الرابطة المحمدية للعلماء

اختتام أشغال الملتقى الأول للغة العربية بوجدة

د. سعيد بلبشير: تنمية القراءة لدى التلميذ المغربي مدخل أساسي للحفاظ على العربية

احتضن المركب الثقافي البلدي بوجدة وعلى مدى يومين فعاليات الملتقى الأول للغة العربية في موضوع “واقع اللغة العربية: قضايا وإشكالات” الذي نظمته الجماعة الحضرية لوجدة والجمعية المغربية لحماية اللغة العربية فرع وجدة بتعاون مع جامعة محمد الأول وجدة، وذلك يومي 21 و22 أبريل 2010.

وخصصت الجلسة العلمية الأولى التي ترأسها الدكتور إدريس بوكراع لموضوع “واقع العربية بالمغرب: محاولات في التوصيف”، حيث تدخل في بدايتها الدكتور مصطفى بنحمزة، رئيس المجلس العلمي المحلي بوجدة، بعرض في موضوع: “العلماء وحماية اللغة العربية”، أشار فيها إلى جهود العلماء في حماية اللغة العربية باعتبارها جزءا من أدائهم اليومي من خلال استنطاقهم للنصوص وإثبات الإعجاز القرآني والارتباط الوثيق بين العربية والدين الإسلامي كما وقف عند بعض التحديات والمزاعم التي ترفع في وجه العربية مثل التناقض بين العربية وغيرها ودعوى المعيارية.

أما الدكتور محمد بلبشير الحسني، فأشار في مداخلته “العربية والمجتمع المدني” إلى إجماع المغاربة على العربية من خلال الدستور وفضح مؤامرات الاستعمار وكلمات العديد من زعماء الحركة الوطنية. وفي تتبعه لمسار الدفاع عن العربية توقف الدكتور بلبشير عند مواقف كل من الحركة الوطنية ومطالبها قبل الاستقلال وبعده والمؤتمرات والندوات التي اهتمت بالعربية وقضاياها، وبعض رجالات الثقافة ومواقفهم المنافحة عنها.

وتحت عنوان اللغة والمدرسة تحدث الدكتور سعيد بلبشير عن مدلولات الكلمة وقيمة القراءة وداعيا وزارة التعليم إلى الاهتمام بتنمية القراءة لدى التلميذ المغربي باعتبارها المدخل الأساسي للحفاظ على العربية.

وفي مساء اليوم، كان حضور الملتقى على موعد مع عشاء مناقشة في موضوع: واقع العربية وسبيل النهوض. الجلسة التي أدارها الدكتور فؤاد بوعلي وشهدت حضورا متميزا لرجال الفكر والإعلام بالمدينة تدخل في بدايتها الباحث سمير بودينار في موضوع “اللغة والمجتمع في المغرب” مركزا على أن اللغة هي محطة أساسية في تكوين المجتمع، إضافة إلى الدين والأسرة وداعيا إلى ضرورة البحث عن مساحة الإجماع داخل المجتمع من خلال ما أسماه بحوار عمومي حول المسألة اللغوية.

وتناول الدكتور موسى الشامي “العلاقة بين العربية والتدريس” من خلال إجابته عن سؤال: “أيهما أصعب على المتعلم المغربي: الفرنسية أم العربية؟” مؤكدا على الصعوبات التي يعانيها المتعلمون في اكتساب الفرنسية مما يثبت عكس الاعتقاد المتداول بأن العربية صعبة في التعلم.

وتناول الدكتور عبد الحق جناتي في مداخلته “دور القضاء في الدفاع عن اللغة العربية” مذكرا بالإشكالات القانونية التي تثار في المحاكم المغربية وداعيا إلى الاهتمام بهذا الجانب في إطار مشروع الجمعية.

وفي اليوم الموالي كان الجمهور على موعد مع الجلسة العلمية الثانية التي أدارها الباحث سمير بودينار في محور التعدد اللغوي ووضع العربية. حيث تناول عرض الدكتور عبد العلي الودغيري “اللغة العربية في مراحل الضعف والتبعية”، مذكرا بمعاناة العربية مع الاستعمار وملخصا أسبابها في إقصائها عن الشأن العام واستعمال العاميات وإشعال الحروب بينها وبين أخواتها، ومذكرا بالأسباب الحقيقية لمحاربة العربية، في حين اعتبر الدكتور ادريس بوكراع في ورقته “ما السبيل إلى ترقية العربية في المغرب؟” أن العربية في حاجة إلى تقوية لعدم استعمالها وكثرة الأخطاء ومعاناة المتن من مشاكل عديدة ، لذا يقترح ترقيتها من خلال تخطيط محكم وبث الوعي بقيمتها في المؤسسات الاجتماعية والثقافية والمنابر الإعلامية.

وتناول عرض الدكتور محمد الأوراغي المعنون “مؤهلات العربية وقصور أوصافها”  المؤهلات النسقية والثقافية الموجودة في العربية، مؤكدا أن صراع اللغات لا ينفك عن صراع الحضارات وهو ما دفع بالغازي إلى محاولة اقتلاعها وإخراجها من جميع القطاعات وتحالف بعض اللغات الأجنبية مع بعض اللهجات المحلية من أجل محاربة العربية . كما أشار المحاضر إلى انخفاض في درجة التطابق بين وصف النحاة لقواعد العربية وبين القواعد المختزنة في أذهان الناطقين بها مستشهدا بأمثلة على ذلك، أما الدكتور عبد الله العميد فقد اعتبر في عرضه “الترجمة العربية في اليونسكو وفي منظومة الأمم المتحدة  امتياز دولي في حاجة إلى الدعم”،  أن اعتماد العربية كلغة رسمية في المنظمات الدولية اعترافا بامتيازها وقيمتها مذكرا ببعض المشاريع المعتمدة في اليونيسكو في مجال الترجمة متسائلا باستنكار: أليس من  المفارقات أن تحظى العربية بهذه المكانة في العالم بينما تعاني من مشاكل عند الناطقين بها؟

وفي عرض الدكتور عبد الرحيم بودلال “دور المجتمع المدني في حماية العربية” تم التطرق إلى دور مؤسسة العلماء في الدفاع عن العربية باعتبارها أهم مؤسسة حافظت عليها لتصورها الدقيق لوظيفتها الاجتماعية.

وخلصت أهم توصيات الندوة إلى العناوين والمواقف التالية: لغة القرآن الكريم، والسنة النبوية المطهرة؛ لغة الحضارة، والتاريخ، والعلم، والثقافة الأصيلة؛ واللغة الرسمية للبلاد بنص الدستور؛ وأداة التعاون والتكامل بين الدول العربية؛ وأخيرا، كون اللغة التي تحتل اليوم موقعا متميزا بين اللغات العالمية في المحافل الدولية.

كما أعلن المشاركون أن دفاعهم عن اللغة العربية لا يعني رفضهم ولا عداءهم للأنساق اللغوية المتداولة في بلادنا، وأن اللهجات المحلية يجب أن تحتل مكانها المناسب في التعامل اليومي، فلا تنافس اللغة الفصحى في مجالاتها، وخاصة في التعليم، والإعلام، وأن اللغات الأجنبية جميعها وسائل للانفتاح على الحضارات الإنسانية الشيء الذي يدعو المشاركين في الملتقى إلى اختيارها والاستفادة منها استنادا إلى معايير علمية وتربوية صرفة، ويرفضون كل أشكال الهيمنة الثقافية واللغوية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق