الرابطة المحمدية للعلماء

إمكانات ومجالات فن التواصل بين الإتقان والإبداع

بنمالك: اللغة تلعب دورها في التواصل كحامل للقيم والثقافة

كان الحديث عن إمكانات ومجالات فن التواصل، محور ركن “الحوار الحي” الذي يبثه موقع الرابطة المحمدية للعلماء في شبكة الإنترنت، من خلال استضافة الأستاذ نور الدين بنمالك الباحث في مختبر “التواصل الاجتماعي والسياسي” بكلية الحقوق بالمحمدية، زوال يوم أمس، الخميس 20 ماي الجاري.

وتوقف الأستاذ بنمالك في مستهل الحوار عند بعض تعريفات التواصل، حيث أكد أن هناك أكثر من تعريف للمصطلح وهناك أكثر من مدرسة اهتمت به، خاصة في النصف الثاني من القرن العشرين، وأن المهم من التواصل هنا ليس الجانب النظري الصرف، بل ما يتعلق بجانب الممارسة، كيف يكون التواصل أداة لحلحلة العقد وتسهيل تجاوز المطبات التي تعترض مسيرة كل واحد، بدءا بأبسط دائرة وهي التواصل البين شخصي / إلى التواصل المؤسساتي، والتواصل البصري وهكذا.

وتحيل الكلمة على معنيين أساسيين: الإتقان والإبداع، وعليه فالتواصل بهذا المعنى فن، وإذا ما أتقن وتحقق فيه شرط الإبداع يمكن صاحبه من بلوغ أعلى درجات النجاح في الحياة الشخصية والعامة، وأضاف أيضا أن التواصل باعتباره تفاعلا هو علاقة بين طرفين، وكل عملية تواصلية تتضمن رسالة من مرسل في اتجاه مستقبل أو متلقي، هذه الرسالة تتضمن بالقوة قيمة يريد المرسل إيصالها إلى المتلقي، وكلما كانت قنوات التواصل سلسة، ميسورة وذات سقف عالي من القيم المشتركة، تكون العملية التواصلية مفيدة وتحقق النتائج المرجوة منها، وعلى النقيض حين تتكلس قنوات الواصل، وينخفض سقف القيم المشتركة يصبح التواصل عسيرا.

وردا على سؤال هام بخصوص الحديث عن “فن التواصل”، وعما إن كان ذلك يعني أنه لم يصل إلى مستوى العلم والنظرية العلمية؟ أم أن للتواصل بعدان بعد عملي إجرائي باعتباره جملة من المهارات والتقنيات، وبعد علمي نظري تقعيدي، أضاف المتدخل أن التواصل لم يصل بعد إلى مستوى العلم والنظرية العلمية فيها جانب كبير من الصواب، فالنظرية العلمية التواصلية نجدها موزعة بين عدة علوم خاصة اللسانيات، الاجتماع، الرياضيات، بما يسمح لنا أن نتحدث عن نظريات تواصلية قطاعية أو موضوعاتية، كما هو حال مدرسة بالو ألطو في الولايات المتحدة، أو مع الفيلسوف الألماني يورغن هابرماس، مما سيتيح إمكانية بلورة نظرية كلية للتواصل في المستقبل.

وعن أهم شروط التواصل ومستوياته، ومكانة اللغة العربية من هذا التواصل، اعتبر الأستاذ نور الدين بنمالك أن دور اللغة في التواصل دور كبير، لكنه ليس وحيدا، فالإنسان له القدرة على بعث رسائل دون أن ينطق ببنت شفة. وأحيانا تكون هذه الرسائل أبلغ من الكلام، مما دفع ببعض الباحثين إلى اعتبار أن التواصل لصيق بالطبيعة الإنسانية، وأطلقوا مقولة “لا يمكننا أن لا نتواصل”، وأضاف كذلك أن اللغة العربية كباقي اللغات، تلعب دورها في التواصل كحامل للقيم والثقافة ومعبر على ما يسمى بـ”العقل الجمعي” ولها ميزة كونها لغة القرآن، اختارها الله عز وجل للتواصل مع البشر. مما يمكنها من لعب دورا كبيرا. لكن كأي لغة هي كائن حي تتعرض لعوامل الضعف والقوة، كما تتعرض لعوامل الوهن والنكوص، وفي هذه الحالة يتعذر عليها أن تكون أداة جيدة للتواصل.

وتوقف أحد الأسئلة عند دلالات حث القرآن الكريم الناس على التواصل والتقرب إلى بعضهم كما تبين الآية الكريمة: “أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا”، ورد المتدخل بالإشارة إلى أن هذه الآية الكريمة تبقى دالة على أهمية التواصل، وأن التعارف بالمعنى القرآني هو تبادل للمعرفة بين الجماعات وهو عملية تواصلية بامتياز، والقرآن الكريم جعل التعارف غاية: “لتعارفوا” فالتنوع بين البشر يعطي أكله من خلال التواصل، وهذا على كل المستويات ومجالات الحياة الإنسانية فكرية كانت أم اجتماعية، كما أن ميزة الإنسان أنه لا يستطيع أن يحيا إلا وسط مجموعة بشرية، يأخذ منها ويعطي، يتعلم ويعلم، يتأثر ويؤثر، وهذه مجالات التواصل وأرضه الخصبة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق