الرابطة المحمدية للعلماء

الثقافة الصوفية.. والمنتدى الدولي “من أجل روح للعولمة”

د. فوزي الصقلي: التصوف علم ذوقي وسلوكي قائم بذاته.. قادر على الإسهام بشكل فعال في إحياء وتجديد النسيج الحضاري لثقافتنا الإسلامية

دار الحوار الحي، الذي درج موقعنا على عقده كل أسبوع، مع الدكتور فوزي الصقلي رئيس المنتدى الدولي” من أجل روح للعولمة” حول موضوع  “الثقافة الصوفية.. والمنتدى الدولي “من أجل روح للعولمة”، وهو الحوار الذي تفاعل معه زوار موقعنا بكثافة من داخل المغرب وخارجه؛ حيث تلقى الضيف الكريم أسئلة مختلف المدن المغربية، ومن البرازيل، ومن تركيا.. حول مفهوم التصوف، ومقاصده وأهدافه، وعلاقته بالعلوم العقلية والنقلية، والتصوف بين الوحدة والتعدد، وكذا علاقة التصوف بالعولمة ودور المنتدى الدولي”من أجل روح للعولمة”..

فبخصوص ماهية التصوف حدده الأستاذ فوزي الصقلي بكونه “علم ذوقي وسلوكي قائم بذاته.. قادرة على الإسهام بشكل فعال في إحياء وتجديد النسيج الحضاري لثقافتنا الإسلامية”، أما “الثقافة الصوفية، فهي نتيجة مجموعة من المقاربات التربوية والسلوكيات والقيم الروحية التي تكون في النهاية نسيجا حضاريا حيا متكاملا ومتجددا، وهي في نفس الوقت تنطوي على قيم ثابتة وعلى قدرة روحية فكرية وإبداعية متجددة، تشكل نسيجا ثقافيا وحضاريا نستطيع من خلاله وبواسطته أن نواجه التحديات الكثيرة التي يعرفها العالم الآن..” سعيا إلى تحقيق الكمال الإنساني الذي يجمع بين الجسد، والعقل، والروح..كمقصد أسمى من مقاصد الإسلام. وفي ها الإطار يعتقد الضيف الكريم أن “الحضارة الإسلامية لها قدرة كبيرة على صناعة نظام حقيقي للحوار ما بين الشعوب والثقافات، انطلاقا من قيّمها الكونية وبحثها عن تحقيق مكارم الأخلاق والنبل الإنساني، وهذه القيَّم تحملها بالضبط الثقافة الصوفية التي تكون النسيج الحقيقي لهذه الحضارة، والتي لها هذه القابلية المتميزة على خلق أو على نشر قيَّم التعايش والحوار ما بين الثقافة والأديان..”

ومن الوظائف التي من شأن التصوف أن ينهض بها في ظل ما تعرفه العولمة من تركيز على الأبعاد الاقتصادية والمالية وتغافل شبه تام للجوانب الإنسانية والقيمية والأخلاقية، وارتكازها على اقتصاد افتراضي لا يمت للواقع بشيء؛ إعادة المنظومة الدولية إلى رشدها وتوازنها من خلال الحرص على أنسنة العولمة. وإعادة التوازن للعلاقة التي أصابها الكثير من الاختلال بين المادة والروح.و نشر قيَّم التعايش والحوار ما بين الثقافة والأديان.. وهو ما يراهن عليه المنتدى الدولي “من أجل روح العولمة”.

وفي هذا السياق يؤكد الضيف الكريم أن الأزمة التي يعرفها عالمنا المعاصر باتت تستوجب استحداث منتدى من نوع جديد مختلف عن المنتديات المعهودة، كما هو حال “منتدى دافوس” السويسري الذي يرتكز على الاقتصاد المحض، أو “منتدى بورتو ألكري” الذي يرتكز على البعد الاجتماعي للعلاقات الدولية.  مبرزا أن فعالية هذا المنتدى إنما تكمن في الجمع بين مفكرين وقياديين وفاعلين اجتماعيين ينتمون إلى ثقافات وتخصصات مختلفة في فضاء واحد..
وعن الوظيفة التربوية للتصوف يذكر الأستاذ الصقلي أن “المتصوفة يؤكدون على أهمية السلوك والقيم والأخلاق الكريمة..” كاشفا أن “كل النصوص القرآنية والأحاديث النبوية تستهدف تحقيق مكارم الأخلاق، التي تتمثل في مقام الإحسان، الذي يأتي كنتيجة لتحقيق مقام الإسلام ثم الإيمان. مؤكدا على “ضرورة الرجوع إلى مفهوم الإسلام كسلوك وقيَّم حية وليس فقط كتصور نظري مجرد عن الممارسة الحية وعن التدرج في مقامات تزكية النفس..”
مضيفا أن “التراث الصوفي له قيمته الكبيرة لو علمنا كيف نضعه في مكانه الصحيح، ليس كتعويض للتربية الروحية، ولكن كثمرة ثقافية وحضارية ناتجة عنها. فهذه المنظومة الثقافية والفكرية التي تمخضت عن مدارس التصوف يمكن أن تساعدنا في عصرنا الحالي على إنتاجات فكرية متميزة لها القدرة على إيجاد حلول جذرية للتحديات التي تواجه عالمنا المعاصر.”

وعن علاقة التصوف بالعلوم النقلية والعقلية يذهب الضيف الكريم أن التصوف ليس شيئا منعزلا عن التيار الفقهي معتبرا أن التصوف كقيم وأخلاق وسلوك نبيلة كان دائما متكاملا ومكملا داخل هذه الحضارة للجانب العلمي والعقلي باختلاف مجالاته..
ومع أن التصوف يشكل منهاجا واحدا هو  المنهج المحمدي في تحقيق مكارم الأخلاق ومقام الإحسان، إلا أنه لا مانع بأن يكون لهذا المنهج الوحيد مدارس ومشارب مختلفة التي تتطور في أشكالها وتلوناتها عبر الأزمنة والأمكنة..

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق