مركز الدراسات والبحوث في الفقه المالكيأعلام

أصوليو القرن الرابع الهجري

محمد بن أحمد بن بكير (ت305ﻫ) 

اسمه: 

   محمد بن أحمد بن عبد الله بن بكير، أبو بكر البغدادي التميمي.[المدارك 5/16].

شيوخه:

   تفقه ابن بكير بالقاضي إسماعيل(ت282هـ).

تلاميذه:

   روى عنه أبو الفرج القاضي (ت330ﻫ)، وأبو بكر بن الجهم (ت329ﻫ)، وبكر بن العلاء القشيري (ت344ﻫ).

آراؤه الأصولية:

   لا نعلم لابن بكير مصنفا في أصول الفقه، إلا أن له بعض الاختيارات الأصولية المنقولة عنه، ومنها:

– احتجاجه على أصل شرع من قبلنا، قال القرطبي: “وإلى هذا ذهب معظم أصحاب مالك، وأصحاب الشافعي، وأنه يجب العمل بما وجد منها. قال ابن بكير: وهو الذي تقتضيه أصول مالك، وخالف في ذلك كثير من أصحاب مالك، وأصحاب الشافعي، والمعتزلة؛ لقوله تعالى: “لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا”، وهذا لا حجة فيه؛ لأنه يحتمل التقييد.”[الجامع لأحكام القرآن للقرطبي الآية: 90، المسألة 1].

– ذهابه مذهب أصحابه البغداديين في عدم الاحتجاج بعمل أهل المدينة، الذي طريقه النظر والاجتهاد، واحتجوا بما نقل عنهم عياض قال: “قالوا لأنهم بعض الأمة، والحجة إنما هي لمجموعها، وهو قول المخالفين أجمع.[المدارك 1/50].

********************

محمد بن يوسف أبو عمر القاضي (ت320ﻫ) وابنه أبو الحسين (ت328ﻫ)

اسمه:

   محمد بن يوسف بن يعقوب بن إسماعيل، أبو عمر القاضي، من آل حماد بن زيد. [ المدارك 5/2].

شيوخه:

    أخذ عن جده يعقوب بن إسماعيل، وأحمد بن منصور الرمادي، وعمرو بن مرزوق…وتفقه بابن عم أبيه إسماعيل ابن إسحاق.[المدارك 5/3].

تلاميذه:

 روى عنه أبو الحسن الدارقطني، وأبو بكر الأبهري، …وتفقه عليه أبو جعفر الأبهري، وغيره. [المدارك 5/3].

ثناء العلماء عليه:

   قال أبو بكر بن الخطيب في تاريخه: كان ثقة فاضلا، وحمل الناس عنه علما واسعا من الحديث، وكتب الفقه التي صنفها إسماعيل، وقطعة من التفسير.

   قال نفطويه في تاريخه: أبو عمر: لا نظير له في الحكام، عقلا، وحلما، وتمكنا، واستيفاء للمعاني الكثيرة باللفظ اليسير، مع معرفة بأقدار الناس ومواضعهم، وحسن التأني في الأحكام، والحفظ لما يجري على يديه.

   قال القاضي: ومن سعادة جده، أن المثل ضرب بعقله وحلمه، وانتشر على لسان الخطير والحقير ذكر فضله، حتى أن الإنسان إذا بالغ في وصف الرجل قال: «كأنه أبو عمر القاضي». [المدارك 5/4].

مكانته في علم أصول الفقه:

  يعد أبو عمر القاضي من رواد المدرسة المالكية العراقية، بعد شيخه القاضي إسماعيل؛حيث سار على دربه، وسلك منهجه في تجلية أصول مالك والاستدلال عليها، ويظهر ذلك في مجالس النظر والمذاكرة التي جمعته مع الشافعية، وخاصة أبو بكر الصيرفي، حيث ناظره في مسألة إجماع أهل المدينة، قال الزركشي: «ولم تزل هذه المسألة موصوفة بالإشكال، وقد دارت بين أبي بكر الصيرفي وأبي عمر من المالكية». [البحر المحيط 6/347].

   وبعده ابنه أبو الحسين (ت328ﻫ)، الذي ناظر بدوره أبا بكر الصيرفي، وألف كتاب: «الرد على من أنكر إجماع أهل المدينة»، وهو كتاب نقض فيه كتاب الصيرفي: الدلائل والأعلام. [المدارك 5/257]، فكان هذا الرد خلاصة مجموعة من المناظرات بين أبي بكر الصيرفي الشافعي، وبين أبي عمر أولا، ثم بينه وبين ابنه أبي الحسين ثانيا. [ينظر المستوعب لتاريخ الخلاف العالي ومناهجه عند المالكية للدكتور محمد العلمي 1/253].

**********************

أبو يعقوب الرازي:[طبقة تلاميذ القاضي إسماعيل (ت282هـ)]

اسمه:

  إسحاق بن أحمد بن عبد الله، أبو يعقوب، الرازي.

شيوخه:

 صحب القاضي إسماعيل، وتفقه به.

تلاميذه:

  أخذ عنه عبد الملك السعدي الأندلسي.

ثناء العلماء عليه:

  قال الشيرازي: وكان فقيها عالما زاهدا عابدا. [المدارك 5/17].

  قال أبو القاسم الشافعي: كان من جلة الشيوخ المالكيين، ولم أشاهده. [المدارك 5/18].

  قال الأبهري: كان أبو بكر الرازي، من جلة أصحاب مالك، وحفاظ مذهبه. [المدارك 5/18].

مكانته في علم أصول الفقه:

             رغم قلة النقول الأصولية عن أبي يعقوب الرازي، إلا أنه يعد من الأصوليين المدافعين عن مذهب أهل المدينة وأصوله، ويذكر له في ذلك قوله بعدم الاحتجاج بعمل أهل المدينة فيما طريقه الاجتهاد والنظر، وهو مذهب كبار مالكية بغداد، قال عياض: «فذهب معظمهم إلى أنه ليس بحجة ولا ترجيح فيه، وهو قول كبراء البغداديين، منهم: ابن بكير، وأبو يعقوب الرازي…» .[المدارك 1/50-51].

 ******************

أبو بكر بن الجهم (ت329ﻫ)

اسمه:

  محمد أبو بكر بن أحمد بن محمد بن الجهم بن حبيش، ويعرف بابن الوراق المروزي هذا الصحيح. [ترتيب المدارك: 5/19].

شيوخه:

   صحب أبا بكر إسماعيل القاضي، وسمع منه، وتفقه معه ومع كبار أصحاب ابن بكير وغيره، وروى أيضا عن إبراهيم بن حماد، ومحمد بن عبدوس. [ترتيب المدارك: 5/19].

تلاميذه:

 روى عنه أبو بكر الأبهري، وأبو إسحاق الدينوري. [ترتيب المدارك: 5/19].

ثناء العلماء عليه:

قال أبو الوليد الباجي: أبو بكر مشهور في أئمة الحديث.

قال عياض: وكان ابن الجهم صاحب حديث، وسماع، وفقه. [ترتيب المدارك: 5/19].

قال ابن حارث: وكتب حديثا كثيرا، وكتبه تنبئ عن مقدار علمه. 

مكانة ابن الجهم الأصولية:

مؤلفاته الأصولية:

ألف ابن الجهم كتاب: “بيان السنة” خمسون كتابا وهو كتاب مفقود.

اختياراته الأصولية:

ذكر الباجي في إحكام الفصول رأيا أصوليا لابن الجهم، مفاده أنه يذهب إلى القول بعدم حجية الحديث المرسل، وإن كان المرسِل متحرزا، لا يرسل إلا عن الثقات، ونصه: «وذهب طائفة من المتأخرين إلى أنه لا يجب العمل به ولا حجة فيه؛ وعليه أكثر المتكلمين؛ وبه قال من أصحابنا القاضي أبو بكر، وهو ظاهر مذهب القاضي أبي إسحاق إسماعيل بن إسحاق، والشيخ أبي بكر بن الجهم». [إحكام الفصول (1/355)،(م320)].

شيوخه وتلاميذه في الأصول:

   تفقه أبو بكر ابن الجهم على أكبر علماء الأصول من المالكية في عصره، منهم:

-القاضي إسماعيل بن إسحاق، الذي يعد من كبار مجتهدي المذهب ونظاره، وصاحب كتاب الأصول.

-ومحمد ابن بكير البغدادي (ت305ﻫ)، الذي نقلت عنه بعض الاختيارات الأصولية. [ينظر ترجمة ابن بكير].

-وتتلمذ على يديه أبو بكر الأبهري فقيه المالكية، وعالم من العلماء المبرزين في النظر والاستدلال، صاحب كتاب الأصول. [الدر الثمين في أسماء المصنفين: 1/95].

***********************

عمرو بن محمد أبو الفرج الليثي (ت330ﻫ)

اسمه: 

   عمرو بن محمد بن عبد الله أبو الفرج الليثي القاضي البغدادي. [ترتيب المدارك: 5/22].

شيوخه:

   صحب إسماعيل، وتفقه معه، وصحب غيره من المالكيين .[ترتيب المدارك: 5/22].

تلاميذه:

   روى عنه أبو بكر الأبهري، وأبو علي بن السكن، وأبو القاسم عبيد الشافعي، وعلي بن الحسين بن بندار القاضي الأنطاكي، وعمر بن المؤمل الطرسوسي الحافظ، وغيرهم. [ترتيب المدارك: 5/23].

مكانته في علم أصول الفقه:

مؤلفاته الأصولية:

   ألف أبو الفرج كتاب اللمع في أصول الفقه. 

تلاميذه في الأصول:

 -أنجب أبو الفرج الليثي تلاميذ من خيرة علماء المذهب وفقهائه، منهم الذين برزوا في مجال التأصيل والاستنباط، كالشيخ أبي بكر الأبهري، الذي سلك طريق شيخه فألف كتابا في الأصول. [الدر الثمين في أسماء المصنفين: 1/95].

آراؤه الأصولية:

   لأبي الفرج اختيارات كثيرة في أصول الفقه، منها ما وافق مشهور المذهب، ومنها ما خالفه، نذكر منها:

1- ما نقله ابن حزم في كتابه الإحكام: وقال أبو الفرج القاضي وأبو بكر الأبهري، المالكيان: القياس أولى من خبر الواحد المسند والمرسل. [الإحكام لابن حزم 7/54].

2- اعتراضه على إجماع عمل أهل المدينة الذي طريقه الاجتهاد والتفقه لا النقل، وعدم اعتباره مرجحا لاجتهاد على آخر، وعدم الاحتجاج به. [ينظر الفكر السامي: 319، المدارك 1/50].

3- أن الإباحة أمر، وبه قال البلخي من المعتزلة. [إحكام الفصول:1/ 199،م48].

4- أن الأمر يحمل على الندب بمجرده. [إحكام الفصول:(1/20)، (م55)].

5- أن لفظة افعل إذا وردت بعد الحظر تقتضي الإباحة. [إحكام الفصول:1/ 206، م58].

6- أن الأشياء في الأصل على الإباحة، قال ابن القصار: «ليس عن مالك رحمه الله في الحظر والإباحة في الأطعمة والأشربة وما جرت العادة بأن الجسم لابد له منه نص في ذلك. وذهب القاضي أبو الفرج المالكي إلى أنها على الإباحة في الأصل حتى يقوم دليل الحظر». [مقدمة ابن القصار (ص:310)].

     7- أن خبر الواحد يوجب العمل دون العلم، قال الباجي نقلا عن أبي تمام البصري: «إن مذهب مالك في أخبار الآحاد أنها توجب العمل دون العلم؛ وعلى هذا فقهاء الأمصار والآفاق؛ وبه قال جماعة من أصحابنا، القاضي أبو الحسن والقاضي أبو محمد والقاضي أبو الفرج». [إحكام الفصول:1/330، م288].

8- جواز نسخ القرآن بالسنة المتواترة من جهة العقل والسمع جميعا، وبه قال أكثر الفقهاء. [إحكام الفصول:1/ 423، م429]، قال ابن القصار في مقدمته: «واستدل أبو الفرج القاضي المالكي على أن مذهب مالك جوازه، قال: لأن مذهبه أن لا وصية لوارث، وهذا مذهب يدل على نسخ القرآن بما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم». [مقدمة ابن القصار 297].

 ************************

سعيد ابن الحداد أبو عثمان القيرواني (ت330ﻫ)

اسمه:

هو سعيد بن محمد بن صبيح بن الحداد، أبو عثمان، المغربي القيرواني.

شيوخه وتلاميذه:

       «سمع من سحنون،…ومن أبي سنان، وأبي الحسن الكوفي بطرابلس، وغيرهم.. وسمع منه ابنه، وأبو العرب، وأحمد بن موسى التمار». [ترتيب المدارك 5/78].

مكانته في علم أصول الفقه:

قال ابن الحارث: «وكان مذهب أبي عثمان الاختيار، والنظر والمناظرة، وفهم القرآن، والمعرفة بمعانيه».  [ترتيب المدارك 5/78].

قال ابن أبي سعيد: «أبو عثمان الفقيه المتكلم من وجوه أهل العلم ومشيخة أهل النظر.. ويعتمد على النظر والحجة…كانت له أوضاع في الفقه والجدل». [ترتيب المدارك 5/79].

وذكره ابن حزم في المجتهدين أصحاب الاختيار في القيروان قال: «وكان بالقيروان سحنون ابن سعيد وله كثير من الاختيار وسعيد بن محمد بن الحداد». [الإحكام لابن حزم 5/102].

ويحكى أنه كان يقول: «إن الذي أدخل كثيرا من الناس في التقليد نقص العقول، ودناءة الهمم». [الفكر السامي (ص:504)].

مؤلفاته الأصولية:

له كتاب المقالات في الأصول. [تاريخ الإسلام 8/948، هدية العارفين 1/384].

مناظراته:

برز ابن الحداد في علم الكلام، وأصول الفقه، والمناظرة على أصول أهل السنة، وله مناظرات مع الشيعة والمعتزلة محفوظة، قال ابن الحارث: «كانت لأبي عثمان مقامات كريمة، ومواقف محمودة، في الدفع عن الإسلام، والذب عن السنة، ناظر فيها أبا العباس المخطوم، أخا الشيعي الصنعاني، يعني داعية بني عبيد الروافض عند دخولهم إفريقية، فناظرهم مناظرة القرين المساوي، لا، بل مناظرة المتعزز المتعالي، لم يحجم لهيبة سلطان، ولا خاف ما خيف عليه من سطوتهم». [ترتيب المدارك 5/82].

قال عياض: «وله مجالس طوال مع الأمير أبي العباس الأخرم الشيعي…وكذلك له مع الفرا، شيخ المعتزلة بالقيروان، وغيره من الفرق أهل البدع والإلحاد، مناظرات حسان، ومقامات ظاهرة». [ترتيب المدارك 5/85].

************************

بكر ابن العلاء أبو الفضل القشيري (ت344ﻫ)

اسمه:

هو بكر بن محمد بن العلاء، أبو الفضل القشيري. [ترتيب المدارك: 5/270].

شيوخه وتلاميذه:

«سمع من كبار أصحاب إسماعيل وغيرهم،…والقاضي أبي عمر، وإبراهيم بن حماد،…ومحمد بن صالح الطبري، وأبي خليفة الجمحي، وغيرهم، من أئمة الفقه والحديث، حدث عنه من لا يعد من المصريين والأندلسيين والقرويين، وغيرهم. فممن حدث عنه:…أبو محمد النحاس، وابن عون الله، وأبو زيد بن أبي عامر البستي». [ترتيب المدارك: 5/271].

ثناء العلماء عليه:

 قال الفرغاني: «كان بكر من كبار الفقهاء المالكيين بمصر، وتقلّد أعمالاً للقضاء، وكان راوية للحديث». [ترتيب المدارك: 5/271].

مكانته في علم أصول الفقه:

مؤلفاته الأصولية:

له: مآخذ الأصول، وكتاب أصول الفقه، وكتاب القياس. [ترتيب المدارك: 5/271، الديباج ص:165 (188)].

آراؤه الأصولية:

 ـ اعتباره العلو والاستعلاء معا في حد الأمر، قال عبد الله بن الحاج الشنقيطي [نشر البنود 1/148]:

خـالف البـاجي بشرط التالي

 

وشرط ذاك رأى ذي اعتزال

واعتبرا معا على توهين

 

لدى القشيري وذي التلقين.

ـ قوله بحمل الأمر المجرد عن القرينة على الوجوب، قال المازري «ومن الناس من ذهب إلى حملها على الوجوب، وعليه جل الفقهاء،…وصرح به من أصحابنا القاضي إسماعيل، وابن بكير، وبكر بن العلاء». [إيضاح المحصول للمازري ص:202].

ـ اشتهر لبكر بن العلاء رأي في مسألة سد باب الاجتهاد بعد عهد السلف، ونقل عنه ابن حزم بعض أقواله في ذلك، منها: «ليس لأحد أن يختار بعد المائتين من الهجرة». [ الإحكام لابن حزم 4/225]، «إن بعد سنة مائتين قد استقر الأمر وليس لأحد أن يختار». [الإحكام لابن حزم 4/225]، «ليس لأحد أن يختار بعد التابعين». [الإحكام 4/225].

ـ في سياق الاجتهاد أيضا قال: «جرت العادة بإدخال شروط الاجتهاد في الأصول وضعا فأدخلت فيه حدا، وإنما أدخلت فيه وضعاً؛ لأن غاية فن الأصول الإقدار على الاستنباط، والاستنباط متوقف على شروط الاجتهاد، وليست داخلة في قواعد الفن، بخلاف مباحث الترجيح، فإن البحث فيها عن أحوال الأدلة التفصيلية على وجه كلي باعتبار تعارضها، ولا يدخل  في الأصول علم الخلاف، إذ لا يتوصل به إلى الفقه توصلا قريبا؛ لأن الجدلي إما مجيب بحفظ حكم، أو متعرض بإبطاله، كان الحكم فقها أو غيره. لكن الفقهاء أكثروا فيه من مسائل الفقه، وبنوا أركانها عليها، حتى توهم اختصاصه بالفقه وأصول الفقه، وإن كان أصلا للفقه لاحتياجه إليه، فرعا لأصول الدين لاحتياج كون الأدلة حجة إلى معرفة الصانع وصفاته». [نشر البنود 1/18].

ـ ومن النقل عنه في أصول الفقه ما ذكره الزركشي قال: «ذكر القاضي بكر بن العلاء من أصحابنا أن القاضي إسماعيل أمر بداود منكر القياس فصفع في مجلسه بالنعال، وحمله إلى الموفق بالبصرة ليضرب عنقه؛ لأنه رأى أنه جحد أمرا ضروريا من الشريعة في رعاية مصالح الخلق، والجلاد في هؤلاء أنفع من الجدال. انتهى». [البحر المحيط 7/28].

***************************

محمد بن وسيم بن سعدون، أبو بكر الطليطلي (ت352ﻫ)

اسمه:

هو محمد بن وسيم بن سعدون، أبو بكر الطليطلي.

شيوخه:

«سمع من أبيه، وغيره من شيوخ بلده، وبقرطبة من ابن خالد، وابن أيمن، وقاسم بن أصبغ». [ترتيب المدارك 6/175].

تلاميذه:

 وأخذ عنه: أبو غالب تمام المعافري [ترتيب المدارك 7/32]، وعبد الله  بن عبد الوارث الطليطلي متبتل [ترتيب المدارك 7/30]، وعلي بن عيسى بن عبيد التجيبي [ترتيب المدارك 6/171]، ومحمد بن عبد الله بن عيشون [ترتيب المدارك 6/172] وغيرهم.

ثناء العلماء عليه:

قال عياض: «وكان أعمى، بصيراً بالحديث، حافظاً للفقه، له حظ من العلم باللغة، والنحو والشعر، والتفسير، والفرائض والحساب، والعبارة، شاعراً ذكياً». [ترتيب المدارك 6/175].

وقال أيضا: «وكان رأسا في كل فن، متقدما فيه…وتقدم في الفتيا وكان رأسا فيها». [ترتيب المدارك 6/176].

مؤلفاته الأصولية:

«له كتاب في الناسخ والمنسوخ» [ترتيب المدارك: 6/1].

*********************** 

ابن مجاهد المتكلم محمد بن أحمد أبو عبد الله الطائي البصري (ت370ﻫ)

اسمه:

هو محمد بن أحمد بن محمد بن يعقوب بن مجاهد الطائي المتكلم، أبو عبد الله، صاحب أبي الحسن الأشعري.

شيوخه وتلاميذه:

     أخذ عن القاضي أبي عبد الله التستري، وسمع الصحيح للبخاري من أبي زيد المروزي، ودرس عليه أبو بكر الباقلاني الكلام والأصول [ترتيب المدارك 6/196-197]، و«حدّث عنه القاضي أبو بكر بن الطيب، وأبو بكر بن عزرة، وأبو القاسم ابن عبد المؤمن المكي، المتكلم». [ترتيب المدارك 6/199].

مكانته في علم الأصول:

قال مخلوف: «الإمام الفقيه الأصولي، العالم النظار». [شجرة النور ص:92]، وقال عياض: «وكان ابن مجاهد هذا مالكي المذهب، إماما فيه، مقدما غلب عليه علم الكلام والأصول». [ترتيب المدارك 6/196]، وقال ابن أبي زيد القيرواني: «وعندنا من أخبار الشيخ الطيبة، ما تعم مسرته، من نصرته في هذا المذهب، وذبه عنه». [ترتيب المدارك 6/198].

مؤلفاته الأصولية:

ـ له كتاب: أصول الفقه على مذهب مالك، قال مخلوف: «له كتب حسان في الأصول، منها كتاب أصول الفقه على مذهب مالك». [ترتيب المدارك 6/196، شجرة النور ص:92].

آراؤه الأصولية:

ـ من آرائه الأصولية ما نقله الزركشي في مباحث المقدمات من كتابه، قال: وحكي عن ابن مجاهد الطائي أنه منع إطلاق الحد في العلم، وإنما يقال: حقيقة العلم كذا؛ لأن الحقائق لا يختلف القديم والحادث بخلاف العلم». [البحر المحيط 1/76].

ـ ومنها قوله بعدم جواز وقوع الصغيرة من النبي صلى الله عليه وسلم. [مختصر التحرير شرح الكوكب المنير لابن النجار 2/173، تحقيق ذ محمد الزحيلي وذ نزيه حماد ط مكتبة العبيكان 1997].

 *********************

أبو بكر الأبهري محمد بن عبد الله بن صالح الصالحي (ت375ﻫ)

اسمه:

هو محمد بن عبد الله بن صالح بن عمر بن حفص بن عمر بن مصعب بن الزبير بن كعب ابن زيد بن مناة بن تميم، أبو بكر، الأبهري. [ترتيب المدارك 6/183].

شيوخه:

تفقه على عدد من أئمة المذهب وفقهائه كالقاضي أبي عمر، وابنه أبي الحسين، والقاضي أبي الفرج، وأبي بكر بن الجهم، والطيالسي، وابن المنتاب، وابن بكير. [ترتيب المدارك 6/184].

تلاميذه:

قال عياض: «ولم ينجب أحد من الأصحاب بعد إسماعيل القاضي، ما أنجب أبو بكر الأبهري». [ترتيب المدارك6/187]، فقد تتلمذ على يديه جملة الأئمة بأقطار الأرض من العراق وخراسان، والحجاز ومصر، وإفريقية، معظمهم ممن برع في علم أصول الفقه وألف فيه، منهم: القاضي الباقلاني، وابن فارس، وعبد الوهاب القاضي، والأصيلي، وأبو الحسن بن القصار، وأبو تمام، وابن خويز منداد البصري، وغيرهم. [ترتيب المدارك6/186-187].

ثناء العلماء عليه:

ذكره ابن أبي الفوارس فقال: «كان ثقة أميناً مستوراً، وانتهت إليه الرئاسة في مذهب مالك…قال الشيرازي: وجمع بين القرآن وعلو الإسناد والفقه الجيد». قال القاضي أبو العلاء الواسطي: «كان أبو بكر الأبهري، معظماً عند سائر علماء وقته، لا يشهد محضراً إلا كان هو المقدم فيه». [ترتيب المدارك 6/184-185].

مكانته في علم أصول الفقه:

مؤلفاته الأصولية:

ـ كتاب الأصول، وصفه ابن النديم بأنه: لطيف [الفهرست 249 تحقيق إبراهيم رمضان ط دار المعرفة بيروت 1997].

ـ إجماع أهل المدينة. [ترتيب المدارك: 6/188. معجم المؤلفين: 3/544 (14357)].

ـ مسألة الجواب والدلائل والعلل. [ترتيب المدارك: 6/186].

آراؤه الأصولية:

ـ نقل ابن رشد عن الشيخ أبي بكر الأبهري أنه حكى في كتابه أن مذهب مالك أن يُقصر اللفظ العام الوارد على سببه، ولا يحمل على عمومه [المقدمات  والممهدات لابن رشد 2/227،  تحقيق محمد حجي ط دار الغرب الإسلامي 1988].

ـ ذهابه مذهب الجمهور في أن خبر الآحاد يفيد الظن. [إحكام الفصول م288].

ـ قوله بعدم حجية الحديث المرسل، قال الباجي: «وممن قال بعدم حجية المرسل من أئمة مذهب مالك: القاضي الباقلاني…وهو ظاهر مذهب القاضي أبي إسحاق إسماعيل بن إسحاق وأبي بكر بن الجهم، والشيخ أبي بكر الأبهري». [إحكام الفصول 1/355، م320].

ـ استقرأ الأبهري لمالك أن القياس مقدم على خبر الواحد في حال التعارض. [المنهاج في ترتيب الحجاج لأبي الوليد الباجي ف245 تحقيق ذ عبد المجيد تركي ط دار الغرب الإسلامي 1987. البيان والتحصيل 9/19 البحر المحيط 3/399].

ـ قوله بعدم حجية عمل أهل المدينة الذي طريقه الاجتهاد والنظر. [شرح الرسالة 2/46].

ـ أخذه بالحظر عند تساوي الأمارتين في الحكم، قال القرافي: «اختلفوا هل يجوز تساوي الأمارتين، فمنعه الكرخي، وجوزه الباقون…وقال الأبهري يتعين الحظر بناءً على أصله أن الأشياء على الحظر». [شرح تنقيح الفصول للقرافي ص: 417، ط دار الفكر1973].

ـ قوله إن أفعال العقلاء قبل الشرع على الحظر، حكاه الباجي عنه. [البحر المحيط 1/205، إيضاح المحصول للمازري ص:58].

ـ قال القرافي: «في دلالة فعله عليه الصلاة والسلام، إن كان بياناً لمجمل فحكمه حكم ذلك المجمل في الوجوب، أو الندب، أو الإباحة، وإن لم يكن بياناً وفيه قربة، فهو عند مالك رحمه الله تعالى والأبهري وابن القصار والباجي وبعض الشافعية للوجوب». [شرح تنقيح الفصول 288].

ـ قوله بعدم جواز تأخير البيان عن وقت الحاجة قال: «لا يجوز عن أن يتأخر البيان عن وقت ورود الخطاب». [مقدمة ابن القصار ذ تحقيق السليماني ص:119].

 ******************************

أبو العلاء البصري (طبقة الأبهري (ت375ﻫ)

اسمه:

 هو عبد العزيز بن محمد أبو العلاء البصري.

شيوخه:

 روى عنه أبو عمر بن سعدي، وأبو القاسم الهمداني. [ترتيب المدارك: 6/199].

ثناء العلماء عليه:

قال أبو القاسم الهمداني: «عليه، مع ابن عطية، كانت تدور الفتوى على مذهب مالك، بالبصرة». [ترتيب المدارك: 6/199].

مكانته في علم الأصول:

مؤلفاته الأصولية :

 له كتاب في إثبات القياس. [ترتيب المدارك: 6/199].

 ***************************

ابن أبي زيد القيرواني (ت386ﻫ)

اسمه:

 هو عبد الله بن أبي زيد أبو محمد القيرواني.

شيوخه:

تتلمذ على «أبي بكر ابن اللباد، وأبي الفضل الممسي، وأخذ أيضاً عن محمد بن مسرور العسّال عبد الله بن مسرور بن الحجام، والقطان، والإبياني، وزياد بن موسى، وسعدون الخولاني،…وسمع من ابن الأعرابي، وإبراهيم بن محمد بن المنذر،… ودرّاس بن اسماعيل»، [ترتيب المدارك 6/217] وغيرهم.

تلاميذه:

«وتفقه عنده جلة، فمن أصحابه القرويين: أبو بكر بن عبد الرحمن، وأبو القاسم البرادعي، واللبيدي، وابنا الأجدابي، وأبو عبد الله الخواص، وأبو محمد المكي المقري. ومن أهل الأندلس: أبو بكر بن موهب المقبري، وابن عابد، وأبو عبد الله ابن الحذاء، وأبو مروان القنازعي، ومن أهل سبته، أبو عبد الرحمان بن العجوز، وأبو محمد بن غالب، وخلف بن ناصر، ومن أهل المغرب، ابن أمدَّكْتوا السجلماسي». [ترتيب المدارك 6/217].

ثناء العلماء عليه:

قال عنه عياض: «وكان أبو محمد  إمام المالكية في وقته وقدوتهم، وجامع مذهب مالك، وشارح أقواله، وكان واسع العلم، كثير الحفظ والرواية، وكتبه تشهد له بذلك، فصيح القلم، ذا بيان ومعرفة بما يقوله، ذابّاً عن مذهب مالك، قائماً بالحجة عليه، بصيراً بالرد على أهل الأهواء، يقول الشعر ويجيده، ويجمع إلى ذلك صلاحاً تاماً، وورعاً وعفة، وحاز رئاسة الدين والدنيا، وإليه كانت الرحلة من الأقطار، ونجب أصحابه، وكثر الآخذون عنه، وهو الذي لخص المذهب، وضم نشره، وذبّ عنه. وملأت البلاد تواليفه، عارض كثير من الناس أكثرها. فلم يبلغوا مداه، مع فضل السبق، وصعوبة المبدأ، وعرف قدره الأكابر». [ترتيب المدارك6/215-216]، قال الشيرازي: «وكان يعرف بمالك الصغير». [ترتيب المدارك 6/215-216.].

مكانته في علم أصول الفقه:

مؤلفاته الأصولية:

له:

ـ كتاب الاقتداء بأهل المدينة [شجرة النور ص: 96 (227)]، أو: «الاقتداء بمذهب مالك» [التعريف ص: 227]، أو «إيجاب الائتمام بأهل المدينة». [العمر ص: 446].

ـ الذب عن مذهب مالك في غير شيء من أصوله وبعض مسائل فروعه، وكشف ما لبس به أهل الخلاف وجهله من محاج الأسلاف، وما يتعلق بالأصول من هذا الكتاب مقدماته، بالرغم من قصد مؤلفه فيه الرد على أحد الظاهرية.

آراؤه الأصولية:

يعد ابن أبي زيد أول من علمناه تعرض للأسباب الأصولية لاختلاف الفقهاء، وهو باب تابعه عليه جمهور من الأصوليين كابن حزم، وابن رشد، وابن جزي، والتلمساني، وغيرهم. وهذا من سبقه في باب الاجتهاد من أصول الفقه، قال في كتاب الذب في سياق الرد على بعض الظاهرية: «…وقد يحتمل ظاهر النص أو الحديث أوجها، فيوجهه كل فريق إلى معنى، يرى أنه أولى في التأويل عنده، بدليل يظهر له. أو يستدل أحد منهم بدليل، على أن ذلك خاص، أو في وقت دون وقت. أو يدعه لحديث، يرى أنه أولى منه، لغير معنى يستدل به، من قوة الرواية، أو من غير ذلك. أو يظهر  له أن له ناسخا بدليل. أو أن أحد الخبرين مفسر لما أجمله الآخر، أو يوجه معناه إلى وجه، هو أظهر عنده في الأصول [ ] . أو  يستدل بدليل أنه على غير الإيجاب. أو يدع من احتماله وجها، ويأخذ بوجه يؤيده -عنده- ظاهر القرآن. أو يكون حديثا، يدعه جمهور الصحابة -وهم به عالمون- فيعلم أن من وراء ذلك علما، من نسخ أو خصوص، أو غير ذلك، أو يجهله أهل الحجاز معدن العلم، ويغرب به غيرهم، فيعترض بهذا ريب في قبوله…». [الذب عن مذهب مالك لابن أبي زيد القيرواني  ج1ص 297].

ـ ومن آراء ابن أبي زيد الأصولية قوله بحجية الحديث المرسل، قال في كتاب الذب: «العلماء لا يدَعون أن يحتجوا بالمرسل، ويرون له قوة لما يقولون، وكثير من العلماء يذهبون إلى أن الحجة تقوم به إذا لم يدفعه أقوى منه». [الذب عن مذهب مالك لابن أبي زيد القيرواني ج1 ص: 383].

ـ ومنها قوله بحجية إجماع أهل المدينة بإطلاق، سواء كان مظنة اجتهاد ونظر، قال: القاضي عبد الوهاب في شرح الرسالة: «…والأول قول قوم من متقدمي أصحابنا، …وإليه أشار أبو محمد بن أبي زيد في مقدمة كتابه الكبير…واحتج من نصر هذا بأن قال: لأن المدينة لما كانت عرضة النبوة، ودار الوحي، وأهلها قد شاهدوا التنزيل، وسمعوا ألفاظ الرسول صلى الله عليه وسلم، كانوا أعرف بطرق الأدلة وأبصر من غيرهم ممن ثبت له هذه المزية بوجوه الاجتهاد وطرق الاستخراج والاستنباط». [شرح الرسالة 2/46].

ـ ونص ابن أبي زيد في النوادر والزيادات: «وقد اختلف في إجماع من كان بالمدينة من الصدر الأول، وفي اجتماع الجمهور من كل قرن…وقد أوردنا لذلك ولما يشبهه كتابا سميناه: « كتاب الاقتداء»، وقلنا: إنه ليس لأحد أن يحدث قولا أو تأويلا لم يسبقه به سلف، وإنه إذا ثبت عن صاحب قول لا يحفظ عن غير الصحابة خلاف له ولا وفاق، أنه لا يسع خلافه» [النوادر والزيادات 1/5].

ـ قوله بحجية السنة، وعدم الاعتراض عليها بالرأي ونصه: «والتسليم للسنن لا تعارض برأي ولا تدفع بقياس، وما تأوله منها السلف الصالح تأولناه، وما عملوا به عملناه، وما تركوه تركناه، ويسعنا أن نمسك عما أمسكوا، ونتبعهم فيما بينوا، ونقتدي بهم فيما استنبطوا ورأوه من الحديث، ولا نخرج عن جماعتهم فيما اختلفوا فيه أو تأويله، وكل ما قدمنا ذكره فهو قول أهل السنة وأئمة الناس في الفقه والحديث». [الجامع في السنن والآداب والمغازي والتاريخ لابن أبي زيد القيرواني، ص:117،  تحقيق محمد أبو الأجفان وعثمان بطيخ ط مؤسسة الرسالة 1983].

 *********************

أبو بكر ابن خويزمنداد (ت390ﻫ)

اسمه:

 هو محمد بن أحمد بن عبد الله، أبو بكر ابن خُوَيْزِمِنْداد البصري. [ضبطه الصفدي بالخاء المعجمة والواو وياء التصغير والزاي على وزن فليس، انظر الوافي بالوفيات للصفدي: 2/52، تحقيق أحمد الأرناؤوط وتركي مصطفى ط دار إحياء التراث 2000].

شيوخه:

         «تفقه بالأبهري، وابن داسة، وأبي الحسن التمار، وأبي الحسن المصيصي، وأبي إسحاق الهجيمي، وأبي العباس الأصم». [ترتيب المدارك 7/77].

مكانته في علم الأصول:

قال مخلوف: «الإمام العالم المتكلم الفقيه الأصولي». [شجرة النور الزكية في طبقات المالكية لمحمد مخلوف  ص:103 ط دار الفكر، مع التحفظ على وصفه بالمتكلم، لأنه كان مناوئا للكلام منافرا لأهله لقول عياض في المدارك ينظر ترتيب المدارك7/78].

قال عياض: «وله اختيارات وتأويلات على المذهب في الفقه، والأصول، لم يعرج عليها حذاق المذهب». [ترتيب المدارك 7/77].

مؤلفاته الأصولية:

له الجامع في أصول الفقه. [كذا سماه في البحر المحيط الزركشي الذي ينقل عنه بالواسطة: 1/399]، قال ابن فرحون: «له…كتاب في أصول الفقه». [الديباج ص: 363 [491]].

آراؤه الأصولية:

النقل عن ابن خويزمنداد في أصول الفقه كثير جدا، يكاد لا يخلو كتاب في الأصول من النقل عنه، سواء في استقراء قواعد مالك، أو في نقد اختياراته التي تفرد ببعضها وشذ بها.

 نقتصر منه للتمثيل على بعض النماذج:

ـ روايته عن مالك: «أنه يقول بدليل الخطاب». [إيضاح المحصول من برهان الأصول للمازري (ص:222) دراسة وتحقيق ذ عمار الطالبي ط دار الغرب الإسلامي 2001].

ـ نقله عن مالك قصر اللفظ على ما خرج عليه من السبب مستقرئا ذلك اختلاف قوله في غسل الآنية التي ولغ فيها الكلب، وفيها طعام فقال مرة: بغسل الآنية التي فيها الماء فقط…وقال مرة تغسل سائر الأواني، وإن كان فيها طعام…واختار ابن خويزمنداد إجراء اللفظ على حكمه في أصل الوضع من غير مراعاة سببه. [إيضاح المحصول ص: 290].

ـ قوله بأن خبر الواحد يفيد العلم، وقد تفرد به ابن خويزمنداد عن مالك، واختاره مذهبا ونصره، وأطال الحجاج عليه. [إيضاح المحصول ص: 442]، شذوذ أنكره عليه علماء المذهب. [ترتيب المدارك 7/77، الديباج المذهب ص:363].

ـ ذهابه مذهب تقديم القياس على خبر الآحاد. [المنهاج في ترتيب الحجاج ف 245].

ـ قوله بحجية المرسل وجواز العمل به، ولكن دون المسند، كالشهود يتفاوتون في الفضل والمعرفة، وإن اشتركا في العدالة. [البحر المحيط 6/346].

*************************

أبو الحسن بن القصار (ت398ﻫ).

اسمه:

 هو علي بن عمر بن أحمد الإمام البغدادي القاضي أبو الحسن بن القصار.

شيوخه وتلاميذه:

تفقه بأبي بكر الأبهري، وأخذ عن علي بن الفضل السامري [ترتيب المدارك 7/70].

وأخذ عنه جلة من أصوليي المذهب وفقهائه، منهم: عبد الوهاب بن نصر القاضي، و ابن عمروس البغدادي، وأبو ذر الهروي. [ترتيب المدارك 7/71].

مكانته في علم الأصول:

قال القاضي عياض: «كان أصوليا نظارا، ولي قضاء بغداد، وقال أبو ذر: «هو أفقه من لقيت من المالكيين، وكان ثقة قليل الحديث». [ترتيب المدارك 7/70، الديباج المذهب ص: 296]. وصفه مخلوف بقوله: «الفقيه الأصولي». [شجرة النور ص:92].

مؤلفاته الأصولية:

 له مقدمة مختصرة في الأصول: صدر بها كتابه عيون الأدلة في مسائل الخلاف، قال في مستهلها: «هذه مقدمة من الأصول في الفقه، ذكرتها في أول مسائل الخلاف، ليفهمها أصحابنا، ولم أستقص الحجج عليها؛ لأنه لم يكن مقصودي ذلك» [ المقدمة في الأصول لابن القصار ص:17 تحقيق محمد بن حسين السليماني ط دار الغرب الإسلامي 2008]، «وتعتبر «المقدمة في الأصول» أقدم نص أصولي مطبوع  بعد رسالة الإمام الشافعي» كما يقول السليماني. [مقدمة  محقق مقدمة ابن القصار ص:11].

آراؤه الأصولية:

يعد ابن القصار في مقدمته الأصولية هاته من قدماء المالكية الذين استقرؤوا قواعد المذهب من فروع إمامه، وله تقريرات لأصول المذهب، نقتصر منها على نماذج:

ـ استقراؤه  وجوب النظر والاستدلال، قال: «وجوب النظر والاستدلال هو مذهب مالك- رحمه الله – في سائر أهل العلم لأنه قد استدل في مسائل باستدلالات، واحتج بقياسات» [مقدمة ابن القصار تحقيق مصطفى مخدوم ص: 137 ط دار المعلمة 1999].

ـ استقراؤه من تصرفات الإمام مالك أن الأوامر على الفور، واحتج له قوله: «ليس عن مالك – رحمه الله- في ذلك نص، ولكن مذهبه يدل على أنها على الفور؛ لأن الحج عنده على الفور، ولم يكن ذلك كذلك إلا لأن الأمر اقتضاه» [مقدمة ابن القصار ص: 288].

ـ استقراؤه أن الإجماع الذي يعتبر حجة لا يختص بعصر الصحابة قال: «مذهب مالك -رحمه الله- وغيره من الفقهاء: أن إجماع الأعصار حجة» [مقدمة ابن القصار ص: 320]، قال محتجا: «ولأن الحق لا يجوز أن يخرج عن كل عصر، فثبت أن إجماع كل عصر حجة» [مقدمة ابن القصار ص: 324].

ـ نقله عن مالك أنه يقصر اللفظ الوارد على سببه، ولا يحمل على العموم إلا إذا دل دليل عليه، قال في مقدمته: «ومذهب مالك- رحمه الله – قصر الحكم على السبب الذي خرج اللفظ عليه متى خلا مما يدل على اشتراك ما تناوله اللفظ معه» [مقدمة ابن القصار ص:296].

 ـ ذهابه مذهب الجمهور أن خبر الواحد يفيد الظن، فيُوجب العمل دون العلم [إحكام الفصول 1/م 288].

ـ استقراؤه من تصريحات الإمام مالك جواز الاحتجاج بالحديث المرسل الذي يتحرز فيه مرسِله،  قال: «مذهب مالك رحمه الله قبول خبر الواحد العدل، وأنه يوجب العمل دون القطع على غيبه» [مقدمة ابن القصار ص: 212].

ـ ومنها استقراؤه من المذهب أن الأمر  يقتضي التكرار إذا تجرد، قال: «ليس عن مالك -رحمه الله – فيه نص، ولكن مذهبه عندي يدل على تكراره إلا أن يقوم دليل، والحجة لذلك حديث سراقة لما سأل النبي صلى الله عليه وسلم فقال: أحجتنا هذه لعامنا أم للأبد ؟…» [مقدمة ابن القصار ص: 291-292].

ثم قال بعد ذلك مرجحا خلافه: «وعندي أن الصحيح، هو أن الأمر إذا أطلق يقتضي فعل مرة وتكراره يحتاج إلى دليل والدليل على ذلك…» [مقدمة ابن القصار ص:296].

********************

أبو تمام البصري (طبقة ابن القصار (ت 398ﻫ))

اسمه:

هو أبو تمام علي بن محمد بن أحمد البصري [ترتيب المدارك: 7/76].

شيوخه

تفقه بالأبهري [ترتيب المدارك 1/199].

مكانته في علم الأصول:

ما قيل عنه أصوليا:

قال عياض: «وكان جيد النظر، حسن الكلام حاذقاً بالأصول» [ترتيب المدارك 1/199].

مؤلفاته الأصولية:

 له كتاب في أصول الفقه [ترتيب المدارك 1/، 199الديباج ص 296: [387]].

آراؤه الأصولية:

من آرائه الأصولية التي نقلها عنه الأئمة:

ـ قوله: إن الأمر المجرد لا يقتضي التكرار كما حكاه الباجي عن عامة المالكية [إحكام الفصول 1/207،م61].

ـ قوله بحجية دليل الخطاب، وبه قال جمهور المالكية [إحكام الفصول 2/ 520،م551].

ـ ذهابه مذهب الجمهور في خبر الواحد أنه يفيد الظن قال: «إن مذهب مالك في أخبار الآحاد أنها توجب العمل دون العلم» [إحكام الفصول1/329، م 288].

ـ قوله بجواز الاحتجاج بالحديث المرسل [إحكام الفصول 1/355،م 320].

ـ قوله بعدم جواز تخصيص العلة، قال الباجي: «ثبوت العلة مع عدم الحكم مفسد لها، وهو نقض؛ هذا قول جميع شيوخنا الذين بلغتنا أقوالهم؛ وبه قال أبو تمام البصري» [إحكام الفصول 2/660،م 703].

ـ قوله بعدم حجية عمل أهل المدينة الذي طريقه النقل دونما كان طريقه الاجتهاد والنظر [ترتيب المدارك 1/50].

ـ قوله: إن المصيب واحد من جملة سائر المجتهدين، حيث ذكر أبو تمام «أن مذهب مالك أن الحق في واحد من أقاويل المجتهدين، وليس ذلك في جميع أقاويل المختلفين، وبه قال أكثر الفقهاء» [شرح صحيح البخاري لابن بطال (10/781) ط مكتبة الرشد (2004م)].

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. للأسف كثير من الكتب الأصولية الثمينة مفقودة ولم يصلنا منها إلا ما نقله بعض العلماء الأخيار من أقوالهم، مما يبرز عنايتهم الفائقة بالدرس الأصولي.

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق