مركز ابن أبي الربيع السبتي للدراسات اللغوية والأدبيةقراءة في كتاب

«معجم الهيآت والإشارات والرموز في القرآن الكريم من خلال تفسير «التحرير والتنوير» للإمام الطاهر ابن عاشور» (الحلقة الثانية عشرة)

السين

[26] السجود:

ودلالات السجود في القرآن الكريم كثيرة ومنها:

1- إظهار العجز والضعف: قال الله تعالى: (وَإِذْ قُلْنَا ادْخُلُوا هَذِهِ القَرْيَةَ فَكُلُوا مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ رَغَدًا وَادْخُلُوا البَابَ سُجَّدًا وَقُولُوا حِطَّةٌ) [البقرة: 58]، قال الطاهر ابن عاشور: «وَمَعْنَى السُّجُودِ عِنْدَ الدُّخُولِ الانْحِنَاءُ شُكْرًا لِلَّهِ تَعَالَى، لَا لِأَنَّ بَابَهَا قَصِيرٌ كَمَا قِيلَ، إِذْ لَا جَدْوَى لَهُ. وَالظَّاهِرُ أَنَّ المَقْصُودَ مِنَ السُّجُودِ مُطْلَقُ الِانْحِنَاء لِإِظْهَارِ العَجْزِ وَالضَّعْفِ كَيْلَا يَفْطِنَ لَهُمْ أَهْلُ القَرْيَةِ، وَهَذَا مِنْ أَحْوَالِ الجَوْسَسَة، وَلَمْ تَتَعَرَّضْ لَهَا التَّوْرَاةُ، وَيَبْعُدْ أَنْ يَكُونَ السُّجُودُ المَأْمُورُ بِهِ سُجُودَ الشُّكْرِ؛ لِأَنَّهُمْ دَاخِلُونَ مُتَجَسِّسِينَ لَا فَاتِحِينَ، وَقَدْ جَاءَ فِي الحَدِيثِ الصَّحِيحِ أَنَّهُمْ بَدَّلُوا وَصِيَّةَ مُوسَى فَدَخَلُوا يزحفون على أستاههم كَأَنَّهُمْ أَرَادُوا إِظْهَارَ الزَّمَانَةِ، فَأَفْرَطُوا فِي التَّصَنُّعِ بِحَيْثُ يَكَادُ أَنْ يَفْتَضِحَ أَمْرُهُمْ لِأَنَّ بَعْضَ التَّصَنُّعِ لَا يُسْتَطَاعُ اسْتِمْرَارُهُ»(1)، لما كانت الاستقامة وعدم الانحناء دالا على التكبر، فإن الانحناء دال على إظهار العجز والضعف وعدم التكبر أيضا.

2- التعظيم والاعتراف بعظمة الله ووحدانيته: قال الله تعالى: (وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الكَافِرِين) [البقرة: 34]، قال الطاهر ابن عاشور: «وَحَقِيقَةُ السُّجُودِ طَأْطَأَةُ الجَسَدِ أَوْ إِيقَاعُهُ عَلَى الأَرْضِ بِقَصْدِ التَّعْظِيمِ لِمُشَاهَدٍ بِالعِيَانِ كَالسُّجُودِ لِلمَلِك وَالسَّيِّدِ وَالسُّجُودِ لِلكَوَاكِبِ»(2)، ومنه قوله تعالى: (وَلَقَدْ خَلَقْناكُمْ ثُمَّ صَوَّرْناكُمْ ثُمَّ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلاَّ إِبْلِيسَ لَمْ يَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ) [الأعراف: 11]، قال الطاهر بن عاشور: «وَلِأَجْلِ هَذَا الْمَعْنَى أَمَرَ اللَّهُ الْمَلَائِكَةَ بِالسُّجُودِ لِآدَمَ أَصْلِ النَّوْعِ الْبَشَرِيِّ؛ لِأَنَّهُ سُجُودُ اعْتِرَافٍ لِلَّهِ تَعَالَى بِمَظْهَرِ قُدْرَتِهِ الْعَظِيمَةِ، وَأَمَرَ إِبْلِيسَ بِالسُّجُودِ لَهُ كَذَلِكَ»(3).

ومنه أيضا قوله تعالى: (وَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ) [الأعراف: 120]، قال الطاهر بن عاشور: «وَالسُّجُودُ هَيْئَةٌ خَاصَّةٌ لِإِلْقَاءِ الْمَرْءِ نَفْسَهُ عَلَى الْأَرْضِ يُقْصَدُ مِنْهَا الْإِفْرَاطُ فِي التَّعْظِيمِ، وَسُجُودُهُمْ كَانَ لِلَّهِ الَّذِي عَرَفُوهُ حِينَئِذٍ بِظُهُورِ مُعْجِزَةِ مُوسَى عليه السلام وَالدَّاعِي إِلَيْهِ بِعُنْوَانِ كَوْنِهِ رَبَّ الْعَالَمِينَ»(4).

قال الله تعالى: (وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَخَرُّوا لَهُ سُجَّدًا) [يوسف: 100]، قال الطاهر ابن عاشور: «كَانَ السُّجُودُ تَحِيَّةَ الْمُلُوكِ وَأَضْرَابِهِمْ، وَلَمْ يَكُنْ يَوْمَئِذٍ مَمْنُوعًا فِي الشَّرَائِعِ، وَإِنَّمَا مَنَعَهُ الْإِسْلَامُ لِغَيْرِ اللَّهِ تَحْقِيقًا لِمَعْنَى مُسَاوَاةِ النَّاسِ فِي الْعُبُودِيَّةِ وَالْمَخْلُوقِيَّةِ. وَلِذَلِكَ فَلَا يُعَدُّ قَبُولُهُ السُّجُودَ مِنْ أَبِيهِ عُقُوقًا لِأَنَّهُ لَا غَضَاضَةَ عَلَيْهِمَا مِنْهُ إِذْ هُوَ عَادَتُهُمْ»(5).

ومنه أيضا قوله تعالى: (وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ فَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى أَنْ يَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ) [الحجر: 28- 29- 30]. قال الطاهر ابن عاشور: «وَمَعْنَى: (فَقَعُوا لَهُ ساجِدِينَ) اسْقُطُوا لَهُ سَاجِدِينَ، وَهَذِهِ الْحَالُ لِإِفَادَةِ نَوْعِ الْوُقُوعِ، وَهُوَ الْوُقُوعُ لِقَصْدِ التَّعْظِيمِ […] وَهَذَا تَمْثِيلٌ لِتَعْظِيمٍ يُنَاسِبُ أَحْوَالَ الْمَلَائِكَةِ وَأَشْكَالَهُمْ تَقْدِيرًا لِبَدِيعِ الصُّنْعِ وَالصَّلَاحِيَةِ لِمُخْتَلِفِ الْأَحْوَالِ الدَّالِّ عَلَى تَمَامِ عِلْمِ اللَّهِ وَعَظِيمِ قُدْرَتِهِ»(6)، وعدم سجود إبليس دال على عدم اعترافه بقدرة الله تعالى، وكذلك عدم تعظيمه كما مر معنا سابقا ولذلك فهو من الملعونين.

ومنه أيضا قوله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ سُجَّدًا) [الإسراء: 107]، قال الطاهر ابن عاشور: «وَسُجُودُهُمْ سُجُودُ تَعْظِيمٍ لِلَّهِ عِنْدَ مُشَاهَدَةِ آيَةٍ مِنْ دَلَائِلِ عِلْمِهِ وَصِدْقِ رُسُلِهِ وَتَحْقِيقِ وَعْدِهِ»(7).

ومنه قوله تعالى أيضا: (وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اسْجُدُوا لِلرَّحْمَنِ قَالُوا وَمَا الرَّحْمَنُ أَنَسْجُدُ لِمَا تَأْمُرُنَا وَزَادَهُمْ نُفُورًا) [الفرقان: 60]، قال الطاهر ابن عاشور: «وَالسُّجُودُ الَّذِي أُمِرُوا بِهِ سُجُودُ الِاعْتِرَافِ لَهُ بِالْوَحْدَانِيَّةِ، وَهُوَ شِعَارُ الْإِسْلَامِ، وَلَمْ يَكُنِ السُّجُودُ مِنْ عِبَادَتِهِمْ، وَإِنَّمَا كَانُوا يَطُوفُونَ بِالْأَصْنَامِ، وَأَمَّا سُجُودُ الصَّلَاةِ الَّتِي هِيَ مِنْ قَوَاعِدِ الْإِسْلَامِ فَلَيْسَ مُرَادًا هُنَا، إِذْ لَمْ يَكُونُوا مِمَّنْ يُؤْمَرُ بِالصَّلَاةِ وَلَا فَائِدَةَ فِي تَكْلِيفِهِمْ بِهَا قَبْلَ أَنْ يُسْلِمُوا»(8).

3- نوع من أنواع العبادة: قال الله تعالى: (لَيْسُوا سَواءً مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ أُمَّةٌ قائِمَةٌ يَتْلُونَ آياتِ اللَّهِ آناءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ) [آل عمران: 113]، قال الطاهر ابن عاشور: «وَجُمْلَةُ (وَهُمْ يَسْجُدُونَ) حَالٌ، أَيْ يَتَهَجَّدُونَ فِي اللَّيْلِ بِتِلَاوَةِ كِتَابِهِمْ، فَقُيِّدَتْ تِلَاوَتُهُمُ الْكِتَابَ بِحَالَةِ سُجُودِهِمْ. وَهَذَا الْأُسْلُوبُ أَبْلَغُ وَأَبْيَنُ مِنْ أَنْ يُقَالَ: يَتَهَجَّدُونَ؛ لِأَنَّهُ يَدُلُّ عَلَى صُورَةِ فِعْلِهِمْ»(9).

ومنه قوله تعالى: (وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا) [الفرقان: 64]، قال الطاهر بن عاشور: «وَالسُّجُودُ وَالْقِيَامُ رُكْنَا الصَّلَاةِ، فَالْمَعْنَى: يَبِيتُونَ يُصَلُّونَ، فَوَقَعَ إِطْنَابٌ فِي التَّعْبِيرِ عَنِ الصَّلَاةِ بِرُكْنَيْهَا تَنْوِيهًا بِكِلَيْهِمَا. وَتَقْدِيمُ «سُجَّداً» عَلَى «قِياماً» لِلرَّعْيِ عَلَى الْفَاصِلَةِ مَعَ الْإِشَارَةِ إِلَى الِاهْتِمَامِ بِالسُّجُودِ، وَهُوَ مَا بَيَّنَهُ النَّبِيءُ صلى الله عليه وسلم بِقَوْلِهِ: «أَقْرَبُ مَا يَكُونُ الْعَبْدُ مِنْ رَبِّهِ وَهُوَ سَاجِدٌ»(10)»(11).

ومنه قوله تعالى: (وَمِنْ آيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ لَا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلَا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ) [غافر: 37]، قال الطاهر بن عاشور: «وَوُقُوعُ قَوْلِهِ: (وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ) بَعْدَ النَّهْيِ عَنِ السُّجُودِ لِلشَّمْسِ وَالْقَمَرِ يُفِيدُ مُفَادَ الْحَصْرِ؛ لِأَنَّ النَّهْيَ بِمَنْزِلَةِ النَّفْيِ، وَوُقُوعُ الْإِثْبَاتِ بَعْدَهُ بِمَنْزِلَةِ مُقَابَلَةِ النَّفْيِ بِالْإِيجَابِ، […] فَكَأَنَّهُ قِيلَ: لَا تَسْجُدُوا إِلَّا لِلَّهِ، أَيْ: دُونَ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ»(12).

ومنه قوله تعالى: (الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبانٍ وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدَانِ) [الرحمن: 5- 6]، قال الطاهر ابن عاشور: «فَسُجُودُ نُجُومِ السَّمَاءِ نُزُولُهَا إِلَى جِهَاتِ غُرُوبِهَا، وَسُجُودُ نَجْمِ الْأَرْضِ الْتِصَاقُهُ بِالتُّرَابِ كَالسَّاجِدِ، وَسُجُودُ الشَّجَرِ تَطَأْطُؤُهُ بِهُبُوبِ الرِّيَاحِ وَدُنُوُّ أَغْصَانِهِ لِلجَانِينَ لِثِمَارِهِ وَالْخَابِطِينَ لِوَرَقِهِ، فَفِعْلُ «يَسْجُدانِ» مُسْتَعْمَلٌ فِي مَعْنَيَيْنِ مَجَازِيَّيْنِ، وَهُمَا: الدُّنُوُّ لِلْمُتَنَاوِلِ وَالدَّلَالَةُ عَلَى عَظَمَةِ اللَّهِ تَعَالَى بِأَنْ شَبَّهَ ارْتِسَامَ ظِلَالِهِمَا عَلَى الْأَرْضِ بِالسُّجُودِ»(13).

4- الخضوع والتذلل لله تعالى وحده: قال الله تعالى: (إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرَّحْمَنِ خَرُّوا سُجَّدًا وَبُكِيًّا) [مريم: 58]. قال الطاهر بن عاشور: «وَهَذِهِ الْآيَةُ مِنْ مَوَاضِعِ سُجُودِ الْقُرْآنِ الْمَرْوِيَّةِ عَنِ النَّبِيءِ صلى الله عليه وسلم اقْتِدَاءً بِأُولَئِكَ الْأَنْبِيَاءِ فِي السُّجُودِ عِنْدَ تِلَاوَةِ الْقُرْآنِ، فَهُمْ سَجَدُوا كَثِيرًا عِنْدَ تِلَاوَةِ آيَاتِ اللَّهِ الَّتِي أُنْزِلَتْ عَلَيْهِمْ، وَنَحْنُ نَسْجُدُ اقْتِدَاءً بِهِمْ عِنْدَ تِلَاوَةِ الْآيَاتِ الَّتِي أُنْزِلَتْ إِلَيْنَا. وَأَثْنَتْ عَلَى سُجُودِهِمْ قَصْدًا لِلتَّشَبُّهِ بِهِمْ بِقَدْرِ الطَّاقَةِ حِينَ نَحْنُ مُتَلَبِّسُونَ بِذِكْرِ صَنِيعِهِمْ. وَقَدْ سَجَدَ النَّبِيءُ صلى الله عليه وسلم عِنْدَ هَذِهِ الْآيَةِ وَسَنَّ ذَلِك لأمته»(14).

ويعتبر السجود أكثر الأوضاع الجسدية تعبيرا عن التواضع والرغبة في الطاعة والاعتراف بعلو منزلة من يسجد له. وعندما يسجد الإنسان لغيره فهو يبين صراحة، أقصى درجات احترامه وضعفه تجاه الآخر؛ لذا نادرا ما يسجد الإنسان طوعا دون أن يؤمر؛ لأن السجود يجرح نرجسيته وغروره. وقد بين الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم ارتباط أولى حالات العصيان لأمره السجود، عندما أمر الملائكة بالسجود لآدم، فعصى إبليس اللعين الأمر(15).

وإذا كان سجود الإنسان لغيره يبين ضعفه وعجزه، فإن سجود الإنسان لله تعالى يزيده ارتقاء في درجات العبودية، ويزيده تقربا لله تعالى؛ لأن الخضوع لله تعالى والتذلل له غير الخضوع للبشر، فالأول خضوع للعظمة ويحق لله ذلك سبحانه، و«لا شكّ أنّ السجود في ذاته عبادة، إذ إنّه يمثل غاية الخضوع، بل هو أبلغ صور التذلل لله سبحانه وتعالى؛ لأنه يربط بين الصورة الحسية والدلالة المعنوية للعبادة في ذلة العبد، وعظمة الرب، وافتقار العبد لخالقه، ولا يكون الإنسان عبداً لله تعالى إلاّ بهذا التذلل وبهذه العبودية. ومن هنا يظهر سرّ اختصاص السجود بالقرب من الله تعالى»(16).

أما سجود البشر بعضهم لبعض فلا يقصد منه ذلك، «ولهذا فقد اختصّ الله تعالى هذه الاُمّة بالسلام، وهي تحية أهل الجنّة، وحرّم عليهم ما كان شائعاً من مظاهر التحية كالسجود والانحناء والتكفير وغيرها من المظاهر التي لا تجوز إلاّ لله تعالى»(17).

5- الشكر: قال الله تعالى: (يا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَاكِعِينَ) [آل عمران: 43]، قال الطاهر بن عاشور: «وقدم السجود لأنّه أدخل في الشكر، والمقَام هنا مقام شكر»(18)، وقد وظفت هذه الدلالة في حياتنا اليومية، فترى من يسمع خبرا مفرحا أو يحقق له أمر كان في نفسه يسجد شكرا لله تعالى.

ومنه قوله تعالى: (إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا الَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِهَا خَرُّوا سُجَّدًا وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ) [السجدة: 15]، قال الطاهر ابن عاشور: «وَانْتَصَبَ «سُجَّدًا» عَلَى الْحَالِ الْمُبَيِّنَةِ لِلْقَصْدِ مِنْ «خَرُّوا»، أَيْ: سُجَّدًا لِلَّهِ وَشُكْرًا لَهُ عَلَى مَا حَبَاهُمْ بِهِ مِنَ الْعِلْمِ وَالْإِيمَانِ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ قَرْنُهُ بِقَوْلِهِ: (وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ)»(19).

6- شعار الربوبية: قال الطاهر بن عاشور: «والسجود من شعار الربوبية»(20).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الهوامش:

1- التحرير والتنوير 1/515.

2- التحرير والتنوير 1/421.

3- التحرير والتنوير 8 ب/43.

4- التحرير والتنوير 9/52.

5- التحرير والتنوير 13/56.

6- التحرير والتنوير 14/45.

7- التحرير والتنوير 15/234.

8- التحرير والتنوير 4/58.

9- التحرير والتنوير 4/58.

10- أخرجه مسلم في صحيحه 1/350.

11- التحرير والتنوير 19/70.

12- التحرير والتنوير 24/300.

13- التحرير والتنوير 27/236.

14- التحرير والتنوير 16/133- 134.

15- الاتصال غير اللفظي في القرآن الكريم ص:411.

16- فقه السجود ص:20- 21 بتصرف.

17- انظر مجمع البيان للطبرسي 5/ 405.

18- التحرير والتنوير 3/244.

19- التحرير والتنوير 21/228.

20- التحرير والتنوير 10/170.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق