مركز دراس بن إسماعيل لتقريب المذهب والعقيدة والسلوكدراسات عامة

الإرشاد إلى تقريب الاعتقاد

إعداد:

الدكتور عبد الله معصر، رئيس مركز دراس بن إسماعيل

الدكتور مولاي إدريس غازي باحث بمركز دراس بن إسماعيل.

يعد شرح العلامة الطيب ابن كيران على توحيد ابن عاشر من نماذج التقريب العقدي لدى علماء المغرب، حيث يعتبر من أهم الشروح الجامعة التي اعتنت بمتن ابن عاشر، والتي أفردت توحيد النظم بشرح واف ومستقل، وفيما يلي شرح العلامة الطيب ابن كيران على قول ابن عاشر:

وَقَوْل لاَ إلَهَ إلاّ الله                 مُحَمَّدٌ أَرْسَلَهُ الإِلَهُ
يَجْمَعُ كُلَّ هَذِهِ الْمَعانِي            كانَتْ لِذَا عَلاَمَةَ الإِيمان
وَهِيَ أَفْضَلُ وُجُوهِ الذِّكْرِ          فَاشْغَلْ بِها الْعُمْر تَفُزْ بِالذَّخْر

ولما بين عقائد الإيمان مفصلة، بين أن جميعها مندرج تحت كلمتي الشهادة، ليحصل العلم بها تفصيلا وإجمالا، وليعلم بذلك شرف هذه الكلمة وما انطوت عليه من المحاسن فقال: (وقول لا إله إلا الله محمد أرسله الإله) أي الإله المثبت في الجملة الأولى وهو الله، وبهذا يساوي ما ذكره (الناظم) قولنا محمد رسول الله.

 (يجمع كل هذه المعاني) أي وجوب الواجبات واستحالة المستحيلات وجواز الجائزات المذكورات في حق الله تعالى وفي حق رسله عليهم الصلاة والسلام، وإدراج العقائد تحت هذه الكلمة المشرفة قال الإمام السنوسي إنه لم ير من سبقه إليه، فظن أنه من مخترعاته وليس كذلك، بل سبقه إليه أبو حامد الغزالي وعياض على وجه يقرب مما ذكره، كما استنبط المقترح العقائد الإلهية من الباقيات الصالحات، واستنبطها بعضهم من البسملة، وبعضهم من سورة الإخلاص، وقد قدمت ذلك عند الكلام على الغنى المطلق، ونحن نبين اندراج العقائد تحت الكلمة المشرفة مرتبين لها على ترتيبها الذي سبق في النظم، فنقول: بيان ذلك متوقف على معرفة معناها إجمالا، فالإله هو المستغني عن كل ما سواه المفتقر إليه كل ما عداه، هذا مختار الشيخ السنوسي في تفسيره، قال: وبه ينجلي اندراج جميع العقائد الإلهية تحت قولنا لا إله إلا الله، ويرد عليه أن الإله لغة إنما هو بمعنى المعبود، ففي القاموس أله إلهة وألوهة وألوهية عبد عبادة، وإله بمعنى مألوه، وكل ما اتخذ معبودا إله عند متخذه، وحينئذ يقال من أين جاء تفسير الإله بذلك التفسير حتى ينبني عليه إدراج العقائد الإلهية في الكلمة المشرفة على الوجه الذي ذكره، ويجاب بأنه لازم معنى الإله لغة بمعنى المعبود، وكل عابد لشيء يزعم أنه يعبده بحق، فلزم أن يكون الإله بمعنى المعبود بحق في اعتقاد عابده، والعبادة هي غاية الخضوع والتذلل كما في المطول وغيره، فيكون الإله بمعنى المخضوع له غاية الخضوع بحق في اعتقاد الخاضع، وكل اعتقاد لا يطابق الواقع فهو لغو، فصار معنى الإله: المخضوع له غاية الخضوع بحق في الواقع، ولا يكون كذلك إلا لموجب يقتضي أن يخضع له ذلك الخضوع، ولا موجب إلا افتقار الخاضع للمخضوع له واستغناء المخضوع له عن الخاضع، فلزم أن الإله هو المستغني عن عابده المفتقر إليه عابده، وحيث لم يخص الإله بكون ألوهيته بالنسبة لمعين لزم أنه المستغني عن كل ما سواه، المفتقر إليه كل ما عداه وهو المطلوب.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق