مركز ابن أبي الربيع السبتي للدراسات اللغوية والأدبيةقراءة في كتاب

البعد التربوي لألفية ابن مالك الطائي الجياني (الحلقة الثالثة)

2- قبول المعذرة:
قال الناظم – رحمه الله تعالى -:
مُبْتَدَأٌ زَيْدٌ وَعَاذِرٌ خَبَرْ =@= إِنْ قُلْتَ:(زَيْدٌ عَاذِرٌ مَنِ اعْتَذَرْ)
*   *   *
يحضُّ ابن مالك – رحمه الله تعالى – في هذا البيت على خصلتين اثنتين، وخَلَّتين حسنتين، وهما: الاعتذار، وقَبول عذر المعتذر، وكلتاهما من محامد الخصال، ومكارم الأخلاق والخلال.
أ- معنى الاعتذار:
والاعتذار من: اعْتَذَر الرجلُ إذا أتى بعُذْرٍ، والعُذْرُ – كما قال الراغب -:”تحرّي الإنسانِ ما يمحُو به ذنوبَه(1)”، أو”الحجّة التي يُعْتَذر بهَا(2)”. قال الراغب:”وذلك على ثلاثة أضرب: (*) إمّا أن يقول: لم أفعل، (*) أو يقول: فعلت لأجل كذا، فيذكر ما يخرجه عن كونه مذنبا، (*) أو يقول: فعلت ولا أعود، ونحو ذلك من المقال. وهذا الثالث هو التّوبة، فكلّ توبة عُذْرٌ وليس كلُّ عُذْرٍ توبةً(3)”.
 وأما قول الناظم – رحمه الله تعالى:«زيدٌ عَاذِرٌ» فهوَ مِن: عذَرَهُ يَعْذِرُهُ عُذْراً وعُذُراً وعُذْرَى ومَعْذِرَةً ومَعْذُرةً إذا قَبِلَ عُذْرَهُ وَرفع عنه اللومَ، ويقال فيه أيضاً:أَعْذَرَهُ، والاسمُ : المَعْذُِرَةُ مُثَلَّثَةَ الذالِ، والعِذْرَةُ بالكسر(4).
2- ما وردَ في قَبول الاعتذار:

 

2- قبول المعذرة:

قال الناظم – رحمه الله تعالى -:

مُبْتَدَأٌ زَيْدٌ وَعَاذِرٌ خَبَرْ /// إِنْ قُلْتَ:(زَيْدٌ عَاذِرٌ مَنِ اعْتَذَرْ)

*   *   *

يحضُّ ابن مالك – رحمه الله تعالى – في هذا البيت على خصلتين اثنتين، وخَلَّتين حسنتين، وهما: الاعتذار، وقَبول عذر المعتذر، وكلتاهما من محامد الخصال، ومكارم الأخلاق والخلال.

أ- معنى الاعتذار:

والاعتذار من: اعْتَذَر الرجلُ إذا أتى بعُذْرٍ، والعُذْرُ – كما قال الراغب -:”تحرّي الإنسانِ ما يمحُو به ذنوبَه(1)”، أو”الحجّة التي يُعْتَذر بهَا(2)”. قال الراغب:”وذلك على ثلاثة أضرب: (*) إمّا أن يقول: لم أفعل، (*) أو يقول: فعلت لأجل كذا، فيذكر ما يخرجه عن كونه مذنبا، (*) أو يقول: فعلت ولا أعود، ونحو ذلك من المقال. وهذا الثالث هو التّوبة، فكلّ توبة عُذْرٌ وليس كلُّ عُذْرٍ توبةً(3)”. 

وأما قول الناظم – رحمه الله تعالى:«زيدٌ عَاذِرٌ» فهوَ مِن: عذَرَهُ يَعْذِرُهُ عُذْراً وعُذُراً وعُذْرَى ومَعْذِرَةً ومَعْذُرةً إذا قَبِلَ عُذْرَهُ وَرفع عنه اللومَ، ويقال فيه أيضاً:أَعْذَرَهُ، والاسمُ : المَعْذُِرَةُ مُثَلَّثَةَ الذالِ، والعِذْرَةُ بالكسر(4).

ب- ما وردَ في قَبول الاعتذار:

 وردت نصوصٌ كثيرةٌ في الحضّ على قبول عذر المعتذِرِ واطِّراح لومه والتقريع عليه، بإقالة عَثرته، والتجاوز عن زلته، ومن ذلك قوله – صلى الله عليه وسلم -:«مَنِ اعْتَذَرَ إِلَى أَخِيهِ بِمَعْذِرَةٍ فَلَمْ يَقْبَلْهَا مِنْهُ كَانَ عَلَيْهِ مِثْلُ خَطِيئَةِ صَاحِبِ الْمَكْسِ(5)»، وقال:«ومَن أَتَاهُ أَخوهُ مُتَنَصِّلًا – أي: معتذراً – فَلْيَقْبَلْ ذَلكَ مِنهُ مُحِقًّا كَانَ أَوْ مُبْطِلًا، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ لَمْ يَرِدْ عَىَ  الْحَوْضِ(6)»، وقال:«أَلَا أُنَبِّئُكُمْ بِشِرَارِكُمْ؟» قَالُوا: بَلَى، إِنْ شِئْتَ يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَ:«فَإِنَّ شِرَارَكُمُ الَّذِي يَنْزِلُ وَحْدَهُ، وَيَجْلِدُ عَبْدَهُ، وَيَمْنَعُ رِفْدَهُ» ، قَالَ:«أَفَلَا أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذَلِكُمْ؟» قَالُوا: بَلَى إِنْ شِئْتَ يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَ:«مَنْ يُبْغِضُ النَّاسَ وَيُبْغِضُونَهُ»، قَالَ:«أَوَ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذَلِكُمْ؟» قَالُوا: بَلَى إِنْ شِئْتَ يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَ: «الَّذِينَ لَا يَقْبَلُونَ عَثْرَةً، وَلَا يَقْبَلُونَ مَعْذِرَةً، وَلَا يَغْفِرُونَ ذَنْبًا» ، قَالَ: «أَفَلَا أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذَلِكَ؟» قَالُوا: بَلَى يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَ: «مَنْ لَا يُرْجَى خَيْرُهُ، وَلَا يُؤْمَنُ شَرُّهُ(7)».

قال المناوي – رحمه الله  تعالى – في «فيضه» معلِّقا على الحديث الأوّل:”مِنْ صفاته تعالى قبولُ الاعتذار والعفو عن الزلّات؛ فمن أبى واستكبر عن ذلك فقد عرَّض نفسَه لغضبِ الله ومقته(8)”، وقال ابن حبان – رحمه الله تعالى – في «روضته»:”فالواجب على العاقلِ إذا اعتذر إليه أخوهُ لجُرْمٍ مضى أو لتقصيرٍ سبقَ أَنْ يقبلَ عُذرَهُ ويجعلَهُ كمنْ لَمْ يُذْنِبْ؛ لأنّ من تنَصَّلَ إليه فلم يقبلْ أخافُ أَن لا يردَ الحوْضَ عَلى المصطفى -صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وسلم -، ومَنْ فرطَ منه تقصيرٌ في سبب من الأسباب يجبُ عَلَيْهِ الاعتذارُ في تقصيره إلى أخيهِ(9)”.

وجاء في «لباب الآداب» للثعالبي:”قد هابك من استَتَرَ، ولم يُذْنِبْ إليك من اعتذَرَ(10)”، وفي «رسائله»:”والاعتذارُ يوجبُ الاغتفار، والتوبة تهدم الحَوبة”، وجاء في «عيون الأخبار»:”الاعترافُ يهدمُ الاقتراف(11)”.

وقد تغنى بهذه الخصلة الشعراء في أشعارهم، ودعوا فيها إلى التجاوز عن الناس وقبول أعذارِهم، ومن ذلك:

– قول الشاعر:[من البسيط]

اِقْبَلْ مَعَاذِيرَ مَنْ يَأْتيكَ مُعْتَذِراَ   ///   إِنْ بَرَّ عِنْدَكَ فِيمَا قَالَ أَوْ فَجَرَا

فَقدْ أطَاعَكَ مَنْ يُرْضيكَ ظَاهرُهُ   ///   وَقَدْ أجَلَّكَ مَن يَعصيك مُستَترَا

  خيرُ الخَلِيطَيْنِ مَنْ أَغْضَى لِصَاحِبِهِ    ///   وَلَوْ أرادَ انتصارًا مِنهُ لَانْتصَرَا(12)

– وقول الآخر:[من الوافر]

إِذَا اعْتَذَرَ الصَّدِيقُ إِلَيْكَ يَوْمًا   ///   مِنَ التَّقْصِيرِ عُذْرَ أَخٍ مُقِرِّ

      فَصُنْهُ عَنْ عِتَابِكَ وَاعْفُ عَنْهُ   ///   فَإِنَّ الصَّفْحَ شِيمَةُ كُلِّ حُرِّ(13)

– وقول الآخر:[من الطويل]

إذَا مَا امْرُؤٌ مِنْ ذَنْبِهِ جَاءَ تائبًا   ///   إِلَيْكَ فَلَمْ تَغْفِرْ لَهُ فَلَكَ الذَّنْبُ(14)

– وقول الآخر: :[من الطويل]

إِذَا اعْتَذَرَ الجَانِي مَحَا العُذْرُ ذَنْبَهُ   ///   وَكلُّ امْرِئٍ لَا يَقْبَلُ الْعُذْرَ مُذْنِبُ(15)

 – وقول المتنبي:[من الطويل]

وَإِنْ كَانَ ذَنْبِي كُلَّ ذَنْبٍ فَإِنَّهُ   ///   مَحَا الذَّنْبَ كُلَّ المَحْوِ مَنْ جَاءَ تَائِبَا(16)

وفي مَا ذكر غنيةٌ، وفيه حضٌّ على خصلتين كريمتين، وخَلتين حميدتين، وهما:

الأول: اعترافُ الإنسان بالخطإ الذي اقترفه في جنب أخيه، واعتذارهُ إليه مما فَرَطَ منه إليه من إساءةٍ أوْ تَقصيرٍ، مَع اطِّراحِ الكِبْرِ والبطَر.

الثاني: قبولُ الإنسان عذرَ أخيه الذي وافاهُ معتذراً، وأن يطّرح التَّأنيب، واللوم والتثريب.

هذا، وإنّ ذِروةَ سنام الأمرِ التماسُ الأعذار للناس جميعاً وحملُ ما يصدر عنهم على أحسن وجهٍ وتأويلٍ، سواء اعتذروا أم لم يعتذروا، فهو أصل عظيم من أصول التصوف التي ذكرها أبو المحامد الشيخ الخديم – قدس الله سره – في منظومته:«مغالق النيران ومفاتح الجنان» بقوله:[من الرجز]

فَهَذِهِ الأُصُولُ عُدَّتْ لِلْوُصُولْ    ///    وَلِلتَّصَوُّفِ بَدَتْ أَيْضًا أُصُولْ

          أَوَّلُهَا تَلاَزُمُ الْكِتَابِ    ///    وَسُنَّةِ الْـمُخْتَارِ ذِي الصَّوَابِ

وَتَرْكُ الْاَهْوَاءِ وَتَرْكُ الْبِدَعِ    ///    كَذَاكَ تَبْجِيلُ الشُّيُوخِ الخُشَّعِ

رُؤْيَةُ أَعْذَارٍ لِكُلِّ خَلْقِ    ///    إِدَامَةُ الْوِرْدِ لِوَجْهِ الْحَقِّ

     وَتَرْكُ تَأْوِيلٍ وَرُخْصَةٍ مَعَا    ///    عَزِيمَةٍ عَلَى الَّذِي قَدْ شُرِعَا(17)

ـــــــــــــــ

الهوامش:

1. المفردات في غريب القرآن، مادة: عذر، ص:555. 

2. لسان العرب، مادة: عذر.

3. المفردات في غريب القرآن، مادة: عذر، ص:555. 

4. القاموس المحيط، مادة: عذر.

5. سنن ابن ماجه، 4/665، المعجم الكبير، 2/275، شعب الإيمان، 10/554. قال المناوي:” أَي: مثل خَطِيئَة المكاس وَذَلِكَ من الْكَبَائِر؛ ذَلِك لأنّ التنصل خُرُوج إليه من الذَّنب واستسلام لَهُ فَلَيْسَ ترك قبُوله من فعل الأخيار بل الأشرار”[التيسير بشرح الجامع الصغير، 2/401]

6. المستدرك على الصحيحين، 4/170.

7. المعجم الكبير، 10/378.

8. فيض القدير، 6/96.

9. روضة العقلاء:183.

10. لباب الآداب، ص:52.

11. عيون الأخبار، 3/113.

12. العقد الفريد، 2/18.

13. عيون الأخبار، 3/118.

14. العقد الفريد، 2/17.

15. العقد الفريد، 2/19

16. ديوان المتنبي بشرح البرقوقي، 1/168.

17. وأصل ذلك قول أبي القاسم النصراباذي:”أصل التصوف: ملازمة الكتاب والسنة، وترك الأهواء والبدع، وتعظيم حرمات المشايخ، ورؤية أعذار الخلق، وحسن صحبة الرفقاء والقيام بخدمتهم، واستعمال الأخلاق الجميلة، والمداومة على الأوراد وترك ارتكاب الرخص والتأويلات؛ وما ضل أحد في هذا الطريق إلا بفساد الابتداء فإن فساد الابتداء يؤثر في الانتهاء”[طبقات الصوفية، للسلمي، ص:365]

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق