الرابطة المحمدية للعلماء

أطلس لغات العالم المهددة بالاندثار

لأول مرة يصدر الأطلس بميزة أداة تفاعلية ورقمية مع معلومات متجددة في أكثر من 2500 لغة

عرضت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة اليونسكو في باريس النسخة الإلكترونية للطبعة الجديدة من أطلس لغات العالم المهددة بالاندثار. ويقدم هذا البرنامج الرقمي التفاعلي بيانات تم تحديثها عن نحو 2.500 لغة مهددة بالاندثار حول العالم ويمكن في ما بعد استكمالها أو تصحيحها أو تحديثها بشكل مستمر بفضل مساعي المستخدمين.

وقالت (يونيسكو) في بيان لها “إن هذا الأطلس هو ثمرة تضافر جهود فريق من خبراء اللغة وبإشراف البروفيسور الاسترالي كريستوفر موسيلي، ويعود الفضل إلى تبرع النرويج التي ساهمت في إمكان إنتاجه”.

ولأول مرة يصدر الأطلس “بميزة أداة تفاعلية ورقمية مع معلومات متجددة في أكثر من 2500 لغة”.

وأضاف أن الأطلس مجاني على المستوى العالمي وسيستمر في التجدد والسماح لمستخدميه بإنتاج خرائطهم الخاصة على أساس دولة أو إقليم واستخدام خاصية البحث وفقا لفئة اللغة.

وأصدرت (يونيسكو) ثلاث نسخ من هذا الأطلس كانت الأولى عام 1996 والثانية عام 2001 والثالثة عام 2005 بهدف جمع وعرض قائمة شاملة من اللغات التي تواجه خطر الاندثار وموجز عن وضع اللغات العالمية الخطر.

ويسمح الأطلس بالبحث حسب معايير عديدة ومتفرقة وبتصنيف حيوية اللغات المهددة بالاندثار وعددها 2.500 على خمسة مستويات مختلفة هي: اللغات الهشة، اللغات المعرضة للخطر، اللغات المعرضة لخطر كبير، اللغات المحتضرة، اللغات الميتة (منذ العام 1950 ).

وتثير بعض هذه البيانات القلق بشكل خاص. فمن أصل 6.000 لغة متداولة في العالم، انقرضت نحو 200 لغة على مدى الأجيال الثلاثة الأخيرة في حين تعتبر 573 لغة أخرى من اللغات المحتضرة، و502 لغة من اللغات المعرضة للخطر الشديد، و632 لغة من اللغات المعرضة للخطر، و607 لغات من اللغات الهشة.  

وعلى سبيل المثال، يذكر الأطلس 199 لغة ينطق بها أقل من عشرة أشخاص في العالم، و178 لغة أخرى ينطق بها ما بين 10 و50 شخصا. ويذكر الأطلس من بين اللغات التي انقرضت منذ فترة وجيزة لغة جزيرة مان التي اندثرت عام 1974 مع وفاة نيد مادريل، ولغة آساكس في تنزانيا التي اندثرت عام 1976، ولغة أوبيخ في تركيا التي انطفأت مع رحيل توفيق إسينش عام 1992، ولغة إياك في ألاسكا (الولايات المتحدة) التي ماتت عام 2008 مع موت ماري سميث جونز.  

وكما يقول المدير العام لليونسكو، كويشيرو ماتسورا، فإن “اختفاء لغة من اللغات يؤدي أيضاً إلى اختفاء العديد من أشكال التراث الثقافي غير المادي، لاسيما ذلك التراث الثمين القائم على التقاليد وعلى أشكال التعبير الشفهي من قصائد وأساطير وأمثال ونكات لدى المجتمعات التي تتداولها. كما أن فقدان اللغات يجري على حساب العلاقة التي يقيمها الإنسان مع التنوع البيولوجي حوله لأن اللغات تنقل في الحقيقة الكثير من المعارف عن الطبيعة والكون”.  

ويشير العمل الذي قام به اللغويون المشاركون في أطلس لغات العالم المهددة بالاندثار (وعددهم يفوق الثلاثين) إلى أن ظاهرة اختفاء اللغات تطال جميع المناطق دون استثناء وتمتد في ظروف اقتصادية متباينة. ففي أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى حيث يتداول الناس نحو 2.000 لغة مختلفة (أي ثلث المجموع العالمي تقريباً)، من المرجح جداً أن يختفي ما لا يقل عن 10٪ من تلك اللغات خلال القرن القادم. 

وينبه الأطلس إلى أن الهند والولايات المتحدة والبرازيل واندونيسيا والمكسيك، وهي بلدان تعرف بتعددها اللغوي، هي أكثر البلدان احتواء للغات المعرضة للخطر. وفي استراليا هناك 108 لغات مهددة بدرجات متفاوتة. أما فرنسا، ففيها 26 لغة مهددة، 13 منها عرضة لخطر كبير و8 عرضة للخطر و5 منها لغات هشة.  

إلا أن بعض المعلومات التي يكشف عنها الأطلس تحمل أنباء إيجابية. فدولة بابوا غينيا الجديدة مثلاً والتي تضم أكبر تنوع لغوي على سطح المعمورة (أكثر من 800 لغة متداولة) تعتبر بين أقل الدول نسبياً انطواء على اللغات المهددة (88 لغة مهددة). من جهة أخرى وبالرغم من إعلان الأطلس انقراض بعض اللغات، نجد هذه اللغات موضوع اهتمام وإحياء نشيطين في بعض الأحيان مثل اللغة الكورنية (في كورنوال) أو لغة سيشي (في كاليدونيا الجديدة)، ومن المحتمل جداً أن تصبح تلك لغات حية من جديد.  

ويشير الأطلس أيضاً إلى أنه لأسباب اقتصادية تعود لسياسات لغوية مختلفة أو لظواهر اجتماعية متفرقة، فإن اللغات في أغلب الأحيان لا تملك الدرجة ذاتها من الحيوية تبعاً للبلد المعني.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق