الرابطة المحمدية للعلماء

أزمة الضمير الإنساني: المجاعة في ظل الوفرة؟!

صندوق دولي وآخر إسلامي لمواجهة أزمة الغذاء العالمية


أعربت
العديد من المنظمات الإنسانية الأممية عن قلقها بخصوص تفاقم الأزمة المترتبة عن
ارتفاع أسعار بعض المواد الغذائية الأساسية، حيث
قدر البنك الدولي ارتفاع أسعار القمح بنسبة 181 في المائة خلال الثلاث سنوات
الأخيرة، أما ارتفاع أسعار الغذاء فقد بلغ حوالي 83 في المائة عن نفس المدة.

 الأمر الذي أدى إلى اندلاع مظاهرات عنيفة في عدد
من بلدان العالم خلال الأشهر الأخيرة، وهو ما جعل الأمين العام لمنظمة الأمم
المتحدة “بان كي مون” يؤكد أن “الأزمة الغذائية التي تتفاقم في
العالم قد بلغت مستوى يتطلب اتخاذ إجراءات طارئة”.

ويفسر
الخبراء الاقتصاديون ارتفاع أسعار المواد الغذائية بالطفرة الاقتصادية التي عرفتها
كل من الصين والهند؛ بحيث إن كلا منهما أمست تستورد المزيد من المواد الغذائية، وارتفاع
سعر برميل النفط الذي بلغ 135 دولارا، والمضاربة بالمواد الغذائية، إلى جانب العوامل
المناخية كالفيضانات والجفاف، فضلا عن تخصيص مساحات زراعية كبرى من القمح، والذرة،
وقصب السكر، والصويا  لصناعة الوقود
البيولوجي. الأمر الذي جعل المقرر الخاص الأممي المكلف بالحق في الغذاء يتحدث عن
“جريمة ضد الإنسانية”.

وفي هذا الإطار، فقد
أطلق الأمين العام للأمم المتحدة فريق عمل لضمان استجابة دولية قوية ومنسقة إزاء أزمة
الغذاء.وقد تقرر أن يضم رؤساء الوكالات الرئيسية مثل صندوق النقد الدولي، والبنك
الدولي، وبرنامج الغذاء العالمي، ومنظمة الأغذية والزراعة، ومنظمة التجارة
العالمية، ومنظمة الصحة العالمية، والصندوق الدولي للتنمية الزراعية، على أن يعمل
هذا الفريق على وضع استراتيجية
بشأن الاستجابات على المديين القصير والطويل لضغوط إمدادات الغذاء. لكن، رغم أن
الصندوق المركزي للاستجابة الطارئة مخصص لمواجهة مثل هذه الأزمات إلا أن “جون
هولمز” أكبر مسؤولي المساعدات الإنسانية بمنظمة الأمم المتحدة شكك في قدرته
على الوفاء بكل الاحتياجات…

ووجه
المفارقة بخصوص أزمة المجاعة الحالية؛ أنه بينما كانت المجاعات التي عرفها العالم
سابقا تعود، في معظمها، إلى نقص في الغذاء، ناتج عن عوامل محددة كالحروب، أوالجفاف،
أوالكوارث الطبيعية، فإن الأزمة الحالية تتزامن مع وفرة في المواد الغذائية، لكن
بأسعار مرتفعة تتجاوز القدرة الشرائية للطبقات المتوسطة والفقيرة. الأمر الذي دفع “كريستيان
بيرتيوم” إلى القول “إن المجاعة اليوم اتخذت وجها آخر”.

كما
اعتبرت، بصفتها المتحدثة باسم برنامج الغذاء العالمي، أن المنظمة الأممية المكلفة
بتقديم المساعدات الغذائية إلى أكثر من 73 مليون شخص يعانون من نقص في الغذاء في
80 بلدا، “تجد نفسها اليوم أمام خيارات مؤلمة إذا لم تتجند الدول وتوفي
بوعودها لمواجهة ارتفاع أسعار شراء المواد الغذائية.

ومن
جهتها، فقد اعتبرت الناطقة باسم صندوق الأمم المتحدة لرعاية الطفولة في جنيف، “فيرونيك
تافو” أن أزمة ارتفاع أسعار المواد الغذائية قد تدفع العائلات الفقيرة إلى وقف
تعليم أبنائها في بعض البلدان النامية بغرض توجيههم إلى سوق العمل للمساعدة في رفع
مستوى دخل أسرهم.

وتأتي
هذه الأزمة في أسعار المواد الغذائية في وقت لا تزيد فيه تغطية ميزانية برنامج
الغذاء العالمي عن حوالي 800 مليون دولار، في الوقت الذي تصل فيه قيمة الاحتياجات
الغذائية لعام 2008 إلى حوالي2،9 مليار دولار.ومما يعكس مدى أزمة قيم التضامن في
العلاقات الدولية الراهنة؛ أنه بينما طالب برنامج الغذاء العالمي المانحين بمبلغ
إضافي في حدود 500 مليون دولار لمواجهة الارتفاع المسجل في أسعار المواد الغذائية
الأساسية لم يصله سوى 14 مليون دولارا.وفي هذا السياق فقد اضطر برنامج الغداء
العالمي إلى وقف توزيع حوالي 450 ألف طن وجبة غذائية يوميا في كمبوديا بفعل تنصل
الشركات الملتزمة بتقديم هذه الوجبات من التزاماتها بغرض بيع المنتوج في السواق
بأسعار أغلى..

كما
أن عدد الأشخاص الذين يعانون من سوء التغذية، في ارتفاع مستمر؛ حيث يبلغ عددهم
اليوم حوالي 850 مليون شخص، بعد أن كانوا في حدود 800 مليون قبل سبعة أعوام. ويعد الأطفال الصغار، المهددين بمواجهة مشكلات صحية طوال حياتهم جراء نقص
التغذية، وكذا النساء الحوامل والمرضعات من بين أكثر الفئات تضررا من أزمة الغذاء
في الدول النامية.

في الوقت الذي تضاعفت
فيه أسعار السلع الغذائية حول العالم بنسبة 100% خلال السنوات الخمس الأخيرة حذرت
مؤسسات عربية وعالمية من أن تعرض هذه الأزمة إلى إضافة أكثر من 200 مليون طفل إلى
لائحة الأطفال الذين يعانون من المجاعة حول العالم..

ولمواجهة  مضاعفات هذه الأزمة الغذائية التي تهدد عدداً
من دول العالم ،تقدرها منظمة الأغذية والزراعة بـ37
دولة تواجه نقصا غدائيا حقيقيا، عبرت فرنسا من خلال وزير خارجيتها عن تأييدها إنشاء “صندوق
الغذاء العالمي”، كما أطلقت الكويت مبادرة لإنشاء صندوق غذاء
إسلامي أطلقت عليه “صندوق الحياة الكريمة”، وساهمت فيه بمبلغ 100 مليون
دولار، و يهدف لتوفير السلع الغذائية للمحتاجين في الدول الإسلامية في ظل أزمة
ارتفاع أسعار الغذاء التي تضرب العالم. علما أن هذا البنك لن يكتفي بتوفير السلع الغذائية
الرئيسية ولكنه سيسهم كذلك في برامج لزيادة الإنتاج الزراعي.

ووعيا من السيد”دومينيك
شتراوس”، رئيس صندوق النقد الدولي، بخطورة الوضع فقد حذر من أن يؤدي تسارع
وتيرة ارتفاع أسعار المواد الغذائية  إلى
تدمير اقتصاد الكثير من دول العالم.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق