السُّروج، صفة المداد الهندي والصيني، صفة مداد آخر، صفة أدهان لا يَحُلُّها الماء، صفة دهن صيني تدهن به الثياب والحرير والخشب، صفة دهن صيني للرخام والشَّبَه خاصة، صفة دهن صيني مذهب للحديد، صفة دهن صيني للحديد المذهب، صفة الدهن الصيني الأبيض، صفة الدهن الصيني الأسود، صفة خضاب ذهبي حسن، صفة مقارع من حبال، باب عمل البرام وكل شيء من الحجارة، صفة خضاب عجيب ذهبي، صفة مداد أحمر مليح، تلويح قوارير الزجاج في لون الفضة، صنع الزُّنْجُفر، عمل منشار وسكين يقطعان الزجاج والحجارة الصلبة، خضاب الشعر أصفرَ في لون الذهب، الكتابة في الكاغَد بلون الذهب. وقد نشرت نصوص هذه الوصفات بالتفصيل، محقَّقة على نسختين من الكتاب(1)[7].

مصادر كتاب الخواص الكبير: 

وصفات الكيمياء الصناعية في كتاب جابر بن حيان تمثل التِّقانة (التكنولوجيا) التي كانت مستخدمة في القرن الثامن الميلادي في العهد العباسي زمن هارون الرشيد و جابر بن حيان، وكانت هذه التقنيات إما موروثة أو مستحدثة. ويصرح جابر في أكثر من موضع أنه كان يجمع هذه الوصفات، ونفهم من عباراته أنه جمعها من الصُّناع. وكان أحيانًا يشير إلى مصادره المكتوبة، فهو يقول إنه أخذ وصفة أدهان لا يَحُلُّها الماء من الفضل بن يحيى بن برمك من كتاب مؤلفه مجهول بسبب فقدان الصفحات الأولى والأخيرة منه وأنه عمل بها. وعند وصف صنع الجوهر الأدرك يقول جابر: «إن هذه النسخة التي أذكرها في كتابي هذا من نفيس النُّسخ وأشرفها وأجودها وأوضحها وأعظمها قدرًا ولقد عملت بها».

فنستنتج من النَّصين السابقين أن جابرًا كان يختبر هذه الوصفات. وهناك نصوص أخرى تدل على أنه كان يجرّب ما دوّنه في كتابه، فهو يقول عن دهن السيور والمناطق أنه يصفه على «أتمِّ ما امتحنتُه وعملتُه فرأيتُه عجيبًا في كل لون من ألوانه على اختلاف ذلك»، ويصف دهنًا آخر ويقول: «إنه وُصف لنا فامتحناه فوجدناه صحيحًا نهاية في أعماله، وهو حسن».

ويحض جابر بن حيان قارئ كتابه أن يبتكر وصفات مستحدَثة على نمط الوصفات السابقة، فيقول: «وينبغي للعالم أن يفكر في هذه الأصول فإنه يمكنه إذا كان عالمـًا أن يستخرج على كل شيء من هذه مثالات، وذلك أن جميع العلوم إنما هي قياس وحملانات بعضها على بعض، إذ كل علم فكري فإنما يكون عن علم قد تقدم، فابْنِ أمرَك بحسَب ذلك. فهذه الأدلة من خواص الخواص».

ونجد في وصفات الكيمياء الصناعية في كتاب جابر بن حيان أن كلمة «صيني» تتكرر، والمقصود بالطبع ما كان أصله صينيًّا من منتجات صارت تصنع محليًّا. ومن ذلك مثلًا الحبر الصيني، وكذلك الخزف الصيني وموادُّه الأولية والمنتجات الشبيهة مثل السيراميك. فهذا المصطلح وصف لغوي يدل على النوعية فقط. فالوصفات ليست صينية، كما أنها ليست من مصدر صيني مباشر. يقول روسكا في مقال له عن هذه الوصفات: «لا يمكننا أن نقول عن هذه الوصفات إنها صينية. إنها على الأرجح من أصل يوناني أو سرياني أو فارسي». وللمستشرق كراوس رأي مشابه، فهو يقول: «إن جابر يبحث في المقالات 28-31 عن عدد من الأصباغ الصينية، أو بالأحرى الأصباغ التي هي تقليد لها. وإن التفاصيل الواردة في الوصفات تمثل تقنية الصُّناع الحقيقيين المعاصرين لجابر»([8]).

لقد استند جوزيف نيدهام (مؤرِّخ العلوم والتكنولوجيا في حضارة الصين القديمة) في تَعداد المنجَزات الصينية إلى وصفات كتاب «الخواص الكبير»، ولكنه كان يجب أن يستند إلى مصادر صينية وليس إلى مصادر عربية. وذلك لأن نعت المنتجات بالصينية في وصفات جابر بن حيان، لا يعني أن هذه الوصفات جاءت من مصادر صينية([9]).

كانت كتب الوصفات التي اعتمد عليها جابر مدوَّنة باللغة العربية. وهذا يؤيد ما قد أصبح متفقًا عليه الآن من أن حركة الترجمة إلى العربية من اللغات اليونانية والسريانية والفارسية بدأت في العهد الأموي. وكتب الوصفات هذه كانت إما مترجمة أو وضعها مؤلفون في العهد الإسلامي المبكر، وسواء كانت هذه أو تلك فإنها كانت تمثل التقنية الدارجة في كلٍّ من العراق ومصر والشام وفارس في مطلع العهد الإسلامي.

بالطبع لم يعتمد جابر على أي من المصادر المبكرة – من كتب مواد الكتابة – التي مرّ الحديث عنها. وذلك ببساطة لأنه أقدم زمنًا من مؤلفيها. على العكس من ذلك نجد في كتاب «عمدة الكتّاب» بعض وصفات الأحبار مشابهة لما ورد في كتاب جابر، لكن باختلاف في ألفاظ العبارات، أي أن مؤلف الكتاب لا ينقل من جابر.

2- المخترَع في فنون من الصُّنَع:

كتاب «المخترَع في فنون من الصُّنَع» من تأليف الملك المظفَّر يوسف بن عمر الرَّسولي (ت 694هـ/1294م). فيه فصول عن صناعة مواد الكتابة، يعتمد في كثير منها على كتاب «عمدة الكتّاب» السابق ذكره. ومنها صنع المداد والحبر واللِّيق والصباغات من اللكّ(3)[10]والسندروس(4)[11]، والكتابة بالذهب والفضة واللازورد، وعمل المواد اللاصقة، ووضع الأسرار في الكتب، وما يمحو الدفاتر والرُّقوق. وفيه فصل عن مواد قلع الآثار والطُّبوعات من الثياب. ومن ضمن محتويات الكتاب: دهانات الأسقف. وفي الفصل المتعلق بتجليد الكتب نجد مادة أصيلة غير مقتبَسة من الرسائل المؤلَّفة في هذا المجال(1)[12]. وفيه فصل عن مواد قلع الآثار والطبوعات من الثياب، وفصل آخر عن صبغ أنواع الأقمشة كالحرير والكَتَّان والمخلوط والقطن وغيرها، وذلك بمختلف الألوان التي تعد من المواد الأولية التي يصف الكتاب تركيبها. وفيه فصل عن صناعة الصابون، العاديّ منه والمعطّر. وفي الكتاب فصول عن تركيبات النَّفط للأسلحة وللألعاب النارية المسلية. منها تطييب النفط (قنابل المولوتوف) والفرقاعات (القنابل اليدوية)، مع التركيز عند التركيب على المواد الأولية المتواجدة في البيئة المحلية للمؤلف (أي اليمن). أما ألعاب التسلية (أي ما يسمى حِيَل السيرك في عصرنا) فتشمل طرقًا لإشعال خاتم فضة، وإشعال النار فوق فَسْقية (خُصَّة) الماء، وإشعال طاسة تظهر وجوه الحاضرين ملونة لبعضهم البعض، وغير ذلك من الألعاب المبهرة(2)[13].

الفصل الخاص بإزالة البقع من الملابس – وهو من الموضوعات التي اهتمت بها كتب الأحبار – يضم أشمل ما ورد في التراث العلمي حول هذا الموضوع، من حيث نوعية المواد التي تنتج عنها الآثار والطُّبوعات، ودقَّته وتحقُّقه مما أورده، وذلك بإجـرائه التجـارب، وإيراده عبارة «مجـرَّب» أو «صحيح مجرب» أو «فإنه يزول» أو «فإنه ينقلع». وقد تضمن الفصل مادة أصيلة، اشتملت على طرق لإزالة آثار العديد من الفواكه والنباتات المختلفة، والنَّفط بأنواعه والصدأ والمداد والحبر والكحل والشمع والخمر والدم ودهون الأطعمة(1)[14].

وعند مقارنة هذا الفصل برسالة الكندي حول قلع الآثار من الثياب – التي سبق ذكرها – نجد رسالة الكندي بسيطة سهلة؛ لأنه يخاطب أهل عصره من مختلف الخلفيات التعليمية.

أما كتاب الملك المظفر فإنه يفصّل ويوضح ويشرح كيفية استعمال المواد، ويحدد كمياتها النسبية، ومعالجتها عند وضعها على الملابس وغيرها. فلا ننسى أن مؤلِّف «المخترع» عاش في القرن السابع الهجري، بعد أن انتشرت العلوم وكثرت المؤلفات، ولم يعد بالإمكان الاكتفاء بالمعلومات البسيطة(2)[15].

أما عن صناعة الأحبار فالفصل الثاني من الكتاب هو «في عمل أجناس المداد وعمل الأحبار السود والأحبار الملونة»(3)[16]، يقدِّم فيه 24 وصفة لأنواع من المداد والحبر. ومنها الحبر الأبيض والأحمر والحبر المجفف للسفر.

والفصل الثالث «في عمل اللِّيق وتلوين الصباغات وخلطها وحلّ اللكّ، وما يعمل منها لدهان السقوف، وحلّ السندروس». وتوضح نصوص هذا الفصل (والنصوص الأخرى في الكتب التي تتم مراجعتها في هذا البحث) أن معنى «اللِّيقة» هو الخلطة السائلة التي يتكون منها الحبر أو الصِّباغ الملوَّن، وأحيانًا نوع من الأحبار السرية(1)[17]. وذلك بخلاف ما يتكرر في المراجع الحديثة من أنها تعني الصُّوفة داخل دواة الحبر(2)[18]. فيصف المؤلف 13 ليقة ألوانها مختلفة، ما بين أحمر وزهري وذهبي وغيرها. وفي الفصل الرابع «في الكتابة بالذهب والفضة وما يقوم مقامهما وغسل اللازورد» إعداد سائل للكتابة من مسحوق الذهب والفضة، ومادة تعطي لون الفضة دون أن تحتوي على هذا المعدن الثمين.

والفصل الخامس «في وضع الأسرار في الكتب، وما يمحو الدفاتر والرُّقوق، وإلصاق الكاغَد والرّقوق، وفكّ ختوم الكتب، والحيلة في ردّ ختامها»، يقدِّم فيه المؤلف أربع وصفات للحبر السري غير الظاهر، وسبع وصفات لإزالة الكتابة ومحوها من الورق والرُّقوق.

3- عيون الحقائق وإيضاح الطرائق:

مؤلف الكتاب هو أبو القاسم محمد بن أحمد السماوي العراقي (نسبة إلى مدينة السماوة). اختُلف في تاريخ حياته وعصره(1)[19]. لكن الأرجح أنه عاش حتى نهاية القرن السابع الهجري (أي حتى 700هـ أو 1300م)؛ لأنه يذكر اسم الحاكم في زمنه وهو الملك الظاهر ركن الدين، الذي حكم خلال الفترة 658-676هـ/1259-1274م.

أما الكتاب فهو من كتب ألعاب الخِفَّة التي هي من عروض السِّيرك في عصرنا، ولو أن هذا الكتاب بالذات يحتوي على كثير من الطلاسم والشعوذات، الأمر الذي يفسر عدم تحقيقه للآن، برغم كثرة نسخه حول العالم. وقد ورد عنوان الكتاب هكذا «كشف الدكّ، أو عيون الحقائق وإيضاح الطرائق». والدكّ هو التمويه على الجمهور بخفة اليد والحيل المستندة على حقائق علمية.

ينسب المؤلِّف الحِيَل والوصفات التي يقدمها للقارئ إلى كتاب يعرف بعنوان «نواميس أفلاطون»(2)[20]. فهو يقول في بداية كتابه: «الباب الأول في النواميس وكيفية أعمالها. قال الحكيم أفلاطون: إن النواميس تنقسم على قسمين… إلخ»(1)[21]. وفي أغلب فقرات الكتاب يبدأ الفقرة بعبارة: «قال الحكيم».

الباب الثالث والعشرون من الكتاب هو «في أنواع اللِّيَق وكيفية أعمالها». وهنا يمتاز الكتاب في تقديم بعض الأساسيات للقارئ، قبل إعطاء الوصفات. فيقدّم وصفًا لتهيئة الصمغ العربي – وهو أحد المكونات الرئيسة في صنع الحبر – فيقول: «ينبغي لمن أراد علم اللِّيَق والأصباغ أن يبتدئ أولا بتدبير الصمغ العربي الأبيض المعقرب: يأخذ منه ما اختار، فيدُقّه ناعمًا، وينخله…. فإن جفَّ ودُهِن من فوقه السندروس المحلول فإنه لا يزول ذلك الدهن، ولو غسله بالماء»(2)[22].

وبعد ذلك يقدم المؤلِّف 26 وصفة لِلِيقات متعددة الألوان. ويختم وصفاته بقوله: «واعلم أن جميع الألوان تتولد بعضها من بعض، إذا ألقِيَت على بعضها باختلاف الأوزان»(3)[23]. ويقدّم بعد ذلك أنواع الصبغ المصنوع من مسحوق الذهب والمعادن الأخرى(4)[24].

في كتاب «عيون الحقائق» يتّضح من عبارات المؤلف بجلاء أن للّيقة معنيين: الخلطة السائلة التي يتكون منها الحبر، والصوفة أو النسيج الذي يُصب عليه الحبر فيحتفظ به داخل الدواة. ففي حديثه عن ليقة الزنجفر يتحدث عن خلط معدن الزنجفر مع عصير الرمان، ثم مزج الخليط الناتج مع الصمغ العربي. ثم يقول: «فإن أردته ليقة نزّلتَه على ليقة حرير مغسولة في حُقّ زجاج، واكتب به ما أردت. وإن أردته للدهان فمشّيه (كذا) بالقلم الشعر على ما أردت من الصور»(1)[25].

وصفات الأحبار واللِّيقات في كتاب «عيون الحقائق» لها مثيلات في كتاب «عمدة الكتّاب». لكن ألفاظ العبارات تختلف في الكتابين، فليس هناك نقل حرفي. وإنما الأرجح أن التجارب نفسها تنتقل من جيل لآخر، فيدوّنها كل مؤلف بأسلوبه المستقل. فمثلًا نقرأ في كتاب «عمدة الكتّاب» النص الآتي: «صفة ليقة خضراء: يؤخذ الزرنيخ الأصفر الذهبي، فيُسحق بالماء على بلاطة، سحقًا ناعمًا. ثم يؤخذ نيل جيد، فيلقى على الزرنيخ، ويُسحق به سحقًا جيدًا. ثم يُجعل في ليقة ويُكتب به»(2)[26]. وفي كتاب «عيون الحقائق» نقرأ التالي: «ليقة خضراء: يؤخذ الزرنيخ الأصفر المسحوق ناعمًا. ويُلقى على كل مثقال منه ربع درهم نيلة هندي. واسحقه إلى حين يعجبك لونه، ونزّل عليه الصمغ المحـلول، وافعـل به ما أردتَ، إما للكتابة أو للدهان»(3)[27].

4 – زهر البساتين في علم المشاتين:

هذا كتاب آخر في علم الحيل البهلوانية أو ألعاب الخفة. وهو من تأليف محمد بن أبي بكر الزرخوني، المتوفى حوالي 808هـ (1405-1406م)(1)[28]. الباب الثامن منه «في اللِّيَق والأصباغ»، فيه وصفات لأربع وعشرين ليقة أو حبر، مختلفة الألوان والتركيبات. وهدف المؤلف من إيرادها ضمن مواضيع الكتاب هو إظهار غرائب وعجائب في الأحبار الغريبة، ومنها ما يستعمل في الكتابة السرية، باستعمال المركّبات الكيميائية المختلفة.

ثم في الباب نفسه يذكر المؤلف طريقتين لمحو الكتابة من الدفاتر. ثم يعود بعدها إلى تقديم وصفات لِلِيقات غريبة. وفي الباب التاسع يذكر وصفة ليقة يسميها الليقة المأمونية الحمراء، تُعمل من الفواكه.

كثير من وصفات كتاب «زهر البساتين» نجد مثيلات لها في كتاب «عيون الحقائق». لكن عبارات «زهر البساتين» واضحة جليّة، لا غموض فيها ولا بتر. بينما النُّسخ التي اطلع عليها كاتب هذا البحث من كتاب «عيون الحقائق» فيها غموض وكلمات مفقودة ضمن جمل ناقصة. فمثلًا نجد العبارات التالية في كتاب «عيون الحقائق»: «صفة اللِّيقة الفضية والذهبية والنُّحاسية والرَّصاصية، وكل معدن بحيلتهما، فتصير على لونه. وصفتها أنك تأخذ المحك ناعمًا، وتخلطه بالصمغ العربي، وتكتب به. فإذا جفّ ونشف صقلته بالذهب، تطلع الكتابة ذهبية، أو بالفضة تصير فضية، أو مهما شئت من المعادن، فافهم ذلك»(1)[29]. بينما النص في كتاب «زهر البساتين» كما يلي: «صفة الليقة الفضية والذهبية والنحاسية والرَّصاصية: وكل معدن تحكها فتصير على لونه. وصفتها أن تأخذ حجر المحك الأسود وتسحقه ناعمًا، وتخلطه بالصمغ، وتكتب به. فإذا جف ونشف صقلته بالذهب، فتطلع الكتابة ذهبية، أو بالفضة فتصير فضية، أو بأي معدن شئت تظهر الكتابة على لونه، فافهم ذلك»(2)[30].

وأحيانًا نجد موضوعًا ورد ذكره في الكتابين، لكن بعبارات ونصوص مختلفة، الأمـر الذي يجعـل المقارنة مشابهة للمقارنة السـابقة(3)[31]. فألفـاظ العبارات تختلف في الكتابين، ليس هناك نقل حرفي. وإنما الأرجح أن التجارب نفسها تنتقل من جيل لآخر، فيدوّنها كل مؤلف بأسلوبه المستقل. فمثلًا نقرأ في كتاب «عيون الحقائق» ما يلي: «صفة ملعوب مليح: تأخذ تمثالين من شمع(4)[32]، أو بلطيتين(5)[33]، أو ضفدعتين، أو ما شئت. ترميهم في بركة ماء، فتغطس واحدة، وتبقى الأخرى عائمة على وجه الماء ساعة جيدة. ثم تقول للسفلى: اطلعي! فتطلع. وللفوقانية: انزلي! فتنزل.

إذا أردتَ ذلك فتحشي إحداها ملْحًا، والأخرى بطُحْلُب أو بقطع اسفنج مندَّى بماء. فإن التي فيها الملح تغطس إلى القرار، والتي فيها الاسفنج تعوم. فمتى ينحلّ الملح ينسقي الطحلب فينزل، وتطلع الأخرى. فاعلم ذلك. والأصنع في ذلك أن يكون موضع أعينهم وأدبارهم مفتوح (كذا)، فاعلم ذلك»(1)[34].

أما في كتاب «زهر البساتين» فالنص كالآتي: «صفة سمكتين إحداهما صفراء والأخرى بيضاء، تضعهما في الماء فتعوم الواحدة وتغرق الأخرى. فيقول القائل: الواحدة خفيفة شافت(2)[35]، والأخرى ثقيلة غرقت. فتزعق على الشايفة فتغرق، وعلى الغارقة تشوف. وصفة العمل بهاتين السمكتين: تصنع سمكتين مجوفتين من شمع. وتُلبس الواحدة قصديرًا أصفر، والأخرى أبيض. وتَحشي الواحدة <ملح ناعم> (كذا) والأخرى <سفنج خفيفة> (كذا) وتبخش بطون السمكتين من السفل حتى يدخل إليهما الماء. فإن الغارقة تشوف إذا ذاب الملح، والشايفة تغرق إذا شرب السفنج الماء فافهم ذلك»(3)[36].

5- النجوم الشارقة:

هذه الرسالة الصغيرة المسماة «النجوم الشارقات في ذكر بعض الصنائع المحتاج إليها في علم الميقات» تحتوي على ثروة من المعلومات والمصطلحات الفنية حول مختلف الصناعات في التراث. وتحتاج إلى من يقدمها محقَّقة على أصول التحقيق. والمؤلف هو محمد بن أبي الخير الحسني (المتوفى أواخر القرن العاشر الهجري، 16م)(4)[37]. وهو مختلف عن أبي الخير محمد بن عبد الله الأرميوني المصري (ت 871هـ/1467م) الذي نسب إليه الزركلي هذه الرسالة خطأً، ونقل ترجمته عن «الضوء اللامع» للسخاوي.

تقع الرسالة في 25 بابًا، مواضيعها تدور حول إنتاج الأصباغ والأحبار وأنواع اللحام والتذهيب واستخدام المواد الكاوية في الصناعة والمغنطة وسبك المعادن. ونجد في بعض نسخها المخطوطة مواضيع غير علمية، مثل وصفات طبية تعتمد على الشعوذة وغير ذلك. وبعض نسخها المخطوطة ألحقت بها رسائل أصغر منها، تحتوي كذلك على ثروة من الفوائد التي تهم مؤرخي العلوم والتَّقانة (التكنولوجيا)(1)[38]. والرسالة بحاجة إلى تحقيق جيد. فالطبعة القديمة وصفها بعض مؤرخي العلوم بأنها هزلية(2)[39]. وطبعت حديثًا في الرباط، لكن ما تزال بحاجة إلى طبعة تراعي جميع قواعد التحقيق(3)[40].

أما الأبواب المتعلقة بصناعة مواد الكتابة والرسم فالباب الأول «في حل المُصْطُكَا والسندروس». الباب الرابع «في أصول الألوان وتصويلها». الباب الخامس «في تركيب الألوان». الباب السادس «في حل اللكّ وحل العصفر واستخراج عَكَره». الباب السابع «في معرفة تصويل اللازورد وغسله وشطفه». الباب الثامن «في معرفة خلط أي لون أردت مع السندروس المحلول وكيفية البهام». الباب التاسع «في غسل الدهان وما ينبغي أن يفعل به». الباب العاشر «في حل الذهب والفضة للكتابة». الباب 11: «في عمل الهباب (السُّخام أو السِّنَاج الداخل في تركيب الحبر) وحل الصمغ الذي يخلط به كل من الألوان، وذكر أشياء تتعلق بإصلاح الحبر وغيره من الألوان». الباب 12: «في معرفة التقييد (أي تثبيت الكتابة أو الرسم) على الدهان إذا كتبت أو زوقت عليه بذهب أو فضة». الباب 13: «في ذكر شيء من المدادات». وهنا يذكر أنواعًا من الكتابة على الحديد والرَّصاص والفضة والذهب. الباب 25: «في صفة تغرية الورق في أي لون كان، وصفة صباغه، وصفة عمل الغراء المتخَذ من السمك».

وصفات رسالة «النجوم الشارقات» بسيطة ومختصرة، نجد مثيلات لها في كتاب «عيون الحقائق»، وفي النسخة الأزهرية من كتاب «عمدة الكتّاب»، لكن دون تطابق في ألفاظ النصوص. أي كما قلنا سابقًا: ليس هناك نقل حرفي. وإنما الأرجح أن التجارب نفسها تنتقل من جيل لآخر، فيدوّنها كل مؤلف بأسلوبه المستقل.

6- قطف الأزهار:

كتاب «قطف الأزهار في خصائص المعادن والأحجار ونتائج المعارف والأسرار»، من تأليف أحمد بن عوض المغربي، من أهل القرن الحادي عشر الهجري (السابع عشر الميلادي) تقديرًا(2)[41]. وهو ينقل وصفاته من مصادر عديدة يذكرها صراحة في أغلب الأحيان.

فيه فصل مطوَّل عن 223 حجرًا كريمًا ومعدنًا، يصف خصائصها ومميزاتها في المظهر ويذكر أماكن استخراجها وفوائدها الطبية حسب معارف عصره. وفصل عن تقدير أثمان تلك الأحجار. ومما يتعلق بالتِّقانة الكيميائية فصل عن كيفية صنع أنواع مقلَّدة من الجواهر والمركّبات المستعملة في الصناعات مثل الأسفيداج والمَرْتَك والمواد الاستهلاكية كالصابون والسمن والزبد والعسـل. وذكر استخراج دهن الخــروع والعصفر وكيفية صبغ العاج والعظم والقَرْن وورق الرَّصاص والقصدير وصبغ الورق بالألوان، وصبغ اللِّيَق والدهان.

وذكر المؤلف كيفية صقل السيوف والسوائل المتخَذة في ذلك. كما بيّن مواد الكتابة على الفولاذ والسيوف والمعادن المختلفة. وفي الكتاب قسم للعطور بأنواعها ومنها النِّدُّ والبَخُورات والغَوَالي. وفيه قسم عن تركيب الأدوية المختلفة، والمواد المستعملة في صيد السمك والطيور وفي طرد الهوام وقتلها.

وفي الكتاب فصول حول إعداد المواد المختلفة الأساسية لعمل الأصباغ والأحبار الملونة، قبل إعداد تلك الأحبار والأصباغ. فنجد فصلًا في إعداد السندروس، وحلّ المُصْطُكى والمواد التي تُستخرج منها الألوان. ثم كيفية مزج المواد التي تم إعدادها لتنتج المواد المختلفة.

ثم بعد هذه الفصول التمهيدية يقدم المؤلف وصفات اللِّيَق (الأحبار الملونة) والأحبار (السوداء). فيقدم 87 وصفة لِلِيقات، و18 وصفة لأنواع من الحبر الأسود، ووصفة لحبر سري، ووصفتين لمحو الكتابة من الورق.

ثم في نهاية ذلك الفصل يقدم المؤلف كيفية إعداد الصمغ العربي المستخدم لصناعة الأحبار، وكيفية إعداد الهباب (السُّخَام أو السِّنَاج) لنفس الغرض(1)[42].

يعتمد المغربي على مصادر كثيرة في كتابه، عددت المحققة منها 28 مصدرًا في مقدمة تحقيقها. معظمها من المصادر المتأخرة، ومنها «تذكرة داود» (ت 1008هـ/1599م) وغيرها(1)[43]. وقبل إصدار الطبعة العراقية الكاملة من الكتاب كانت المحققة قد نشرت تحقيقًا خاصًّا بفصل اللِّيَق والأحبار، أوضحت فيه أن المؤلف نقل واحدًا على الأقل من وصفاته – في هذا الفصل تحديدًا – عن «صبح الأعشى» للقَلْقَشندي (ت 821هـ/ 1418م)، وعن أشخاص يذكر أسماءهم دون أن يوضح هل هم مؤلفون أو من أصحاب المهن والخبرة الذين ينقل عنهم شفهيًّا، منهم «ابن العفيف» و«ابن الوجيه». وذكر شعرًا منسوبًا إلى الإمام الشافعي عن صنع الحبر الأسود.

ويلاحظ أن العبارات المنقولة في كتاب «قطف الأزهار» من المصادر بها بعض اضطراب ونقص. وقد قارنت المحققة بين نص الكتاب المنقول من «صبح الأعشى» وما ورد عند القلقشندي. فلاحظت أن ما نقله عنه اختلافات ونقص في العبارات(2)[44].

ومن المصادر التي لم يصرّح المؤلف بعناوينها كتاب «عمدة الكتاب»، حيث نلاحظ تشابهًا في بعض نصوص الكتابين. لكن عبارات «عمدة الكتاب » واضحة جليّة، لا غموض فيها ولا بتر. بينما عبارات الطبعة التي بين أيدينا من كتاب «قطف الأزهار» فيها غموض وكلمات مفقودة ضمن جمل ناقصة. فمثلًا نجد العبارات التالية في كتاب «قطف الأزهار»: «صفة ليقة ذهبية: تأخذ رطل طلق جيد، وتجعله في شيء لم يصبه دسم قط، ونطرون، وزنة عشرة دراهم نوشادر. واسكب عليه من الخل الصرف ما يغمـره بإصبع. ويُترك في الشمس الحـارة خمسة عشر يومًا. ثم ينزع من الشمس ويجعل في كيس ضيق. ويؤخذ ماء الباقلة المسلوق الحار، فيعصر في الكيس، وقد جعل معه حصى صغار. ويُدْلَك على الراحة دلكًا شديدًا. ثم يؤخذ ما خرج منه فيجعل فيه زعفران مسحوق، وصمغ عربي مسحوق أيضًا. ويكتب به، فإنه يأتي على لون الذهب إن شاء الله»(1)[45].

بينما النص في «عمدة الكتاب » كالآتي: «تأخذ من الطلق الجيد رطلًا، فتسحقه وتجعله في إناء لم يصبه دسم. وتضع عليه وزن عشرة دراهم تُوتْيا، وتصب عليه من الخل الصافي الحاذق ما يغمره بإصبع. وضعه في الشمس الحـارة خمسة عشر يومًا. ثم ارفعه من الشمس، واجعـله في كيس ثوب كردواني(2)[46] صفيق. ويؤخذ له ماء الباقلاء المسلوق الحار، فيُعصر فيه الكيس، وقد جعلت فيه حصى صغارًا. ثم تدلكه على الراحة دلكًا شديدًا. ثم يؤخذ ما خرج منه، فيصير فيه زعفران مسحوق وصمغ عربي مسحوق. ثم يُكتب به فإنه يجيء لون الذهب. وإن أردته فضيًّا فاستعمله بغير الزعفران -بالصمغ وحده- فإنه يجيء فضيًّا»(3)[47].

طُبع الكتاب اعتمـادًا على نسخة واحـدة بالعراق. ومنه نسختان مخطوطتان لم تعتمدهما تلك الطبعة، إحداهما في ليپزگ Leipzig، والأخرى في گوتا Gotha. والكتاب بحاجة إلى إعادة تحقيق؛ لأن كثيرًا من متطلبات التحقيق لم تتبع في تلك الطبعة.

7- جواهر الفنون والصنائع:

كتاب «جواهر الفنون والصنائع في غرائب العلوم والبدائع»، من تأليف محمد بن محمد، أفلاطون الهِرْمِسي صناعة، العباسي نسبًا، البسطامي مَشْرَبًا(1)[48].

الأبواب الستةَ عشرَ الأولى منه تحتوي على وصف كيفية صنع أنواع مقلدة من ستةَ عشرَ نوعًا من الجواهر. وفي الكتاب أبواب عن كيفية صنع أنواع المينا والزجاج والبلور والنجف، وصناعة حك الفصوص وأنواع البادزهر، وحلّ جميع المعادن، وعمل الألوان المعدنية ودهان الأواني، وعمـل أنواع اللِّيَق الغريبـة والأدهان الأفرنجية والأعجمية والهنـدية المستعملة في التنجيم، وعمل أنواع السيوف، وصبغ أنواع العظم، وعمل أنواع الخضابات. فهذه ثمانية وعشرون بابًا، بالإضافة إلى المقدمة والخاتمة. وكل باب منها ينقسم إلى عدة فصول بحسب أنواع الجواهر والمعادن والمواد المركّبة. والباب الختامي يحتوي على نكت، أي فوائد طريفة غريبة. وللأسف لا توجد من الكتاب إلا مخطوطة ناقصة، لا تمثل إلا أقل من نصف الكتاب(2)[49].

الباب 24 في عمل أنواع اللِّيَق الغريبة، والباب 25 في عمل الأدهان الأفرنجية والعجمية والهندية المستعملة في التنجيم. ولا تحتوي النسخة الوحيدة الناقصة على هذين البابين. لكننا نذكر هذا الكتاب ومحتواه، على أمل اكتشاف نسخة كاملة منه مستقبلًا إن شاء الله.

الخلاصة والاستنتاجات

من الاستعراض السريع الذي مضى، نستطيع أن نستنبط بعض الفوائد:

1- المصادر السابقة تفيد في إثراء البحث حول مصادر صناعة مواد الكتابة. فبدلًا من الاكتفاء بالمصادر المعروفة، تزودنا الكتب التي ذكرناها بنصوص جديدة ومادة أصيلة. فتحقق هذه النصوص ما يتطلبه البحث الجيد من الشمول والإحاطة بجوانب الموضوع كافة.

2- دراسة النصوص المتعلقة بصناعة الأحبار تسلط الضوء على معاني للألفاظ غير ما تقدمه لنا المراجع الحديثة، كما مرّ بنا في التعريف المختلف للّيقة.

3- بعض المصادر التي استعرضناها قدمت فصولًا تمهيدية حول إعداد المواد الأولية الداخلة في صناعة الأحبار، مثل الصمغ العربي والهباب (السُّخَام أو السناج Soot). وهذه إضافة مهمة إلى الكتب المختصة بصناعة مواد الكتابة، فهذه الأخيرة تقدم وصفات لتحضير الأحبار، رأسًا دون الحديث عن إعداد المواد الأولية.

4- بعض المؤلفات التي سبق ذكرها لا تكتفي بذكر الأحبار العادية، وإنما تتعمد إظهار العجائب والغرائب في تركيب هذه الأحبار وخصائصها، مثل الأحبار السرّية. وهذا مجال إضافي لا نجده في أغلب مصادر صناعة مواد الكتابة.

5- من مراجعة نُسخ الكتب السابق ذكرها نجد أن معظمها مخطوط لم يُطبع بعد، أو طُبع على نسخة واحدة بغير تحقيق جيد، ويحتاج إلى من يعيد إصداره محقَّقًا حسب قواعد التحقيق.

6- كشَفَ البحث عن اسم المؤلف وعنوان الكتاب لبعض الفصول التي نشرت على أنها من كتب لا تُعرف عناوينها ومؤلفوها. فهذا مثال واحد على أن زيادة البحث في مصادر التراث العلمي، تؤدي إلى اكتشاف أسماء المؤلفين وعناوين المؤلفات التي نُشرت (أو فُهرسَت) سابقًا على أنها مجهولة العنوان والمؤلف.

المصادر والمراجع

  • ابن باديس، (الكتاب منسوب إلى المعز بن باديس): عمدة الكتّاب وعدة ذوي الألباب، تحقيق عبد الستار الحلوجي وعلي عبد المحسن زكي، مجلة معهد المخطوطات العربية، المجلد 17 (1971) ص 43-172. وطبع بتحقيق نجيب الهروي وعصام مكية، طهران: مجمع البحوث الإسلامية، 1989.
  • بنبين، شوقي، ومصطفى طوبي: معجم مصطلحات المخطوط العربي، التحرير الثالث (الطبعة الثالثة المزيدة المنقحة)، الرباط: الخزانة الحسنية، 2005.
  • توفيق، بروين بدري: «رسالتان في صناعة المخطوط العربي»، مجلة «المورد»، المجلد 14 (1985)، العدد 4، ص 267-286. أولى الرسالتين اللتين نشرتهما الباحثة في بحثها هذا هي بعنوان «أنواع اللِّيَق وكيفية أعمالها». ذكرت أنها فصل من كتاب مجهول العنوان والمؤلف. وبمقارنة النصوص تبين أنها الباب الذي استعرضنا محتواه من كتاب «عيون الحدائق» في بحثنا هذا. أما الرسالة الأخرى فهي «في عمل الكاغد البلدي ووضع الأسرار في الكتب وما يمحو الدفاتر والرقوق». وذكرت أنها أحد أبواب كتاب «المخترع في فنون من الصنع» الذي نسبته إلى مجهول.
  • الجبرتي: عجائب الآثار في التراجم والأخبار، تحقيق عبد الرحيم عبد الرحمن عبد الرحيم، القاهرة: دار الكتب المصرية، 3 أجزاء، 1997.
  • الحسن، أحمد يوسف: الكيمياء الصناعية في كتاب الخواص الكبير لجابر بن حيان، بحث منشور على الرابط الآتي: http://www.history-science-technology.com/Edited%20Arabic %20Texts/Edited%20Texts%201.htm
  • الحسني، محمد بن أبي الخير: النجوم الشارقات في ذكر بعض الصنائع المحتاج إليها في علم الميقات، بعناية محمد راغب الطباخ، في مطبعته بحلب سنة 1928. وصدر بتحقيق السعيد بنموسى، نشر المحقق، طبع شركة فريتس بالرباط، 2008.
  • حميدان، زهير: أعلام الحضارة العربية الإسلامية في العلوم الأساسية والتطبيقية، دمشق: وزارة الثقافة، 6 أجزاء، 1995.
  • دوزي، رينهارت: تكملة المعاجم العربية، تعريب محمد سليم النعيمي وجمال الخياط، بغداد: وزارة الثقافة والإعلام العراقية، 11جزءًا، 1978-2002.
  • ديروش، فرانسوا: المدخل إلى علم الكتاب المخطوط بالحرف العربي، تعريب أيمن فؤاد سيد، لندن: مؤسسة الفرقان، 2005.
  • الرسولي، الملك المظفر يوسف بن عمر: المخترع في فنون من الصنع، تحقيق محمد عيسى صالحية، الكويت: مؤسسة الشراع العربي، 1989.
  • الزرخوني، محمد بن أبي بكر: زهر البساتين في علم المشاتين، مخطوط، وقد أتم كاتب هذا البحث تحقيقه على نسختين، بانتظار الناشر.
  • صالحية، محمد عيسى: «تنظيف الثياب من الآثار والطبوعات والأوساخ في ضوء التراث العربي»، ضمن كتابه بحوث ومقالات في الحضارة العربية الإسلامية، الكويت: مؤسسة دار الكتب وبيروت: دار التقدم العربي، 1988، ص 215-240.
  • صالحية، محمد عيسى: «رسالة في قلع الآثار من الثياب وغيرها، ليعقوب بن إسحاق الكندي، ت 260هـ»، مجلة معهد المخطوطات العربية، المجلد30 (1986)، ج1، ص 83-111. وأعيد نشر التحقيق مع الدراسة في كتابه بحوث ومقالات السابق ذكره، ص 241-265.
  • العراقي، محمد بن أحمد السماوي: عيون الحقائق وإيضاح الطرائق، منه طبعة حجرية ناقصة، طبعت بمصر سنة 1321هـ/1905م، في 48 صفحة. وقد اعتمد مؤلف هذا البحث على مخطوطة جامعة نسخة جامعة پرنستُن Princeton، بولاية نيوجرزي الأمريكية (رقمها بالمكتبة Garrett 544H)، وهي تقع في 150 ورقة.
  • قاري، لطف الله: «الكتب التراثية في الصناعات الكيميائية»، ضمن كتاب أبحاث الندوة العالمية التاسعة لتاريخ العلوم عند العرب، المنعقدة في دمشق سنة 2008، حلب: معهد التراث العلمي العربي بجامعة حلب، 2009، ص 547-605.
  • قاري، لطف الله: «إعادة كتابة تاريخ التقانة والصناعات من خلال كتاب «زهر البساتين»»، ضمن كتاب دراسات وبحوث مهداة إلى الأستاذ عصام محمد الشَّنْطِي بمناسبة بلوغه الثمانين، القاهرة: معهد المخطوطات العربية، 2011.
  • الكندي: «رسالة في قلع الآثار من الثياب وغيرها»، انظر صالحية.
  • المغربي، أحمد بن عوض: الفصل الخاص بوصفات الأحبار والأصباغ نشر بتحقيق بروين بدري توفيق، بعنوان «صناعة الأحبار واللِّيَق والأصباغ، فصول من مخطوطة (قطف الأزهار) للمغربي»، مجلة «المورد»، المجلد 12 (1983)، العدد 3، ص 251-278.
  • المغربي، أحمد بن عوض: قطف الأزهار في خصائص المعادن والأحجار ونتائج المعارف والأسرار، بتحقيق بروين بدري توفيق، بغداد: دار الشئون الثقافية العامة، وزارة الثقافة والإعلام، 1990.
    • Celentano, G. «L’epistola di al-Kindi sulla smacchiatura», in Studi arabo-islamici in onore di Roberto Rubianacci, Napoli: Instituto Universitario Oriental, 1985, pp. 141-197.
    • Rosenfeld, B. & Ihsanoglu, E. Mathematicians, astronomers and other scholars of Islamic civilisation and their works (7th -19th c.), Istanbul: IRCICA, 2003.
    • Ullmann, M. «Die Natur-und Geheimwissenschaften im Islam», Leiden: E.J. Brill, 1972.
    • Zaki, M. «An Unknown Manuscript on Arabic Bookmaking», Congreso Internacional «Codicología e historia del libro manuscrito en caracteres árabes», Madrid, May 2010.

 


(*) باحث في التراث العلمي العربي (السعودية).

(1) اكتشفها الباحث محمود محمد زكي. وقدم عنها بحثين: الأول في مؤتمر «علم المخطوطات (الكوديكولوجيا) وتاريخ الكتاب المخطوط بالأحرف العربية» Congreso Internacional «Codicología e historia del libro manuscrito en caracteres árabes»، المنعقد في مدريد، مايو 2010. والبحث الآخر في «المؤتمر السنوي الثلاثين لتاريخ العلوم عند العرب»، جامعة حلب، ديسمبر 2010.

(1) Zaki, M. «An Unknown Manuscript on Arabic Bookmaking», Congreso Internacional «Codicología e historia del libro manuscrito en caracteres árabes», Madrid, May 2010.

(2) نشر محقَّقًا في القاهرة سنة 1971، ثم في طهران سنة 1989. ومنه طبعة حديثة في دمشق لم تتبع مناهج التحقيق المعتمدة، كما سيأتي تفصيله في حاشية تالية.

(1) طبعة دمشق (2006) من كتاب «عمدة الكتاب» تخلو من المقارنة بين النسخ، ومن ذكر أرقام ورقات المخطوطة في النص المطبوع. وفيها حذفت صفحات كاملة دون الإشارة إلى ذلك، لا في الحواشي ولا في أي مكان آخر. وهي خالية من الكشافات الأبجدية. وليس فيها تفسير لكثير من الكلمات الغامضة، وإنما يكتفي معد الطبعة بالتعليق عليها بكلمة (كذا) في الحواشي. وغير ذلك من مخالفات مناهج التحقيق.

(1) نشرت بتحقيق محمد عيسى صالحية، انظر المراجع. ونشرت كذلك سنة 1985 في إيطاليا، انظر القسم الأجنبي من المراجع. كاتب هذا البحث مدين بالشكر للأستاذ محمود محمد زكي على تزويده بنسخة من طبعة إيطاليا.

(2) طُبعت بتحقيق زكي مبارك (القاهرة: دار الكتب المصرية، 1931)، وبتحقيق يوسـف محمـد فتحي عبد الوهاب (القاهرة: دار الطـلائع، 2005)، وبتحقيق محمد المختـار العبيـدي (دبي: مركز جمعة الماجد، 2009). وطبعت ضمن «رسائل البلغاء» لمحمد كرد علي (القاهرة: دار الكتب العربية الكبرى (البابي الحلبي)، الطبعة الثانية 1913، ومطبعة لجنة التأليف والترجمة والنشر، القاهرة، ط 3، 1946). كما طبعت ضمن «جمهرة رسائل العرب» لأحمد زكي صفوت (القاهرة: مصطفى البابي الحلبي، 1937، ج4 ص 176-212. وقد تم تصويرها دون ترخيص ببيروت).

(1) بحث د. أحمد يوسف الحسن، منشور على الصفحة التالية من الشبكة:

http://www.history-science-technology.com/Edited%20Arabic%20Texts/Edited%20Texts%201.htm

[8]  بحث “الكيمياء الصناعية في كتاب الخواص الكبير لجابر بن حيان”، تأليف (أ.د.) الحسن، السابق ذكره.

[9] المصدر السابق.

(3) اللكّ: صبغ أحمر تفرزه بعض الحشرات على بعض الأشجار في جزر الهند الشرقية (أرخبيل الملايو)، يذاب في الكحول فيكون منه دهان للخشب. (المعجم الوسيط 2/837). المقصود بحلّ  اللكّ أو غيره من المواد هو إذابتها في المحلول المناسب.

(4) السندروس: نبات تسيل منه مادة صمغية صفراء شفافة، أفتح قليلًا من الكهرمان، استعملت للتلميع، كالورنيش في عصرنا. (الكرمي، الهادي إلى لغة العرب، ومعاجم إنگليزية).

(1) مقدمة المحقق لكتاب «المخترع في فنون من الصنع»، ص 27.

(2) المرجع السابق، ص 31-43.

(1) تنظيف الثياب من الآثار والطبوعات والأوساخ في ضوء التراث العربي، لمحمد عيسى صالحية،  ضمن كتابه بحوث ومقالات في الحضارة العربية الإسلامية، الكويت: مؤسسة دار الكتب، وبيروت، دار التقدم العربي، 1988، ص 215-240.

(2) رسالة في قلع الآثار من الثياب وغيرها، ليعقوب بن إسحاق الكندي (ت 260هـ)، تحقيق لمحمد عيسى صالحية، مجلة معهد المخطوطات العربية، المجلد 30 (1986)، ج1، ص 83-111. وأعيد نشر التحقيق مع الدراسة في كتابه «بحوث ومقالات في الحضارة العربية الإسلامية» السابق الإشارة إليه، ص 241-265.

(3) أوضح ديروش أن المداد والحبر كانا مادتين مختلفتين من ناحية التركيب، لكن تلاشى التمييز بين الاسمين، بحيث صار المؤلفون يخلطون بينهما. وهو نفسه يطلق اللفظتين على مسمى واحد، فيقول «تمتعت الأمدّة (الأحبار) إلى جانب القلم بمكانة خاصة… إلخ». انظر: المدخل إلى علم الكتاب المخطوط بالحرف العربي، لفرانسوا ديروش، تعريب أيمن فؤاد سيد، مؤسسة الفرقان، لندن 2005، ص 187-189.

(1) قال ابن منظور «لسان العرب» نقلًا عن «تهذيب اللغة» للأزهري: لِيقة الدواة هي ما اجتمع في وقبتِها (حفرتها) من سوادها بمائها. أما دوزي فيعرّف اللِّيقة بأنها حبر سري. بينما المصادر التي بين أيدينا تصف اللِّيقات بأنها خلطات الأحبار والأصباغ عموما. انظر: تكملة المعاجم العربية، رينهارت دوزي، تعريب محمد سليم النعيمي وجمال الخياط، بغداد، وزارة الثقافة والإعلام العراقية، ج 9، ص 295.

(2) انظر: المدخل إلى علم الكتاب المخطوط بالحرف العربي، لفرانسوا ديروش، تعريب أيمن فؤاد سيد، مرجع سابق، ص 183. وقد عرَّف د. أحمد شوقي بنبين ود. مصطفى طوبي  مؤلِّفا معجم مصطلحات المخطوط العربي اللِّيقة على أنها الكرسف، أو الصُّوفة المتخذة داخل الدواة. وقالا في الهامش: «فصّل في أنواعها ابن باديس في كتابه عمدة الكتَّاب ص 111 وما بعدها». لكن إذا راجعنا كتاب عمدة الكتَّاب فإننا نجده يذكر وصفات لأنواع من الحبر والأصباغ، ويسمي كل واحدة ليقة. صحيح أن بعض المصادر المبكرة مثل «الرسالة العذراء» التي مرّ ذكرها تقصد باللِّيقة أنها الصُّوفة المتخَذة داخل الدواة. إلا أن المعنى تغيّر مع الزمن، فصارت الكلمة تؤدي معنيين، كما أوضحنا بالأمثـلة خـلال البحث. انظر: معجم مصطلحات المخطـوط العــربي، د. أحمد شوقي بنبين ود. مصطفى طوبي ، التحرير الثالث (الطبعة الثالثة)، الرباط، الخزانة الحسنية 2005، ص 309.

(1) ترجمته في: أعلام الحضارة العربية الإسلامية في العلوم الأساسية والتطبيقية، زهير حميدان، دمشق: وزارة الثقافة، 1995، ج2، ص 258-260.

(2) هذا الكتاب كان من مراجع الجوبري، مؤلف كتاب «المختار في كشف الأسرار» الذي يدور حول مختلف الحيل. وهو متداول بين المشتغلين بالشعوذة، مذكور في مواقعهم على الشابكة     =

=    أو الإنترنت. ولم يتسنّ لكاتب هذه الأسطر الحصول عليه بعد، لأن هذه المواقع محجوبة في كثير من الدول العربية. وقد ذكر أحد المواقع أنه تم تأليفه سنة 564هـ.

والواقع أن الكتاب ليس من مؤلفات أفلاطون. فهناك كتاب آخر لأفلاطون يحمل العنوان نفسه، وهو يدور حول قوانين أو نواميس يستخدمها أهل المدينة الفاضلة التي ألَّف الفيلسوف كتابًا حولها. وقد كتب كل من الفارابي وابن رشد كتابين يعقبان فيهما على كتاب «نواميس أفلاطون» الأصلي.

(1) ورقة 3و، نسخة جامعة Princeton من مخطوطات الكتاب.

(2) نسخة پرنستُن ، الورقة 94أ و94ب.

(3) نسخة پرنستُن، 97ب.

(4) نشرت الباحثة بروين بدري توفيق هذا الباب، وقالت إنه قسم من كتاب مجهول العنوان والمؤلف. وبمقارنة النصوص تبين أنه الباب الذي ذكرناه هنا. انظر: رسالتان في صناعة المخطوط العربي، بروين بدري توفيق، مجلة المورد، المجلد 14 (1985)، عدد 4، ص 267-286.

(1) نسخة پرنستُن، 94ب-95أ.

(2) عمدة الكتَّاب وعدة ذوي الألباب: المنسوب للمعز بن باديس، تحقيق نجيب الهروي وعصام مكية، مجمع البحوث الإسلامية،  طهران 1989 ، ص 61.

(3) نسخة پرنستُن، 95أ-95ب.

(1) قدَّم كاتب هذه الأسطر دراسة عن الكتاب ومؤلفه في كتاب دراسات وبحوث مهداة إلى الأستاذ عصام محمد الشَّنْطِي بمناسبة بلوغه الثمانين. وقد أتمَّ تحقيقه، بانتظار الناشر.

(1) نسخة پرنستُن، 97أ.

(2) نسخة لندن، 72أ.

(3) أي ما ذكرناه حول كتابي «عيون الحقائق» و«عمدة الكتّاب».

(4) هنا عبارة محذوفة، لعلها «من شمع على هيئة بطتين».

(5) أي سمكتين من نوع البلطي المعروف بمصر.

(1) نسخة پرنستُن، 47ب-48أ.

(2) مؤلف هذا الكتاب يستعمل لفظة (شاف، يشوف) بمعنى: طفا، يطفو.

(3) نسخة لندن، 39أ-39ب.

(4) ترجمته في: أعلام الحضارة العربية الإسلامية في العلوم الأساسية والتطبيقية، لزهير حميدان، مرجع سابق،  ج 4/233-234، ج 6، ص 269.  و Rosenfeld, B. & Ihsanoglu, E. Mathematicians, astronomers and other scholars of Islamic civilisation and their works (7th -19th c.), Istanbul: IRCICA, 2003. (الترجمة رقم 1017 صفحة 339).

(1) الكتب التراثية في الصناعات الكيميائية، ضمن أبحاث الندوة العالمية التاسعة لتاريخ العلوم عند العرب، معهد التراث العلمي العربي بجامعة حلب 2009، ص 547-605.

(2) Ullmann, pp. 246-247.

(3) نشرت مرتين: الأولى بعناية محمد راغب الطباخ، بمطبعته بحلب سنة 1928. والثانية بتحقيق السعيد بنموسى، نشر المحقق وطبع شركة فريتس بالرباط سنة 2008. وطبعة المغرب تعتمد على مخطوطتين بالرباط، مع أن نسخ هذه الرسالة كثيرة حول العالم. نأمل في الطبعات القادمة لهذه الرسالة أن يتصدر التحقيق دراسة معمقة عن المؤلف والكتاب والموضوع، واعتماد نسخ مخطوطة أقدم من النسختين الحديثتين اللتين اعتمدتهما طبعة المغرب، واختيار إحداها نسخة أمًّا، لتذكر أرقام ورقاتها في النص المطبوع، وعمل كشافات أبجدية. (كاتب هذا البحث مدين بالشكر للأستاذ محمود محمد زكي على تزويده بنسخة من طبعة المغرب).

(2) قطف الأزهار في خصـائص المعـادن والأحجار ونتائج المعـارف والأسرار: أحمـد بن عوض المغربي، بتحقيق بروين بدري توفيق،: دار الشئون الثقافية العامة، وزارة الثقافة والإعلام، بغداد 1990.

(1) رسالتان في صناعة المخطوط العربي: بروين بدري توفيق، مجلة المورد، المجلد 14، العدد 4/1985، مرجع سابق، ص 249-282.  

(1) قطف الأزهار، ص 7-9.

(2) قطف الأزهار للمغربي، تحقيق بروين بدري توفيق، مجلة المورد، مج12، ع3، ص 252، 268.

(1) قطف الأزهار، ص 256 من الطبعة الكاملة، ص 255 من مجلة المورد.

(2) الثوب الكردواني نوع من الثياب متصل بالثياب الداخلية. هنا نلاحظ دقة الوصف بتحديد نوع القماش.

(3) عمدة الكتاب، ط طهران، ص 58.

(1) الكتاب تم تأليفه لأحد الأشراف بمصر، وهو مصطفى جوربجي بن محمد كتخدا البيرقدار الذي يذكره الكتاب بعبارة «المرحوم المغفور». وحسب المصادر التاريخية فإن البيرقدار تولى نقابة الأشراف بمصر سنة 1122هـ  (انظر: عجائب الآثار في التراجم والأخبار،للجبرتي، تحقيق عبد الرحيم عبد الرحمن عبد الرحيم،: دار الكتب المصرية ، القاهرة 1997، ج1، ص138). وليس هناك تاريخ موثق لوفاته، ولو أن الجبرتي ذكر أنه توفي سنة 1107هـ (ج1 ص169)، وهو متناقض مع التاريخ السابق. وعلى كلٍّ فإننا نستنتج أن الكتاب تم تأليفه في النصف الأول من القرن الثاني عشر الهجري (18م) حسب ما وجدنا من المعلومات المذكورة. ولا توجد أية معلومات عن المؤلِّف.

(2) وهي محفوظة في مكتبة گوتا Gotha بألمانيا. ومنها نسخة مصورة بمعهد التراث العلمي العربي في حلب. وفي آخرها عبارة «قد وقع إتمام الكتاب»، بخط غير خط الناسخ. وهذا يدل على أن هذه النسخة الوحيدة ناقصة.

 

Science

الدكتور لطف الله قاري

حاصل على البكلوريُس في الفيزياء من جامعة البترول والمعادن بالظهران سنة 1398هـ 1978م، وعلى الماجستير في الهندسة البيئية من جامعة وسط فلوردا سنة 1404هـ/1983م، وعلى الدكتوراه في علم المخطوطات وتحقيق التراث، من معهد البحوث والدراسات العربية (التابع لجامعة الدول العربية، وعضو اتحاد الجامعات العربية) سنة 1434هـ 2013م.
• مستشار وعضو إدارة «هيئة تاريخ العلوم والتكنولوجيا في المجتمعات الإسلامية» التابعة للاتحاد الدولي لتاريخ العلوم، للفترة 2013-2017
Counselor and governing council member for the Commission on the History of Science and Technology in Islamic Societies (part of the International Union for the History and Philosophy of Science), 2013-2017
• حائز على جائزة الكويت للتقدم العلمي لعام 2013. وهو أول سعودي يحصل على الجائزة في فرع التراث العلمي، منذ انطلاقتها عام 1979. وهي جائزة كبرى يرعاها سمو أمير الكويت شخصيا باعتباره رئيس مؤسسة الكويت للتقدم العلمي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق