الرابطة المحمدية للعلماء

الاجتماع التاسع لشبكة حقوق الإنسان التابعة للأكاديميات والجمعيات العلمية

د. أحمد عبادي: يؤكد على مركزية مفهوم الواجب في التعامل مع قضايا حقوق الإنسان

اختتمت بالعاصمة المغربية الرباط، مؤخرا، أعمال الاجتماع التاسع لشبكة حقوق الإنسان التابعة للأكاديميات والجمعيات العلمية، الذي جرت أشغاله بمقر أكاديمية المملكة المغربية، حول موضوع “دور الأكاديميات والجمعيات العلمية في إنعاش حقوق الإنسان”.

وقد عرفت أشغال الملتقى مشاركة الدكتور أحمد عبادي الأمين العام للرابطة المحمدية للعلماء، إلى جانب ثلة من العلماء والباحثين الأكاديميين.

وفي كلمته بالمناسبة تناول الدكتور أحمد عبادي، بالتحليل والدرس العلاقة بين حقوق الإنسان والعلم والدين، من خلال استعراض التطور الذي عرفه مجال حقوق الإنسان صعدا من الحقوق السياسية في الجيل الأول منها، ومرورا بالحقوق الاقتصادية والثقافية في الجيل الثاني وصولا إلى الحقوق التضامنية، وهي الحق في بيئة سليمة، والحق في التنمية المستدامة، والحق في السلام، وهي حقوق يحضر فيها  بُعد مفهوم الواجب بقوة؛ إذ يقوم بلوغها على حركة الفرد والمجتمع بالإضافة إلى ما يترتب على الدولة القيام به.

بخلاف الجيلين الأول والثاني حيث كانت مسؤولية ضمان حقوق الإنسان تقع على الدولة، غير أن البردجمات المؤطرة لحقوق الإنسان تخلو من بعد الواجب، إذ طورت الحركات الحقوقية عبر تاريخها النضالي نوعا من السبطيقية إزاء الواجب الذي لم يكن يفهم من إبدائه إلا التجريد من الحقوق، مما يطرح إشكالا كبيرا، أما تحقيق الجيل الثالث من حقوق الإنسان التي بات بُعد الواجب فيها من أكبر نقاط ضعفها، ثم تساءل السيد الأمين العام حول دور العلم والدين في رفع هذا الإشكال.

نخلص إلى أن هذا الجيل من الحقوق لا يمكن تنزيله إلا بالاستعانة بالعلوم، فحق الإنسان في البيئة السليمة يحتاج إلى تحقيق وعيه بالمخاطر التي يشكلها الاحتباس الحراري والتلوث بأنواعه المختلفة، والاستهلاك المتزايد للغابات والقضاء على كثير من أنواع الكائنات، مما يفرض التعامل مع كل العلوم المساهمة في ذلك، وضمان حق الإنسان في السلام يحتاج إلى توظيف ثمرات علوم العقيدة الإسلامية من خلال الاعتقاد بالحساب والجزاء تقدم للمؤمنين بها وازعا قويا للقيام بالواجب، مما يشكل قوة افتراضية متميزة يمكن أن يسهم بها الدين الإسلامي الحنيف في النهوض بهذا القطاع الحيوي في حياة الأمم والأفراد.

 من جهة أخرى، أوضح الدكتور عبادي أن هذا التبادل قد عبر مجموعة من المراحل المنهجية: أولها العولمة التي كانت تتعامل مع الحضارات الأخرى، بقدر غير كاف من الاعتبار، وثانيها النسبية الثقافية الصارمة وفيها مخاطر التضييق من حقوق الإنسان، وثالثها النسبية الثقافية المعتدلة، غير أنها تقتصر على المرجعية القيمية الغربية، والمرحلة الرابعة وهي الأصلح هي مرحلة التعارفية؛ وتسمى النسبية الثقافية التبادلية حيث يتم الانطلاق من القيم المحلية للشعوب لتنزيل أمثل للحقوق في سياقاتهم، وهذا ما يحض عليه ديننا الحنيف في مثل قوله تعالى:”يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ” (الحجرات: 13).

ويذكر أن هذا الملتقى حظي بشرف إلقاء رسالة ملكية سامية وجهها صاحب الجلالة محمد السادس إلى المشاركين في، تلاها السيد عبد الواحد الراضي وزير العدل. أهاب فيها جلالته، بالمشاركين “توخي أقصى درجات الحيطة في هذا المجال، ولا سيما من خلال العمل على بلورة مبادئ كونية للأخلاقيات الإحيائية، والسهر على التقيد بها وتحيينها وملاءمتها باستمرار، مع التطورات المتسارعة التي تعرفها مختلف ميادين العلم والتكنولوجيا.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق