مركز الدراسات والأبحاث وإحياء التراثقراءة في كتاب

أجوبة ابن القاسم الجزيري تـ608هـ

  اهتم علماء الأندلس أكثر من غيرهم بموضوع الفتاوى أو النوازل الفقهية، ويتجلى ذلك في الكمِّ الهائل من نصوصهم في هذا الموضوع التي تحتفظ بها الخزائن العامة والخاصة، وقد أبانوا فيها عن إطلاعهم الواسع وعلو كعبهم في استنباط الأحكام من أدلتها التفصيلية، ومن أبرزهم القاضي الفقيه المقرئ، النحوي الحافظ المتفنن أبو القاسم عبد الرحمن بن علي بن يحيى بن القاسم الجَزِيري الخَضراوي (ت 608هـ)، الذي أخذ عن جماعة من العلماء كأبيه القاضي أبي الحسن، وأبي الوليد بن رشد، وابن ملكون وغيرهم، واشتهر رحمه الله بنبوغه العلمي وحسن سيرته، وكان من المشتغلين بخطة التوثيق، وعرفه الناس بحسن سيرته وصفاء سريرته، وهو ما جعل غير واحد من العلماء يخصونه بعبارات المدح والثناء، منهم العلامة ابن عبد الملك المراكشي (تـ703هـ) الذي قال فيه: «كان متفننا في المعارف، مقرئا مجودا، نحويا ماهرا، فقيها حافظا، متحققا بذلك كله، تصدر لإقرائه والإفادة به»، وقال فيه إبراهيم بن الزبير الغرناطي (تـ708هـ):«كان من أهل المعرفة بالعربية وصناعة التوثيق، معتدل الخلق، سالم الصدر، عدلا فاضلا».

  ويعتبر الفقيه ابن القاسم واحدا من الذين أسهموا في إثراء المكتبة الإسلامية عامة، وخزانة المذهب المالكي خاصة بتأليفه المفيد الموسوم بـ «الأجوبة»، الذي أفصح في مقدمته عن سبب تأليفه، المتمثل في مجموعة من الأجوبة عن أسئلة أحد السائلين بقوله: « أما بعد، فإني أجبت لسائل عما قرأت من مسائل المذهب».

  والمطالع للكتاب يجد أن مؤلفه لم يَحِدْ فيه عن منهج كتب الفقه، حيث استوعب أغلب الأبواب الفقهية الكبيرة المعروفة، جاعلا تحتها مسائل فرعية، إلا أنه تفرد بزيادة أبواب أخرى نادرا ما نجدها في كتب الفقه المالكي مثل: باب الثلث، باب في مسائل العيوب، باب من مسائل الدلالين، باب في مسائل النحل، باب في سرقة النحل والطير، باب في الضرر، باب في أخذ الكفاف، باب في مسائل الغلات وغيرها.

  وقد سلك المؤلف رحمه الله في أجوبته على المسائل الفقهية، منهجا رصينا، يتسم بالإيجاز والاختصار غير المخلّين بالمقصود، مكتفيا ببيان الحكم الشرعي على المسألة دون الحاجة إلى سوق النصوص، إلا نادرا جدا، في أسلوب واضح، خال من التعقيد.

  ولعل سعة ثقافة المؤلف، جعلت موارده في الكتاب جد متنوعة، فإلى جانب الكتاب والسنة، كان اعتماده على أقوال واختيارات أئمة المذهب المالكي كالإمام مالك، وابن حبيب، وسحنون، وابن الماجشون، وابن يونس، واللخمي، وغيرهم، كما اعتمد على كتب وثائق وأحكام من قبله كالوثائق لابن مغيث(ت459هـ)، والأحكام لابن سهل(ت486هـ).

الكتاب: الأجوبة لابن القاسم.

– المؤلف: عبد الرحمن بن علي بن يحيى الجزيري الأندلسي (ت 608 هـ).

– تحقيق : مصطفى باحو.

– الناشر: طوب بريس- الرباط، الطبعة الأولى: غشت 2010.

إنجاز: ذ. عبد الكريم بومركود.

Science

الدكتور عبد الكريم بومركود

باحث مؤهل بمركز الدراسات والأبحاث وإحياء التراث بالرابطة المحمدية للعلماء الرباط

مقالات ذات صلة

‫2 تعليقات

  1. السلام عليكم سيدي عبد الكريم وفقك الله وسددك واعانك وجملك بكريم فضله ونواله، لو تكرمت بذكر سنوات وفاة بعض اهل العلم الذين وردوا في النص لبلغ الغاية في الحسن، والى فرصة قادمة ان شاء الله تعالى والله يرعاك

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق