مركز دراس بن إسماعيل لتقريب المذهب والعقيدة والسلوكأعلام

أبو العباس أحمد بن علي المنجور (ت995هـ):

إعداد: ذ. عبد الرحيم السوني

باحث بمركز دراس بن إسماعيل

هو الشيخ الحافظ العلامة المتفنن المسند أبو العباس أحمد بن علي بن عبد الرحمن المنجور. الفاسي المولد والدار، ولد بها سنة (926هـ). أخذ العلم عن الشيوخ الذين عليهم الاعتماد وإليهم المرجع في الإسناد، منهم اليَسِّيتني، وهو عمدته، وأبو زيد سُقَيْن العاصمي، وأبو الحسن ابن هارون، وعبد الواحد الونشريسي، والزَّقاق، وغيرهم ممن جمع أسماءهم في فهرسته الحافلة، وهي منشورة، ومن خلال مطالعتها يتبين حرصه وجديته في طلب العلم، وسلوك طريقه، والنهل من ينابيعه، فقد حاز من كل فَنٍّ بأوفر حظ ونصيب، إلى أن غَدا عالما متبحرا في علم الأصول والفقه، عارفا بتاريخ الملوك والسير، وبرجال الحديث، وطبقات العلماء وأيامهم، وعلم البيان، والمنطق، والحساب، والفرائض، فاق في ذلك أهل زمانه، وبالجملة فهو كما قال بعضهم: “آخر الناس بالمغرب، ولم يكن مثله في الفنون بالمغرب”.   

انتفع به كثير من الفقهاء الأعلام، منهم قاضي الجماعة الفقيه الفهامة أبو عبد الله الرجراجي، والقاضي إبراهيم الشاوي، وقاضي الجماعة بفاس بلقاسم ابن النعيم، وقاضي سلا ومكناسة أحمد ابن أبي العافية الشهير بابن القاضي صاحب درة الحجال وجذوة الاقتباس، لازمه طويلا، وغيرهم. والعلامة المنجور معروف بالتحقيق والتدقيق، وحسن الإلقاء والتقرير، وكان كثير القراءة والمطالعة، شديد الإدراك والفهم، حتى قيل: إن فهمه لايقبل الخطأ، ثَبْتا في النقل ورعا فيه، يكاد لا يفارق لسانه «لا أدري»، أو «حتى أنظر» أو ما شابه ذلك، وكانت فيه حِدَّة.

اتسم في حياته بالصلاح والزهد؛ فكان لا يفتر عن قراءة القرآن إلا وقت المطالعة أو التأليف أو الإقراء أو ضروراته، شديد الاتباع للسنة، متقشفا مكتفيا بما تيسر له من المأكول والملبوس، وغيرها من الصفات والشمائل التي اتفقت عبارات العلماء على تحليته بها، كما وصفه غير واحد من مترجميه بالحفظ والعلم والمعرفة، فقال عنه تلميذه ابن القاضي (ت1025هـ) في درة الحجال: «الشيخ الإمام الفقيه المعقولي، كان آية من آيات الله تعالى في المعقول والمنقول، وكان أحفظ أهل زمانه وأعرفهم بالتاريخ وغيره». وقال أحمد بابا التنبكتي (ت1036هـ) في نيل الابتهاج: «هو آخر الناس بفاس لم يخلف بعده مثله». وقال أبو سالم العياشي (ت1090هـ) في رحلته: «حافظ المغرب من المتأخرين وإمام المحققين». ووصفه المحبي (ت1111هـ) في خلاصة الأثر بقوله: «الإمام المتفنن الأستاذ». وحلّاه محمد بن جعفر الكتاني (ت1345هـ) في سلوة الأنفاس بقوله:  «الشيخ الإمام، عالم الأعلام، ومفتي الأنام، محيي الدين والسنة، ونجم الأمة، الفقيه المعقولي، المحدث الأصولي».

له ـ رحمه الله ـ مؤلفات منها: فهرسته الكبرى التي ألفها باسم سلطان المغرب أبي العباس أحمد المنصور السعدي، وفهرسة صغرى، وشرحان على نظم ابن زكري في علم الكلام، مطول ومختصر، ومراقي المجد في آيات السعد، وحاشية على كبرى السنوسي، وأخرى على الصغرى، وشرح المنهج المنتخب لأبي الحسن الزقاق، واختصر من الشرح كتابا سمّاه المُذهب، وشرح نظم علاقات المجاز لابن الصباغ الخزرجي المكناسي، وشرح المختصر من ملتقط الدرر، وله نظم رائق، وغير ذلك.

توفي رحمه الله منتصف ذي القعدة ليلة الإثنين سنة (ت995هـ)، ودفن خارج باب الفتوح بفاس متصلا بقبر شيخه اليسيتني رحمهما الله جميعا.

تنظر ترجمته في:

ـ جذوة الاقتباس، 1/135-136.

ـ نيل الابتهاج، لأحمد بابا التنبكتي، ص: 143-144.

ـ الاستقصا، للناصري، 5/191.

ـ فهرس الفهارس، لعبد الحي الكتاني، 2/566-567.

ـ سلوة الأنفاس، 3/77-79.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق