مركز ابن أبي الربيع السبتي للدراسات اللغوية والأدبيةقراءة في كتاب

البعد التربوي لألفية ابن مالك الطائي الجياني (الحلقة الثامنة عشرة)

17- في الحضِّ على الصبر:
قال الناظم – رحمه الله تعالى -:
وَالوَاوُ كَالفَا إنْ تُفِدْ مَفْهُومَ مَعْ
  كَـ«لَا تَكُنْ جَلْداً وَتُظْهِرَ الجَزَعْ»
*   *   *
ورد البيت في باب «إعراب الفعل»، في سياق المواضع التي ينصب فيها الفعل المضارع، ومنها إذا وقع بعد الواو التي يقصد بها المصاحبة، فينصب بأن مضمرة وجوباً، كقوله تعالى:(وَلَمَّا يَعْلَمِ اللهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ)[آل عمران:142]، وكقول الشيخ الناظم – رحمه الله -«لَا تَكُنْ جَلْداً وَتُظْهِرَ الجَزَعْ»، فـ”وتظهرَ” منصوب بأن مضمرة وجوباً، وسبقه نهيٌ، وهو قوله: «لا تكن»، ومعناه: لا تجمعْ بين الصبر والجزع!
 ويحضُّ الشيخ الناظم – رحمه الله – في هذا المثال على التحلي بالصبر والجلد، عملًا بقوله تعالى: (وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ)[الأنفال:46]، وقوله: (إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ)[الزمر:10]، وجاء في وصية لُقمان – عليه السلام -:(وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ)[لقمان:17]، وسئل – صلى الله عليه وسلم – عن الإيمان فقال: «الصَّبْرُ والسَّماحَةُ»[مسند أحمد (32/177)]،  وقال: «إِنَّ أَمْرَ الْمُؤْمِنِ كُلَّهُ لَهُ خَيْرٌ لَيْسَ ذَلِكَ لِأَحَدٍ إِلَّا لِلْمُؤْمِنِ؛ إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ وَكَانَ خَيْرًا، وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ وَكَانَ خَيْرًا» [مسند أحمد (31/269)]، وقال:«وَاعْلَمْ أَنَّ فِي الصَّبْرِ عَلَى مَا تَكْرَهُ خَيْرًا كَثِيرًا وَأَنَّ النَّصْرَ مَعَ الصَّبْرِ وَأَنَّ الْفَرَجَ مَعَ الْكَرْبِ وَأَنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا»[مسند أحمد (5/19)].

17- في الحضِّ على الصبر:

قال الناظم – رحمه الله تعالى -:

وَالوَاوُ كَالفَا إنْ تُفِدْ مَفْهُومَ مَعْ /// كَـ«لَا تَكُنْ جَلْداً وَتُظْهِرَ الجَزَعْ»

*   *   *

ورد البيت في باب «إعراب الفعل»، في سياق المواضع التي ينصب فيها الفعل المضارع، ومنها إذا وقع بعد الواو التي يقصد بها المصاحبة، فينصب بأن مضمرة وجوباً، كقوله تعالى:(وَلَمَّا يَعْلَمِ اللهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ)[آل عمران:142]، وكقول الشيخ الناظم – رحمه الله -«لَا تَكُنْ جَلْداً وَتُظْهِرَ الجَزَعْ»، فـ”وتظهرَ” منصوب بأن مضمرة وجوباً، وسبقه نهيٌ، وهو قوله: «لا تكن»، ومعناه: لا تجمعْ بين الصبر والجزع!

 ويحضُّ الشيخ الناظم – رحمه الله – في هذا المثال على التحلي بالصبر والجلد، عملًا بقوله تعالى: (وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ)[الأنفال:46]، وقوله: (إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ)[الزمر:10]، وجاء في وصية لُقمان – عليه السلام -:(وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ)[لقمان:17]، وسئل – صلى الله عليه وسلم – عن الإيمان فقال: «الصَّبْرُ والسَّماحَةُ»[مسند أحمد (32/177)]،  وقال: «إِنَّ أَمْرَ الْمُؤْمِنِ كُلَّهُ لَهُ خَيْرٌ لَيْسَ ذَلِكَ لِأَحَدٍ إِلَّا لِلْمُؤْمِنِ؛ إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ وَكَانَ خَيْرًا، وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ وَكَانَ خَيْرًا» [مسند أحمد (31/269)]، وقال:«وَاعْلَمْ أَنَّ فِي الصَّبْرِ عَلَى مَا تَكْرَهُ خَيْرًا كَثِيرًا وَأَنَّ النَّصْرَ مَعَ الصَّبْرِ وَأَنَّ الْفَرَجَ مَعَ الْكَرْبِ وَأَنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا»[مسند أحمد (5/19)].

وقال الشاعر- كما في: روضة العقلاء (ص:161) -:

صبرًا جميلًا عَلى مَا نَابَ مِنْ حَدَثٍ  ///  وَالصَّبرُ يَنْفَعُ أَحْيَانًا إِذَا صَبرُوا

الصَّبرُ أَفضلُ شَيءٍ تَستَعِينُ بِهِ  ///  عَلى الزَّمَانِ إذَا مَا مَسَّكَ الضَّرَرُ 

وقال آخر:

إِذَا مَا عَرا خَطْبٌ مِنَ الدَّهْرِ فَاصْطَبِرْ  ///  فَإِنَّ اللَّيالِي بِالخُطوبِ حَوَامِلُ

فَكُـلُّ الَّذي يَأْتِي بِهِ الدَّهْرُ زائِـلٌ  ///  سَريعًا فَلا تَجْزَعْ لِمَا هُوَ زائِلُ

*   *   *

فهذه النصوصُ فيها بيانٌ لأهمية الصبر الجميل، وما فيه من الأجْر الجزيل، كما أنَّ فيها ترغيبًا على ترك التّشكّي والجزع، والتضجّر والهلع، لأنها من أماراتِ عدم الرّضى والتّسليمِ للقضاء والقدر، فَضْلًا عَمَّا فيهَا من سُوءِ الأدبِ مع الله تعالى، وذلك قد يحرِمُ العبدَ الأجرَ وَالثَّواب، ورُبّما استوجَبَ بِهِ الطَّرد وَالحجاب!

وقد أحسن سيدي الشيخُ عبدُ القادر الجيلانيُّ – قدّس الله سرّه – عند كلامهِ عنْ أنواع الابتلاء، وذكر أنَّ العبد قد يُبتلى عقوبةً ومقابلةً لجريمة ارتكبها، أو تَمحيصًا له وَتكفيراً لسيئاته، أو لرفع درجاته، ثم قال – قدّس الله سرَّهُ -: «فَعلامةُ الابتلاءِ على وجهِ المقابلة والعُقوبات: عدمُ الصَّبر عند وجودها والجزعُ والشَّكوى إلى الخليقةِ والبريَّات. وعلامة الابتلاء تكفيراً وتمحيصاً للخطيئات: وجود الصبر الجميل من غير شكوَى وإظهارِ الجَزعِ إلى الأصدقاء والجيران والتضجر بأداء الأوامر والطاعات. وعلامة الابتلاء لارتفاع الدرجات: وجودُ الرضا والموافقة، وطمأنينة النفس والسكون بفعل إله الأرض والسموات، والفناء فيها إلى حين الانكشاف بمرور الأيام والساعات»[فتوح الغيب (ص:110-111)]

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق