مركز ابن أبي الربيع السبتي للدراسات اللغوية والأدبيةمفاهيم

مفهوم المعاني العقم عند الجاحظ وأثره في البلاغة العربية

مفهوم المعاني العقم عند الجاحظ وأثره في البلاغة العربية
د. محمد الحافظ الروسي
أورد الحاتمي (ت: 388 هـ) في “حلية المحاضرة” قصة طويلة، عليها أثر الوضع، زعم أنها جرت بين الرشيد وبين الأصمعي، (122 ـ 216 هـ) وفيها:”.. ثم قال الرشيد: أتعرفُ يا أصمعي تشبيها أفخمَ وأعظمَ، في أحقر مشبه وأصغره، وأندرَ شيء في أحسن معرض، من قول عنترة، الذي لم يسبقه إليه سابق، ولا نازعه منازعٌ، ولا طمع في مجاراته فيه طامع، حين شبه ذباب الروض العازب في قوله:
وخـلا الذبـابُ بها يـغـنـي وحــــــده غــرداً كـفـعـــل الشــــاربِ المترَنِّــمِ
هـزجـا يـحـك ذراعـــه بذراعــــــــه فعلَ المكبِّ على الزنـــادِ الأجـذَمِ
ثم يا أصمعي، هذا من التشبيهات العقم التي لا تنتج، وشبهت بالريح العقيم التي لا تنتج ثمرة، ولا تلقح شجرة..”.(1)
إن هذا النص الذي ذكرناه يعد من أقدم نص أَطلق على ملاحظة ذكرها الجاحظ في عدد من كتبه مصطلحا جامعا هو مصطلح: التشبيهات العقم، وفسر المعنى اللغوي لهذا المصطلح، وإن نسب الملاحظة لغير صاحبها. وهي نسبة لم يعبأ بها النقاد بعده، باستثناء المظفر العلوي (ت: 656 هـ) في “نضرة الإغريض”، فيما نعلم.

 أورد الحاتمي (ت: 388 هـ) في “حلية المحاضرة” قصة طويلة، عليها أثر الوضع، زعم أنها جرت بين الرشيد وبين الأصمعي، (122 ـ 216 هـ) وفيها:”.. ثم قال الرشيد: أتعرفُ يا أصمعي تشبيها أفخمَ وأعظمَ، في أحقر مشبه وأصغره، وأندرَ شيء في أحسن معرض، من قول عنترة، الذي لم يسبقه إليه سابق، ولا نازعه منازعٌ، ولا طمع في مجاراته فيه طامع، حين شبه ذباب الروض العازب في قوله:

وخـلا الذبـابُ بها يغني وحده            غـرداً كـفـعـل الشــاربِ المترَنِّـمِ

 هـزجـا يحك ذراعه بذراعـه            فـعلَ المكبِّ عـلى الزنــادِ الأجـذَمِ

ثم يا أصمعي، هذا من التشبيهات العقم التي لا تنتج، وشبهت بالريح العقيم التي لا تنتج ثمرة، ولا تلقح شجرة..”.(1)

 إن هذا النص الذي ذكرناه يعد من أقدم نص أَطلق على ملاحظة ذكرها الجاحظ في عدد من كتبه مصطلحا جامعا هو مصطلح: التشبيهات العقم، وفسر المعنى اللغوي لهذا المصطلح، وإن نسب الملاحظة لغير صاحبها. وهي نسبة لم يعبأ بها النقاد بعده، باستثناء المظفر العلوي (ت: 656 هـ) في “نضرة الإغريض”، فيما نعلم.

ولعل الإشارة الأولى في كتب الجاحظ لبيتي عنترة هي الواردة في كتاب “البرصان”، وذلك عند حديثه عن بيت النمر بن تولب:

كَـأَنَّ مِـحَـطـاًّ فِـي يَـدَيْ حـارِثـِيَّةٍ          صَنَـاعٍ عَـلَتْ مِنِّي بِـهِ الـجِلْدَ مِنْ عَـلُ(2)

إذ قال:” ..وما أحسن ما قال النمر بن تولب، ولقد جهدتُ أن أُصيبَ بيتَ شعرٍ مثلَ هذا للعرب فما قدرتُ عليه، وكذلك قول عنترة:

فترى الذبـابَ بها يغـني وحـده             هزجا كـفـعل الشـاربِ المترَنِّــــمِ

غــردا يـحـك ذراعـه بذراعـه           فعـلَ المكبِّ على الزنـــادِ الأجـذَمِ”.(3)

وقد أصبح بيت عنترة بعد ذلك أشهرَ مثال على التشبيهات العقم في كتب النقد والبلاغة، إذ إن الجاحظ نفسه ترك بيت النمر إلى بيت عنترة واتخذه مثالا على ما يريده، فكأن بيت عنترة كان في نفسه أدل على ما يقصده. وآية ذلك أنه أورد، بعد ذلك، بيت النمر في الحيوان(4)، عند حديثه عن تقبض جلد الكبير، دون الإشارة إلى أنه لم يصب بيتا مثله في معناه، وهو الأمر الذي كان يردد القول فيه كلما تعرض لبيت عنترة.

إذ قال في “البيان” مشيرا إلى ضيق المجال على الشاعر المحدث بسبب كثرة الشعر السابق وجودته وما يوصف به من فضل السبق، وكيف استطاع عنترة أن يخرج من هذا المأزق ببيت واحد:” قالوا: لم يدع الأول للآخِر معنى شريفا ولا لفظا بهيا إلا أخذه، إلا بيت عنترة..” (5).

ويظهر أن الجاحظ أصبح أقدر على تفصيل القول في هذا المعنى في أواخر عمره، وذلك قوله في “الحيوان”:” ولا يُعلم في الأرض شاعرٌ تقدَّمَ في تشبيه مصيبٍ تام، وفي معنى غريبٍ عجيبٍ، أو في معنى شريف كريم، أو في بديعٍ مخترع، إلا وكلُّ مَن جاء من الشعراء مِن بَـعْدِهِ أو معه، إن هو لم يَعْدُ على لفظه فيسرقَ بعضه أو يدَّعيه بأسره، فإنه لا يدع أن يستعين بالمعنى، ويجعلَ نفسه شريكا فيه؛ كالمعنى الذي تتنازعه الشعراءُ فتختلفُ ألفاظهم، وأعاريضُ أشعارهم، ولا يكونُ أحدٌ منهم أحقَّ بذلك المعنى من صاحبه. أو لعله أن يجحد أنهُ سمع بذلك المعنى قطُّ، وقال إنه خطر على بالي من غير سماعٍ، كما خطر على بال الأول. هذا إذا قرعوه به. إلا ما كان من عنترة في صفة الذباب؛ فإنه وصفه فأجاد صفته فتحامى معناهُ جميعُ الشعراءِ فلم يعرض له أحد منهم. ولقد عرض له بعض المحدثين ممن كان يحسن القول، فبلغ من استكراهه لذلك المعنى، ومن اضطرابه فيه، أنه صار دليلا على سوء طبعه في الشعر. قال عنترة:

جَـادَتْ عَـلَيْـهَا كُـلُّ عَـيْـنٍ ثَـرَّةٍ            فَـتَرَكْـنَ كُلَّ حَدِيقَةٍ كَـالـدِّرْهَـمِ

فترى الذبـابَ بها يـغني وحـده                هزجا كـفعل الشـاربِ المترَنِّــمِ

غــردا يـحـك ذراعــه بذراعـه           فعلَ المكبِّ على الزنـــادِ الأجـذَمِ

قال: يريد فعلَ الأقطعِ المكبِّ على الزنادِ. والأجذم: المقطوع اليدين. فوصف الذُّباب إذا كان واقعا ثم حكَّ إحدى يديه بالأخرى، فشبهه عند ذلك برجل مقطوع اليدين، يقدح بعودين. ومتى سقط الذبابُ فهو يفعل ذلك.

ولم أسمع في هذا المعنى بشعر أرضاه غير شعر عنترة”(6).

وهذا أحد نصين وردا في الحيوان يذكر فيهما الجاحظ مسألة غلبة عنترة على هذا المعنى. وقد زعم في أولهما أن امرأ القيس لو عرض في هذا المعنى لعنترة لافتضح(7).

وكرر ما يشبه ذلك الزعم هنا، غير أنه فتح معه أبوابا من النقد تبعه فيها أهل هذا الفن. منها أنه أدخل هذين البيتين في مبحث السرقات، وذكر معهما جملة من مصطلحات هذا الباب وهي: السرقة، والاستعانة، والتنازع، والتوارد. وذكر الغلبة على المعنى وبين دليلها الذي هو الافتضاح. وأشار إلى ابن الرومي دون أن يذكره بالاسم. وترك للنقاد بعده تعيين موطن تعرضه لبيتي عنترة في شعره. وذلك قوله يصف روضة:

وَغَرَّدَ رِبْعِيُّ الذُّبابِ خِلاَلهَا                      كَمَا حَثْحَثَ الـنَّشْوَانُ صَنْجاً مُـشَرَّعا

فكانت لها زِنج الذباب هناكم                         على شدوات الطير ضرباً مُوقَّعَـا(8)

وخلاصة الأمر هنا أن عنترة لم يـُسبق إلى هذا المعنى، فله لذلك فضلٌ على الأقدمين، ولم ينازع فيه، فله لذلك فضلٌ على اللاحقين(9).  وهذا رأي نجد مثله في الشعر والشعراء لابن قتيبة (ت: 276 هـ)، ونقله بنصه العسكري (ت: حوالي: 395 هـ ) في الصناعتين(10)، وديوان المعاني(11).

غير أن الذي لا نعلم من أي كتب الجاحظ نُقِل زيادةٌ وردت في زهر الآداب للحصري (ت: 453 هـ)هي قوله:” قال الجاحظ: نظرنا في الشعر القديم والمحدث فوجدنا المعاني تُقلب ويُؤخذ بعضُها من بعض، غير قول عنترة في الأوائل:

وخـلا الذبـابُ بها يـغـنـي وحــده          غــرداً كـفـعـل الشـاربِ المترَنِّـمِ

هـزجـا يـحـك ذراعـــه بذراعـــه          قدحَ المكبِّ على الزنـــادِ الأجـذَمِ

وقولِ أبي نواس في المحدثين:

قرارتَـهَا(12) كسرى وفي جَنَبَاتِها                     مهاً تدَّرِيها بالقسِيِّ الفـوارسُ(13)

فللراح ما زُرَّتْ(14) عليه جيوبُها                   وللماءِ ما دارتْ عليه القلانسُ”(15).

وقد اتفق العلماء بعد الحصري على صحة هذا النقل، على تصريح بعضهم أنه نقل هذا النص عن غير الجاحظ، وذلك كابن الأثير(ت: 637 هـ) في المثل السائر، إذ قال: “ويحكى عن الجاحظ أنه قال..” (16).  ولعل معظمهم إنما نظر في الزهر، وذلك كابن بسام(ت: 542 هـ) في الذخيرة(17)  وعنه نقل الصفدي (ت:764 هـ) في الكشف والتنبيه(18) ، وكالشريف السبتي(ت: 760هـ) في رفع الحجب(19)،  والعباسي(ت: 963 هـ) في معاهد التنصيص(20).

ومع نسبة هذه الزيادة للجاحظ فإن العلماء لم يتلقوها بالتسليم كما تلقوا بيت عنترة بالتسليم. وذلك من ثلاث جهات:

أولها: جهة السبق. وهذه مسألة حكى فيها المبردُ الإجماعَ. قال ابن الأثير:” وقرأتُ في كتاب “الروضة” لأبي العباس المبرد، وهو كتاب جمعه، واختار فيه أشعار شعراءَ، بدأ فيه بأبي نواس، ثم بمن كان في زمانه، وانسحب على ذيله، فقال فيما أورده من شعره: وله معنى لم يُسبق إليه بإجماع، وهو قوله:

تُدار علينا الراحُ في عَسْجَدِيَّةٍ           حَبَتْهَا بأنواع التصاويــــــر فارسُ

قرارتَـهَا كسرى وفي جَنَبَاتِهـــا      مهاً ثَوَّرَتْها بالعشيِّ الفــــــوارسُ

فللراح ما زُرَّتْ عليه جيوبُها  وللماءِ ما دارتْ عليه القلانسُ”(21).

ورأيُ ابن رشيق(ت: 456 هـ) أن أبا نواس إنما أخذ هذا المعنى بروية وذكاء من امرئ القيس. قال في العمدة:” وهذا عندهم مما سبق إليه أبو نواس؛ وأرى ـ والله أعلم ـ أنما تَحَلَّقّ على المعنى من قول امرئ القيس:

فلما استطابوا، صُبَّ في الصَّحْنِ نصفُهُ             وَوَافَى بماءٍ غيرِ طَرْقٍ، ولا كَدِرْ

ويُروى: “وَوَفَّوْا”، وإياه أردتُ. ويُروى:”استظلوا”، من الظل، مكان: “استطابوا”. جعلَ الماءَ والشرابَ قسمين لقوة الشراب، فتسَلَّقَ الحَسَنُ عليه، وأخفاهُ بما شغلَ به الكلامَ من ذكرِ الصورةِ المنقوشة في الكؤوسِ، إلا أنها سرقةٌ طريفةٌ مليحة. ولم يكن أبو نواس يرضى أن يتعلق بمن دون امرئ القيس وأصحابه”(22).

وهذا رأي نقله الشريف السبتي في رفع الحجب المستورة(23)، والعباسي في معاهد التنصيص(24)، دون نسبته إلى صاحبه، مع شكهما معا في صحة هذا الرأي.

وثانيها: جهة المنازعة. حيث ذكروا أن عددا من الشعراء استطاعوا نقل معنى أبي نواس، منهم أبو العباس الناشئ(25)، ومنهم الرفاء في قوله:

وموسومةٍ كاساتهــا بفوارس          من الفرس تطفو في المدام وتغرق

تقابَلَ منهم كلُّ شاكٍ سلاحَـــهُ  وفي يـدهِ سـهـمٌ إليَّ مُـفَــوَّقُ

كأنَّ الحَباب المستديــر قــلادةٌ  عليه، وتوريدُ المُدامةِ يَلْمَقُ(26) 

وثالثها: جهة الإبداع. إذ رأيُ ابن الأثير (ت: 637 هـ)أنه لا إبداعَ في هذا المعنى أصلاً، وإنما الشأن في فصاحته. قال في المثل السائر يردُّ على المبرد والجاحظ اعتبارهما هذا المعنى مبتدعا، لم يسبق إليه أبو نواس:” ولا أعلم أنا ما أقول لهما، ولا بي سوى أن أقول: قد تجاوزَ بهم حدَّ الإكثار، ومن الأمثال السائرة: بدونِ هذا يباعُ الحمار!.

وفصاحةُ هذا الشعر عندي هي الموصوفةُ. لا هذا المعنى، فإنه لا كبير كلفةٍ فيه، لأن أبا نواسٍ رأى كأسا من الذهبِ ذاتَ تصاويرَ، فحكاها في شعره.

والذي عندي في هذا أنه من المعاني المشاهَدَة، فإن هذه الخمرَ لم تحملْ إلا ماء يسيراً، وكانت تستغرقُ صورَ هذا الكأس إلى مكان جيوبها، وكان الماءُ فيها قليلاً بقدر القلانس التي على رؤوسها، وهذا حكايةُ حالٍ مشاهدةٍ بالبصر”(27).

ويقصد ابن الأثير بهذا أن التخييل في هذه الأبيات ضعيف، وهذه نظرة حسنة لو تبعه فيها غيره. لأن النظر في هذه الأبيات وفي بيتي عنترة من جهة الأخذ والسبق خاصة نقل البحث فيها إلى باب السرقات، ثم نقله إلى قسم التشبيه من هذا الباب، فكان تحليلها عن طريق موازنتها بغيرها أغلب على أهل النقد والبلاغة من تحليلها عن طريق النظر إليها في نفسها. وبذلك ضاق مجال البحث، واتسع مجال الاختيار وإضافة الأشباه والنظائر. فذكر ابن رشيق في العمدة، مثلا، جملة من الأبيات ألحقها العلماء ببيتي عنترة، واعتبروها عقما منها قول عنترة نفسِهِ في صفة الغراب:

حَرِقُ الجناحِ كأنَّ لَـحْـيَـيْ رَأْسِهِ           جَـلَـمَـانِ، بالأخبارِ هَـشٌّ مُـولَـعُ

وهذا بيت ذكره الجاحظُ في البيان(28)، والحيوان(29)، شاهداً على بيانِ الحالِ، لأن عنترة جعل نعيب الغراب خبرا للزاجر، فهو يُـخَـبِّـرُ بالفرقة والغربة ويقطع كما يقطع الجلمان. ولكنه لم يجعله من المعاني العقم.

ثم ذكر ابن رشيق، بعد ذلك، أبياتا للحطيئة يصف لُغَامَ ناقته، وللشماخ يصف آثار ريش نعامة، ولعدي بن الرقاع يصف قرن الظبي، وللراعي يصف جَعْدَ الرأس، ولبشر بن أبي خازم يصف عروق الأرطى، وقد كشفها ثورٌ، وللطرماح في صفة الظليم، ولذي الرمة في صفة الليل، ولمضرَّس بن رِبْعي في صفة رأس النعامة، وللنابغة في صفة النسور(30).

وظاهر أن هذه الاختيارات كانت معروفة على عهده، وليست من وضعه هو ضرورة، لاعتراضه على بيت منها، وهو قول النابغة في صفة النسور:

تراهنَّ خلفَ القومِ خُزْراً عيونُها         جلوس الشيوخِ في ثياب المرانبِ

قال:” وهذا التشبيه عندهم عقيم، إلا أني أقول: إنه من قول طرفة، يصف عقابا:

وَعَجْزَاءُ دَفَّتْ بالجناحِ كأنَّها         مع الصُّبْحِ شيخٌ في بجادٍ مُقَنَّعُ

وينظر أيضا إلى امرئ القيس قبله:

كأنَّ ثَبيراً فـِي عَـرَانِـيـنِ وَبْـلهِ         كَـبِـيـرُ أُناسٍ فـِي بـِجَـادٍ مُـزَمَّـلِ”(31).

وهذا باب يدل على كثرة المحفوظ، ويُكَثِّرُ الشواهد، ولكنه لا يوسع المفهوم ضرورة، ولا ينظر إليه من جوانب جديدةٍ. حيث يصبح الناقد مجرد حارس على باب المعنى الأول يرد عنه الشعراء، ويفضح أساليبهم الخفية في سرقة المعنى، حيث يبعد النجعة أحيانا كثيرة لكي يدل على غزارة محفوظه، وشدة تنبهه، وحسن ربطه بين المعاني. فتحدثوا عن التعلق بذيل المعنى(32)، مفسرين إشارة الجاحظ إلى تعرض ابن الرومي لبيتي عنترة، دون أن يتنبه معظمهم إلى ربط الجاحظ لهذه المسألة بقضية الطبع. وتحدثوا عن نقل الصفة، ومثال ذلك عند ابن بسام أن ذا الرمة نقل معنى صفة الذباب في بيتي عنترة إلى الجندب” فقال:

كأنَّ رجليه رِجْلاَ مُقْطِفٍ عَجِلٍ         إِذا تَجَاوَبَ مِنْ بُرْدَيــْهِ تَـرْنِــيــمُ

والمُقْطِفُ: راكب الدابة القَطوفِ، فنقل صفةَ يدي الذبابِ إلى رِجْلِ الجندب فأحسن الأخذَ، وكأنه لم يعرضْ لعنترة في معناه”(33).

وهذا زعم تبعه فيه الصفدي (ت: 764 هـ)في الكشف والتنبيه(34)، وهو مع ذلك بعيد. فليس بين المعنيين من مشابهة إلا صفةُ الحركة، وهي حك الذباب ذراعه بالأخرى في بيت عنترة، وضربُ الجندب رجليه في بيت ذي الرمة، وليس هذا محتاجا إلى نقل. والشأن في بيت عنترة إنما هو في قوله: فعلَ المكب على الزناد الأجذم، لا في غيره. والشأن في بيت ذي الرمة إنما هو في تشبيه ضرب الجندب رجليه بضرب رِجل هذا الرَّجل المقطف بعيرَهُ، ولا وجود لهذا المعنى في بيت عنترة(35).  ولكنهم كانوا يرون منذ جعلوا من أقسام التشبيه تشبيهَ الشيء بالشيء حركة وهيئة، وجعلوا من شواهده بيتي عنترة، أن الدقة في هذا التشبيه سببها النظر في الهيئة والحركة. وتلك علامة صدق التشبيه عندهم(36).  فجرهم هذا إلى القول بنقل معنى الصفة.

وقد آل الأمر عند المتأخرين، للأسباب التي ذكرناها، أن أصبح هذا المبحث بابا صغيرا من أبواب البديع سموه: سلامة الاختراع من الاتباع(37)، أو سلامة الابتداع من الاتباع(38). صدروه ببيتي عنترة، وألحقوا به أحيانا جملة من الأمثلة الأخرى نقلوا معظمها عن عمدة ابن رشيق.

ولعلهم لو نهجوا نهج عبد القاهر ( ت: 471 أو 474 هـ)، وحازم ( ت: 684 هـ). في تعرضهما لهذه المسألة لكان بحثهم فيها أكثر اتساعا وأشد عمقا. فقد كان مدخل هذين الرجلين إلى هذا الموضوع مختلفا. أما أولهما فقد نظر إلى المعنى من حيث طبيعته، وبحث في العلاقة بين قوة المعنى وقوة الشاعرية، وجزم بأن القدرة على الاستنباط مرة واحدة لا تدل على قدرة مطلقة، وإنما هي سبق إلى اكتشاف، وعثور على جوهرة واحدة في صدفة ليس فيها غيرها. قال عبد القاهر:”.. وإنا لنعلم من حال المعاني أن الشاعرَ يـَسبقُ في الكثير منها إلى عبارةٍ يــُعْلَمُ ضرورةً أنها لا يجيء في ذلك المعنى إلا ما هو دونها ومنحطٌّ عنها، حتى يُقْضَى له بأنه قد غلب عليه واستبدَّ به، كما قضى الجاحظ لبشار في قوله:

كأنَّ مـثارَ النَّــقْــعِ فوقَ رؤوسنـا      وأسيافَنَـا لـيـلٌ تــَهَـاوَى كَــوَاكِــبُـهْ(39)

فإنه أنشد هذا البيتَ مع نظائره ثم قال:” وهذا المعنى قد غلب عليه بشارٌ، كما غلب عنترة على قوله:

وخـلا الذبـابُ بها فليس ببارحٍ           غـرداً كـفـعـــل الشــــاربِ المترَنِّــمِ

هـزجـا يـحـك ذراعــه بذراعَيه  فعل المكبِّ على الزنـــادِ الأجـذَمِ

قال: فلو أن امرأ القيس عرضَ لمذهب عنترة في هذا لافتضح”(40).

والظاهر أنه أخذ رأيه من عبارة الجاحظ هذه. إذ يقصد الجاحظ أن الأمر لا علاقة له بقوة الشاعرية، فامرؤ القيس عندهم أشعر لا محالة، ولكن له علقة بقوة المعنى. ومعنى ذلك أن التوصل إلى استعمال هذا الضرب من المعاني ليس دالا على قوة مطلقة في النظم اختص بها الشاعر، بدليل أنه لا يستطيع هو نفسه أن يعيد التصرف في ذلك المعنى بضربٍ من التصرف، فلو كان الأمر يعود إلى قوة في الشاعرية، وقدرة على النظم لأمكنه في ذلك ما لم يمكن غيره، ولكنه أمر يعود إلى نفس المعنى وحاله وطبيعته. قال عبد القاهر:” وليس ذاك لأن بشارا وعنترة قد أوتِيَا في علم النظم جملةً ما لم يؤت غيرهما، ولكن لأنه إذا كان في مكانٍ خَبِيئٌ فعثر عليه إنسانٌ وأخذه، لم يبق لغيره مرامٌ في ذلك المكان، وإذا لم يكن في الصَّدَفَةِ إلا جوهرةٌ واحدةٌ، فعمد إليها عامدٌ فشقها عنها، استحالَ أن يَسْتَامَ هو أو غيرهُ إخراجَ جوهرةٍ أخرى من تلك الصدفة”(41).

غير أن عبد القاهر خالف الجاحظ في اعتباره هذا الأمر شديد الندور(42). إذ رأي الجرجاني أن ” ما هذا سبيله في الشعر كثيرٌ لا يخفى على من مارس هذا الشأن”(43). ومعنى ذلك أن كثرة ترديد القول في بيتي عنترة حجب عن الناس أن هذا الأمر له شواهد أخرى، وأنه كثير الحصول. وقد ذكر عبد القاهر من هذه الشواهد جملة(44).

وأما حازم ( ت: 684 هـ) فليس يرى كعبد القاهر في عدم قدرة الشاعر على إعادة التصرف في معنى عقيم هو صاحبه دليلا على أمر يوجد في المعنى نفسه، بل يرى في ذلك دليلا على أن الحال التي تعتري الشاعر غيرُ قابلة للتكرر في كل حين، فالسبب في ذلك يكمن في طبيعة الشاعر لا في طبيعة المعنى. وهو يخالف عبد القاهر في أمر آخر، إذ هو يرى أن التغلغل إلى المعاني العقم مقصور على بعض الأفكار، لذلك فهو علامة على قدرة في الاستنباط والاستخراج تميز الشاعر عن غيره، وليست مسألة وقوع على جوهرة في صدفة، وعثور على خبيئ، كما يقول عبد القاهر. وفي ذلك يقول حازم:” وأما القسم الثالث، وهو كلُّ ما ندر من المعاني فلم يوجد له نظير؛ وهذه هي المرتبة العليا في الشعر من جهة استنباط المعاني، من بلغها فقد بلغ الغاية القصوى من ذلك، لأن ذلك يدل على نفاذ خاطره وتوقد فكره حيث استنبط معنى غريبا واستخرج من مكامن الشعر سرا لطيفا…وما كان بهذه الصفة فهو مُـتَـحَـامًـى من الشعراء لقلة الطمع في نيله، إذ لا يكون المعنى من الغرابة والحسن بحيثُ مرت العصور وتعاورت ذلك الموصوفَ الألسنةُ فلم تتغلغل الأفكارُ إلى مكمنه إلا وهو من ضيق المجال وبُعد الغور بحيث لا يوجد التهدي إلى مثله والتنبهُ إلى مظنة وجدانه في كل فكر، بل ذلك مقصورٌ على بعض الأفكار، وموجودٌ لها في بعض الأحوال دون بعضٍ.

… والمعاني التي بهذه الصفة تسمى العقم، لأنها لا تُلقح ولا تحصل عنها نتيجة ولا يـُقتدح منها ما يجري مجراها من المعاني. فلذلك تحاماها الشعراءُ وسلموها لأصحابها، علما منهم أن من تعرض لها مفتضِحٌ.

ألا ترى أنهم عابوا على ابن الرومي ـ وحظه من الاختراع الحظُّ الأوفر ـ تعرضَهُ لقول عنترة:

وخلا الذبابُ بها يغني وحده          هــزجا كفعل الشارب المـــــترنمِ .

غرداً يَسُنُّ ذراعهُ بذراعهِ                     قَدْحَ المكب على الزنادِ الأجذمِ .

بقوله يصف روضة:

وغَرَّدَ رِبْعِيُّ(45)  الذُّبابِ خِلالَها              كما حَثْـحَثَ(46)النشوانُ صَنْجاً(47) مُشَرَّعَا.

فكانت لها زِنْجُ الذُّبابِ هُنَاكُمُ                     على شــَدَواتِ الطَّيْرِ ضــــَرْباً مُوَقَّعَا .

على أن ابن الرومي قد نحا بالمعنى نحوا آخر، حين جعل تغريد الذباب ضربا موقعا على شدوات الطير. وهذا تخييل محرك إلى ما قصد ابن الرومي تحريك النفوس إليه وإيلاعها به. فمثل هذه المعاني النادرة إذا وقع فيها مثل قول ابن الرومي ووقع فيها زيادة مَّا من جهة، وإن كان فيها تقصير من جهة أخرى، يجب أن يُصفح عن قائليها في ما وقع لهم من التقصير إذا وقع لهم بإزاء ذلك زيادة وإن كان ما قصَّروا عنه أجلَّ مما زادوا. هذا إذا لم يكن بين المقصَّرِ عنه والمزيدِ تفاوتٌ كبيرٌ”(48).

ولأن الزيادة إذا اجتمعت مع التقصير في المعاني النادرة و(لم يكن بين المقصَّر عنه والمزيد تفاوت كبير) (49)، رجحت في ميزان النقد الزيادةُ ووجب الصفح عن القائل فيما وقع له من التقصير. فإن حازما لم يتردد في التعرض لبيتي عنترة في مقصورته حيث قال:

تباغمتْ فيه الظبــاءُ، وانتجى            ذبابهُ الحوْلِيُّ أخفى مُـنـتـجـى

ألقى ذراعا فوق أخرى، وحكى                        تكلفَ الأجذم في قَدح السَّنَا

كـأنـمـا الـنَّـوْرُ الـذي يَـفْـرَعُــهُ            مقتدحا لِـزَنْـدِهِ، سِقْـطٌ وَرَى

غير أن مرجع الحكم على الشعر، والنظرِ في الزيادة، والجزمِ بالتفاوت ومقداره، يختلف باختلاف النقاد، فالقول بالزيادة وجودتها تابعٌ لحسن التحليل وجودة النظر. لذلك كانت هذه الزيادة التي تكلفها حازم هنا، غير ذات بال في نظر الشريف السبتي( ت: 760 هـ) القائل في شرحه لمقصورة حازم:”..وقد تعرض الناظم هنا لتشبيه عنترة ـ وإن قاربه ـ

فقصر عنه التقصير البينَ، وأخل بذكر الإكبابِ والحكِّ، ولهما في هذا التشبيهِ موقعٌ بديعٌ مع التكلفِ البادي على قوله: “تكلف الأجذم في قدح السنا”. ثم رام أن يزيد فيه فقال: كأنما النور الذي يفرعه، أي يعلوه عند إلقاء ذراعه على الأخرى…شبه بياضَ النَّوْرِ ببياض السقط الحاصل عند الزَّنْدِ. ولا خفاءَ بأن المعاني الشهيرةَ البارعةَ الحُسن كتشبيه عنترة هذا لا ينبغي أن يتعرض لأخذها متعرِّضٌ إلا بالزيادةِ البينة البديعة الموقع، والعبارة الناصعة السهلة، حتى يَبينَ الفضل للثاني على الأول، والشفوفُ للآخذ على المأخوذ، وإلا كان فاضحا لنفسه، وماسخا للمعنى الذي تعرض لأخذه”(50).

وهذه نظرة ـ تجعل عند الـتأمل ـ مطلب السلامة في ترك التعرض لمثل هذه المعاني أصلا. وهو رأي جمهور النقاد. وقد كان حازم في غنى عن كل هذا لو أنه تمسك بنظرته العامة للشعر، إذ جوهر الشعر عنده هو التحريك أو التأثير، وهو رأي سائر من أخذ بتعريف المناطقة للشعر. وهو يسلم أن في بيتي ابن الرومي تخييلا محركا(51). وبذلك فهما على جانب من الجودة. ولكن حرصه على الأخذ بما تذهب إليه النظرية النقدية العربية التي لا تنظر إلى التحريك بقدر ما تنظر إلى”أصل المعنى” جعله يذهب هذا المذهب.

ولو اكتفى حازم بأصول نظريته لكان في قولـه : (و هذا تخييل محرك إلى ما قصد ابن الرومي تحريك النفوسِ إليه وإيلاعها به ) (52)  كفاية . ولكنه كان مواجها برفض النقاد العرب لقبول هذين البيتين قبول استجادة واستحسان فخرج عن تلك الأصول ليُخَرِّجَ تعليلا ، كأنه صُنِعَ ليتقبل غيره هذين البيتين كما تقبلهما ، يقوم على النظر إلى ” أصل المعنى”.

وقد تضمن تحليل حازم إشارة كان غيره أحذق في فهمها وهي قوله مشيرا إلى افتضاح المتعرضين للمعاني العقم: (ألا ترى أنهم عابوا على ابن الرومي ـ وحظه من الاختراع الحظ الأوفر ـ تعرضه لقول عنترة ..) (53). فكأنه رأى أن القدرة على الاختراع هي نفسها القدرة على تناول معاني السابقين. وهذا لطيف من رجل مولع بالبحث في القوى الفكرية والاهتداءات الخاطرية وأنواع القدرات ومراتبها. والذي يبدو ـ والله أعلم ـ أن هذه القوة غير تلك، أو أنها هي نفسها التي توقع بعض الشعراء في سوء التقصير فلا تكون سببا لاستغراب حصول ذلك منهم بل سببا مفسرا لذلك الحصول. وهو ما ذكره الصفدي في ” الغيث المسجم”، حيث قال: ( وقال الخالديان في اختيار شعر مسلم بن الوليد : وما رأينا أمرا أعجب من أمر ابن الرومي ، فإنه يخترع المعنى فيجيده ، ولا يترك فيه زيادة لغيره. فإذا تناول معنى من غيره قصَّر فيه ولم يأتِ به كالذي أخذه منه . قلتُ : والعلة في هذا أنه شاعر جيد ، دقيق النظر ، صحيح الذوق ، حسن التخيل ، فإذا طرق المعنى بِكراً أتى به في غاية الحسن، فالذي يأتي بعده لم يجد فيه فضلة. وأما هو فلا يرى أن يأخذ إلا المعاني الجيدة من الفحول، وأولئك قد سبقوه إليها فلا يكون له فيها فضلة، والله أعلم) (54).

ـــــــــــ

الهوامش

1   ـ  حلية المحاضرة . 1 / 176 . ون. فحولة الشعراء. 64 . ونضرة الإغريض. 164 ـ 165 . ون. في تعريف التشبيهات العقم. العمدة. 1/504. وخزانة الأدب. 1/127ـ128. ومنهاج البلغاء. 194.

2   ـ  يقول: كان جلدي في الشباب كأنه قد صُقِل. وإنما ذكر بني الحارث لأنهم بنجران وهم أصحاب أدم. والصناع: الحاذقة. ن. في شرح هذا البيت : كتاب المعاني الكبير لابن قتيبة. 3 / 1223 . وخزانة الأدب للبغدادي. 9 / 458 .

3   ـ  كتاب البرصان. 301 ـ 302 .

4   ـ  ن. الحيوان. 5 / 48.

5   ـ  البيان. 3 / 326.

6   ـ  الحيوان. 3 / 312 ـ 313 .

7   ـ  الحيوان. 3 / 127 .ون. الرسالة الشافية ( في آخر الدلائل). 602 ـ 603.

8   ـ  ن. زهر الآداب. 3 / 797. والمنهاج. 194 ـ 195.

9   ـ  ن. في ذلك عبارة ابن قتيبة في الشعر والشعراء. 1 / 253.

10   ـ  كتاب الصناعتين. 243.

11   ـ  ديوان المعاني. 2 / 148.

12   ـ  نصبها على الظرف.

13   ـ  الدريئة: الشيء الذي يُرمى . تدريها: تختلها. والمها: بقر الوحش.

14   ـ  موضع الأزرار وهي الحلوق.

15   ـ  زهر الآداب. 3 / 795.

16   ـ  المثل السائر. 2 / 14 .

17   ـ  ن. الذخيرة. 4 / 703.

18   ـ  ن. الكشف والتنبيه. 109.

19   ـ  ن. رفع الحجب المستورة. 3 / 1040.

20   ـ  ن . زهر الآداب. 4 / 34.

21   ـ  المثل السائر. 2 / 13 ـ 14 .

22   ـ  العمدة. 1 / 520.

23   ـ  ن. رفع الحجب المستورة. 3 / 1041 .

24   ـ  ن. معاهد التنصيص. 4 / 34.

25   ـ  ن. زهر الآداب. 3 / 795.

26   ـ  البديع في نقد الشعر. 206. واليلمق: القباء. فارسي معرب.

27   ـ  المثل السائر. 2 / 14 .

28   ـ  ن. البيان. 1 / 82.

29   ـ  ن. الحيوان. 1 / 34.

30   ـ  ن. العمدة. 1 / 505 ـ 507 .

31   ـ  العمدة. 1 / 507 .

32   ـ  ن. مثلا: زهر الآداب للحصري. 3 / 797 . ومعاهد التنصيص للعباسي . 4 / 35 . ورفع الحجب المستورة للسبتي. 3 / 1041.

33   ـ  الذخيرة. 4 / 702.

34   ـ  ن . الكشف والتنبيه. 109 .

35   ـ  ن . في معنى هذا البيت ديوان ذي الرمة. 1 / 420.

36   ـ  ن. عيار الشعر. 25 . والمعيار في نقد الأشعار. 86. والمنهاج. 114.

37   ـ  ن. تحرير التحبير. 471 ـ 474. ونهاية الأرب. 7/ 164 ـ 165.

38   ـ  ن. جوهر الكنز. 159.

39   ـ  قلت: إن كانوا قد ذكروا حسن اتباع ابن الرومي عنترة، أو اتباعه له مع افتضاحه، فقد ذكر ابن أبي الإصبع( ت: 654 هـ) في ” تحرير التحبير”. ص.483. حسن اتباع ابن المعتز بشارا في بيته هذا. قال:” ومن حسن الاتباع اتباعُ ابن المعتز بشاراً في قول بشار:

كأنَّ مــُــثــَارَ النَّــقْــعِ فوقَ رؤوسنــَــا وأسيافَــنَــا لـيـلٌ تــَـهَـــاوَى كَــــوَاكِــــبُــــــــهْ

فإن ابن المعتز قال:

إذا شئتُ أوقرتُ البلادَ حوافراً وسارتْ ورائي هاشمٌ ونزارُ

وعمَّ السماءَ النقعُ حتى كأنَّـــــــهُ دخانٌ وأطرافُ الرماحِ شرارُ

فإن بشارا قال: فوق رؤوسنا، والليل لا يخص رؤوسهم لعموم ظلمته الآفاق، وابن المعتز تخلَّصَ من هذا الدَّخَلِ بقوله: وعمَّ السماءَ النقعُ، دليل على كثرة الجيش وانتشاره، ولذلك قال في بيت التوطئة:”أوقرتُ البلادَ حوافراً”. وكان مثل هذا لائقاً به لمكانه من الملك”.

40   ـ  الرسالة الشافية ( في آخر الدلائل). 602 ـ 603 . ون. الحيوان. 3 / 127 .

41   ـ  المصدر نفسه. 603.

42   ـ  ن. الحيوان. 3 / 312 ـ 313 .

43   ـ  الرسالة الشافية ( في آخر الدلائل). 603.

44   ـ  المصدر نفسه. 603 ـ 604.

45   ـ  الربعي : الذي ولد في الربيع . ن . ل : 8/105 .

46   ـ  حثحث ، حرك حركة متداولة. ن . ل : 2/ 131 .

47   ـ  والصنج هو ما يتخذ من صُفْرٍ يضرب أحدهما بالآخر . ن . ل : 2/ 311 . هذا الذي تعرفه العرب ، وأما الذي تختص به العجم فهو الصنج ذو الأوتار ، ولعله إياه يعني لذكره ، المشرع ، والشِّرْعَةُ وتره . ن . ل : 8/ 177 .

48   ـ  المنهاج. 194 ـ 195.

49   ـ  المنهاج . 195 .

50   ـ  رفع الحجب المستورة. 3/1044.

51   ـ  ن . المنهاج : 195 .

52   ـ  المنهاج : 195 .

53   ـ  المنهاج. 194 .

54   ـ   الصفدي ـ الغيث المسجم . 2 / 278. ون. ظاهرة الشعر عند حازم. 1/ 217 ـ 219. و 2 / 543 ـ 545.

ـــــــــــــــــــ

ـ لائحة المصادر والمراجع:

ابن الأثير ( أبو الفتح ضياء الدين ) . ت : 637 هـ .

المثل السائر في أدب الكاتب والشاعر .

قدمه وعلق عليه : د . أحمد الحوفي و د . بدوي طبانه .

دار نهضة مصر ـ القاهرة .

ابن الأثير ( نجم الدين أحمد بن إسماعيل ). ت : 737 هـ .

جوهر الكنز ، تلخيص كنز البراعة في أدوات ذوي اليراعة .

تحقيق : د . محمد زغلول سلام .

منشأة المعارف ـ الإسكندرية .

ابن أبي الإصبع ( أبو محمد زكي الدين عبد العظيم بن عبد الواحد المصري ) . ت : 654 هـ .

تحرير التحبير في صناعة الشعر والنثر وبيان إعجاز القرآن .

تحقيق : د . حفني محمد شرف .

المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية .القاهرة .

الأصمعي ( أبو سعيد عبد الملك بن قريب ). ت : 216 هـ .

فحولة الشعراء.

تحقيق : محمد عبد المنعم خفاجي وطه محمد الزيني .

المطبعة المنيرية ـ القاهرة . ط : 1 . 1953 م .

الأندلسي ( أبو عبد الله جمال الدين محمد بن أحمد ) .

المعيار في نقد الأشعار .

تحقيق : د.عبد الله محمد سليمان هنداوي .

مطبعة الأمانة ـ مصر . ط : 1 . 1408 هـ / 1987 م .

ابن بسام ( أبو الحسن علي بن بسام الشنتريني ) . ت : 542 هـ .

الذخيرة في محاسن أهل الجزيرة .

تحقيق : د . إحسان عباس .

دار الثقافة ـ بيروت .1399 هـ / 1979 م .

البغدادي ( عبد القادر بن عمر ) .ت : 1093 هـ .

خزانة الأدب ولب لباب لسان العرب.

تحقيق وشرح: عبد السلام محمد هارون.

مكتبة الخانجي ـ القاهرة.ط. 4 . 1418 هـ / 1997 م.

الجاحظ ( أبو عثمان عمرو بن بحر ).ت : 255 هـ .

أ ـ البرصان والعرجان والعميان والحولان.

تحقيق: عبد السلام محمد هارون.

دار الرشيد للنشرـ العراق. 1982 م.

ب ـ البيان والتبيين .

تحقيق: عبد السلام محمد هارون.

دار الفكر ـ بيروت . ط : 4 .

ج ـ الحيوان.

تحقيق: عبد السلام محمد هارون.

دار الجيل ـ بيروت. 1416 هـ / 1996 م.

الجرجاني ( عبد القاهر بن عبد الرحمان بن محمد ) .ت : 471 أو 474 هـ .

الرسالة الشافية في وجوه الإعجاز.( طبعت في آخر كتاب دلائل الإعجاز).

قرأها وعلق عليها : محمود محمد شاكر .

مكتبة الخانجي ـ القاهرة .ط : 2 .1410 هـ / 1989 م .

الحاتمي ( أبو علي محمد بن الحسن بن المظفر ) .ت : 388 هـ .

حلية المحاضرة في صناعة الشعر .

تحقيق : د . جعفر الكتاني .

دار الرشيد للنشر ـ العراق . 1979 م .

حازم القرطاجني ( أبو الحسن حازم بن محمد ) .ت : 684 هـ .

منهاج البلغاء وسراج الأدباء .

تحقيق : محمد الحبيب ابن الخوجة .

دار الغرب الإسلامي ـ ط : 3 .بيروت . 1986 م .

الحصري القيرواني ( أبو إسحاق إبراهيم بن علي ). ت : 453 هـ .

زهر الآداب وثمر الألباب .

مفصل ومضبوط ومشروح بقلم: د. زكي مبارك.

حققه وزاد في تفصيله وضبطه وشرحه : محمد محيي الدين عبد الحميد .

دار الجيل ـ بيروت . ط : 4 . 1972 م .

ذو الرمة.( غيلان بن عقبة العدوي). ت: 117 هـ.

ديوان ذي الرمة. شرح أبي نصر أحمد بن حاتم الباهلي.

تحقيق: د. عبد القدوس أبو صالح.

مؤسسة الرسالة. بيروت. ط. 3 . 1414 هـ/ 1993 م.

ابن رشيق ( أبو علي الحسن ). ت : 456 هـ .

العمدة في محاسن الشعر وآدابه .

تحقيق: د. محمد قرقزان .

دار المعرفة ـ بيروت .ط : 1 . 1408 هـ / 1988 م .

الروسي (محمد الحافظ).

ظاهرة الشعر عند حازم القرطاجني. مشروعه التنظيري: مقوماته وقوانينه.

دار الأمان ـ الرباط. ط. 1. 1428 هـ / 2008 م.

الصفدي ( صلاح الدين خليل بن أيبك ) .  ت : 764 هـ .

أ ـ الغيث المسجم في شرح لامية العجم .

دار الكتب العلمية ـ بيروت . ط : 2 . 1411 هـ / 1990 م .

ب ـ الكشف والتنبيه على الوصف والتشبيه.

تحقيق: د. هلال ناجي ـ وليد بن أحمد الحسين.

إصدارت الحكمة ـ بريطانيا. ط. 1 . 1420 هـ / 1999 م.

ابن طباطبا ( محمد بن أحمد ) .ت : 322 هـ .

عيار الشعر .

تحقيق: عباس عبد الساتر.

دار الكتب العلمية ـ بيروت .ط : 1 . 1402 هـ /1982 م .

العباسي( عبد الرحيم بن أحمد ).ت: 963 هـ.

معاهد التنصيص على شواهد التلخيص.

تحقيق: محمد محيي الدين عبد الحميد.

عالم الكتب ـ بيروت . ( طبعة مصورة عن طبعة سنة : 1947 م ) .

العسكري( أبو هلال). ت.بعد: 395 هـ.

أ ـ ديوان المعاني.

عالم الكتب.

ب ـ الصناعتين( كتاب الصناعتين: الكتابة والشعر).

تحقيق : مفيد قميحة .

دار الكتب العلمية ـ بيروت .ط : 1 . 1981 م .

العلوي (المظفر بن الفضل العلوي ). ت: 656 هـ .

نضرة الإغريض في نصرة القريض.

تحقيق: د. نهى عارف الحسن.

دار صادر ـ بيروت. ط. 2 . 1416 هـ / 1995 م.

أبو القاسم السبتي ( محمد بن أحمد ) .ت : 760 هـ .

رفع الحجب المستورة عن محاسن المقصورة .

تحقيق وشرح : محمد الحجوي .

وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية ـ المملكة المغربية .1418 هـ / 1997 م .

القاضي الجرجاني = ن . الجرجاني ، علي بن عبد العزيز .

ابن قتيبة ( أبو محمد عبد الله بن مسلم ) . ت : 276 هـ .

أ ـ الشعر والشعراء.

تحقيق: أحمد محمد شاكر.

دار المعارف ـ القاهرة . 1982 م .

ب ـ كتاب المعاني الكبير في أبيات المعاني.

دار الكتب العلمية ـ بيروت. ط. 1 . 1405 هـ / 1984 م.

ابن منظور المصري ( أبو الفضل جمال الدين محمد بن مكرم ) .ت : 711 هـ .

لسان العرب المحيط .

دار صادر ـ بيروت .

ابن منقذ( أسامة بن منقذ).ت: 584 هـ.

البديع في نقد الشعر .

تحقيق: د. أحمد أحمد بدوي ـ د . حامد عبد المجيد . مراجعة: إبراهيم مصطفى.

مصطفى البابي الحلبي ـ القاهرة . 1960 م / 1380 هـ .

النويري. شهاب الدين أحمد بن عبد الوهاب). ت: 733 هـ.

نهاية الأرب في فنون الأدب.

دار الكتب ـ القاهرة.

الدكتور محمد الحافظ الروسي

  • رئيس مركز ابن أبي الربيع السبتي للدراسات اللغوية والأدبية

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. هذا مقال رائع لأستاذنا محمد الحافظ الروسي، حفظه الله وأبقاه.

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق