الرابطة المحمدية للعلماءأخبار الرابطة

افتتاح الجامعة الخريفية الثالثة لفائدة نزلاء المؤسسات السجنية

تحت شعار “التأهيل الروحي للسجناء.. أي دور في تحصين الذات وتغذية الروح”،  افتتحت أمس الأربعاء بالسجن المحلي براس الماء بمدينة فاس، الجامعة الخريفية الثالثة لفائدة نزلاء المؤسسات السجنية، تنظمها المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج بتعاون مع مجموعة من الشركاء من بينهم الرابطة المحمدية للعلماء.

وشارك الدكتور أحمد عبادي، الأمين العام للرابطة المحمدية للعلماء في هذه التظاهرة بمحاضرة تحمل عنوان “التأهيل الروحي تحصين للذات ضد التطرف” تحدث من خلالها عن إشكاليات عدة مرتبطة بدور الدين والتشبع بالقيم الدينية الصحيحة المبنية على التكافل والتسامح والتحلي بمكارم الأخلاق وجميل الصفات وتجذير تقاليد السلوك السلمي في مجتمعاتنا، في تحصين الفرد والذات ضد التطرف والغلو والاختلاف المبني على الاصطدام ورفض وإلغاء الآخر.

وقال السيد الأمين العام إنه “لا يجب على المسلم أن يخوض في الخطاب الديني دون معرفة، بسبب التضاربات التي قد توقع بطالب العلم في شرك التطرف”، مؤكدا أنه لا يجب التعامل مع نصوص القرآن أو السنة دون الأخذ بعين الاعتبار الأسباب والسياقات التي جاءت فيها، من أجل استيعاب المفاهيم الصحيحة التي تحملها تلك النصوص، داعيا كل السجناء إلى اليقظة واستحضار ما أسماه بـ”العين الثالثة”، في إشارة إلى العمل بالتفكير النقدي قبل الاقتناع بأي نص، وذلك من أجل الحفاظ على حالة اتزان الروح.

وأشار الدكتور أحمد عبادي إلى أن الإنسان وفي حالة عدم استطاعته إقامة الموازين، سيكون إما ضحية النزوح نحو التطرف، وإما فريسة لإملاءات المتطرفين، مسجلا في الوقت نفسه أن هناك أربع فئات في التنظيمات المتطرفة، الفئة الأولى هم المطلقون، الذين يطلقون مشروع التطرف وشق عصا الوحدة الدينية، مضيفا أنه حين يعظم الأمر، تظهر الفئة الثانية، التي هي فئة المرتزقة، التي تبتلع الفئة الأولى، ”وإذا أخذنا داعش، من يرى البغدادي الآن؟ إن فئة المرتزقة هي من تمسك زمام الأمور، وهي من تقوم بتهريب السلاح والبترول والبشر..الخ”

أما الفئة الثالثة يقول الدكتور أحمد عبادي فتتشكل من ذوي الحسنة، أي من يملى عليهم ما يفعلون، مشددا على أن الفئة الرابعة والأخيرة هم “حطب الفرن”، في إشارة إلى الانتحاريين أو ما تسميهم تنظيمات مثل داعش بـ”الانغماسيون”.

وفي افتتاحه لهذه الجامعة الخريفية، اعتبر السيد محمد صالح التامك، المندوب العام لإدارة السجون وإعادة الإدماج، بهذه المناسبة، أن معركة محاربة التطرف والتأهيل الروحي للسجناء، تتطلب التسلح بالثقافة والعلم.

ودعا المندوب العام في كلمته، إلى “اعتماد القيم المجتمعية الكونية كمرجعية أساسية في تأويل النصوص الدينية، واعتمادها كرقابة أو منهج للسلوك في مجتمعاتنا الحديثة”، وأضاف أنّ “قضية التأهيل الروحي للسجناء تستمد راهنيتها وأهميتها من خطورة المشاكل الناتجة عن تنامي التطرف العنيف في مجتمعاتنا”، موضحا أن “المطلوب هو تطوير العلاقات الاجتماعية والإنسانية على أسس الاختلاف البنّاء، والتعايش السلمي، والفهم المتبادل”.

وكانت المندوبية العامة لإدارة السجون، قد أعلنت في غشت الماضي وللمرة الأولى، عن تفاصيل برنامج رسمي لإعادة إدماج خاصة معتقلي “الإرهاب والتطرف تحت اسم المصالحة، “ويرتكز البرنامج على ثلاثة محاور رئيسية تهم “المصالحة مع الذات، والمصالحة مع النص الديني، والمصالحة مع المجتمع”.

من جهته أكد السيد إدريس اليزمي، رئيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان، أن المؤسسات السجنية أصبح من مسؤوليتها هدم الهوة بين السجين والفضاء الخارجي من خلال تأهيله حتى يستطيع أن يعيش فيه بانسجام، وقال إن تحديد مهام المؤسسات السجنية أصبحت تتمثل في تنفيذ العقوبة الصادرة عن القضاء “في ظل احترام القواعد الحقوقية التي تحددها المبادئ الدولية والتشريعات الوطنية”، مضيفا أن هذه المؤسسات “أصبح من مسؤوليتها أيضا هدم الهوة بين السجين والفضاء الخارجي من خلال تأهيله حتى يستطيع أن يعيش فيه في انسجام”.

وأشار إلى أن مجال الاجتهاد في اعتماد طرق لإعادة تأهيل السجناء متوزع بين التأهيل الروحي والمهني والتعليمي والثقافي والرياضي، داعيا إلى دراسة الفئة المستهدفة قبل الشروع في تنفيذ برامج التأهيل الذي “يجب أن يتم بمبادئ المؤسسات السجنية في علاقتها مع شركائها الآخرين من مؤسسات ومجتمع مدني وغيرها”.

بدوره، ثمن السيد عمر الصبحي رئيس جامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس الاستراتيجية التي تنهجها المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج القائمة على المقاربة التشاركية والرامية إلى تطوير وتفعيل الدور التربوي والاجتماعي للمؤسسة السجنية، من خلال الانفتاح على المحيط ومد جسور التواصل مع فعاليات المجتمع المدني، والهيئات الحقوقية والعلمية والتربوية.

وعبر السيد الصبحي عن سعادة جامعة سيدي محمد بن عبد الله في المشاركة في جهود المندوبية العامة لا سيما في المجالات التي تدخل ضمن اختصاصها كالتدريب والتكوين المستمر وتعزيز قدرات موظفي المندوبية في مجال حقوق الإنسان، وتشجيع البحث العلمي في المجالات الحقوقية، وتحديث وتطوير العمل بالمؤسسات السجنية لتمكينها من توفير الظروف الملائمة لتحقيق إدماج فعلي وتأهيل حقيقي للنزلاء بعد الإفراج عنهم، وكذا للمساعدة في تنفيذ البرامج المرتبطة بالإدماج، سواء تعلق الأمر بالبرامج الخاصة بالتربية والتعليم والتكوين المهني أو بالمشاركة في أوراش الإبداع الفني والحرفي والتنشيط الثقافي، دون إغفال البرامج المتعلقة بالمواكبة الاجتماعية والنفسية والروحية.

وتم في هذه الجلسة الافتتاحية للجامعة الخريفية التوقيع على اتفاقية شراكة بين المندوبية العامة وجامعة سيدي محمد بن عبد الله، تهدف بالخصوص إلى إعداد أبحاث ودراسات ومراجع في مجال علم الاجتماع السجني، وحول مختلف الظواهر الاجتماعية بالسجون، وتنظيم تكوينات وأيام دراسية وندوات ومواعيد ثقافية مشتركة.

وتهدف هذه المبادرة إلى معالجة المفاهيم الدينية، بشكل يؤدي إلى الفهم الصحيح للدين، ويؤدي إلى إدماج القيم المجتمعية الصحيحة بشكل ينعكس إيجابا على فكر وسلوك السجين، وعلى تفاعله مع الأفراد داخل المنظومة الاجتماعية.

يشار إلى أنه تم برمجت ضمن فقرات هذه الجامعة، خمس محاضرات وست ورشات على مدار يومين، منها أربع ورشات سيؤطرها سجناء استفادوا من برنامج مصالحة، أحدهم حظي بالعفو المولوي السامي بعد الاستفادة من هذا البرنامج، بالإضافة إلى نشاطين ثقافيين موازيين.

أحمد زياد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق