الرابطة المحمدية للعلماء

البعد الكتابي للترجمة والعلاقة بين القراءة والكتابة والموازنة

أداة الترجمة هي الموازنة بين النصين في اللغتين المترجم منها والمترجم إليها

في إطار سلسلة محاضراته الشهرية نظم مركز الدراسات والبحوث الإنسانية والاجتماعية بوجدة يوم الجمعة 27 صفر 1431هـ/ 12 فبراير 2010 محاضرة علمية تحت عنوان البعد الكتابي للترجمة للدكتور محمد الديداوي، رئيس قسم الترجمة العربية في مكتب الأمم المتحدة بفيينا وجنيف، وخبير أممي في الترجمة.

وسعى الدكتور محمد الديداوي في محاضرته إلى تبيان أن المترجم قارئ وكاتب مزدوج اللغة.

وإن الترجمة الصحيحة أركانها ثلاثة، ألا وهي، لا بل إن هناك من يجزم بأن الترجمة قراءة-كتابة، ذلك أن القارئ يحتل مكانة مرموقة في إطار “الإبداع المسيَّر” في تناظر مع الكاتب الأصلي، وهو يكتب في تقمّص. فالترجمة تبدأ بالقراءة وتلازمها القراءة وتختتم بالقراءة وتستلزم إستراتيجية قرائية.

كما أن منتوج القراءة هو الكتابة وبها تتغذّى وأداة الترجمة هي الموازنة بين النصين في اللغتين المترجم منها والمترجم إليها وبها تستحكم. وتقتضي الموازنة تخطي نطاق ازدواجية اللغة للعبور إلى الترجمة. وهذا ما لا يتأتى إلا بالاستعداد والتهيؤ والتدريب والمراس.

وقد أشار المحاضر إلى أن من أبرز ما اتّسمت به واستفادت منه الكتابة العربية ما حدث من ازدواجيةٍ بين العربية والفارسية ومزاوجةٍ بين الكتابة والترجمة في هذا المضمار، مع ما كان في ذلك من نقل وتزيينٍ وبيان وتبيينٍ.

وإلى جانب ثنائية الترجمة المعهودة، تأتي التعددية، وهي أميل إلى التصرف في الكتابة، وتتساند صيغها أفقيا للاقتراب من النص المثالي، في الحصيلة النهائية، ذلك أن الواحدة من ترجمات الأصل الواحد المتعددة تبرع تارة وقد تكون تارة أخرى أقل براعة، على عكس غيرها، في ترادفٍ وتكاملٍ بين أكثر من مترجم.

ولو أخذ ما فيه براعة واستكمل ما فيه نقصان وحذف ما فيه زيادة وقوِّم ما فيه اعوجاج ،مع ما قد يلزم من موازنة، لاكتمل المراد. أما عموديا، فيكون التدخل بمراجعة النص ذاتيا أو من الغير، أو ب”التحرير” أو “العرض” كما سماه الأقدمون. وإن العرض، بالمعنى الدارج المغربي، يساعد على تضبيط النص، نظرا لموسيقية العربية، وعلى البيان.

ولم تفت السلف ضرورة المراجعةالقراءة، فطبقها المترجمون ونظروا إليها من منظورات شتى في أماكن شتى توخيا للدقة والتجويد بإعادة الكتابة. والكتابة، التي تعني الضم والجمع لغةً، لها درجات متفاوتة، أدناها الحرفية الركيكة وتصل إلى “التصوف في الكتابة” و”الكتابة التصوفية”، علما أن للتناصّ أو “الاشتقاق النصي” أو “تداخل النصوص” أو “التنميط” أهمية في الكتابة، حسب الحالة. وهناك النسخ والإنشاء والتأليف والنظم.

وعلاوة على ذلك، يؤكد الدكتور، أن الذي يتحكم في الترجمة ككتابة أمور عديدة منها المشروع الترجمي وموقف المترجم والإطار الترجمي، الذي يسند المترجم ويسهّل عمله، والضرورة والغرض، وصولا إلى مقروئية الترجمة ومقبوليتها وحجّيتها.

وفي الأخير أشار الدكتور الديداوي إلى أن الهدف من هذا العرض هو التطرق إلى العلاقة القائمة بين القراءة والكتابة والترجمة، من زاوية الثلاثية الترجمية، التي هي التصرف والحرفية والتعدد، وتبيان أنسب طرائق الترجمة لأغراض التعريب ونقل المعرفة من جانب المترجم ككاتب، مع الاستناد إلى أمثلة.

وبعد المناقشة التقى أعضاء وحدة الترجمة ، بمقر مركز الدراسات والبحوث الإنسانية والاجتماعية ، مع الدكتور الديداوي في لقاء تواصلي مفتوح تم التطرق خلاله إلى جملة من الإشكالات التقنية والعلمية التي تعترض عمل الأساتذة المترجمين في مشاريعهم العلمية المختلفة محاولين الاستفادة من الخبرة الطويلة لضيف للأستاذ المحاضر.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق