مركز دراس بن إسماعيل لتقريب المذهب والعقيدة والسلوكدراسات عامة

الإرشاد إلى تقريب الاعتقاد

إعداد:

الدكتور عبد الله معصر، رئيس مركز دراس بن إسماعيل

الدكتور مولاي إدريس غازي، باحث بمركز دراس بن إسماعيل.   

ووجه الحصر في الخمس المذكورة في حديثي جبريل عليه السلام وابن عمر أن العبادة إما قولية أو غيرها، فالأولى الشهادتان، والثانية إما تركية أو فعلية، الأولى الصيام، والثانية إما بدنية محضة أو غيرها، الأولى الصلاة، والثانية إما مالية محضة أو مركبة، الأولى الزكاة والثانية الحج، فهذه خمس.

الأولى: (الشهادتان )اللتان اعتقاد معناهما ولو إجمالا (شرط) صحة الأربع (الباقيات)، إذ لا تصح صلاة ولا زكاة ولا صوم ولا حج إلا بعد اعتقاد معنى الشهادتين الذي هو الإيمان بعد الشهادتين قاعدة من الإسلام باعتبار النطق بهما للقادر، وجعلهما شرط صحة للبواقي باعتبار اعتقاد معناهما، هذا هو المتعين في  تقرير كلامه. وأما أن النطق شرط صحة  للباقيات ففيه تفصيل وخلاف يعرف مما سبق في قوله: (كانت لذا علامة الإيمان)، فلا ينبغي حمل كلامه هنا عليه.

(ثم) القاعدة الثانية: (الصلاة)  المكتوبة، (و) الثالثة: (الزكاة)الواجبة (في القطاع) أي في الأموال من العين والحرث والماشية، وفي القاموس: والقطاع أيضا يعني ككتاب الدرهم، والصرام أي جد الثمر، وذكر قبل ذلك أن القطاع بالكسر جَمْعُ قطيع كأمير، الطائفةُ من الغنم والنعم، وعلى هذا فقد أطلق الناظم المشترك  على معنييه، أعني الدرهم والنعم، واللفظ على حقيقته، وهو ما ذكر، وعلى مجازه وهو الثمر نفسه وسائر ما يزكى من العين والحبوب، وهذا عند من يُجوِّز استعمال المشترك في معنييه، ويجوز استعمال اللفظ في حقيقته ومجازه وهو المختار في الأصول، لكن هذا غريب، أعني الجمع في المشترك بين المعنيين وبين الحقيقة والمجاز دفعة واحدة، أو يقال هذا من عموم المجاز، أعني من استعمال الأخص في الأعم، وإنما ذكر هذا القيد أعني في القطاع للاحتراز عن زكاة الأبدان وهي زكاة الفطر، فإنها ليست من القواعد. (و) الرابعة: (الصوم ) لشهر رمضان. (و) الخامسة: (الحج على من استطاع ) إليه سبيلا. هذا هو الموافق لما في حديث جبريل عليه السلام، وهو اتباع للآية، وإنما خص الحج بذلك مع أن الاستطاعة شرط في كل تكليف (لا يكلف الله نفسا إلا وسعها)؛ لأن في الحج من المشاق ما ليس في غيره، ويحتمل أن يكون قول الناظم “على من استطاع “راجعا للخمس كلها، ويتصور في كل منها، فتنتفي الاستطاعة في النطق بالشهادتين بالخرس، وفي الصلاة بعدم الماء والصعيد في قول مالك، وبالحيض والنفاس، وفي الزكاة بأن يدفن عينا فيَضِلَّ عن مكانها، ولا يجدها أعواما ثم يجدها وقد دفنها في محل محصور يحاط به، فقال ابن يونس لا خلاف أنه يزكيها لماضي السنين كلها في هذا الفرع، وفي الصوم بمرض مانع، وفي الحج بالعجز عما يبلغ به من زاد وراحلة.

شرح العالم العلامة البحر الفهامة شيخ الشيوخ سيدي محمد الطيب بن عبد المجيد المدعو ابن كيران المولود سنة 1172هـ المتوفى بمدينة فاس 17 محرم سنة 1227 على توحيد العالم الماهر سيدي عبد الواحد بن عاشر قدس الله سرهما آمين، ص: 121. 

(طبع على نفقة الحاج عبد الهادي بن المكي التازي التاجر بالفحامين)

مطبعة التوفيق الأدبية

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق