مركز ابن أبي الربيع السبتي للدراسات اللغوية والأدبيةمفاهيم

مخلفة الأطايط: تصحيف

قال بشار:
كَأَنَّ عُيُونَهُنَّ قِلاَتُ قُفٍّ مخلفة الأطايط أَوْ نِقَارُ
ديوانه. محمد الطاهر ابن عاشور.3/250. وقد ضبط الشيخ الطاهر ابن عاشور ـ رحمه الله تعالى ـ قلات بضم القاف، وشرحها بأنها جمع قُلَة، بضم القاف وتخفيف اللام، وهي أعلى الجبل. والصواب أنها قِلات بكسر القاف، جمع: قَلْتٍ، وهي النقرة في الجبل تمسك الماء. فهو يصف عيون هذه الإبل بأنها غائرة من التعب والعطش، ويشبهها بِنُقَرٍ في جبل صغير من حجارة غاص بعضها ببعض، مترادف بعضها إلى بعض، حمر لا يخالطها من اللين والسهولة شيء. وخصه بالذكر لما يكون فيه من الرياض والقيعان. فناسب هذا ما احتاجه من ذكر القِلاَتِ والنِّقَار.
وهو تشبيه متداول عندهم، يشبهون به عيون الخيل والإبل. وفي مثل ذلك يقول المزَرِّد بن ضرار، وتُنسب لأخيه جَزْء:

قال بشار:

كَأَنَّ عُيُونَهُنَّ قِلاَتُ قُفٍّ   ///    مخلفة الأطايط أَوْ نِقَارُ

ديوانه. محمد الطاهر ابن عاشور.3/250. وقد ضبط الشيخ الطاهر ابن عاشور ـ رحمه الله تعالى ـ قلات بضم القاف، وشرحها بأنها جمع قُلَة، بضم القاف وتخفيف اللام، وهي أعلى الجبل. والصواب أنها قِلات بكسر القاف، جمع: قَلْتٍ، وهي النقرة في الجبل تمسك الماء. فهو يصف عيون هذه الإبل بأنها غائرة من التعب والعطش، ويشبهها بِنُقَرٍ في جبل صغير من حجارة غاص بعضها ببعض، مترادف بعضها إلى بعض، حمر لا يخالطها من اللين والسهولة شيء. وخصه بالذكر لما يكون فيه من الرياض والقيعان. فناسب هذا ما احتاجه من ذكر القِلاَتِ والنِّقَار.

وهو تشبيه متداول عندهم، يشبهون به عيون الخيل والإبل. وفي مثل ذلك يقول المزَرِّد بن ضرار، وتُنسب لأخيه جَزْء:

إِذَا الْخَيْلُ مِنْ غِبِّ الوَجِيفِ رأَيْتَهَا   /// وَأَعْيُنُهَا مِثْلُ الْقِلاَتِ حَوَاجِلُ.(المفضليات. 96).

ويقول علقمة بن عَبَدَة في الإبل:

وَعِيسٍ بَرَيْنَاهَا كَأَنَّ عُيُونَهَا    /// قَوَارِيرُ فِي أَدْهَانِهِنَّ نُضُوبُ. (المفضليات. 392).

أي : نضبت عيونهن حتى صارت كالقوارير نضب منها الطيب.

ويقول ذو الرمة في الإبل أيضا:

عَلَى حِمْيَرِيَّاتٍ كَأَنَّ عُيُونَهَا      /// قِلاَتُ الصَّفَا لَمْ يَبْقَ إِلاَّ سُمُولُهَا. (ديوانه.2/927)

يريد: ترتمي بنا الفلاة على “حميريات” يريد: إبلاً، ينسبها إلى حِمْيَر. وشبه عيونها في غؤورها بـ “القلات”: وهي النُّقَر في الجبل. و”السُّمُول”: بقايا الماء. فيقول: لم يبق في القِلات إلا بقايا.

فهذا هو مذهب الشعراء في هذا الباب، وإليه قصد بشار. ثم كأنه أراد وصف هذه القِلاَتِ، فنقلوا عنه أنه قال: مخلفة الأطايط. وهذه كلمة سكت عنها إحسان عباس في تحقيقه لديوان بشار، وقال عنها ابن عاشور في شرحه له: “ولم يظهر معنى:” مخلفة الأطائط”. ديوان بشار بن برد. 3/250. ورأيي أن في هذه الكلمة تصحيفا. وإنما الشأن في معرفة وجه التصحيف فيها. وهو أمر يُحتاج فيه إلى أحد أمرين: أولهما: الرجوع إلى الأصل المخطوط. وثانيهما: الرجوع إلى من نقل هذا البيت من العلماء. والأول متعذر الآن، والثاني غير حاصل. إذ لم نجد من أهل العلم من أورد هذا البيت في كتاب له. مع أن الخالديين ذكرا أبياتا من القصيدة التي منها هذا البيت في كتابهما: المختار من شعر بشار. ولو أنهما أثبتا هذا البيت لأمكننا أن نقرأ شرح التجيبي له. (المختار من شعر بشار: 7ـ 8). وقد روى المبرد(ت: 285 هـ) في الكامل من هذه القصيدة ثلاثة أبيات، (الكامل. 2/942). وروى منها ابن قتيبة(ت: 276 هـ) في الشعر والشعراء(2/759 ـ 760) خمسة أبيات، وروى منها القالي(ت: 356 هـ) بيتين. (سمط اللآلي. 2/695)غير أن عناية هؤلاء جميعا كانت منصرفة إلى بيت بشار:

كَأَنَّ فُؤَادَهُ كُرَةٌ تَنَزَّى      //// حِذَارَ الْبَيْنِ إِنْ نَفَعَ الْحِذَارُ

وذلك أنهم اعتبروه مما استطرف من تشبيهات المحدثين. فلم يأت بالبيت الذي نطلبه أحد.

الدكتور محمد الحافظ الروسي

  • رئيس مركز ابن أبي الربيع السبتي للدراسات اللغوية والأدبية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق