مركز عقبة بن نافع للدراسات والأبحاث حول الصحابة والتابعينأعلام

التابعي الجليل، والعالم الكبير، الحسن بن أبي الحسن البصري (ت:110هـ)

 

 

 

بقلم: يونس السباح

اسمه ونسبه وولادته: 

هو العالم العابد، الفقيه الزاهد، الحسن بن يسار البصري.

كان رحمه اللهُ  سيّدَ زمانه، وإمام أهل البصرة، بل إمام أهل العصر بلا مدافع. وأحد أجلاء التابعين الكبار.

ولد بالمدينة النبوية سنة إحدى وعشرين في خلافة عمر رضِي الله عنه، وكانت أمّه مولاة لأم سلمة، فكانت تذهب لمولاتها في حاجة وتشاغله أمّ سلمة بثديها، فربما دَرَّ عليه، ثم نشأ بوادي القرى[1].

واسم والده أبي الحسن يسار، يقال: إنّه من سبي ميسان، وقع إلى المدينة، فاشترته الربيع بنت النّضْر عمَّة أنس بن مالك، فأعتقته.

 وذُكر عن الحسن البصري أنه قال: «كان أبواي لرجل من بني النجار، وتزوج امرأة من بني سلمة من الأنصار، فساقهما إليها من مهرها، فأعتقتهما».

 ويقال: بل كانت أمّ الحسن مولاة لأم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم، وولد الحسن بالمدينة لسنتين بقيتا من خلافة عمر بن الخطاب، فيذكرون أنّ أمه كانت ربما غابت، فيبكي الصبي، فتعطيه أم سلمة ثديها تعلله به إلى أن تجيء أمّه، فدَرَّ عليها ثديها، فشربه، فيرون أن تلك الحكمة والفصاحة من بركة ذلك[2].

 صفاته:

كان رحِمه الله ورَضي عنه من أجمل أهل البصرة، حتى سقط من دابته فحدث بأنفه ما حدث[3].

ويذكر عنه أنّه كان رأساً في العلم والحديث، إماماً مجتهداً، كثير الاطّلاع، رأسا في القرآن وتفسيره، رأساً في الوعظ والتذكير، رأساً في الحِلم والعبادة، رأساً في الزّهد والصدق، رأساً في الفصاحة والبلاغة، رأساً في الإقدام والشجاعة[4].

قال في حقه ياقوت الحموي: كان فصيحاً، بليغاً، زاهداً، عابداً، عالماً، عاملاً، واعظاً، صادقاً، قائلاً، فاعلاً، تؤخذ عنه فنون الشّرع، ويشبه رؤبة بن العجّاج في فصاحة لهجته، وكان أوحد زمانه في معناه[5].

وقيل ليونس: أتعرف أحداً يعمل مثل عمل الحسن؟ فقال: والله ما أعرف أحدا يقول مثل قوله، فكيف يعمل بعمله؟! وقال: كان إذا أقبل فكأنه أقبل من دفن حميمه، وإذا جلس فكأنه أسير يضرب عنقه، وإذا ذكرت له النّار فكأنها لم تخلق إلا له، وكان من فزعه قوله الحقّ عند من يخاف شرّه[6].

مروياته: 

عاصر الحسن البصري عدداً كبيراً من الصحابة وسمع منهم، وشاهد أعمالهم، كما سمع منه عدّة من كبار التابعين في عصره، وممّن سمع منهم من الصحابة: عثمان بن عفّان وهو يخطب، وشهد يوم الدار، ورأى طلحة وعليّا، وروى عن عمران بن حصين، والمغيرة بن شعبة، وعبد الرحمن بن سَمُرة، وأبي بكرة، والنعمان بن بشير، وجندب بن عبد الله، وسمرة بن جندب، وعبد الله بن عباس، وابن عمر، وعمرو بن ثعلب، وعبد الله بن عمرو، ومعقل بن يسار، وأبي هريرة، والأسود بن سريع، وأنس بن مالك، وخلق كثير من الصّحابة وكبار التابعين، كالأحنف بن قيس، وحطان الرقاشي[7]. وروى عنه خلائق من التابعين وغيرهم[8].

 وفاته ومقبره:

توفي الحسن بن أبي الحسن البصري رحمه الله ليلة الجمعة، وغسّله أيوب وحميد الطويل، وأُخرج حين انصرف الناس، وازدحموا عليه حتى فاتت الناسَ صلاةُ العصر، ولم تصلّ في جامع البصرة. وكانت وفاته سنة عشر ومائة، وعمره تسع وثمانون سنة، وقيل ست وتسعون سنة، رحمه الله ورضي عَنه آمين[9].

 


[1] مشاهير علماء الأمصار:142.والوافي بالوفيات:12/190.

[2]  الطبقات الكبرى:7/156. وتهذيب الأسماء واللغات:1/161.

 

[3]  إكمال تهذيب الكمال لمغلطاي:4/78.

[4]  الوافي بالوفيات:12/190.

[5]  معجم الأدباء:3/1023.

[6]  نفسه: 3/1023.

[7]  الوافي بالوفيات:12/190.

[8]  تهذيب الأسماء واللغات:1/161.

[9]  الوافي بالوفيات:12/190.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق